إعلانات المنتدى


شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
(بسم الل) :x18:
سورة إبراهيم
(797)
وَفِي الْخَفْضِ فِي اللهِ الَّذِي الرَّفْعُ (عَمَّ) خَالِقُ امْدُدْهُ وَاكْسِرْ وَارْفَعِ الْقَافَ (شُـ)ـلْشُلاَ
يريد اسم الله تعالى الذي في قوله (إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له) ، فرفعه على الابتداء والخفض على البدل من-العزيز الحميد-أو هو عطف بيان وأما-ألم تر أن الله خلق السموات-فقرأه حمزة والكسائي-خالق-على أنه اسم فاعل فمدا بعد الخاء وكسرا اللام ورفعا القاف لأنه خبر-أن-وقراءة الباقين خلق على أنه فعل ماض ثم قال
(798)
وَفِي النُّورِ وَاخْفِضْ كُلَّ فِيهَا وَالأرْضَ هَاهُنَا مُصْرِخِيَّ اكْسِرْ لِحَمْزَةَ مُجْمِلاَ
أي وافعل مثل ذلك في سورة النور في قوله تعالى (والله خلق كل دابة من ماء) ، واخفض لفظ-كل-فيها بإضافة خالق إليه والباقون نصبوا-كل-لأنه مفعول خلق وقوله-والأرض-ههنا أي واخفض لفظ الأرض في سورة إبراهيم على قراءة حمزة والكسائي لأنه معطوف على السموات والسموات في قراءتهما مخفوضة لإضافة خالق إليها والسموات في قراءة غيرهما مفعولة بقوله خلق فهي منصوبة وإنما علامة نصبها الكسرة فلما اتحد لفظ النصب والجر لم يحتج إلى ذكر السموات وذكر ما عطف عليها وهو الأرض لأن فيها يبين النصب من الجر فمن كانت السموات في قراءته منصوبة نصب الأرض بالعطف عليها وقرأ حمزة-وما أنتم بمصرخي-بكسر الياء المشددة وقرأ الباقون بفتحها وهو الوجه لأن حركة ياء الإضافة الفتح مطلقا سكن ما قبلها أو تحرك وقوله مجملا يعني في تعليل قراءة حمزة وهو من قولهم أحسن وأجمل في قوله أو فعله أي اكسر غير طاعن على هذه القراءة كما فعل من أنكرها من النحاة ثم ذكر وجهها فقال
(799)
كَهَا وَصْلٍ أَوْ لِلسَّاكِنَينِ وَقُطْرُبٌ حَكَاهَا مَعَ الْفَرَّاءِ مَعْ وَلَدِ الْعُلاَ
ذكر لها وجهين من القياس العربي مع كونها لغة محكية وإنما تكلف ذلك لأن جماعة من النحاة أنكروا هذه القراءة ونسبوها إلى الوهم واللحن قال الفراء في كتاب المعاني وقد خفض الياء من مصرخي الأعمش ويحيى بن وثاب جميعا حدثني بذلك القاسم بن معن عن الأعمش عن يحيى بن وثاب ، ولعلها من وهم القراء طبقة يحيى فإنه قل من سلم منهم من الوهم ولعله ظن أن الياء في -مصرخي-حافظة للفظ كله والياء للمتكلم خارجة من ذلك قال ومما نرى أنهم أوهموا فيه-نوله ما تولى ونصله-بالجزم ظنوا أن الجزم في الهاء ثم ذكر غير ذلك مما لم يثبت قراءة وقد تقدم وجه الإسكان في -نوله-ونحوه وسنقرر كسر ياء-بمصرخي-وقال أبو عبيد أما الخفض فإنا نراه غلطا لأنهم ظنوا أن الياء التي في قوله-بمصرخي-تكسر كل ما بعدها قال وقد كان في القراء من يجعله لحنا ولا أحب أن أبلغ به هذا كله ولكن وجه القراءة عندنا غيرها قال الزجاج هذه القراءة عند جميع النحويين ردية مرذولة ولا وجه لها إلا وجيه ضعيف ذكر وبعض النحويين يعني القراء فذكر ما سنذكره في الحركة لالتقاء الساكنين ، وقال ابن النحاس قال الأخفش سعيد ما سمعت هذا من أحد من العرب ولا من أحد من النحويين قال أبو جعفر قد صار هذا بإجماع لا يجوز ولا ينبغي أن يحمل كتاب الله تعالى على الشذوذ قال أبو نصر بن القشيري في تفسيره ما ثبت بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز أن يقال هو خطأ أو قبيح أو ردي بل في القرآن فصيح وفيه ما هو أفصح فلعل هؤلاء أرادوا أن غير هذا الذي قرأ حمزة أفصح ، قلت يستفاد من كلام أهل اللغة في هذا ضعف هذه القراءة وشذوذها على ما قررنا في ضبط القراءة القوية والشاذة وأما عدم الجواز فلا فقد نقل جماعة من أهل اللغة أن هذه لغة وإن شذت وقل استعمالها قال أبو علي قال الفراء في كتابه في التصريف زعم القاسم بن معن أنه صواب قال وكان ثقة بصيرا وزعم قطرب أنه لغة في بني يربوع يزيدون على ياء الإضافة ياء وأنشد ، (ماض إذا ما هم بالمضى قال لها هل لك يا قافي) ، قال وقد أنشد الفراء ذلك أيضا ، قلت فهذا معنى قول الناظم وقطرب حكاها مع الفراء فالهاء في حكاها ضمير هذه اللغة ولم يتقدم ذكرها ولكنها مفهومة من سياق الخفض في تقرير هذه القراءة فهو مثل قوله تعالى-(فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها)-أي عالي مدائن قوم لوط ولم يتقدم لها ذكر ولكن علم ذلك من سياق القصة وقال الفراء في كتاب المعاني وقد سمعت بعض العرب ينشد ، (قال لها هل لك يا قافي قالت له ما أنت بالمرضي) ، فخفض الياء من في فإن يكن ذلك صحيحا فهو مما يلتقي من الساكنين وتمام كلام سننقله فيما بعد فانظر إلى الفراء كيف يتوقف في صحة ما أنشده ومعناه يا هذه هل لك في قال الزجاج هذا الشعر مما لا يلتفت إليه وعمل مثل هذا سهل وليس يعرف قائل هذا الشعر من العرب ولا هو مما يحتج به في كتاب الله تعالى اسمه وقال الزمخشري هي قراءة ضعيفة واستشهدوا لها ببيت مجهول فذكره ، قلت ليس بمجهول فقد نسبه غيره إلى الأغلب العجلي الرجز ورأيته أنا في أول ديوانه وأول هذا الزجر ، (أقبل في ثوبي معافري بين اختلاط الليل والعشى) ، وهذه اللغة باقية في أفواه الناس إلى اليوم يقول القائل ما في أفعل كذا وفي شرح الشيخ قال حسين الجعفي سألت أبا عمرو بن العلاء عن كسر الياء فأجازه وهذه الحكاية تروى على وجوه ذكرها ابن مجاهد في كتاب الياآت من طرق قال خلاد المقريء حدثنا حسين الجعفي قال قلت لأبي عمرو ابن العلاء إن أصحاب النحو يلحنوننا فيها فقال هي جائزة أيضا إنما أراد تحريك الياء فليس يبالي إذا حركتها وفي رواية لا تبالي إلى أسفل حركتها أو إلى فوق وفي رواية سألت أبا عمرو بن العلاء عنها فقال من شاء فتح ومن شاء كسر وقال خلف سمعت حسين الجعفي يروي عن أبي عمرو بن العلاء فقال إنها بالخفض حسنة وقال محمد بن عمر الرومي حدثني الثقة عن حسين الجعفي قال قدم علينا أبو عمرو بن العلاء فسألته عن القرآن فوجدته به عالما فسألته عن شيء قرأ به الأعمش واستشنعته-وما أنتم بمصرخي-بالجر فقال جائزة قال فلما أجازها أبو عمرو وقرأ بها الأعمش أخذت بها قال وهي عند أهل الأعراب ليست بذاك فهذا معنى قول الناظم مع ولد العلا يعني أن أبا عمرو حكى هذه اللغة ونقلها وعلى ضعفها وشذوذها قد وجهها العلماء بوجهين أحدهما أن ياء الإضافة شبهت بهاء الضمير التي توصل بواو إذا كانت مضمومة وبياء إذا كانت مكسورة وتكسر بعد الكسر والياء الساكنة ووجه المشابهة أن الياء ضمير كالهاء كلاهما على حرف واحد يشترك في لفظه النصب والجر وقد وقع قبل الياء هنا ياء ساكنة فكسرت كما تكسر الهاء في عليه وبنو يربوع يصلونها بياء كما يصل ابن كثير نحو عليه بياء وحمزة كسر هذه الياء من غير صلة لأن الصلة ليست من مذهبه ومعنى المصرخ المغيث وأصل مصرخي مصرخيني حذفت النون للإضافة فالتقت الياء التي هي علامة الجر مع ياء الإضافة فأدغمت فيها وتوجيه هذه اللغة بهذا الوجه هو الذي اعتمد عليه أبو علي في كتاب الحجة فقال وجه ذلك من القياس أن الياء ليست تخلو من أن تكون في موضع نصب أو جر فالياء في النصب والجر كالهاء فيهما وكالكاف في أكرمتك وهذا لك فكما أن الهاء قد لحقتها الزيادة في هذا لهو وضربهو ولحق الكاف أيضا الزيادة في قول من قال أعطيتكاه وأعطيتكيه فيما حكاه سيبويه وهما أختا الياء ولحقت التاء الزيادة في نحو قول الشاعر ، (رميتيه فأصميت وما أخطأت الرمية) ، كذلك ألحقوا الياء الزيادة من المد فقالوا في ثم حذفت الياء الزائدة على الياء كما حذفت الزيادة من الهاء في قول من قال له أرقان وزعم أبو الحسن أنها لغة ، قلت ليس التمثيل بقوله له أرقان مطابقا لمقصوده فإن الهاء ساكنة حذفت حركتها مع حذف صلتها وليس مراده إلا حذف الصلة فقط فالأولى لو كان مثل بنحو عليه وفيه ثم قال أبو علي وكما حذفت الزيادة من الكاف فقيل أعطيتكه وأعطيتكيه كذلك حذفت الياء اللاحقة للياء كما حذفت من أختها وأقرت الكسرة التي كانت تلي الياء المحذوفة فبقيت الياء على ما كانت عليه من الكسر قال فإذا كانت هذه الكسرة في الياء على هذه اللغة وإن كان غيرها أفشى منها وعضده من القياس ما ذكرنا لم يجز لقائل أن يقول إن القراءة بذلك لحن لاستقامة ذلك في السماع والقياس وما كان كذلك لا يكون لحنا قلت فهذا معنى قول الشاطبي رحمه الله كها وصل أي نزلت الياء في-مصرخي-منزلة هاء الضمير الموصلة بحرف المد فوصلت هذه الياء أيضا بما يليق بها وهو الياء ثم حذفت الصلة منها كما تحذف من الهاء ، الوجه الثاني أشار إليه الناظم بقوله أو للساكنين أي أو يكون الكسر في-بمصرخي-لأجل التقاء الساكنين وذلك بأن تقدر ياء الإضافة ساكنة وقبلها ياء الإعراب ساكنة أيضا ولم يمكن تحريكها لأنها علامة الجر ولأنها مدغمة في الثانية فلزم تحريك ياء الإضافة فكسرت تحريكا لها بما هو الأصل في التقاء الساكنين وهذا الوجه نبه عليه الفراء أولا وتبعه فيه الناس قال الزجاج أجاز الفراء على وجه ضعيف الكسر لأن أصل التقاء الساكنين الكسر قال الفراء ألا ترى أنهم يقولون لم أره منذ اليوم ومذ اليوم والرفع في الذال هو الوجه لأنه أصل حركة منذ والخفض جائز فكذلك الياء من-مصرخي-خفضت ولها أصل في النصب قال الزمخشري كأنه قدر ياء الإضافة ساكنة ولكنه غير فصيح لأن ياء الإضافة لا تكون إلا مفتوحة حيث قبلها ألف في نحو-عصاي-فما بالها وقبلها ياء وقال بعضهم كسرها إتباعا للكسرة التي بعدها كما قرأ بعضهم الحمد لله بكسر الدال إتباعا لكسر اللام بعدها فكما تقول العرب بعير وشعير ورحيم بكسر أوائلها إتباعا لما بعدها فهذا وجه ثالث وكلها ضعيفة والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

(800)
وَضُمَّ (كِـ)ـفَا (حِصْنٍ) يَضِلُّوا يَضِلَّ عَنْ وَأَفْئِدَةً بِالْيَا بِخُلْفٍ (لَـ)ـهُ وَلاَ
الكفا بكسر الكاف النظير والمثل أي ضم مماثلا لحصن فهو في موضع نصب على الحال وهو ممدود قصره ضرورة كما قصر الهاء في قوله في البيت السابق كها وصل يريد ضموا الياء من-ليضلوا عن سبيله-ومن ، (ليضل عن سبيل الله)في الحج ولقمان و (ليضل عن سبيله) في الزمر ، ووجه القراءتين ظاهر وقال صاحب التيسير هشام من قراءتي علي أبي الفتح-أفئدة من الناس-بياء بعد الهمزة قال وكذلك نص عليه الحلواني عنه قال الشيخ وذكر أبو الفتح في كتابه في قراءة السبعة وروى هشام وحده عن ابن عامر-فاجعل أفئدة-بياء ساكنة بعد الهمزة قال وهذه القراءة وجهها الإشباع والإشباع أن تزيد في الحركة حتى تبلغ بها الحرف الذي أخذت منه والغرض بذلك الفرق بين الهمزة والدال لأنهما حرفان شديدان والولاء مصدر ولى ولاء قلت الولاء النصر وهذه أيضا قراءة ضعيفة بعيدة عن فصاحة القرآن وقل من ذكرها من مصنفي القراءات بل أعرض عنها جمهور الأكابر ونعم ما فعلوا فما كل ما يروى عن هؤلاء الأئمة يكون مختارا بل قد روى عنهم وجوه ضعيفة وعجيب من صاحب التيسير كيف ذكر هذه القراء مع كونه أسقط وجوها كثيرة لم يذكرها نحو ما نبهنا عليه مما زاده ناظم هذه القصيدة وهاهنا قراءة صحيحة تروى عن عاصم وأبي عمرو-وإنما نؤخرهم ليوم-بالنون ذكرها ابن مجاهد وغيره من كبار أئمة القراءة ولم يذكرها صاحب التيسير لأنها ليست من طريق اليزيدي وقد أشبعت الكلام في هذا في الشرح الكبير في آخر سورة أم القرآن وما وزان هذه القراءة إلا أن يقال في أعمدة وأتجدة أعميدة وأتجيدة بزيادة ياء بعد الميم والجيم وكان بعض شيوخنا يقول يحتمل أن هشاما قرأها بإبدال الهمزة ياء أو بتسهيلها كالياء فعبر الراوي لها بالياء فظن من أخطأ فهمه أنها بياء بعد الهمزة وإنما كان المراد بياء عوضا من الهمزة فيكون هذا التحريف من جنس التحريف المنسوب إلى من روى عن أبي عمرو-بارئكم-و-يأمركم-ونحوه بإسكان حركة الإعراب وإنما كان ذلك اختلاسا وفي هذه الكلمة قراءة أخرى ذكرها الزمخشري في تفسيره وإن كان قدوهم في توجيهها وهي بكسر الفاء من غير همز ووجهها أنها ألقيت حركة الهمزة على الساكن قبلها وحذفت فهذه قراءة جيدة وهي صورة ما يفعله حمزة في الوقف عليها ولعل من روى قراءة الإشباع كان قد قرأها بلا همز فرد هشام عليه متلفظا بالهمزة وأشبع كسرتها زيادة في التنبيه على الهمزة فظن أن الإشباع مقصود فلزمه ورواه والله أعلم
(801)
وَفِي لِتَزُولَ الْفَتْحُ وَارْفَعْهُ (رَ)اشِداً وَمَا كَانَ لِي إِنِّي عِبَادِيَ خُذْ مُلاً
يعني فتح اللام الأولى ورفع الثانية فالهاء في ارفعه لهذا اللفظ فإن على قراءة الكسائي مخففة من الثقيلة مبالغة في الإخبار بشدة مكرهم كقوله-ومكروا مكرا كبارا-أي قد كان مكرهم من كبره وعظمه يزيل ما هو مثل الجبال في الامتناع على من أراد إزالتها في ثباتها وعلى قراءة الباقين تكون إن إما شرطية أي وإن كان مكرهم معادلا إزالة أشباه الجبال الرواسي وهي المعجزات والآيات فالله مجازيهم بمكر أعظم منه وإما أن يكون إن نافية واللام في لتزول مؤكدة لها أي وما كان مكرهم بالذي يزيل ما هو بمنزلة الجبال وهي الشرائع ودين الله تعالى فإن قلت على هذا كيف يجمع بين القراءتين ، فإن قراءة الكسائي أثبتت أن مكرهم تزول منه الجبال وقراءة غيره نفته ، قلت تكون الجبال في قراءة الكسائي إشارة إلى أمور عظيمة غير الإسلام ومعجزاته لمكرهم صلاحية إزالتها والجبال في قراءة الجماعة إشارة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين الحق فلا تعارض حينئذ والله أعلم ، وأريد حقيقة الجبال قراءة الكسائي كما قال سبحانه في موضع آخر (تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا) ، وفي قراءة غيره أريد بالجبال ما سبق ذكره ثم ذكر الناظم ياءات الإضافة وهي ثلاثة في هذه السورة (وما كان لي عليكم من سلطان) ، فتحها حفص وحده (ربنا إني أسكنت) ، فتحها الحرميان وأبو عمرو (وقل لعبادي الذين آمنوا) ، فتحها هؤلاء وعاصم وملا جمع ملاءة أي خذ ذا ملاءة أي ذا حجج ووجوه مستقيمة وفيها ثلاث زوائد (وخاف وعيد) ، أثبتها في الوصل ورش وحده- بما أشركتمون من قبل-أثبتها في الوصل أبو عمر وحده-دعائي-أثبتها في الوصل أبو عمرو وحمزة وورش وأثبتها في الحالين البزي وحده وقلت في ذلك ، (دعائي بما أشركتمون وقوله وخاف وعيدي للزوائد أجملا)
سورة الحجر
(802)
وَرُبَّ خَفِيفٌ (إِ)ذْ (نَـ)ـمَا سُكِّرَتْ (دَ)نَا تَنزَّلُ ضَمُّ التَّا لِشُعْبَةَ مُثِّلاَ
يريد (ربما يود الذين كفروا) ، التخفيف والتشديد فيها لغتان ومعنى نما بلغ من قول الشاعر (من حديث نمى إلى عجيب ) ، أو من نمى المال إذا زاد لأن لفظة-رب-فيه لغات كثيرة وسكرت بالتخفيف أي حبست من قولهم وسكرت النهر وبالتشديد يجوز أن يكون من هذا شدد للكثرة وأن يكون بمعنى حيرت من السكر ويجوز أن يقرأ في البيت مخففا ومشددا والتخفيف أولى ليطابق الرمز بعده والتشديد قد يوهم من قلت معرفته بهذا النظم أنه من باب وباللفظ استغنى عن القيد فيقرأ لابن كثير بالتشديد وإنما هو مقيد بما تقدمه من ذكر التخفيف كقوله (وفصل إذ ثنى وفي أحصن عن نفر العلا ) ، استغنى عن تقييدهما بالقيد المذكور قبل كل واحد منهما وكذا في هذه السورة-منجوك-وقدرنا-وقوله-ما تنزل الملائكة-بضم التاء ظاهر وبفتحها على حذف إحدى التاءين أصله تتنزل الملائكة والله أعلم
(803)
وَبِالنُّونِ فِيهاَ وَاكْسِرِ الزَّايَ وَانُصِبِ الْمَلائِكَةَ المَرْفُوعَ عَنْ (شَـ)ـائِدٍ عُلاَ
أي واقرأ بالنون في هذه الكلمة موضع التاء واكسر الزاي فيصير-ينزل-على وزن يحول ويلزم من ذلك نصب الملائكة لأنه مفعول به ومن قرأ بالتاء رفع الملائكة لأنه فاعل على قراءة من فتح التاء ومفعول ما لم يسم فاعله على قراءة من ضمها ولم ينبه على ضم النون وكان الأولى أن يذكره فيقول وبالنون ضما أي ضم ولا حاجة إلى قوله فيها لأنه معلوم وقوله المرفوع نعت الملائكة لأنه لفظ وقوله عن شائد علا أي ناقلا له عن عالم هذه صفته أي عن من بنى المناقب العلا ورفعها وحصليا بعلمه ومعرفته ولا خلاف في تشديد الزاي هنا وقد تقدم في البقرة
(804)
وَثُقِّلَ لِلْمَكِّيِّ نُونُ تُبَشِّرُونَ وَاكْسِرْهُ (حِرْمِيَّا) وَمَا الْحَذُفُ أَوَّلاَ
قراءة الجماعة ظاهرة النون مفتوحة لأنها العلامة لرفع الفعل ومن كسرها قدر أصل الكلمة تبشرنني بنونين وياء الضمير المفعولة فحذف نافع نون الوقاية كما حذفها في - أتحاجوني في الله-وأدغم ابن كثير نون علامة الرفع فيها كقراءة الجماعة في-أتحاجوني-ثم حذف نافع وابن كثير الياء كما حذفت في نظائره من رءوس الآي نحو-عقاب-و-متاب- وأبقيا كسرة النون دالة على الياء المحذوفة وقوله حرميا حال من فاعل واكسره أي قارئا يقرؤه الحرمي أو من مفعوله لأنه فعل منسوب إلى الحرمي وقد سبق معنى وما الحذف أولا في سورة الأنعام يعني أن من قرأ بالتخفيف مع الكسرة وهو نافع حذف إحدى النونين وليس الحذف في الأولى منهما بل في الثانية توفيرا على الفعل علامة رفعه والتقدير وما وقع الحذف أولا ولو قال الأول على تقدير وما المحذوف الأول من التنوين لكان جائزا
(805)
وَيَقْنَطُ مَعْهُ يَقْنَطُونَ وَتَقْنَطُوا وَهُنَّ بِكَسْرِ النُّونِ (رَ)افَقْنَ (حُـ)ـمِّلاَ
يريد-قال ومن يقنط من رحمة ربه-وفي الروم-(إذا هم يقنطون)-وفي الزمر-(لا تقنطوا من رحمة الله)- فتح النون فيها وكسرها لغتان فماضي المفتوح قنط بالكسر وماضي المكسور قنط بالفتح وهي أفصح اللغتين وقد أجمعوا على الفتح في الماضي في قوله تعالى في الشورى-(من بعد ما قنطوا)-وحملا جمع حامل وقوله ويقنط مبتدأ ومعه يقنطون خبره أي هذه الكلمات اجتمعت واتحد لحكم فيها ثم ابتدأ مبينا حكمها فقال هن بكسر النون وفتحها ولو قال موضع وهن جميعا لكان أحسن وأظهر معنى والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

(806)
وَمُنْجُوهُمْ خِفٌّ وَفِي الْعَنْكَبُوتِ تُنْجِيَنَّ (شَـ)ـفَا مُنْجُوكَ (صُحْبَتُـ)ـهُ (دَ)لاَ
أي ذو خف أي خفيف أراد-إنا لمنجوهم أجمعين-لننجينه وأهله-إنا منجوك وأهلك-التخفيف والتثقيل فيها من أنجى ونجى كأنزل ونزل وهما لغتان خفف الثلاثة حمزة والكسائي ووافقهما أبو بكر وابن كثير على تخفيف منجوك ولو قال لمنجوهم خفف باللام بدل الواو لكان أحسن حكاية لما في الحجر ولا حاجة إلى واو فاصلة لظهور الأمر كما قال بعد ذلك قدرنا بها والنمل وقد مضى معنى دلا في مواضع وفيه ضمير راجع إلى لفظ صحبة لأنه مفرد وهو كما سبق في الرعد صحبة تلا والله أعلم
(807)
قَدَرْنَا بِهَا وَالنَّمْلِ (صِـ)ـفْ وَعِبَادِ مَعْ بَناتِي وَأَني ثُمَّ إِنِّيِ فَاعْقِلاَ
يريد-إلا أمرأته قدرناها-وفي النمل التخفيف والتشديد فيهما أيضا لغتان واستغنى بقيد التخفيف في منجوهم عن القيد فيهما كما سبق في-سكرت-وهو من التقدير لا من القدرة ومثل ذلك سيأتي في الواقعة والمرسلات والأعلى ثم ذكر ياءات الإضافة وهي أربع -بناتي إن كنتم-فتحها نافع وحده-عبادي إني أنا-وقل إني أنا النذير-فتح الثلاث الحرميان وأبو عمرو
سورة النحل
(808)
وَيُنْبِتُ نُونٌ (صَـ)ـحَّ يَدْعُونَ عَاصِمٌ وَفِي شُرَكَائِيَ الْخُلْفُ فِي الْهَمْزِ (هَـ)ـلْهَلاَ
أي ذو نون يريد-ينبت لكم به الزرع-النون للعظمة والياء زد إلى اسم الله تعالى في قوله تعالى-(أتى أمر الله)-وما بعدها من ضمائر الغيبة إلى قوله وعلى الله قصد السبيل-وهو الذي أنزل-ينبت لكم-ثم قال الناظم يدعون عاصم أي قرأه عاصم بالياء على الغيبة يريد-والذين يدعون من دون الله-لأن قبله-وبالنجم هم يهتدون-بالغيبة والباقون قرءوا بالتاء على الخطاب ووجهه ما قبله من قوله-والله يعلم ما تسرون وما تعلنون- ، فإن قلت من أين علمت أن قراءة عاصم بالغيب ، قلت لعدم التقييد فهو أحد الأمور الثلاثة التي إطلاقه يغني عن قيدها وهي الرفع والتذكير والغيب ، فإن قلت لم لم يحمل هذا الإطلاق على القيد السابق في-وتنبت-نون فيكون كما تقدم في-سكرت-وقدرنا ، قلت لا يستقيم لفظ النون في يدعون ولولا ذلك لاتجه هذا الاحتمال وروى البزي ترك الهمز في قوله-أين شركائي الذين كنتم-ولزم من ذلك عدم المد الزائد على الألف لأجل الهمزة وهذا معنى قول بعض المصنفين بغير همز ولا مد قطعا لوهم من عداه أن يظن أن المد يبقى وإن سقطت الهمزة وإنما قرأ كذلك قصرا للمدود ولم يفعل ذلك في الذي في القصص وغيرها ولا يلزم الناظم الاحتراز عن ذلك لما ذكرناه مرارا أن الإطلاق لا يتناول إلا ما في السورة التي هو فيها وما شذ عن ذلك كالتوراة و-كائن-فهو الذي يعتذر عنه وقصر الممدود ضعيف لا يجيزه النحويون إلا في ضرورة الشعر فهذه قراءة ضعيفة أيضا فلم يكن لصاحب التيسير حاجة إلى تضمين كتابه مثل هذه القراءات الضعاف وعن قارئها فيها خلاف وترك ذكر ما ذكره ابن مجاهد وغيره عن أبي بكر عن عاصم-تنزل الملائكة بالروح من أمره-بالتاء المضمومة وفتح الزاي ورفع الملائكة على ما لم يسم فاعله فهذه قراءة واضحة من جهة العربية وقد دونها الأئمة في كتبهم ولم يذكر قصر-شركائي-إلا قليل منهم فترى من قلت معرفته ولم يطلع إلا على كتاب التيسير ونحوه يعقد أن قصر-شركائي-من القرآت السبع وتنزل الملائكة-ليس منها وكذا-إلا بشق الأنفس-ذكر أبو علي الأهوازي وغيره عن أبي عمرو وابن عامر أنه بفتح الشين ولهذا نظائر كثيرة وقول الناظم هلهل من قولهم هلهل النساج الثوب إذا خفف نسجه وثوب هلهل وشعر هلهل من ذلك فإن كان فعلا فمعناه لم يتيقن الخلاف فيه وإن كان اسما وهو منصوب على الحال أي استقر الخلف فيه في الهمز هلهلا يشير إلى ضعف الرواية بترك الهمز وضعف القراءة ، فإن قلت من أين تعلم قراءة الجماعة أنها بالهمز ، قلت لأن تقدير كلامه الخلف في الهمز للبزي هلهلا قصده لا خلف في الهمز عن غير البزي وهو المراد والله أعلم
(809)
وَمِنْ قَبْلِ فِيهِمْ يَكْسِرُ النُّونَ نَافِع مَعًا يَتَوَفَّاهُمْ لِحَمْزَةَ وُصِّلاَ
يعني نون-تشاقون فيهم-وإنما لم يقله بهذه العبارة لأنها لا تستقيم في النظم إلا مخففة القاف ولم يقرأ أحد بذلك وكسر نافع وحده النون وفتحها الباقون والكلام في ذلك كما سبق في-تبشرون-في الحجر ، ولم يشدد أحد النون هنا وقوله معا هو حال من-يتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم-الذين تتوفاهم الملائكة طيبين-قرأهما حمزة بالياء على التذكير وإطلاقه دل على ذلك والباقون قرءوهما بالتأنيث ووجههما ظاهر وفي وصلا ضمير تثنية
(810)
سَمَا (كـ)ـامِلاً يَهْدِي بِضَمٍّ وَفَتْحَةٍ وَخَاطِبْ تَرَوْا (شَـ)ـرْعاً وَاْلآخِرُ (فِـ)ـي (كِـ)ـلاَ
يريد-فإن الله لا يهدي من يضل-كما قال في موضع آخر-من يضلل الله فلا هادي له-أي من يضلله فلا يهدي فالفعل مبني لما لم يسم فاعله فقوله يهدي فاعل سما وكاملا حال منه وقرأ الكوفيون بفتح الياء وكسر الدال على إسناد الفعل إلى الفاعل أي لا يهدي الله من يضله أو يكون يهدي بمعنى يهتدي كما تقدم في يونس ثم قال الناظم وخاطب يروا يريد-أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء-أي اقرأه بالخطاب جعله مخاطبا لما كان الخطاب فيه وشرعا مفعول مطلق أي شرع ذلك شرعا أو في موضع الحال أي ذا شرع فإن كان حالا من المفعول فتقديره مشروعا وإن كان من فاعل خاطب فتقدير ناطقا بما هو مشروع ثم قال والآخر بكسر الخاء يريد-ألم تروا إلى الطير مسخرات الخطاب فيه لحمزة وابن عامر والأول لحمزة والكسائي ولو فتحت الخاء من الآخر لم يتضح الأمر لإبهامه فلم يعلم الذي قرأ الكسائي من الذي قرأه ابن عامر إلا بقرينة تقدم الذكر وذلك قد يخفى وقد ترك الناظم الترتيب في مواضع وقوله في كلا أي في لفظ وحراسة وهو ممدود ووجه القراءتين في الموضعين ظاهر والله أعلم
(811)
وَرَا مُفْرَطُونَ اكْسِرْ (أَ)ضاَ يَتَفَيَّؤاُ الْمُؤَنَّثُ لِلْبَصْرِيِّ قَبْلُ تُقُبِّلاَ
أي ذا أضاء أو مشبها أضاء في الانتفاع بعلمك كما ينتفع بمائه والإضاء جمع أضاة بفتح الهمزة وهو الغدير والجمع بكسر الهمزة والمد كأكام وبفتحها والقصر كفتى ومفرطون بالكسر من أفرط في المعصية إذا تغلغل فيها وبالفتح أي مقدمون إلى النار من أفرطته إذا قدمته في طلب الماء أو هم منسيون من رحمة الله من أفرطت فلانا خلفي إذا تركته ونسبته وأما يتفيؤ ظلاله-فهو في التلاوة قبل مفرطون أخره ضرورة النظم فلهذا قال قبل أي قبل مفرطون ووجه التأنيث والتذكير فيه ظاهر لأن تأنيث الظلال غير حقيقي والله أعلم
(812)
وَ(حَقُّ صِحَـ)ـاب ضَمَّ نَسْقِيكُمُو مَمَا لِشُعْبَةَ خَاطِبَ يَجْحَدُونَ مُعَلَّلاَ
معا يعني هنا وفي-قد أفلح-ضم النون وفتحها لغتان فالضم من أسقى والفتح من سقى قال الشاعر فجمع بينهما ، (سقى قومي بني مجد وأسقى نميرا والقبائل من هلال) ، دعاء للجميع بما يخصب بلادهم وفي التنزيل (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) ، (وسقوا ماء حميما) ، (وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه) ، (وأسقيناكم ماء فراتا) ، وقيل الأصل في أسقى جعل له سقيا وفي سقى رواه من العطش ثم استعمل في المعنى الواحد لنقارب المعنيين وأجمعوا على الضم في الفرقان في قوله تعالى (لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه) ، وحكى فيه الفتح عن الأعمش وعاصم من رواية المفضل عنهما ثم قال الناظم لشعبة خاطب يجحدون يريد-أفبنعمة الله يجحدون-وجه الخطاب أن قبله-والله فضل بعضكم على بعض-ووجه الغيب أن قبله-فما الذين فضلوا-وأجاز معللا بفتح اللام وكسرها ووجه الجمع ظاهر
(813)
وَظَعْنِكُمْ إِسْكَانُهُ (ذَ)ائِعٌ وَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ النُّونُ (دَ)اعِيهِ (نُـ)ـوِّلاَ
إسكان العين في ظعن وفتحها لغتان كمعز ومعز ونهر ونهر وشعر وشعر فلهذا قال ذائع أي مشتهر مستفيض والنون في-ولنجزين الذين صبروا-والياء ظاهران ولا خلاف في التي بعدها-ولنجزينهم-أنه بالنون فلهذا قيد موضع الخلاف بقوله الذين ويجوز النون بالرفع على أنه مبتدأ ثان وبالنصب على أنه مفعول نول أي داعي نجزين نول النون فيه
(814)
(مَـ)ـلَكْتُ وَعَنْهُ نَصَّ الاخْفَشُ يَاءهُ وَعَنْهُ رَوَى النَّقَّاشُ نُوناً مُوَهَّلاَ
الميم في ملكت رمز ابن ذكوان أي أنه في جملة من روى عنه النون ثم بين أن الصحيح عنه القراءة بالياء فقال عنه يعني عن ابن ذكوان نص الأخفش على الياء ، وهو هارون بن موسى ابن شريك الدمشقي تلميذ ابن ذكوان وكان يعرف بأخفش باب الجابية والهاء في ياءه ترجع إلى لفظ-نجزين-المختلف فيه ثم قال وعنه يعني عن الأخفش روى النقاش وهو محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون بن جعفر ابن سند البغدادي المفسر وهو ضعيف عند أهل النقل روى عن شيخه الأخفش في قراءة ابن ذكوان لهذا الحرف نونا قال صاحب التيسير ابن كثير وعاصم-لنجزين الذين-بالنون وكذلك روى النقاش عن الأخفش عن ابن ذكوان قال وهو عندي وهم لأن الأخفش ذكر ذلك في كتابه عنه بالياء وذكر الأهوازي في كتاب الإيضاح النون عن ابن ذكوان وعن هشام أيضا وعن ابن عامر وأبي عمرو من بعض الطرق وقال قال النقاش أشك كيف قرأته على الأخفش عن ابن ذكوان وقول الناظم موهلا هو حال من النقاش أو صفة للنون أي مغلطا يقال وهل في الشيء وعنه بكسر الهاء إذا غلط وسهى وهل وهلا ووهلت إليه بالفتح أهل وهلا ساكن الهاء إذا ذهب وهمل إليه فأنت تريد غيره مثل وهمت هكذا في صحاح الجوهري قال الشيخ موهلا من قولهم وهله فتوهل أي وهمه فتوهم وهو منصوب على الحال من النقاش أي منسوبا إلى الوهم فيما نقل يريد ما قال صاحب التيسير هو عندي وهم وقد ذكرناه والله أعلم
(815)
سِوَى الشَّامِ ضُمُّوا وَاكْسِرُوا فَتَنُوا لَهُمْ وَيُكْسَرُ فِي ضَيْقٍ مَعَ النَّمْلِ (دُ)خُلُلاَ
لهم أي لجميع القراء السبعة سوى الشامي فحذف ياء النسبة أو التقدير سوى قاريء الشام فحذف المضاف يريد-ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا-أي فتنهم الكافر بالإكراه على النطق بكلمة الكفر وقلوبهم مطمئنة بالإيمان وذلك نحو ما جرى لعمار بن ياسر وأصحابه بمكة رضي الله عنهم وهو موافق للآية الأولى-والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا-لم يختلف فيه أنه على ما لم يسم فاعله وقرأ ابن عامر فتنوا بإسناد الفعل إلى الفاعل بفتح الفاء والتاء لأن الفتح ضد الضم والكسر معا ووجه هذه القراءة أن تكون الآية نزلت في الفاتنين الذين عذبوا المؤمنين على الكفر وأوقعوا الفتن في الذين أسلموا وهاجروا وجاهدوا وصبروا وذلك نحو ما جرى لمن تأخر إسلامه كعكرمة بن أبي جهل وعمه الحارث وسهيل بن عمرو وأضرابهم رضي الله عنهم وتكون القراءتان في الطائفتين الفاتنين والمفتونين وقيل التقدير فتنوا أنفسهم حين أظهروا ما أظهروا من كلمة الكفر ومعنى القراءتين متحد المراد بهما المفتونون وقيل معنى فتنوا افتتنوا قال الشيخ روى أبو عبيد عن أبي زيد فتن الرجل يفتن فتونا إذا وقع في الفتنة وتحول من الحال الصالحة إلى السيئة وفتن إلى النساء أراد الفجور بهن وقيل الضمير في فتنوا يعود إلى الخاسرون والمفعول محذوف أي من بعد ما فتنهم أولئك الخاسرون وأما-في ضيق مما يمكرون-هنا وفي النمل ففتح الضاد وكسرها لغتان كالقول والقيل وقيل المفتوح تخفيف ضيق كهين وميت أي في أمر ضيق وقوله سوى الشامي استثنى من الضمير في لهم كما سبق ويجوز أن يكون مبتدأ وما بعده الخبر ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل مضمر كقولك زيدا اكتب الكتاب له أي لابسه وخالطه بذلك ودخللا حال من قوله في ضيق أي هو دخيل مع الذي في النمل مشابه له في الكسر والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

سورة الإسراء
(816)
وَيَتَّخِذُوا غَيْبٌ (حَـ)ـلاَ لِيَسُوءَ نُونُ (رَ)اوٍ وَضَمُّ الْهَمْزِ وَالْمَدِّ (عُـ)ـدِّلاَ
أي ذو غيب حلو لأن قبله-لبني إسرائيل-والخطاب حكاية ما في الكتاب وهما مثل ما في البقرة-لا تعبدون إلا الله-كلاهما في بني إسرائيل والمعنى واحد ولو دخلت أن في الذي في البقرة لكانت-أن لا تعبدوا-مثل-أن لا تتخذوا سواء فاتحد اللفظ والمعنى وأما-ليسوءوا وجوهكم-فقراءة الكسائي بالنون ظاهرة لكثرة ما قبله من نونات العظمة وقرأ غيره بالياء فمن فتح الهمزة وقصره كما فعل الكسائي فالفاعل هو الله تعالى كما قال-سبحان الذي أسرى بعبده-وبعده-عسى ربكم-أو يكون الفاعل الوعد أو البعث وهذه قراءة ابن عامر وحمزة وأبي بكر وضم الهمز ومده حفص وهو المرموز في قوله عدلا والحرميان وأبو عمرو رمز لهم في البيت الآتي بقوله سما فالضمير المرفوع في-ليسوءوا-للعباد الذين هم-أولوا بأس شديد-واللام في-ليسوءوا-على القراءات الثلاث متعلقة بفعل مضمر أي بعثناهم ليقع ذلك وقول الناظم والمد بالرفع عطف على ضم الهمز
(817)
(سَمَا) وَيُلَقَّاهُ يُضَمُّ مُشَدَّداً (كَـ)ـفَى يَبْلُغَنَّ امْدُدْهُ وَاكْسِرْ (شَـ)ـمَرْدَلاَ
أراد كتابه يلقاه-أي يستقبل به وقرأ الباقون يلقاه بفتح الياء والتخفيف وذلك ظاهر المعنى والهاء للكتاب أو للإنسان لأن ما لقيك فقد لقيته-وإما يبلغن عندك الكبر-فمد بعد الغين أي زد ألفا واكسر النون المشددة فيصير يبلغان والضمير للوالدين وأحدهما بدل منه وهو فاعل على قراءة القصر والنون للتأكيد فيها والله أعلم
(818)
وَعَنْ كُلِّهِمْ شَدِّدْ وَفاً أُفِّ كُلِّهاَ بِفَتْحٍ (دَ)ناَ (كُـ)ـفْؤًا وَنَوِّنْ (عَـ)ـلَى (ا)عْتَلاَ
يعني أجمعوا على تشديد النون وهذا منه زيادة في البيان وإلا فهو معلوم مما تقدم لأنه لفظ بقوله يبلغن مشدد النون وأمر بكسرها ولم يتعرض للتشديد بنفي ولا إثبات فدل على أنه لا خلاف فيه وأما أف ففيها لغات كثيرة لم يقرأ فيها إلا بثلاث الفتح والكسر والتنوين مع الكسر وهي قراءة نافع وحفص وهو معنى قوله على اعتلا أي معتمدا على اعتلا قوله كلها بالجر تأكيد لأف يعني حيث جاء وهو هنا وفي الأنبياء والأحقاف والله أعلم
(819)
وَبِالْفَتْحِ وَالتَّحْرِيكِ خِطْأً (مُـ)ـصَوَّب وَحَرَّكَهُ الْمَكِّي وَمَدَّ وَجَمَّلاَ
يريد-إن قتلهم كان خطأ-فلفظ بقراءة الجماعة وذكر أن ابن ذكوان فتح الخاء والطاء وعبر عنه بالتحريك المطلق وهو الفتح ليؤخذ للباقين ضده وهو السكون وعبر عن حركة الخاء بلفظ الفتح ليؤخذ للباقين ضده وهو الكسر فدخل ابن كثير مع الباقين في هذا ولم يخالفهم فيه ولما خالفهم في إسكان الطاء تعرض له فقال وحركه المكي وزاد مدا بعد الطاء فقراءة الجماعة خطأ بمعنى إنما يقال خطأ خطأ كإثم إنما وهو في قراءة ابن ذكوان ضد الصواب وقيل هما لغتان كالحذر والحذر والمئل والمثل ، قال الزجاج وقد يكون من خطأ خطأ إذا لم يصب وقراءة ابن كثير خاطأ خطاء مثل خاطر خطارا ، قال أبو علي وإن لم يسمع خاطأ ولكن قد جاء ما يدل عليه وهو تخاطأ لأنه مطاوعه ، قال وقد قالوا أخطى في معنى خطى كما أن خطى في معنى أخطى ، قلت فإلى هذا أشار الناظم بقوله مصوب لأن قوما استبعدوا قراءة ابن ذكوان فقالوا الخطأ ما لم يتعمد وجوابه أنه استعمل في التعمد أيضا وقول الناظم خطأ مصوب مبتدأ وخبر أي هو مصوب بالفتح والتحريك فقابل بين لفظي الخطأ والتصويب وإخباره عن الخطأ بالتصويب من عجائب هذا النظم ومحاسنه والله أعلم
(820)
وَخَاطَبَ فِي يُسْرِفْ (شُـ)ـهُود وَضَمُّنَا بِحَرْفَيْهِ بِالْقِسْطَاسِ كَسْرُ (شَـ)ـذٍ (عَـ)ـلاَ
أي قراءة شهود أراد-فلا تسرف في القتل-الخطاب للولي أو الإنسان والياء للولي وضم القسطاس وكسره لغتان والهاء في بحرفيه للقسطاس والباء في بالقسطاس من نفس التلاوة أي وضمنا هذا اللفظ بموضعيه يعني هنا وفي الشعراء فأخبر عن الضم بالكسر على تقدير وموضع ضمنا كسر هؤلاء أي كسر ذوى شذا عال أي ذوى بقية حسنة وطيب فائق والله أعلم
(821)
وَسَيِّئَةً فِي هَمْزِهِ اضْمُمْ وَهَائِهِ وَذَكِّرْ وَلاَ تَنْوِينَ (ذِ)كْراً مُكَمَّلاَ
يريد-كل ذلك كان سيئة-فقوله ذلك إشارة إلى المنهى عنه وإذا ضممت الهمز والهاء وذكرت أي لم تجعل الهاء للتأنيث بل ضمير مذكر فلا تنوين حينئذ فيكون السيء مضافا إلى ما تقدم أي كان سيء المذكور مكروها فيكون ذلك إشارة إلى جميع ما تقدم مما وصى به الإنسان وفيه حسن وهو المأمور به وسيء وهو المنهي عنه ومكروها على القراءة بالتأنيث خبر لكان بعد خبر وقوله ذكرا مكملا مصدر مؤكد من لفظ ذكر وإن لم يكن مصدره أراد تذكيرا مكملا ويجوز أن يكون فعله مضمرا أي ذكرت ذلك ذكرا مكملا لجميع قيوده وقال الشيخ التقدير أذكر ذكرا والله أعلم
(822)
وَخَفِّفْ مَعَ الْفُرْقَانِ وَاضُمُمْ لِيَذْكُرُوا (شِـ)ـفَاءً وَفِي الْفُرْقَانِ يَذْكُرُ فُصِّلاَ
أي خفف لفظ-ليذكروا-هنا وفي الفرقان أراد-ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا-ولقد صرفناه بينهم ليذكروا-والتخفيف في هذين لحمزة والكسائي أراد تخفيف الذال والكاف وهو حذف تشديدهما وهما مفتوحان فنص على ضم الكاف ولم ينص على إسكان الذال لوضوحه وهو مضارع ذكر يذكر والمشدد مضارع تذكر والأصل ليتذكر فأدغمت التاء في الذال وقوله شفاء حال من-ليذكروا-أو من فاعل خفف واضمم أي ذا شفاء ثم ذكر أن في الفرقان موضعا آخر اختص حمزة بتخفيفه وهو-لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا
(823)
وَفِي مَرْيَمٍ بِالْعَكْسِ (حَقٌّ شِـ)ـفَاؤُهُ يَقُولُونَ (عَـ)ـنْ (دَ)ارٍ وَفِي الثَّانِ (نُـ)ـزِّلاَ
بالعكس أي بالتشديد وفتح الكاف يريد أولا يذكر الإنسان ولو كان جرى على سننه ورمز لمن خفف كان أحسن وقلت أنا في ذلك ، (وفي كاف نل إذ كم يقولون دم علا وفي الثاني نل كفا سما وتبجلا) ، (وأنث تسبح عن حمى شاع وصله وبعد اكسروا إسكان رجلك عملا) ، ولم يبق في البيت تضمين واجتمع الرمز المفرق وهو قوله هنا نزلا وفي البيت الآتي سما كفله ويقولون في الموضعين بالغيب والخطاب ظاهر أراد بالثاني-سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا- ، وقبله-قل لو كان معه آلهة كما يقولون
(824)
(سَمَا كِـ)ـفْلُهُ أَنِّثْ يُسَبِّحُ (عَـ)ـنْ (حِـ)ـميً (شَـ)ـفَا وَاكْسِرُوا إِسْكَانَ رَجْلِكَ (عُـ)ـمَّلاَ
أراد تسبح له السموات السبع التأنيث والتذكير فيه ظاهران ورجلك بإسكان الجيم اسم جمع للراجل كصحب ورجل وبكسر الجيم بمعنى راجل كتعب وتاعب وحذر حاذر وبمعنى رجل بضم الجيم الذي بمعنى راجل فيكون كسر الجيم وضمها لغتين نحو ندس وندس والمعنى وجمعك الرجل واستغنى بالفرد عن الجمع لدلالته عليه بالجنسية وقيل يجوز أن تكون قراءة الإسكان من هذا سكنت الكسرة أو الضمة تخفيفا نحو فخذ وعضد وعملا جمع عامل هو حال من الضمير في اكسروا
(825)
وَيَخْسِفَ (حَقٌّ) نُونُهُ وَيُعِيدَكُمْ فَيُغْرِقَكُمْ وَاثْنَانِ يُرْسِلَ يُرْسِلاَ
الخلاف في هذه الخمسة دائر بين النون والباء فكلاهما ظاهر أراد-أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل-أم أمنتم أن يعيد فيه تارة أخرى-فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم-وقوله نرسل نرسل-كلاهما بدل من اثنان ونصهما على الحكاية
(826)
خِلاَفَكَ فَافْتَحْ مَعْ سُكُونٍ وَقَصْرِهِ (سَمَا صِـ)ـفْ نَآى أَخِّرْ مَعاً هَمْزَهُ (مُـ)ـلاَ
أراد وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا-أي افتح الخاء مع سكون اللام وحذف الألف وكلتا القراءتين بمعنى بعدك ونأ وناء مثل أي وراء كلاهما على وزن رعى وراع لغتان وتأخير الهمز من الفعلين على القلب فيصبر وزنهما فلع قال الشاعر ، (وكل خليل رآني فهو قائل ) ، ونقل الشارح في كتاب الغاية عن أبي بكر بن مقسم قال نأى بوزن نعى لغة قريش وكثير من العرب وناء بوزن باع لغة هوازن بن سعد بن بكر وبني كنانة وهزيل وكثير من الأنصار قال شاعرهم ، (نجالد عنه بأسيافنا وناءت معد بأرض الحرم) ، وقول الآخر (وناء بكلكل ) ، قلت ناء في قول امريء القيس (وأردف أعجازا وناء بكلكل ) ، ليس من هذا وذاك معناه نهض ينهض نهوضا ثقيلا لطول صدره وقوله معا يعني هنا وفي سورة فصلت
(827)
تُفَجِّرَ فِي اْلأُولَى كَتَقْتُلَ (ثَـ)ـابِتٌ وَ(عَمَّ نَـ)ـدىً كسْفاً بِتَحْرِيكِهِ وَلاَ
أي بالتخفيف على وزن تقتل والأولى قوله حتى تفجر لنا من الأرض-احترازا من الثانية-فتفجر الأنهار-فلا خلاف في تشديدها لقوله في مصدرها تفجيرا وفجر وفجر كسجر وسجر يقال فجر الماء وفجره إذا فتح سكره وشقه وقوله تعالى-فانفجرت منه-هو مطاوع فجر بالتخفيف وكسفا بإسكان السين وفتحها لغتان جمع كسفة وهو القطعة ومثلها سدرة وسدر ولقحة ولقح وندى تمييز وكسفا فاعل عم ولا مفعول له أي بتحريكه متابعة للنقل
(828)
وَفي سَبَأٍ حَفْصٌ مَعَ الشُّعَرَاءِ قُلْ وَفِي الرُّومِ سَكِّنْ (لَـ)ـيْسَ بِالْخُلْفِ مُشْكِلاَ
أراد-أو نسقط عليهم كسفا-فاسقط علينا كسفا-حركهما حفص وحده وفي الروم (ويجعله كسفا) ، سكنه ابن عامر ولم يختلف في إسكان الذي في الطور-وإن يروا كسفا من السماء ساقطا-والله أعلم
(829)
وَقُلْ قَالَ اْلأُولَى (كَـ)ـيْفَ (دَ)ارَ وَضُمَّ تَا عَلِمْتَ (رِ)ضىً وَالْيَاءُ فِي رَبِّي انْجَلاَ
أراد (قل سبحان ربي) ، هذه هي الأولى والثانية قوله (قل لو كان في الأرض ملائكة) ، لا خلاف في قراءة هذه على الأمر وقرأ الأولى بلفظ المضى ابن عامر وابن كثير وقول الناظم الأولى هو نعت لقوله قل لا لقوله قال أي وقل الأولى تقرأ قال لمن رمز له ومثله قوله في أول الأنبياء وقل قال عن شهد وقوله كيف دار أي كيف دار اللفظ فإحدى القراءتين راجعة إلى معنى الأخرى لأنه أمر بالقول فقال وتا علمت بالضم لموسى وبالفتح لفرعون ورضا حال من فاعل ضم أو مفعوله أي ذا رضى ثم ذكر ياء الإضافة في موضع واحد وهو-ربي إذا لأمسكتم-فتحها نافع وأبو عمرو وفيها زائدتان -لئن أخرتن إلى-أثبتها في الوصل نافع وأبو عمرو وأثبتها ابن كثير في الحالين-ومن يهدي الله فهو المهتد-أثبتها في الوصل نافع وأبو عمرو وقلت في ذلك ، (وفيها لئن أخرتني زيد ياؤه كذلك فهو المهتدي قد تكفلا)
سورة الكهف
(830)
وَسَكْتَةُ حَفْصٍ دُونَ قَطْعٍ لَطِيفَةٌ عَلَى أَلِفِ التَّنْوِينِ فِي عِوَجاً بَلاَ
قال صاحب التيسير قرأ حفص عوجا يسكت على الألف سكتة لطيفة من غير قطع ولا تنوين ثم يقول قيما وقال مكي كان حفص يقف على عوجا وقفة خفيفة في وصله ، قلت فهذا معنى قوله دون قطع أي دون قطع نفس لأنه في وقفه واصل وغرضه من ذلك إيضاح المعنى لئلا يتوهم أن قيما نعت عوجا وإنما قيما حال من الكتاب المنزل أو منصوب بفعل مضمر أي جعله قيما ولما التزم صورة الوقف لأجل ذلك لزمه أن يبدل من التنوين ألفا يقف عليها لأن التنوين لا يوقف عليه فهذا معنى قوله على ألف التنوين أي على الألف المبدلة من التنوين وفي ذلك نظر فإنه لو وقف على التنوين لكان أدل على غرضه وهو أنه واقف بنية الوصل وكثير من المصنفين كالأهوازي وابن غلبون يقولون نقف على عوجا ولا يذكرون إبدال التنوين ألفا وقال الأهوازي ليس هو وقفا مختارا لأن في الكلام تقديما وتأخيرا معناه أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا ومعنى بلا اختبر وفاعله ضمير عائد إلى حفص ثم قال
(831)
وَفِي نُونٍ مَنْ رَاق وَمَرْقَدِناَ وَلاَمِ بَلْ رَانَ وَالْبَاقُونَ لاَ سَكْتَ مُوصَلاَ
أي وسكت في هذه المواضع الثلاثة أيضا أحدها النون من -من راق-في سورة القيامة لما اندغمت النون في الراء بغير غنة وقف على-من-ليعلم أنهما كلمتان وليست اللفظة على وزن فعال وكذا الكلام في لام (بل ران على قلوبهم) وأما (من بعثنا من مرقدنا) فوقف على مرقدنا لئلا يتوهم أن هذا الذي بعده صفة للمرقد وإنما هو مبتدأ قال مكي ولو اختار متعقب الوقف على عوجا وعلى-مرقدنا-لجميع القراء لكان ذلك حسنا لأنه يفرق بين معنيين فهو تمام مختار الوقف عليه قال وقرأ الباقون ذلك كله بغير وقف مروي عنهم لأنه متصل في الخط والإدغام فرع ولا كراهة فيه ولو لزم الوقف على اللام والنون ليظهر للزم في كل مدغم فهذا معنى قول الناظم والباقون لا سكت وموصلا نعت لسكت أي لا سكت لهم منقولا عنهم موصلا إلينا وقال الشيخ موصلا نصب على الحال أي في حال إيصال المذكور في المواضع المذكورة بما بعده قال المهدوي وكان يلزم حفصا مثل ذلك في ما شاكل هذه المواضع وهو لا يفعله فليس لقراءته وجه من الاحتجاج يعتمد عليه إلا اتباع الرواية قلت أولى من هذه المواضع بمراعاة الوقف عليها-ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا-فينبغي الوقف على قولهم لئلا يتوهم أن ما بعده هو المفعول وكذا-أنهم أصحاب النار-الذين يحملون العرش-ينبغي الاعتناء بالوقف على النار ثم يبتدأ بما بعده لئلا يوهم الصفة ولذلك نظائر والله أعلم
(832)
وَمِنْ لَدْنِهِ في الضَّمِّ أَسْكِنْ مُشِمَّهُ وَمِنْ بَعْدِهِ كَسْرَانِ عَنْ شُعْبَةَ اعْتَلاَ
أي أسكن ضم الدال في حال كونك مشمه فالهاء في مشمه للضم والكسران في النون والهاء وهذا معنى قول صاحب التيسير قرأ أبو بكر-من لدنه-بإسكان الدال وإشمامها شيئا من الضم وبكسر النون والهاء ويصل الهاء بياء وكذا قال صاحب الروضة إشمامها شيئا من الضم وصرح الأهوازي فقال باختلاس ضمة الدال وأما مكي فقال الإشمام في هذا إنما هو بعد الدال لأنها ساكنة فهي بمنزلة دال زيد المرفوع في الوقف وليس بمنزلة الإشمام في-سيئت-وقيل لأن هذا متحرك ولم يذكر الشيخ في شرحه غير هذا القول فقال حقيقة هذا الإشمام أن يشير بالعضو إلى الضمة بعد إسكان الدال ولا يدركه الأعمى لكونه إشارة بالعضو من غير صوت قال أبو علي وهذا الإشمام ليس في حركة خرجت إلى اللفظ وإنما هو تهيئة العضو لإخراج الضمة ليعلم أن الأصل كان في الدال الضمة فأسكنت كما أسكنت الباء في سبع والكسر من النون لالتقاء الساكنين وكسرت الهاء بعدها لأجل كسرة النون نحو به ومن أجله
(833)
وَضُمَّ وَسَكِّنْ ثُمَّ ضُمَّ لِغَيْرِهِ وَكُلُّهُمْ فِي الْهَا عَلَى أَصْلِهِ تَلاَ
أي ضم الدال وسكن النون ثم ضم الهاء لغير شعبة وأما حكم الهاء في الضم والكسر والصلة فعلى ما عرف من أصولهم في باب هاء الكناية فتكسر الهاء وتصلها بياء في قراءة شعبة لأجل كسر ما قبلها وتضم الهاء في قراءة غيره لعدم الكسر قبلها وابن كثير وحده يصلها بواو كما يقرأ-منهو-و-عنهو-والباقون يضمون ولا يصلون كما يقرءون-منه-وعنه
(834)
وَقُلْ مِرْفَقاً فَتْحٌ مَعَ الْكَسْرِ (عَمَّـ)ـهُ وَتَزْوَرُّ لِلشَّامِي كَتَحْمَرُّ وُصِّلاَ
أي عم مرفقا فتح في الميم مع الكسر في الفاء والباقون بعكس ذلك كسروا الميم وفتحوا الفاء وهما لغتان في مرفق اليد وفيما يرتفق به وقيل هما لغتان فيما يرتفق به وأما مرفق اليد فبكسر الميم وفتح الفاء لا غير-وتزور-ظاهر
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

(835)
وَتَزَّاوَرُ التَّخْفِيفُ فِي الزَّايِ (ثَـ)ـاِبت (وَحِرْمِيُّـ)ـهُمْ مُلِّئْتَ فِي الَّلامِ ثَقِّلاَ
أصله تتزاور فمن شدد أدغم التاء الثانية في الزاي ومن خفف حذفها كما مضى في نحو-تنزل الملائكة-وتذكرون-وهما وقراءة ابن عامر سواء الكل بمعنى العدول والانحراف والتخفيف والتشديد في-ملئت-لغتان ففي التشديد تكثير
(836)
بَوَرْقِكُمُ الإِسْكَانُ (فِـ)ـي (صَـ)ـفْوِ (حُـ)ـلْوِهِ وَفِيهِ عَنِ الْبَاقِينَ كَسْرٌ تَأَصَّلا
يعني أن الأصل كسر التاء والإسكان تخفيف نحو كبد وفخذ-والورق الفضة ويقال له الرقة أيضا
(837)
وَحَذْفُكَ لِلتَّنْوِينِ مِنْ مِائَةٍ شَفَا وَتُشْرِكْ خِطَابٌ وَهْوَ بِالْجَزْمِ (كُـ)ـمِّلاَ
يريد ثلاثمائة سنين من حذف التنوين من مائة أضافها إلى سنين كما يقال ثلاثمائة سنة وإنما أوقع الجمع موقع المفرد كقوله تعالى-(بالأخسرين أعمالا) ، وقال الفرزدق ، (ثلاث مئين للملوك وفابها داري ) ، وقال آخر ، (وخمس ميء منها قسى وزائف ) ، ونحو ذلك نحو قول عنترة ، (فيها اثنتان وأربعون حلوبة سودا....) ، فلفظ الحلوبة يستعمل للواحد والجمع فلما وصفها هنا بالجمع في قوله سود أشعر ذلك بأنه استعملها جمعا فيكون التمييز بالجمع في موضع المفرد وهو الأصل بدليل أن مميز العشرة فما دونها مجموع وإنما أفرد فيما عدا ذلك اختصارا لما كثر المعدود قال الفراء من العرب من يضع سنين في موضع سنة وأما من نون ثلاثمائة فسنين عنده إما تمييز منصوب كقوله إذا عاش الفتى مائتين عاما ووجه جمعها ما سبق وإما أن يكون عطف بيان أو بدلا من ثلاث فهو على هذه الأوجه منصوب وإما أن يكون عطف بيان أو بدلا من مائة فيكون مجرورا وقيل البدل أجود من عطف البيان لأن عطف البيان من النكرة غير سائغ عند البصريين أي ولبثوا في كهفهم سنين ثلاث مائة قال الزجاج سنين عطف على ثلاث عطف البيان والتوكيد قال وجائز أن يكون سنين من نعت المائة وهو راجع في المعنى إلى ثلاث كما قال ، (فيها اثنتان وأربعون حلوبة سودا...) ، فجعل سودا نعتا لحلوبة وهو في المعنى نعت لجملة العدد وكذا قال أبو جعفر النحاس الخفض رد على مائة لأنها بمعنى مائتين وقال الفراء من نون وهو يريد الإضافة نصب سنين بالتفسير للعدد ونقل الزمخشري في مفصله عن أبي إسحاق أنه قال لو انتصب سنين على التمييز لوجب أن يكونوا قد لبثوا تسع مائة سنة فكأنه قصد بذلك الرد على الفراء وهو غير لازم لأن قراءة الإضافة لا تشعر بذلك وسنقرر ذلك في شرح النظم إن شاء الله وأما-ولا تشرك في حكمه أحدا فقراءة ابن عامر بلفظ النهي وهو ظاهر وقراءة الباقين على الإخبار على لفظ الغيبة أي ولا يشرك الله أحدا في حكمه وقوله خطاب أي ذو خطاب والله أعلم
(838)
وَفِي ثُمُر ضَمَّيْهِ يَفْتَحُ عَاصِمٌ بِحَرْفَيْهِ وَاْلإِسْكَانُ فِي الْمِيمِ حُصِّلاِ
معنى الكلام في ثمر بضم الثاء والميم وفتحهما في سورة الأنعام وزاد هنا إسكان الميم تخفيفا وكل ذلك لغات وقوله بحرفيه بمعنى موضعيه في هذه السورة وكان له-ثمر وأحيط بثمره-وقد تقدم ذكر الذي في يس في سورة الأنعام فثمر بضمتين جمع ثمار وثمار جمع ثمرة وثمر بفتحتين جمع ثمرة كبقر في جمع بقرة وثمر بسكون الميم جمع ثمرة أيضا كبدنة وبدن ويجوز أن يكون مخففا من مضموم الميم الذي هو جمع ثمار ويجوز أن يكون المضموم الميم مفردا كعنق وطنب وقيل الثمرة بالضم المال وبالفتح المأكول وقيل يقال في المفرد ثمرة بضم الميم كسمرة والله أعلم
(839)
وَدَعْ مِيمَ خَيْراً مِنْهُمَا (حُـ)ـكْمُ (ثَـ)ـابِتٍ وَفِي الْوَصْلِ لكِنَّا فَمُدَّ (لَـ)ـهُ (مُـ)ـلاَ
يريد خيرا منهما منقلبا أي من الجنتين ومنها على إسقاط الميم رد على قوله-ودخل جنته-والميم ساقطة في الرسم من مصاحف العراق دون غيرها وعلى ذلك قراءة الفريقين وحكم ثابت بالضم على تقدير هو حكم ثابت ويجوز نصبه على أنه مصدر مؤكد نحو-صبغة الله-وصنع الله وأما-لكنا هو الله-فأجمعوا على إثبات ألفه في الوقف واختلفوا في الوصل فأثبتها ابن عامر إجراء للوصل مجرى الوقف وحذفها الباقون لأن هذه الألف هي ألف أنا وقد تقدم في سورة البقرة أنها تحذف في الوصل دون الوقف ونافع أثبتها وصلا وقيل الهمزة خاصة قالوا وأصل هذه الكلمة لكن أنا بإسكان النون من لكن وبعدها ضمير المتكلم منفصلا مرفوعا وهو أنا فألقيت حركة همزة أنا على نون لكن فانفتحت وحذفت الهمزة فاتصلت النونان فأدغمت الأولى في الثانية وحذفت ألف أنا في الوصل على ما عرف من اللغة وثبت في الوقف وخرجوا على هذا التقدير قول الشاعر ، (وتقلينني لكن إياك لا أقلي ) ، أي لكن أنا قال الزجاج إثبات ألف أنا في الوصل شاذ ولكن من أثبت فعلى الوقف كما يثبت الهاء في قوله-ماهيه-و-كتابيه- ، وأجاز أبو علي أن يكون الضمير المتصل بلكن مثل المنفصل الذي هو نحن نحو لم يعننا فأدغمت نون لكن فيها فالألف ثابتة وقفا ووصلا لأن ألف فعلنا لا تحذف قال وعاد الضمير على الضمير الذي دخلت عليه لكن على المعنى ولو عاد على اللفظ لكان لكنا هو الله ربنا قال الزجاج فأما-لكنا هو الله ربي-فهو الجيد بإثبات الألف لأن الهمزة قد حذفت من أنا وصار إثبات الألف عوضا من الهمزة قال وقريء-لكن بإسكان النون ولكنن-بنونين بلا إدغام لأن النونين من كلمتين-ولكننا بنونين وألف قال والجيد البالغ ما في مصحف أبي-لكن أنا هو الله ربي فهذا هو الأصل وجميع ما قريء به جيد بالغ ولا أنكر القراءة بهذا والأجود اتباع القراءة ولزوم الرواية فإن القراءة سنة وكلما كثرت الرواية في الحرف وكثرت به القراءة فهو المتبع وما جاز في العربية ولم يقرأ به قاريء فلا نقر أن به فإن القراءة به بدعة وكل ما قلت به الرواية وضعف عند أهل العربية فهو داخل في الشذوذ فلا ينبغي أن يقرأ به قال أبو عبيد وكتبت-لكنا-يعني بألف قال هكذا ورأيتها في المصحف الذي يقال إنه الإمام مصحف عثمان والفاء في قوله فمد زائدة وملا جمع ملاءة أشار إلى حججه وعلله وقد سبق تفسيره
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

(840)
وَذَكِّرْ تَكُنْ (شَـ)ـافٍ وَفِي الْحَقِّ جَرُّهُ عَلَى رَفْعِهِ (حَـ)ـبْرٌ (سَـ)ـعِيد (تَـ)ـأَوَّلاَ
يريد-ولم تكن له فئة-تذكير الفعل وتأنيثه ظاهران وأما هنالك الولاية لله الحق-فجر الحق على أنه صفة لله ورفعه على أنه صفة للولاية والحق مصدر فالوصف به على تقدير ذي الحق وذات الحق ويشهد لقراءة الجر قراءة ابن مسعود رضي الله عنه هنالك الولاية لله وهو الحق-وقوله تعالى-ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق-ويشهد لقراءة الرفع قراءة أبي هنالك الولاية الحق لله وقوله سبحانه-الملك يومئذ الحق للرحمن-قال الفراء والولاية الملك ولو نصب الحق على معنى حقا كان صوابا قال أبو علي ومعنى وصف الولاية بالحق أنه لا يشوبها غيره ولا يخاف فيها ما في سائر الآيات من غير الحق وقول الناظم وفي الحق جره مبتدأ وخبره ثم استأنف على رفعه حبر أي عالم سعيد نعت حبر تأول للرفع ما ذكرناه والله أعلم
(841)
وَعُقْباً سُكُونُ الضَّمِّ (نَـ)ـصُّ (فَـ)ـتىً وَيَا نُسَيِّرُ وَالَى فَتْحَهَا (نَفَرٌ) مَلاَ
يريد-وخير عقبا ضم القاف وإسكانها لغتان وهي العاقبة والعقبى والعقبة ومعناها الآخرة وأما-ويوم نسير الجبال-فقرأه على البناء للمفعول نفر ملا وهو جمع ملى وهو الثقة ثم ذكر تمام تقييد القراءة فقال
(842)
وَفِي النُّونِ أَنِّثْ وَالْجِبَالَ بِرَفْعِهِمْ وَيَوْمُ يقُولُ النُّونُ حَمْزَةُ فَضَّلاَ
أنث أي اجعل دلالة التأنيث موضع النون وهي التاء وإنما نص على النون لتعلم قراءة الباقين ولو لم يذكر ذلك لأخذ التذكير ضدا للتأنيث ورفع الجبال لأنه مفعول فعل ما لم يسم فاعله وقرأ الباقون بالنون وكسر الياء ونصب الجبال لأنه مفعول فعل مسند للفاعل وقد صرح بمعنى ا لقراءة الأولى في (وسيرت الجبال فكانت سرابا)-(وإذا الجبال سيرت) ، وقد نسب السير إلى الجبال في يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا ويقوى النون في نسير قوله تعالى بعده-وحشرناهم فلم نغادر-والضمير في برفعهم عائد على نفر-ويوم يقول نادوا شركائي-الياء فيه لله تعالى والنون للعظمة وفضلها حمزة فقرأ بها
(843)
لِمَهْلَكِهِمْ ضَمُّوا وَمَهْلِكَ أَهْلِهِ سِوى عَاصِمٍ وَالْكَسْرُ فِي الْلاَّمِ (عُـ)ـوِّلاَ
يريد ضم الميم في وجعلنا لمهلكهم موعدا (ما شهدنا مهلك أهله) في سورة النمل وكلهم سوى عاصم ضموا الميم وفتحوا اللام لأنه يعني الإهلاك وفعله أهلك نحو-(ولقد أهلكنا القرون من قبلكم) وعاصم فتح الميم فيكون من الهلاك وفعله هلك والمصدر مضاف إلى الفاعل وعلى قراءة الضم إلى المفعول ويجوز أن يكون المفتوح الميم بمعنى المضموم فقد قيل إن هلك استعمل لازما ومتعديا نحو رجع ورجعته وفتح اللام مع فتح الميم قراءة أبي بكر عن عاصم وهي أشيع اللغتين وكسر اللام رواية حفص عن عاصم ونظيره مرجع ومحيض والفتح هو الباب والقياس ومعنى عول جوز أي عول عليه
(844)
وَهَا كَسْرِ أَنْسَانِيهِ ضُمَّ لِحَفْصِهِمْ وَمَعْهُ عَلَيْهِ اللهَ فِي الْفَتْحِ وَصَّلاَ
أضاف ها إلى الكسر لما كان الكسر فيها وقصرها ضرورة ويجوز أن يكون من باب القلب لأمن الإلباس أراد وكسر هاء-أنسانيه-ضم والضم هو الأصل في هاء الضمير على ما سبق تقريره في باب هاء الكناية وهذا حكم من أحكام ذلك الباب ومثله ما يأتي في أول طه (لأهله امكثوا) ، ووجه الكسر فيهما مجاورة الهاء للياء الساكنة والكسرة نحو فيه وبه وقوله في آخر البيت وصلا ذكره الشيخ بفتح الواو والصاد أي وصله حفص بما قبله وبضم الواو وكسر الصاد أي وصل ذلك ونقل له
(845)
لِتُغْرِق فَتْحُ الضَّمِّ وَالْكَسْرِ غَيْبَةً وَقُلْ أَهْلَهَا بِالرَّفْعِ (رَ)اوِيهِ (فَـ)ـصَّلاَ
يعني فتح ضم الياء وكسر الراء وغيبة حال أي ذا غيبة وفتح خبر-لتغرق-أي هو مفتوح الضم والكسر في حال غيبته أي بالياء مكان التاء أسند الفعل إلى الأهل فارتفع الأهل بالفاعلية أي ليغرقوا ، وفي القراءة الأخرى أسند الفعل إلى المخاطب فانتصب أهلها على أنه مفعول به واللام في ليغرق لام العاقبة على القراءتين ومعنى فصل بين والله أعلم
(846)
وَمُدَّ وَخَفِّفْ يَاءَ زَاكِيَةً (سَـ)ـمَا وَنُونَ لَدُنِّي خَفَّ (صَـ)ـاحِبُهُ إِلَى
أراد-نفسا زاكية-وكلتا القراءتين ظاهرة الزاكي والزكي واحد ومثل هاتين القراءتين ما سبق في المائدة قاسية-وقسية-وقوله-قد بلغت من لدني عذرا-تشديد نونه من جهة أن نون-لدن-ساكنة الحق بها نون الوقاية لتقي نونها من الكسر الواجب قبل ياء المتكلم في الحروف الصحيحة كما فعل ذلك في من وعن محافظة على سكونها فاجتمع نونان فأدغمت نون لدن في نون الوقاية ونافع لم يلحق نون الوقاية فانكسرت نون لدن وإذا كان قد حذفها من-أتحاجوني-وتبشرون-مع كونها قد اتصلت بنون رفع الفعل فحذفها من هذا أولى وإلى في آخر البيت واحد الآلاء وهي النعم قال الجوهري واحدها ألى بالفتح وقد تكسر وتكتب بالياء مثاله معي وأمعاء وإعراب صاحبة مبتدأ وإلى خبره أي ذو إلى أي ذو نعمة ويجوز أن يكون صاحب فاعل خف وإلى حال أي ذا نعمة ثم بين قراء أبي بكر فقال
(847)
وَسَكِّنْ وَأَشْمِمْ ضَمَّةَ الدَّالِ (صَـ)ـادِقاً تَخِذْتَ فَخَفِّفْ وَاكْسِرِ الْخَاءَ (دُ)مْ (حُـ)ـلاَ
أي سكن الدال تخفيفا كما تسكن عضد وسبع وأهل هذه اللغة يكسرون نون لدن لالتقاء الساكنين فلم يحتج شعبة إلى إلحاق نون الوقاية لأن نون لدن مكسورة فلهذا جاءت قراءته بتخفيف النون وأما إشمامه ضمة الدال فللدلالة على أن أصلها الضم وفي حقيقة هذا الإشمام من الخلاف ما سبق في من لدنه في أول السورة وصرح ابن مجاهد هنا بما صرح به صاحب التيسير ثم فقال يشم الدال شيئا من الضم وقال هناك بإشمام الدال الضمة وفسره أبو علي بأنه تهيئة العضو لإخراج الضمة وصاحب التيسير قال هنا أبو بكر بإسكان الدال وإشمامها الضم وتخفيف النون وقال هناك وإشمامها شيئا في الضم ونقل الشيخ في شرحه عنه أنه قال يجوز أن يكون هنا الإشارة بالضمة إلى الدال فيكون إخفاء لا سكونا ويدرك ذلك بحاسة السمع وقال الشيخ يشمها الضم على ما تقدم في-من لدنه-من الإشارة بالعضو ، قلت وجه اختلاس الضمة هنا أظهر منه هناك من جهة أن كسر النون هناك إنما كان لالتقاء الساكنين فلو لم تكن الدال ساكنة سكونا محضا لم يحتج إلى كسر النون وبقيت على سكونها وهنا كسر النون لأجل إيصالها بياء المتكلم كما أن نافعا يكسرها مع إشباعه لضمة الدال غير أن الظاهر أن قراءته في الموضعين واحدة وقد بان أن الصواب ثم الإشارة بالعضو فكذا هنا والله أعلم ، وأما لتخذت عليه أجرا-فخفف التاء وكسر الخاء ابن كثير وأبو عمرو فيكون الفعل تخذ مثل علم قال أبو عبيد هي مكتوبة هكذا وهي لغة هذيل وقرأ الباقون بتشديد التاء وفتح الخاء فيكون الفعل اتخذ نحو-اتخذوا أيمانهم جنة-واتخذوا آياتي ورسلي هزوا-وذلك كثير في القرآن ماضيه ومضارعه نحو- ومن الناس من يتخذ-وتلك اللغة لم يأت مضارعها في القرآن ولا ماضيها في غير هذا الموضع وإعراب قوله دم حلا كإعراب دم يدا أي ذا حلا أو يكون تمييزا نحو طب نفسا والله أعلم
(848)
وَمِنْ بَعْدُ بِالتَّخْفِيفِ يُبْدِلَ هَاهُنَا وَفَوْقَ وَتَحْتَ الْمُلْكِ (كَـ)ـافِيهِ (ظَـ)ـلَّلاَ
أي من بعد لتخذت-أن يبدلهما ربهما-وفوق الملك وتحتها يعني سورتي التحريم ونون-أن يبدله أزواجا ، (عسى ربنا أن يبدلنا) ، فحذف الناظم المضاف إليه بعد فوق اكتفاء بذكره له بعد تحت ومثله بين ذراعي وجبهة الأسد قال أبو علي بدل وأبدل يتقاربان في المعنى كما أن نزل وأنزل كذلك إلا أن بدل ينبغي أن يكون أرجح لما جاء في التنزيل من قوله (لا تبديل لكلمات الله) ، ولم يجيء فيه الإبدال وقال-وإذا بدلنا آية مكان آية (فبدل الذين ظلموا)-(وبدلناهم بجنتيهم جنتين) ، وسيأتي ذكر الخلاف في الذي في سورة النور (وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) ، قال الشيخ والهاء في كافيه عائدة على يبدل بالتخفيف في المواضع الثلاثة وإنما ظلل لأنه بإجماع من أهل للعربية لا مطعن فيه لأنه في المواضع الثلاثة تبديل الجوهرة بأخرى وإنما تكلم النحاة في قراءة التشديد لأنهم زعموا أن التشديد إنما يستعمل في تغير الصفة دون الجوهر ، قلت هذا قول بعضهم وليس بمطرد وقد رده أبو علي وقال المبرد يستعمل كل واحد منهما في مكان الآخر والله أعلم
(849)
فَأَتْبَعَ خَفِّفْ فِي الثَّلاَثَةِ (ذَ)اكِراً وَحَامِيَةً بِالْمَدِّ (صُحْبَتُـ)ـهُ (كَـ)ـلاَ
أي خفف الباء من-فأتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس-ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس-ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين-فهذا معنى قوله في الثلاثة والأولى أن يقرأ أول بيت الشاطبي وأتبع خفف بالواو وتكون الواو للعطف أنث للفصل ويقع في كثير من النسخ فأتبع بالفاء وليس جيدا إذ ليس الجميع بلفظ فأتبع بالفاء إنما الأول وحده بالفاء والآخران خاليان منهما ولم ينبه على قطع الهمزة ولا بد منه فليته قال وأتبع كل اقطع هنا خفف ذاكر أي كله وذهب التنوين لالتقاء الساكنين والتخفيف والتشديد لغتان وهما بمعنى تبع كعلم قال الله تعالى (فمن تبع هداي) ، في البقرة وقال في طه (فمن اتبع) وقال (فأتبعه شهاب ثاقب)-(فأتبعوهم مشرقين) ، وهذه المواضع مجمع عليها واختلف هنا وفي الذي في آخر الأعراف والشعراء وقيل اتبع يتعدى إلى لمفعولين بدليل (وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة) ، فالتقدير أتبع أمره سببا وقيل اتبع الحق واتبع بمعنى واختار أبو عبيد قراءة التشديد قال لأنها من المسير إنما هي افتعل من قولك تبعت القوم وأما الأتباع بهمز الألف فإنما معناه اللحاق كقولك (فأتبعوهم مشرقين-فأتبعه شهاب) ، ونحوه واختار الفراء قراءة التخفيف فقال أتبع أحسن من اتبع لأن اتبعت الرجل إذا كان يسير وأنت تسير وراءه فإذا قلت اتبعته فكأنك قفوته قال أبو جعفر النحاس وغيره الحق أنهما لغتان بمعنى السير فيجوز أن يكون معه اللحاق وأن لا يكون ، قلت ومعنى الآية-وآتيناه من كل شيء أي من أسباب كل شيء أراده من أغراضه ومقاصده في ملكه سببا طريقا موصلا إليه والسبب ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة وآلة فأراد بلوغ المغرب (فأتبع سببا) ، يوصله إليه (حتى بلغ) ، وكذلك أراد بلوغ المشرق (فأتبع سببا) ، وأراد بلوغ السدين (فأتبع سببا) ، هذه عبارة الزمخشري في ذلك وقال أبو علي (وآتيناه من كل شيء) ، بالخلق إليه حاجة سببا أي علما ومعونة له على ما مكناه فيه فاتجه في كل وجه وجهناه له وأمرناه به للسبب الذي ينال به صلاح ما مكن منه وقوله (في عين حامية) ، هذه القراءة بزيادة ألف بعد الحاء وبياء صريحة بعد الميم أي حارة من حميت تحمي فهي حامية قال أبو علي ويجوز أن تكون فاعلة من الحمأ فخففت الهمزة بقلبها ياء محضة قلت لأنها مفتوحة بعد مكسورة فإبدالها ياء وهو قياس تخفيفها على ما سبق في باب وقف حمزة وفي هذا الوجه جمع بين معنى القراءتين كما يأتي ثم تمم الكلام في بيان هذه القراءة في البيت الآتي وأخبر عن لفظ صحبة بقوله كلا أي حفظ كما أخبر عنها فيما تقدم بقوله تلا وفي موضع آخر ولا لأنه مفرد
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

(850)
وَفِي الْهَمْزِ يَاءَ عَنْهُمْ وَ(صِحَابُـ)ـهُمْ جَزَاءُ فَنَوِّنْ وَانْصِبِ الرَّفْعَ وَأَقْبَلاَ
فالقراءة الأخرى بالقصر والهمز حمئة أي فيها الحمأة وهو الطين الأسود ، وروي أن معاوية سأل كعبا أين تجد الشمس تغرب في التوراة ، فقال في ماء وطين وفي رواية في حمأة وطين وفي أخرى في طينة سوداء أخرجهن أبو عبيد في كتابه وروى في شعر تبع في ذي القرنين ، (فرأى مغيب الشمس عند مائها في غير ذي خلب دثاط حرمد) ، أي في عين ماء ذي طين وحمأ أسود قال الزجاج يقال حميت البئر فهي حمئة إذا صار فيها الحمأة ، ومن قرأ حامية بغير همز أراد حارة قال وقد تكون حارة ذات حمأة يعني جمعا بين القراءتين ، وقرأ مداول صحاب (فله جزاء الحسنى) أي فله الحسنى جزاء فجزاء مصدر منصوب في موضع الحال ، المعنى فله الحسنى مجزية أو مجزيا بها ، والمراد بالحسنى على هذه القراءة الجنة وقرأ الباقون بإضافة جزاء إلى الحسنى ، قال الفراء الحسنى حسناته فله جزاؤها وتكون الحسنى الجنة ويضيف الجزاء إليها وهي هو كما قال دين القيمة ولدار الآخرة ، وقال أبو علي له جزاء الخصال الحسنة التي أتاها وعملها واختار أبو عبيد قراءة النصب وقال أبو علي قال أبو الحسن هذا لا تكاد العرب تتكلم مقدما إلا في الشعر وقول الناظم وأقبلا أراد وأقبلن فأبدل من نون التأكيد الخفيفة ألفا
(851)
(عَلَى حَـ)ـقٍّ السُّدَّيْنِ سُدًّا (صِحَابُ حَقْقٍ الضَّمُّ مَفْتُوحٌ وَيس (شِـ)ـدْ (عُـ)ـلاَ
رمز في المواضع الثلاثة لمن فتح السين فيها والفتح والضم لغتان فموضعان منها هنا حتى إذ بلغ بين السدين (على أن تجعل بيننا وبينهم سدا) والذي في يس موضعان (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا) ، أي الضم مفتوح فيهما وفي يس ولولا أن الخلاف في السين واقع بين الضم والفتح دون الرفع والنصب لكان قوله على حق السدين وهما أنه بالضم لإطلاقه ويكون قوله الضم مفتوح مختصا بسدا ولكن ما ذكره في الخطبة من قوله وفي الرفع والتذكير والغيب مختص بالرفع والرفع غير الضم على ما سبق بيانه هنالك وشد علا من شاد البناء إذا رفعه وطلاه بالشيد وهو الجص وعلا جمع عليا أو مفرد
(852)
وَيَأْجُوجَ مَأْجُوجَ اهْمِزِ الْكُلَّ (نَـ)ـاصِراً وَفِي يَفْقَهُونَ الضَّمُّ وَالْكَسْرُ (شـ)ـكِّلاَ
يعني بالكل هنا وفي الأنبياء وهما اسمان أعجميان لطائفتين عظيمتين قيل لا يموت الواحد منهم حتى يخلف من صلبه ألفا ومصداق هذا من الحديث الصحيح لما ذكر نعت النار ، قال إن منكم واحدا ومن يأجوج ومأجوج ألفا ، وقيل يأجوج اسم لذكرانهم ومأجوج اسم لأناثهم وهما على أوزان كثير من أعلام العجمة ، كطالوت وجالوت وداود وهاروت وماروت فالألف فيهما كالألف في هذه الأسماء وأما همز هذه الألف فلا وجه له عندي إلا اللغة المحكية عن العجاج أنه كان يهمز العالم والخاتم وقد حاول جماعة من أئمة العربية لهما اشتقاقا كما يفعلون ذلك في نحو آدم ومريم وعيسى على وجه الرياضة في علم التصريف وإلا فلا خفاء أنها كلها أعجمية وهذه طريقة الزمخشري وغيره من المحققين ، وأقرب ما قيل في اشتقاقها أن يأجوج من الأج وهو الاختلاط وسرعة العدو أو من أجيج النار فوزن يأجوج يفعول ومأجوج مفعول فيكون الهمز فيهما هو الأصل وتركه من باب تخفيف الهمز وقيل مأجوج من ماج يموج إذا اضطرب ويشهد لهذه المعاني ما وصفهم الله تعالى به فإفسادهم في الأرض على وجه القهر والغلبة يشبه تأجج النار والتهابها عاصية على موقدها وكونهم من كل حدب ينسلون يناسب سرعة العدو ، وكون بعضهم يموج في بعض هو الاختلاط فالمانع لهما من الصرف هو العجمة مع العلمية وإن قيل هما عربيان فالتأنيث عوض العجمة لأنهما اسمان لقبيلتين ويفقهون بفتح الياء والقاف ، أي لا يفقهون لجهلهم بلسان من يخاطبهم وبضم الياء وكسر القاف لا يفهمون غيرهم قولا لعجمة ألسنتهم فالمفعول الأول محذوف نحو (لينذر بأسا شديدا) أو الألف في شكلا للضم والكسر أي جعلا شكلا في يفقهون
(853)
وَحَرِّكْ بِهاَ وَالمُؤْمِنينَ وَمُدَّهُ خَرَاجاً (شَـ)ـفَا وَاعْكِسْ فَخَرْجُ (لَـ)ـهُ (مُـ)ـلاَ
خراجا مفعول حرك أي بهذه السورة وبسورة المؤمنين أراد فتح الراء ومد ذلك الفتح فيصير ألفا والقراءة الأخرى بإسكان الراء لأنه ضد التحريك وإذا بطلت الحركة بطل مدها والخرج والخراج واحد كالنول والنوال ، أي جعلا يخرج من الأموال فالذي هنا فهل نجعل لك خرجا والذي في المؤمنين (أم تسألهم خرجا)وقوله واعكس فخرج يعني الثاني في سورة المؤمنين (فخراج ربك خير) أي اقرأه لابن عامر وحده بالإسكان والقصر ، أي ما يعطيه الله سبحانه خير مما يعطيه هؤلاء ، فقد صار في حرفي المؤمنين ثلاث قراآت مدهما لحمزة والكسائي وقصرهما لابن عامر ومد الأول وقصر الثاني للباقين وأما مد الأول وقصر الثاني فلا والله أعلم وقد مضى معنى ملا وأنه جمع ملاءة وهي الملحفة ويمكن به الحجة لأنها جبة وسترة
(854)
وَمَكَّنَنِي أَظْهِرْ (دَ)لِيلاً وَسَكَّنُوا مَعَ الضَّمِّ فِي الصُّدْفَيْنِ عَنْ شُعْبَةَ الْمَلاَ
دليلا حال من مكنني أي أظهره دليلا على أن القراءة الأخرى بالإدغام هذا أصلها النون الأولى من أصل الفعل والثانية نون الوقاية فلما اجتمع المثلان ساغ الإدغام والإظهار ورسم في مصحف أهل مكة بنونين وفي غيره بنون واحدة فكل قراءة على موافقة خط مصحف وقال الشيخ دليلا حال من الضمير في أظهر المرفوع أو المنصوب أو على أنه مفعول ، وقوله وسكنوا يعني المشايخ والرواة سكنوا الدال وضموا الصاد ناقلين ذلك عن شعبة ووجه الإسكان التخفيف لاجتماع ضمتين كما في قراءة غيره كما يأتي وأضاف شعبة إلى الملا وهم الأشراف فلهذا جره وإلا فشعبة غير منصرف كذا ذكره الشيخ في شرحه ويجوز أن يكون غير منصرف ولم يصفه إلى الملا ويكون الملا فاعل وسكنوا على لغة أكلوني البراغيث فيكون فيه من البحث ما في قوله تعالى (عموا وصموا كثير منهم) ، وقوله سبحانه (وأسروا النجوى الذين ظلموا) ، والملا ليس برمز مع شعبة لأن الرمز لا يجتمع مع مصرح باسمه ولكنه مشكل من جهة ما بعده فإن قوله كما حقه رمز ولا مانع من أن يكون الملا منضما إلى ذلك رمزا للقراءة الآتية إلا كونه أضاف شعبة إليه وفي ذلك نظر وكان يمكنه أن يقول عن شعبة ولا والله أعلم
(855)
(كَمَا حَقُّـ)ـهُ وَاهْمِزْ مُسَكِّناً لَدَى رَدْماً ائْتُونِي وَقَبْلَ اكْسِرِ الْوِلاَ
الهاء في حقه وضماه للفظ الصدفين أي إنه يستحق في الأصل ضمين هذا معنى ظاهر اللفظ وباطنه أن ابن عامر وابن كثير وأبا عمرو قرءوا بضم الصاد والدال معا والكاف في كما نحو التي في قوله تعالى (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به) ، فما بعدها علة لما قبلها في الموضعين والضمان علة الإسكان وقرأ الباقون وهم نافع وحمزة والكسائي وحفص بفتحهما فالفتح فيهما والضم لغتان والإسكان لغة ثالثة والمعنى بالصدفين ناحيتا الجبلين المرتفعين المتقابلين وقوله واهمز مسكنا أي ائت بهمزة ساكنة في لفظ ردما ائتوني وقد لفظ في نظمه بصورة القراءة المقصودة وكسر التنوين قبلها وهو المراد بقوله وقبل اكسر أي وقبل هذا الهمز الساكن اكسر ما وليه ودنا منه وهو التنوين ، وإنما كسره لأنه التقى مع الهمز الساكن أي اكسر ذا الولاء يقال وإلى ولاء وفعلته على الولاء أي شيئا بعد شيء وإلى هذا هذا أي اتصل به ويقع في بعض النسخ اكسروا بضمير الجمع ولا حاجة إليه والإفراد أولى لقوله قبله واهمز ويأتي وابدأ وزد في البيتين الباقيين ووجه هذه القراءة أنها من أتى يأتي أي جيئوني بزبر الحديد وحذفت الباء فتعدى الفعل فنصب قال أبو علي ايتوني أشبه بقوله (فأعينوني بقوة) ، لأنه كلفهم المعونة على عمل السد ولم يقبل الخراج الذي بذلوه له فقوله ائتوني الذي معناه جيئوني إنما هو معونة على ما كلفهم من قوله فأعينوني بقوة ثم ذكر من له هذه القراءة فقال
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

(856)
لِشُعْبَةَ وَالثَّانِي (فَـ)ـشَا (صِـ)ـفْ بِخُلْفِهِ وَلاَ كَسْرَ وَابْدَأْ فِيهِمَا الْيَاءَ مُبْدِلا
الثاني قوله ، قال (ائتوني أفرغ عليه) ، سكن الهمزة حمزة وعن شعبة خلاف فكأنه في أحد الوجهين جمع بين القراءتين في الموضعين وهذا الموضع الثاني ليس قبله تنوين ولا ساكن غيره فلهذا قال ولا كسر إنما قبله فتحة لام قال والمعنى في الموضع الثاني كما سبق في الأول والياء محذوفة من قطرا إن كان مفعوله وإن كان قطرا مفعول أفرغ فالتقدير ائتوني بقطر أفرغه عليه فحذف الأول لدلالة الثاني عليه ولم يحتج قطرا المذكور إلى باء لأنه مفعول أفرغ فهذا بيان هذه القراءة في الموضعين في حال الوصل ثم شرع يبين الابتداء بالكلمتين على تقدير الوقف قبلها فقال وابدأ فيهما أي في الموضعين بإبدال الباء من الهمزتين لأن في كل موضع همزة ساكنة بعد كسر همزة الوصل فوجب قلبها ياء كما يفعل في ائت بقرآن فهذا معنى قوله
(857)
وَزِدْ قَبْلَ هَمْزِ الْوَصْلِ وَالْغَيْرُ فِيهِمَا بِقَطْعِهِمَا وَلِلْمِدِّ بَدْءاً وَمَوْصِلاَ
أي قبل هذه الياء المبدلة من الهمزة الساكنة زد همزة الوصل المكسورة ليمكن النطق بالياء الساكنة قال الفراء قول حمزة صواب من وجهين يكون مثل أخذت الخطام وأخذت بالخطام ويكون على ترك الهمزة الأولى في أتوني فإذا سقطت الأولى همزت الثانية قلت لهذا وجه آخر لأن المقتضى لإبدال الثانية ألفا اجتماعها مع الأولى فإذا حذفت الأولى انهمزت الثانية وهو مثل ما قيل في قراءة قالون عاد الولى في أحد الوجهين وينبغي على هذا الوجه إذا ابتدأت أن تقيد الهمزة المفتوحة التي حذفت فهي أولى من اجتلاب همزة وصل والله أعلم ثم بين قراءة باقي القراء فقال والغير يعني غير حمزة وشعبة فيهما أي في الموضعين بقطعهما أي بقطع الهمزتين ولم يبين فتحهما لأن فعل الأمر لا يكون فيه همزة قطع إلا مفتوحة ثم قال والمد أي وبالمد بعد همزة القطع وبدأ وموصلا حالان ، أي هذه قراءة غيرهما بادئا وواصلا لا يختلف الحال في ذلك ، ومعنى هذه القراءة من الإيتاء وهو الإعطاء فمعنى آتوني أعطوني وهو يحتمل المناولة والاتهاب وقام الدليل على أنه لم يرد الاتهاب لامتناعه عن أخذ الخرج فتعينت الإعانة بالمناولة وتحصيل الأدلة والله أعلم
(858)
وَطَاءَ فَمَا اسْطَاعُوا لِحَمْزَةَ شَدّدُوا وَأَنْ يَنْفَدَ التَّذْكِيرُ (شَـ)ـافٍ تَأَوَّلاَ
يريد (فما اسطاعوا أن يظهروه) ، أي طاء هذه اللفظة فقيده بالفاء لأن الذي بعده بالواو وطاء منصوب لأنه مفعول شددوا والأصل استطاعوا فقراءة الجماعة بحذف التاء ، وروي عن حمزة إدغامها في الطاء ، قال ابن مجاهد هو رديء لأنه جمع بين ساكنين وقال الزجاج من قرأ بإدغام التاء في الطاء فلاحن مخطيء زعم ذلك النحويون الخليل ويونس وسيبويه وجميع من قال بقولهم لأن السين ساكنة فإذا أدغمت التاء صارت طاء ساكنة ولا يجمع بين ساكنين فإن قال اطرح حركة التاء على السين فخطأ أيضا ، لأن سين استفعل لم تحرك قط ، قلت إنما قال ذلك ، لأنه لا يتحقق محض الإدغام إلا بتحريك السين ، قال أبو جعفر النحاس حكى أبو عبيد أن حمزة كان يدغم التاء في الطاء ويشدد الطاء ، قال أبو جعفر النحاس ولا يقدر أحد أن ينطق به لأن السين ساكنة والتاء المدغمة ساكنة ، قال سيبويه هذا محال ، وقال الجوهري في باب روم من جمع بين الساكنين في موضع لا يصح فيه اختلاس الحركة فهو مخطيء كقراءة حمزة فما اسطاعوا لأن سين الاستفعال لا يجوز تحريكها بوجه من الوجوه وأما (وما استطاعوا له نقبا) ، فلم يختلفوا في إظهار التاء فيها ، وأما التذكير في أن تنفد كلمات ربي والتأنيث فظاهران وتأولا تمييز
(859)
ثَلاَثٌ مَعي دُونِي وَرَبِّي بِأَرْبَعٍ وَمَا قَيِلَ إِنْ شَاءَ الْمُضَافَاتُ تُجْتَلاَ
ثلاث مبتدأ وهو مضاف إلى كلمة معي وما بعد ثلاث عطف عليه والمضافات خبر المبتدأ أو هو مبتدأ وثلاث خبره مقدم عليه ، أي الياآت المضافة في هذه السورة تجتلي أي تكشف في هذه الكلمات وهي معي ثلاث مواضع يريد معي صبرا فتحهن حفص وحده من دوني أولياء فتحها نافع وأبو عمرو "وربي" في أربع كلمات (قل ربي أعلم بعدتهم)-(فعسى ربي أن يؤتين)-(بربي أحدا ولولا إذ دخلت)-(بربي أحدا ولم تكن له فئة) فتح الأربع الحرميان وأبو عمرو وقوله وما قبل إن شاء أي والذي قبل قوله إن شاء الله وهو (ستجدني إن شاء الله صابرا) فتحها نافع وحده فهذه تسع ياآت إضافة وفيها سبع زوايد المهتد أثبتها في الوصل نافع وأبو عمرو (أن يهدين ربي لأقرب) (فعسى ربي أن يؤتين) على (أن تعلمني) أثبتهن في الوصل أيضا نافع وأبو عمرو وأثبتهن في الحالين ابن كثير (إن ترن أنا أقل) أثبتها في الوصل أبو عمرو وقالون وأثبتها في الحالين ابن كثير (ما كنا نبغ فارتدا) أثبتها في الحالين ابن كثير وفي الوصل نافع وأبو عمرو والكسائي (فلا تسئلن عن شيء) أثبتها الجميع في الحالين واختلف عن ابن ذكوان في حذفها وقلت في ذلك ، (زوائدها سبع فلا تسئلن أن تعلمني نبغي وإن ترني تلا) ، (ويهدني ربي كذا المهتدي ومن ويؤتيني خيرا فصادفت منهلا)
سورة مريم
(860)
وَحَرْفاً يَرِثْ بِالْجَزْمِ (حُـ)ـلْوٌ (رِ)ضىً وَقُلْ خَلَقْتُ خَلَقْنَا (شَـ)ـاعَ وَجْهاً مُجَمَّلاَ
يريد يرثني ويرث الجزم على جواب هب لي والرفع على أن يكون صفة لوليا أي وليا وارثا للعلم والنبوة ومثله فأرسله معي ردأ يصدقني يقرأ أيضا بالجزم والرفع والأقل على الجزم في يرث وعلى الرفع في يصدقني وأجمعوا على رفع (أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا) ، واستبعد أبو عبيد قراءة الجزم وقال الذي يجزم يريد الشرط أي إنك إذا وهبت لي وليا ورثني فكيف يخبر بهذا زكرياء ربه وهو أعلم به منه وجوابه أن من يطلب من الأنبياء ولدا من الله سبحانه لا يطلبه إلا صالحا فهذه الصفة مقدرة فجزم بالوراثة بناء على ظاهر الحال نحو (أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل) ، ثم وجه الجزم مراعاة لفظ الأمر وإن لم تكن الوراثة لازمة من الهبة فهذا أقوى من الجزم في مثل (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن) ، ونحوه وقال أبو علي أوقع العام موقع الخاص وأراد بالولي وليا وارثا وقول الناظم حلو رضى خبر قوله وحرفا فإن قلت الخبر مفرد والمبتدأ مثنى فكيف يسوغ هذا قلت من وجوه أحدها أن التقدير ولفظ حرفي يرث بالجزم حلو فحذف المضاف وأقيم مقامه والثاني التقدير كل واحد منهما حلو والثالث تنزيل لحرفين منزلة حرف واحد فكأنه قال ويرث في الموضعين حلو وأنشد النحاة على ذلك ، (وكان في العين حب قرنفل أو سنبلا كحلت به فأنهلت) ، والرابع مجموع قوله حلو رضى خبر عن الحرفين أي هذا حلو وهذا رضى ، ويلزم من اتصاف أحدهما بأحد الوصفين اتصافه بالآخر من حيث المعنى فإن الحلو مرضى والمرضى حلو ويجوز وجه خامس أن يكون بالجزم خبر حرفا أي مستقران بالجزم كما تقول الزيدان بالدار ، ثم قال حلو أي الجزم فيهما حلو رضى وأما (وقد خلقتك من قبل) ، بالتاء وبنون العظمة فظاهر ونصب وجها على التمييز مجملا نعته
(861)
وَضَمُّ بُكِيًّا كَسْرُهُ عَنْهُمَا وَقُلْ عِتيًّا صُلِيًّا مَعْ جُثِيًّا (شَـ)ـذَا (عَـ)ـلاَ
أي عن حمزة والكسائي ووافقهما حفص على كسر عتيا وصليا وجثيا فبكيا وجثيا جمعا باك وجاث وعتيا وصليا مصدرا عتى وصلى وأصل الجمع فعول وبكيا وصليا-لامهما ياء ويجب إدغام واو فعول فيها لأن اجتماع واو وياء ، وقد سبقت إحدهما بالسكون موجب لذلك بعد قلب الواو ياء كقولهم طيا وليا ، فإذا انقلبت واو فعول ياء وجب كسر ما قبلها لأن ياء ساكنة قبلها ضمة غير موجود في اللغة ، فصار بكيا وصليا على لفظ قراءة الجماعة ومن كسر الياء والصاد فللاتباع وأما عتيا وجثيا فلامهما واو وقد رفضوا أن توجد واو متطرفة بعد متحرك ولم ينظروا إلى حجز واو فعول ففعلوا فيه ما فعلوا في نحو أدل كسروا ما قبل واو فعول فانقلبت ياء فلزم قلب الواو الثانية ياء ثم الإدغام فصار عتيا وجثيا ومن كسر العين والجيم فللاتباع ، وهذا الصنيع في الغالب واجب فيما كان جمعا نحو جثيا وغير لازم في المصادر نحو عتيا فيجوز عتوا كقوله تعالى (وعتوا عتوا كبيرا) ، واختار أبو عبيد قراءة الضم وقال هي أفصح اللغتين وأفخمها وتقدير البيت كسر عتيا وما بعده على شذا أي ذو شذا عال قال وقد تقدم معنى شذا علا في مواضع وأن معنى الشذا الطيب أو نقية النفس
(862)
وَهَمْزُ أَهَبْ بِالْيَا (جَـ)ـرى (حُـ)ـلْوَ (بَـ)ـحْرِهِ بِخُلْفٍ وَنِسْيًا فَتْحُهُ (فَـ)ـائِزٌ (عُـ)‎ـلاَ
يريد (لأهب لك غلاما زكيا) ، فالهمز للمتكلم والياء للرب تعالى أو لرسوله وإنما جاز نسبة الهبة إلى الرسول سواء كان بالهمزة أو الباء لكونه أرسل لذلك ويجوز أن تكون الباء بدلا من الهمزة لأنها همزة مفتوحة بعد مكسور فقياس تخفيفها قلبها ياء نحو لئلا فيتفق معنى القراءتين ولفظهما لأن الهمزة المخففة كالمحققة وقد كتبت في المصحف بالألف وقوله جرى حلو بحره عبارة حسنة والباء من أهب مفتوحة ولكنه أدغمها في باء بالياء لما التقا المثلان كما يدغم أبو عمرو لذهب بسمعهم وهذا أولى من حمله على أنه أسكن المتحرك للضرورة ونسيا بالفتح والكسر واحد وهو الشيء الحقير ينسى وقيل ما أغفل من شيء حقير وقيل ما إذا ذكر لم يطلق والكل متقارب المعنى وعلا تمييز
(863)
وَمِنْ تَحْتَهَا اكْسِرْ وَاخْفِضِ (ا)لدَّهْرَ (عَـ)ـنْ (شَـ)ـذاً وَخَفَّ تَسَاقَطْ (فَـ)ـاصِلاً فَتُحُمِّلاَ
يريد (فناداها من تحتها) ، أي أكسر الميم واخفض التاء أي ناداها المولود من تحتها والقراءة الأخرى بالفتح والنصب أي ناداها الذي تحتها ونصب الدهر على الظرف كقوله (إذا ما أردت الدهر تقرأ فاستعذ) ، وقوله عن شذا أي عن ذي شذا وفي لفظ تساقط قراآت كثيرة المشهور منها في طريقة الناظم ثلاث تساقط بتشديد السين والأصل يتساقط فأدغمت التاء الثانية في السين هذه قراءة الجميع غير حمزة وحفص ، وأما حمزة فحذف التاء فخففت السين وقراءة حفص في البيت الآتي وقول الناظم وخف تساقط تساقط فاعل خف وفاصلا حال من تساقط يعني أنه فصل بين المفعول وهو رطبا وبين العامل فيه وهو هزي وهذا قول المبرد في ما حكاه الزجاج وغيره عنه ولهذا قال فتحملا أي تحمله النحويون عنه أو تحملوا ذلك وجوزوه لخفته في الفصل وقال الزمخشري رطبا تمييز أو مفعول على حسب القراءة يعني على قراءة حفص ونحوها ، ثم قال وعن المبرد جواز انتصابه بهزي وليس بذاك وقال أبو علي فاعل تساقط النخلة أو جذعها ثم حذف المضاف فأسند الفعل إلى النخلة ويكون سقوط الرطب من الجذع أنه لها ورطبا منصوب على أنه مفعول به ويجوز أن يكون فاعل تساقط ثمرة النخلة ورطبا حال وإن لم يجر للثمرة ذكر فلفظ النخلة يدل عليها والباء في بجذع زائدة مثل ألقى بيده قال ويجوز أن يكون المعنى وهزي إليك بهز جذع النخلة رطبا أي إذا هززت الجذع هززت بهزه رطبا فإذا هززت الرطب سقط قلت يعني هزي إليك رطبا بسبب هزك للجذع وهذا تقرير المعنى الذي ذهب إليه المبرد والله أعلم
(864)
وَبِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ حَفْصُهُمْ وَفِي رَفْعِ قَوْلِ الْحَقِّ نَصْبُ (نَـ)ـدٍ (كَـ)ـلاَ
أي ضم الياء وخفف السين وكسر القاف أي تساقط النخلة رطبا فرطبا مفعول به ونصب قول الحق على أنه مصدر مؤكد لقوله (ذلك عيسى ابن مريم) ، أي قلت قول الصدق أي قولا صدقا حقا وقيل هو نصب على المدح والحق اسم الله تعالى والرفع على تقدير هو قول الحق أي عيسى كلمة الله أو هذا الكلام قول الحق أي الصدق أو كلام الله الذي هو الحق المبين وقوله نصب ند أي قاريء هذه صفته ، يقال فلان ند أي جواد وكلا حفظ وحرث
(865)
وَكَسْرُ وَأَنَّ اللهَ (ذَ)اكٍ وأَخْبَروا بِخُلْفٍ إِذَا مَا مُتُّ (مُـ)ـفِينَ وُصَّلاَ
الكسر على الاستئناف أو عطف على قوله (إني عبد الله) ، والفتح على تقدير ولأن (الله ربي وربكم فاعبدوه) ، أو عطف على (وأوصاني بالصلاة والزكاة) ، وبأن (الله ربي وربكم فاعبدوه) ، وقوله (ذلك عيسى ابن مريم) إلى قوله (كن فيكون) كلام معترض وقوله ذاك من ذكا الطيب يذكوا إذا فاحت ريحه أي وجه الكسر بين ظاهر وأخبروا يعني الرواة باختلاف بينهم عن ابن ذكوان وموفين جمع موف ووصلا جمع واصل هما حالان من فاعل أخبروا يريد قوله تعالى (أءذا ما مت لسوف أخرج) ، قراءة الجماعة بالاستفهام الذي يقال على وجه الإنكار وهم على أصولهم في ذلك فيما يتعلق بتحقيق لهمزة الثانية وتسهليها وإدخال الألف بين الهمزتين ، وروى عن ابن ذكوان حذف همزة الإنكار وهي مرادفة في المعنى وله نظائر ومثل هذا يعبر عنه بالإخبار لأنه على لفظ الخبر المحض ويجوز أن يكون حكاية منه للفظ الذي قيل له بعينه كما قال لسوف وليس بموضع تأكيد بالنسبة إلى حال هذا المنكر وإنما كأنه قيل له لسوف تخرج حيا إذا ما مت" فحكى هذا اللفظ منكرا له وقد تقدم تقدير أن ضد الأخبار عند الناظم الاستفهام في سورة الأعراف والرعد والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

(866)
وَنُنَجِّي خَفِيفاً (رُ)ضْ مَقَاماً بِضَمِّهِ (دَ)نَا رءيا ابْدِلْ مُدْغِماً (بَـ)ـاسِطًا (مُـ)ـلاَ
ذكر في هذا البيت ثلاثة أحرف ننجي مقاما رئياء وننجي مفعول رض وخفيفا حال منه ومقاما مبتدأ ورئيا مفعول أبدل وفتح التنوين من رئيا بإلقاء حركة همزة أبدل عليه ومدغما باسطا حالان من فاعل أبدل وملا مفعول باسطا وسبق تفسير ملا والتخفيف والتشديد في (ثم ننجي الذي اتقوا) لغتان ، وقد سبق ذكر ذلك في مواضع والمقام بالضم الإقامة وموضعها وبالفتح القيام أو موضعه والخلاف في هذه السورة في قوله تعالى (خير مقاما وأحسن نديا) ، وسيأتي الخلاف في الذي بالأحزاب والدخان ، ولا خلاف في ضم الذي في آخر الفرقان وأما رئيا في قوله (هم أحسن أثاثا ورئيا) ، فأبدل قالون وابن ذكوان همزة ياء لسكونه وكسر ما قبله كما يفعل حمزة في الوقف فالتقى يا آن فأدغم الأولى في الثانية وهو أحد الوجهين لحمزة وقد سبق توجيههما في باب وقف حمزة وضعف مكي وجه الإدغام نظرا إلى أن أصل الباء الهمزة وكما أن حمزة لا يدغم-رئيا-إذا خفف همزها في الوقف وواجب في غير ذلك إدغام الواو الساكنة قبل الياء ويمكن الفرق بأن التقاء المثلين أثقل من التقاء واو وياء على أنه قد قيل في قراءة من لم يهمز وأدغم إنها من الري وهو يستعار لمن ظهر عليه أثر النعمة فلا يكون في الكلمة إبدال ولذلك امتنع السوسي من إبدال همزها وقد تقدم والله أعلم
(867)
وَوُلْدَا بِهاَ وَالزُّخْرُفِ اضْمُمْ وَسَكِّنَنْ (شِـ)ـفاَءً وَفِي نُوحٍ (شَـ)ـفاَ حَقُّهُ وَلاَ
هنا أربعة مواضع (لأوتين مالا وولدا)-(وقالوا اتخذ الرحمن ولدا)-(أن دعوا للرحمن ولدا)-(وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا) ، وفي الزخرف (قل إن كان للرحمن ولد) ، أي ضم الواو وسكن اللام لحمزة والكسائي والباقون بفتحهما وهما لغتان نحو العرب والعرب والعجم والعجم وقيل ولدا بالضم جمع ولد بالفتح كأسد وأسد ووافق ابن كثير وأبو عمرو لحمزة والكسائي على ضم الذي في نوح وهو (واتبعوا من لم يزده ماله وولده) ، وقوله وسكنا أدخل نون التأكيد الخفيفة في فعل الأمر ويجوز كتابتها بالألف اعتبارا بحالة الوقف عليها فإنها بالألف وشفا حال أي ذا شفاء وولا في آخر البيت بالفتح وهو تمييز أو حال أي ذا ولاء ، أو هو مفعول شفاكما تقول شفى الله فلانا أي شفى الحق ولاء وذكر الشيخ أن ولا ههنا بالفتح والكسر ، قلت الكسر بعيد فإنه سيأتي بعد بيت واحد "حلا صفوه" ولا بالكسر فلا حاجة إلى تكرار القافية على قرب من غير ضرورة
(868)
وَفِيهاَ وَفِي الشُّورى يَكَادُ (أَ)تَى (رِ)ضاَ وَطَا يَتَفَطَّرْنَ اكْسِرُوا غَيْرَ أَثْقَلاَ
التذكير والتأنيث في-يكاد السموات-في السورتين أمرهما ظاهر سبقت أمثاله ورضا حال ، أي أتى التذكير ذا رضى أي مرضيا ، لأن تأنيث السموات غير حقيقي وطا يتفطرن مفعول اكسروا وقصره ضرورة ، وقوله غير أثقلا حال من الطاء أي غير مشدد أثقل بمعنى ثقيلا ، ثم ذكر تمام تقييد القراءة فقال
(869)
وَفي التَّاءِ نُون سَاكِنٌ (حَـ)ـجَّ (فِـ)ـي صَفـ(ـا) (كَـ)ـمَالٍ وَفِي الشُّورى (حَـ)ـلاَ (صَـ)ـفْوُهُ وَلاَ
أي وفي موضع التاء نون ساكن فيصير ينفطرن مضارع انفطر والقراءة الأخرى مضارع تفطر وانفطر وتفطر مطاوعا فطرته فطّرته وكلاهما بمعنى شققته وفي التشديد معنى التكرير والتكثير والمبالغة وأكثر ما جاءني القرآن مخففا نحو (إذا السماء انفطرت)-(السماء منفطر به)-(فاطر السموات والأرض) ، ولكن هنا المقصود تعظيم أمر قولهم وتهويله ، فناسب التشديد والأكثر على التشديد في الشورى لم يخفف غير أبي بكر وأبي عمرو وولا في آخر البيت بالكسر ومعناه المتابعة وهو تمييز أو حال كما سبق في قوله شفا حقه ولا ، لكن لا يستقيم هنا أن يكون مفعولا به لأن حلا فعل لازم بخلاف شفا في ذلك البيت وصفا في قوله صفا كمال ممدود وقصره الناظم ضرورة والله أعلم
(870)
وَرَاءي وَاجْعَلْ لِي وَإِنِّي كِلاَهُماَ وَرَبِّي وَآتَانِي مُضَافَاتُهَا الْوُلا
فيها ست ياءات إضافة (من ورائي وكانت) ، فتحها ابن كثير وحده (اجعل لي آية) ، فتحها نافع وأبو عمرو(إني أعوذ بالرحمن)-(إني أخاف أن يمسك عذاب) ، فتحهما الحرميان وأبو عمر (سأستغفر لك ربي إنه) ، فتحها نافع وأبو عمرو (آتاني الكتاب) ، سكنها حمزة وحده وقوله مضافاتها خبر قوله "وراءي"وما بعده والولاء جمع الولياء والولياء تأنيث الأولى أي الولا بالضبط والحفظ ومعرفة الخلف فيها والله أعلم
سورة طه
(871)
لِحَمْزَةَ فَاضْمُمْ كَسْرَهاَ أَهْلِهِ امْكُثُوا مَعاً وَافْتَحُوا إِنِّي أَنَا (دَ)ائِماً (حُـ)ـلاَ
قصر لفظ ها ضرورة وقوله معا أي هنا وفي القصص وقد تقدم أن الضم هو الأصل في هاء الكناية وإنما الكسر لأجل كسر ما قبلها وأما فتح (إني أنا ربك) ، فعلى تقدير "نودي موسى" بكذا والكسر هنا أولى وعليه الأكثر لقوله يا موسى فصرح بلفظ النداء فكان الكسر بعده واضحا نحو (يا زكريا إنا نبشرك)-(يا مريم إن الله اصطفاك) ، وليس مثل الذي في آل عمران (فنادته الملائكة)-(أن الله يبشرك بيحيى) ، فليس ثم لفظ النداء فأمكن تقدير فنادته بكذا قال أبو علي من كسر فلان الكلام حكاية كأنه نودي فقيل (يا موسى إني أنا ربك) ، فالكسر أشبه بما بعده مما هو حكاية وذلك قوله (إنني أنا الله لا إله إلا أنا) ، وقوله (وأنا اخترتك) ، فهذه كلها حكاية فالأشبه أن يكون قوله (إني أنا ربك) ، كذلك أيضا وقول الناظم دائما حال من مفعول افتحوا ، وحلا تمييز أي دائما حلاه أو حال من فاعل دائما ، أي دائما ذا حلا ويجوز أن يكون دائما نعت مصدر أي فتحا دائما والله أعلم
(872)
وَنُوِّنْ بِها وَالنَّازِعَاتِ طُوًى (ذَ)كَا وَفِي اخْتَرْتُكَ اخْتَرْناَكَ (فَـ)ـازَ وَثَقَّلاَ
طوى مفعول نون ووجه تنوينه ظاهر لأنه اسم واد وهو مذكر مصروف ومن لم ينونه لم يصرفه جعله اسما لبقعة أو لأرض أو هو معدول عن طاو تقديرا كعمر عن عامر ، واختار أبو عبيد صرفه وقال عجبت ممن أجرى سبا وترك إجراء طوى وذلك أثقل من هذا وقرأ حمزة وحده "وأنا اخترناك" بضمير الجمع في الكلمتين للتعظيم والباقون "وأنا اخترتك" بضمير المتكلم المفرد ومفعول قوله وثقلا أول البيت الآتي أي شدد لفظ وأنا
(873)
وَأَنَا وَشَامٍ قَطْعُ اَشْدُدْ وَضُمَّ فِي ابْتِدَا غَيْرِهِ واضْمُمْ وَأَشْرِكْهُ (كَـ)ـلْكَلاَ
أي وقراءة ابن عامر قطع همزة "اشدد به أزري" قرأه بهمزة مفتوحة جعله فعلا مضارعا مجزوما على جواب الدعاء في قوله (واجعل لي وزيرا من أهلي) ، أي أشدد أنا ولزم فتح الهمزة لأنها همزة متكلم من فعل ثلاثي كقولك أضرب أنا وأخرج وأذهب وقراءة الباقين على الدعاء وهمزته همزة وصل مضمومة إذا ابتديء بالكلمة ضمت وإذا وصلت الكلمة بما قبلها سقطت لأنه أمر من فعل ثلاثي كما تقول يا زيد اخرج وادخل ، فهذا معنى قوله وضم في ابتداء غيره أي ضم الهمزة وابن عامر يفتحها وصلا ووقفا لأنها همزة قطع وأما "وأشركه في أمري" فالقراءة فيه كما مضى من حيث المعنى بالعطف عليه فالهمزة في قراءة ابن عامر للمتكلم إلا أن فعلها رباعي فلزم ضم الهمزة كما لزم وأحسن أي أشدد أنا به أزري وأشركه أنا أيضا في أمري وقراءة الجماعة على أنه دعاء معطوف على اشدد طلب من الله سبحانه أن يشد به أزره وأن يشركه في أمره ولفظ الأمر من الرباعي بفتح الهمزة وقطعها نحو أكرم زيدا وأحسن إليه ، قال أبو علي الوجه الدعاء دون الإخبار لأن ذلك معطوف على ما تقدمه من قوله (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري) ، فكما أن ذلك كله دعاء فكذلك ما عطف عليه فأما الإشراك فيبعد فيه الحمل على غير الدعاء لأن الإشراك في النبوة لا يكون إلا من الله تعالى اللهم إلا أن يجعل أمره شأنه الذي هو غير النبوة وإنما ينبغي أن تكون النبوة لقوله (فأرسله معي ردءا يصدقني) ، وقوله (كي نسبحك) كالجواب بعد هذه الأشياء التي سألها فأما أشدد به أزري فحمله على الإخبار أسهل ، وقول الناظم كلكلا بدل من قوله وأشركه بدل البعض من الكل والكلكل الصدر أي اضمم صدره وهو الهمزة
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

(874)
معَ الزُّخْرُفِ اقْصُرْ بَعْدَ فَتْحٍ وَسَاكِنٍ مِهَاداً (ثَـ)ـوى واضْمُمْ سِوىً (فِـ)ـي (نَـ)ـدٍ (كَـ)ـلاَ
أي اقصر مهادا بعد فتح ميمه وإسكان هائه فيصير مهدا هنا وفي سورة الزخرف (الذي جعل لكم الأرض مهادا) ، ولا خلاف في التي في عم يتساءلون (ألم نجعل الأرض مهادا) ، لتشاكل الفواصل والمهد ، والمهاد الشيء الممهد سموا المفعول بالمصدر كقوله في الدرهم ضرب الأمير أي مضروبه ومنه تسمية المكتوب كتابا وفعل وفعال كلاهما مصدر ومنه مهد الصبي والفراش والبساط ، قال أبو علي المهد مصدر كالفرش والمهاد كالفراش في قوله (الذي جعل لكم الأرض فراشا)-(والله جعل لكم الأرض بساطا) ، وهما اسم ما يفرش ويبسط قال ويجوز أن يكون المهد استعمل استعمال الأسماء فجمع كما يجمع فعل على فعال ويجوز أن يكون المعنى ذا مهد فيكون في المعنى كقول من قال مبادا ، ثم قال الناظم "واضمم سوى" يعني مكانا سوى أي عدلا لا يكون أحد الفريقين فيه أرجح حالا من الآخر ، قال أبو عبيد يضم أوله ويكسر مثل طوى وطوى قال أبو علي سوى فعل من التسوية فكان المعنى مكانا تستوي مسافته على الفريقين وهذا بناء يقل في الصفات ومثله قوم عدى ، فأما فعل فهو في الصفات أكثر وقوله في ند كلا أي في قراءة جواد حفظه وحرسه من الطعن أو في مكان ند ذي كلاء أي كائنا في خصب يشير إلى ما قاله أبو علي إن الضم أكثر في مثل هذا الوزن في الصفات من الكسر واختار أبو عبيد قراءة الكسر قال لأنها أفشى اللغتين ثم بين قراءة الباقين لأن الكسر ليس ضدا للضم فقال
(875)
وَيُكْسَرُ بَاقِيهِمْ وَفِيهِ وَفِي سُدىً مُمَالُ وُقُوفٍ فِي الأَصُولِ تَأَصَّلاَ
ممال بمعنى إمالة في هذين اللفظين "سوى وسدى" إمالة في الوقف لزوال التنوين المانع من إمالتهما وصلا ثم قال في الأصول تأصل أي تأصل ذلك وتبين في باب الإمالة من أبواب الأصول المقدمة قبل السور في قوله "سوى وسدى" في الوقف عنهم أي عن صحبة أمالوهما إمالة محضة وأبو عمرو وورش يقرآنهما بين اللفظين كغيرهما من رءوس الآي وإنما ذكر ذلك هنا تجديدا للعهد بما تقدم وزيادة بيان وتأكيدا لذلك لئلا يظن أن ضم السين مانع من الإمالة لحمزة وأبي بكر فقال أمر الإمالة على ما سبق سواء في ذلك من كسر السين وهو الكسائي ومن ضمها وهو حمزة وأبو بكر والله أعلم
(876)
فَيُسْحِتَكمْ ضَمٌّ وَكَسْرٌ (صِحَابُـ)ـهُمْ وَتَخْفِيفُ قَالوا إِنَّ (عَـ)ـالِمُهُ (دَ)لاَ
أي ذو ضم في الياء وكسر في الحاء وصحابهم فاعل المصدر كأنه قال ضمه وكسره صحابهم فقراءتهم من أسحت وفتح غيرهم الياء والحاء فقراءتهم من سحت وهما لغتان يقال سحته وأسحته إذا استأصله وخفف حفص وابن كثير إن من قوله سبحانه "قالوا إن هذان لساحران" وهذه قراءة واضحة جيدة غير محوجة إلى تكلف في تأويل رفع هذان بعدها لأن إن إذا خففت جاز أن لا تعمل النصب في الاسم نحو (وإن كل لما جميع) ، (إن كل نفس لما عليها) ، ويرتفع ما بعدها على الابتداء والخبر واللام في الخبر هي الفارقة بين المخففة من الثقيلة وبين النافية هذه عبارة البصريين في كل ما جاء من هذا القبيل نحو (وإن نطنك لمن الكاذبين) ، (وإن كنت من قبله لمن الغافلين) ، والكوفيون يقولون إن نافية واللام بمعنى إلا ، أي ما هذان إلا ساحران وكذلك البواقي فعالم هذه القراءة دلا أي أخرج دلوه ملأى فاستراح خاطره لحصول غرضه وتمام أمره قال الزجاج روى عن الخليل "إن هذان لساحران" بالتخفيف قال والإجماع أنه لم يكن أحد بالنحو أعلم من الخليل (إن هذان لساحران) ، بالتخفيف قال والإجماع أنه لم يكن أحد بالنحو أعلم من الخليل
(877)
وَهذَيْنِ فِي هذَانِ (حَـ)ـجَّ وَثِقْلُهُ (دَ)ناَ فَاجْمَعُوا صِلُ وَافْتَحِ الْمِيمَ (حُـ)ـوَّلاَ
أي وقرأ أبو عمرو "إن هذين" بنصب "هذين" لأنه اسم إن فهذه قراءة جلية أيضا فلهذا قال حج أي غلب في حجته لذلك ثم قال وثقله دنا أي أن ابن كثير شدد النون من هذان وهذا قد تقدم ذكره في النساء وإنما أعاد ذكره تجديدا للعهد به وتذكيرا بما لعله نسى كما قلنا في "سوى وسدى" وأما قراءة غير أبي عمرو وابن كثير وحفص فبتشديد إن وهذان بألف ، قال أبو عبيد ورأيتها أنا في الذي يقال إنه الإمام مصحف عثمان بن عفان بهذا الخط-هذان-ليس فيها ألف وهكذا رأيت رفع الاثنين في جميع ذلك المصحف بإسقاط الألف فإذا كتبوا النصب والخفض كتبوهما بالياء ولا يسقطونها ، قلت فلهذا قرئت بالألف إتباعا للرسم واختارها أبو عبيد وقال لا يجوز لأحد مفارقة الكتاب وما اجتمعت عليه الأمة وقال الزجاج ، أما قراءة أبي عمرو فلا أجيزها ، لأنها خلاف المصحف وكلما وجدت إلى موافقة المصحف سبيلا لم أجز مخالفته لأن اتباعه سنة وما عليه أكثر القراء ولكني أستحسن إن هذان بتخفيف إن وفيه إمامان عاصم والخليل وموافقة أبي في المعنى وإن خالفه اللفظ ، يروى عنه أنه قرأ (ما هذان إلا ساحران) وفي رواية " إن ذان إلا ساحران" قال ويستحسن أيضا (إن هذا لساحران) ، لأنه مذهب أكثر القراء وبه يقرأ ، قال وهذا حرف مشكل على أهل اللغة وقد كثر اختلافهم في تفسيره ، قلت مدار الأقوال المنقولة عنهم في ذلك على وجهين ، أحدهما أن يكون هذان اسما لأن والآخر أن يكون مبتدأ فإن كان اسما لأن فلا يتوجه إلا على أنه لغة لبعض العرب يقولون هذان في الرفع والنصب والجر كما يلفظون لسائر الأسماء المقصورة ، كعصى وموسى ، وكذا ما معناه التثنية نحو كلا إذا أضيف إلى الظاهر اتفاقا من الفصحاء وإلى الضمير في بعض اللغات ، قال الزجاج حكى أبو عبيد عن أبي الخطاب وهو رأس من رؤساء الرواة إنها لغة كنانة يجعلون ألف الاثنين في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد ، يقولون آتاني الزيدان ورأيت الزيدان ومررت بالزيدان ويقولون ضربته من أذناه ومن يشتري مني الحقان قال وكذلك روى أهل الكوفة أنها لغة بني الحارث ابن كعب وقال أبو عبيد كان الكسائي يحكي هذه اللغة عن بني الحارث بن كعب وخيثم وزبيد وأهل تلك الناحية ، وقال الفراء أنشدني رجل من الأسد عن بعض بني الحارث ، (فاطرق اطراق الشجاع ولو ترى مساغا لناباه الشجاع لصمما) ، قال وحكى عنه أيضا هذا خط يدا أخي أعرفه ، قال أبو جعفر النحاس هذا الوجه من أحسن ما حملت عليه الآية إذ كانت هذه اللغة معروفة قد حكاها من يرتضي علمه وصدقه وأمانته منهم أبو زيد الأنصاري وهو الذي يقال إذا قال سيبويه حدثني من أثق به فإنما يعنيه وأبو الخطاب الأخفش وهو رئيس من رؤساء أهل اللغة روى عنه سيبويه وغيره وقال غيره هي لغة بني العنبر وبني الهجيم ، ومراد وعذرة وبعضهم يفر من الياء مطلقا في التثنية والأسماء الستة وعلى والي قال الراجز ، (أي قلوص راكب تراها طاروا على هن فطر علاها) ، (إن أباها وأبا أباها قد بلغا في المجد غايتاها) ، قال هو بز الحارثي أنشده الكسائي ، (تزود منا بين أذناه ضربة دعته إلى هابي التراب عقيم) ، معناه وإلى موضع هابيء التراب أي ترابه مثل الهباء يريد به القبر ثم وصفه بأنه عقيم أي لا مسكن له بعده وأنشد غيره ، (كأن صريف ناباه إذا ما أمرهما ترنم أخطبان) ، وقال أبو حاتم ، قال أبو زيد سمعت من العرب من يقلب كل ياء ينفتح ما قبلها ألفا فيقول جئت إلاك وسلمت علاك قلت فإذا ثبتت هذه اللغة فقد وجهها النحاة بوجوه منها ما يشمل جميع مواضع التثنية ومنها ما يختص باسم الإشارة قيل شبهت ألف التثنية بألف يفعلان فلم تغير وقيل لأن الألف حرف الإعراب عند سيبويه وحرف الإعراب لا يتغير وقيل الألف في هذان هي ألف هذا وألف التثنية حذفت لالتقاء الساكنين وقيل جعلوا هذان لفظا موضوعا للتثنية مبنيا على هذه الصفة كما قالوا في المضمر أنتما وهما لأن أسماء الإشارة أسماء مبنيات كالمضمرات فلم تعرب تثنيتهما وقيل فروا من ثقل الياء إلى خفة الألف لما لم يكن هنا على حقيقة التثنية بدليل أنه لم يقل ذيان كما يقال رحيان وحبليان ، وقال الفراء الألف من هذا دعامة وليست بلام فعل فلما ثنيته زدت عليها نونا ثم تركت الألف ثابتة على حالها لا تزول في كل حال كما قالت العرب الذي ثم زادوا نونا تدل على الجمع فقالوا الذين في رفعهم ونصبهم وخفضهم كذا تركوا هذان في رفعه ونصبه وخفضه قلت وإنما اكتفوا بالنون في هذين الضربين لأنها لا تحذف لإضافة ولما كانت النون تحذف من غيرهما للإضافة احتاجوا إلى ألف تبقى دلالة على التثنية ، قال وكنانة تقول ألذون وقال النحاس سألت أبا الحسن بن كيسان عنها فقال سألني عنها إسماعيل بن إسحاق فقلت لما كان يقال هذا في موضع النصب والخفض والرفع على حال واحد وكانت التثنية يجب أن لا يغير لها الواحد أجريت التثنية مجرى الواحد قلت هذه سبعة أوجه صالحة لتعليل لغة من لا يقلب ألف هذا وهي مفرقة في كتب جماعة من المصنفين يوردونها على أنها وجوه في الاحتجاج لهذه القراءة وليست الحجة إلا في كونها لغة لبعض العرب إذ لو لم يثبت كونها لغة لما ساغ لأحد برأيه أن يفعل ذلك لأجل هذه المعاني أو بعضها فترى بعضهم يقول في تعليل هذه القراءة خمسة أقوال وبعضهم يقول ستة وبعضهم بلغ بها تسعة وليس لها عندي إلا ثلاثة أقوال ذكرنا منها قولا واحدا وهو أنها على لغة هؤلاء القوم ووجهنا هذه اللغة بوجوه سبعة وهذان فيها كلها اسم لأن القول الثاني أن تكون أن بمعنى نعم ، وقد ثبت ذلك في اللغة كأنهم لما (تنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى) ، أفضى بعضهم إلى بعض ذلك فقال المخاطبون نعم ، هو كما تقولون أو قال لهم فرعون وملاؤه (هذان ساحران) ، فانظروا كيف تصنعون في إبطال ما جاءا به فقالوا نعم ثم استأنفوا جملة ابتدائية فقالوا "هذا إن لساحران" ، وهذا القول محكي عن جماعة من النحاة المتقدمين قال النحاس وإلى هذا القول كان محمد بن يزيد وإسماعيل ابن إسحاق يذهبان قال ورأيت أبا إسحاق وأبا الحسن علي بن سليمان يذهبان إليه قلت وهذا القول يضعفه دخول اللام في خبر المبتدإ فأنشدوا على ذلك أبياتا وقع فيها مثل ذلك واستنبط الزجاج لها تقديرا آخر وهو لهما ساحران فتكون داخلة على مبتدأ ثم حذف للعلم به ، واتصلت اللام بالخبر دلالة على ذلك قال وكنت عرضته على عالمنا محمد بن يزيد وعلى إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن يزيد يعني القاضي فقبلاه وذكرا أنه أجود ما سمعناه في هذا وقال أبو علي هذا تأويل غير مرتضى عندي إذ يقبح أن يذكر التأكيد ويحذف تفسير المؤكد ، أو شيء من المؤكد القول الثالث قال الزجاج النحويون القدماء ، الهاء ههنا مضمرة ، المعنى "إنـ"ـه هذان لساحران" ، يعني إنه ضمير الشأن والجملة بعده مبتدأ وخبر وفيه بعد من جهة اللام كما سبق ومن جهة أخرى ، وهي حذف ضمير الشأن فذلك ما يجيء إلا في الشعر ومنهم من قال ضمير الشأن والقصة موجود وهو أنها ذان فيكون اسم الإشارة خاليا من حرف التنبيه ولكن هذا يضعفه مخالفة خط المصحف فبان لمجموع ذلك ضعف هذه القراءة فإنها إن حملت على تلك اللغة فهي لغة مهجورة غير فصيحة ولأن لغة القرآن خلافها بدليل قوله تعالى (إحدى ابنتي هاتين) ، وجميع ما فيه من ألفاظ التثنية فإنها إنما جاءت على اللغة الفصيحة التي في الرفع بالألف وبالياء في النصب والجر وإن حملت على أن ، إن بمعنى نعم فهي أيضا لغة قليلة الاستعمال ويلزم منه شذوذ إدخال لام التوكيد في الخبر كما سبق وإن حملت على حذف ضمير الشأن فهو أيضا ضعيف ويضعفه أيضا اللام في الخبر وقراءة هذين بالياء ووجهها ظاهر من جهة اللغة الفصيحة لكنها على مخالفة ظاهر الرسم فليس الأقوى من جهة الرسم واللغة معا إلا القراءة بتخفيف إن ورفع هذان والله المستعان وقول الناظم فأجمعوا صل أي ائت بهمزة الوصل في قوله تعالى (فأجمعوا كيدهم) ، وافتح الميم فهو موافق لقوله ( فجمع كيده) ، المتفق عليه وقراءة الباقين بهمزة قطع وكسر الميم من أجمع أمره إذا أحكم وعزم عليه وكلاهما متقارب ، والذي في يونس بالقطع (فأجمعوا أمركم وشركاؤكم) ، وحولا حال وهو العارف بنحو الأمور والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

(878)
وَقُلْ سَاحِرٍ سِحْرٍ (شَـ)ـفَا وَتَلَقَّفُ ارْفَعِ الْجَزْمَ مَعْ أُنْثى يُخَيَّلُ (مُـ)ـقْبِلاَ
، يريد "إنما صنعوا كيد سحر" أي الذي صنعوه كيد من صانعة السحر وقرأ حمزة والكسائي "كيد سحر" على تقدير "كيد من سحر" أو "كيد لسحر" نحو باب ساج وضرب زيد والتقدير "كيد ذي سحر" أو عبر عن الساحر بالسحر مبالغة فيتحد معنى القراءتين (وتلقف ما صنعوا) ، الرفع على الاستئناف أو في موضع الحال المقدرة من فاعل ألقى أو مفعوله ، فالتاء للخطاب على الأول وللتأنيث على الثاني ، وإنما أنث والمفعول هو ما بمعنى الذي اعتبارا بالمدلول وهو العصا وجزم تلقف على جواب الأمر وهي قراءة الجماعة ولم يرفع غير ابن ذكوان وحده وهو الذي قرأ تخيل إليه بالتأنيث فقول الناظم "مقبلا" رمز للحرفين تلقف وتخيل ومقبلا حال من فاعل ارفع ، وأقام قوله أنثى مقام تأنيثا إقامة للاسم مقام المصدر وهو استعمال بعيد في مثل هذا أو أراد مع كلمة أنثى أي مؤنثة ثم بينها بقوله تخيل أي هي تخيل وجعلها أنثى لما كان التأنيث فيها ووجه التأنيث أن يكون الضمير في تخيل للحبال والعصى ، ويكون قوله "أنها تسعى" بدل اشتمال منه وعلى قراءة التذكير يكون قوله "أنها تسعى" وهو مرفوع تخيل أي تخيل إليه سعيها
(879)
وَأَنْجَيْتُكُمْ وَأَعَدْتُكُمْ مَا رَزَقْتُكُمْ (شَـ)ـفَا لاَ تَخَفْ بِالْقَصْرِ وَالْجَزْمِ (فُـ)ـصِّلاَ
يريد (قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم)-(يا بني إسرائيل كلوا من طيبات ما رزقناكم) ، الكل بنون العظمة في قراءة الجماعة وقرأ الثلاثة حمزة والكسائي بتاء المتكلم على ما لفظ به الناظم ولم يبين القراءة الأخرى لظهور أمرها وأجمعوا على النون في قوله (ونزلنا عليكم المن والسلوى) ، وهو متوسط بين هذه الكلم وبه احتج أبو عمرو في اختيار قراءته ووافقه أبو عبيد على صحة الاحتجاج ووجه قراءة التاء قوله بعد ذلك (فيحل عليكم غضبي) ، ولم يقل غضبنا وكل ذلك من باب الالتفات وتلوين الخطاب ، وهو باب من أبواب الفصاحة معروف في علم البيان وقرأ حمزة وحده (لا تخف دركا) ، بالجزم على جواب الأمر وهو قوله ، (فاضرب لهم طريقا) ، أي إن تضرب لا تخف ويجوز أن يكون استئناف نهى ، ولما سكنت الفاء للجزم سقطت الألف من تخاف لالتقاء الساكنين فعبر الناظم بالقصر عن حذف الألف وبالجزم عن سكون الفاء وقرأ غير حمزة لا تخاف بإثبات الألف ورفع الفاء وهو في موضع الحال ، أي اضرب غير خائف ولا خاش أو يكون مستأنفا أي لست تخاف ولا تخشى وعلى قراءة الجزم يكون ولا تخشى بعده منقطعا أو مشيع الفتحة لأجل الفاصلة والله أعلم
(880)
وَحاَ فَيَحِلَّ الضَّمُّ فِي كَسْرِهِ (رِ)ضاً وَفِي لاَمِ يَحْلِلْ عَنْهُ وَافَى مُحَلَّلاَ
يريد (فيحل عليكم غضبي ومن يحلل) ، قرأهما الكسائي بضم الحاء من حل يحل إذا نزل وغيره بالكسر من حل يحل إذا وجب من حل الدين يحل ، وقد أجمعوا على كسر (أن يحل عليكم غضب من ربكم)-(ويحل عليه عذاب مقيم) ، وعلى ضم (أو تحل قريبا من دارهم) ، وأشار بقوله وافى محللا إلى جوازه وفاعل وافى ضمير عائد على الضم في كسره ، أي وافى ذلك في لام يحلل أيضا
(881)
وَفي مُلكِناَ ضَمٌّ (شَـ)ـفَا وَافْتَحُوا (أُ)ولِي (نُـ)ـهَى وَحَمَلْناَ ضُمَّ وَاكْسِرْ مُثَقِّلاَ
يريد (ما أخلفنا موعدك) ضم الميم حمزة والكسائي وفتحها نافع وعاصم وكسرها الباقون فالملك بالضم السلطان وبالفتح مصدر ملك وبالكسر ما حازته اليد ، أي بسلطاننا أو بأن ملكنا أمرنا أو باختيارنا ، واختار أبو عبيد قراءة الكسر واستبعد الضمة وقال أي ملك كان لبني إسرائيل يومئذ وقوله "أولى نهى" أي أصحاب عقول وهو حال من فاعل افتحوا أو منادى على حذف حرف الندا وحملنا وحملنا بضم الحاء وكسر الميم وتشديدها ظاهران والله أعلم
(882)
(كَـ)ـمَا (عِـ)ـنْدَ (حِرْمِيٍّ) وَخَاطَبَ تَبْصِرُوا (شَـ)ـذَّا وَبِكَسْرِ الَّلامِ تُخْلِفَهُ (حَـ)ـلاَ
هؤلاء هم الذين قرءوا حملنا بالضم والتشديد أي افعل كما في مذهب هؤلاء في هذا الحرف والغيبة في يبصروا به لبني إسرائيل والخطاب لأجل قوله فما خطبك وتبصروا فاعل خاطب لما كان الخطاب فيه وشذا حال ، أي ذا شذا ، ثم قال وتخلفه حلا بكسر اللام أي لا يقدر على إخلافه وبفتح اللام أي لا يخلفك الله إياه ثم قال
(883)
دُرَاكِ وَمَعْ يَاءِ بِنَنْفُخُ ضَمُّهُ وَفي ضَمِّهِ افْتَحْ عَنْ سِوى وَلَدِ الْعُلاِ
دراك أي أدرك ، ومراده لحق بمن سبق وهو رمز لابن كثير على كسر لام لن تخلفه ثم ذكر-(يوم ينفخ في الصور)-قرأه أبو عمرو بالنون على إسناد الفعل إلى الله تعالى بنون العظمة أي نأمر بالنفخ فيه فهو موافق لقوله بعده وعشر وقرأ الباقون بياء مضمومة ، وفتح الفاء على أنه فعل ما لم يسم فاعله والهاء في ضمه الأولى للياء وهو مبتدأ وما قبله خبره كما تقول مع زيد بالدار غلامه والهاء في ضمه الثانية للفظ بنفخ يريد ضم الفاء والله أعلم
(884)
وَبِالْقَصْرِ لِلْمَكِّي وَاجْزِمْ فَلاَ يَخَفْ وَأَنَّكَ لاَ فِي كَسْرِهِ (صَـ)ـفْوَةُ (ا)لْعُلاَ
يريد-(فلا يخاف ظلما ولا هضما)-الجزم على نهى الغائب والرفع على الإخبار ولا خلاف في الذي في سورة الجن (فلا يخاف بخسا ولا رهقا) ، أنه مرفوع وأنك لا تظمؤ بالكسر عطف على إن لك أن لا تجوع-وإن ذلك أن لا تظمأ وبالفتح عطف على أن لا تجوع ولا يلزم من ذلك إدخال إن المكسورة على المفتوحة لأن هذا هنا تقدير ولأن لك قد فصل بينهما والله أعلم
(885)
وَبِالْضَّمِّ تُرْضَى (صِـ)ـفْ (رِ)ضاً يَأْتِهِمْ مُؤَنَّثٌ (عَـ)ـنْ (أُ)ولِي (حِـ)ـفْظٍ لَعَلِّي أَخِي حُلاَ
يريد لعلك بضم التاء وفتحها ظاهر وكذا أو لم يأتهم بينة بالتاء والياء لأن تأنيث بينة غير حقيقي ، أي صف ترضى بالضم إذا رضي ويأتهم مؤنث عن أصحاب حفظ أي منقول عن العلماء الحفاظ ثم ذكر ياءات الإضافة وهي ثلاث عشرة في هذه السورة لعلي آتيكم فتحها الحرميان وأبو عمرو وابن عامر أخي اشدد فتحها ابن كثير وأبو عمرو وقوله حلا أي ذو حلا أو يكون أخبر بلفظ الجمع عن الاثنين لأنهما أقل الجمع على الرأي المختار
(886)
وَذِكْرِي مَعاً إِنِّي مَعاً لِي مَعاً حَشَرْتَنِي عَيْنِ نَفْسِي إِنَّنِي رَاسِيَ انْجَلاَ
يعني-(وأقم الصلاة لذكري إن الساعة)-فتحها نافع وأبو عمرو في ذكري اذهبا إني آنست نار-(إني أنا ربك لي أمري)-لنفسي اذهب إنني أنا الله-فتح الستة هذه الحرميان وأبو عمرو (ولي فيها مآرب) فتحها ورش وحفص (حشرتني أعمى)فتحها الحرميان-على عيني إذ تمشي ولا برأسي إني خشيت-فتحهما نافع وأبو عمرو وحذف الياء من عيني ضرورة وفيها زائدة واحدة-أن لا تتبعن أفعصيت-أثبتها في الوصل نافع وأبو عمرو وفي الحالين ابن كثير وقلت في ذلك ، (فتلك ثلاث بعد عشر وزائد بتتبعني الآت من بعد لفظ لا) ، أي الذي أتى من بعد لفظ لا
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

سورة الأنبياء
(887)
وَقُلْ قَالَ (عَـ)ـنْ (شُـ)ـهْدٍ وَآخِرُهَا (عَـ)ـلاَ وَقُلْ أَوَلَمْ لاَ وَاوَ (د)ارِيهِ وَصَّلاَ
أي مقروء قال يريد-قل ربي يعلم القول-قرأه حمزة والكسائي وحفص على رسمها في مصاحف الكوفة دون غيرهم وفي آخر السورة-قل رب احكم بالحق-قرأه حفص وحده قال أي قال الرسول وقل أمر له بذلك ولما أمر به قاله والواو في أولم ير الذين كفروا لم تكتب في مصاحف أهل مكة فلم تثبت في قراءة ابن كثير وفائدتها العطف ومعنى داريه وصلا أي عالمه وصله أي نقله وعلمه والله أعلم
(888)
وَتُسْمِعُ فَتْحُ الضَّمِّ وَالْكَسْرِ غَيْبَةً سِوَى الْيَحْصَبِي وَالصُّمَّ بِالرَّفْعِ وُكِّلاَ
يريد ولا تسمع الصم الدعاء-قراءة ابن عامر على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فلزم أن تكون التاء مضمومة والميم مكسورة لأنه مضارع اسمع ونصب لفظ الصم لأنه مفعول به وغيره جعل الصم فاعلا فرفعه وأسند نفي السماع إليه فلزم فتح ضم الياء وكسر الميم لأنه مضارع سمع ولزم أن يكون أوله ياء على الغيبة فقوله غيبة ، أي ذا غيبة
(889)
وَقَالَ بِهِ فِي النَّمْلِ وَالرُّومِ (دَ)ارِمٌ وَمِثْقَالُ مَعْ لُقْمَانَ بِالرَّفْعِ (أَ)كْمِلاَ
به أي بما ذكرناه دارم أي شيخ معمر وقد سبق معناه في سورة النساء ، يعني أن ابن كثير وحده قرأ في مثل هذا في النمل والروم بما قرأ به الجماعة هنا ووافق الباقون لابن عامر على ما قرأ به وحده هنا وأما-وإن كان مثقال حبة وفي لقمان (يا بني إنها إن تك مثقال حبة) ، فرفعه نافع وحده في الموضعين على أن كان تامة كما قرأ هو وابن كثير في سورة النساء (وإن تك حسنة يضاعفها) ، وكما أجمعوا على وإن كان ذو عسرة والنصب على أنه خبر كان والتقدير وإن كان الشيء مثقال حبة وفي لقمان تك المظلمة مثقال ، وعلى قراءة نافع يكون تأنيث الفعل على المعنى لأن المثقال سيئة أو حسنة كما قال (فله عشر أمثالها) ، بقوله بالرفع أكملا إلى أن الجملة على قراءة الرفع لا تحتاج إلى تقدير اسم لكان والله أعلم
(890)
جُذَاذاً بِكَسْرِ الضَّمِّ (رَ)اوٍ وَنُونُهْ لِيُحْصِنَكُمْ (صَـ)ـافي وَأُنِّثَ (عَـ)ـنْ (كِـ)ـلاَ
أي قرأه راو فالمكسور جمع جذيذ بمعنى مجذوذ كخفاف وكرام في جمع خفيف وكريم والمضموم جمع جذاذة كزجاجة وزجاج ، وقيل الضم واحد في معنى الجمع كالرفاة والفتاة وهذا بناء ما كسر وفرقت أجزاؤه وقيل هما لغتان ، قال أبو علي جذاذ الشيء إذا قطعته ومثل الجذاذ الحطام والرفات والضم في هذا النحو أكثر والكسر فيما زعموا لغة وهي قراءة الأعمش وقرأ أبو بكر وحده لنحصنكم من بأسكم بالنون لقوله وعلمناه صنعة لبوس لكم-فهي نون العظمة وقرأه حفص وابن عامر بالتاء تأنيثا للفعل على الحمل على المعنى أي ليحصنكم اللبوس لأن المراد بها الدروع أو التقدير لتحصنكم الصنعة وقرأ الباقون بالياء على التذكير أي ليحصنكم الله تعالى أو داود أبو اللبوس لأنه بمعنى ملبوس أو التعليم الذي دل عليه وعلمناه كل ذلك قد قيل وهو صحيح واختار أبو عبيد قراءة الياء ، قال لأن اللبوس أقرب إلى الفعل وهو ذكر فكان أولى به وقول الناظم ونونه على تقدير ولنحصنكم نونه صافي على التقديم والتأخير ومثله ما سبق في يونس وبنونه ونجعل صف أي ونجعل صف بنونه ويجوز أن يكون لنحصنكم ونجعل كلاهما بدلا من الهاء كما تقول ضربته زيدا واضمر ذلك على شريطة التفسير تفخيما له وصافا فعل من المصافاة وقراءة الجماعة بالياء يجوز أن نأخذها من كونها تذكيرا فهو ضد للتأنيث إن عادت على اللبوس ويجوز أن نأخذها من الضد للنون إن عادت على الله سبحانه أو على داود عليه السلام أو على التعليم ، وإنما لم يقل وبالتاء عن كلا لئلا يشتبه بلفظ الياء
(891)
وَسَكَّنَ بَيْنَ الْكَسْرِ وَالْقَصْرِ (صُحْبَةٌ) وَحِرْمٌ وَنُنْجِي إِحْذِفْ وَثَقِّلْ (كَـ)ـذِي (صِـ)ـلاَ
وحرم مفعول وسكن أي صحبة راء هذا اللفظ وقبله كسر الحاء وبعده حذف الألف وهو المعبر عنه بالقصر وقراءة الباقين وحرام بفتح الحاء والراء وإثبات الألف وحرم وحرام لغتان كحل وحلال يريد قوله تعالى-وحرام على قرية أهلكناها وأما-وكذلك ننجي المؤمنين-فكتبت في المصحف بنون واحدة فقرأه ابن عامر وأبو بكر كذلك ، فهذا معنى قوله احذف أي احذف نونه الثانية كما قال في سورة يوسف وثان ننج احذف وكلا الموضعين كتب بنون واحدة ، وقوله وثقل يعني شدد الجيم وباقي القراء بنونين وتخفيف الجيم من أنجى ينجي وقراءة ابن عامر وأبي بكر من نجى ينجي كما قال قبله-ونجيناه من الغم-واختار أبو عبيد هذه القراءة وضعفها النحاة وعسر تخريج وجهها على معظم المصنفين ، قال أبو عبيد هذه القراءة أحب إلي لأنا لا نعلم المصاحف في الأمصار كلها كتبت إلا بنون واحدة ثم رأيتها في الذي يسمى للإمام مصحف عثمان بن عفان أيضا بنون واحد وقال إنما قرأها عاصم كذلك اتباعا للخط وقد كان بعضهم يحمله من عاصم على اللحن ، قال ابن مجاهد قرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر نجى بنون واحد مشدد الجيم على ما لم يسم فاعله قال وروي عن أبي عمرو نجى مدغمة قال وهذا وهم لا يجوز ههنا الإدغام لأن النون الأولى متحركة والثانية ساكنة والنون لا تدغم في الجيم وإنما خفيت النون لأنها ساكنة تخرج من الخياشيم فحذفت من الكتاب وهي في اللفظ ثابتة ومن قال إنها مدغمة فقد غلط قال الزجاج أما ما روي عن عاصم بنون واحدة فلحن لا وجه له لأن ما لم يسم فاعله لا يكون بغير فاعل ، قال وقد قال بعضهم المعنى نجى النجاء المؤمنين وهذا خطأ بإجماع النحويين كلهم لا يجوز ضرب زيدا يريد ضرب الضرب زيدا لأنك إذا قلت ضرب زيد فقد علم أن الذي ضربه ضرب فلا فائدة في إضماره وإقامته مقام الفاعل وإنما قال الزجاج ذلك لأن الفراء وأبا عبيد تحيلا في تخريج وجه هذه القراءة على هذا قال الفراء القراء يقرءونها بنونين وكتابتها بنون واحدة وذلك لأن النون الثانية ساكنة ولا تظهر الساكنة على اللسان فلما خفيت حذفت وقد قرأها عاصم فيما أعلم بنون واحدة ونصب المؤمنين كأنه احتمل اللحن لا يعرف لها جهة إلا تلك لأن ما لم يسم فاعله إذا خلا باسم رفعه إلا أن يكون أضمر المصدر في نجى فنوى به الرفع ونصب المؤمنين فيكون كقوله ضرب الضرب زيدا ثم يكنى عن الضرب فتقول ضرب زيدا وكذلك نجى النجاء المؤمنين وقال أبو عبيد الذي عند نافيه أنه ليس بلحن وله مخرجان في العربية ، أحدهما أن يريد ننجي مشددة لقوله-ونجيناه من الغم-ثم تدغم الثانية في الجيم ، والمخرج الآخر أن يريد نجى فعل فيكون معناه نجى النجاء المؤمنين فيكون نصب المؤمنين على هذا ثم ترسل الياء فلا ينصبها ، قلت الوجه للثاني قد أبطله الزجاج على ما سبق والأول فاسد لأنه قدر الكلمة مشددة الجيم ثم جوز أن تدغم النون الثانية في الجيم ولا يتصور الإدغام في حرف مشدد ولم يكن له حاجة إلى تقدير الكلمة مشددة الجيم بل لو ادعى أن الأصل ما قرأ به الجماعة بتخفيف الجيم ثم زعم الإدغام لكان أقرب على أنه أيضا ممتنع قال النحاس هذا القول لا يجوز عند أحد من النحويين لبعد النون من الجيم فلا تدغم فيها فلا يجوز في-من جاء بالحسنة-مجاء بالحسنة وقال الزمخشري النون لا تدغم في الجيم ومن تمحل لصحته فجعله فعل وقال نجى النجاء المؤمنين فأرسل الياء وأسنده إلى مصدره فمتعسف بارد التعسف ، قلت ومعنى قولهم أرسل الياء أي أسكنها وقال مكي فيه بعد من وجهين ، أحدهما أن الأصل أن يقوم المفعول مقام الفاعل دون المصدر ، والثاني أنه كان يجب فتح الياء من نجى لأنه فعل ماض قال وقيل إن هذه القراءة على طريق إخفاء النون في الجيم قلت وهذا تأويل أبي علي في الحجة ، قال مكي وهذا أيضا بعيد ، لأن الرواية بتشديد الجيم والإخفاء لا يكون معه تشديد قال وقيل أدغم النون في الجيم وهذا أيضا لا نظير له لا يدغم النون في الجيم في شيء من كلام العرب لبعد ما بينهما وإنما تعلق من قرأ هذه القراءة بأن هذه اللفظة في المصاحف بنون واحدة قال فهذه القراءة إذا قرئت بشد الجيم وضم النون وإسكان الياء غير ممكنة في العربية قال أبو علي فأما قول من قال إنه يسند الفعل إلى المصدر ويضمر لأن الفعل دل عليه فذلك مما لا يجوز في ضرورة الشعر والبيت الذي أنشده ابن قتيبة ، (ولو ولدت فقيرة جرو كلب لسب بذلك الجرو الكلابا) ، لا يكون حجة في هذه القراءة وإنما وجهها ما ذكرنا لأن الراوي حسب الإخفاء إدغاما ، قال الشيخ واحتجوا لإسكان الياء بقراءة الحسن ، (وذروا ما بقي من الربا) ، ويقول النابغة ردت عليه أقاضيه وليده قال وقد قرأ أبو جعفر ليجزي قوما أي ليجزي الجزاء قوما قلت وكل هذا استدلال بقراءات ضعيفة شاذة وبضرورات شعر وكل ذلك مما يشهد بضعف هذه القراءة وعجبت ممن يذكرها ويترك غيرها مما هو شائع لغة نقلا وموافق خطا نحو-ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون-ذكر ابن مجاهد رواية عن أبي عمرو بياء مضمومة ورواية عن ابن عامر بتاء مفتوحة مع كسر الجيم وأجود ما وقفت عليه في توجيه هذه القراءة ما نقله أبو جعفر النحاس قال لم أسمع في هذا بأحسن من شيء سمعته من علي ابن سليمان قال الأصل ننجي فحذف إحدى النونين لاجتماعهما كما تحذف إحدى التاءين لاجتماعهما نحو قوله تعالى-ولا تفرقوا-الأصل تتفرقوا قال والدليل على صحة ما قال أن عاصما يقرأ نجى بإسكان الياء ولو كان على ما تأوله من ذكرنا لكان مفتوحا وقال أبو الفتح ابن جني في كتاب الخصائص في باب امتناع العرب من الكلام بما يجوز في القياس أجاز أبو الحسن ضرب الضرب الشديد زيدا وقتل يوم أخاك قال هو جائر في القياس وإن لم يرد به الاستعمال ثم أنشد ابن جني ، (لسب بذلك الجرو الكلابا ) قال هذا من أقبح الضرورة ومثله لا يعتد به أصلا بل لا يثبت إلا محتقرا شاذا قال وأما قراءة من قرأ-وكذلك نجى المؤمنين-فليس على إقامة المصدر مقام الفاعل لأنه عندنا على حذف إحدى نوني ننجي كما حذف ما بعد حرف المضارعة في قوله تعالى-تذكرون-أي تتذكرون ويشهد لذلك أيضا سكون لام نجى ولو كان ماضيا لانفتحت اللام إلا في الضرورة وقال في كتاب المحتسب روى عن ابن كثير وأهل مكة-ونزل الملائكة تنزيلا-يعني في سورة الفرقان قال وكذلك روى خارجة عن أبي عمرو قال أبو الفتح ينبغي أن يكون محمولا على أنه أراد-وننزل الملائكة-إلا أنه حذف النون الثانية التي هي فاء فعل لالتقاء النونين استخفافا وشبهها بما حذف من أحد المثلين الزائدين في نحو قولك أنتم تفكرون وتظهرون وأنت تريد تتفكرون وتتظهرون ، قال ونحوه قراءة من قرأ وكذلك نجى المؤمنين ألا تراه يريد ننجي فحذف النون الثانية وإن كانت أصلا لما ذكرنا قلت ونقل هذه القراءة وتعليلها المذكور الزمخشري في تفسيره وذكره المهدوي في قراءة ننجي المؤمنين وهو وجه سديد غريب لا تعسف فيه ويشهد له أيضا حذف إحدى النونين من أتحاجوني وتبشروني وتأمروني وتأمروني أعبد وعجبت من شيخنا أبي الحسن رحمه الله كيف لم ينقل هذا التعليل في شرحه مع كونه في إعراب النحاس وهو كثير الأخذ منه وقراءة الجماعة ننجي بنونين الثانية ساكنة وبتخفيف الجيم من الإنجاء وقبله ونجيناه من الغم بالتشديد جمعا بين اللغتين كما جمع بينهما في كثير من القرآن نحو (فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) ، (ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة) ، وقول الناظم كذى صلا إشارة إلى النظر والفكرة في وجه هذه القراءة أي كن في الذكاء والبحث كذى صلا وقد سبق تفسيره ويقال بكسر الصاد وفتحها والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

(892)
وَلِلْكُتُبِ اجْمَعْ (عَـ)ـنْ (شَـ)ـذاً وَمُضَافُهَا مَعِي مَسَّنِي إِنِّي عِبَادِيَ مُجْتَلاَ
أي عن ذي شذا يريد-كطي السجل للكتاب-فالقراءة دائرة بين الجمع والإفراد قد سبق لهما نظائر فالكتب جمع كتاب والكتاب في الأصل مصدر كتب كتابا مثل بنى بناء ثم قيل للمكتوب كتاب وقد اختلف في معنى السجل فقيل هو ملك يطوى صحائف بني آدم وقيل كاتب كان للنبي صلى الله عليه وسلم فالمعنى على هذين القولين ظاهر أي كما يطوى السجل الكتاب أو الكتب ، فالمفرد اسم جنس يغني عن الجمع فهو واحد يراد به الكثرة واللام في الكتب أو للكتاب زائدة وحسنها اتصالها بمعمول المصدر تقوية لتعديته نحو عرفت ضرب زيد لعمرو والأصل ضرب زيد عمرا فكهذا هنا كطي السجل للكتاب فإضافة طي إلى السجل من باب إضافة المصدر إلى فاعله وقيل إن السجل هو اسم الصحيفة فيكون المصدر مضافا إلى مفعوله نحو (بسؤال نعجتك إلى نعاجه) ، والمعنى كطي الصحيفة للكتابة فيها أو لأجل المكتوب فيها قال قتادة كطي الصحيفة فيها الكتب قال أبو علي كطي الصحيفة مدرجا فيه الكتب أي لدرج الكتب فيها فإن كان الجمع للمكتوب فظاهر وإن كان للمصدر فلأجل اختلاف أنواعه وقول الناظم مجتلا خبر قوله ومضافها ومع وما بعده عطف بيان لمضافها أو صفة له على تقدير الذي هو كذا وكذا وأراد هذا ذكر من معي فتحها حفص وحده-إني إله من دونه-فتحها نافع وأبو عمرو مسني الضر عبادي الصالحون سكنهما حمزة والله أعلم
سورة الحج
(893)
سُكَارى مَعاَ سَكْرى (شَـ)ـفاَ وَمُحَرِّكٌ لِيَقْطَعْ بِكَسْرِ الَّلامِ (كَـ)ـمْ (جِـ)ـيدُهُ (حَـ)ـلاَ
يريد-وترى الناس سكارى وما هم بسكارى-قرأهما حمزة والكسائي سكرى كلاهما جمع سكران وأجمعوا على (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) ، ونظير القراءتين أسارى وأسرى كما سبق في الأنفال والبقرة وجمع سكران على سكارى بضم السين السين وبالألف بعد الكاف هو القياس كعجلان وعجالى وكسلان وكسالى ، وإنما جمع على سكرى بفتح السين والقصر حملا له على فعيل بمعنى مفعول إذا كان ذا آفة وبلية فحمل سكران عليه لملاقاته إياه في المعنى كجرحى وقتلى ، ونظيره قولهم روبان وروبى وهو الذي سكر من شرب اللبن الرائب والمختلط من كثرة السير والتعب قال الشاعر ، (فأما تميم تميم بن مر فألقاهم القوم روبى نياما) ، قال سيبويه قالوا رجل سكران وقوم سكرى وذلك لأنهم جعلوه كالمرضى ، قال وقالوا رجال روبي جعلوه بمنزلة سكرى والروبى الذين قد استثقلوا نوما فشبهوه بالسكران ، قال أبو علي ويجوز أن يجمع سكران على سكرى من وجه آخر وهو أن سيبويه حكى رجل سكر وقد جمعوا هذا البناء على فعالى فقالوا هرم وهرمى وزمن وزمنى وضمن وضمنى لأنه من باب الأدواء والأمراض التي يصاب بها وأما كسر اللام في ثم ليقطع فهو الأصل لأنها لا أمر فهي مكسورة بدليل أنها إذا لم يدخل عليها أحد الحروف الثلاثة الفاء والواو وثم لا تكون إلا مكسورة وهذه الحروف إذ اتصلت بها فمنهم من سكنها تخفيفا لتوسطها باتصال حرف العطف بها واتصال الفاء والواو بها أشد من اتصال ثم لأن ثم كلمة مستقلة بخلافهما فإنهما يصيران إذا اتصلا بكلمة كأنهما بعض حروفها فلهذا يسكن مع الفاء والواو من لا يسكن مع ثم وذلك نظير ما سبق في أول البقرة في إسكان فهو وهو ثم هو والفاء أشد اتصالا من الواو لأنها متصلة لفظا وخطا والواو منفصلة خطا فلهذا اتفق القراء على إسكان اللام مع الفاء نحو "فليمدد، فلينظر" واختلفوا مع الواو وثم كما يأتي فإسكانها مع الفاء أحسن ومع ثم أبعد ومع الواو متوسط فإن قلت فلم اختلف القراء في ترك الإسكان مع الفاء في فهو وفهي وأجمعوا على إسكان اللام مع الفاء قلت لخفة الكلمتين لقلة حروفهما بخلاف ما دخل عليه لام الأمر فإنها أكثر حروفا فناسبت التخفيف ولهذا كان الأكثر على الإسكان هنا مع الواو ومع ثم وفي وهو وفهو الأكثر على التحريك وتقدير البيت وليقطع محرك بكسر اللام وميزكم محذوف ، أي كم مرة "حلا جيده" والجيد العنق
(894)
لِيُوفُوا ابْنُ ذَكْوَانٍ لِيَطَّوَّفُوا لَهُ لِيَقْضُوا سِوى بَزِّيِّهِمْ (نَفَرٌ جَـ)ـلاَ
أراد ليوفوا نذورهم وليطوفوا لم يكسرهما سوى ابن ذكوان وأجمعوا على إسكان (فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي) ، في البقرة وفي النور (وليضربن بخمرهن) ، وأما ثم ليقضوا تفثهم فهو بعد ثم فكسر اللام أبو عمرو وابن عامر وقنبل وورش لأنه استثنى البزي من نفر ومدلول نفر ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ورمز مع نفر لورش بقوله "جلا" فكسر قنبل ليقضوا ولم يكسر ليقطع جمعا بين اللغتين إعلاما بجوازهما
(895)
وَمَعْ فَاطِرَ انْصِبْ لُؤْلُؤاً (نَـ)ـظْمُ (إِ)لْفَةٍ وَرَفْعَ سَوَاءَ غَيْرُ حَفْصٍ تَنَخَّلاَ
أي انصب لؤلؤا هنا مع حرف فاطر يريد (يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا) ، فوجه الخفض العطف على "أساور من ذهب" ووجه النصب العطف على موضع من أساور أو على تقدير ويحلون لؤلؤا ورسم بالألف في الحج خاصة دون فاطر والقراءة نقل فما وافق منها ظاهر الخط كان أقوى وليس اتباع الخط بمجرده واجبا ما لم يعضده نقل فإن وافق فيها ونعمت ذلك نور على نور ، قال الشيخ وهذا الموضع أدل دليل على اتباع النقل في القراءة لأنهم لو اتبعوا الخط وكانت القراءة إنما هي مستندة إليه لقرءوا هنا بألف وفي الملائكة بالخفض ، قال أبو عبيد ولولا الكراهة لخلاف الناس لكان اتباع الخط أحب إلي فيكون هذا بالنصب والآخر بالخفض وقول الناظم نظم ألفه مصدر وقع وصفا للؤلؤ وحسن ذكر النظم مع ذكر اللؤلؤ وهو إشارة إلى الائتلاف الواقع للمؤمنين في الجنة كقوله تعالى (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا) ، الآية جعلنا الله تعالى بكرمه منهم وقوله ورفع سواء مفعول قوله "تنخلا" أي غير حفص تنخل أي اختار رفع-سواء العاكف فيه-وحفص وحده نصبه فوجه رفعه أنه خبر والعاكف مبتدأ والجملة ثاني مفعولي جعلناه ونصبه على أن يكون هو المفعول الثاني فالعاكف فاعل لأنه مصدر أي مستويا فيه العاكف والبادي ويجوز أن يكون حالا من الهاء في جعلناه وللناس هو المفعول الثاني أي جعلناه لهم في حال استواء العاكف فيه والبادي فيه وعند هذا يجوز أن يكون حالا من الذكر في المستقر
(896)
وَغَيْرُ (صِحَابٍ) فِي الشَّرِيَعةِ ثُمَّ وَلْيُوَفُّوا فَحَرِّكْهُ لِشُعْبَةَ أَثْقَلاَ
أي وغير صحاب اختاروا رفع الذي في الشريعة يعني في سورة الجاثية وهو-سواء محياهم ومماتهم-لنصبه مع حفص حمزة والكسائي على الحال ومحياهم فاعله ورفع الباقون على أنه خبر مقدم والجملة بدل من الكاف في-كالذين آمنوا-فهي في موضع نصب على المفعولية وقرأ شعبة-وليوفوا نذورهم-بفتح الواو وتشديد الفاء من "وفي" والباقون من "أوفى" وهما لغتان وهذا كالخلاف في (ولتكملوا العدة) ، في البقرة فقرأ شعبة هنا كما قرأ ثم ونبه الناظم هنا على فتح ما قبل المشدد ولم ينبه على ما سبق ذكره "وأثقلا" حال من الهاء في فحركه أي ثقيلا وقوله ثم لإقامة الوزن وأجمعوا على-أوفوا بالعقود-بالألف-وإبراهيم الذي وفى- بالتشديد و(اليوم أكملت لكم دينكم) بالألف
(897)
فَتَخْطَفُهُ عَنْ نَافِعٍ مِثْلُهُ وَقُلْ معاً مُنْسَكاً بالكَسْرِ فِي السِّينِ (شُـ)ـلْشُلاَ
أي وليوفوا في تحريك الخاء بالفتح وتشديد الطاء والأصل "فتتخطفه الطير" حذفت إحدى التاءين قال الجوهري اختطفه وتخطفه بمعنى وقراءة الباقين من خطف يخطف وتعسف بعضهم في توجيه قراءة نافع وجها ذكره الشيخ في شرحه لا حاجة إليه والنسك بالفتح يقال في المصدر واسم الزمان والمكان وهو جار على القياس والكسر لغة فيه وتقدير البيت وقل مسرعا منسكا مستقر بالكسر في السين معا يعني في موضعين-وكل أمة جعلنا منسكا-ليذكر اسم الله-لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه)
(898)
وَيُدْفَعُ (حَـ)ـقٌّ بَيْنَ فَتْحَيْهِ سَاكِنٌ يُدَافِعُ وَالْمَضْمُومُ فِي أَذِنَ (ا)عْتَلاَ
يريد إن الله يدفع فقوله "ويدفع" حق جملة من مبتدأ وخبر أي قراءة "يدفع حق" ثم قيد هذه القراءة بقوله بين فتحيه ساكن يعني سكون الدال بين فتح الياء والفاء لأن القراءة الأخرى لا تعلم من ضد هذا القيد فاحتاج إلى بيانها بقوله يدافع فحذف المضاف للعلم به ولم تكن له حاجة إلى تقييد قراءة يدفع لأنه قد لفظ بالقراءتين وكان له أن يقول ، (ويدفع حق في يدافع وارد وفي إذن اضمم ناصرا أنه حلا) ، ومن بعد هذا الفتح في نا يقاتلون فيتصل رمز أذن في بيت واحد وقد مضى الكلام في سورة البقرة في مصدر هذين الفعلين-ولولا دفع الله-ودفاع لله ومثله هنا أيضا فقراءة نافع يدافع موافقة لقراءة دفاع وقراءة ابن كثير وأبي عمرو يدفع لقراتهما "ولولا دفع الله" والباقون جمعوا بينهما فقرءوا "يدافع" "ولولا دفع" إشعارا بتقاربهما في المعنى فإن المراد من يدافع يدفع فهو من باب طارقت النعل وعاقبت اللص وعافاه الله ثم تممم الكلام في أذن فقال
(899)
(نَـ)ـعَمْ (حَـ)ـفِظُوا وَالْفَتْحُ فِي تَا يُقَاتِلُونَ (عَمَّ عُـ)ـلاَهُ هُدِّمَتْ خَفَّ (إِ)ذْ (دُ)لاَ
أي ضم أذن للذين نافع وعاصم وأبو عمر وعلى ما لم يسم فاعله وفتح الباقون على تقدير "أذن الله لهم"يقاتلون بفتح التاء على بناء الفعل للمفعول أيضا وبكسرها على بنائه للفاعل والتخفيف والتشديد في هذين ظاهران وسبق معنى ولا
(900)
وَبَصْرِيًّ أَهْلَكْنَا بِتَاءٍ وَضَمِّهَا يَعُدُّونَ فِيهِ الْغَيْبُ (شَـ)ـايَعَ (دُ)خْلُلاَ
يريد فكأين من قرية أهلكناها بنون العظمة قرأه أبو عمرو بتاء مضمومة أهلكتها والغيب في (كألف سنة مما تعدون) لقوله قبله "ويستعجلونك" وهذا هو الدخلل الذي شايعه أي المداخل أي المناسب والخطاب ظاهر
(901)
وَفِي سَبَإِ حَرْفَانِ مَعْهَا مُعَاجِزِينَ (حَـ)ـقٌّ بِلاَ مَدٍّ وَفِي الْجِيمِ ثُقِّلاَ
يريد (والذين سعوا في آياتنا معجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم) ، (والذين يسعون في آياتنا معجزين أولئك في العذاب محضرون) ، هذان في سبأ وقوله "معها" أي مع حرف هذه السورة وهو "والذين سعوا في آياتنا معجزين أولئك أصحاب الجحيم" فمعنى معجزين ينسبون من تبع النبي صلى الله عليه وسلم إلى العجز وقيل مثبطين الناس عنه وقيل معناه يطلبون تعجيزنا وفي المد معنى أنهم يسابق بعضهم بعضا في التعجيز واختار أبو عبيد قراءة المد ورواها عن ابن عباس وقال معناها مشاقين وقال أبو علي معاجزين ظانين ومقدرين أنهم يعجزوننا لأنهم ظنوا أن لا بعث ولا نشور فيكون ثواب وعقاب وقال الشيخ سعوا معجزين ومعاجزين أي بالطعن فينا وقولهم سحر وشعر وغم ذلك من البهتان
(902)
وَالأوَّلُ مَعْ لُقْماَنَ يَدْعُونَ غَلَّبُوا سِوى شُعْبَةٍ وَالْيَاءُ بَيْتِيَ جَمَّلاَ
يريد بالأول-وأن ما يدعون من دونه-ومثله في لقمان واحترز بقوله الأول من الذي بعده وهو-إن الذين تدعون من دون الله-وأراد يدعون الأول فلما قدم الصفة أتبعها الموصوف بيانا فهو من باب قول النابغة والمؤمن العائدات الطير أي قرأ يدعون في الموضعين بالغيبة أبو عمرو وصحاب والباقون بالخطاب ووجههما ظاهر وفي هذه السورة ياء واحدة للإضافة و-طهر بيتي-فتحها نافع وهشام وحفص وفيها زائدتان و-الباد-أثبتها في الحالين ابن كثير وفي الوصل ورش وأبو عمرو-نكير-أثبتها في الوصل ورش وحده وقلت في ذلك ، (زوائدها ياءان والباد بعده نكير وما شيء إلى النمل أنزلا) ، أي وما شيء من الزوائد فيما بعد الحج من السور إلى سورة النمل والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

سورة المؤمنون
(903)
أَمَانَاتِهِمْ وَحِّدْ وَفِي سَالَ (دَ)ارِياً صَلاَتِهِمُ (شَـ)ـافٍ وَعَظْماً (كَـ)ـذِي (صِـ)ـلاَ
يريد-والذين هم لأماناتهم-هنا وفي سورة سأل وحدهما ابن كثير وحده-والذين هم على صلاتهم يحافظون-وحده هنا حمزة والكسائي ولا خلاف في إفراد الذي في سورة سأل ولا في الأول هنا وهو قوله-الذين هم في صلاتهم خاشعون-وعلم أن موضع الخلاف هو الثاني لذكره إياه بعد أماناتهم ، فالتوحيد يدل على الجنس والجمع لاختلاف الأنواع وقد اتفق على الجمع في-أن تؤدوا الأمانات-وعلى الأفراد في (إنا عرضنا الأمانة) ، وعلى جمع (حافظوا على الصلوات) ، وعلى الإفراد في-أقيموا الصلاة-قوله "وعظما" أي ووحد عظما يعني-فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما-وقد ذكره في البيت الآتي في قوله مع العظم وحدهما ابن عامر وأبو بكر ، كما قال الراجز في خلقكم عظم وقد شجيناه أي في حلوقكم عظام والعظام بالجمع وموضع "كذي صلا" نصب على الحال من فاعل وحد وقد سبق تفسيره
(904)
مَعَ الْعَظْمِ وَاضْمُمْ وَاكْسِرِ الضَّمَّ (حَقُّـ)ـهُ بِتَنْبُتُ وَالمَفْتُوحُ سِيناَءِ (ذُ)لِّلاَ
يريد-ثنيت بالدهن-اضمم التاء واكسر الباء فيصير من أنبت وهو بمعنى نبت فيتحد معنى القراءتين أي تنبت ومعها الدهن وقيل المفعول محذوف أي ينبت زيتونها وبالدهن في موضع الحال من الشجرة على الوجه الأول ، أي ملتبسة بالدهن وعلى الوجه الثاني يكون حالا إما من الشجرة أو من المفعول المحذوف وقيل الياء زائدة والمعنى تنبت الدهن كقوله-ومن يرد فيه بإلحاد بظلم-ومن قرأه من نبت فالباء للتعدية أو مع مجرورها للحال وقوله "حقه" أي هو حقه (وتنبت) متعلق باضمم أو باكسر أو بالضم وقوله والمفتوح "سيناء" أي وسيناء المفتوح فقدم الصفة ضرورة وأتى بما بعدها بيانا كالعائدات الطير ومعنى ذلك قرب وسهل أراد بفتح السين والباقون بكسرها وهو اسم أعجمي تكلمت به العرب مفتوحا ومكسورا وقالوا أيضا "سنين" والمانع له من الصرف مع العلمية العجمة وقيل "طور سينا" مركب كحضرموت على لغة الإضافة
(905)
وَضَمٌّ وَفَتْحٌ مَنْزِلاً غَيْرَ شُعْبَةٍ وَنَوَّنَ تَتْراً (حَقُّـ)ـهُ وَاكْسِرِ الْوِلاَ
التقدير غير شعبة "ذو ضم وفتح" لفظ "منزلا" فمنزلا مفعول بأحد المصدرين قبله يريد-وقل رب أنزلني منزلا-فضم الميم وفتح الزاي يجعله مصدرا أو اسم مكان من أنزل وقرأه شعبة بفتح الميم وكسر الزاي-على أنه كذلك من نزل ونظير القراءتين ما تقدم في "مدخلا"و"تترى" مصدر من المواترة فمن نونه جعل وزنه فعلا كضربا ومن لم ينون جعله فعلى كدعوى من المصادر التي لحقتها ألف التأنيث المقصورة وقد سبق ما يتعلق بإمالتها في باب الإمالة ثم قال "واكسر الولا" أي ذا الولا يعني الموالي لتترى أي الذي هو قريب منه بعده ثم بينه فقال
(906)
وَأَنَّ (ثَـ)ـوى وَالنُّونَ خَفِّفْ (كَـ)ـفَى وَتَهْجُرُونَ بِضَمٍّ وَاكْسِرِ الضَّمَّ (أَ)جْمَلاَ
يريد-وإن هذه أمتكم-الكسر على الاستئناف والفتح على تقدير ولأن هذه على ما تقدم في الأنعام في قوله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) ، وخفف ابن عامر النون في الموضعين كما قال سبحانه (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) ، وقرأ نافع وحده-سامرا تهجرون-بضم التاء وكسر الجيم من أهجر في منطقه إذا أفحش فيه وقرأ غيره بفتح التاء وضم الجيم من هجر إذا هذى ، وقال أبو علي تهجرون آياتي مما يتلى عليكم من كتابي فلا تنقادون له وتهجرون تأتون بالهجر وهو الهذيان وما لا خير فيه من الكلام ، وفي الحديث في زيارة القبور ولا تقولوا هجرا وقال أبو عبيد القراءة الأولى أحب إلينا ليكون من الصدود والهجران كقوله (فكنتم على أعقابكم تنكصون) ، هذا يشبه الهجران ومن قرأها تهجرون أراد الإفحاش في المنطق ، وقد فسرها بعضهم على الشرك وقول الناظم "أجملا" هو حال من فاعل اكسر أو مفعول أو نعت مصدر محذوف أي كسرا جميلا
(907)
وَفِي لاَمِ لِلهِ الأَخِيرَيْنِ حَذْفُهاَ وَفِي الْهَاءِ رَفْعُ الْجَرِّ عَنْ وَلَدِ الْعَلاَ
في هذه السورة-سيقولون لله-في ثلاثة مواضع الأول لا خلاف فيه أنه لله بإثبات لام الجر وهو جواب قوله-قل لمن الأرض ومن فيها-والخلاف في الثاني والثالث وهما جواب قوله-قل من رب السموات (قل من بيده ملكوت كل شيء) فقرأهما أبو عمرو بحذف حرف الجر فارتفع الاسم الجليل على أنه خبر مبتدأ أي هو الله فهو جواب مطابق للفظ السؤال وكذلك كتب في مصاحف البصرة وقرأهما غيره كالأول بإثبات لام الجر وكذلك كتب في مصاحفهم وهو جواب من حيث المعنى لأن قولك من مالك هذه الدار ولمن هذه الدار معناهما واحد ، قال أبو عبيدة كان الكسائي يحكي عن العرب أنه يقال للرجل من رب هذه الدار فيقول لفلان بمعنى هي لفلان وقول الناظم الأخيرين هو مضاف إليه أي وفي لام هذا اللفظ ا لذي في الموضعين الأخيرين كما تقدم في قوله "وأخرتني" الإسراء وحذفها مبتدأ فهو كقولك في صدر سيد الرجلين علم والله أعلم
(908)
وَعَالِمُ خَفْضُ الرَّفْعِ (عَـ)ـنْ (نَفَرٍ) وَفَتْحُ شِقْوَتُنَا وَامْدُدْ وَحَرِّكُهُ (شُـ)ـلْشُلاَ
يريد سبحان الله عما يصفون عالم الغيب فبالخفض هو نعت لاسم الله تعالى وبالرفع على تقدير هو عالم والشقاوة على لفظ السعادة والشقوة كالردة والفطنة لغتان أي افتح الشين وحرك القاف بالفتح ومدها وقدم ذكر المد على التحريك لضرورة الوزن ولتعين القاف لذلك فليس في حرف شقوتنا ما يقبل التحريك غير القاف لأنها ساكنة والبواقي متحرك ، وقوله "عن نفر" أي منقول عن نفر وفتح شقوتنا كذلك من حيث المعنى أي عن جماعة قرءوا به والله أعلم
(909)
وَكَسْرُكَ سُخْرِيًّا بِهاَ وَبِصَادِهاَ عَلَى ضَمِّهِ (أَ)عْطَى (شِـ)ـفَاءً وَأَكْمَلاَ
يريد فاتخذتموهم سخريا وفي ص أتخذناهم سخريا من سخرت إذا ضحكت منه وقيل الكسر في سين ذلك وضمها لغتان وقيل الضم من السخرة والعبودية والكسر من الهزؤ واللعب وأجمعوا على ضم الذي في الزخرف (ليتخذ بعضهم بعضا سخريا) ، لأن المراد المعنى الأول لينتظم قوام العالم والهاء في قوله ، وبصادها تعود على سور القرآن للعلم بذلك كما انه إذا قال حفصهم يعلم أنه أراد حفص القراء والهاء في على ضمه للكسر وقوله بها معمول وكسرك وعلى ضمه خبر المبتدأ ويجوز أن يكون بها خبر قوله وكسرك أي اختص ذلك بهذه السورة وبسورة ص ثم استأنف فقال على ضمه أعطى سخريا شفاء وفاعل أعطى ضمير عائد على سخريا لا على كسرك ولو عاد على كسرك لكان هو خبر المبتدأ ولزم أن يكون الرمز للكسر وليس للرمز إلا للضم وأشار بقوله وأكملا إلى إكمال الضم في مواضع سخريا الثلاثة والله أعلم ، قال أبو عبيد وكذلك هي عندنا لأنهن إنما يرجعن إلى معنى واحد وهما لغتان "سخرى وسخرى" وقد رأيناهم أجمعوا على ضم التي في الزخرف فكذلك الأخريان
(910)
وَفِي أَنَّهُمْ كَسْرٌ (شَـ)ـرِيفٌ وَتُرْجَعُونَ في الضَّمِّ فَتْحٌ وَاكْسِرِ الْجيمَ وَاكْمُلاَ
يريد "أنهم هم الفائزون" الكسر على الاستئناف والفتح على تقدير لأنهم أو بأنهم أو هو مفعول جزيتهم أي جزيتهم الفوز فحمزة والكسائي قرءا بالكسر وهما قرءا (وأنكم إلينا لا ترجعون) بفتح التاء وكسر الجيم والباقون بضم التاء وفتح الجيم ووجه القراءتين ظاهر وقد سبق له نظائر ويأتي الخلاف في حرف القصص في موضعه وحمزة والكسائي قرءا ذلك الموضع أيضا كهذا على إسناد الفعل إلى الفاعل ولعله أشار بقوله واكملا إلى هذا أي كملت قراءتهما في الموضعين فلم تختلف أي وأكمل أيها المخاطب في قراءتك لهما لما كان الكمال في قراءته جعله فيه مجازا وأراد وأكملن فأبدل من النون ألفا
(911)
وَفي قَالَ كَمْ قُلْ دُونَ (شَـ)ـكٍّ وَبَعْدَهُ (شَـ)ـفَا وَبِهاَ يَاءٌ لَعَلِّيَ عُلِّلاَ
يريد (قال كم لبثتم) قرأها ابن كثير وحمزة والكسائي "قل" على الأمر والذي بعد هذا قال "إن لبثتم" لم يقرأه على الأمر إلا حمزة والكسائي فجريا على الأمر في الموضعين وهو أمر لمن عينه الله سبحانه للسؤال وقرأ الباقون بالخبر في الموضعين أي قال الله ، أو الملك وقرأ ابن كثير الأولى بالأمر والثانية بالخبر فكأنه مردود على المأمور أولا أي قل ذلك المأمور قال أبو علي وزعموا أن في مصحف الكوفة قل في الوضعين ، قال أبو عبيد والقراءة عندنا على الخبر كلاهما لأن عليها مصاحف أهل الحجاز وأهل البصرة وأهل الشام ولا أعلم مصاحف مكة أيضا إلا عليها وإنما انفردت مصاحف أهل الكوفة بالأخرى قال أبو عمرو الداني وينبغي أن يكون الحرف الأول بغير ألف في مصاحف أهل مكة والثاني بالألف لأن قراءتهم كذلك ولا خبر عندنا في ذلك عن مصاحفهم إلا ما رويناه عن أبي عبيد ثم قال وبها ياء أي ياء إضافة واحدة ثم بينها بقوله لعلى أراد "لعلي أعمل صالحا" فتحها الحرميان وأبو عمرو وابن عامر وقوله "عللا" أي علل قائل هذا الكلام نفسه عند الموت بذلك ، فقال علله بالشيء أي ألهاه به والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

سورة النور
(912)
وَ(حَقٌّ) وَفَرَّضْناَ ثَقِيلاً وَرَأْفَةٌ يُحَرِّكُهُ الْمَكي وَأَرْبَعُ أَوَّلاَ
يريد-وفرضناها-أي فرضنا أحكامها وفي التثقيل إشعار بكثرة ما فيها من الأحكام المختصة بها لا توجد في غيرها من السور كالزنا والقذف واللعان والاستئذان وغض الطرف والكتابة وغير ذلك فسرها أبو عمرو فصلنا ومعناها بالتخفيف أوجبنا حدودها جعلناها فرضا ، وقول الناظم "وحق" هو خبر مقدم وثقيلا حال من المنوي فيه أي وفرضنا حق ثقيلا وأما-(ولا تأخذكم بهما رأفة)-بإسكان الهمزة ففتحها ابن كثير وكلاهما لغة ولا خلاف في إسكان التي في الحديد وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة قال ابن مجاهد ، قال لي قنبل كان ابن أبي بزة قد أوهم وقرأهما جميعا بالتحريك فلما أخبرته إنما هي هذه وحدها رجع ، قلت وهذا مما جمع فيه بين اللغتين واختير الإسكان في التي في الحديد لتجانس لفظ رحمة التي بعدها ونظير هاتين القراءتين "دأبا ودآبا" والمعز وظعنكم من باب الإسكان لأجل حرف الحلق مثل شعرة وشعرة ثم قال "وأربع أو لا" أي الواقع أولا يريد فشهادة أحدهم أربع شهادات اختلف في رفعه ونصبه وخبر قوله وأربع في أول البيت الآتي وهو صحاب أي وأربع بالرفع قراءة صحاب ودلنا على الرفع إطلاقه ووجه الرفع أنه خبر "فشهادة أحدهم" ونصبه على المصدر كما تقول شهدت أربع شهادات والخبر محذوف أي فواجب شهادة أحدهم أو المحذوف المبتدأ وهو فالواجب شهادة أحدهم نحو (والذين يظهرون من نسائهم فتحرير رقبة) والجملة خبر "والذين" ولا خلاف في نصب الثاني وهو أن تشهد أربع شهادات لأنه مصدر لا غير للتصريح بالفعل قبله وهو قوله أن تشهد
(913)
صِحَابٌ وَغَيْرُ الْحَفْصِ خَامِسَةُ الأَخِيرُ أَنْ غَضِبَ التَّخْفِيفُ وَالْكَسْرُ أُدْخِلاَ
أي وكل القراء غير حفص رفعوا والخامسة أن غضب الله وهو الأخير ولا خلاف في رفع الأول والخامسة أن لعنة الله فالرفع فيها على الابتداء وما بعده خبره أي والشهادة الخامسة هي لفظ كذا ونصب الثاني على وتشهد الخامسة ، لأن قبله "أن تشهد أربع شهادات" ثم أبدل "أن غضب الله" منه ، قال أبو علي ويجوز في القياس النصب في الخامسة الأولى رفع أربع شهادات أو نصب وقول الناظم الأخير هو نعت خامسة ولا نظر إلى التأنيث فيها لأن المراد هذا اللفظ الأخير وأسقط الألف واللام من الخامسة ضرورة وزن النظم وأدخلها في حفص كذلك أيضا فكأنه عوض ما حذف وهما زائدتان في الحفص كقول الشاعر "والزيد زيد المعارك" وقد وقع في مسند ابن أبي شيبة وغيره حدثنا حسين بن علي الجعفي عن شيخ يقال له الحفص عن أبيه عن جده قال أذن بلال حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الحافظ أبو القاسم حفص هو بن عمر بن سعد القرظ ولغرابة هذه العبارة بهم كثير فيها ويسبق لسان القاريء لها إلى لفظ الخفض بالخاء والضاد المعجمتين الذي هو أخو الكسر لشهرة هذه اللفظة وكثرة دورها في القصيدة ، كقوله "والأرحام" بالخفض جملا والنون بالخفض شكلا ، فإن قيل لو أنه قال صحاب وحفص نصب خامسة الأخير لحصل الغرض ولم يبق لفظ موهم ، قلت لكن تخيل عليه قراءة الباقين فإنها بالرفع وليس ضد النصب إلا الخفض فاقتحم حزونة هذه العبارة لكونها وافية بغرضه والألف في قوله أدخلا ضمير تثنية يرجع إلى التخفيف والكسر ، أي أدخلا في لفظ أن غضب فالتخفيف في أن والكسر في ضاد غضب ، أي قرأ نافع وحده ذلك فيكون أن مخففة من الثقيلة وغضب فعل ماض فاعله اسم الله فيجب رفعه فهو معنى قوله في البيت الآتي ، ويرفع بعد الجر ، أي بعد أن غضب يجعل الرفع موضع الجر في الكلمة المتصلة به وقراءة الجماعة واضحة يكون الغضب اسما مضافا إلى الله تعالى وهو اسم أن المشددة مثل (أن لعنة الله عليه) والنحويون يقولون إن ضمير الشأن مقدر ، أي أنه لعنة الله وأن غضب الله ولو أن قراءة نافع بفتح ضاد غضب ، كقراءة الجماعة فكانت على وزن لعنة الله ، فيكون قد خفف أن فيها فقط لكانت أوجه عندهم لأنهم يستقبحون أن يلي الفعل أن المخففة حتى يفصل بينهما بأحد الحروف الأربعة بحرف النفي إن كان الكلام نفيا نحو-أن لا يرجع إليهم قولا-وإن كان إيجابا فبحرف قد في الماضي وبالسين أو سوف في المضارع نحو-علم أن سيكون-وكان القياس عندهم أن يقال أن قد غضب الله ، قال أبو علي فإن قيل فقد جاء (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) (نودي أن بورك) فليس يجري مجرى ما ونحوها مما ليس بفعل وقوله بورك على الدعاء قلت فكذا هنا يحمل غضب الله على الدعاء فلا يحتاج إلى حرف قد
(914)
وَيَرْفَعُ بَعْدَ الْجَرِّ يَشْهَدُ (شَـ)ـائِعٌ وَغَيْرُ أُولِي بِالنَّصْبِ (صَـ)ـاحِبُهُ (كَـ)ـلاَ
قد سبق شرح قوله ويرفع بعد الجر فالجر منصوب لأنه مفعول يرفع وليس مضافا إلى بعد لأن بعد مبني على الضم بحذف ما أضيف إليه ، أي بعد قوله "أن غضب" وأما يوم تشهد عليهم ألسنتهم فيقرأ يشهد بالتذكير حمزة والكسائي ، والباقون بالتأنيث ، لأن تأنيث الألسنة غير حقيقي فجاز فيه الوجهان ، قال أبو علي كلاهما حسن ، وقد مر نحوه وأما غير (أولى الإربة) فنصبه على الحال أو على الاستثناء وخفضه على أنه صفة للتابعين أي الذين لا إربة لهم في النساء والإربة الحاجة ومعنى صاحبه كلا أي حفظ ذلك ونقله أو حرسه
(915)
وَدُرِّيٌّ اكْسِرْ ضَمَّهُ (حُـ)ـجَّةً (رِ)ضى وَفِي مَدِّهِ وَالْهَمْزِ (صُحْبَتُـ)ـهُ (حَـ)ـلاَ
أي ضم الدال وحجة حال من فاعل اكسر أو مفعوله ، أي اقرأه ذا حجة مرضية ، وأخبر عن صحبته بلفظ حلا كما سبق في صحبة كلا والهمز مجرور عطفا على وفي مده ولو رفع لكان له وجه حسن ، أي وجلا درى في مده والهمز مصاحب له ولا يمنع كون صحبته رمزا من تقدير هذا المعنى كما لم يمنع في قوله كما حقه ضماه ، أي حق أن يضم صاد الصدفين وداله على ما سبق شرحه فحصل من مجموع ما في البيت أن أبا عمرو والكسائي قرءا درى على وزن شريب وسكيت بكسر الدال والمد والهمز وحمزة وأبا بكر بضم الدال والمد والهمز على وزن مريق ، قال الجرمي زعم أبو الخطاب أنهم يقولون مريق للعصفر وقرأ الباقون وهم حفص وابن عامر والحرميان بضم الدال وتشديد الياء فلا مد ولا همز ، وهذه أجود القراءات عندهم جعلوها نسبة إلى الدر في الصفا والإضاءة وإنما نسب الكوكب مع عظم ضوئه لي الدر باعتبار أن فضل ضوء ذلك الكوكب على غيره من الكواكب كفضل الدر على غيره من الحب ، قال أبو عبيد القراءة التي نختارها دري وهو في التفسير المنسوب إلى الدر في إضاءته وحسنه وفي الحديث المرفوع "إن أهل الجنة ليتراءون أهل عليين كما تراءون الكوكب الدري في أفق السماء" هكذا نقلته العلماء إلينا بهذا اللفظ ، قال أبو علي ويجوز أن يكون فعيلا من الدرء فخفف الهمز فانقلبت ياء كما تنقلب من النسي والنبي إذا خففت ياء ، قلت يعني أنها تكون مخففة من القراءة الأخرى المنسوبة إلى حمزة وأبي بكر ، قال أبو علي هو فعيل من الدرء الذي هو الدفع ، قال ومما يمكن أن يكون من هذا البناء قولهم العلية ألا تراه من علا ، فهو فعيل وقال الزجاج النحويون أجمعون لا يعرفون الوجه فيه لأنه ليس في الكلام شيء على فعيل ، قال أبو علي هذا غلط ، قال سيبويه ويكون على فعيل وهو قليل في الكلام المرتق ، حدثنا أبو الخطاب عن العرب ، وقالوا "كوكب دري" وهو صفة هكذا قرأنه على أبي بكر بالهمز في درئ ، قال أبو عبيد كان بعض أهل العربية يراه لحنا لا يجوز والأصل فيها عندنا فعول ، مثل شيوخ ، ثم تستثقل الضمات المجتمعة فيه لو قال دروء فترد بعض تلك الضمات إلى الكسرة فيقال درى ، قال وقد وجدنا العرب نفعل هذا في فقول وهو أخف من الأول وذلك كقولهم "عتوا وعتيا" وكلتا اللغتين في التنزيل ، وأما قراءة أبي عمرو والكسائي بكسر الدال والهمزة ، فقال الزجاج الكسر جيد بالهمز يكون على وزن فعيل ويكون من النجوم الدراري التي تدرأ ، أي تنحط وتسير متدافعة ، يقال درأ الكوكب يدرأ إذا تدافع منقضا فتضاعف ضوءه يقال تدارأ الرجلان إذا تدافعا ، قال الفراء الدري من الكواكب الناصعة وهو من درأ الكوكب إذا انحط كأنه رجم به الشيطان ، قالوا والعرب تسمى الكواكب العظام التي لا تعرف أسماؤها الدراري ، قال ومن العرب من يقول كوكب دري ينسبه إلى الدر فيكسر أوله ولا يهمز كما يقال "سخرى وسخرى" "وبحر لجي ولجي" قال النحاس ومن قرأ دري بالفتح وتشديد الياء أبدل من الضمة فتحة لأن النسب باب تغيير ، قلت وهي قراءة شاذة حكيت عن قتادة وغيره ، قال وضعف أبو عبيد قراءة أبي عمرو والكسائي لأنه تأولها من درأت أي وقعت أي كوكب يجري من الأفق وإذا كان التأويل على ما تأوله لم يكن في الكلام فائدة ، ولا كان لهذا الكوكب مزية على أكثر الكواكب ، قال وروي عن محمد بن يزيد أن المعنى كوكب يندفع بالنور كما يقال اندرأ الحريق ، أي اندفع وحكى سعيد بن مسعدة درأ الكوكب بضوئه إذا امتد ضوؤه وعلا-قيل هو من قولهم درأ علينا فلان إذا طلع مفاجأة وكذلك طلوع الكوكب حكاه الجوهري ، وقال قال أبو عمرو بن العلاء سألت رجلا من سعد بن بكر من أهل ذات عرف وكان من أفصح الناس ما تسمون الكوكب الضخم فقال الدري وحكى أبو علي عن أبي بكر عن أبي العباس قال أخبرني أبو عثمان عن الأصمعي عن أبي عمرو قال قد خرجت من الخندق لم أسمع أعرابيا يقول إلا كأنه كوكب دري بكسر الدال ، قال الأصمعي فقلت أفيهمزون ، قال إذا كسروا فبحسبك قال أمحذوة من درأت النجوم تدرأ إذا اندفعت ، وهذا فعيل منه قال أبو علي يعني أنهم إذا كسروا أوله دل الكسر على إرادتهم الهمز وتخفيفهم قال صاحب المحكم درأه دفعه ودرأ عليهم خرج فجأة وادرأ الحريق انتشر وكوكب دري مندفع في مضيه من المشرق إلى ذلك والجمع درائي على وزن دراعيع ، قلت وكونه من درأ إذا دفع أحسن لأنه يدفع الظلام بنوره والله أعلم
(916)
يُسَبِّحُ فَتْحُ الْبَا (كَـ)ـذَا (صِـ)ـفْ وَيوقَدُ الْمُؤَنَّثُ (صِـ)ـفْ (شَـ)ـرْعاً وَ(حَقٌّ) تَفَعَّلاَ
يعني "يسبح له فيها" بفتح الباء على مالم يسم فاعله وكسرها على تسمية الفاعل وهو رجال وعلى قراءة الفتح يكون رجال فاعل فعل مضمر ، أي يسبحه رجال أو مبتدأ خبره مقدم عليه وهو في بيوت وقرأ أبو بكر وحمزة والكسائي توقد بالتأنيث أي توقد الزجاجة أو المشكاة كما تقول أوقدت البيت وقرأ نافع وابن عامر وحفص يوقد بالتذكير أي يوقد المصباح وقرأ ابن كثير وأبو عمرو توقد بفتح التاء والواو وتشديد القاف وفتح الدال على أنه فعل ماض ، أي توقد المصباح وهو معنى قوله "وحق تفعلا" أي قرءا على وزن تفعل مثل تكرم وتبصر والألف للإطلاق لا ضمير تثنية وأعرابه أن يقال حق خبر مقدم وتفعل مبتدأ مؤخر أراد ، والقراءة على وزن تفعل حق وحكى ابن مجاهد رواية عن عاصم وأهل الكوفة توقد على وزن قراءة أبي عمرو إلا أن الدال مرفوعة فيكون مضارع قراءة أبي عمرو والأصل تتوقد فحذفت التاء الثانية نحو "لا تكلم نفس" وحكى أبو عبيد هذه القراءة عن ابن محيصن والضمير فيها للزجاجة كما سبق في القراءة الأولى فهذه أربع قراءات الأولى والأخيرة راجعة إلى الزجاجة والثانية والثالثة إلى المصباح قال أبو علي توقد على أن فاعل توقد المصباح هو الين لأن المصباح هو الذي يتوقد قال (سموت إليها والنجوم كأنها مصابيح رهبان تشبه لقفال) ، أي ويوقد مثله يعني بالتذكير والله أعلم
(917)
وَمَا نَوَّنَ البَزِّي سَحاَبٌ وَرَفْعُهُمْ لَدى ظُلُمَاتٍ جَرَّ (دَ)ارٍ وَأَوْصَلاَ
يريد (سحاب ظلمات بعضها فوق بعض) فقرأه البزي على إضافة سحاب إلى ظلمات أي سحاب ظلمات متراكمة بعضها فوق بعض وهي ما تقدم تفصيله في قوله (أو كظلمات في بحر لجىء) قال أبو علي أضاف السحاب إلى الظلمات لاستقلال السحاب وارتفاعه في وقت هذه الظلمات كما تقول سحاب رحمة وسحاب مطر إذا ارتفع في الوقت الذي يكون فيه المطر ، ومن نون سحاب ورفع ظلمات وهي قراءة غير ابن كثير كان ظلمات خبر مبتدأ محذوف أي تلك ظلمات مجتمعة وقرأ قنبل بالتنوين وجر ظلمات على أنها وردت تكريرا وبدلا من ظلمات الأولى وقوله ورفعهم لدى ظلمات أي ورفع القراء في ظلمات جره من دري ذلك فقوله جر فعل ماض ودار فاعله وأوصل عطف على جر أي قرأ ذلك وأوصله إلينا ويجوز في قوله ورفعهم بالنصب لأنه مفعول جر والرفع على الابتداء نحو (وكل وعد الله) والنصب أقوى عند أهل العربية والله أعلم
(918)
كَمَا اسْتُخْلِفَ اضْمُمْهُ مَعَ الْكَسْرِ (صَـ)ـادِقاً وَفِي يُبْدِلَنَّ الْخِفُّ (صَـ)ـاحِبُهُ (دَ)لاَ
أي اضمم التاء مع أنك تكسر اللام فيصير فعل ما لم يسم فاعله وقراءة الباقين على إسناد الفعل للفاعل وهو الله تعالى فهو موافق لقراءة ليستخلفنهم والخلاف في وليبدلنهم بالتخفيف والتشديد سبق في الكهف أنهما لغتان وسبق معنى دلا
(919)
وَثَانِيَ ثَلاَثَ ارْفَعْ سِوى (صُحْبَةٍ) وَقَفْ وَلاَ وَقِفَ قَبْلَ النَّصْبِ إِنْ قُلْتَ أُبْدِلاَ
يعني (ثلاث عورات لكم) فهذا الثاني والأول لا خلاف في نصبه وهو ثلاث مرات لأنه ظرف فرفع الثاني على معنى هذه الأوقات أوقات ثلاث عورات فيجوز لك أن تقف على ما قبلها وهو صلاة العشاء ثم تبتدي ثلاث عورات وأما قراءة النصب فتحتمل وجهين أحدهما أن يكون بدلا من ثلاث مرات فلا وقف على هذا التقدير لأن الكلام لم يتم وليس برأس آية فيغتفر ذلك لأجله نحو (اهدنا الصراط المستقيم) ، (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) ، (لنسفعا بالناصية) ، فهذا قوله ولا وقف قبل النصب إن قلت أبدلا ، أي إن قلت هو بدل من الأول وإن قدرت ثلاث عورات منصوبا بفعل مضمر جاز الوقف مثل قراءة الرفع والتقدير (ثلاث عورات لكم) أي احفظوها وراعوها والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

سورة الفرقان
(920)
وَيَأْكُل مِنْهَا النونُ (شَـ)ـاعَ وَجَزْمُنَا وَيَجْعَلْ بِرَفْعٍ (دَ)لَّ (صَـ)ـافِيهِ (كُـ)ـمَّلاَ
يريد-أو تكون له جنة يأكل منها-الياء في يأكل والنون ظاهران وأما (ونجعل لك قصورا) فرفعه على الاستئناف وجزمه على العطف على موضع جواب الشرط الذي هو جعل لك على لغة من يجزم جواب الشرط إذا كان فعل الشرط ماضيا وهو اللغة الفصيحة ويجوز أن تكون هذه القراءة بالرفع وإنما أدغم اللام من يجعل في لام لك كما يفعل أبو عمرو في غير هذا الموضع فيتحد تقدير القراءتين وكملا جمع كامل وهو مفعول دل أي دل حسن هذا اللفظ وصفاؤه رجالا كاملين عقلا ومعرفة فقرءوا به وإن كانت القراءة الأخرى كذلك والله أعلم
(921)
وَنَحْشُرُ يَا (دَ)ارٍ (عَـ)ـلاَ فَيَقُولُ نُونُ شَامٍ وَخَاطِبْ تَسْتَطِيعُونَ (عُـ)ـمَّلاَ
يريد-ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله-الياء فيه والنون أيضا ظاهران وأراد ذو يا قاريء دار أي عارف وعملا صفة دار أو صفة يا والخلاف أيضا في فيقول بالياء والنون ظاهر فابن عامر قرأ بالنون فيهما وابن كثير وحفص بالياء فيهما والباقون بالنون في نحشرهم والياء في فيقول لقوله بعد-ءأنتم أضللتم عبادي-وكل ذلك من تلوين الخطاب كما في أول سورة الإسراء والياء في يستطيعون للآلهة والخطاب لعبادها وتستطيعون في البيت مفعول خاطب جعله مخاطبا لما كان الخطاب فيه ومثله في النمل وتخفون خاطب وتقدم في الأنعام وخاطب شام ، ويجوز أن يكون في كل هذه المواضع على حذف حرف الجر ، أي خاطب بهذا اللفظ وعملا جمع عامل وهو حال من فاعل خاطب وهو وإن كان لفظه أمر المفرد فالمراد به الجمع كأنه قال وخاطب أيها الرهط والقوم أو الفريق القراءة وقال الشيخ يستطيعون بدل من قوله وخاطب أو عطف بيان وعملا مفعول خاطب ، قلت لا يبين لي وجه ما ذكر في تستطيعون وأما جعل عملا مفعول خاطب فيجوز على أن يكون يستطيعون مفعولا بعامل مقدر أي قارئا يستطيعون وأراد بالعمل المخاطبين يستطيعون لأنهم كما قال الله تعالى (عاملة ناصبة) ، وإن كان مراد الشيخ بما ذكره أن المأمور بالخطاب هو لفظ تستطيعون جعله مخاطبا لهم لما كان الخطاب فيه كقولك قم زيد ، فهذا على حذف النداء أي قم يا زيد فكذا التقدير وخاطب يا يستطيعون أي يا هذا اللفظ ولا يبعد في التجوز تمثيل ذلك كما تخاطب الديار والآثار ويطرد هذا الوجه في نحو وخاطب تعصرون وما أشبهه
(922)
وَنُزِّلَ زِدْهُ النُّونَ وَارْفَعْ وَخِفَّ وَالْمَلاَئِكَةُ المَرْفُوعُ يُنْصَبُ دُخْلُلاَ
لفظ بقراءة ابن كثير وبين ما فعل فيها فقال زده النون أي زده النون الساكنة لأن النون المضمومة موجودة في قراءة الباقين وارفع يعني اللام لأنه صار فعلا مضارعا فوجب رفعه وخف يعني تخفيف الزاي لأن قراءة الباقين بتشديدها على أنه فعل ماض لما لم يسم فاعله وهو مطابق للمصدر الذي ختمت به الآية وهو تنزيلا ومصدر قراءة ابن كثير إنزالا إلا أن كل واحد منهما يوضع موضع الآخر أنشد أبو علي ، (وقد تطويت انطواء الخصب ) ، وقال حيث كان تطويت وانطويت يتقاربان حمل مصدر ذا على مصدر ذا ولا حاجة إلى أن يقال الناظم لم ينبه على إسكان النون ذهابا إلى أن المزيدة هي الأولى بل تجعل المزيدة هي الثانية وتخلص من الاعتراض ومن الجواب بأن خف ينبيء عن ذلك وبأن الزاي إذا خففت لم يكن بد من إسكان النون فهب أن الأمر كذلك فمن أين تعلم قراءة الباقين أنها بالضم وهو لم يلفظ بها ، فإن قلت في التحقيق الزائدة هي الأولى لأنها حرف المضارعة والثانية هي أول الفعل الماضي ، قلت صحيح إلا أن الناظم لا يعتبر في تعريفه إلا صورة اللفظ ألا تراه كيف قال في يوسف وثان ننج احذف فأورد الحذف على الثانية ليصير الفعل ماضيا وإنما المحذوف حرف المضارعة فكذا هنا ونصب ابن كثير الملائكة لأنه مفعول وننزل ورفعه الباقون لأنه مفعول ونزل ودخللا حال لأن قبله (لولا أنزل علينا الملائكة) فهو مداخله ومرافقه في اللفظ والمعنى
(923)
تَشَقَّقُ خِفُّ الشِّينِ مَعْ قَافَ (غَـ)ـالِبٌ وَيَأْمُرُ (شَـ)ـافٍ وَاجْمَعُوا سُرُجاً وِلاَ
يريد (ويوم تشقق السماء بالغمام) وفي سورة ق ، (يوم تشقق الأرض عنهم سراعا) ، الأصل فيها تتشقق فمن خفف حذف إحدى التاءين ومن شدد أدغم الثانية في الشين قال أبو علي قال أبو الحسن الخفيفة أكثر في الكلام لأنهم أرادوا الخفة فكان الحذف أخف عليهم من الإدغام فهذا معنى قوله غالب أي تخفيف الشين فيه مع حرف قاف أكثر من تشديدها في اللغة ثم قال ويأمر شاف أراد-أنسجد لما تأمرنا-أي بالغيب لإطلاقه والباقون بالخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والياء إخبار عنه قال ذلك بعضهم لبعض وخاطبه بعضهم به وقيل-لما تأمرنا-المسمى بالرحمن وإن كنا لا نعرفه ثم قال وأجمعوا سرجا يعني (وجعل فيها سراجا) يقرؤه حمزة والكسائي بالجمع على إرادة الشمس والنجوم العظام وقال الزجاج أراد الشمس والقمر والكواكب العظام معهما ، قلت فعلى هذا يكون قوله بعد ذلك (وقمرا منيرا) من باب قوله وملائكته-وجبريل وميكال-والإفراد للشمس كما جاء في سورة النبأ (وجعلنا سراجا وهاجا) وفي سورة نوح (وجعل الشمس سراجا) ، وقيل المراد بالسرج النجوم دون الشمس وهي المصابيح المذكورة في الآية الأخرى فكأنه سبحانه أشار إلى ما يظهر في السماء ليلا وهو القمر والنجوم والقراءة بالإفراد تحتمل ذلك على إرادة الجنس كما في نظائره أو أراد به الشمس فيكون مجموع القراءتين الصحيحتين قد أفاد مجموع النجوم والقمرين وولا بالكسر وهو مفعول له أو حال أي لأجل المتابعة أو ذوي متابعة
(924)
وَلَمْ يَقْتِرُوا اضْمُمْ (عَمَّ) وَالْكَسْرَ ضُمَّ (ثِـ)ـقْ يُضَاعَفْ وَيَخْلُدْ رَفْعُ جَزْمٍ (كَـ)ـذِي (صِـ)ـلاَ
أي اضمم أوله وضم أيضا كسره وهو في الثاني ، وإنما قال في الثاني ضم الكسر ولم يقل في الأول ضم الفتح لأن الكسر ليس ضدا للضم والفتح ضده فالذين ضموا الثاني فتحوا الأول والذين ضموا الأول كسروا الثاني والباقون فتحوا الأول وكسروا الثاني وهم ابن كثير وأبو عمرو ، قرءا من قتر يقتر مثل ضرب والكوفيون من قتر يقتر مثل يقتل ونافع وابن عامر من أقتر يقتر مثل أكرم يكرم وكل ذلك لغات في تضييق النفقة وقيل أقتر خلاف أيسر يدل عليه على الموسع قدره وعلى المقتر قدره وقال في معنى التضييق وكان الإنسان قتورا فهذا من قتر وفي مضارعه لغتان الكسر والضم مثل يعكفون ويعرشون ، وقال أبو حاتم لا وجه للإقتار ههنا ، إلا أن يذهب به إلى أن المسرف يفتقر سريعا ، قال أبو جعفر النحاس تعجب أبو حاتم من قراءة أهل المدينة هذه لأن أهل المدينة عنده لا يقع في قراءتهم الشاذ وتأول لهم أن المسرف يفتقر سريعا ، قال وهذا تأويل بعيد ولكن التأويل لهم أن أبا عمرو الجرمي حكى عن الأصمعي أنه يقال للإنسان إذا ضيق قتر يقتر ويقتر وقتر يقتر وأقتر يقتر ، قال فعلى هذا تتضح القراءة وإن كان فتح الياء أصح وأقرب متأولا وأشهر وأعرف ، ومن أحسن ما قيل في معناه قول أبي عبد الرحمن الجبلي من أنفق في غير طاعة الله فهو الإسراف ومن أمسك عن طاعة الله فهو الإقتار ومن أنفق في طاعة الله فهو القوام وأما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فالرفع فيهما على الاستئناف والجزم على البدل من يلق أثاما لأنهما في معنى واحد ، وقوله رفع جزم ، أي ذو رفع جزم فيهما ، وقوله كذى صلا في موضع الحال ، أي مشتهرا اشتهار ذي الصلاء ، أي موقد النار لقصد جمع الأصناف أو يكون التقدير كن كذى صلا أي تقرأ العلم لأضيافك وهم المستفيدون المستحقون لذاك
(925)
وَوَحَّدَ ذُرِّيَّاتِنَا (حِـ)ـفْظُ (صُحْبَةٍ) وَيَلْقَوْنَ فَاضْمُمْهُ وَحَرِّكْ مُثَقِّلاَ
يريد ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا إفراد الذرية وجمعها ظاهران ، وقد سبق مثلهما في الأعراف ، وأما-ويلقون فيها تحية-فاضمم ياءه وافتح لامه وثقل قافه لغير صحبة من قوله-ولقاهم نضرة وسرورا-وهو موافق لقوله-يجزون الغرفة-وقرأه صحبة من لقى يلقي نحو-تحيتهم يوم يلقونه سلام-وقال في ضدهم-فسوف يلقون غيا-وهما ظاهران أيضا والله أعلم
(926)
سِوى (صُحْبَةٍ) وَالْيَاءُ قَوْمِي وَلَيْتَنِي وَكَمْ لَوْ وَلَيْتٍ تُورِثُ الْقَلْبَ أَنْصُلاَ
سوى صحبة خبر قوله-ويلقون-أي هو قراءة سوى صحبة فحذف المضاف واعترض بين المبتدإ وخبره بقوله فاضممه وحرك مثقلا وحقه أن يتأخر وفيها من ياءات الإضافة ياءان-إن قومي اتخذوا-فتحها نافع وأبو عمرو والبزي-يا ليتني اتخذت-فتحها أبو عمرو وحده ثم أن لفظ ليتني أذكر الناظم رحمه الله قصة الظالم الذي يعض على يديه يوم القيامة ويقول-يا ليتني اتخذت مع الرسول-يا ويلتي لم أتخذ-فيندم ويتأسف ويتمنى في وقت لا ينفعه ذلك فتمم الناظم البيت بما بينه العقلاء على الاستعداد خوفا من وقوع مثل ذلك وأنصلا جمع نصل أي تورث القلب ألما كألم وقوع النصول في القلب فيقول المتندم المتأسف لو أني فعلت كذا ولو أني ما فعلت وهذه كلمة قد نهى الشرع عنها ، ففي صحيح مسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أصابك شيء فلا تقل لولا أني فعلت ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان ، وأضاف الناظم كم إلى حرفي لو وليت والمراد المرات المقولة بهذين اللفظين حكى لو بلفظها وأعرب ليت فخفضها ونونها لأنه أجراهما ههنا مجرى الأسماء في الإخبار عنها ، وقد استعمل الفصحاء ذلك فتارة حكوا وتارة أعربوا ، قال أبو زيد الطائي ، (ليت شعري وأين مني ليت إن ليتا وإن لوا عناء) ، وقال أبو تمام ، (قولي نعم ونعم إن قلت واجبة قالت عسى وعسى جسرا إلى نعم) ، وأدخل بعضهم الألف واللام فقال ، (والمرء مرتهن بسوف وليتني وهلاكه في السوف ثم الليت) ، وأفرد تورث وهو خبر عن اثنين اختصارا واستغناء بالخبر عن أحدهما نحو ولا ينفقونها في سبيل الله-وأنث لفظ تورث باعتبار الكلمة ويجوز تذكيره باعتبار اللفظ والحرف
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

سورة الشعراء
(927)
وَفِي حَاذِرُونَ الْمدُّ (مَـ)ـا(ثُـ)ـلَّ فَارِهِينَ (ذَ)اعَ وَخَلْقُ اضْمُمْ وَحَرِّكْ بِهِ الْـ(عُـ)ـلاَ
يريد-وإنا لجميع حاذرون-قيل الحذر والحاذر سواء وقيل الحذر من طبع على الحذر وقيل المتيقظ والحاذر الذي يحذر ما حدث أو المستعد كأنه أخذ حذره ومعنى قوله مائل أي ما زال من قولهم ثللت الحائط إذا هدمته ويقال للقوم إذا اذهب عزهم قد ثل عرشهم ثم قال فارهين ذاع أي قرأه بالمد من قرأ حاذرون وزاد معهم هشام يريد-وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين-وقيل أيضا فارهين وفرهين سواء وقيل فارهين حاذقين وفرهين أشرين أو كيسين أو فرحين ، ثم قال وخلق اضمم يريد-إن هذا إلا خلق الأولين-اضمم خاءه وحرك به ، أي حرك اللام بالضم وإنما احتاج إلى قوله به لأن مطلق التحريك هو الفتح فيصير خلق أي إن هذا إلا عادة الأولين يشيرون إلى الحياة والموت أو إلى دينهم أو إلى ما جاء به ، كما قالوا عنه-أساطير الأولين-وخلق بفتح الخاء وسكون اللام بمعنى كذب الأولين أو يكون إشارة إلى خلقهم ، أي ما نحن إلا كالأولين في الحياة والموت ثم رمز لمن ضم الخاء واللام ، فقال العلا كما في ند في البيت الآتي فالعلا مبتدأ وما بعده الخبر ، أي ذو العلا كالذي في مكان ند أو كالذي في كرم أو أراد أنه خبر مبتدأ محذوف ذاك هو العلا والله أعلم
(928)
(كَـ)ـمَا (فِـ)ـي (نَـ)ـدٍ وَالأيْكَةِ اللاَّمُ سَاكِنٌ مَعَ الْهَمْزِ وَاخْفِضْهُ وَفِي صَادَ (غَـ)ـيْطَلاَ
يريد-أصحاب الأيكة-هنا وفي صاد قرأهما الحرميان وابن عامر-ليكة-بفتح اللام من غير همز وفتح التاء ، وأجمعوا على الذي في الحجر والذي في قاف أنها الأيكة بإسكان اللام وبعده همزة وبخفض التاء وإنما خص ما في الشعراء وص بتلك القراءة ، لأن صورته في الرسم كذلك واختارها أبو عبيد وضعفها علماء العربية ، قال أبو عبيد لا أحب مفارقة الخط في شيء من القرآن إلا ما تخرج من كلام العرب وهما ليس بخارج من كلامها مع صحة المعنى في هذه الحروف وذاك أنا وجدنا في بعض التفسير الفرق بين الأيكة وليكة فقيل ليكة هي اسم القرية التي كانوا فيها والأيكة البلاد كلها فصار الفرق فيما بينهما شبيها بفرق ما بين بكة ومكة ورأيتهن مع هذا في الذي يقال له الإمام مصحف عثمان مفترقات فوجدت التي في الحجر والتي في ق الأيكة ووجدت التي في الشعراء والتي في صاد ليكة ثم أجمعت عليها مصاحف الأمصار كلها بعد فلا نعلمها إذا اختلفت فيها وقرأها أهل المدينة على هذا اللفظ الذي قصصنا يعني بغير ألف ولام ولا إجراء هذه عبارته وليست سديدة فإن اللام موجودة في ليكة وصوابه بغير ألف وهمزة قال فأي حجة تلتمس أكثر من هذا فبهذه نقرأ على ما وجدناه مخطوطا بين اللوحين ، قال أبو العباس المبرد في كتاب الخط كتبوا في بعض المواضع-كذب أصحاب ليكة المرسلين-بغير ألف لأن الألف تذهب في الوصل ولذلك غلط القاريء بالفتح فتوهم أن-ليكة-اسم شيء وأن اللام أصل ، فقرأ أصحاب ليكة المرسلين قال الفراء نرى والله أعلم أنها كتبت في هذين الموضعين على ترك الهمزة فسقطت الألف لتحريك اللام ، قال مكي تعقب ابن قتيبة على أبي عبيد فاختار الأيكة بالألف والهمزة والخفض وقال إنما كتبت بغير ألف على تخفيف الهمزة ، قال وقد أجمع الناس على ذلك يعني في الحجر وق ، فوجب أن يلحق ما في الشعراء وص بما أجمع عليه فما أجمعوا عليه شاهد لما اختلفوا فيه قال الزجاج القراءة بجر ليكة وأنت تريد الأيكة أجود من أن تجعلها ليكة وتفتحها لأنها لا تنصرف ، لأن-ليكة-لا تعرف وإنما هو أيكة للواحد وأيك للجمع مثل أجمة وأجم والأيكة الشجر الملتف فأجود القراءات فيها الكسر وإسقاط الهمز لموافقة المصحف ولا أعلمه إلا قد قريء به قال النحاس أجمع القراء على خفض التي في الحجر والتي في سورة ق فيجب أن يرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه إذا كان المعنى واحدا ، فأما ما حكاه أبو عبيد من أن-ليكة-اسم القرية التي كانوا فيها وأن الأيكة اسم البلد كله فشيء لا يثبت ولا يعرف من قاله ولو عرف من قاله لكان فيه نظر ، لأن أهل العلم جميعا من أهل التفسير والعلم بكلام العرب على خلافه لا نعلم بين اللغة اختلافا أن الأيكة الشجر الملتف فما احتجاج بعض من احتج لقراءة من قرأ في هذين الموضعين بالفتح أنه في السواد-ليكة-فلا حجة له فيه ، والقول فيه أن أصله الأيكة ثم خففت الهمزة فألقيت حركتها على اللام فسقطت فاستغنت عن ألف الوصل ، لأن اللام قد تحركت فلا يجوز على هذا إلا الخفض كما تقول مررت بالأحمر على تحقيق الهمزة ثم تخففها فتقول بلحمر فإن شئت كتبته في الخط على ما كتبته أولا وأن شئت كتبته بالحذف ولم يجز إلا الخفض فكذلك لا يجوز في الأيكة إلا الخفض قال سيبويه واعلم أن كل ما لا ينصرف إذا أدخلته الألف واللام أو أضفته انصرف ، قال ولا نعلم أحدا خالف سيبويه في هذا ، وقال أبو علي قول من قال ليكة ففتح التاء مشكل لأنه فتح مع لحاق اللام الكلمة وهذا في الامتناع كقول من قال مررت بلحمر فيفتح الآخر مع لحاق لام المعرفة الكلمة ، وقال إنما كتبت-ليكة-على تخفيف الهمز والفتح لا يصح في العربية لأنه فتح حرف الإعراب في موضع الجر مع لام المعرفة فهو على قياس من قال مررت بلحمر قال ويبعد أن يفتح نافع ذلك مع ما قاله ورش ، قلت يعني أن ورشا مذهبه عنه نقل الحركة ، وقد فعل ذلك في الحجر وق مع الخفض فكذا في الشعراء وص ، وقال الزمخشري قريء أصحاب الأيكة بالهمز وتخفيفها وبالجر على الإضافة وهو الوجه ومن قرأ بالنصب وزعم أن-ليكة-بوزن ليلة اسم بلد فوهم قاد إليه خط المصحف وإنما كتبت على حكم لفظ اللافظ كما تكتب أصحاب النحو لأن ولولى على هذه الصورة لبيان لفظ المخفف وقد كتب في سائر القرآن على الأصل والقصة واحدة على أن ليكة اسم لا يعرف وروى أن أصحاب الأيكة كانوا أصحاب شجر ملتف وكان شجرهم الدوم قلت يعني فهذا اللفظ مطابق لحالهم وأما لفظ ليكة على أن تكون اللام فاء الكلمة وهي مركبة من لام وياء وكاف فهذا شيء غير موجود في لسان العرب بل هذا التركيب مما أهملته فلم يتلفظ به فهو مشبه بالحاء والدال المعجمتين مع الجيم فإنه مما نص عليه أهل اللغة أنه أهمل فلم تنطق به العرب ولكن لا وجه لهذه القراءة غير ذلك ، قال الزجاج أهل المدينة يفتحون على ما جاء في التفسير أن اسم المدينة التي كان فيها شعيب ليكة قال ابن القشيري قال أبو علي لو صح هذا فلم أجمع القراء على الهمز في قوله-(وإن كان أصحاب الأيكة)-في سورة الحجر والأيكة التي ذكرت هاهنا هي التي ذكرت هناك وقد قال ابن عباس الأيكة الغيضة ولم يعبرها بالمدينة والبلد قال وهذا الاعتراض مردود إذا ثبتت هذه القراءة ولا يبعد أن تسمى بقعة ليكة ثم يعبر عن ذلك البقعة بالغيضة والأيكة لكثرة أشجارها وقال الخليل الأيكة غيضة تنبت السدر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر وقيل الأيك شجر الدوم وهو المقل وهو أكثر شجر مدين وقيل بعث شعيب إلى مدين والأيكة وهما قريتان ، قال صاحب الصحاح من قرأ أصحاب الأيكة فهي الغيضة ومن قرأ-ليكة-فهي اسم القرية ويقال هما مثل بكة ومكة ، قلت إنما قال ذلك تقليدا لما ذكره أبو عبيد وإلا فلم يذكر في حرف الكاف فصلا للام ولا ذكره غيره فيما علمت وقول الناظم غيطلا منصوب على الحال من مفعول أخفضه أي مفسرا بذلك لأن الغيطل جمع غيطلة وهي الشجر الكبير وجعله الشيخ حالا من الفاعل فقال اخفضه مفسرا أو متأولا ذلك بالغيطل ، أي أنك في القراءة الأخرى إنما تتأوله بالبقعة فقد صار للأيكة حالان حال هو فيها بقعة وحال هو فيها غيطلة فافعل ذلك به غيطلا
(929)
وَفِي نَزَّلَ التَّخْفِيفُ وَالرُّوحُ وَالأَمِينُ رَفْعُهُماَ (عُـ)ـلْوٌّ (سَمَا) وَتَبَجَّلاَ
يريد نزل به الروح الأمين فمع التخفيف رفع الروح لأنه فاعل والأمين صفته ومع التشديد نصبهما على المفعولية ويناسب التشديد ما قبله من قوله وإنه لتنزيل رب العالمين وعلو بضم العين وكسرها نقيض السفل بضم السين وكسرها
(930)
وَأَنَثْ يَكُنْ لِلْيَحْصَبِي وَارْفَع آيَةً وَفَا فَتَوَكَّلْ وَاوُ (ظَـ)ـمْئاَنِهِ (حَـ)ـلاَ
يريد أو لم يكن لهم آية قرأ الجماعة بتذكير يكن ونصب آية على أنها خبر كان واسمها أن يعلمه علماء بني إسرائيل أي أو لم يكن علم العلماء آية لهم على صدقك وعلى قراءة ابن عامر قال الزمخشري جعلت آية اسما وأن يعلمه خبرا ، قال وليست كالأولى لوقوع النكرة اسما والمعرفة خبرا ، وقد خرج لها وجه آخر ليتخلص من ذلك فقيل في يكن ضمير القصة وآية أن بعلمه جملة واقعة موقع الخبر ، قال ويجوز على هذا أن يكون لهم آية هي جملة لشان وأن يعلمه بدل عن آية ويجوز مع نصب الآية تأنيث يكن كقوله ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا قلت ولكن لم يقرأ به ، وأما فتوكل على العزيز الرحيم فرسم بالفاء في المدني والشامي وبالواو في غيرهما قال أبو علي الوجهان حسنان قال الشيخ الواو عطف جملة على جملة والفاء على أنه كالجزاء لما قبله وقال الزمخشري له محملان في العطف أن يعطف على فقل أو فلا تدع قلت لا حاجة إلى جعلها عاطفة بل لها حكم قوله فلا تدع فإن عصوك فهي في الجميع تفيد استئناف أمر غير ما تقدم والهاء في قول الناظم ظمآنه تعود إلى الفاء لأن الفاء لما جعلت الواو مكانها هنا ظمئ المكان إليها فقال الواو أيضا خلت هنا والله أعلم
(931)
وَيَا خَمْسِ أَجْرِي مَعْ عِبَادِي وَلِي مَعِي مَعاً مَعْ أَبِي إِنِّي مَعاً رَبِّيَ انْجَلا
أضاف لفظ يا إلى خمس وقصره ضرورة كما قصر لفظ فا في البيت السابق في قوله وفافتوكل يريد إن أجرى إلا في خمسة مواضع في قصة نوح وهود وصالح ولوط وشعيب عليهم السلام فتحهن نافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص وأراد بعبادي إنكم متبعون فتحها نافع وحده معي ربي سيهدين فتحها حفص وحده ومن معي من المؤمنين فتحها حفص وورش عدولى إلا اغفر لأبي إنه فتحهما نافع وأبو عمرو "إني أخاف" موضعان في قصة موسى وهود عليهما السلام ربي أعلم في قصة شعيب عليه السلام فتح الثلاث الحرميان وأبو عمرو فتلك ثلاث عشرة ياء إضافة
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

سورة النمل
(932)
شِهَابٍ بِنُونٍ (ثِـ)ـقْ وَقُلْ يَأْتِيَنَّنِي (دَ)نَا مَكُثَ افْتَحْ ضَمَّةَ الْكَافِ (نَـ)ـوْفَلاَ
أراد بشهاب قبس وقوله بنون أي بزيادة تنوين للكوفيين فيكون قبس صفة لشهاب أي مقبوس يقال قبست نارا وقيل هو بدل ومن أضاف فهو من باب ثوب خز لأن القبس الشعلة من النار وكذلك الشهاب لكن الشهاب يطلق أيضا على الكوكب ، وعلى كل أبيض ذي نور فأضيف للبيان وحكى أبو علي عن أبي الحسن أن الإضافة أكثر وأجود في القراءة كما تقول دار آجر وسوار ذهب قال ولو قلت سوار ذهب ودار آجر لكان عربيا إلا أن الأكثر في كلام العرب الإضافة ، ثم قال وقل يأتينني دنا أي بزيادة نون أيضا فاستغنى بقيد شهاب عن تقييده كما استغنى في التخفيف والتثقيل بقيد المسألة الأولى عن الثانية نحو سكرت فاسعرت عن أولى ملاد وفي اللفظ ما ينبيء عن ذلك فهو فيهما من باب الإثبات والحذف-أراد أو ليأتيني بسلطان مبين-زاده ابن كثير نونا وهو نون الوقاية وقبلها نون التأكيد الشديدة وقراءة الجماعة إما على إسقاط نون الوقاية أو على أن الفعل مؤكد بالنون الخفيفة ثم أدغمت في نون الوقاية وأما مكث ففتح الكاف منه وضمها لغتان ويقوى الفتح أنكم ماكثون ماكثين فيه أبدا ونوفلا حال من فاعل افتح وقد تقدم
(933)
مَعاً سَبَأَ افْتَحْ دُونَ نُونٍ (حِـ)ـمًى (هُـ)ـدًى وَسَكِّنْهُ وَانْوِ الْوَقْفَ (زُ)هْراً وَمَنْدَلاَ
يريد-وجئتك من سبأ-(لقد كان لسبإ) ، فهذا معنى قوله "معا" أي هنا وفي سورة سبأ افتح الهمز من لفظ سبأ دون نون أي من غير تنوين لأنه لا ينصرف وحمى هدى حال وقراءة الباقين بالصرف كسروا الهمزة ونونوا وهما لغتان في لفظ سبأ وثمود الصرف وتركه نص سيبويه وغيره عليهما بناء على أنه يقصد بهما الحي أو القبيلة وحسن لفظ الصرف هنا ليناسب الكلمة التي بعده وهي قوله "بنبإ" فهو أولى من صرف سلاسلا وقواريرا للتناسب على ما يأتي في موضعه وروى قنبل إسكان الهمزة وقرأ به ابن مجاهد عليه وقال هو وهم وبين الناظم علته بقوله وانو الوقف أي تكون واصلا بنية الوقف وهذا باب لو فتح لذهب الإعراب من كلام العرب واستوى الوقف والوصل ولكن يقع مثل هذا نادرا في ضرورة الشعر قال مكي الإسكان في الوصل بعيد غير مختار ولا قوي وقوله زهرا ومندلا حالان من فاعل سكنه أو مفعوله أي ذا زهر ومندل أي ذا طيب بمعنى طيبا أي خذه بقبول غير متكره له
(934)
أَلاَ يَسْجُدُوا رَاوٍ وَقِفْ مُبْتَلىً أَلاَ وَياَ وَاسْجُدُوا وَأبْدَأْهُ بِالضَّمِّ مُوصِلاَ
أي قراءة الكسائي بتخفيف ألا جعله حرف تنبيه نحو (ألا إن أولياء الله)-(ألا إنهم يثنون صدورهم) ، وتقدير البيتين ألا يسجدوا قراءة راو فيكون يسجدوا بعده كلمتين تقريرهما يا اسجدوا بحرف النداء وفعل الأمر والمنادى محذوف أي يا قوم اسجدوا وهذه لغة فصيحة مشهورة كثيرة ومنها قول الشماخ ، (ألا يا أصيحاني قبل غارة سنجال ) ، أي يا صحابي أصجاني إلا أنه لم يكتب في المصحف إلا على هذه الصورة بحذف ألا يا وحذف ألف الوصل من اسجدوا وحذف الألف من يا مطرد في رسم المصاحف نحو ينوح يقوم في يا نوح يا قوم وحذفت ألف الوصل أيضا في نحو بسم الله فلما اجتمعا في هذه الكلمة حذفا ونظيرها في الرسم-يبنؤم-في يا ابن أم حذفت الألف من يا وألف الوصل من ابن فحصل من هذا أن الرسم احتمل ما قرأه الكسائي وما قرأ به غيره واختار أبو عبيد قراءة الجماعة وقال لأنها في بعض التفاسير وزين لهم الشيطان أن لا يسجدوا قال ومن قرأها بالتخفيف جعلها أمرا مستأنفا بمعنى ألا يا أيها اسجدوا وهذا وجه حسن إلا أن فيه انقطاع الجزء الذي كان من أمر ملكة سبأ وقومها ثم رجع بعد إلى ذكرهم والقراءة الأولى خبر يتبع بعضه بعضا لا انقطاع فيه قال أبو علي وهذا هو الوجه ولتجري القصة على سننها ولا يفصل بين بعضها وبعض بما ليس منها وإن كان الفصل بهذا النحو غير ممتنع لأنه يجري مجرى الاعتراض وما يساد القصة وكأنه لما قيل-وزين لهم الشيطان أعمالهم-الآية قد دل هذا الكلام على أنهم لا يسجدون لله تعالى ولا يتدينون بدين فقال ألا يا قوم أو يا مسلمون اسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض خلافا عليهم وحمدا لله مكان ما هداهم لتوحيده فلم يكونوا مثلهم في الطغيان والكفر قال الفراء قرأها أبو عبد الرحمن السلمي والحسن وحميد الأعرج مخففة على معنى ألا يا هؤلاء اسجدوا فيضمر هؤلاء ويكتفي بقوله يا وسمع بعض العرب يقول ألا يا أرحمونا ألا يا تصدقوا علينا وحدثني الكسائي أن عيسى الهمداني قال ما كنت أسمع الشيخة يقرءونها إلا بالتخفيف على نية الأمر وهي في قراءة عبد الله هلا تسجدوا بالتاء فهذه حجة لمن خفف لأن قولك ألا تقوم بمنزلة قولك قم وفي قراءة أبي ألا يسجدون لله الذي يعلم سركم وما تعلنون قال وهو وجه الكلام لأنها سجدة ومن قرأ أن لا يسجدوا فشدد فلا ينبغي لها أن تكون سجدة لأن المعنى زين لهم الشيطان أن لا يسجدوا وقول الناظم وقف مبتلا ألا يا أراد أن يبين هذه الكلمات المتصلة لينفصل بعضها من بعض لفظا كما هي منفصلة تقديرا فقال إذا ابتليت بالوقف أي اختبرت وسئلت عن ذلك على وجه الامتحان أو أراد بالابتلا الاضطرار أي إذا اضطررت إلى ذلك لانقطاع نفس أو نسيان فلك أن تقف على ألا لأنه عرف مستقل لا اتصال له بما بعده بخلافها إذا شددت في قراءة الجماعة على ما يأتي ولك أن تقف على يا لأنها حرف النداء والمنادى بها محذوف فهذا موضع الاختبار لأن الياء متصلة بالفعل لفظا وخطا وأما الوقف على ألا فلا يحتاج إلى الاختبار إذ لا يخفى أنه كلمة وكذا الوقف على اسجدوا بل الوقف عليهما من باب الاضطرار لا الاختبار فلما كان قوله مبتلا يحتمل الأمرين ذكر موجبهما على كل واحد من التقديرين ونصب مبتلا على الحال وكذا ما بعده لأن التقدير قائلا ألا ويا واسجدوا ثم قال وابدأه بالضم أي ابدأ اسجدوا بضم همزة الوصل لأنه فعل أمر من المضارع المضموم الوسط كاخرج وادخل فكما تضم الهمزة إذا ابتدأت-ادخلوا مصر-كذلك تضم في-اسجدوا-إذا ابتدأت بها ، وغير الناظم من المصنفين لا يذكرون الوقف إلا على ألا يا لأنه موضع الاختبار وفي شرح الغاية لابن مهران روى عن الكسائي أنه وقف ألا يا وابتدأ اسجدوا قال فإن صح ذلك فعلى طريق إظهار الأصل لا على طريق الاختبار في الوقف كأنه قيل له فعلا أثبت النون كما في-ألا يتقون-ألا تقاتلون-ألا تجدون فأخبرهم بأصل الكلمة وقوله موصلا حال من أوصلته أي بلغته أي مبلغا علم ذلك إلى من لا يعرفه وذكر الشيخ فيه وجهين أحدهما أن معنى موصلا ناطقا بهمزة الوصل والثاني في حال وصلك أي إنه ليس بابتداء تستمر عليه إنما أنت تبتدي للضم للاختبار ثم تصله بما قبله تاليا قلت فهي على هذا المعنى حال مقدرة إلا أن في استعمال موصلا بهذا المعنى نظرا وقد سبق التنبيه عليه في باب الهمزتين من كلمة وفي سورة البقرة لأنه بمعنى واصلا ثم
(935)
أَرَادَ أَلاَ يَا هؤُلاَءِ اسْجُدُوا وَقِفْ لَهُ قَبْلَهُ وَالْغَيْرُ أَدْرَجَ مُبْدِلاَ
أي أراد الكسائي هذا التقدير وقد سبق شرحه ، ثم قال وقف له أي للكسائي قبله أي قبل ألا يسجدوا-أي يجوز لك الوقف على-فهم لا يهتدون-إذ لا تعلق لما بعده به ثم قال والغير أدرج أي غير الكسائي أدرج يهتدون مع ألا يسجدوا ولم يقف قبله وجعله بدلا من أعمالهم أو من السبيل على زيادة لا فقوله مبدلا بفتح الدال مفعول أدرج أي أدرج لفظا مبدلا أو حال من المفعول أي أدرجه في حال كونه مبدلا مما قبله ثم ذكر وجها آخر فقال
(936)
وَقَدْ قِيلَ مَفْعُولاً وَإِنْ أَدْغَمُوا بِلاَ وَلَبْسَ بِمَقْطُوعٍ فَقِفْ يَسْجُدُوا وَلاَ
أي أدرج مفعولا وفي نصب مفعول الوجهان المقدمان إما مفعول به وإما حال أي أعرب-ألا يسجدوا-بأنه مفعول واختلفت في ذلك فقيل هو مفعول به أي فهم لا يهتدون أن يسجدوا ولا زائدة وقيل هو مفعول له أي زين لهم لئلا يسجدوا أو قصدهم لئلا يسجدوا وهذا الوجه والأول الذي هو بدل من أعمالهم يكون فيه لا غير زائدة بخلاف البدل من السبيل والنصب بيهتدون فهي فيهما زائدة فلا يجوز في قراءة الجماعة الوقف على يهتدون لأجل هذا التعلق على الوجوه الأربعة بخلاف قراءة الكسائي فلا تعلق لها بما قبلها وهذا كله يقال إظهار لمعاني الكلام وتعريفا بتعلق بعضه ببعض ليتدرب فيه الطالب وإلا فالمختار عندنا جواز الوقف على رءوس الآي مطلقة ، قال وإن أدغموا بلا يعني أن ألا أصلها أن لا فأدغمت النون في اللام إدغاما واجبا لسكونها على ما عرف في باب النون الساكنة فمن ثم جاء التشديد ، ثم قال وليس بمقطوع يعني لم يفصل بين الحرفين في الرسم فلم يكتب أن لا بل لم تكتب النون صورة أصلا بل كتبت على لفظ الإدغام فلأجل ذلك احتمل الرسم قراءة الكسائي وقراءة الجماعة وهي أن الناصبة للفعل ولا بعدها للنفي أو زائدة على ما تقرر من المعاني ، ثم قال فقف يسجدوا يعني أنه ليس لك أن تقف في الابتلاء ثلاث وقفات كما ذكرنا للكسائي لأن تلك المواضع كل كلمة مستقلة بمقصودها لأن إلا أفادت الاستفتاح ويا مع المنادى المحذوف أفادت الندا ، ثم قال اسجدوا وهو أمر تام وههنا إن وقفت على ألا كنت قد وقفت على أن الناصبة دون منصوبها فلا يتم الكلام إلا بقوله يسجدوا وههنا إشكالان ، الأول أن ظاهر قوله أن لا وقف للجماعة إلا على يسجدوا فإن أراد وقف الاختيار فذاك في آخر الآية وإن أراد وقف الاضطرار جاز على ألا وهذا هو المنقول قد صرح به جماعة من المصنفين ، قال ابن الأنباري من قرأ بالتثقيل وقف على ألا وابتدأ يسجدوا وهو ظاهر كلام صاحب التيسير فإنه قال الكسائي ألا يسجدوا بتخفيف اللام ويقف ألا يا ويبتديء اسجدوا على الأمر أي ألا يا أيها الناس اسجدوا والباقون يشددون اللام لاندغام النون فيها ويقفون على الكلمة بأسرها ، وقال شيخه أبو الحسن ابن غلبون لا ينبغي أن يتعمد الوقف والابتداء ههنا لأن الكلام مرتبط بعضه ببعض من حيث الندا وخطابه فلا يفصل بعضه من بعض ، قال ولا يجوز الوقف للباقين إلا على آخر الآية وإن انقطع نفس القاريء لهم على ألا رجع إلى أول الكلام فإن لم يفعل ابتدأ يسجدوا بالياء مفتوحة قال الأهوازي يقفون عليه ألا ويبتدئون يسجدوا كما في الكتاب ، وقال صاحب الروضة الوقف عليه قبيح فإن وقف واقف عليه مضطرا ابتدأ بيسجدوا كما يصل ، وقال ابن الفحام يبتديء بياء معجمة الأسفل في أول الفعل ، وجواب هذا الإشكال أن الناظم استغنى عن ذكر الوقف على ألا لظهور الأمر فيه فلم يكن لهم عنده إلا منع الوقوف على أن من ألا فمنع ذلك بقوله وليس بمقطوع ثم اهتم بمنع فصل الياء من يسجدوا كما فعل الكسائي فقال فقف يسجدوا وضاق عليه البيت فلم يتمكن من التنصيص على التفاصيل كلها ويجوز أن يكون الناظم ما أراد بقوله وليس بمقطوع إلا أن هذا اللفظ متصل في قراءة الجماعة الياء مع السين لأنها حرف المضارعة بخلافها في قراءة الكسائي فإنها مفصولة منها تقديرا لأنها من حرف النداء من الفعل ، الإشكال الثاني لم كان حذف النون من أن في الخط مانعا من الوقوف على هذه الكلمة للجماعة ورد النون في الوقف ، فإن قلت لأنها لم ترسم فالألف من يا لم ترسم في يسجدوا وقد وقف الكسائي عليها وجوابه أن النون من أن صارت لاما للإدغام والألف من يا حذفت ولم تتعوض لفظا آخر فعادت في الوقف ، فإن قلت فقد حفص على اللام من ، (بل ران) ، وهي اللفظ راء لإدغامها في الراء وكذا النون في (من راق) ، قلت سببه أن اللام والنون رسمتا ولو رسمت هنا لفعل مثل ذلك والله أعلم ، وقول الناظم في آخر البيت ولا هو بفتح الواو أي ذا ولاء أي نصر أي ناصرا للقراءة أن منصورا بها لوضوحها وعدم الكلفة في تقريرها لأن ما يضاف إلى المصدر يكون تارة في المعنى فاعلا وتارة مفعولا كما أن المصدر يضاف مرة إلى فاعله وتارة إلى مفعوله
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

(937)
وَيُخْفُونَ خَاطِبْ يُعْلِنُونَ (عَـ)ـلَى (رِ)ضاً تَمِدُّونَنِي الإِدْغامُ (فَـ)ـازَ فَثَقَّلاَ
يريد-ويعلم ما يخفون وما يعلنون-قرأهما الكسائي بالخطاب بناء على قراءته بالأمر بالسجود على من قص عليه حكايتهم وقراءة حفص على ابتداء المخاطبة كما ابتدأها الكسائي في ألا يا اسجدوا وقراءة الباقين بالغيب فيهما ظاهرة وقوله على رضا أي كائنا على رضا من ناقليه له وإن كان علا فعلا فرضى تمييز أو حال أي علا رضاه أو على ذا رضى وأما-أتمدونن بمال-ففيه نونان فجاز الإدغام كما في أتحاجوني والإظهار الأصل وعليه الرسم قال أبو عبيد إنما هو نونان في كل المصاحف وقوله الإدغام أي ذو الإدغام فيه أي قارئه فاز فثقلا
(938)
مَعَ السُّوقِ سَاقَيهاَ وَسُوقِ اهْمِزُوا (زَ)كاَ وَوَجْهٌ بِهَمْزٍ بَعْدَهُ الْوَاوُ وُكِّلاَ
يريد-بالسوق والأعناق-و-كشفت عن ساقيها (فاستوى على سوقه) ، وسوق في الموضعين جمع ساق فوجه الهمز في الجميع إن الواحد مهموز وإن لم يكن الواحد مهموزا فوجهه إن كان على وزن فعل ضمة الواو كما قالوا-أقتت-في وقتت ثم أسكن تخفيفا وإن كان على وزن فعل فوجهه مجاورة الضمة للواو كما تقدم في عادا لولى وأما الهمز في المفرد فقيل هو لغة كهمز رأس وكأس وقيل أجرى على الجمع تابعا له وقيل من العرب من يقلب حرف المد همزة كما يقلب الهمزة حرف مد ومن ذلك همز العجاج والعالم والخاتم ومنه همز-يأجوج ومأجوج-كما سبق فاعلم أن وجه همز الجمع أقوى من همز المفرد قال أبو علي أما الهمز في ساق فلا وجه له وأما على سوقه وبالسوق فهمز ما كان من الواوات الساكنة إذا كان قبلها ضمة قد جاء في كلامهم وإن لم يكن بالفا شيء زعم أبو عثمان أن أبا الحسن أخبره قال أبو حية النميري بهمز كل واو ساكنة قبلها ضمة وينشد ، (لحب المؤقدان إلى مؤسى ) ، قال ابن مجاهد همز ابن كثير وحده-وكشفت عن ساقيها-في رواية أبي الإخريط ولم يهمز غيره وكذلك بالسوق وسوقه وهكذا قرأت على قنبل عن النبال وحدثني مضر بن محمد عن ابن أبي بزة قال كان وهب بن واضح يهمز ذلك وأنا لا أهمز من ذلك شيئا وكذلك ابن فليح لا يهمز من هذا شيئا قال ولم يهمز أحد-يوم يكشف عن ساق-ولا وجه للهمز في ذلك والصواب بلا همز ثم زاد الناظم ذكر وجه ليس في التيسير يختص بالجمع وهو بواو بعد همز سؤوق على وزن فعول ويهمز الواو الأولى لانضمامها في نفسها قال ابن مجاهد وقال علي ابن نصر عن أبي عمرو سمعت ابن كثير يقرأ بالسؤوق بواو بعد الهمز قال أبو بكر رواية أبي عمرو عن ابن كثير هذه هي الصواب من قبل أن الواو انضمت فهمزت لانضمامها والأول لا وجه له لم يذكر ابن مجاهد هذا الوجه إلا في حرف ص ولم ينقله في حرف الفتح ونقله صاحب الروضة في ص على وجه آخر فقال روى بكار عن ابن مجاهد عن قنبل بالسؤق بضم الهمزة وروى نظيف عن قنبل بهمزة ساكنة وكذا قال ابن الفحام رواه الفارسي عن ابن مجاهد من طريق ابن بكار عن قنبل بهمزة مضمومة وقال ابن رضوان في كتاب الموضح روى بكار عن ابن مجاهد ضم الهمز وإثبات واو بعدها من قوله تعالى-بالسوق-فيصير اللفظ فيها مثل بالسعوق وكذا قال صاحب "الشمس المنيرة" والشيخ أبو محمد وقالا في قوله بالسوق خاصة يعني في ص دون التي في الفتح وأظن من عبر بهمزة مضمومة ولم يذكر الواو أراد مع الواو لأن مرجع الجميع إلى نقل ابن مجاهد وابن مجاهد صرح في كتاب السبعة له في سورة ص بأنه بواو بعد الهمزة ولم يخصص الناظم بهذا الوجه حرف ص ولكن لم أر من ذكره في حرف الفتح والله أعلم ولا بعد في ذلك فإنه قد خصص ساقيها بالهمز دون (والتفت الساق بالساق)-(ويوم يكشف عن ساق) ، وأما قراءة الجماعة من غير همز فواضحة لأن وزن ساق فعل بفتح العين فجمع على فعل بإسكانها كأسد وأسد
(939)
نَقُولَنَّ فَاضْمُمْ رَابِعاً وَنُبَيِّتَنْنَهُ وَمَعاً فِي النُّونِ خَاطِبْ (شَـ)ـمَرْدَلاَ
أراد قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن فالنون عبارة عنهم والتاء خطاب بعضهم لبعض وقوله اضمم رابعا أي الحرف الرابع في الكلمتين وهو اللام والتاء وإنما وجب ضمه لأن كل واحد من الفعلين خطاب لجماعة والأصل تقولون وتبيتون بضم اللام والتاء فلما لحقت الفعل نون التأكيد حذفت الواو لالتقاء الساكنين ومثله لتؤمنن به ولتنصرنه وعلى القراءة بالنون الفعلان لا واو فيهما لأنهما نقول ونبيت فلما اتصلت بها دون التأكيد بنى أحدهما على الفتح نحو لنصدقن ولنخرجن معكم والفاء في فاضمم زائدة رابعا مفعول لاضمم إن كان تقولن مبتدأ وإن كان تقولن مفعول اضمم فرابعا تمييز لأنه تبيين لأي الحروف بضم أو بدل البعض نحو اضرب زيدا ظهرا أي اضرب ظهره ونبيتنه عطف على نقولن ومعا حال فيهما أي وخاطب فيهما معا في موضع النون أي ائت بتاء الخطاب عوضا عن نون المتكلمين وحركتهما حركة النون فهي في نقولن مفتوحة لأنه مضارع فعل ثلاثي وهو قال وفي نبيتنه مضمومة لأنه مضارع فعل رباعي وهو نبيت وشمردلا حال من فاعل خاطب أو مفعول به أي خاطب من يسرع إلى إجابتك ويخف في قضاء حاجتك وحصل في ضمن ذلك المقصود من تقييد القراءة والتعريف بها والله أعلم
(940)
وَمَعْ فَتْحِ أَنَّ النَّاسِ مَا بَعْدَ مَكْرِهِمْ لِكُوفٍ وَأَمَّا يُشْرِكُونَ (نَـ)ـدٍ (حَـ)ـلاَ
يريد-أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون-والذي بعد مكرهم-فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم-أي ومع فتح هذا الذي بعد مكرهم أي فتحهما الكوفيون أما أن الناس فعلى تقدير تكلمهم بأن الناس أي بهذا الكلام والكسر حكاية قول الدابة ويجوز أن يكون على القراءتين من كلام الله تعالى مستأنفا على الكسر وتعليلا على الفتح أي لكونهم كانوا لا يوقنون بالآيات أخرجنا لهم هذه الآية العظيمة الهائلة تخاطبهم بأن هذا مؤمن وهذا كافر ونحو ذلك وأما كسر أنا دمرناهم فعلى الاستئناف والفتح على تقدير لأنا أو هو خبر كان أو بدل من عاقبة أو خبر مبتدإ أي هي أنا والخلاف في أما يشركون بالغيب والخطاب ظاهر والرمز لقراءة الغيب لأنه أطلقها كأنه قال والغيب فيه تدخلوا والله أعلم
(941)
وَشَدِّدْ وَصِلْ وَامْدُدْ بَلِ أدَّارَكَ (ا)لَّذِي (ذَ)كاَ قَبْلَهُ يَذَّكَّرُونَ (لَـ)ـهُ (حُـ)ـلاَ
أي شدد الدال وصل الهمزة أي اجعلها همزة وصل وامدد بعد الدال ثم لفظ بالقراءة التي قيدها فالقراءة الأخرى بقطع الهمزة وقد سبق أن همزة القطع في الماضي لا تكون إلا مفتوحة وبتخفيف الدال وهو هنا سكونها ولا يلزم من التخفيف السكون ولكن لظهوره تسامح بعدم ذكره وبترك المد فيبقى أدرك مثل أدغم ولو أنه لفظ بالقراءتين كان أسهل فيقول وبل أدرك اجعله بل إدارك الذي ومعنى أدرك بلغ وانتهى وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وقراءة الباقين أصلها تدارك أي تتابع فأدغمت التاء في الدال فاحتيج إلى همزة الوصل لأن الأول صار ساكنا ومثله-اثاقلتم-اطيرنا بك-وحكم همزة الوصل كسرها في الابتداء بها وحذفها في الوصل فتكسر اللام من بل لالتقاء الساكنين ولام بل ساكنة في قراءة أدرك إذ لم يلقها ساكن وفي هذه الكلمة أيضا عشر قراءات غير هاتين القراءتين ذكرها أبو القاسم الزمخشري في تفسيره ثم قال قبله يذكرون أن قبل-بل أدارك-قليلا ما يذكرون-قرأه بالغيب أبو عمرو وهشام وفهم ذلك من الإطلاق والباقون بالخطاب ووجههما ظاهر والله أعلم
(942)
بِهَادِي مَعًا تَهْدِي (فَـ)ـشَا الْعُمْيِ نَاصِباً وَبِالْيَا لِكُلٍّ قِفْ وَفِي الرُّومِ (شَـ)ـمْلَلاَ
يريد-وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم-هنا وفي آخر الروم يقرؤه حمزة-تهدي-فيلزم نصب العمى لأنه مفعوله وهو مجرور في قراءة غيره لأنه مضاف إليه وتقدير البيت فشا تهدي في موضع بهادي في حال كونه ناصبا للعمى والقراءتان ظاهرتان ، وقال الشيخ صاحب الحال فشا لأنه يريد به حمزة ثم قال وبالياء لكل قف أي في حرف النمل سواء في ذلك من قرأ بهادي ومن قرأ تهدي لأنها رسمت بالياء ، ثم قال وفي الروم شمللا أي ووقف بالياء في حرف الروم حمزة والكسائي على الأصل وحذفها الباقون لأنها لم ترسم وهذا الموضع مما يشكل على المتبدى فيظن أن الوقوف بالياء في الموضعين للكل وأن قوله وفي الروم شملل أي قرأ الكسائي وحمزة في الروم بما قرأ به حمزة وحده في النمل وهو-تهدي العمي-وليس كذلك لقوله في أول البيت معا قال ابن مجاهد كتب بهادي العمي بياء في هذه السورة على الوقف وكتب الذي في الروم بغير ياء على الوصل وقال خلف كان الكسائي يقف عليهما بالياء ، وقال مكي هذا الحرف في المصاحف بالياء والذي في الروم بغير ياء ووقف عليهما حمزة والكسائي بالياء وهو مذهب شيخنا يعني أبا الطيب ابن غلبون قال وقد روي عن الكسائي أنه وقف عليهما بغير ياء ووقف الباقون ههنا بالياء وفي الروم بغير ياء اتباعا للمصحف ولا ينبغي أن يتعمد الوقف عليهما لأنه ليس بتمام ولا قطع كاف لا سيما الذي في الروم لأنه كتب بغير ياء على نية الوصل فإن وقفت بياء خالفت السواد وإنما ذكرنا مذاهب القراء في الوقف عند الضرورة فأما على الاختيار فلا وكذلك ما شابه هذا فاعلمه
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثالث

(943)
وَآتُوهُ فَاقْصُرْ وَافْتَحِ الضَّمَّ (عِـ)ـلْمُهُ فَشاَ تَفْعَلُونَ الْغَيْبُ (حَقٌّ لَـ)ـهُ وَلاَ
يريد-وكل أتوه داخرين-هو بالمد جمع آت مضاف إلى الهاء كما في سورة مريم (وكلهم آتيه يوم القيامة فردا) ، وهو كقولك عابدوه وداعوه وأتوه بالقصر وفتح التاء فعل وفاعل ومفعول نحو رموه وقضوه والغيب والخطاب في بما يفعلون ظاهران
(944)
وَمَالِي وَأَوْزِعْنِي وَإِنِّي كِلاَهُماَ لِيَبْلُوَنِي الْيَاءَاتُ فِي قَوْلِ مَنْ بَلاَ
الياءات خبر قوله ومالي وما بعده أي هذه ياءات الإضافة التي في هذه السورة وبلا بمعنى اختبر أي قل ذلك في جواب من اختبرك وسألك عنها فالقول مصدر أضيف إلى المقول له وهو المفعول والمصدر كما يضاف إلى فاعله يضاف إلى مفعوله ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل أي عرفت هذا من يريد أن يختبر غيره بها وهي خمس ياءات-مالي لا أرى الهدهد-فتحها ابن كثير وعاصم والكسائي وهشام-أوزعني أن أشكر-فتحها ورش والبزي-إني آنست-فتحها الحرميان وأبو عمرو-إني ألقى ليبلوني أأشكر-فتحهما نافع وحده وفيها زائدتان-أتمدونن بمال-أثبتها في الوصل نافع وأبو عمرو وفي الحالين ابن كثير وحمزة وقد سبق أن حمزة يدغم النون الأولى في الثانية-فما آتاني الله-أثبتها مفتوحة في الوصل ساكنة في الوقف قالون وحفص وأبو عمرو بخلاف عنهم في الوقف وفتحها في الوصل وحذفها في الوقف ورش وقلت في ذلك ، (وفيها فما آتاني الله قبله تمدونني زيدا فلا تك مغفلا)
سورة القصص
(945)
وَفِي نُرِي الْفَتْحَانِ مَعْ أَلِفٍ وَيَائِهِ وَثَلاَثٌ رَفْعُهَا بَعْدَ (شُـ)ـكِّلاَ
الفتحان في الراء والحرف الذي قبلها والألف بعد الراء والياء مكان النون وهي الحرف الذي قبل الراء فيصير اللفظ ويرى ويلزم من ذلك رفع الكلم الثلاث التي بعدها على الفاعلية وهي-فرعون وهامان وجنودهما-وفي القراءة الأخرى الثلاث منصوبة على المفعولية ويجوز في ويائه الجر عطفا على ألف ويجوز وياؤه بالرفع عطفا على الفتحان ومعنى شكل صور والقراءة بالنون المضمومة وكسر الراء وفتح الياء توجد من تلفظ الناظم بها لا من ضد ما ذكره ووجه القراءتين ظاهر
(946)
وَحُزْناً بِضَمِّ مَعْ سُكُونٍ (شَـ)ـفَا وَيَصْدُرَ اضْمُمْ وَكَسْرُ الضَّمِّ (ظَـ)ـامِيهِ (أَ)ـنْهَلاَ
قيد في حزنا ما لفظ به ليأخذ ضده للقراءة الأخرى وضد الضم والسكون معا الفتح فيهما فالحزن والحزن لغتان مثل العجم والعجم والعرب والعرب والبخل والبخل قرئ بهما ههنا في قوله-ليكون لهم عدوا وحزنا-وأجمعوا على الفتح في (الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن) ، وفي (وأعينهم تفيض من الدمع حزنا) ، وعلى الضم في (وابيضت عيناه من الحزن) ، (إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله) ، وادعى بعضهم أن الضم يكون في المرفوع والمجرور والفتح في الذي ظهر فيه النصب وأما-حتى يصدر الرعاء-فأراد ضم يائه وكسر داله فيكون مضارع أصدر والمفعول محذوف أي يصدر الرعاء مواشيهم ويصدر بفتح الياء وضم الدال من صدر وهو فعل لازم والصدر الانصراف وأصدرت الماشية صرفتها وإنما يصدرونها بعد ريها فلهذا قال ظاميه أنهلا ويعني بالظاميء الذي ظمئت ماشيته أي عطشت أو يكون إشارة إلى حال موسى عليه السلام فإنه كان حينئذ ظمآن ذا تعب وجوع وقد سقى المواشي وهو ظمآن منهل أي ساق النهل وهو الشرب الأول
(947)
وَجِذْوَةٍ اضْمُمْ (فُـ)ـزْتَ وَالْفَتْحُ (نَـ)ـلْ وَ(صُحْبَةٌ كَـ)ـهْفُ ضَمِّ الرَّهْبِ وَاسْكِنْهُ (ذُ)بَّلاَ
جميع ما في هذا البيت من القراءات لغات والأكثر على كسر الجيم وضمها حمزة وفتحها عاصم وأخذت قراءتهم من ضد الفتح ويقال أيضا جذيه بالياء وفي الجيم الحركات الثلاث وقال أبو عبيد القطعة الغليظة من الخشب كأن في طرفها نارا ولم تكن والرهب الخوف قرأه حفص بفتح الراء وإسكان الهاء وأبو بكر وحمزة والكسائي وابن عامر بضم الراء وإسكان الهاء والباقون بفتحهما لأن الفتح ضد الضم والإسكان المطلق ويجوز ضمهما لغة ووصل الناظم همزه وأسكنه ضرورة وذلك جائز أنشد أبو علي ، (إن لم أقاتل فألبسوني برقعا يابا المغيرة رب أمر مفصل) ، قال وهذا النحو في الشعر غير ضيق وذبل جمع ذابل وهي الرماح ونصبه على الحال أي ذا ذبل يشير إلى الحجج والأدلة والله أعلم
(948)
يُصَدِّقُنِي ارْفَعْ جَزْمَهُ (فِـ)ـي (نُـ)ـصُوصِهِ وَقُلْ قَالَ مُوسَى وَاحْذِفِ الْوَاوَ (دُ)خْلُلاَ
الجزم على جواب أرسله معي والرفع على أنها جملة في موضع الحال أي أرسله مصدقا وإنما قال ارفع جزمه لأن الجزم ليس ضدا للرفع وإن كان الرفع ضدا للجزم ومثله ما سبق في الفرقان ، يضاعف ويخلد رفع جزم والواو من-وقال موسى ربي أعلم-محذوفة من المصحف المكي دون غيره فلهذا أسقطها ابن كثير وأثبتها غيره ودخللا حال من قال موسى أي هي بحذف الواو مداخل لما قبله وهو-قال رب إني قتلت منهم نفسا-ولو قال الناظم موضع دخللا دم ولا أي ذا ولا لكان أولى لأنه لم يأت بواو فاصلة بين هذه المسئلة والتي بعدها وقد افتتح البيت الآتي بالرمز في كلمتين فالكلمة الأولى وهي نما مترددة بين أن تكون تابعة لما في هذا البيت أو لما بعدها بل نما نفر بجملته يجوز أن يكون من تتمة رمز قال موسى ويكون رمز يرجعون ما بعده وهو ثق الذي هو رمز سحران فيكون للكوفيين الحرفان كنظائر لسبقت والله أعلم
(949)
(نَـ)ـمَا (نَفَرٌ) بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ يَرْجِعُونَ سِحْرَانِ (ثِـ)ـقْ فِي سَاحِرَانِ فَتُقْبَلاَ
نما أي نقل فالمعنى نقل جماعة يرجعون بضم الياء وفتح الجيم على بناء الفعل للمفعول والباقون بفتح الياء وكسر الجيم على بناء الفعل للفاعل وقد سبق نظيرهما يريد وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون وقرأ الكوفيون-قالوا سحران تظاهرا-والباقون ساحران يعنون موسى وهارون وقيل ومحمدا صلوات الله عليهم أجمعين وسحران كذلك على حذف مضاف أي كل واحد منهما ذو سحر وقيل عنى بذلك التوراة والقرآن ونصب فتقبلا على جواب الأمر بقوله ثق والله أعلم
(950)
وَيَجْبَى خَلِيطٌ يَعْقِلُونَ (حَـ)ـفِظْتُهُ وَفِي خُسِفَ الْفَتْحَتَيْنِ حَفْصٌ تَنَخَّلاَ
الخلاف في-يجبى إليه-بالتذكير والتأنيث ظاهر لأن تأنيث الثمرات غير حقيقي ومعنى قوله خليط أي مألوف معروف ليس بغريب أي تذكير يجبى خليط لم يؤنثه سوى نافع وأما وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون فقرأه أبو عمرو وحده بالغيب وغيره بالخطاب وهما أيضا ظاهران وأما-لخسف بنا فقرأه على بناء الفعل للفاعل حفص على معنى لخسف الله بنا وقرأ غيره على بناء الفعل للمفعول بضم الخاء وكسر السين ومعنى تنخلا اختار حفص في خسف الفتحين يعني فتح الخاء والسين ولم يذكر قراءة الباقين ولا يؤخذ من الضد إلا كسر السين وأما ضم الخاء فإن الضم ضد الجزم ونظير القراءتين هنا (استحق عليهم) ، في المائدة وعبارته هناك جيدة وضم استحق افتح لحفص وكسره وكأنه أشار هنا بالفتحين إلى قراءته هناك أو إلى قوله في أول السورة وفي نرى الفتحان فإنهما فتحا ضم وكسر فكذا في خسف والله أعلم
(951)
وَعِنْدِي وَذُو الثُّنْياَ وَإِنِّي أَرْبَعٌ لَعَلِّي معاً رَبِّي ثَلاَثٌ مَعِي اعْتَلاَ
فيها اثنتا عشرة ياء إضافة عندي أو لم يعلم فتحها نافع وأبو عمرو واختلف فيها عن ابن كثير-ستجدني إن شاء الله-فتحها نافع وحده وهي التي عبر عنها بقوله وذو الثنيا أي واللفظ المصاحب للثنيا والثنيا الاسم من الاستثناء وإنما عبر عنها بذلك لأن بعدها إن شاء الله وهذا اللفظ يطلق عليه علماء الشريعة وغيرهم لفظ الاستثناء باعتبار أصل اللغة لأنها ثبت اللفظ المعلق بها عن القطع بوقوع موجبه وفي الحديث إذا حلف الرجل فقال إن شاء الله فقد استثنى وقد تقدم في باب ياءات الإضافة التعبير عنها بقوله وما بعده إن شاء وإنما لم ينص عليها بلفظها كما فعل في أخواتها لأنها لفظة لا يمكن أن تدخل في وزن الشعر أصلا لاجتماع خمس حركات فيها متوالية ثم قال وإني أربع أي أربع كلمات فتارة يؤنث هذه الألفاظ باعتبار الكلمات كقوله بعده ربي ثلاث وتارة يذكر باعتبار اللفظ كقوله وذو الثنا وذلك على حسب ما يؤاتيه نظمه أراد-إني آنست-إني أنا الله رب العالمين- إني أخاف أن يكذبون-فتح الثلاث الحرميان وأبو عمرو-وإني أريد أن أنكحك-فتحها نافع وحده-لعلي آتيكم لعلي أطلع فتحهما الحرميان وأبو عمرو وابن عامر-عسى ربي أن يهديني-ربي أعلم بمن-ربي أعلم من فتح الثلاث الحرميان وأبو عمرو-فأرسله معي ردأ-فتحها حفص وحده وقوله في آخر البيت اعتلا ، هو خبر وعندي وما بعده أي اعتلا المذكور في تبين ياآت الإضافة في هذه السورة وكان الواجب على هذا التقدير نصب أربعا وثلاثا على الحال أي اعتلا هذا وذا في حال كونهما على هذا العدد كما قال في آخر سورة هود "وياءاتها عني وإني ثمانيا" وإن جعل إني أربع مبتدأ وخبر وكذا ربي ثلاث احتاج كل واحد من هذه الألفاظ إلى خبر فيرك الكلام ويكثر الإضمار فلا حاجة إلى ذلك وفيها زائدة واحدة-يكذبون-قال سنشد أثبتها في الوصل ورش وحده وقلت في ذلك ، (وواحدة فيها تزاد يكذبون قال وما شيء إلى سبأ تلا) ، أي لم يبق شيء من الزوائد إلى سورة سبأ وتلا بمعنى تبع ما تقدم من ياءآت الزوائد والله أعلم
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع