إعلانات المنتدى


أحاسِنُكُم أخلاقًا ..

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

أمجاد بنت محمد

مشرفة سابقة
10 أبريل 2011
787
83
28
الجنس
أنثى


الحمدُ للهِ وليُّ النعمة، والملاذ إبانَ الكربة.
والصلاةُ والسلامُ على خيرِ خلقه، وأشرف رُسلِه، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
ألا فصلُّوا عليهِ وسلّموا تسليمًا.

أما بعد، فما يأسرُ المرءَ شيءٌ ما يأسرُه حُسن الخلق!
ولا يُبهجه شيءٌ ما يبهجُه طيب النفس، وسماحتِها!
ولا يأخذُ بتلابيبِ قلبِه ما يأخذهُ سرور الوجه، وبشاشته!

وإنكَ لتمرُّ بالناس كلّهم من أقارب وأصدقاء وزملاء وعابري سبيل فلا يلفتك، ولا يأسرك، ولا تطمئنّ نفسُك إلا إلى ذوي الخلق الرفيع!
ولا عجب!
فالأنبياء جُلهم -عليهم السلام- بلغوا من الأدبِ مراتب عُليا، وسَمَوْا بأرفع الأخلاق وأحسنها.
ومن سار على نهجٍ يُخالفهم فيه -ظنًا منه أنه الأفضل- فقد باءَ بالخُسران، والضلالِ المبين.

فهذا خليلُ الله إبراهيم -عليه السلام- يريدُ أن يدعو أباه لله، وينأى به عن دركاتِ الشرك، فيتجلّى أدبه ظاهرًا عيانًا:
( يا أبتِ إني قد جاءني من العلمِ مالم يأتك فاتبعني أهدك صراطًا سويًا)
ولم يقل إنه أفضل منه علمًا، أو اتّهمه بالجهل والضلال!

وهذا النبيُّ نوح -عليه السلام- لما أهلك الله ابنه مع الكافرين في الطوفان حملته الشفقة عليه قائلًا ( ربِّ إن ابني من أهلي وإن وعدَك الحق وأنت أحكم الحاكمين)، فبيّن الله له أنه ليسَ من أهله؛ إذ إنه كفر بالله، ثم قال ( فلا تسألنِ ما ليسَ لك به علم )
فكان الجواب الذي بلغ من التأدبِّ مع الله مبلغًا: ( إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكُن من الخاسرين).

ويتجلّى الخُلقُ العظيم، والمقامُ الكريم فيمن كان خُلقُه القرآن !
محمدٌ -ﷺ- وما أدراك من محمد؟!
يشهدنَ له أزواجهُ -عليهن رضوان الله- بحُسن الخلق، وأكمله، وأفضله، وأبهاه ..
فهذهِ عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- عندما سُئلت عن خُلقه قالت: ( كان خُلقه القرآن) !
وهذه صفية بنت حيي -رضي الله عنها وأرضاها- قالت: (ما رأيتُ أحسن خلقًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم)

وهذه شهادة أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: ( كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خُلقًا)
ثم تكون الشهادة أصدق ما تكون حينما تأتي من ملكٍ، عظيمٍ، كريمٍ، رحيمٍ، عدل،
إذ قال عنه في كتابه: ( وإنكَ لعلى خُلُقٍ عظيم) !

وأيُّ شيءٍ أكبرُ شهادةً من الله ؟!
ومن قرأ في سيرتِه قراءةً متعمقة لا يكاد يملك مدمعه مع مواقفِه كُلّها ..
فما يأتيهِ جائعٌ إلا أطعمه .. ولا وجلٌ إلا طمئنه .. ولا مسكينٌ إلا قضى حاجته ..
وكان يأتيه الصحابة -رضوان الله عليهم- محزونون موجوعون .. فيجعلُ لهم من محنهم منحًا، ومن أحزانهم فرجًا، ومن آلامهم أملًا!

بلغت حُسن سيرته مبلغًا جعلت كل من قرأ عنه، أو سمع، ازداد شوقًا إليه، وودَّ لو رآه بمالِه وأهلِه وولده والناس أجمعين.
حتى إنه ليسمع به الكافر فيُسلم، ويقرأ عنه فيتأثر ..
ولا عجب!
فهذا نبي الله -ﷺ- آتاه الله فضائلٌ عمّت، وخِلالٌ تمّت ..

وتالله ما أوتيَ المرء فضلًا من الله بقدر ما أُوتي خُلُقًا حسنًا.
وإنك والله لترى المرء لا تعرفه فما يزيدُك له احترامًا، وفي نفسك له مكانة إلا إن كان ذا خُلقٍ حسن.

فأنّى يستويان؟
من يُخاطب والديه بلفظٍ شديد، ويشتمُ أولاده وأقاربه، ويهتك ستر زملائه، وينهر السائل، ويقهر اليتيم، ويُعنّف الفقير، ويغلظ في النصح!

بمن ..
قال لوالديه قولًا ميسورًا، ولم يشتم أحد، ولم يهتك ستر أحد، ولم يتعالَ على أحد إذ آتاه الله رزقًا وفضّله على كثير ممن خلق تفضيلًا، ونصح الناس بطيبٍ واعتدال!

يكادُ يكون غريبًا في عصرنا من كان هذا ديدنه -النوع الثاني- .. والله المستعان !
فمن استطاع أن يوطّن نفسه على هذه الأخلاق فليفعل!
وكن على يقين: أنك لن تسلم من الناس على كل حال، ومما تعزّي به نفسك:
قال -صلى الله عليه وسلم-: (إن المسلم إذا كان يخالط الناس ويصبر على آذاهم، خيرٌ من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على آذاهم)

وأختم:
بحديثٍ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : ( إنَّ من أحبكم إليَّ، وأقربكم منِّي مجلسًا يوم القيامة، أحسنكم أخلاقًا)
فأيُّ شيءٍ أجملُ من هذه المنزلة ؟!

وأَيمُ الله لئن تتخلق بأخلاق النبي ﷺ ، وتُجاهد نفسك عليها، حتى تبلغ من خلقه ولو نزرًا يسيرًا .. خيرٌ لك من أن تتسلح القوة بالسب والشتم وازدراء الآخرين ظنًا منك أن هذا من الشجاعة!
قال أحمد شوقي -رحمه الله-:
صلاح أمرك للأخلاقِ مرجعُه .. فقوّم النفسَ بالأخلاق تستقمِ
وقال:
وإذا أصيب القومُ في أخلاقهم.. فأقم عليهم مأتمًا وعويلا


هذا وإنَّ المقال جَفلٌ .. فلا يظنن أحدٌ أنه مقصودٌ بعينِه.
وإني أستغفرُ الله من كل تقصيرٍ فيه، ومنقصة.

وأسألُه أن يتقبله بقبولٍ حسن، وأن يبارك فيه، وينفع به ..


والسَلامُ عليكم ..

أمجَاد محمد باجخيف.


 
  • أعجبني
التفاعلات: 2 أشخاص

أحمد النبوي

مراقب الأركان العلمية
مراقب عام
19 يناير 2009
2,950
662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: أحاسِنُكُم أخلاقًا ..

إن من البيان لسحرا!
فأروِع والله ببيانكِ وما خط يراعك.

زادك الله في لسانك حلاوة
وساق على يديك الخير.

ننتظر المزيد من رائق إبداعاتك.
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد
9 مايو 2015
403
84
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
ياسر الدوسري
علم البلد
رد: أحاسِنُكُم أخلاقًا ..

بــــــــــــــــاركــــــــــــــــ الــــــــــــــــــلـــــــــــــهـــــ فــــــــــــــيــــــــــــــــكــــــــــــــــــــم

 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع