الكريم وهو قوله تعالى:
{بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ} بسورة سيدنا هود عليه الصلاة والسلام
وليس في القرآن الكريم غير هذه الكلمة مضافة إلى الاسم الظاهر.
أما لفظ بقية في الاسم المفرد غير المضاف إلى الاسم الظاهر فنحو قوله تعالى:
{وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ}
بالبقرة وهذا ونحوه من المتفق عليه بين عامة القراء على أنه بالهاء المربوطة رسماً ووقفاً كما مر.
الكلمة الثانية عشرة:
"ابنت" هذه الكلمة من الكلمات التي لا نظير لها في القرآن الكريم وقد
رسمت بالتاء المفتوحة في قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ} بالتحريم.
الكلمة الثالثة عشرة:
"كلمت" هذه الكلمة رسمت بالتاء المفتوحة على المعتمد في موضع
واحد في التنزيل في قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا
صَبَرُواْ} بالأعراف وما عداه فبالهاء المربوطة رسماً وقفاً للجميع كقوله تعالى:
{وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} بالتوبة وقوله سبحانه:
{وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} بالفتح وما إلى ذلك.
وقد أشار الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية إلى الثلاث عشرة كلمة المتقدمة بقوله:
*ورحمَتُ الزُّخرُف بالتَّا زَبَرَهْ * الاعرافِ رُومِ هُودِ كافِ البقرهْ*
*نعمَتُها ثلاثُ نحْلٍ إبْرَهَمْ * معا أخيرَاتُ عُقُودُ الثاني هَمْ*
*لُقْمَانُ ثُم فاطِرُ كالطُّور * عمران لَعْنَتُ بها والنُّور*
*وامرأتُ يوسُفَ عمْران القصَصْ * تحريمُ معصيَتْ بقدْ سَمِعْ يُخَص*
*شجرتُ الدُّخان سُنتُ فَاطر * كلاًّ والانفَال وحرْف غافر*
*قُرَّتُ عيْن جنَّت في وقعتْ * فِطْرَتْ بقيَّتْ وابنَتْ وكَلِمَتْ*
أوْسَطَ الأعراف ... .... .... * ... ... .... .... *
"تتمة": يلحق بهذا القسم ست كلمات رسمت بالتاء المفتوحة. منها ثلاث كلمات
مضافة إلى الاسم الظاهر والثلاث الأخرى غير مضافة.أما الكلمات الثلاثة المضافة
فأولاها: كلمة "ذات" في قوله تعالى: {بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا} بالنمل فقط.
أما كلمة "ذات" في غير موضع النمل فبالتاء المفتوحة رسماً ووقفاً للجميع بالإجماع نحو قوله
تعالى: {فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ} بالأنفال. وقوله سبحانه: {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4)} بالتغابن ونحوها.
وثانيها: كلمة "مرضات" في قوله تعالى: {ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} في موضعي البقرة
وموضع النساء وقوله سبحانه: {تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} بالتحريم.
وثالثها: كلمة "ولات" في قوله تعالى: {وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ (3)} بـ"ص".
أما الكلمات الثلاث غير المضافة.
فأولاها: كلمة {ي?أَبتِ} وهي في سورة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام
وسورة مريم والقصص والصافات.
وثانيها: كلمة "هيهات" في قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)}
في الموضعين بالمؤمنون.
وثالثها: كلمة "اللات" في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالعُزَّى(19)} بالنجم. وقد نظم هذه
الكلمات الست الملا علي القاري في شرحه على المقدمة الجزرية بقوله:
*واللاتَ مع لات كذا مرضات * وياأبت وذات مع هيهات اهـ*
وأما حكم الوقف عليها فمختلف فيه بين القراء فمنهم من وقف بالتاء المفتوحة. تبعاً للرسم.
ومنهم من وقف بالهاء المربوطة خلافاً له مع صحته في الرواية وتفصيل ذلك مبسوط في
كتب الخلاف تركنا ذكره هنا طلباً للاختصار. وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه وقف على
جميعها بالتاء المفتوحة موافقة لرسم المصحف الشريف فتأمل.
( القسم الثاني في بيان هاء التأنيث )
المختلف فيها بين القراء في الإفراد والجمع.
وهذا القسم هو الذي أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية في بعض
البيت الأخير من الباب بقوله رحمه الله تعالى:
*... ... وكلّ ما اختُلفْ * جمْعاً وفرداً فيه بالتَّاءِ عُرفْ اهـ*
ويتحصل من قوله هذا قاعدة عامة. وهي أن كل ما اختلف القراء في قراءته بالإفراد والجمع
فمرسوم بالتاء المفتوحة. وقد وقع ذلك في سبع كلمات في اثني عشر موضعاً في
القرآن الكريم. ومن بين الكلمات السبع كلمتان مضافتان إلى الاسم
الظاهر والخمس الباقية غير مضافة.أما المضافتان:
فالأولى منهما: "كلمت" وقد وقعت في أربعة مواضع في التنزيل:
الأولى: قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} بالأنعام.
الثاني والثالث: قوله تعالى: {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ?لَّذِينَ فَسَقُو?اْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (33)}
وقوله سبحانه: {إِنَّ ?لَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ (96)}
الموضعان بسورة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام.
الرابع: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى ?لَّذِينَ كَفَرُو?اْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6)}
بسورة غافر جل وعلا. وقد اختلفت المصاحف في الموضع الثاني من يونس
وكذلك موضع غافر والقياس فيهما التاء كما سيأتي.
والثانية: كلمة {غَيَابَتِ الْجُبِّ} في الموضعين بسورة سيدنا
يوسف عليه الصلاة والسلام، أما الكلمات الخمس التي لم تضف فهي كالآتي:
الكلمة الأولى: كلمة "آيات" في موضعين:
أولهما: قوله تعالى: {ءايَ?تٌ لِّلسَّائِلِينَ (7)} بسورة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام.
وثانيهما: قوله تعالى: {وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَاتٌ مِّن رَّبِّهِ} بالعنكبوت.
الكلمة الثانية: كلمة "الغرفات" في قوله تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37)} بسبأ.
الكلمة الثالثة: كلمة "بينت" في قوله تعالى: {فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِّنْهُ} بفاطر جل وعلا.
الكلمة الرابعة: كلمة "ثمرات" في قوله تعالى: {وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا} بفصلت.
الكلمة الخامسة: كلمة "جمالت" في قوله تعالى: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (33)} بالمرسلات.
وقد نظم كلمات هذا القسم شيخ مشايخي العلامة المتولي في كتابه
"اللؤلؤ المنظوم" فقال رحمه الله تعالى:
*وكلُّ ما فيه الخلاف يجْري * جمعاً وفرْداً فبتاءٍ فادْر*
وذا جملتٌ وءَايتٌ أتَى * في يوسف والعنكبوت يا فتى*
وكلمتٌ وهو في الطوْل معَا * أنعامهُ ثم بيونُسَ معا*
والغرفات في سبأ وبيِّنتْ * في فاطر وثمرات فُصِّلتْ*
غيابت الجُبِّ وخُلف ثاني * يونُس والطوْل فع المعاني اهـ*
وأما معرفة من قرأ فيها من القراء بالجمع ومن قرأ فيها منهم بالإفراد فقد تركنا ذكره هنا
مراعاة للاختصار. ومن أراده فعليه بكتب الخلاف فهو مبسوط فيها.
وأما معرفة الوقف عليها فمن قرأ فيها بالجمع وقف عليها بالتاء كسائر الجموع ولو كان مذهبه
الوقف بالهاء في الإفراد. ومن قرأ فيها بالإفراد وكان مذهبه الوقف بالتاء وقف بها. ومن كان
مذهبه الوقف بالهاء وقف بها أيضاً: وبالنسبة لحفص عن عاصم فيها فقد قرأ بالجمع في ثلاث
كلمات في السبع ووقف عليها بالتاء كما هو مقرر وهي كلمة "آيات"
في موضعيها بيوسف والعنكبوت و"الغرفات" في سبأ و"ثمرات" في فصلت.
وأما الكلمات الأربع الباقية فهي كلمة "غيابت" في الموضعين بيوسف وكلمة "بينت"
بفاطر وكلمة "جمالت" بالمرسلات ولفظ "كلمت" في كل من الأنعام وغافر وموضعي
يونس فقرأهن حفص عن عاصم بالإفراد ووقف عليهن بالتاء المفتوحة كما مذهبه غير أن
لفظ "كلمت"في موضع غافر اختلف كتاب المصاحف
فيه فرسمها بعضهم بالتاء المفتوحة وبعضهم بالهاء المربوطة. وكذلك
اختلف في "كلمت" في الموضع الثاني من يونس فرسمت في المصاحف العراقية
بالهاء وفي الشامية والمدنية بالتاء والأولى والقياس رسم موضع غافر
والثاني من يونس بالتاء كما قال به الجمهور وإليه أشار
الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في "العقيلة" بعد ما أورد الخلاف في
الموضعين بقوله: "وفيهما التاء أولى" أهـ قال في نهاية القول المفيد:
"وقطع ابن الجزري وغيره بأنهما بالتاء على ذلك شراح الجزرية ثم إنك إذا نظرت
لرسمها هاء جاز لك الوقف عليهما بها لمن قرأهما بالإفراد.
وإذا نظرت لرسمهما تاء أجريتهما كنظائرهما" أهـ منه بلفظه.
وعلى هذا يتحصل لحفص عن عاصم حالة الوقف عليهما
وجهان صحيحان:
الأول: الوقف عليهما بالتاء المفتوحة وهذا هو المشهور عند الجمهور لما تقدم.
والثاني: الوقف عليهما بالهاء المربوطة ولا بأس به.
وما ذكره صاحب العقد الفريد الكبير من قوله فيهما:
"إنهما رسمتا في مصاحف العراق بالهاء
وحفص من أهل العراق فوقفه عليهما بالهاء تبعاً لمصحف بلده" أهـ فهذا القول وإن كان صحيحاً
في كونهما مرسومتين في مصاحف أهل العراق بالهاء إلا أن ما يؤخذ منه أن حفصاً ليس له
فيهما إلا الوقف بالهاء فليس بذاك إذ هو مخالف لما عليه الجمهور من ورود الرواية عنه بالوقف
عليهما بالتاء أيضاً وهذا هو المشهور عنه والمعول عليه كما مر إذ أن قاعدة حفص هنا أن يقف
بالتاء في هاتين الكلمتين وسائر ما يماثلهما كما تقدم في عموم الباب. وإنما جاء عنه الوقف
عليهما هنا بالهاء أيضاً مراعاة للرسم الذي كتبت به مصاحف العراق ليس إلا فافهم ذلك. ويوافق
حفصاً على الوقف بالوجهين هنا من قرأ فيهما بالإفراد وكان مذهبه الوقف بالتاء في العموم
وهم أبو بكر شعبة وحمزة وخلف العاشر فتأمل،
والله الموفق.