- 17 أكتوبر 2009
- 1,033
- 2
- 0
- الجنس
- ذكر
السلام عليكم ورحمة الله
أهل مصر وما أدراك ما أهل مصر ...
في سنة 1957 عقد مؤتمر الشعر العربي في بغداد ، ودعيت إليه الوفود من كافة أنحاء البلاد العربية … وعندما حضر الوفد المصري وأثناء توجهه لقاعة الحفل صادف أن هطل المطر بشدة فتبللت ملابسهم وتوحلت أقدامهم فدخلوا القاعة وهم منزعجين … فالتفت إلى ذلك شاعر العراق الأول محمد مهدي الجواهري فارتجل قصيدة رائعة عنوانها ( البعثة المصرية) ...
قال فيها : ...
رُسُلَ الثقافةِ من مُضَرْ *** وَجْهُ العراق بكِم سَفَرْ
حَرَصَ القضاء عليكم *** وَرَعتْكُمُ عينُ القَدَر
جئتُمْ وهاطلةُ الغَمام *** معاً ورُحْتُم والقمَر
رشَّ السماءُ طريقَكم *** أيُحبُّكم حتى المطر !
في القلبِ منزلُكم وبين السَمع منا والبَصر
نحن الحُجولُ وانتم *** في كل بارزةٍ غُررّ
ليل الجزيرة لم يكنْ *** لولاكمُو فيه سَحَر
يا سادتي ان العراق *** جميعُه بكُمُ ازدَهَر
والمحتفونَ بكم وإنْ *** كانوا ذوي كَرٍّ وفَرّ
وجميعُهُم اهلُ البلاد *** ولا يُقاسُ بِما نَدَر
فأجَلُّ من زُمَرٍ تَلَقَّتْكُمْ *** قد اختبأتْ زُمَر
وأجَلُّ ممن قادَهُمْ *** حبُّ الظهورِ مَن استَتَر
خَفيَت ذواتٌ جَمّةٌ وبَدَتْ لكم بعضُ الصُور
وأُزيِحَ من ظَفِروا به *** ومشى اليكم من ظَفِر
ملءَ النوادي معجَبون *** بفضلِكِم ملء الحَجَر
كنَّهُمْ لم يملِكوا *** حقّ الجلوس على السُرُر
غيرُ المناسِب ان يَمسَّ حريرَ سادَتنا الوَبَر
فاذا أرَدْتُم ان يُتاح لهم بصُحبْتكم وَطَر
فضَعوا بقارعةِ الطريق *** لَهُم بُيوتاً من شَعَر
وسيسُمعونَكُمُ من الترحيب خاتَمةَ السُوَر
وَضْع العراقِ خذوه من*** عذبَات أقلامِ أُخر
ولحفظِ حُرِيّاتِهِمْ *** من أن تُداسَ وتُحتَقَر
لَتُرحْ لمصرَ سُعاتُكم *** ليَجئْكُمُ منها خَفَر
هم مُرهقون لانَّهمْ *** لا يصدَعون لمن أَمَر
ومُضايَقون لانَّهمْ*** ما في عزائِمهم خَوَر
عندي مقالٌ يستَوي *** من لامَ فيه ومن عَذّر
سقَطَتْ على الأرض الثمار *** وجاءَكم يمشي شَجَر
ماذا احدّثُكُمْ حديثَ *** القَلب من جَمْر أحَرّ
كلُّ المسائل مُرَّةٌ *** وسكوتُنا عنها أمَر
أعليكم يَخفَى وفي *** كلِّ الورى ذاعَ الخَبر
لستُمْ من القوم الذينَ *** يُخادَعون بما ظَهَر
حتى نغالِطكم ونزعمُ *** أنَّنا فوقَ البَشر
رُسلَ الثقافة من أجلِّ *** صفاتِكم بُعْدُ النَظر
ولداُتنا في كلِّ نَفع *** للسياسةِ أو ضَررَ
غَطَّى علينا سادتي *** وعليكُمُ جِلدُ النَمِر
وعلى السَواء لنا كما *** لكُمُ يُكادُ ويُؤتمرَ
وعلى قياسٍ واحدٍ *** حُفِرتْ لكم ولنا الحُفَر
انتُمْ لنا عِبرٌ وفيما نحن فيه لكُمْ عِبَر
عن أي شيءٍ تَسألون *** فكل شيء مُحتكَر
لم يخلُ دَرْب من عراقيلٍ *** ولم يسَلَم مَمَرّ
وسَلُوا الخبيرَ فانني *** ممن بواحدةٍ عَثَر
حتى لقد اشفقت أن *** يعتاقَ رحلتَكم حَجَر
تهتاجُنا النعرات طائشةً وينجَحُ من نَعَر
في كلِّ حَلق نغمةٌ *** ولكلِّ أنملةٍ وَتَر
ويعاف من لم يرض *** أصحاب النفوذِ وينتهِر
تمشى سموم المُغرِضين *** بسُوحنا مشيَ الخَدَر
يتقاذَفُون عقولَنا *** وقلوبَنا لَعِبَ الأُكر
ولقد نُُصفِّق للخطيب *** ونحن منه على حَذَر
باسم البلاد يجل من *** جرَّ البلادَ الى الخَطَر
يا سادتي : لا ينتَهي *** فيضُ الشعور اذا انفَجَر
ولكي أريحَكُمُ أجيءُ *** لكم بشيء مُختَصَر
إن السياسة لَم تبقِّ *** على البلادِ ولم تَذَر
وبرغم ما في الرافدينِ *** من المصائبِ والغِيَر
وبرغم أنا قد تزعَّمَ *** عندنا حتى البَقَر
فهنا شبابٌ ناهضونَ *** عقوقُهم إحدى الكُبَر
كِتَلٌ تَحَفَّزُ للحياة *** يسوقهُا حادٍ اغّر
تمشي على نُور الثقافة *** مشيَ موثوقِ الظَفَر
فيها الشجاعةُ من عليٍّ *** والسياسةُ من عُمّر
واذا أمَرتُم ان أسامرَكم *** فقد لذَّ السَمَر
عن نَهْضةٍ أدبية *** ما إن لها عنكُمْ مَفَر
لولاكُمُ ما كان للشعراء *** فينا من أثَر
قبر الاديبِ الالمَعَيِّ *** هنا وفي مصرَ انتَشَر
الله يُجزي من أفاد *** ومن أعانَ ومن نَشَر
اني اسائلُكم وأعلَم *** بالجواب المُنتَظَر
هل تَقبَلون بأن يقالَ *** اديبُ مصرَ قد افتَقَر
او أنَّ ' شوقي ' من *** حَراجة عيشِه كالمُحتَضَر
او أنَّ ' حافظَ ' قد هوى *** فتجاوبونَ : الى سَقَر
حاشا : فتلكَ خطيئةٌ *** وجَريمةٌ لا تُغتَفَر
' شوقي ' يعيشُ كما يَليقُ *** بمن تَفكِّر او شَعَر
وسطَ القصورِ العامراتِ *** وبين فائحةِ الزَهَر
برعايةِ الوطَن الأعَزِّ *** وغيرةِ الملِك الأبَر
وتحوطُ ابراهيمَ عاطفةٌ *** الأمير من الصِغَر
أما هُنا فالشعر شيء *** للتملُّح يُدَخَر
وعلى السواءِ اغابَ *** شاعرُنا المجوِّدُ أم حَضر
سَقَطُ المتاع وجوُده *** عند الضرورة يُدَّكَر
في كل زاويةٍ أديبٌ *** بالخمول قد استَتَر
وقريحة حَسَدوا عليها *** ما تجودُ فلم تثر
والى اللقاءِ وهمُّنا *** أن الضيوف على سَفر
جَمَعَ الالهُ مصيرَنا *** ومصيرَ مصرَ على قَدَر
أهل مصر وما أدراك ما أهل مصر ...
في سنة 1957 عقد مؤتمر الشعر العربي في بغداد ، ودعيت إليه الوفود من كافة أنحاء البلاد العربية … وعندما حضر الوفد المصري وأثناء توجهه لقاعة الحفل صادف أن هطل المطر بشدة فتبللت ملابسهم وتوحلت أقدامهم فدخلوا القاعة وهم منزعجين … فالتفت إلى ذلك شاعر العراق الأول محمد مهدي الجواهري فارتجل قصيدة رائعة عنوانها ( البعثة المصرية) ...
قال فيها : ...
رُسُلَ الثقافةِ من مُضَرْ *** وَجْهُ العراق بكِم سَفَرْ
حَرَصَ القضاء عليكم *** وَرَعتْكُمُ عينُ القَدَر
جئتُمْ وهاطلةُ الغَمام *** معاً ورُحْتُم والقمَر
رشَّ السماءُ طريقَكم *** أيُحبُّكم حتى المطر !
في القلبِ منزلُكم وبين السَمع منا والبَصر
نحن الحُجولُ وانتم *** في كل بارزةٍ غُررّ
ليل الجزيرة لم يكنْ *** لولاكمُو فيه سَحَر
يا سادتي ان العراق *** جميعُه بكُمُ ازدَهَر
والمحتفونَ بكم وإنْ *** كانوا ذوي كَرٍّ وفَرّ
وجميعُهُم اهلُ البلاد *** ولا يُقاسُ بِما نَدَر
فأجَلُّ من زُمَرٍ تَلَقَّتْكُمْ *** قد اختبأتْ زُمَر
وأجَلُّ ممن قادَهُمْ *** حبُّ الظهورِ مَن استَتَر
خَفيَت ذواتٌ جَمّةٌ وبَدَتْ لكم بعضُ الصُور
وأُزيِحَ من ظَفِروا به *** ومشى اليكم من ظَفِر
ملءَ النوادي معجَبون *** بفضلِكِم ملء الحَجَر
كنَّهُمْ لم يملِكوا *** حقّ الجلوس على السُرُر
غيرُ المناسِب ان يَمسَّ حريرَ سادَتنا الوَبَر
فاذا أرَدْتُم ان يُتاح لهم بصُحبْتكم وَطَر
فضَعوا بقارعةِ الطريق *** لَهُم بُيوتاً من شَعَر
وسيسُمعونَكُمُ من الترحيب خاتَمةَ السُوَر
وَضْع العراقِ خذوه من*** عذبَات أقلامِ أُخر
ولحفظِ حُرِيّاتِهِمْ *** من أن تُداسَ وتُحتَقَر
لَتُرحْ لمصرَ سُعاتُكم *** ليَجئْكُمُ منها خَفَر
هم مُرهقون لانَّهمْ *** لا يصدَعون لمن أَمَر
ومُضايَقون لانَّهمْ*** ما في عزائِمهم خَوَر
عندي مقالٌ يستَوي *** من لامَ فيه ومن عَذّر
سقَطَتْ على الأرض الثمار *** وجاءَكم يمشي شَجَر
ماذا احدّثُكُمْ حديثَ *** القَلب من جَمْر أحَرّ
كلُّ المسائل مُرَّةٌ *** وسكوتُنا عنها أمَر
أعليكم يَخفَى وفي *** كلِّ الورى ذاعَ الخَبر
لستُمْ من القوم الذينَ *** يُخادَعون بما ظَهَر
حتى نغالِطكم ونزعمُ *** أنَّنا فوقَ البَشر
رُسلَ الثقافة من أجلِّ *** صفاتِكم بُعْدُ النَظر
ولداُتنا في كلِّ نَفع *** للسياسةِ أو ضَررَ
غَطَّى علينا سادتي *** وعليكُمُ جِلدُ النَمِر
وعلى السَواء لنا كما *** لكُمُ يُكادُ ويُؤتمرَ
وعلى قياسٍ واحدٍ *** حُفِرتْ لكم ولنا الحُفَر
انتُمْ لنا عِبرٌ وفيما نحن فيه لكُمْ عِبَر
عن أي شيءٍ تَسألون *** فكل شيء مُحتكَر
لم يخلُ دَرْب من عراقيلٍ *** ولم يسَلَم مَمَرّ
وسَلُوا الخبيرَ فانني *** ممن بواحدةٍ عَثَر
حتى لقد اشفقت أن *** يعتاقَ رحلتَكم حَجَر
تهتاجُنا النعرات طائشةً وينجَحُ من نَعَر
في كلِّ حَلق نغمةٌ *** ولكلِّ أنملةٍ وَتَر
ويعاف من لم يرض *** أصحاب النفوذِ وينتهِر
تمشى سموم المُغرِضين *** بسُوحنا مشيَ الخَدَر
يتقاذَفُون عقولَنا *** وقلوبَنا لَعِبَ الأُكر
ولقد نُُصفِّق للخطيب *** ونحن منه على حَذَر
باسم البلاد يجل من *** جرَّ البلادَ الى الخَطَر
يا سادتي : لا ينتَهي *** فيضُ الشعور اذا انفَجَر
ولكي أريحَكُمُ أجيءُ *** لكم بشيء مُختَصَر
إن السياسة لَم تبقِّ *** على البلادِ ولم تَذَر
وبرغم ما في الرافدينِ *** من المصائبِ والغِيَر
وبرغم أنا قد تزعَّمَ *** عندنا حتى البَقَر
فهنا شبابٌ ناهضونَ *** عقوقُهم إحدى الكُبَر
كِتَلٌ تَحَفَّزُ للحياة *** يسوقهُا حادٍ اغّر
تمشي على نُور الثقافة *** مشيَ موثوقِ الظَفَر
فيها الشجاعةُ من عليٍّ *** والسياسةُ من عُمّر
واذا أمَرتُم ان أسامرَكم *** فقد لذَّ السَمَر
عن نَهْضةٍ أدبية *** ما إن لها عنكُمْ مَفَر
لولاكُمُ ما كان للشعراء *** فينا من أثَر
قبر الاديبِ الالمَعَيِّ *** هنا وفي مصرَ انتَشَر
الله يُجزي من أفاد *** ومن أعانَ ومن نَشَر
اني اسائلُكم وأعلَم *** بالجواب المُنتَظَر
هل تَقبَلون بأن يقالَ *** اديبُ مصرَ قد افتَقَر
او أنَّ ' شوقي ' من *** حَراجة عيشِه كالمُحتَضَر
او أنَّ ' حافظَ ' قد هوى *** فتجاوبونَ : الى سَقَر
حاشا : فتلكَ خطيئةٌ *** وجَريمةٌ لا تُغتَفَر
' شوقي ' يعيشُ كما يَليقُ *** بمن تَفكِّر او شَعَر
وسطَ القصورِ العامراتِ *** وبين فائحةِ الزَهَر
برعايةِ الوطَن الأعَزِّ *** وغيرةِ الملِك الأبَر
وتحوطُ ابراهيمَ عاطفةٌ *** الأمير من الصِغَر
أما هُنا فالشعر شيء *** للتملُّح يُدَخَر
وعلى السواءِ اغابَ *** شاعرُنا المجوِّدُ أم حَضر
سَقَطُ المتاع وجوُده *** عند الضرورة يُدَّكَر
في كل زاويةٍ أديبٌ *** بالخمول قد استَتَر
وقريحة حَسَدوا عليها *** ما تجودُ فلم تثر
والى اللقاءِ وهمُّنا *** أن الضيوف على سَفر
جَمَعَ الالهُ مصيرَنا *** ومصيرَ مصرَ على قَدَر