إعلانات المنتدى


ربِّ ارجعُون ! - مقالُ لأخيتكم

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

أمجاد بنت محمد

مشرفة سابقة
10 أبريل 2011
787
83
28
الجنس
أنثى
.

.




الحمدُ للهِ وبعد ،


كل طريقٍ سينقطع يومًا مهما امتدت أطواله !

كل بدايةٍ ستنتهي لا محيلَ لها !

وهذهِ الدنيا إنما هيَ مواجعٌ وضروب .. تارةً تُبكينا ، وتارةً تصدمنا !

وتتجسدُ الحقيقة القرآنية في قوله تعالى : [ لقد خلقنا الإنسان في كبد ]

فلا يظنن أحدًا أن ثمة من سيسلم من هذهِ العواقب كلها !

.
.

ثُمَّ !

أشدُ ما يلقاهُ المرء أن يمتلكَ أحاسيسًا صادقة !
ويشعرُ بالشيء قبلَ وقوعه !

غيرَ أنها قد تكون محضُ كراماتٍ ورحمات يؤتيها الله بفضله من يشاء من عباده !

والحمدُ للهِ على قضاءهِ وقدره ، ونسأله اللُطفَ والرحمة !


.
.


ليلة البارحة ..
عقدنا العَزم ، وشددنا الوِثاق قاصدين بيته العتيق ..

وليست أمجاد هيَ أمجاد التي تطيرُ فرحًا إذا قيلَ لها : أنّا ذاهبون إلى مكة !

أتعجبون ؟!
واللهِ لا عجب ، ومن في حبِّ مكة قد يُلامُ ؟!


تشبث بي شعورٌ موجع ، وأُسدلت عليّ أوتار الخوف من كل حدبٍ وصوب ، وغشيني من الهم ما غشيني !

- ومن يشعرُ بالحدث قبل وقوعه هو الوحيد الذي سيفهم حالتي هذهِ -

.
.


ذهبنا لِـ مكة .. وتمّت العُمرة - بفضلِ الله وكرمه -
غيرَ أن المشاعر هي ذاتها ، وما استطعتُ الإنفكاكَ عنها !

كنتُ اسمع صوت السديس - قدّس الله سرّه - يصدحُ في جنباتِ الحرم .. فـ ينشرحُ صدري !

كنتُ أرى الجمع الغفير من الناس ممن قطعوا الشِقّة ليصلوا هُنا .. فتبتهجُ نفسي !

كنتُ أرى كل شِبرٍ في مكة .. ويكأنّي آخر مرة سأفيء إليها ، وأسيرُ بين لبِناتِها !

كنتُ استشعر أن الله تفضّل عليّ بزيارةِ بيته ، في حينِ حُرم منه غيري كثير !

والمشاعرُ ذاتها ، ما إن تسكن نفسي إلا وتُثيرها المواجِع ، وتترامى عليه الهُموم !


كان أكثر ما يوجعني أن تكون هذهِ المشاعر من باب : عدم إحسان العبد ظنّه بربه !

والله يقول : [ فما ظنّكم بربِ العالمين ] ؟!


لكن للهِ ألطافٌ لا تنفك عن أقداره ، وكل بلاءٍ يُصيبك ستُدرك بعد ذا لُطفه فيه !


.
.


ونحنُ عائدون إلى جدة ..
كان والدِي يشعرُ بنعاسٍ شديد !

ما أمضت رُبع ساعة أو أقل من مقولته !

حتى وجدنا شاحنة كبيرة أمامنا ما فصل بيننا وبينها إلا رحمةُ الله ..

ويمضي أمرُ الله !
وما الخبرُ المرصودِ كالعيان !




أتراكم تشعرون بحالتي تلك ؟!
وأنا التي قُبيل ذهابنا مرّت بي صورٌ في مخيلتي أشبه بأن تكون بما مررنا به !


وإن والله مهما جاءت للمرء أنباء بأن شيءٌ ما سيُصيبه إلا أن وقع الحدث أشدُّ عليه كثيرًا !


.
.



تراءت لي كل صور تفريطي وعِصياني !
والله ليست أول مرة أنجو فيها بأُعجوبة ..

ثلاثُ مراتٍ يُنجيني الله من سكراتِ الموت !
أمام سياراتٍ مُسرعة تمضي عن يميني وشمالي ، ومن أمامي وخلفي !


وما ذاك إلا رسائلُ الله !
أيّ نفسُ توبي !
اليوم أمهلناكِ غدًا لن نفعل !
اليوم جعلناكَ تتنفس ، غدًا تصعدُ روحك للسماء !


والقلبُ متوجعٌ ، والعِبرُ تمرُّ بنا مرأى العين !


.
.

هذا ليسَ مَقالٌ يُرقم فحسب !
بل مقالٌ يحملُ بين طياته عِبرٌ ورسائل /

إلى الأبِّ المُقصر في حقِّ رعيته ..
إلى الأمِّ التي ما قامت بحقوقها كما يجب ..
إلى الأخ الذي عقَّ بوالديه ..
إلى الأخت التي لم تتقِّ الله في ملبسها ..

لكل مقصّر ، لكل عاق ، لكل مذنب ، لكل من أخفى سريرةً سيئة ولا زال مستمرٌ عليها ..

الموتُ لن يستأذنكم !
نحن لسنا النبيَّ المصطفى - صلوات ربي وسلامه عليه - ليأتينا الملكُ يستأذننا .. فـ نقول : بل الرفيق الأعلى !

الموتُ يأتي بغتة وأيّما بغتة !

[ حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربٍّ ارجعون لعلي اعمل صالحًا فيما تركت ]

كل معصيةٍ تعلمُ أنها لا ترضي الله بادر بتركها من الآن !

والله لن تُمنح ثانيةً واحدة إذا غرغرت روحك لـ تتوب !

وَ

أوصيكم ونفسي أولى وأحوج لهذهِ الوصايا /
اتقوا الله في خلواتكم ..
اتقوا الله في ملابسكم ..
اتقوا الله في مُجاهرتكم بالمعصية ..
اتقوا الله في قلوبكم ..
اتقوا الله في أولادكم .
اتقوا الله في والديكم ..
اتقوا الله في صلواتكم ..


ألا فاتقوا الله عِباد الله !
ألا لا تجعلوا لأنفسكم خاتمة تُصيّر عبرة لمن يعتبر ، وعِظة لمن يتعظ ، ويُسألُ من مثلِها العَفو والعافية والمعافاةِ الدائمة !


.
.


[ أيامًا معدودات ]
لا يمضيّن رمضانُك هذا كسائرِ رمضاناتك ..

أنجز فيه ، وأسأل الله الإعانة ..


.
.




ألا إنها تذكرة !

وَ


خرجتُ من هذا الموقف بِعبر وعِظات .. أستنتجوا ما شِئتم من هذهِ العِبر ... والسلام !








ليلة السابع من رمضان لعامِ 1435هـ ..

كَتبته /

أمجَاد محمَّد بَاجخِيف !
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

ابنةُ اليمِّ

مدير عام قديرة سابقة و عضو شرف
عضو شرف
26 مايو 2009
25,394
1,156
0
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: ربِّ ارجعُون ! - مقالُ لأخيتكم

الحمد لله الذي نجاكم أختنا الكريمة..
مقال صادق عن تجربة كاتبة واعدة
سلمت يداكِ وبارك الله في هذا اليراع
spin1.gif
spin1.gif
spin1.gif
spin1.gif
spin1.gif
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع