[gdwl]ومضات من حياة المقرئ الحافظ خليل إسماعيل[/gdwl] 
ملاحظة: لقراءة الحلقات قبل جمعها مع ردود الأخوة الأعضاء اضغط [rainbow]هنــــا[/rainbow] المقدمة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه ومضات مشرقة عن علم من أعلام القراءة في العراق حاولت إن اكشف النقاب عن بعض الجوانب المضيئة من حياة هذه الشخصية الفذة ،والتي لم يدون عنها ألا الشئ القليل لاتتناسب مع ما يحظى به الحافظ من مكانة مرموقة بين قراء العالم الإسلامي، وعلى هذا الأساس جمعت في هذه الأسطر والكلمات القليلة ومن أفواه محبيه وما هو مسطر في ثنايا الكلمات مضافا أليها من لقاءاتي مع الشيخ وان كانت أياما معدودة ربما لاتجدها مسطرة في كتاب آو مدونة في ترجمة ،،ولم اقصد منها السرد التاريخي الكلاسيكي ،وإنما أحببت ان تكون معالم مضيئة يقتدي بها ويستنير بضوئها قراء زماننا اهديها إلى أهلي في العراق اسأل الله إن يفك قيده ويرفع عنه ظلم المعتدين ،وقد جعلتها عناوين تحوي مضامين ومواقف نيرة ليتعرف إليها من لم يطلع عليها، وأضفت إليها حكايات نادرة أتحفني بها المقرئ الشيخ عبد الرزاق الدليمي ،وعميد كلية الشريعة حاليا الدكتور محمد عبيد وغيرهم كثير،وقد سلسلتها ضمن حلقات متتالية اسأل الله العظيم ان يمن علينا وعلى المنكوبين من الأهل والأصحاب في العراق وان يفك أسرى المأسورين انه على ما يشاء قدير وبالله التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل.
[line]-[/line] الحلقة الاولى الحافظ خليل في صباه:
أولا:الحافظ خليل في صباه:الحافظ خليل إسماعيل رائد القراءة في العراق ولد مكفوفا فولد ذلك حزنا عميقا لدى أهله لكن الله عوضه بالبصيرة القلبية والذاكرة القوية ،فاكب على كتاب الله حفظا واستظهارا حتى أتم حفظه وهو في مراحل العمر الأولى ،وظهرت عليه ملامح الذكاء وهيئ الله لصبره وتقواه من يوجهه ويعلمه ،ومن أوائل من صحبه وتعاون معه في طلب العلم الأستاذ احمد عبد الستار الجواري ،الكاتب المشهور والذي كان بقراء في المحافل قبل الجمعة في مسجد الست نفيسة وجامع القمرية بصوت شجي يطرب الإسماع ،وقد لازم الحافظ طويلا وقد أجازه الحافظ الملا مهدي، وقد استطاع الجواري ان يتم حفظ القران بفضل صحبته للحافظ خليل وكانت الطريقة في حفظ القران تعتمد على التسميع والمراجعة بعد صلاة الفجر وفي هذه الأجواء الروحية والتي تبعث على الانشراح والاجتهاد استطاع الجواري والحافظ خليل ان يحفظا القران معا ويذكر عن الحافظ خليل انه كان يعرف جميع الوقفات على اختلاف أنواعها ويتذكرها على البديهية ،وصحب الحافظ أيضا الزاهد الورع توفيق الناصري والذي تتلمذ على يديه العشرات من طلاب العلم في الفقه والتفسير وغير ذلك ،وبعد ان تمكن الحافظ خليل من حفظ القران انتقل الى مساجد الفضل والاعظمية لينخرط مع طلاب العلم في الجمع بين القران وتلاوته وبين العلوم الدينية المختلفة وللحديث بقية [line]-[/line] الحلقة الثانية رحلة الحافظ خليل في طلب العلم لقد كانت مدارس بغداد تزخر بالمدارس التي يرتادها طلاب العلم للتفقه في الدين، فمن مدارس الكرخ إلى الفضل وانتهاء بمدارس الاعظمية ،،فقد كانت مدارس الفضل تهتم بالعلوم الدينية والعقلية مثل مدرسة(تكية القمرية) ومسجد الفضل وغيرها كثير ،وقد برز عدد من كبار العلماء في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ،ومن هولاء العلماء العلامة عبد الوهاب العبيدي وهو من اعيان العراق في القران الفقة واللغة والادب ، وقد تلقى عنه كبار العلماء امثال قاسم القيسى ونجم الدين الواعظ وحمدي الاعظمي وغيرهم ،وقد اصبحت مساجد الاعظمية ماوى لطلاب العلم ينهلوا من علوم الشريعة الغراء، وكانت الدروس تعقد بين صلاة المغرب والعشاء وبعد صلاة الفجر فهناك درس لمفتي بغداد قاسم القيسى في مسجد بشير الحنفي يتحلق فيه طلاب العلم حول الشيخ ليدرسهم في مختلف العلوم الاسلامية وهناك درس لتقي الدين الهلالى في مسجد خطاب ايام الاثنين والخميس في علوم الحديث والرجال وفقه التوحيد والعقيدة، وهناك مجلس لعبد القادر الخطيب في جامع الامام الاعظم وهو من اوسع المجالس ،وكان يعقد للعلامة الزهاوي في جامع الدهان مجلسا لدراسة الفقة ومسائل في الزهد ومحاسبة النفس ومدرسة عادلة خاتون ومدرسها نجم الدين الواعظ وهي مختصة لدراسة العلوم النظرية والعقلية مثل المنطق والنحو والصرف والنقلية مثل التفسير والفقه والسيرة ومدرسة نائلة خاتون ومدرسها حمد رشيد ال شيخ وغيرها كثير، وهذا يدل على مدى النهضة العلمية وتطورها في ذلك العهد والذي شجع كثيرا من الموسيرين حتى من النساء الى التبرع الى الجهات الخيرية والوقفية من بقيت تلك الاسماء علما شامخا لامعا في سماء العراق مما يدل ايضا على جهود العلماء المخلصين ومكانتهم المرموقة واثرهم على شرائح المجتمع المختلفة ومكانتهم الاجتماعية بين الافراد ،في هذه الاجواء العلمية برز عدد من قراء العراق جمعوا بين العلم والدراسة وبين الاداء والصوت الجميل وكانت لتلاوتهم صدى واسعا في العالم الاسلامي منهم على سبيل المثال المقرئ الملا مهدي العزاوي البصير (1849-1959)اخذالقراءات على يد الملا على الفضلى الفقيه وقراء على عثمان الموصلي وقد كان الحافظ ذا صوت رخيم وله تلاوات مسجلة في دار الاذاعة ،ومنهم المقرئ محمود عبد الوهاب(1895-1970) من ابرز قراء الحضرة القادرية نال اجازة من امجد الزهاوي والشيخ يوسف العطا وقداعجب به الحافظ عثمان الموصلي وقد قراء في المسجد النبوي وهو اول من قراء في دار الاذاعة ومنهم العلامة نعمان العمر الاعظمي كان زاهدا متعبدا عين اماما في مسجد حسن بك وسكن في المسجد وكان لايفتر ابدا من تلاوة القران كثير الصيام والقيام ،ومنهم المقرئ السيد حسن الحسيني (1860-1940)اخذ علم القراءات عن المقرئ المشهور خليل المظفر كان اماما في مسجد خطاب بالاعظمية احتسابا لله ومنهم مقرانا الذي نترجم له فقد كان الحافظ خليل معاصرا لهولاء ومصاحبا لبعضهم وعلى شاكلتهم في الفقه والعلم والدراية فكان رحمه الله يرتاد الى مدارس العلم رغم ما كان يعاني منه لينهل من تلك الروضة الغناء والحديقة الخضراء ومن تلك الاشجار والثمار الطيبة ليغذي موهبته في التلاوة والصوت ليكون فيما بعد رائد القراءة في العراق وللحديث بقية . [line]-[/line] الحلقة الثالثة مواقف للحافظ خليل في الزهد والصبر والتقوى لقد كان لتجوا ل الحافظ في مدارس الفضل والاعظمية والكرخ ودراسته عند كبار شيوخ العلم في صباه لها الاثر البالغ في مستقبله العلمي والديني وكان تردده على بيوت الله وطلبه للعلم وصحبته للاخيار من عباد الله امثال ابو المكارم (من المقرئين المعروفين من قراء العراق وكان صاحب فراسة قوية وكان من عادته ان يختم القران مع الحافظ وغيره القران في التهجد وخاصة في ليالي رمضان)لها الاثر كذالك على سلوكه وادبه فقد كان صاحب خلق عظيم وادب جم ،وقد صحب الحافظ مقرئين من الطراز الاول اثروا في شخصه وفي صقل موهبته الصوتية امثال المقرئ الحافظ مهدي ومحمود عبد الوهاب ممن لها صيت واسع في العالم الاسلامي يؤمئذ،وقد اثر عن الحافظ مواقف تدل على مدى ما كان يتمتع به من اخلاق عالية وصبر على البلاء وزهد عن الدنيا ومن تلك المواقف والتى رواها لي المقرئ عبد الرزاق الدليمي ما يلي: اولا:صبره فقد ضرب الحافظ المثل الرائع في صبره على المصائب ابتداء من فقدن بصره الذي يرى به نور الدنيا ولم يذكر عنه انه اشتكى الى احد من عباد الله بل كان يتمنى ان يرى بعض مظاهر الدين ويشتاق الى رؤية البيت الحرام ثم صبره على فقدان فلذة كبدة وزهرة حياته ابنه الذي كان حين يذكره تدمع العين ويحزن القلب وقد اورثه ذلك الحزن في النفس حزونة في الصوت تبدو واضحة عند التلاوة وكان غند قرائته لقوله تعالى (انما اشكو بثي وحزني الى الله)تبدو بشكل اوضح . ثانيا:زهده عن الدنيا فقد كان معروفا ببساطته فهو لايملك الابيتا بسيطا وكا نت ادارة الاذاعة كثيرا ماتتردد اليه واثناء تسجيل التلاوة تنطفاء الكهرباء فلا يجدون عنده ما يعينهم على اكمال التسجيل سوى الجلوس والتحدث لحين روجوع التيار الكهربائي،بل لم يكن يملك ما يملكه ابسط الناس وهو التلفاز حتى علمت به الدولة اخيرا فاهدت اليه جهازا بسمع به ترتيله وتجويد ومن بساطته انه كان يذهب بنفسه مع اهله لاجل اخذ ما يعرف ب(الحصة التموينية)كل ذلك مع شهرته في عموم العالم الاسلامي، وقد كان لعظيم زهده بل لورعه يابى ان ينفق مال ولده الذي مع شدة حاجته اليه كان يحتفظ به ويوصي اصحابة المقربين ا اذا وافاه الاجل ان يعطوا المال حين عودة وله الى ان وافاه الاجل وهو على تلك الحال والى موقف اخر من مواقف الشيخ وحلقة اخرى من تراث الشيخ الحافظ رحمه الله.انقل لكم رابط قراءة سورة يوسف واستمع لقرائته من قوله تعالى (انما اشكو........)كانه يعبر عن نفسه رحمه الله الحلقة الثالثة تتمة مواقف مشرقة من حياة الحافظ خليل اسماعيل لقد كانت حياة الحافظ رحمه الله حافلة بالمواقف المشرقة والتى هي ثمرة التربية الايمانية التي تلاقاها في احضان اسرته منذ اللحظة الاولى وما ورثه من اداب مرعية من مشكاة النبوة ثم التربية العلمية التى تلقاها من مشايخه الكرام والذين تتلمذ عليهم الحافظ نفسه ، والغرض من ايراد هذه المواقف هو بيان ماكان يتمتع به الحافظ من تدين عميق وخلق قويم ولكي يكون قدوة لقراء زماننا (وقد راينا من يترجم للمغنيين وغيرهم ممن لاخلق له ولا دين فلماذا يعاب علينا ان نترجم لزهرة القراءوانا اعرفه واي حط من قيمته اذا ذكرت انه يملك تلفازا(الدش لم يدخل العراق الابعد وفاة الحافظ وفي زمن الاحتلال) وليس فيه الاقناة واحدة اسود وابيض وقس انت الى ما يملكه..........!!!وحسبنا الله)وهذه الاخلاق السامية والاتقان الجيد وغيرها مما ذكرناه سابقا هي التي جعلت من المقرئ رائد القراءة في العراق وقد جعلت لهذه المواقف عناوين مستوحاة من مضامين ومواضع جعلتها بارزة ظاهرة ليستدل بها على المقصود ومن تلكم المواقف: الخطيب البارع :مع كونه مقرئا لكتاب الله كان رحمه الله واعظا ومرشدا من الطراز الاول يجيد اساليب الوعظ والارشاد -وان لم يعتل المنبر- بشكل جيد ويملك شجاعة ادبية قلما تجتمع في مقرئ وكان رحمه الله يعظ الناس في مجالس العزاء فيذكر ويرشد ويعلم ويحذر مع استحضار عجيب للايات والاحاديث والاقوال والامثال هكذا كانت مجالس العزاء ايام زمان حتى تحولت الى النياحة ودخل هذا الباب من لايخشون الله ولايتقيه. احسان الظن بالله :وهو من صفات المؤمن وهكذا كان ديدن الحافظ مهما واجه من الظروف والعقبات يخاف ربه ويرجو رحمته وكان يردد ليست النار لحملة القران اي العاملين به الحاملين لؤائه. الذاكر لله :وقد رايته يجلس بعد صلاة الفجر يذكر الله الى حين طلوع الشمس مستغرقا في ذكر ربه تاليا لكتابه منضرعا له وكنا نهاب ان نكلمه حتى ينتهى من الذكر وكان مع ذلك منشرح الصدر طيب النفس قوي القلب (والانسان عدو ما جهل والذي رافق الشيخ يعرف ذلك منه -ومنهم اخونا نجاة العسكري والمقرئ الدليمي- يعرف عادته ومن لم يسمع ذلك ربما ينكره صلاة الحماعة :وهو من اشد الناس محافظة عليها وربما لم تفته تكبيرة الاحرام الاقليلا ،وكان ممن اعرفهم يتنافسون بمرافقته للمسجد حبا له ومن شدة حبهم له ان الكثيرين كانوا يحاولون محاكاته في الصوت وعلى الرغم مما هو مصاب به الا انه من رواد المساجد المحافظين على صلاة الفجر خاصه. حبه للسنة وبغضه للبدع :كان رحمه الله محافظا على السنة كبيرها وصغيرها ويعظم من يطبقها ويكره البدع واهلها وخاصة ممن يدعون انهم من اهل الكرامات ويدعون انهم ممن وصلوا الى حال يعفيهم من الفرائض المكتوبة على الخلق ويكره الجماعة الذين يضربون انفسهم بالشيش ويقولون ان ذلك دليل على الكرامة بل هو دليل على الندامة ويقول رحمه الله اذا كانوا صادقين خلي اقراء عليهم القران وسيرون ما يحصل لهم وصدق الشيخ فان ما يحصل لهم هو من تزيين الشيطان ومن تلبس الجن والمردة بهم والامر لله وحده. القناعة كنز لايفنى:فقد كان قانعا بما رزقه الله له لايتطلع الى من هو فوقه ومع شدة فاقتة وحاجته وفقره كان قرير العين طيب النفس وعلى الرغم من ذلك كان يتصدق على فقراء محلته بما يتيسر له . الحياء من شعب الايمان :يذكر المقرئ عبد الرزاق الدليمي انه كان بصحبة عبد المجيد العاني فدخل على الحافط وتجاذبا اطراف الحديث والمقرئ حديث المعرفة به فذكرعبد المجيد العاني للشيخ الحافظ من الطرائف المضحكة فانتبه الحافظ واخذه الحياء ولم ينبسط كثيرا لوجود المقرئ الشيخ عبد الرزاق العاني الذي يدخل عليه لاول مرة . الحوار العلمي البناء :الحوار العلمي والنقاش وعدم التعصب ومن دون لمز اطعن دليل على رجاحة العقل وسعة الافق والامة مبتالاة من صنف لايعرفون الاراي واحد (في مسائل الاجتهاد التى للعقل دور فيها )له يتعصبون ومن اجله يخاصمون ،لقد كان الحافظ يجلس بعد صلاة المغرب ويفتح باب النقاش على مصراعيه (لاادعي انه نبي كما زعم الاخ اوانه من العلماء البارزين ولكنه نموذج للمقرئ الواعي العاقل الذي يعرف برجاحة عقله كيف يعامل الخلق ويلاطف البشر) ،وقد دار بيني وبينه نقاش حول قراءة القران في الصلاة على غير الترتيب وقد اوردت له احاديث صريحة في الباب تدل على الجواز فاقتنع رحمه الله .والى مواقف اخرى من مواقف الشيخ رحمه الله بصرنا الله بدينه الحنيف ووفقنا الى ما يرضيه . [line]-[/line] الحلقة الرابعة تجويد الحافظ وميزاته تميزت تلاوات الحافظ (الخارجية منها والإذاعية)بجملة ميزات ومؤثرات جعلتها القمة في المهابة والروعة والأداء ومما جعل لتلاواته صدى واسعا بين قراء العالم الإسلامي وقد شهد لذلك كبار القراء فضلا عن غيرهم ومن تلك الميزات أولا :التأثر البالغ بما يتلوه :لكونه عاملا بما يقول –نحسبه كذالك والله حسيبه-والتي كست صوته مهابة وإجلالا ،ان التجويد ليس –كما يتصور البعض-مجرد قواعد يؤديها المرء ليصبح في عداد القراء وإنما هي اولا موهبة من المولى وثانيا هي عملية تتطلب دراسة متقنة لعلم الأنغام –الحافظ لم يتعلم الأنغام عن طريق المعاهد النغمية ولكنها موهبة من الله بها عليه-لقد كان الحافظ في تلاوته لكتاب الله يتلوه على انه هو المخاطب من القران وهو المعني من الايات وتجده لذلك يتفاعل معها بقلبه ووجدانه مما يكون له ابلغ الاثر في قلوب من يستمعون اليه . ثانبا :التنويع في النغمات والمقامات :لما كان يملكه من قدرات فائقة في الصوت وفي استخدامه البديع للأنغام بشكل يطوع النغم والمقام لصوته-استوعب الحافظ في تلاواته جميع الأنغام المعروفة بل كان يؤدي بعض الانغام يصعب على غيره ادائها –مما يجعل من الآيات المتوله عبارة عن سيمفونية –ان صح التعبير-متعددة الالوان ذات ايقاع وجرس مؤثر تحيل المفردات الى مشاهد متحركة وتجسد الاصوات والحركات والشخوص الى مشاهد حية ماثلة للعيان( وقد كتب الاستاذ الفاضل فراس الطائي موسوعة نغمية تتكون من عشرات الأنغام استنبطها من تلاوات الحافظ وتجويده ) يفعل ذلك خدمة للمعنى ومن اجل تحقيق الهدف من تلاوة القران الا وهو التدبر والتمعن والخشوع. ثالثا :القراءة التفسيرية :وتلاوته توضيحة القصد منها الوصول من خلال المبنى الى المعنى المطلوب من الآيات بأداء يدل على ما يملكه من مؤثرات صوتية وله في ذلك وقفات –لما يتمتع به من حس مرهف وايمان عميق وافق واسع –ينقل فيه المستمع الى أجواء رحبة من فضل الله وكرمه على اهل طاعته تتجاوز الزمان والمكان يتذوق فيها القلب حلاوة الايمان وبرد اليقين وتجعله يصمد امام المصاعب والمغريات بقلب خاشع منيب لله ،ويلاحظ من تلاوات الحافظ عدم التشابه في تلاواته من كل وجه بل تختلف تلاواته من ناحية النغم والاداء فتلاوته لسورة الحاقة تختلف تماما عن تلاوته لسورة المعارج مثلا وكانك تتنقل بين ازهار ذات الوان متباينة يفوح منها روائح عطرة متناثرة في رياض حديقة جميلة والكل ينبع من مشكاة واحدة هي شجرة مباركة وهي القران ولايسعني بعد هذا العرض الاان اترك القارئ ليستمع الى امثلة تطبيقية من تلاوات الحافظ مرتبة علىالانغام من ترتيب واعداد الاستاذ الفاضل فراس الطائى وفقه الله لخدمة القران والى حلقة اخرى من تراث الحافظ رحمه الله. [line]-[/line] الحلقة الخامسة المقام العراقي والنغم لمحة تاريخية عن المقام : المقام العراقي عاصر معظم الاحداث التاريخية التى شهدها العراق حتى اصبحت له تلك القواعد والاصول والانغام المعروفة ولقد تاثر المقام بتلكم الظروف والاحداث وتاثر بمن حكمه من الدول ولقد اجتازت بغداد (عاصمة الخلافة الاسلامية )محن وحمكمتها اقوام واعراق مختلفة الطباع واللغات مما ادى الى انطباع المقام بفنونها وادابها ودخلت على المقام العراقي نغمات -بالرغم من محافظة اهالي بغداد على تلراثهم الاصيل -بعضها فارسية مثل (الجهاركاه )وكردية مثل (البيات)بل وهندية مثل (الرست) على ان هناك نغمات عراقية اصيلة مثل المحمودي والحكيمي واللامي وهذا الاخير يجمع بين التاريخي والشخصي وقد تاثر معظم القراء ان لم نقل جلهم بتلكم المقامات ودخلت الى اصواتهم في تلاوتهم للقران (المقام هو اكثر الانواع الذي يبرز تفاعل الفرد بالمحيط الذي حوله)مثل الحافظ مهدي ومحمود عبد الوهاب وغيرهم وبقي الامر على ذلك حتى جاء الحافظ خليل فوضع باداءه واسلوبه في التلاوة منهجا فريدا من نوعه لهذه الانماط من المقامات وسلسلها من التحرير الى التسليم ومن الابتداء الى الانتهاء وابدع في ذلك غاية الابداع وساعده على ذلك جملة من الامور ذكرناها في تجويد الحافظ وميزاته ويكفي ان الحافظ يجيد 120 نغمة ينتقل فيها بين الايات بصوته الشجي واداءه الرائع وممن نحى نحوه من قراء زماننا المقرئ عبد الرزاق الدليمي وله في هذا المقام موهبة عجيبة يساعده على ذلك المساحة الصوتية التى يمتلكها واداءه الجميل وقد شهد له المقرئ الحافظ خليل نفسه بذلك . لقد كانت ميزة تلاوة الحافظ كما يقولون انه يطوع المقام لصوته وألين للحافظ المقام كما ألين لداوود الحديد لياخذ بزمامه الى ما يريد من النغمات باسلوبه الخاص وله ابداعات عجيبة في الانتقال بين المقامات والنغمات ينسيك اسمائها ويجعلك تعيش في اجواء الايات المتلوة وتتذوق معانيها هذا من ناحية المضمون ومن ناحية اخرى شكلية فان للحافظ عادة تختلف عن جميع المكفوفين والمقرئين في انه لايتمايل ولايحلرك بدنه اثناء التلاوة بل يبقى كالجبل الشامخ متفاعلا مع الايات ويمتع السامعين بصوته الجميل ويكتفي بتحريك اصابعه ربما لاجل عد المدود وله في الوقوفات - والتى يحفظها كلها ويعرف مواضعها - نغم جميل لطيف وفي الاستعاذة له قرار جميل قل من يتقنه ويقراء قراءة تفسيرية تؤكد المبنى وتجلى المعنى فهو قارئ ومعلم وللحديث بقية ان شاء الله المقام العراقي تتمة تتميز القراءة العراقية بان لها الاسلوب الخاص الفريد من نوعه والذي ليس له مثيل في كل قراءات الامصار المصرية منها والمغربية وغيرها على ان القراءات الاخرى لها مميزاتها فمثلا تمتاز القراءة المصرية بالبطء في التجويد وكونها على وتيرة واحدة تقريبا وتمتاز المغربية بالتقطيع ربما لتاثرها بما مر بها من محن اما العراقية فتمتاز بجملة ميزات نجملها فيما يلي : اولا: كثرة الانغام :بسبب كثرة المقامات وتنوعها والمعروف ان المقامات في جميع الامصار عددها 7 مقامات رئيسة على اننا نجد عددها في التراث العراقي 11 مقاما رئيسا يتفرع منها فروع كثيرة موجودة في مضانها . الثاني :قلة التطريب والموافقة للنغمات الموسيقية وهذا يجعلها بعيدة من النقد بل يجعلها اقرب الى السنة على خلاف المصرية مثلا فان التطريب يدخل فيها من اوسع الابواب ومن المع القراء المصريين الذي حاول جاهدا ضبط هذا الباب بالضوابط الشرعية شيخ المقارئ المصرية محمود الحصري وله في ذلك اكثر من 10 مؤلفات كلها تؤكد على الاعتصام بالسنة في هذا الباب . الثالث:صعوبة الاداء :فالقارئ يحتاج حتى يقراء على المقام العراقي الى اجهاد النفس واتعاب الحنجرة وتحريك الراس ولكن ما ان يبدا القارئ وينتقل بين المقامات ويتفنن ويتفاعل مع الايات المتلوة حتى يجد لها طعما وحلاوة يثير في نفسه الشوق والمشاعر الصادقة في شتى المجالات والمناسبات . ولهذه الاسباب وغيرها ربما تجد القراءة العراقية غريبة او مغلقة على نفسها ليس لانها غير مرغوبة او لانها ضعيفة بل لكون قراء الامصار لايجيدونها ولعدم مقدرتهم عليها او تقليدهم لها فالضعف فيهم لا فيها وقد طلب من عدد من القراء المصريين القراءة على المقام العراقي فامتنعوا بينما نجد الكثير من القراء العراقيين بامكانهم تقليد القراء المصريين وهذا دليل يؤيد صحة ما اقول . هذا من ناحية ومن ناحية التطبيق :فان المقام العراقي يؤدى في معظم المناسبات الحزينة والمفرحة حتى في تدليل الام للطفل ومحاولة تنويم الام لطفلها له المقام الذي يناسبه ،والاذان في بغداد يؤدى على المقام الحجاز والكرد (المقرئ الفاضل عبد الرزاق له قدرة على ادخال مقام الترك مع النهاوند وعندما تسمعه يبهرك بحلاوة صوته اسال الله ان يوفقه ويرفع به اسم العراق عاليا خفاقا في سماء القراءة )والعجم ويتعمد المؤذن العدول عن مقام الحديدي الحزين الى المنصوري المفرح بل حتى تكبيرات العيد والتى كنا نرددها (اعاد الله ايام الاعياد علينا وعلى جميع المسلمين) تؤدى على مقام الجهاركاه والعبارات التى كنا نسمعها ايام رمضان من المقرئ هي على مقام الحكيمي وتوديع ايام رمضان في الايام الاخيرة منه وما يتخلله من الدعاء والتمجيد (وهو للعلم من الامور التي لم تاتي بها السنة المطهرة)هو على مقام السفيان الحزين وهذا الذي اشرنا اليه يدلك على اصالة المقام العراقي وانه موروث اصيل ورثه الاباء عن الاجداد وسيقى ما دام هناك من يحافظ عليه ويجدده والى الحلقة الخامسة والتي بعنوان لقاءات الحافظ مع مقرئ العالم الاسلامي وبالله التوفيق. [line]-[/line] الحلقة السادسة لقاءات الحافظ خليل بكبار المقرئين طاف الحافظ العديد من البلاد الاسلامية مثل الكويت والمملكةالسعودية والاردن وغيرها من بلاد الاسلام وقد اتيحت له الفرصة للتعريف بنمط القراءة العراقية وميزاتها ومن خلال ما قدمه من تلاوات رائعة ادهشت الكثير من مقرئ العالم الاسلامي فضلا عن عوام الامة حتى قال المقرئ الكبير عبد الفتاح الشعشاعي - مقرئ الرسول وهذه التسمية لها سبب نذكرها عند ايراد ترجمته-لما سمع تلاوته وهو يقراء على مقام عراقي -ربما عبد الفتاح نفسه لايعرف هذا المقام -اني لم اطرب ولم اكن اسمع مثل الشيخ خليل اسماعيل وهذه شهادة من مقرئ عريق تدل اصالة القراءة العراقية لقد كان من ثمار هذه اللقاءات المباركة ومنها لقائه بدار الاذاعة بالكويت -اجريت له عدة لقاءات -التعريف بالقراءة على النمط العراقي وعدد مقاماتها وفروعها وانغامها - لايزال الجهل قائما في البلاد العربية بانغام القراءة العراقية لاسباب اشرنا اليها من قبل ولابد من نهضة علمية واسعة النطاق للتعريف بها خاصة وان المجال مفتوحا ولوجود عدد من المقرئين خارج العراق امثال الشيخ الضاري والقيسي والدليمي بارك الله فيهم -ولقد كان اللقاء مثمرا جدا بل لقد قراء الحافظ في عدد من مساجد الكويت في ايام رمضان وكانت لقراءته صدا واسعا وكان من ثمار هذه اللقاءات ان تشرف المقرئ بالقراءة في المسجد النبوي على ساكنه افضل الصلاة والسلام وهذه منقبة عظيمة لانه من المعلوم انه لايتقدم للقراءة في هذا المكان الا من علا كعبه وسطع نجمه في عالم القراءة وقراء الحافظ في المسجد الاقص وقد قيل ان المستمعين اعجبوا بقرائته خاصة اذا علمنا ان اهل الشام وفلسطين والعراق متشابهون الى حد ما في الاسلوب والاداء . التقى الحافظ بعدد من المقرئين وكانت بينه وبينهم لقاءات ودية تتحول في بعض الاحيان من قبل الحافظ رحمه الله الى انتقادات لاذعة من غير تجريح ، ومن المقرئين الذين التقى بهم الحافظ المقرئ الكبير المنشاوي وفي ذلك قصة ظريفة حدثني بها الحافظ نفسه يقول : (كنت اسير في ازقة بغداد وفجاة سمعت المنشاوي من احد اماكن العزاء يقراء من سورة الشعراء فقلت مستحيل ان يكون المنشاوي انه تسجيل فاذا بي بالمنشاوي يقراء ولما انتهى من القراءة جلست معه ودار حديثا طويلا وقلت ياشيخ عندي ملاحظات عليك فقال بنفس طيبة تفضل قلت له لماذا تدخن ولماذا تكرر الايات -للمنشاوي عادة بينا اسبابها في تكرار الايات -ولماذا انت حالق اللحية ولم يزد المنشاوي على ان قال ماشاء الله ماشاء الله. والتقى الحافظ بالمقري المتقتن محمود الحصري وبالمقرئ الشعشاعي وكان الحافظ في وقتها جالسا امام المقرئ الشعشاعي لما قراء من سورة الحجرات وق وسورة قريش وكان حفلا مشهودا حضره الكثير من البغدادين القدامى الذين حدثوني بذلك لقد كان الحافظ يستمع ويوازن وينتقي من كل هولاء ويصغي باذان واعية فهو يحب الاستقلاية ويكره التقليد ويحب سماع الاصوات الجديدة ومنهم المقرئ مصطفى اسماعيل الذي قراء في جامع عبد القادر الكيلاني لما قراء من سورة الاسراء وكان يطرب جدا لسماعه لانه له نمط لايحاكي به احدا لقد كان الحافظ يؤكد وفي منلسبات عدة على ان القاري يجب ان يظهر شخصيته من خلال اداءه المتميز وان لايذوب في شخصية اخرى فيفقد موهبته التي اعطاه الله اياه ولذلك فصة مع اخينا المقرئ المبدع عبد الرزاق الدليمي يقول الدليمي وفقه الله: (دخلت على الحافظ وجلست بين يديه وقلت اقراء وتسمع مني فقال اقرء دنشوف-غير مهتم - وما ان قراء الدليمي وابدع بالتنقل بين مقام الترك والنهاوند فقال الحافظ احسنت احسنت -رفع صوته وسمعه اهل المسجد -بل هام الحافظ وهو يستمع بشغف الى الصوت الجميل وبداء يتمايل ويطرب فقال له الدليمي شيخ اريد اجازة فرد عليه وقال ابني انت الان استاذ تلزم اربعين واحد وتعلمهم القران وقال لعبد السلام الكبيسي :التزموا هذا الرجل فان له مستقبلا )بحروفه وقد تحقق للحافظ ما اراده بالدليمي فهو الان يدرس الناس القران اسال الله ان يوفقه لخدمة دينه ونشره بين اهل القران والى لقاء اخر وحلقة اخرى من تراث الشيخ رحمه الله. [line]-[/line] الحلقة السابعة استقبال اهالي بغداد لرمضان على صوت الحافظ خليل ان استقبال اهالي بغداد لرمضان المبارك يحمل الكثير من الدلالات في نفوس البغدادين فما ان يقترب موعد مراقبة الهلال تبداء اذاعة بغداد وبالتنسيق مع اهل الخبرة والاختصاص في علم الفلك في اعداد حلقة خاصة حول الموضوع وتستضيف الادارة قاضي بغداد الاول عبد القادر ابراهيم للبحت من ناحية شرعية حول امور تخص الشهر الفاضل وعند الاعلان عن بداء شهر رمضان تبداء تباشير الشهر عندما يقراء الحافظ من قوله تعالى(يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)) [البقرة: 183]وعندما يؤذن جلال الحنفي في جامع الخلفاء يكون صورة رمضان المشرقة قد اكتملت بابهى صورها وعند الافطار تقام المؤائد الواسعة وفي المساجد والتى عادة ما تكون على نفقات المحسنين بعدها يذهب الناس الصغير والكبير الى بيوت الله وبقلوب ملؤها المحبة تجوب شوارع بغداد وتمتلئ المساجد بروادها حيث يؤم المصلين امثال الحافظ ويمتع الاسماع باجمل الاداء وتخشع القلوب وتطمئن النفوس وبعدها يتخلل التروايح دعاء رمضان المعروف على مقام الجهاركاه (اللهم ياحنان يامنان وياديان ويابرهان ومستعان -علما ان هذه ليست من اسماء الله الموجودة في القران وان كانت من صفاته-نسالك الامان الامان من زوال الايمان والعفو عما مضى منا وكان من الزلل والعصيان اللهم لاتحرمنا من نبيك الشفاعة واجعل التقوى اربح بضاعة وامن خوفنا يوم تقوم الساعة .........الخ) الملاحظ ان الادعية على اسلوب السجع والظاهر انها ماخوذة من كتب لمؤلفين قدامى في فروع المذاهب -انها ساعات من اسعد لحظات الدنيا التي عشناها في فترة السبيعينيات فيها ينتقل المرء الى اجواء رحبة من فضل الله وكرمه وتستعلي النفوس غلى ملذات الدنيا ،لقد كان الحافظ مع نخبة من المقرئي امثال علاء الدين القيسى وسعيد وعبد الرحمن توفيق يجوبون بغداد للقراء والتلاوة في مساجدها مثل مسجد البنية وصندل وغيره واحياء لياليها ،وفي ظلمة الليل كان الحافظ مع بعض المقرئين امثال ابو المكارم يؤم المصلين لختم القران بالتناوب وتؤدى القراءة بمقامات مختلفة واهالي بغداد لهم خبرة بالمقامات الاصول والفروع والسبب ان الاهالي كانوا بعد اداء التروايح يجلسون الساعات الطوال في اماكن قديما كانت تسمى (الجومة )لايجدون ما يؤنسهم سوى اتقانهم لهذا الفن وقرائتهم له اصوله وفروعه حتى اصبح المقام تراثا عريقا ويرجع الفضل الى امثال الحافظ ونجم الشيخلي صاحب الحنجرة الذهبيه وفي الفترة الاخيرة ملة صالح الضرير لقد كانت بغداد مدينة يسود بين ابنائها المحبة وحيث تختلط العبادات بالتقاليد الاجتماعية (الاصل ان تؤثر العبادات في اعمال الناس ومعاشهم لا ان تبقى محصورة في المساجد وهذا ما كانت عليه بغداد)حيث يتزاور الناس ويسهرون في البيوت-لم يكن في العراق ما يشغل الناس الى ما قبل احتلال بغداد فلم يدخل الدش الابفضل الاحتلال واعوانه -ويمارس الشباب الالعاب المباحة التي اباحها الاسلام مثل (المحبيس)بين اهالي الكرخ والرصافة وحتى الاطفال كانت العابهم تحكي البراءة والطفولة والفطرة فقد كانوا في ايام العيد يلفون شوارع بغدادوينادون (ماجينا ماجينا حل الجيس وانطينا تنطونا الله ينطيكم بيت مكة يوديكم -تامل التوكل عند الاطفال)واذا طال الانتظار ولم يسمعوا جوابا قالوا اهل السطوح تنطونا لو انروح)وفي ايام العيد كانت المساجد تغص يالمصلين فرحين مستبشرين والغالب منهم يذهب الى مسجد ابي حنيفة لسماع المقرئ الكبير الحافظ خليل ليقراء من سورة الصافات (في عيد الاضحى )وفي عيد الفطر من سورة الرحمن اعاد الله على العراقيين وحميع المسلمين ايام الاعياد يوم ان ينتصر فيها الحق على الباطل امين [line]-[/line] الحلقة الثامنة تسجيلات الحافظ خليل عرض وتحليل ترك الحافظ ثروة من التسجيلات الصوتية هي بمثابة (مكتبة صوتية ) عبارة عن مجموعة من التسجيلات الصوتية (الخارجية والاذاعية)والتي سجلت في مناسبات ومحافل عدة واحتوت هذه الثروة من التسجيلات على جميع الانغام والاطوار والتي بلغت 120 نغما (الاصول والفروع )والتي كان لها الدور البالغ في الحفاظ على هذا الارث الحضاري والتراث الاصيل والذي بلا شك يعبر عن تاريخ بلاد الرافدين العريق وقد تميزت تلكم التسجيلات على جملة من الميزات ذكرنا بعضا منها في حلقة خاصة بعنوان (تلاوة الحافظ الاداء والاسلوب )ونضيف هنا مايلي: اولا:السهولة وعدم التكلف في اداء المقام فالحافظ في تلاوته لكتاب الله يوظف المقام لخدمة المعنى وبما يلائم اجواء الايات التي يتلوها وهو ينوع في اداءالمقامات كي تتعدد المعاني وتتنوع الدلالات والتي تصب في النهاية الى ابراز المعاني بشكل اوضح وبتعبير ادق بناء على مايملكه من مهارات وقدرات صوتية متميزة . ثانيا :التصوير والايضاح ويتمثل ذلك في تجسيد المشاعر والانفعالات وتصويرها تصويرا صادقا نابعا من القلب ومن خلال تلاوته للقران واداءه للمقام بشكل رائع والمعلوم المثبت ان المقام العراقي يعبر عن تفاعل المرء بما يحيط به من احداث ويجعل القارئ اكثر تفاعلا مع ما يتلوه من الايات . وتقسم تسجيلات الحافظ رحمه الله الى اربعة اقسام تقريبا : 1-التسجيلات الخارجية والتي كان يتلوها في المناسبات المختلفة مثل الاعياد والاحزان وفي ايام رمضان المبارك والغالب من هذه التسجيلات انها محفوظة ومسجلة . 2- التسجيلات الاذاعية:والتي سجلت في دار الاذاعة ومنها المصحف المجود والتي كانت الادارة بكادرها تنتقل الى بيت الحافظ للقيام بهذه المهمة علما ان اول سورة سجلت للحافظ كانت من سورة المؤمن واظنها من المفقودات وسورة الاسراء من فئة 10 دقائق ولعلها الاخرى لم تسجل . 3- التسجيلات الخارجية والتي سجلت في البلاد الاسلامية مثل الكويت والمملكة العربية السعودية (في المسجد النبوي)والمسجد الاقصى ويفترض من المهتمين بتسجيلات الحافظ ان تكون هذه التلاوات قد سجلت بل كان من المفروض ان تحفظ بين جفون العيون وسياتي الكلام حول هذا الموضوع في التوصيات والمقترحات . 4-الترتيل :سجل الحافظ القران مرتلا بصوته وقد بلغني انه موجود واذا كان الكلام حقا فسيكون هذا تراثا ثمينا يضاف الى التراث الاقرائي العراقي الاصيل علما ان ترتيل الحافظ يمتاز يالسهولة والبساطة وانه في بعض الاحيان يكون اقرب الاالتجويد والتحقيق منه الى التدوير وذلك عندما يتفاعل مع الايات المتلوة خاصة في ايام رمضان المبارك عندما كان يؤم المصلين ويود السامع حينئذ ان لايقطع تلاوته وان يستمر طويلا في تلاوتة للقران . ان هذه الثروة من التسجيلات تدل وبلا شك على مدى ما كان الحافظ يبذله من جهد من اجل الحفاظ على التراث الاصيل والتي اعطت امثلة تطبيقية على كيفية استعمال المقام ومن خلال التلاوة على ان استعمال الحافظ للمقام جاء عفويا ومن خلال ماكان يتمتع به الحافظ من موهبة ومساحة صوتية مكنته من الاداء بشكل رائع لامثيل له وبدون اللجوء الى تعلم الانغام والمقامات في المعاهد الموسيقية وهذا هو منهج الحافظ رحمه الله كي يحافظ على قدسية كتاب الله اولا واخرا ومن اجل ان تعلو النفس على اهواء الدنيا وشهواتها والى تتمة الموضوع والذي هوبعنوان التوصيات والمقترحات . تراث الحاقظ خليل -توصيات- تتمة للموضوع السابق يعتبر الحافظ بحق مدرسة للقراءة العراقية كان لها الدور في اثراء المقام العراقي وقد قام عدد من كبار القراء القدامى-اربعة من القراء المشهورين الكتاتيب(الملالي) سنتناول جهودهم وترجمتهم في حلقة خاصة ان شاء الله - بوضع الاساس لهذه المدرسة والتي اصبحت فيما بعد معلما بارزا تاثر بها العديد من القراء المعاصرين . لقد اعطى الحافظ ومن خلال ما قدمه من ثروة صوتية (تكلمنا عن بعض ميزاتها )امثلة تطبيقية على المقام العراقي الاصيل وقد استخرج بعض المهتمين بهذا الشان مايلي من الانغام والمقامات: 1-نغمة مقام الحجازكار 2-نغمة مقام الراست 3-نغمة مقام الحجاز كرد 4-نغمة مقام الحجاز نهاوند 5-نغمة مقام الصبا 6-نغمة مقام العجم عشيرات 7-نغمة مقام الخنبات 8-نغمة مقام الحديدي 9-نغمة مقام المنصوري 10-نغمة مقام القطر 11-نغمة مقام الجمال 12-نغمة مقام الجبوري 13-نغمة مقام المخالف 14-نغمة مقام شرقي دوكاه وغير ذلك لقد كانت تلاوة الحافظ تركز بالدرجة الاولى على تدبر القران وتعقله لان ذلك هو المقصود الاكبر من تلاوة كتاب الله ثم تاتي الامور الثانوية تباعا لان الله تعبد خلقة بحفظ القران وتدبرة لاغير والادلة على ذلك اكثر من تحصر. توصيات :- احببت ان اساهم ولو بشكل ضئيل برد الجميل لهذا العلم وذلك من خلال توصيات الى اخواني المهتمين بتراث الحافظ رحمه الله خاصة وبالتراث العراقي عموما ومن ذلك مايلي: 1- القيام بجمع تراث الحافظ (تسجيلاته الصوتية التي لم تذع من قبل )وذلك من خلال الاتصال بمن له علاقة بالحافظ حتى تضاف الى الارشيف الخاص به . 2-انشاء موقع خاص بالحافظ يحمل اسمه والغرض منه هو التعريف بالمقام العراقي وفروعه وشموليته فلايزال شريحة من القراء فضلا عن غيرهم يجهل النمط العراقي ومن ثم التعريف بمدرسة الحافظ والمتاثرين بها من القراء المعاصرين والقيام بفتح قنوات اتصال من اجل التعريف بالتراث العراقي الاصيل والذي شهد له كبار القراء بالاصالة . ولاننسى دور موقع مزامير ال داود(غني عن التعريف)والذي بذل جهودا جبارة من خلال فتح منتدى خاص بالقراء العراقية وباشراف كوكبة من المع المختصين الاكفاء توفرت فيهم الصفات المطلوبة من الاخلاص والتفاني والحب ومنهم على سبيل المثال لاالحصر مدير المنتدى هاني مكاوي والمشرف جند القران واحمد كريم ومحمد الجنابي وغيرهم وفقهم الله لخدمة دينه . 3-اقترح ان يقوم احد الطلبة ممن له اهتمام بتراجم الادباء والقراء بالكتابة عن الحافظ رحمه الله ومن خلال رسالة على شكل اطروحة وبما يتناسب مع مقام علم من اعلام القراء العراقية كالحافظ تتوفر فيها المعايير المثبتة لنيل درجة الدكتوراه ولم لا فقد راينا ممن يكتب عن المطربين القدامى كالكبنجيى وناظم وغيرهما مبينا اسلوبهم الادائي وكيفية الاستفادة من تسجيلاتهم في ابراز المقامات من الناحية الجمالية واتجاهاتهم الشخصية كل ذلك على شكل موسوعات افلا يستحق الحافظ مثل ذلك واكثر كونه خدم اعظم كتاب في الوجود كتاب الله. ومما يدعو الى الاستبشار انه قد قامت نهضة اقرائية ببروز عدد من القراء العراقيين امتدت اثارها -بسسب الظروف الحاليةورب ضارة نافعة-الى خارج البلاد حيث بذل هولاء جهودا مضنية في التعريف بالتراث العراقي الاصيل ولقد وجدنا اقبالا الى سماع النمط العراقي (تبنت احدى الثريات بفتح معهدا لتدريس المقام فور سماع تلاوتي مع اني اقل القراء العراقيين معرفة بهذا الفن )خاصة الاقبال لسماع اصوات اصبح لها صدى في الوطن العربي مثل المقرئ عبد الرزاق الدليمي والشيخ ضاري وغيرهم كثير وفقهم الله لكل خير والى حلقة اخرى من تراث الحافظ رحمه الله . [line]-[/line] الحلقة التاسعة الكتاب البغداديون واثرهم على الحافظ خليل في هذا المقال سنحاول ان نجلي الغبار عمن كان له الدور في تنشة الحافظ وصقل موهبته الصوتية ومن الوفاء والعرفان ورد الجميل ان نعلن اسمائم وننشر اخبارهم فتتاسى بهم الاجيال وتنشاء على ما اصلوه من معالي الامور ولانهم كانوا فعلا اوفياء لبلدهم وقبل ذلك احببت ان اذكر لمحة تاريخية عن دور الكتاب ودورهم في التربية والتعليم لتتم الفائدة ويعم النفع ان شاء الله. لمحة تاريخية :في عقد العشرينات وهي السنوات التي ولد فيها الحافظ لم تكن هناك مدارس للتعليم الا القليل فكان اهالي بغداد يرسلون اولادهم الى الكتاتيب وفي المساجد والجوامع ليتعلم ابنائهم القراءة والكتابة والقران وكان يتولى هذه الاماكن علماء اكفاء يقال لهم الكتاب او يقال لاحدهم الملا -بضم الميم -ولفظ الكتاب لفظة عربية نسبة للكتاب بخلاف لفظ المدرسة وكان هولاء يتمركزون في الغالب وسط بغداد حتى ان اهالي القرى مثل قرى ديالى المجاورة كانوا يرسلون اولادهم الى بغداد وكان للملا خليفة مهمته تاديب الاطفال وترتيبهم على ان الملالي كان لهم دورا مهما بين ابناء المحلة التي يسكنون فيها في الكثير من الامور التي تحدث وكان لهم مهابة في النفوس لما يتمتعون به من اخلاق عالية ومن اطلاع واسع في علوم شتي ولهم بين اهالي بغداد قصص وطرائف لامجال لذكرها في هذه العجالة . تتلمذ الحافظ على عدد من هولاء الكتاتيب وكان لهم دور مهم في تنشئته وتربيته وتعليمه ومنهم : الملا رشيد والملا عبد الله عمر والملا محمد بن ذؤيب امام مسجد السويدي في محلة خضر الياس قرب بيت الحافظ والملا جاسم سلام -كان قارئا ومدرسا بارعا له اساليب في التربية تدل على ذكائه وعلمه - الذي احتضن الحافظ لما راى علية مخايل الذكاء وشدة الحرص . ان دور هولاء الكتاب لم يكن مقثصرا على الحافظ فحسب بل قد تخرج على ايدهم عشرات من العلماء والادباء والشعراء والفقهاء والقراء. ومن هولاء الكتاب ايضا الملا عبد الفتاح معروف والملا رحيم كان يقوم بتحفيظ القران لتلامذته وله طريقة عجيبة في التحفيظ تقوم على التلقين والذي يستمر لساعات طوال فكان الطالب يتم حفظ القران في فترة لاتتجاوز الستة اشهر ومنهم الملا عارف الذي كان يسكن سوق البزازي كان يقوم بتعليم الخط والاجرومية -متن في النحو -والفقه غلى المذهب الشافعي ومن اشهر الخطاطين الذين تتلمذ علي يديه اهاشم الخطاط وكان الملا عارف معروفا بالذكاء حيث كان يقوم بشجيع الاطفال على حفظ القران وله اساليب تربوية يحبب فيها الاطفال على متابعة الدرس والاقبال على الحفظ فقد ذكر احد الادباء انه كان يتلقى من الملا عارف السورة فاذا رجع في اليوم التالي حفظ سورة اخرى وهو في الطريق فكان الملا عارف يبدي اعجابه به ويقول تشجيعا له (ان فلان تحفظه الملائكة القران )ومنهم الملا حميد اللرستاني (كردي الاصل )يدرس القراءة والكتابة في منطقة الصدرية ويعلمهم اللغة والفقه والقران والملة عبد يقول عنه المؤرخ د حسين امين (ختمت القران اكثر من مرة في باب المعظم -يسمى سابقا طوب ابو خزامة لوجود المدفع العثماني فيه -وختمت عند غيره في منطقة تبة الكرد - منطقة معروفة ربما هي الان تسمى عكد الاكراد )وللحديث بقية حول مراسيم ختمة القران وثمرة الكتاب واثرهم على الساحة العلمية وما قدموه لبلد الرافدين من عطاء لازلنا نقطف ثماره والى اليوم . الكتاب البغداديون واثرهم على الحافظ خليل تتمة ________________________________________ ختمة القران في الكتاتيب :لقد كان الطالب يقوم بحفظ القران واتقانه للايات بطريق التهجي والروان -طريقتان معروفتان -وكانت هناك مراسيم معينة لختم القران حيث يحاط الصبي من اصحابه ويسيرون من الطرف ويرددون (الحمد لله الذي تحمدا )انشدوةاحتفاء بالصبي اما اهل الصبي فيقومون بتفريق الحلو ويطعمون الطعام ويعطون الملا والخلفة - الذي ينوب عن الملا في التربية واللفظة اصبحت فيما بعد تطلق غلى اوسطة البناء -اما اذا كان اهل الصبي من الموسرين فانهم يذبحون ويصنعون الولائم . من هذا العرض السريع يتبن ان الكتاتيب كانوا على قدر كبير من الدراية والعلم وانهم من القراء المشهورين الذي كان لهم الدور البالغ في المحافظة على تراث العراق (المقام الاصيل )وانما لم يشتهروا بسسبب تاخر ظهور التسجيلات ولكنه في الوقت نفسه اودعوا ثمرة جهودهم وابداعاتهم في مجدد القراءة العراقية بحق الحافظ خليل فلهم منا كل تقدير واحترام واجلال ويحق لنا ان نسطر اسمائهم باحرف من نور ونعلى ذكرهم ونكشف ترجمتهم ليعرفهم من يجهلهم وانهم لم يكونوا ابد بمعزل عما يجري في عاصمة العلم والتراث من احداث بل كانوا كما يقال في قلب الحدث ان هولاء الافذاذ تخرج على ايديهم وتتلمذ عليهم كل من نعرفه من كبار العلماء والادباء والفقهاء والشعراء والقراء فمن الادباء المؤرخ البارع الموسوعي صاحب القلم السيال عباس العزاوي 1890-بفضل الله تمكنا من اخراج جميع مخطوطاته من بغداد قبل الاحتلال وهي الان تاخذ دورها في الطبع والنشر-احمد الجواري المؤرخ الاديب المشهور له ترجمة وافية كانت له مع الحافظ خليل صحبة طيبة ومن الشعراء عبود الكرخي 1861-1946الشاعر الشعبي المتالق حفظ القران على الكتاتيب ونظم الشعر في سن مبكرة -كانت مقهى الشابندر ماوى وكانت منبرا ياتي اليها الشعراء امثال عبود والمؤرخ عباس العزاوي للحوارات والمناقشات وكان ياتي اليها اهالي محلة حسن باشا والعاقولية للجلوس فيها -ومن القراء المقرئ الكبير الحافظ خليل والحافظ مهدي تتلمذ على يد الملا الشهير عثمان الموصلي 1854-الملا عثمان يعتبر اول من نبه العالم العربي الى سلمي الحجاز كار والنهاوند حيث كانا مجهولين وهو من عائلة الطحان الموصلية وهي معروفة الان ولعلنا ان نفرد لترجمته حلقة خاصة به - ومن الفقهاء والعلماء قاسم القيسي والزهاوي وحمدي الاعظمي وغيرهم كثير هذه هي ثمرة هولاء الكتاتيب ونتيجة ما قدموه من جهد وتضحية لبلاد الرافدين والواجب علينا نحن ان نرد هذا العرفان والجميل لهولاء العملاقة وان نحافظ على ماورثناه منهم والحقيقة ان هناك مؤمرات تحاك ومن جهات ومؤسسات عدة -ردها الله الى جحرها - من اجل طمس هوية البلد ومحوه من ذاكرة الزمان -ويابى الله الاان يتم نوره - ووفق اساليب وخطط مدروسة ومن اجل القضاء الى كل ما يمت الى حضارة الرافدين من صلة ابتداء من تدمير الاثار وتمزيق المخطوطات -تم بفضل الله حفظ كل المخطوطات بعد بذل جهود جبارة وهي الان مصونة برعاية الله وحفظه-والتقليل من شان اعلام قرائنا العظام وما قدموه من تراث يمثل حضارة بلاد عريق يمتد تاريخه الى الاف السنين فلا بد من وقفة جادة وان تتظافر جميع الجهود من اجل الحفظ على كل ما يمثل تراث البلد وان نحافظ عليه من الضياع والطمس والنسيان والى الحلقة الاخيرة والتي هي بعنوان رحيل رائد القراءة العراقية.
