وقد بيّن هذا الإمام المغربي تقي الدين الهلالي قدس الله روحه في كتابه " الحسام الماحق " أحسن بيان فقال رحمه الله:
" اعلم أنَّ الاجتماع لقراءة القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلا نَزَلت عليهم السكينة و غَشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" . رواه مسلم من حديث أبي هريرة .
لكن الاجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و عمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم و الباقون يسمعون، و من عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة. هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عَدَا بلاد المغرب في العصر الأخير، فقد وضع لهم أحد المغاربة و يسمى ( عبد الله الهبطي ) وَقْفاً محدثاً ليتمكنوا به من قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة، فنشأ عن ذلك بدعة القراءة جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة وهي بدعة قبيحة تشتمل على مفاسد كثيرة :
الأولى: أنـها محدثة و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: " و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ".
الثانية: عدم الإنصات فلا ينصت أحد منهم إلى الآخر، بل يجهر بعضهم على بعض بالقرآن، و قد نـهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: " كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن، و لا يؤذ بعضكم بعضاً ".
الثالثة: أن اضطرار القارئ إلى التنفس و استمرار رفقائه في القراءة يجعله يقطع القرآن و يترك فقرات كثيرة فتفوته كلمات في لحظات تنفسه، و ذلك محرم بلا ريب .
الرابعة : أنه يتنفس في المد المتصل مثل : جاء ، و شاء ، و أنبياء ، و آمنوا ، و ما أشبه ذلك فيقطع الكلمة الواحدة نصفين ، و لا شك في أن ذلك محرم و خارج عن آداب القراءة ، و قد نص أئمة القراءة على تحريم ما هو دون ذلك ، و هو الجمع بين الوقف و الوصل ، كتسكين باء ( لا ريب ) و وصلها بقوله تعالى :"فيه هدى" قال الشيخ التهامي بن الطيب في نصوصه : الجمع بين الوصل و الوقف حرام * نص علـيه غير عـالم هـمام
الخامسة: أن في ذلك تشبهاً بأهل الكتاب في صلواتـهم في كنائسهم.
فواحدة من هذه المفاسد تكفي لتحريم ذلك...