- 16 يناير 2008
- 72
- 9
- 8
- الجنس
- ذكر
- علم البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
بين يدي الموضوع
الحمد لله الذي نشر بقدرته البشر، وصرَّف بحكمته وقدر، وابتعث محمدًا إلى كافة أهل البدو والحضر، فأحلَّ وحرَّم، وأباح وحظر. لا يغيب عن بصره وسمعه دبيب النمل في الليل إذا سرى، يعلم السرَّ وأَخفى، ويسمع أنين المضطَّر ويرى، لا يَعزُب عن علمه مثقال ذرةٍ في الأَرض ولا في السَّماء، اصطفى آدم ثم تاب عليه وهدى، وابتعث نوحًا فبنى الفلك وسرى، ونَجَّى الخليل من النار فصار حرُّها ثرى، ثمَّ ابتلاه بذبحِ ولده فأدهش بصبره الورى، أَحْمده ما قُطِع نهار بسير وليل بسُرى. أحمده حمدًا يدوم ما هبَّت جنوب وصَبَا. وأصلِّي وأُسلِّم على رسول الله محمد، أشرف الخلق عَجمًا وعَربًا، المبعوث في أم القُرى، صلوات الله عليه وسلامه ما تحركت الأَلْسن والشِّفا، وعلى [أبي بكرٍ] tالذي أنفق المال وبذل النفس وصاحبه في الدار والغار بلا مِرَا (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا) وعلى [عمر]t الذي من هيبته ولَّى الشَّيطان وهرب، من أغَصَّ [كسرى] [وقيصر] بالرِّيق وما وَنَى، وعلى [عثمان]t مجهز جيش العُسْرة زوجُ ابنتيه ما كان حديثًا يفتري، حيَّته الشهادة فقال: مرحبا، وعلى [عليٍّ] t أَسد الشرى، ما فُلَّ سيف شجاعته قط ولا نبا، وعلى جميع الأَهل والآل والأصحاب والأتباع ما تعاقب صبح ومساء.
صلَّى الإلهُ ومنْ يَحُف بِعْرشه *** والطَّيبُون على المُبَارك أحمَدا .
أيها الأخوة :
إن الموضوع الذي أطرقه في هذه الوريقات استجابة لطلب شخص عزيز ،وأخ كريم، وصديق وفي،يعز علي أن أرفض طلبه في صرح غير هذا، وشرعت في البحث والتنقيب في بطون الكتب ولسان حالي يقول:
سألني من لا بد لي ****** من إمتثال سؤله الممتثل
فقلت مع عجزي واشفاقي ****معتمدا على القدير الباقي.
ذلك -يعلم الله مني- جهد المقل، وقوة الضعيف الذي لا يكاد يمضي حتى يَكِل، وما أنا وهذا الأمر وأينما أقع منه -إي والله- وما أنا إلا رجل يقرأ ليجمع، ويكتب ليقرأ، فإن أصاب فلكم ولا همّ، وإن أخطأ فعليه وخلاكم ذمٌّ. أعوذ بالله من فتنة القول وزوره، وخَطَل الرَّأي وغروره. اللهم تجاوز عن زلاتي وجرأتي، ولا تجعل حظِّي من ديني لفظي، وارْزقني الصِّدق في نيَّتِي وقولي وعملي. اللهم إنِّي أعوذ بك من الفقر إلا إليك، ومن الذُّل إلا لك، ومن الخوف إلا منك. اللهم إني أعوذ بك أن أقول زورًا، أو أغشى فجورًا، أو أن أكون بك مغرورًا. اللهم إني أبرأ إليك من حولي وقوتي، وألجأ إلى حولك وقوتك، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. "اللهمَّ لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحَزْن إذا شئت سهلا".
بين يدي الموضوع
الحمد لله الذي نشر بقدرته البشر، وصرَّف بحكمته وقدر، وابتعث محمدًا إلى كافة أهل البدو والحضر، فأحلَّ وحرَّم، وأباح وحظر. لا يغيب عن بصره وسمعه دبيب النمل في الليل إذا سرى، يعلم السرَّ وأَخفى، ويسمع أنين المضطَّر ويرى، لا يَعزُب عن علمه مثقال ذرةٍ في الأَرض ولا في السَّماء، اصطفى آدم ثم تاب عليه وهدى، وابتعث نوحًا فبنى الفلك وسرى، ونَجَّى الخليل من النار فصار حرُّها ثرى، ثمَّ ابتلاه بذبحِ ولده فأدهش بصبره الورى، أَحْمده ما قُطِع نهار بسير وليل بسُرى. أحمده حمدًا يدوم ما هبَّت جنوب وصَبَا. وأصلِّي وأُسلِّم على رسول الله محمد، أشرف الخلق عَجمًا وعَربًا، المبعوث في أم القُرى، صلوات الله عليه وسلامه ما تحركت الأَلْسن والشِّفا، وعلى [أبي بكرٍ] tالذي أنفق المال وبذل النفس وصاحبه في الدار والغار بلا مِرَا (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا) وعلى [عمر]t الذي من هيبته ولَّى الشَّيطان وهرب، من أغَصَّ [كسرى] [وقيصر] بالرِّيق وما وَنَى، وعلى [عثمان]t مجهز جيش العُسْرة زوجُ ابنتيه ما كان حديثًا يفتري، حيَّته الشهادة فقال: مرحبا، وعلى [عليٍّ] t أَسد الشرى، ما فُلَّ سيف شجاعته قط ولا نبا، وعلى جميع الأَهل والآل والأصحاب والأتباع ما تعاقب صبح ومساء.
صلَّى الإلهُ ومنْ يَحُف بِعْرشه *** والطَّيبُون على المُبَارك أحمَدا .
أيها الأخوة :
إن الموضوع الذي أطرقه في هذه الوريقات استجابة لطلب شخص عزيز ،وأخ كريم، وصديق وفي،يعز علي أن أرفض طلبه في صرح غير هذا، وشرعت في البحث والتنقيب في بطون الكتب ولسان حالي يقول:
سألني من لا بد لي ****** من إمتثال سؤله الممتثل
فقلت مع عجزي واشفاقي ****معتمدا على القدير الباقي.
ذلك -يعلم الله مني- جهد المقل، وقوة الضعيف الذي لا يكاد يمضي حتى يَكِل، وما أنا وهذا الأمر وأينما أقع منه -إي والله- وما أنا إلا رجل يقرأ ليجمع، ويكتب ليقرأ، فإن أصاب فلكم ولا همّ، وإن أخطأ فعليه وخلاكم ذمٌّ. أعوذ بالله من فتنة القول وزوره، وخَطَل الرَّأي وغروره. اللهم تجاوز عن زلاتي وجرأتي، ولا تجعل حظِّي من ديني لفظي، وارْزقني الصِّدق في نيَّتِي وقولي وعملي. اللهم إنِّي أعوذ بك من الفقر إلا إليك، ومن الذُّل إلا لك، ومن الخوف إلا منك. اللهم إني أعوذ بك أن أقول زورًا، أو أغشى فجورًا، أو أن أكون بك مغرورًا. اللهم إني أبرأ إليك من حولي وقوتي، وألجأ إلى حولك وقوتك، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. "اللهمَّ لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحَزْن إذا شئت سهلا".
إن من سمات هذا الدين العظيم، وصفاته المستديمة التوسط والاعتدال في جميع الأمور، في العقائد، والعبادات، والمعاملات، والمباحات، إذ لا تفريط فيه ولا إفراط، ولا تشدد وتزمت، ولا تسيب وتفلت، تتمثل هذه السمة أصدق تمثيل عند أهل السنة والجماعة، الفرقة الناجية، نقاوة المسلمين.
لقد نهى الإسلام أتباعه أشد النهي عن التشدد والغلو، وحذرهم من ذلك في آيات تتلى وأحاديث تترى، وآثار تقرأ، وما فتئ أهل العلم في كل وقت وحين وفي كل مصر وعصر ينصحون إخوانهم المسلمين ويذكرونهم بخطورة ذلك على الدين.
الغلو والتنطع والتشدد مردُّه في كثير من الأحيان إلى كيد الشيطان ومكره وخبثه، ولهذا حذرنا ربنا منه، وبين عداوته الدائمة لبني آدم، وأخذه على نفسه المواثيق المغلظة للقيام بذلك، قائلاً: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ"، وبيَّن رسوله الكريم أن للشيطان مداخل على بني آدم لا تحصى ولا تعد، فهو يجري منه مجرى الدم، لا فرق في ذلك بين صالحهم وطالحهم إلا من رحم الله، فقد صح عن صفية بنت حيي رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله e معتكفاً فأتيته أزوره ليلاً فحدثته ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني – وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد رضي الله عنهما – فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي e أسرعا، فقال النبي e: على رسلكما، إنها صفية بنت حيي؛ فقالا: سبحان الله يا رسول الله! فقال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيتُ أن يقذف في قلوبكما سوءاً – أوقال – شيئاً".
وما من إنسان إلا وله قرين من الشياطين، حتى رسولنا e إلا أن الله أعانه عليه فأسلم كما أخبر.
مع ذلك بين ربنا سبحانه وتعالى أن كيد الشيطان كان ضعيفاً، وأنه ليس له سلطان إلا على الذين يتولونه، والذين هم به مشركون ومغرمون، ولهذا ما سلك عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غيره كما أخبر الصادق المصدوق.
وقد حد الله حدوداً، وفرض فروضاً، وشرع عبادات، أمر بالتزامها، ونهى عن تعديها، وترك رسول الله e الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، وعلى الحنيفية السمحة، لا يتجاوزها إلا خاطئ ضال.
قال عمر بن الخطاب ـ tـ كما روى عنه مالك: "سُنَّت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة، إلا أن تميلوا بالناس يميناً وشمالاً".
وقال ابن مسعود ـ tـ: "من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد كانوا أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على أثرهم وسيرتهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "سنَّ رسول الله e وولاة الأمور بعده ـ أي الخلفاء ـ سنناً، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها، ولا النظر فيما خالفها، من اقتدى بها فهو مهتدٍ، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً".
الشيطان له مداخل عدة، وطرق شتى على بني آدم، تختلف باختلافهم، من أخطر هذه المداخل، وأعظمها ضرراً، وأقواها تأثيراً، وأعمها فساداً هي الوسوسة، التي هي طريقه لفريق من المسلمين الذين عجز عن إغوائهم بالطرق الأخرى، ولم تصدهم حبائله المختلفة، عمد إليهم بهذه الوسيلة، وخدعهم بخدعة ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب، لهذا أمر أن نستعيذ منه ومن وسوسته على وجه الخصوص، وأنزل سورة خاصة بذلك وهي سورة الناس، التي جاء فيها: "من شر الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس".
الوسوسة من الأمراض القديمة والأدواء الخطيرة، ذات المجالات العديدة، والإضرار البليغة، والآثار السلبية الكثيرة.
على الرغم من تحذير الشارع الكريم منها، وتشنيع السلف الصالح على الموسوسين، وتأليف الدواوين، وتخويف أئمة الدين من خطرها، وعظيم ضررها، إلا أنه لا تزال طائفة من المسلمين مبتلاة بذلك، وتسأل وتستفسر عن كيفية الخلاص منها، والفكاك من أسرها، والعتاق من كيد مدبرها ومتولي كبرها، مما يستوجب على العلماء وطلاب العلم الكشف عن أسبابها، وبيان خطرها ومضارها، والإرشاد إلى طرق علاجها.
ذلك تمهيد لما سأتناوله بالإيضاح وهو عن الوسوسة وأقسامها، وأسبابها، والتنبيه على خطرها، والتوجيه والإرشاد لأسباب دفعها عن المبتلين بها ، وسأدفع بها إلى الموقع مقسمة على حلقات، ثم أفهرسها في موضوع مستقل ليستفاد منها .
والله أسأل أن يعافينا من كيد الشيطان، ويعيذنا من همزه ولمزه، وأن يقوينا على مجاهدته ورد كيده في نحره،
ومعاذ الله- أن أأتي فيها بجديد، ولا أدعي أن أأتي بخفي أو دقيق، فمباحثها أشهر من أن تذكر، وما أظن أحدًا منكم إلا وقد علمها أوبعضها. جمعتها من كتب الفقه والحديث معتمدا على الكتاب وما صح الرسول e مجتهدا –فقط- باختيار اللفظ المناسب ؛ فجاءت مشكلة المباني، مختلفة المعاني، راجيًا أن تنبع من بين الجوانح لتصل إلى الجوانح وتظهر على الجوارح، فإذا مر بك -يا أخي- ما لا يعجبك فلا تصعِّر خدك، ولا تعرض بوجهك، ولا تسُلّ لسَانَكَ، ولا تجلب بخيلك وَرَجِلَك، وخذ ما يعجبك واتهم فهمك؛
فكَمْ مِنْ عائبٍ قوْلا صَحِيحًا *** وآفَتُهُ منَ الفَهْمِ السَّقِيمِ
ولا يصدنك عن الحكمة قائلها؛ فقد يقول الحكمة غير الحكيم، وتكون الرمية من غير الرامي، وربَّ حامل فقه إلى من هو أفْقَهُ
اعْمَلْ بعلمِي وغُضِّ الطَّرْفَ عَنْ زلَلَي *** يَنفَعْكَ قَوْلِي ولا يَضْرُرْكَ تَقْصِيرِي
ثم أسأل الله أن يسر باقي الحلقات وسأحاول الإختصار لكن تمهيد أطولها
وe على البشير النذير، الهادي إلى كل خير
الحلقة الأولى
تعريف الوسوسة:
هي حديث النفس أو الشيطان بما لا نفع فيه ولا خير لذاته أو ما يؤدي إليه.
فقولنا " أو" : المراد بها التقسيم ، فيخرج بذلك أن يكون مراداً بها الشك .
فقولنا " بما لا نفع فيه ولا خير" : فيه تصريح بعاقية الوسوسة فجاء نفي النفع والخير معا عن الوسوسة.
فقولنا "لذاته أو ما يؤدي إليه" : الحال في الوسوسة لا يخلو:
أ ــ إما أن تكون الوسوسة لا نفع فيها ولا خير لذاتها ، أي مباشرة كالسوسة بارتكاب المعاصي .
ب ــ وإما أن تكون الوسوسة لا نفع فيها ولا خير ليس لذاتها ، ولكن لما تؤول إليه نحو : الوسوسة بالخير المؤدي إلي الشر ، أو الوسوسة بالعمل المفضول لترك العمل الفاضل.
لقد نهى الإسلام أتباعه أشد النهي عن التشدد والغلو، وحذرهم من ذلك في آيات تتلى وأحاديث تترى، وآثار تقرأ، وما فتئ أهل العلم في كل وقت وحين وفي كل مصر وعصر ينصحون إخوانهم المسلمين ويذكرونهم بخطورة ذلك على الدين.
الغلو والتنطع والتشدد مردُّه في كثير من الأحيان إلى كيد الشيطان ومكره وخبثه، ولهذا حذرنا ربنا منه، وبين عداوته الدائمة لبني آدم، وأخذه على نفسه المواثيق المغلظة للقيام بذلك، قائلاً: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ"، وبيَّن رسوله الكريم أن للشيطان مداخل على بني آدم لا تحصى ولا تعد، فهو يجري منه مجرى الدم، لا فرق في ذلك بين صالحهم وطالحهم إلا من رحم الله، فقد صح عن صفية بنت حيي رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله e معتكفاً فأتيته أزوره ليلاً فحدثته ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني – وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد رضي الله عنهما – فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي e أسرعا، فقال النبي e: على رسلكما، إنها صفية بنت حيي؛ فقالا: سبحان الله يا رسول الله! فقال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيتُ أن يقذف في قلوبكما سوءاً – أوقال – شيئاً".
وما من إنسان إلا وله قرين من الشياطين، حتى رسولنا e إلا أن الله أعانه عليه فأسلم كما أخبر.
مع ذلك بين ربنا سبحانه وتعالى أن كيد الشيطان كان ضعيفاً، وأنه ليس له سلطان إلا على الذين يتولونه، والذين هم به مشركون ومغرمون، ولهذا ما سلك عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غيره كما أخبر الصادق المصدوق.
وقد حد الله حدوداً، وفرض فروضاً، وشرع عبادات، أمر بالتزامها، ونهى عن تعديها، وترك رسول الله e الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، وعلى الحنيفية السمحة، لا يتجاوزها إلا خاطئ ضال.
قال عمر بن الخطاب ـ tـ كما روى عنه مالك: "سُنَّت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة، إلا أن تميلوا بالناس يميناً وشمالاً".
وقال ابن مسعود ـ tـ: "من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد كانوا أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على أثرهم وسيرتهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "سنَّ رسول الله e وولاة الأمور بعده ـ أي الخلفاء ـ سنناً، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها، ولا النظر فيما خالفها، من اقتدى بها فهو مهتدٍ، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً".
الشيطان له مداخل عدة، وطرق شتى على بني آدم، تختلف باختلافهم، من أخطر هذه المداخل، وأعظمها ضرراً، وأقواها تأثيراً، وأعمها فساداً هي الوسوسة، التي هي طريقه لفريق من المسلمين الذين عجز عن إغوائهم بالطرق الأخرى، ولم تصدهم حبائله المختلفة، عمد إليهم بهذه الوسيلة، وخدعهم بخدعة ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب، لهذا أمر أن نستعيذ منه ومن وسوسته على وجه الخصوص، وأنزل سورة خاصة بذلك وهي سورة الناس، التي جاء فيها: "من شر الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس".
الوسوسة من الأمراض القديمة والأدواء الخطيرة، ذات المجالات العديدة، والإضرار البليغة، والآثار السلبية الكثيرة.
على الرغم من تحذير الشارع الكريم منها، وتشنيع السلف الصالح على الموسوسين، وتأليف الدواوين، وتخويف أئمة الدين من خطرها، وعظيم ضررها، إلا أنه لا تزال طائفة من المسلمين مبتلاة بذلك، وتسأل وتستفسر عن كيفية الخلاص منها، والفكاك من أسرها، والعتاق من كيد مدبرها ومتولي كبرها، مما يستوجب على العلماء وطلاب العلم الكشف عن أسبابها، وبيان خطرها ومضارها، والإرشاد إلى طرق علاجها.
ذلك تمهيد لما سأتناوله بالإيضاح وهو عن الوسوسة وأقسامها، وأسبابها، والتنبيه على خطرها، والتوجيه والإرشاد لأسباب دفعها عن المبتلين بها ، وسأدفع بها إلى الموقع مقسمة على حلقات، ثم أفهرسها في موضوع مستقل ليستفاد منها .
والله أسأل أن يعافينا من كيد الشيطان، ويعيذنا من همزه ولمزه، وأن يقوينا على مجاهدته ورد كيده في نحره،
ومعاذ الله- أن أأتي فيها بجديد، ولا أدعي أن أأتي بخفي أو دقيق، فمباحثها أشهر من أن تذكر، وما أظن أحدًا منكم إلا وقد علمها أوبعضها. جمعتها من كتب الفقه والحديث معتمدا على الكتاب وما صح الرسول e مجتهدا –فقط- باختيار اللفظ المناسب ؛ فجاءت مشكلة المباني، مختلفة المعاني، راجيًا أن تنبع من بين الجوانح لتصل إلى الجوانح وتظهر على الجوارح، فإذا مر بك -يا أخي- ما لا يعجبك فلا تصعِّر خدك، ولا تعرض بوجهك، ولا تسُلّ لسَانَكَ، ولا تجلب بخيلك وَرَجِلَك، وخذ ما يعجبك واتهم فهمك؛
فكَمْ مِنْ عائبٍ قوْلا صَحِيحًا *** وآفَتُهُ منَ الفَهْمِ السَّقِيمِ
ولا يصدنك عن الحكمة قائلها؛ فقد يقول الحكمة غير الحكيم، وتكون الرمية من غير الرامي، وربَّ حامل فقه إلى من هو أفْقَهُ
اعْمَلْ بعلمِي وغُضِّ الطَّرْفَ عَنْ زلَلَي *** يَنفَعْكَ قَوْلِي ولا يَضْرُرْكَ تَقْصِيرِي
ثم أسأل الله أن يسر باقي الحلقات وسأحاول الإختصار لكن تمهيد أطولها
وe على البشير النذير، الهادي إلى كل خير
الحلقة الأولى
تعريف الوسوسة:
هي حديث النفس أو الشيطان بما لا نفع فيه ولا خير لذاته أو ما يؤدي إليه.
فقولنا " أو" : المراد بها التقسيم ، فيخرج بذلك أن يكون مراداً بها الشك .
فقولنا " بما لا نفع فيه ولا خير" : فيه تصريح بعاقية الوسوسة فجاء نفي النفع والخير معا عن الوسوسة.
فقولنا "لذاته أو ما يؤدي إليه" : الحال في الوسوسة لا يخلو:
أ ــ إما أن تكون الوسوسة لا نفع فيها ولا خير لذاتها ، أي مباشرة كالسوسة بارتكاب المعاصي .
ب ــ وإما أن تكون الوسوسة لا نفع فيها ولا خير ليس لذاتها ، ولكن لما تؤول إليه نحو : الوسوسة بالخير المؤدي إلي الشر ، أو الوسوسة بالعمل المفضول لترك العمل الفاضل.
الفروق بين الوساوس وغيرها:
أولا:الفروق بين وسوسة النفس ووسوسة الشيطان :
وهذه الفروق تعتبر بمثابة الضوابط للتفريق بين وسوسة النفس ووسوسة الشيطان:
1ـ من الفروق : أن ما كرهته نفسك لنفسك فهو من الشيطان، فاستعذ بالله منه ، و ما أحبته نفسك لنفسك فهو من نفسك فا ننهها عنه.
2ـ من الفروق : أن الشيطان لا يهمه معصية بذاتها، بل يهمه وقوع الإنسان في المعصية فإذا فشل في جانب انتقل إلى جانب آخر، وهكذا حتى يوقع الإنسان في المعصية ـ والعياذ بالله ـ ، أما النفس فتصر على معصيتة معينة، لا يقلع عنها الإنسان إلا بصعوبة.
3ـ إذا كان الخاطر لا يضعف ، ولا يقل بذكر الله تعالى ، ولا يزول ، فهو من الهوى ، وإن ضعف وقل بذكر الله تعالى فهو من الشيطان.
سأتكلم في الحلقة الثانية عن الفروق الأخرى.
وهذه الفروق تعتبر بمثابة الضوابط للتفريق بين وسوسة النفس ووسوسة الشيطان:
1ـ من الفروق : أن ما كرهته نفسك لنفسك فهو من الشيطان، فاستعذ بالله منه ، و ما أحبته نفسك لنفسك فهو من نفسك فا ننهها عنه.
2ـ من الفروق : أن الشيطان لا يهمه معصية بذاتها، بل يهمه وقوع الإنسان في المعصية فإذا فشل في جانب انتقل إلى جانب آخر، وهكذا حتى يوقع الإنسان في المعصية ـ والعياذ بالله ـ ، أما النفس فتصر على معصيتة معينة، لا يقلع عنها الإنسان إلا بصعوبة.
3ـ إذا كان الخاطر لا يضعف ، ولا يقل بذكر الله تعالى ، ولا يزول ، فهو من الهوى ، وإن ضعف وقل بذكر الله تعالى فهو من الشيطان.
سأتكلم في الحلقة الثانية عن الفروق الأخرى.
الحلقة الثانية
ثانيا: الفروق بين الخواطر المحمودة، ووسوسة الشيطان:
إن الفروق بين الخواطر المحمودة، وسوسة الشيطان لها أهمية بالغة؛ لأن الإنسان إذا لم يعرف الفرق بينها قد يلتبس عليه الأمر، فيقع في مصائد الشيطان ـ والعياذ بالله ـ من حيث لا يعلم.
أجمل العلماء ـ رحمهم الله ـ أسباب اشتباه الخواطر في أربعة أمور:
1. ضعف اليقين.
2. قلة العلم بمعرفة صفات النفس وأخلاقها.
3. متابعة الهوى بخرم قواعد التقوى.
4. محبة الدنيا وجاهها، ومالها، وطلب الرفعة والمنزلة عند الناس.
وأهم الفروق بين الخواطر المحمودة ووسوسة الشيطان، مايلي:
1ـ أن الخواطر المحمودة ويكون فيها التوفيق لمرضاة الله، وموافقة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما كان فيه مرضاة لغير الله أو رسوله، فهو من وسوسة الشيطان.
2ـ أن الخواطر المحمودة في فعلها اقتداء بالسلف الصالح، وأما ما كان فيها مخالفة للسلف الصالح فهو من وسوسة الشيطان.
3ـ أن الخواطر المحمودة تثمر إقبالا على الله عز وجل، وإنابة إليه، وما أثمر ضد ذلك فهو من وسوسة الشيطان.
4ـ أن الخواطر المحمودة تورث أنسا ونورا في القلب، وانشراحا في الصدر، وما أورث ضد ذلك فهو من وسوسة الشيطان.
ثانيا: الفروق بين الخواطر المحمودة، ووسوسة الشيطان:
إن الفروق بين الخواطر المحمودة، وسوسة الشيطان لها أهمية بالغة؛ لأن الإنسان إذا لم يعرف الفرق بينها قد يلتبس عليه الأمر، فيقع في مصائد الشيطان ـ والعياذ بالله ـ من حيث لا يعلم.
أجمل العلماء ـ رحمهم الله ـ أسباب اشتباه الخواطر في أربعة أمور:
1. ضعف اليقين.
2. قلة العلم بمعرفة صفات النفس وأخلاقها.
3. متابعة الهوى بخرم قواعد التقوى.
4. محبة الدنيا وجاهها، ومالها، وطلب الرفعة والمنزلة عند الناس.
وأهم الفروق بين الخواطر المحمودة ووسوسة الشيطان، مايلي:
1ـ أن الخواطر المحمودة ويكون فيها التوفيق لمرضاة الله، وموافقة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما كان فيه مرضاة لغير الله أو رسوله، فهو من وسوسة الشيطان.
2ـ أن الخواطر المحمودة في فعلها اقتداء بالسلف الصالح، وأما ما كان فيها مخالفة للسلف الصالح فهو من وسوسة الشيطان.
3ـ أن الخواطر المحمودة تثمر إقبالا على الله عز وجل، وإنابة إليه، وما أثمر ضد ذلك فهو من وسوسة الشيطان.
4ـ أن الخواطر المحمودة تورث أنسا ونورا في القلب، وانشراحا في الصدر، وما أورث ضد ذلك فهو من وسوسة الشيطان.
ثالثا: الفروق بين الظن والوسوسة:
تعريف الظن: هو اعتقاد الاحتمال الراجح الذي ظهر رجحانه على نقيضه بدليل معتبر .
وأهم ما يميز الظن عن الوسوسة شيئان:
أ ـ أن الظن أعلى و أقوى درجة من الوسوسة ، فالظن يلغي الوسوسة ، والوسوسة لا تقوى على إلغاء الظن ولا تساويه ، والأقوى لا يرفع بالأضعف ، وذلك راجع إلى كون الشخص الظان لا يستوي الطرفان عنده ، بل يترجح أحدهما على الآخر مع إمكان الطرف الآخر ، وإذا طرح الطرف الآخر من الاعتبار حصل ما يسمى غلبة الظن . وأما الموسوس فهو متردد بين الفعل والترك بلا مرجح لأحدهما .
ب ـ أن الظن يعمل به في موضع الاشتباه بخلاف الوسوسة فلا يعمل بها.
ج ـ أن الظان عنده أصل يبني عليه الحكم ، وأما الموسوس فلا أصل عنده يبني عليه ، فالموسوس يحكم بنجاسة الثوب من غير علامة.
د ـ أن الظان عنده المقدرة على الترجيح فهو يرجح أحد الطرفين أما الموسوس فهو يتردد بين الفعل والترك بلا مرجح
وأهم ما يميز الظن عن الوسوسة شيئان:
أ ـ أن الظن أعلى و أقوى درجة من الوسوسة ، فالظن يلغي الوسوسة ، والوسوسة لا تقوى على إلغاء الظن ولا تساويه ، والأقوى لا يرفع بالأضعف ، وذلك راجع إلى كون الشخص الظان لا يستوي الطرفان عنده ، بل يترجح أحدهما على الآخر مع إمكان الطرف الآخر ، وإذا طرح الطرف الآخر من الاعتبار حصل ما يسمى غلبة الظن . وأما الموسوس فهو متردد بين الفعل والترك بلا مرجح لأحدهما .
ب ـ أن الظن يعمل به في موضع الاشتباه بخلاف الوسوسة فلا يعمل بها.
ج ـ أن الظان عنده أصل يبني عليه الحكم ، وأما الموسوس فلا أصل عنده يبني عليه ، فالموسوس يحكم بنجاسة الثوب من غير علامة.
د ـ أن الظان عنده المقدرة على الترجيح فهو يرجح أحد الطرفين أما الموسوس فهو يتردد بين الفعل والترك بلا مرجح
الحلقة الثالثة
رابعا: الفرق بين الوسوسة والشك:
رابعا: الفرق بين الوسوسة والشك:
إن كلا من الوسوسة والشك تؤدي بالإنسان إلى حالة عجيبة من الحيرة والاضطراب بحيث تصبح الرؤية غير واضحة فينتاب المرء التردد وعدم الجزم في اتخاذ القرار الحازم في الأمر الذي يقع تحت ظلال الوسوسة. والسوسة والشك يتفقان في أنهما لا يقويان على إزالة الأصل المعلوم ـ أي الأمر الذي ثبت قبل حصول شك ويطلق عليه اسم اليقين ــ .
ويفترق الشك عن الوسوسة:
1 ـ إن الشك ينشأ عن سبب معتبر ، أي أن الشاك عنده أصل يبني عليه شكه ، وهذا بخلاف الموسوس ، فهو يبني وسوسته من غير وجود أصل معتبر ، فالوسوسة تنشأ عن أوهام لا اعتبار لها وليست تبني على سبب معتبر.
فمثلا : الموسوس إذا أصبابته الوسوسة في نجاسة الثياب فهو يقدر في نفسه أن الثوب قد أصابته النجاسة وهما منه بلا سبب حقيقي يدعو إلى ذلك الأمر أو ويدل على وقوعه، بخلاف الشاك في نجاسة الثياب لكون الثياب يلبسها ومن عادته مباشرة النجاسة ، فهذا سبب معتبر يدعو إلى الشك فله الأخذ بالاحتياط ، وليس وهما مجردا بلا علامة تدل على وقوعة.
ومن الفروق بين الوسوسة والشك :
2 ـ أن الشك يزول بزوال سببه أما الوسوسة فلا تزول إلا بجهد بالغ، ومشقة متناهية وعزيمة قوية .
وقد يصبح الشك وسوسة في حالات هي:
أ ـ إذا كثر الشك وتكرر يكون وسوسا.
ب ـ إذ لم يستند الشك إلى سبب معتبر ، فهو وسوسة.
ج ـ إذا كان الشك بعد انتهاء العبادة يكون وسواسا.
ويفترق الشك عن الوسوسة:
1 ـ إن الشك ينشأ عن سبب معتبر ، أي أن الشاك عنده أصل يبني عليه شكه ، وهذا بخلاف الموسوس ، فهو يبني وسوسته من غير وجود أصل معتبر ، فالوسوسة تنشأ عن أوهام لا اعتبار لها وليست تبني على سبب معتبر.
فمثلا : الموسوس إذا أصبابته الوسوسة في نجاسة الثياب فهو يقدر في نفسه أن الثوب قد أصابته النجاسة وهما منه بلا سبب حقيقي يدعو إلى ذلك الأمر أو ويدل على وقوعه، بخلاف الشاك في نجاسة الثياب لكون الثياب يلبسها ومن عادته مباشرة النجاسة ، فهذا سبب معتبر يدعو إلى الشك فله الأخذ بالاحتياط ، وليس وهما مجردا بلا علامة تدل على وقوعة.
ومن الفروق بين الوسوسة والشك :
2 ـ أن الشك يزول بزوال سببه أما الوسوسة فلا تزول إلا بجهد بالغ، ومشقة متناهية وعزيمة قوية .
وقد يصبح الشك وسوسة في حالات هي:
أ ـ إذا كثر الشك وتكرر يكون وسوسا.
ب ـ إذ لم يستند الشك إلى سبب معتبر ، فهو وسوسة.
ج ـ إذا كان الشك بعد انتهاء العبادة يكون وسواسا.
خامسا: الفروق بين الوسوسة والوهم:
الوهم أقل درجة من الظن والشك.
تجتمع الوسوسة مع الوهم في أن كلا منهما لا يعتد به فالوهم لا يبني عليه شيء وكلا من الوهم والوسوسة لا يكونان سببا لتكوين الاشتباه المؤدي إلى الأخذ بالاحتياط لأن كلا منهما لا ينشأ عن سبب معتبر . والمعارضة بين الوهم والعقل إنما تنشأ من انجذاب النفس إلى استعمال الوهم دون العقل أو العكس.
وتفترق الوسوسة عن الوهم أن الوسوسة يكون فيها تردد بين الفعل والترك ، ولا يستطيع الموسوس حسم الأمر باتخاذ القرار الحاسم فيعيش في حيرة واضطراب، أما الوهم فلا تردُد فيه بل يحكم المرء بالشيء مع احتمال نقيضه احتمالا راجحا .
سادسا : الفرق بين الوسوسة و الاحتياط:
الاحتياط : احتراز المكلف من الوقوع في المشتبه فيه من حرام أو مكروه ، بطريق يزيل الاشتباه بيقين .
الفرق بين الاحتياط والوسوسة ، أن الاحتياط : الاستقصاء والمبالغة في إتباع السنة وما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من غير غلو ومجاوزة ولا تقصير و لا تفريط فهذا هو الاحتياط الذي يرضاه الله ورسوله .
وأما الوسوسة فهي إتباع ما لم تأت به السنة ، ولم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد من الصحابة رضوان الله عليهم؛ زعما أنه يصل بذلك إلى تحصيل المشروع وضبطه.
تجتمع الوسوسة مع الوهم في أن كلا منهما لا يعتد به فالوهم لا يبني عليه شيء وكلا من الوهم والوسوسة لا يكونان سببا لتكوين الاشتباه المؤدي إلى الأخذ بالاحتياط لأن كلا منهما لا ينشأ عن سبب معتبر . والمعارضة بين الوهم والعقل إنما تنشأ من انجذاب النفس إلى استعمال الوهم دون العقل أو العكس.
وتفترق الوسوسة عن الوهم أن الوسوسة يكون فيها تردد بين الفعل والترك ، ولا يستطيع الموسوس حسم الأمر باتخاذ القرار الحاسم فيعيش في حيرة واضطراب، أما الوهم فلا تردُد فيه بل يحكم المرء بالشيء مع احتمال نقيضه احتمالا راجحا .
سادسا : الفرق بين الوسوسة و الاحتياط:
الاحتياط : احتراز المكلف من الوقوع في المشتبه فيه من حرام أو مكروه ، بطريق يزيل الاشتباه بيقين .
الفرق بين الاحتياط والوسوسة ، أن الاحتياط : الاستقصاء والمبالغة في إتباع السنة وما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من غير غلو ومجاوزة ولا تقصير و لا تفريط فهذا هو الاحتياط الذي يرضاه الله ورسوله .
وأما الوسوسة فهي إتباع ما لم تأت به السنة ، ولم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد من الصحابة رضوان الله عليهم؛ زعما أنه يصل بذلك إلى تحصيل المشروع وضبطه.
الحلقة الرابعة
أسباب الوسوسة
الوسوسة هي من كيد الشيطان، وهي ناتجة من الغلو والتشدد في أمور نهى الشارع عن الغلو والتشدد فيها، ولهذا فإن مردها إجمالاً إلى لآتي:
1. خبل في العقل.
2. أو جهل بالشرع.
3. ضعف الإرادة:
من العوامل المساعدة على ابتداء واستمرار الوسوسة ؛ ضعف الإرادة فالموسوس يدرك في العادة أنه مخطئ ، وأن ما يفعله مخالف للصواب ولكن تنقصه قوة الإرادة المانعة من تكرار الفعل ، فإذا قويت إرادة الإنسان ساعد ذلك على التخلص من الوسواس.
4. طبيعة المرحلة التي يمر بها الإنسان :
للمرحلة التي يمر بها الإنسان تأثير مهم في الإصابة بالوسواس ، فمثلا : الشاب الذي بدأ أول خطواته على طريق الاستقامة والصلاح، والشيخ الهرم الذي ينتظر الموت في كل لحظة، وكذلك عند ما تزداد الصلة بين العبد وربه قربا فهؤلاء يكونون عرضة للوسواس نتيجة حرصهم الشديد والمبالغ فيه على إتقان العبادة والإتيان بها على وجهها الصحيح وكانت شخصيته قابلة للسواس.
5. التساهل في القضاء على بوادر الوسوسة:
ذلك لأن القضاء على الشيء في بدايته الأولى سهل للغاية؛ ومن ذلك الوسوسة، فإن القضاء عليها في المهد، يؤدي إلى عدم استمرارها والمبالغة في الاهتمام بها يؤدي إلى نماءها.
6. عدم ربط العلم بالعمل:
لأن العلم بلا عمل جنون وعمل بغير علم لا يكون.
أسباب الوسوسة
الوسوسة هي من كيد الشيطان، وهي ناتجة من الغلو والتشدد في أمور نهى الشارع عن الغلو والتشدد فيها، ولهذا فإن مردها إجمالاً إلى لآتي:
1. خبل في العقل.
2. أو جهل بالشرع.
3. ضعف الإرادة:
من العوامل المساعدة على ابتداء واستمرار الوسوسة ؛ ضعف الإرادة فالموسوس يدرك في العادة أنه مخطئ ، وأن ما يفعله مخالف للصواب ولكن تنقصه قوة الإرادة المانعة من تكرار الفعل ، فإذا قويت إرادة الإنسان ساعد ذلك على التخلص من الوسواس.
4. طبيعة المرحلة التي يمر بها الإنسان :
للمرحلة التي يمر بها الإنسان تأثير مهم في الإصابة بالوسواس ، فمثلا : الشاب الذي بدأ أول خطواته على طريق الاستقامة والصلاح، والشيخ الهرم الذي ينتظر الموت في كل لحظة، وكذلك عند ما تزداد الصلة بين العبد وربه قربا فهؤلاء يكونون عرضة للوسواس نتيجة حرصهم الشديد والمبالغ فيه على إتقان العبادة والإتيان بها على وجهها الصحيح وكانت شخصيته قابلة للسواس.
5. التساهل في القضاء على بوادر الوسوسة:
ذلك لأن القضاء على الشيء في بدايته الأولى سهل للغاية؛ ومن ذلك الوسوسة، فإن القضاء عليها في المهد، يؤدي إلى عدم استمرارها والمبالغة في الاهتمام بها يؤدي إلى نماءها.
6. عدم ربط العلم بالعمل:
لأن العلم بلا عمل جنون وعمل بغير علم لا يكون.
أقسام الوسوسة:
الوسوسة تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : الوسوسة الضرورية ، والمراد بها ما يجري في الصدر من الخواطر ابتداءا ، والتي يعجز عن دفعها وهذا معفو عنه ، قال تعالى " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"
القسم الثاني: الوسوسة الاختيارية ، والمراد بها ما يجري بالقلب من الخواطر ، والتي تستمر فيسترسل معها الإنسان، مع أنه بإمكانه قطعها.
الوسوسة تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : الوسوسة الضرورية ، والمراد بها ما يجري في الصدر من الخواطر ابتداءا ، والتي يعجز عن دفعها وهذا معفو عنه ، قال تعالى " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"
القسم الثاني: الوسوسة الاختيارية ، والمراد بها ما يجري بالقلب من الخواطر ، والتي تستمر فيسترسل معها الإنسان، مع أنه بإمكانه قطعها.
الحلقة الخامسة
حكم الوسوسة وضابطها شرعا
حكم الوسوسة :
لابد قبل الشروع في بيان حكمها بيان مراتب قصد الفعل والقصد له مراتب خمسة:
المرتبة الأولى: الهاجس وجمعه هواجس وتعريف الهاجس: ما يلقى في القلب.
المرتبة الثانية : الخاطر وجمعه خواطر وتعريف الخاطر : ما يرد على العقل من الأفكار عفوا من غير تعمد لإحضارها ، ولا يكون له استقرار بالنفس .
المرتبة الثالثة : حديث النفس : وهو ما يقع في النفس مع التردد هل يفعل أو لا.
المرتبة الرابعة : الهم : ترجيح قصد الفعل .
المرتبة الخامسة : العزم : قوة القصد ، والجزم به وعقد الضمير على الفعل.
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ {والمراد بالوسوسة : تردد الشيء في النفس من غير أن يطمئن إليه ، ويستقر عنده.
وبهذه المراتب تعلم أن الوسوسة لا تكون من قبل الهم والعزم.}
حكم الوسوسة وضابطها شرعا
حكم الوسوسة :
لابد قبل الشروع في بيان حكمها بيان مراتب قصد الفعل والقصد له مراتب خمسة:
المرتبة الأولى: الهاجس وجمعه هواجس وتعريف الهاجس: ما يلقى في القلب.
المرتبة الثانية : الخاطر وجمعه خواطر وتعريف الخاطر : ما يرد على العقل من الأفكار عفوا من غير تعمد لإحضارها ، ولا يكون له استقرار بالنفس .
المرتبة الثالثة : حديث النفس : وهو ما يقع في النفس مع التردد هل يفعل أو لا.
المرتبة الرابعة : الهم : ترجيح قصد الفعل .
المرتبة الخامسة : العزم : قوة القصد ، والجزم به وعقد الضمير على الفعل.
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ {والمراد بالوسوسة : تردد الشيء في النفس من غير أن يطمئن إليه ، ويستقر عنده.
وبهذه المراتب تعلم أن الوسوسة لا تكون من قبل الهم والعزم.}
المطلب الأول: حكم مؤاخذة الإنسان على مايقع في صدره من وسوسة :
إن حديث النفس معفو عنه ، استقر بالقلب أم لا ،وذلك إذا دافعه الإنسان وعارضه ولم يؤمن بشيء منه ثم إن على المؤمن قطع الاسترسال مع هذه الوساوس ، والانتهاء عنها، امتثالا لحديث : "فإذا بلغ ذلك فليستعد بالله ولينته " .
لقول تعالى : " لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ...."
ولقوله تعالى :"...... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ......."
ولحديث :" إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم" .
لقول تعالى : " لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ...."
ولقوله تعالى :"...... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ......."
ولحديث :" إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم" .
المطلب الثاني:حكم التجاوب مع الوسواس:
المقصود بهذا المطلب : بيان حكم الاسترسال مع الوسواس ، وعدم قطعه فورا ابتداءها ، ومثال ذلك : لو غسل الإنسان يده ثلاث مرات في وضوء للصلاة ثم جاءه الوسواس بأنك لم تغسلها مع تمام قناعته بغلسها ، فما حكم التجاوب مع الوسواس؟
إن الوسواس من قبيل إلقاء الشيطان أو حديث النفس الأمارة بالسوء ،وفي هذه الحالة يحرم على المسلم متابعة الوسواس لأدلة كثيرة وردت في هذا الباب.
إن الوسواس من قبيل إلقاء الشيطان أو حديث النفس الأمارة بالسوء ،وفي هذه الحالة يحرم على المسلم متابعة الوسواس لأدلة كثيرة وردت في هذا الباب.
الأدلــــــــــــــة:
الأدلة الدالة على تحريم متابعة الوسواس كثيرة جدا منها ما هو نقلي ومنها ما هو عقلي:
أولا: الأدلة النقلية:
1) قوله تعالى: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ(6) " .
وجه الدلالة : أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أمر في الآية الكريمة بالاستعاذة من وسوسة الشيطان، ولو كان إتباع وسوسته أمر خير لما أمر بالاستعاذة منها.
2) قوله تعالى:" إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ".
3) قوله تعالى :"......وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ".
4) قوله تعالى:" فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22)".
وجه الدلالة : أن متابعة الوسوسة أدت إلى هذه العاقبة الوخيمة ، فدل ذلك على ذم التأثير بالوسواس والنهي عنه وأن الشيطان لإنسان عدو مبين.
5) حديث "فإذا بلغ ذلك فليستعد بالله ولينته "
وجه الدلالة :أن الحديث صريح في الأمر بالانتهاء عن متابعة الوسواس.
6) حديث : " الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة "
وجه الدلالة : أن رسول الله e وصف الوسوسة بأنها من كيد الشيطان وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز متابعتها والاسترسال معها.
وجه الدلالة : أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أمر في الآية الكريمة بالاستعاذة من وسوسة الشيطان، ولو كان إتباع وسوسته أمر خير لما أمر بالاستعاذة منها.
2) قوله تعالى:" إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ".
3) قوله تعالى :"......وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ".
4) قوله تعالى:" فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22)".
وجه الدلالة : أن متابعة الوسوسة أدت إلى هذه العاقبة الوخيمة ، فدل ذلك على ذم التأثير بالوسواس والنهي عنه وأن الشيطان لإنسان عدو مبين.
5) حديث "فإذا بلغ ذلك فليستعد بالله ولينته "
وجه الدلالة :أن الحديث صريح في الأمر بالانتهاء عن متابعة الوسواس.
6) حديث : " الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة "
وجه الدلالة : أن رسول الله e وصف الوسوسة بأنها من كيد الشيطان وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز متابعتها والاسترسال معها.
ثانيا: الأدلة العقلية :
ألأدلة العقلية كثيرة منها الآتي:
1) إذا أراد الموسوس أن يعرف هل متابعة الوسواس من الأمور الحسنة أم لا ؟ فليسأل نفسه : ألست تعلمين أن طريق رسول الله e هي طريق المستقسم؟
فتقول: نعم.
فسألها: فهل كان رسول الله e يفعل شيئا من أفعال الموسوسين؟
فتقول: نعم .
فقل لها: هل عندك شك في هذين الأمرين؟
فتقول : لا.
إذا فالوسوسة هي متابعة للشيطان ، فهل بعد الحق إلا الضلال!
2) إن متابعة الوسواس لو كان فيها أمر خير وفضيلة ، لما ادخرها الله جل ثناؤه عن رسوله الكريم e ، وصحابته الكرام وهم خير الخلق .
3) ليسأل الموسوس نفسه : كيف تقول في الصلاة رسول الله e ، وسائر صلاة المسلمين الذين لا يفعلون ما يفعله أهل الوسوسة ؟
فإن قال : هي باطلة ، فقد مرق من الإسلام.
و إن قال : هي صحيحة ، فما هو السبب الذي يجعله يخالف رسول الله e وسائر المسلمين ، أم أنه يرغب في عدم اللحوق بركب الصالحين.
4) ليسأل الموسوس نفسه : ماذا يقصد من أفعال الوسوسة ؟
فإن قال : التقرب إلى الله جل وعلا ، فهل تكون القربات بمعصية الله، وبما نهى عنه ورسول الله e
وإن قصد طاعة الشيطان، فماذا بعد الحق إلا ضلال !
5) ليعلم الموسوس أن هذا الدين لو كانت تعاليمه كما يفعله أهل الوسواس ، لم تكن هذه الشريعة سمحة ميسرة نعوذ بالله من ذلك.
وبهذا يعلم أن متابعة الوسوسة تبعا لإرادته محرمة، والأولى بالمسلم البعد عن الإسترسال مع الوساوس ، فإن التمادي معها يورث المهالك والمشقة والعنت ومخالفة أمر الرحمن وطاعة الشيطان.
1) إذا أراد الموسوس أن يعرف هل متابعة الوسواس من الأمور الحسنة أم لا ؟ فليسأل نفسه : ألست تعلمين أن طريق رسول الله e هي طريق المستقسم؟
فتقول: نعم.
فسألها: فهل كان رسول الله e يفعل شيئا من أفعال الموسوسين؟
فتقول: نعم .
فقل لها: هل عندك شك في هذين الأمرين؟
فتقول : لا.
إذا فالوسوسة هي متابعة للشيطان ، فهل بعد الحق إلا الضلال!
2) إن متابعة الوسواس لو كان فيها أمر خير وفضيلة ، لما ادخرها الله جل ثناؤه عن رسوله الكريم e ، وصحابته الكرام وهم خير الخلق .
3) ليسأل الموسوس نفسه : كيف تقول في الصلاة رسول الله e ، وسائر صلاة المسلمين الذين لا يفعلون ما يفعله أهل الوسوسة ؟
فإن قال : هي باطلة ، فقد مرق من الإسلام.
و إن قال : هي صحيحة ، فما هو السبب الذي يجعله يخالف رسول الله e وسائر المسلمين ، أم أنه يرغب في عدم اللحوق بركب الصالحين.
4) ليسأل الموسوس نفسه : ماذا يقصد من أفعال الوسوسة ؟
فإن قال : التقرب إلى الله جل وعلا ، فهل تكون القربات بمعصية الله، وبما نهى عنه ورسول الله e
وإن قصد طاعة الشيطان، فماذا بعد الحق إلا ضلال !
5) ليعلم الموسوس أن هذا الدين لو كانت تعاليمه كما يفعله أهل الوسواس ، لم تكن هذه الشريعة سمحة ميسرة نعوذ بالله من ذلك.
وبهذا يعلم أن متابعة الوسوسة تبعا لإرادته محرمة، والأولى بالمسلم البعد عن الإسترسال مع الوساوس ، فإن التمادي معها يورث المهالك والمشقة والعنت ومخالفة أمر الرحمن وطاعة الشيطان.
ضابط الوسوسة
الضابط الذي يحدد معالم الوسوسة هو : كونها تسبب مشقة ظاهرة في أداء العبادة ، فمن اعتراه لشك وكثر عليه حتى شق معه أداء العبادة ، فهو موسوس ،وذلك كله من الشيطان ليثقل العبادة على الإنسان ، مما يؤدي به إلى تركها بعد حين.
الحلقة السادسة
الجزء الأول من
الحلقة السادسة
الجزء الأول من
حكم الوسوسة بالمبالغة في الاستجمار ولاستنجاء:
أولا: الإستجمار:
تعريف الاستنجار :
هو إزالةالنجو ـ القذر ونحوه ـ عن أحد السبيلين بالأحجار .
هو إزالةالنجو ـ القذر ونحوه ـ عن أحد السبيلين بالأحجار .
العدد المطلوب في الاستجمار:
الحال في الاستجمار لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى:
أن يكون الخارج ـ أي البراز ـ لم يتجاوز موضع العادة ـ أي حلقة الدبرـ كأن ينتشر على الصفحتين.
الحال في الاستجمار لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى:
أن يكون الخارج ـ أي البراز ـ لم يتجاوز موضع العادة ـ أي حلقة الدبرـ كأن ينتشر على الصفحتين.
حكم هذه الحالة:
أن يتوفر الإنقاء لسبيل وهو حلقة الدبر بعد الخارج وإكمال ثلاثة أحجار في الاستجمار.
أن يتوفر الإنقاء لسبيل وهو حلقة الدبر بعد الخارج وإكمال ثلاثة أحجار في الاستجمار.
الأدلــــــــة:
1ـ لقوله e : "لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار" .
2ـ وقال e :إذا ذهب أحدكم إلى الغائط ، فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن، فإنها تجزئ عنه ".
2ـ وقال e :إذا ذهب أحدكم إلى الغائط ، فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن، فإنها تجزئ عنه ".
وجه الدلالة :
أن رسول الله e نهى أن يستنجى المسلم بأقل ثلاثة أحجار وهذا يقتضي من المسلم وجوب الامتثال ، فلا يجزئ أقل من ثلاثة أحجار.
أن رسول الله e نهى أن يستنجى المسلم بأقل ثلاثة أحجار وهذا يقتضي من المسلم وجوب الامتثال ، فلا يجزئ أقل من ثلاثة أحجار.
الحالة الثانية:
إذا تجاوز الخارج الموضع المعتاد بما لم تجر به العادة كأن ينتشر على الصفحتين.
إذا تجاوز الخارج الموضع المعتاد بما لم تجر به العادة كأن ينتشر على الصفحتين.
حكم هذه الحالة:
يجب الإستنجاء بالماء لأن الأصل في إزالة النجاسة إزالتها بالماء ورُخِصَ في الاستجمار ؛ لتكرر النجاسة على المخرج ـ أي حلقة الدبر ـ دفعا لمشقة تكرار الغسل فإذا جاوز المخرج خرجت من حد الرخصة .
يجب الإستنجاء بالماء لأن الأصل في إزالة النجاسة إزالتها بالماء ورُخِصَ في الاستجمار ؛ لتكرر النجاسة على المخرج ـ أي حلقة الدبر ـ دفعا لمشقة تكرار الغسل فإذا جاوز المخرج خرجت من حد الرخصة .
الحلقة السابعة
الجزء الثاني من
حكم الوسوسة بالمبالغة في الاستجمار ولاستنجاء:
الجزء الثاني من
حكم الوسوسة بالمبالغة في الاستجمار ولاستنجاء:
ثانيا: الإستنجاء:
تعريف الاستنجاء :
هو إزالةالنجو ـ القذر ونحوه ـ عن أحد السبيلين بالماء أو غيره من المائعات .
تعريف الإنقاء المقصودة في هذا الباب :
ذهاب لزوجة النجاسة وآثارها و أن تعود خشونة المحل كما كانت.
تعريف الاستنجاء :
هو إزالةالنجو ـ القذر ونحوه ـ عن أحد السبيلين بالماء أو غيره من المائعات .
تعريف الإنقاء المقصودة في هذا الباب :
ذهاب لزوجة النجاسة وآثارها و أن تعود خشونة المحل كما كانت.
العدد المطلوب في الاستنجاء :
لا يشترط في الاستنجاء بالماء عددا معينا، بل يكتفي بما يراه المستنجي أنه قد أنقا المحل.
الأدلـــــــــــــة:
لم يعلم عن رسول الله e في ذلك عددا معينا، ولا أمر بعدد معين، ولأن الأحاديث الواردة في الاستنجاء بالماء لم تحدد عددا معينا في ذلك ومن هذه الأحاديث :
1ـ حديث أنس بن t قال : "كان رسول الله e يتبرز لحاجته فآتيه بالماء فيغتسل به ".
2ـ ما جاء عنه أيضا قال إن رسول الله e: دخل حائطا وتبعه غلام معه ميضأة، هو أصغرنا فوضعها عند السدرة ، فقضى رسول الله e، فخرج علينا وقد استنجى.
وجه الدلالة:
أنه لم يرد في الحدثين عددا معينا في الماء.
لا يشترط في الاستنجاء بالماء عددا معينا، بل يكتفي بما يراه المستنجي أنه قد أنقا المحل.
الأدلـــــــــــــة:
لم يعلم عن رسول الله e في ذلك عددا معينا، ولا أمر بعدد معين، ولأن الأحاديث الواردة في الاستنجاء بالماء لم تحدد عددا معينا في ذلك ومن هذه الأحاديث :
1ـ حديث أنس بن t قال : "كان رسول الله e يتبرز لحاجته فآتيه بالماء فيغتسل به ".
2ـ ما جاء عنه أيضا قال إن رسول الله e: دخل حائطا وتبعه غلام معه ميضأة، هو أصغرنا فوضعها عند السدرة ، فقضى رسول الله e، فخرج علينا وقد استنجى.
وجه الدلالة:
أنه لم يرد في الحدثين عددا معينا في الماء.
ثالثا: حكم الاستنجاء من خروج الريح:
ينتشر في أوساط بعض الموسوسين وجوب الاستنجاء من خروج الريح؛ فلذلك تراه خائف يترقب خروج الريح؛ ليبادر إلى الوضوء، فصار في حالة من الترقب الشديد يخيل إليه خروج الريح في كل حركة، حتى أصبحت أدنى حركة لديه هي علامة على خروج الريح.
إنعقد إجماع العلماء على أن من خرج منه ريح ليس عليه استنجاء ولاستنجاء من الريح وحده مكروه لما فيه من الغلو.
رابعا:حكم الموسوس:
على الموسوس في حال الاستجمار إذا لم يتجاوز الخارج موضع العادة فيكفيه ثلاثة حجارة إذا أنقت، وعليه الحزم وعدم الاسترسال مع الوساوس، وإلا فلن يكفيه العدد الكثير من الحجارة؛ بحجة عدم الإنقاء.
وأما إذا تجاوز الخارج الموضع المعتاد بما لم تجر به العادة أو في حال الاستنجاء بالماء يكفيه ثلاث غسلات أو أقل منها إذا حصل الإنقاء لأنها تساعد على وضع حد للوسوسة وإلا فإن الموسوس إذا سترسل مع الوسوسة لن تكفيه جرار الماء الكثيرة.
وليعلم الموسوس أن المبالغة في الإستنجاء والاستجمار محرمة إذا أدت إلى تعذيب النفس وإرهاق الجسد لأن لأنسان مأمور شرعا بالمحافظة على نفسه وجسده.
ينتشر في أوساط بعض الموسوسين وجوب الاستنجاء من خروج الريح؛ فلذلك تراه خائف يترقب خروج الريح؛ ليبادر إلى الوضوء، فصار في حالة من الترقب الشديد يخيل إليه خروج الريح في كل حركة، حتى أصبحت أدنى حركة لديه هي علامة على خروج الريح.
إنعقد إجماع العلماء على أن من خرج منه ريح ليس عليه استنجاء ولاستنجاء من الريح وحده مكروه لما فيه من الغلو.
رابعا:حكم الموسوس:
على الموسوس في حال الاستجمار إذا لم يتجاوز الخارج موضع العادة فيكفيه ثلاثة حجارة إذا أنقت، وعليه الحزم وعدم الاسترسال مع الوساوس، وإلا فلن يكفيه العدد الكثير من الحجارة؛ بحجة عدم الإنقاء.
وأما إذا تجاوز الخارج الموضع المعتاد بما لم تجر به العادة أو في حال الاستنجاء بالماء يكفيه ثلاث غسلات أو أقل منها إذا حصل الإنقاء لأنها تساعد على وضع حد للوسوسة وإلا فإن الموسوس إذا سترسل مع الوسوسة لن تكفيه جرار الماء الكثيرة.
وليعلم الموسوس أن المبالغة في الإستنجاء والاستجمار محرمة إذا أدت إلى تعذيب النفس وإرهاق الجسد لأن لأنسان مأمور شرعا بالمحافظة على نفسه وجسده.