- 11 نوفمبر 2005
- 19,977
- 75
- 48
- الجنس
- أنثى
سنجمع هنا لطائف متفرقة للشيخ محمود شمس حفظه الله من عدة منتديات والموقع الخاص بجمع فرائده حفظه الله ورعاه وأتم عليه شفاءه منها ماهو على شكل أسئلة أو لطائف منفردة.
يقول الله عز وجل: ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) [ آل عمران ].ما الفرق بين ( وجنةٍ ، وجناتٌ )....؟
2. يقول الله عز وجل : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) [ الأعراف ].
ما الفرق بين ( تَـلـْقَـفُ ) بفتح التاء وسكون اللام وفتح القاف ، وبين ( تَـلَــقَّــفُ ) وفتح التاء اللام وتشديد القاف ، لمن يقرها هكذا ...؟
جواب الشيخ محمود شمس حفظه الله:
لا بد أن نعلم يقينا أن نعيم الجنة أكبر بكثير مما ذكره الله سبحانه وتعالى لأن الله يذكر ما تتخيله العقول وتتذوقه وتتمناه كنعيم في الدنيا فيذكره على أنه نعيم في الجنة .
كلمة : جنة مفرد لجنات .
لكن وإن استعملت هنا مفردة إلا أن الله سبحانه وتعالى ذكر أن عرضها السموات والأرض ؛ فالإفراد مع كون عرضها السموات والأرض يدل على كثرة نعيمها ويعطي معنى الجمع وأكثر .
ونلحظ في علة الإفراد هنا : لأن الله يرغّب في المسارعة لتلك الجنة ، فيفردها ، ويذكر صفتها ( عرضها .................) بهذا الأسلوب التشويقي ترغيبا في العمل لها .
والله سبحانه وتعالى عندما يذكر النعيم لأهل الجنة في القرآن يفرد الجنة عند الحث والترغيب ويذكر أن النعيم سيكون لكل فرد على حدة ، وكأنك أنت الوحيد المنعّم ، وأن لك جنة خاصة بك لا يشاركك فيها أحد ، ثم بعد ذلك عند التنعّم الفعلي والدخول في الجنات يأتي الجمع .
لنقرأ الآيا ت في سورة الحاقة .
قال الله تعالى : فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24).
نلحظ أن الله ذكر الضمير مفردا أولا : إني ظننت ..... ، فهو.....،
ثم بعد ذلك عند التنعم والتلذذ أدخله في جماعة تكريما للمؤمن ، وأن المؤمن يحب الجماعة ، وديننا يحثنا على التآلف والتودد مع الجماعة ، ويحذر من التنازع والفرقة والاختلاف ، فالجماعة في الآخرة تكريم للمؤمن ، أما أهل الجحيم فعذابهم لكل واحد على حدة .
ولذ تأمل ضمير الجمع بعد ذلك في قوله تعالى : كلوا واشربوا ..............إلخ.
الخلاصة : إفراد الجنة عند الحث والترغيب للعمل لأجل الوصول إليها ترغيبا في الحصول على الجنة وكأنها خاصة بك أعدت لك .
والجمع عند التنعم وبعد العمل لأجل الجنات ، ولذا لا يأتي جريان الأنهار مع الإفراد أبدا ؛ لأنه حث وترغيب .
أما مع الجمع وهو التلذذ والتنعم فتجد جريان الأنهار .
وأما أهل الجحيم - وقاني الله وإياكم شرها وأعاذنا الله منها- فكل واحد منهم يعذّب عذابا خاصا بكل فرد حتى لا يفكّر أحد في أنه بإمكانه الهروب. ولذا :
اقرأ قول الله تعالى : وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ .
فنلحظ أن الضمائر ههنا كلها مفردة ؛ حتى لا يتوهم أحد أنه يستطيع الفرار لأن العذاب أيضا أكبر بكثير .
ولذا في قول الله تعالى :
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ
نلحظ أن قوله : ( فيؤخذ ) بالمفرد مع أنه يعود على جمع ، وهو : المجرمون ؛ وذلك لكي يكون المعنى - والله أعلم- فيؤخذ كلّ واحد على حدة من ناصيته ؛ حتي لا يفكّر أحد في الهروب ، وهذا من التنكيل بهم . والله أعلم .
وفي الآية وقفات أخرى كثيرة لأن هناك آية مشابهة لها مع اختلاف في التعبير ، ولطائف أخرى لعلي أعود لها بإذن الله سبحانه وتعالى ، فلعلكم تذكرونني إذا مانُسّيت .
وأسأل الله أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والفعل والعمل
وجوابا عن السؤال الثاني :
وهو : يقول الله عز وجل : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) [ الأعراف ].
ما الفرق بين ( تَـلـْقَـفُ ) بفتح التاء وسكون اللام وفتح القاف ، وبين ( تَـلَــقَّــفُ ) وفتح التاء اللام وتشديد القاف ، لمن يقرؤها.
أولا : أصل الكلمة : لقف ، ومعناها : أخَذ الشيء بسرعة فائقة ، فأكله ، أو ابتلعه
وهذا دليل على قدرة الله في جعل العصا حية دبّت فيها الحياة وانقلبت ثعباناً فإذا هي تلقف ،لأن التلقف من شأن الحيوان ، والعصا إذا دبت فيها الحياة صارت ثعباناً بدون تبديل شكلها .
فقراءة : (تلقف) بتخفيف الفعل : أصل الفعل (لقف) ، وتدل على سرعة الأخذ والأكل .
وقراءة (تلقف ) بالتثقيل على أصل الفعل ( تتلقف) وحذفت التاء تخفيفا ، فزيادة المبنى تدل على زيادة في المعنى ، فالتلقف يدل على سرعة في الأخذ وبلوغ أقصى درجات التلقف ، بمعنى أنهم كلما أفكوا في إلقاء سحرهم ، فإذا بالعصا تتلقف ، لا تتوانى ولا يظهر عليها تعب ولا إرهاق من كثرة التلقف, ويدلّ على هذا : التعبير بالمضارع : تلقف ، يأفكون , الدال على التجدد ، والحدوث ، فكلما أظهروا سحرهم فالعصا تتلقف بدون عناء ولا توقف.
والجمع بين القراءتين : - والله أعلم - للدلالة على سرعة اللقف بداية ، والوصول إلى أعلى درجة في السرعة مهما أظهروا من إفكهم . وهذا دليل على الإعجاز البلاغي في القراءات فكل قراءة كأنها آية مستقلة ، فكأن الله سبحانه وتعالى فال : فإذا هي تلقف . وهو البداية ، وإذا هي تتلقف أي : بلغت أقصى درجات التلقف . حتى لا يظن ظان أنها قد تعبت ................إلخ . لأن العصا أصبحت حيوانا ، ولكل حيوان قدرة وطاقة في التلقف ، فإذا وصل إلى حده المعلوم توقّف عن التلقف .
فتلك العصا لم تتوقف ، وإنما ازداد تلقفها . والله أعلم .