إعلانات المنتدى

مسابقة مزامير القرآنية 1445هـ

التشديد والتخفيف في ضوء قراءة حفص

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
بسم الله الرحمن الرحيم

التشديد والتخفيف :


التشديد والتخفيف ظاهرتان شائعتان في اللهجات العربية شيوعا بارزا، ونعني بالتشديد الكلمة

التي زيد على حروفها الأصلية، سواء أكانت هذه الزيادة بتضعيف عين الكلمة أو بتكرار أصوات مماثلة،

فإذا ما جردت الكلمة من أي حرف زائد فهي مخففة، ليس هذا فحسب ، بل إذا تغير شكل الكلمة دون

حذف الزائد فهو شكل من أشكال التخفيف، ومن ثم رأي الباحث أن ثمة مظاهر أربعة للتخفيف، وارتاي

ترتيبها على هذا النحو: تخفيف بالإبدال ، تخفيف بالتجرد ، تخفيف بالادغام ، تخفيف بالحذف .

ولم يكن ثمة نزاع أن التشديد سمة من سمات القبائل البدوية شرق الجزيرة ووسطها، وتتمركزها

قبيلة تميم شهرة؛ وذلك لما في طبعها من جفاء وغلظة، وبهذا يتميز نطقهم بسلسلة من الأصوات

القوية السريعة التي تطرق الآذان؛ كأنما هي مفرقعات متعددة، وتأكيدا لذلك أن وفدا من تميم قدموا

على رسول الله e يعلنون إسلامهم، فأسرعوا إليه ينادون بصوت أجشّ؛ فنزل فيهم قوله تعالى:

"إن الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون ـ الحجرات4"، ثم دعاهم القرآن

إلى خفض الصوت في قوله: "واغضض من صوتك" .


ويقدم د.الجندي تفسيرا مقبولا لميل قبائل شرق الجزيرة وفي مقدمتها تميم إلى الشدة في الكلام

نوجزه في أن البدو يعيشون في الصحاري الواسعة المترامية إلى حد فناء الصوت، فلا يكاد يُسمع،

فحرص البدوي على توضيح أصواته حتى يُسمع، ولجأ إلى تحقيق ذلك بطُرُق شتي منها الجهر

والتفخيم والشدة ، ويضيف الباحث الهمز؛ فهو سمة من سمات الشدة التى اتسمت بها قبائل شرق

الجزيرة تأييدا لهذا الرأي.

ويري د.الجندي أن التشديد مظهر من مظاهر التطور اللغوي؛ إذ يمثل عملية ترميم في جسم العربية ، والباحث

ليس على وفاق وهذا الرأي؛ حيث يري أن التشديد سمة من السمات التي كانت عليها العربية في مراحلها المتقدمة،

داومت بعض القبائل على استعماله، وأخرى عدلت عنه ميلاً نحو التخفيف، وربما كان معظم تلك القبائل من تلك

التي غدت على درجة من الرقي والتحضر؛ ليتواءم ذلك ورقيهم وتحضرهم، والقبائل المتحضرة تلك متثلة في

القبائل الحجازية. وقد احتفظت لنا قراءة حفص بنماذج كثيرة من المستويين

اللغويين، نقتبس بعضا منها للدرس والتحليل :
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: التشديد والتخفيف في ضوء قراءة حفص

أولا : التشديد :


نلمس هذا المظهر في إيثار صيغة "فعـل" بتضعيف العين،

ومما جاء على هذه الصورة في رواية حفص :

ـ ينزل :

البقرة 90، وبابه إذا كان فعلا مضارعا أوله تاء أو ياء أو نون مضمومة. حيث قرئ بالتشديد من "نزل"

بتضعيف الزاى، وبالتخفيف من "أنزل"، وبالتشديد قراءة حفص . وذكر اللغويون أن دلالة

التشديد التكرار والمداومة شيئا بعد شي .

وعلى شاكلة (نـزّل): (وصي) البقرة 132 و(عقدتم) المائدة 89 و(يمسكون) الأعراف 170

و(سعرت) التكوير 12

كذلك من مظاهر التشديد إيثار صيغتي (تفعّل وتفاعل)، ومما نلمس فيه هذا المظهر:

(يصعد) الأنعام 125، حيث قرئ بتشديد الصاد والعين، وبإسكان الصاد وفتح العين ، والتشديد قراءة

حفص ، وأصلها يتصعد، وأدغمت التاء في الصاد ، فشددت، والتخفيف والتشديد بمعني واحد ، واختار

الطبرى التشديد ؛ لقول عمر: ما تصعدني شي ما تصعدني خطبة النكاح .

و(ادّارك) النمل66،

قرئ بهمزة وصل ودال مشددة مفتوحة بعدها ألف وبهمزة قطع ودال ساكنة، والأولى في رواية حفص .

وأصل (ادراك) تدارك، ثم تماثل الصوتان الأول والثاني لتقاربهما مخرجا وصفة؛ فكلاهما أسناني

انفجاري، بيد أن التاء مهموس والدال مجهور ، والمجهور أقوي، فكانت المماثلة بينهما

رجعية Regressive Assmalation ، حيث أثر صوت الدال القوي في التاء المهموس،

فانقلبت التاء دالا، ثم حدث إدغام بينهما، فسكن الأول، فاجتلبت همزة وصل من أجل النطق بساكن.

و(يّسمّعون) الصافات8 بتشديد السين والميم وبتخفيفهما، والتشديد رواية حفص ،

والأصل: يتسمعون، فتماثلت التاء والسين للتقارب مخرجا وصفة؛ إذ كلاهما صوت أسناني

مهموس، غير أن التاء صوت انفجاري، والسين صوت

احتكاكي ، فكان التماثل رجعيا، إذ انقلبت التاء سينا وأدغمت في السين. واختار أبوعبيدة قراءة

التشديد؛ لأن العرب لا تكاد تقول: سمعت إليه، وإنما تقول: تسمعت إليه، وعليها ينتفي أن يقع منهم

استماع أو سماع، والتسمع أبلغ من السمع ؛ لأن نفي التسمع يقتضي نفي السمع .

ويلحظ الباحث أن نماذج هذا المظهر تشديدها بالإدغام، الأمر الذي يثير تساؤلا: أليس الإدغام

مظهرا من مظاهر التخفيف؟! و من ثم يري الباحث أن الإدغام ربما لم يكن سبيلا للتخفيف في جميع

الحالات ، فقد يكون مظهرا من مظاهر التشديد والتثقيل؛ ولعل حديثا لأبي عمرو يؤكد هذا، يقول فيه:

الإدغام كلام العرب إذا أرادت التخفيف أدغمت ، فإن كان الإدغام أثقل أتمت" .


ثانيا : التخفيف :


سبق القول بأن ثمة مظاهر أربعة، كل مظهر يمثل مرحلة ما من مراحل التطور اللغوي نحو

التخفيف في رأي الباحث ، وقد ارتأي ترتيبها على هذا النحو :

1ـ تخفيف بالإبدال :

وقد لمسه الباحث في العدول عن صيغة (فعّـل) بتشديد العين إلى صيغة (أفعـل) وهناك كلمات كثيرة

تمثل هذا السلوك الغوي، يرصد الباحث منه على سبيل النموذج :


ـ لتكملوا :

البقرة 185، حيث قرئ بالتخفيف من (أكمل)، وبالتشديد من (كمّل) بتشديد الميم،

والأولي رواية حفص . وذكر المحللون أن التشديد والتخفيف لغتان ، واختار مكي التخفيف لخفته .

ومما يماثل النموذج السابق قوله تعالى: (نُنـج) يونس 103

(يثبت) الرعد 39 ، (يبدل) الكهف 81 (ليوفوا) الحج 29 ، (تمسكوا) الممتحنة 10 .

2ـ تخفيف بالتجرد :

مقصد الباحث منه تلك الصيغ التي جاءت مزيدة بالتشديد في بعض القراءات،

وجاءت مجردة من الزيادة تخفيفا في رواية حفص ، ومن تلك الكلمات:

ـ يطهرن :

البقرة 222، حيث قرئ بإسكان الطاء وضم الهاء وبتشديدها، والأولى رواية حفص ، والتخفيف يحمل

دلالة تخالف دلالة التشديد؛ لأن الطهر يعني انقطاع الـدم، في حين أن التطهر لا يتم إلا بالاغتسال،

والدليل قول العرب: طهرت المرأة من الحيض، فهي طاهر واختار مكي

التخفيف؛ لأن فيه بيان الشرطين الذين بهما تكون الحائض متطهرة : انقطاع الدم والتطهر بالماء .

ـ تلقف :

الأعراف 117 وطه 69، قرئ بإسكان اللام وقاف خفيفة وبتشديد القاف وفتح اللام، والأولى

رواية حفص . والتخفيف من الثلاثي (لقف)، وإنما التشديد من (تلقّف) ، ولا اختلاف دلاليا بينهما بذكر.

ـ يفصل :

الممتحنة3، قرئ بإسكان الفاء وتخفيف الصاد، وبفتح الفاء وتشديد الصاد، والأولى رواية حفص .

وليس بينهما اختلاف دلالي سوى أن التشديد للتكرار. وعلى شاكلة ما سبق: (يذكر) مريم67،

و(فتحت) الزمر71 و19


لمس الباحث من خلال نماذج القراءات السابقة أن التخفيف سمة من سمات لغة الحجاز؛ حيث قرأها

حفص جميعا بالتخفيف، وكذلك أهل الحرمين عدا (تلقف وفتحت)، ولعل هذا الأمر يؤكد أن التشديد

مرحلة سابقة لمرحلة التخفيف، استعملته كل قبائل العرب شرقا وغربا خصوصا في مرحلة بداوتهم،

ومع التطور والرقي لجأت بعض القبائل ـ لاسيما الحجاز ـ إلى التخفيف وقد حفظت لنا رواية

حفص نماذج تمثل المرحلتين.


يتبع ان شاء الله
 
التعديل الأخير:

كمال المروش

مشرف سابق
2 يوليو 2006
8,187
128
63
الجنس
ذكر
رد: التشديد والتخفيف في ضوء قراءة حفص

بارك الله فيك موضوع جميل جدا
ننتظر المزيد
 

ابو مالك المغربي

مزمار فعّال
28 أكتوبر 2007
71
0
0
الجنس
ذكر
رد: التشديد والتخفيف في ضوء قراءة حفص

بارك الله فيك وأثابك
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: التشديد والتخفيف في ضوء قراءة حفص

3


ـ تخفيف بالإدغام :

الإدغام لغة الإدخال، واصطلاحا رفع اللسان بالحرفين رفعة واحدة والوضع بهما موضعا واحدا إذا التقى

المثلان في كلمة؛ الأول منهما ساكن . هذا هو حد الإدغام عند المتقدمين، لا يكادون يختلفون.


ويطلق ابن جنى على الإدغام (ظاهرة التقريب)، إذ يقول: "وقد ثبت أن الإدغام المألوف المعتاد؛

إنما هو تقريب صوت من صوت" .

أما الدرس الصوتي فيطلق عليه مصطلح (التماثل أو المماثلة Assimilation ) والمماثلة تحدث بين

الأصوات المتجانسة أو المتقاربة مخرجا أو صفة، كما بين (التاء والطاء والدال)، و(التاء والسين والذال).

والإدغام وجه من وجوه التخفيف ، وهو سمة من سمات لغة قبائل شرق الجزيرة وبخاصة تميم؛ حيث

ذكر العلماء أن الإدغام لغة تميم، والبيان أو الإظهار أو فك الإدغام لغة الحجاز .

وإن كان الإدغام ظاهرة صوتية فإن له أثرا صرفيا حينما تكون عين الفعل ولامه من موضع واحد واللام

ساكنة، وهذه الصورة نلمسها في المضارع المجزوم والأمر منه، كما في الفعل "رد"، ففي المضارع

المجزوم والأمر منه نقول: (لم يردّ، ردّ) و(لم يرددْ، ارددْ)، ولعل هذا ما قصده العلماء حينما ذكروا أن

الإدغام لغة تميم والإظهار لغة الحجاز، أما إذا كانت اللام متحركة ، فإن اللهجات العربية

قد اطردت في أن تلزم الفعل الإدغام .

ويرى د.إبراهيم أنيس إن اتسام القبائل البدوية بالإدغام يعود إلى أن القبائل البدوية تميل إلى السرعة

في النطق وتلمس أيسر السبل، فتدغم الأصوات بعضها في بعض، وتسقط منها ما يمكن الاستغناء عنه

دون إخلال بفهم السامع ، ويضيف تفسيرا آخر ـ ربما كان بدعا فيه من الباحثين ـ اعتمد فيه على معطيات

الدرس الصوتي الحديث، يقول فيه: "إن اختلاف القبائل العربية في الإظهار والإدغام في الفعل المجزوم

أو الأمر منه، ليس له سر سوى اختلاف موضع النبر بين هذه القبائل ؛ ففي التزام الحجازيين فك الإدغام

نقل النبر من موضعه إلى الذي قبله ؛ لأن الجزم يختصر أواخر الكلمات .
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: التشديد والتخفيف في ضوء قراءة حفص

الظاهرة في ضوء قراءة حفص :


بالتتبع لقراءة حفص يتبين أنها حفظت لنا نماذج من الإدغام والإظهار أو فك الإدغام، وخير نموذج لذلك

الفعل (ارتد)؛ حيث ورد مرتين مجزوما، إحداهما بلغة الإظهار، وذلك في قوله تعالي

(ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر) البقرة 217 أما الأخرى فبلغة الإدغام، وذلك

في قوله تعالي: (من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) المائدة54 .

ويعلل ابن الجزري تعليلا طريفا للإظهار في البقرة والإدغام في المائدة بطول السورة الأولى؛

يقول: "جاء الفك مجمعا عليه في البقرة؛ لأن طول السورة يقتضي الإطناب ومثله:

(يشاقق) في الأنفال و(يشاق) في الحشر لتقارب المقامين من الإطناب والإيجاز" .

وهذا يعني أن قراءة حفص راوحت بين الإدغام وفك الإدغام، وهذا يعني أنها راودت بين لغة القبائل

الحجازية غرب الجزيرة ولغة القبائل البدوية شرق الجزيرة؛ أي بين لغتي الحجاز وتميم، وإن كانت

الكثرة للغة الحجاز، حيث ثمة أفعال كثيرة على شاكلة (يرتدد) مثل: (لا تقصص) يوسف 5

و(اغضض) لقمان 19.

وإن كانت السيطرة في هذه الظاهرة للغة الحجاز فإن ثمة ظواهر كثيرة نعتت بها لغة تميم، منها صيغتا

(برئ وبراء)، فالأولى لغة تميم والأخرى لغة الحجاز، والأولى وردت في حوالي عشرة مواضع في

حين أن الثانية وردت مرة واحدة، وهذا يدل على أن لهجة تميم لها مكانتها إبان نزول الوحي؛ حتى

إن القرآن سجل لها تلك السمات اللهجية، وهذا يومئ إلى غاية سياسية قصد إليها، وهي توحيد

العرب، وكأني بالقرآن صفحة لغوية تجد فيها كل قبيلة ظلا من لغتها الخاصة، فتأنس به، وتستريح إليه .

من ناحية أخرى فإن الباحث قد قرر فيما سلف أن قراءة حفص حجازية ، ومن ثم فإن كل الظواهر التي

احتضنتها هذه القراءة ظواهر استخدمتها لغة الحجاز- سواء أقـل استخدامها أم كثر.

وعلى هذا فإن ظاهرتي الإظهار والإدغام سمتان لغويتان شاعتا ـ بصورة ما ـ في البيئة الحجازية،

ولعل الإظهار يمثل اللغة الأولى أو الأصل، والإدغام لغة ثانية؛ لجأت إليه القبائل تخفيفا

، ومن ثم فهو أحد مظاهر التخفيف.

4ـ تخفيف بالحذف :


كذلك من سبيل التخفيف التي لجأت إليها القبائل العربية التخفيف بالحذف، أي حذف أحد

الأصوات المماثلة، وهذا المظهر يعد آخر مظاهر التطور اللغوي نحو التخفيف، ويبرز هذا المظهر

في قراءة حفص بصورة واضحة، في صيغتي (تفعّل وتفاعل) حال كون الفعل مضارعا مبدوءا

بتاء الخطاب ، وهذا يعني أنه يبدأ بصوتين متماثلين (تاء المضارع وتاء الفعل).

ويعرض الباحث عدة نماذج من الأفعال التي تمثل هذه الظاهرة في قراءة حفص :

تظاهرون البقرة 85 ، تصدقوا البقرة 280، تساءلون النساء

1، تذكرون الأنعام 152 تزاور الكهف 17 تشقق الفرقان 25 تزكي النازعات 18 تصدي عبس 6

كل هذه الأفعال قرئت بتخفيف الحرف الثاني وبتشديده، والتخفيف قراءة حفص عن عاصم .

والأصل فيها أن تبدأ بتاءين كما أشرنا من قبل، وكل القراء قرأوا بالتخفيف، غير أن بعضهم

خفف بالإدغام، والآخرون كانوا أكثر تخفيفا؛ إذ كان تخفيفهم بالحذف، أي بحذف إحدى

التاءين ، والحذف يرجع إلى حرص اللغة على مبدأ درء التوالي المكروه ،

وهذا ما يؤكده الدرس الصوتي الحديث ؛ إذ يؤكد أن حذف التاء يرجع إلى أن لغتنا العربية

تكره توالى مقاطع مماثلة ، وهي من النوع القصير في النماذج التي عرضنا لها ، ومن ثم لجأت

إلى التخلص من هذا التوالي المقطعي ، فكان سبيلها في ذلك أحد أمرين : الإدغام أو الحذف ،

وقد استعملت لغة القرآن ـ قراءة حفص ـ كلا الأمرين ، وكلاهما شاع في اللغة الحجازية ،

بصرف النظر عما قاله العلماء : هذا لغة كذا وذاك لغة كذا.

هذا .. وقد اختلف المتقدمون في التاء المحذوفة، فبينما ذهب الكوفيين إلى أنها التاء الأولى؛ لأنها زائدة،

والزائد أولى أن يحذف، ذهب البصريون إلى أنها الثانية؛ لأن الأولى دلالتها المضارعة ، ورأيهم أولى عند

الباحث، فلو أن التاء الأولى كانت ياء للغيب لما جاز حذفها وجاز حذف الثانية إذا جاء بعده صوت مماثل

مخرجا أو صفة كما في الفعل (يشقق) البقرة 74، حيث إنه لا خلاف على قراءته بتشديد الشين،

وأصله يتشقق، ثم حدث تماثل بين صوتي التاء والشين فقلبت التاء شينا وأدغمت فيها




انتهى


المصدر-
كتاب الخصائص الغوية لقراءة حفص
دكتورعلاء إسماعيل الحمزاوي
قسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة المنيا
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع