إعلانات المنتدى

مسابقة مزامير القرآنية 1445هـ

الخل المحتوي على نسبة من الكحول

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

الكاسر

مزمار داوُدي
27 فبراير 2006
4,050
12
0
الجنس
ذكر
الفتوى رقم: 366

الصنف: فتاوى متنوعة


الخل المحتوي على نسبة من الكحول​



السؤال: فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ نرجوا من فضيلتكم أن توضحوا لنا مسألة أشكلت كثيرا على بعض الإخوة وجزاكم الله خير الجزاء.

ما حكم استهلاك الخل الذي يباع في الأسواق المحتوي على نسبة من الكحول؟



الجواب: الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه أجمعين، أمّا بعد:

فلا خلاف بين أهل العلم المعتبرين أنّ الخمر إذا تخللت بنفسها يحل شرب الخل اتفاقا، أما إذا تخللت بالعلاج ففيها خلاف، والصحيح أنَّ الخل المتولد عن الخمر حلال سواء تخلل بالعلاج أو تخلل بنفسه، لأنّ الخل المتولد عن الخمر هو خلٌّ لغة وشرعا، ويدل على حليته قوله صلى الله عليه وسلم :"نعم الإدام الخلّ"(١) والحديث لم يفرق بين الخلّ المتولد عن الخمر، والخلّ المصنوع مباشرة، والتفريق يحتاج إلى بيان، "وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز"، ولأنّ التخليل يزيل الوصف المفسد ويجعل في الخمر وصف الصلاح، فلم تبق خمرا بعد تحولها، ويعرف التخلل بالتغيير من المرارة إلى الحموضة، لذلك لا يضر وجود بعض درجات الكحول فيها اكتفاءً بظهور الحموضة فيها، لأنّها دليل الخليّة في المشروب، فضلا عن أنّه ليس كل كحول مسكرا، فمثلا: قشر البرتقال يحتوي على كحول لكنه غير مسكر، وعليه فالخل طاهر طيب للحديث السابق، ولأنّه تتناوله عموم آيات الجواز والإباحة كقوله تعالى: ﴿اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ [المائدة:5] وقوله تعالى ﴿ ويُحِلُّ لَهم الطَّيِّبَات﴾ [الأعراف:157]، والخل مع ذلك دواء نافع قال ابن القيم في[زاد المعاد] "وخلّ الخمر ينفع المعدة الملتهبة، ويقمع الصفراء، ويدفع ضرر الأدوية القتّالة، ويُحلِّل اللبن والدم إذا جمدا في الجوف، وينفع الطِّحال، ويدبغ المعدة، ويَعقِلُ البطن، ويقطع العطش، ويمنع الورم حيث يريد أن يحدث ويعيين على الهضم، ويضاد البلغم، ويلطف الأغذية الغليظة، ويرق الدم...."(٢) قال المناوي في [فيض القدير]:"وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يحبه ويشربه ممزوجا بالعسل، وذلك من أنفع المطعومات، قال ابن العربي: ولذلك جمعها العلماء وجعلوها أحل المشروبات ولم يكن في صناعة الطب شراب سواه"(٣).

هذا، وسبب اختلاف العلماء في المسألة السابقة يرجع إلى الخمر هل تطهر بإلقاء شيء فيها من ملح أو خل أو نحو ذلك وبعد أن تصير حامضا أم تبقى نجسة؟ علما أنّ الخلاف مبني على اعتقاد نجاسة الخمر، فمن رأى أنّها لا تطهر استند إلى حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الله عنه قال:"سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم عن الخمر تتخذ خلاً؟ قال: لا "(٤) ومعنى الاتخاذ -عندهم- هو تحويل الخمر إلى خل بالعلاج لها، أما إذا تخللت بنفسها فليست داخلة تحت النهي، والشيء الذي طرح في الخمر لتخليلها يتنجس بعد انقلابها خلاًّ فلا تطهر بحال من الأحوال وهو مذهب الشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى.

و من رأى أنّها تطهر استند إلى حديث عائشة رضي الله عنها في قوله صلى الله عليه وسلم :"نعم الإدام الخل"(٥) حيث أطلق و لم يفرق بين ما إذا تخللت بنفسها أو بالعلاج و هو مذهب الأحناف.

والصحيح أنّ الخمر طاهرة لأنّ الأصل في الأعيان الطهارة ولم يرد نص شرعي يفيد نجاستها كما فصلناه في كتابنا ﴿مختارات من نصوص حديثية في فقه المعاملات المالية ﴾(٦) و التحريم لا يلازم النجاسة، أمّا النجاسة فيلازمها التحريم ، فكل نجس محرم و لا عكس.

وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه الله عنه السابق يحمل على محظورية ترك الخمر مدة للتخليل لما فيه من مخالفة الأمر الإلهي في قوله تعالى: ﴿فاجتنبوه﴾ [المائدة:90]، وإن سلّمنا نجاسة الخمر فإنّ الحرمة ههنا لا تستلزم نجاسة الخل، وإنّما أوجب إراقتها سدّا لذريعة المحرم، وتضييق مجاري الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم، ويغرره بشرب الخمر المتواجدة عنده، لذلك كان ترك الخمر مدة التخليل ممنوعا شرعا، والله أعلم.

ثمّ إنّ المعروف أنّ الشيء إذا تغيرت حقيقته واضمحل وتبدل إلى شيء آخر زال الحكم المتعلق به قبل تغيره واستحالته ولم تعد هي بنفسها بل صارت شيئا آخر طاهرا، فهي كالنجاسة إذا وقعت في ماء كثير ولم تغير أحد أوصافه الثلاثة: لونه وطعمه ورائحته، والمسكر إذا مزج بالدواء وذهب أثره لم يكن في هذه الحالة مسكرا وإنّما هو دواء طاهر ذاب فيه شيء من المسكر، كالخمرة التي استحالت بنفسها وصارت خلا كانت طاهرة باتفاق العلماء.

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.



الجزائر في: 24 ذي القعدة 1424ﻫ

الموافق ﻟ: 27 جانفي 2003م

______________________________________
١- أخرجه مسلم في الأشربة رقم(2052)،وأبو داود في الأطعمة رقم(3821)، والترمذي في الأطعمة رقم(1839)، والنسائي في الأيمان والنذور رقم(3796)، وابن ماجه في الأطعمة رقم(3317)، وأحمد(4/239) رقم(13849). من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

٢- (4/306).

٣- (6/385).

٤- أخرجه مسلم في الأشربة رقم(1983)، وأبو داود في الأشربة رقم(3675)، من حديث أنس رضي الله عنه.

تقدم تخريجه.

٦- من ص: 30 إلى ص: 39.


فضيلة الشيخ الأصوليّ أبو عبد المعزّ محمّد عليّ فركوس​
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: الخل المحتوي على نسبة من الكحول

فتوى مهمة بارك الله فيك
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع