- 20 سبتمبر 2007
- 1,405
- 0
- 0
- الجنس
- ذكر
[font="]بسم الله الرحمن الرحيم[/font]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[font="]لم تنجح بعض الفضائيات ومحطات التلفزة العراقية الى الان أن ترتقي بمستواها العلمي والمهني في أظهار برنامج تشابهت في طرحه وتسويقه - على ما فيه من العلل - أكثر من فضائية ومحطة ولكنها اختلفت في تسميته ، تطالعنا تلك القنوات والمحطات أسبوعياً بلقاء مع أحد قراء القرآن الكريم ، ثم يعاد بثه بعد يوم او يومين من على نفس الشاشة . [/font]
[font="]لنجاح أي برنامج يبث من على أي قناة تلفزيونية يفترض أن تنتدب تلك القناة لذلك العمل فريق تتوافر فيه مميزات النجاح والخبرة أبتداءاً من معدّ البرنامج ومخرجه وأنتهاءاً بمقدّمه ، ولأن المقدِّم هو في الواجهة وأمام الكاميرا فيفترض ان تتوافر فيه الامور التالية : أن يكون له تاريخ وباع في مجال صناعة البرامج ، و ملمّاً ألماماً تامّاً بكل جوانب المادة المقدّمة ، وان تتوافر فيه مقوّمات النجاح وذا عقلية متفتّحة ، وشخصية قويَّة ، ويمتاز بسرعة البديهية وحسن التصرف في المواقف المختلفة ، وقبل ذلك كلّه ، إجادته للّغة العربية الفصحى بدرجة جيدة من غير عجمة او ان تشوب مفرداتها اللهجة العامّية ، سيّما والأمر متعلق بالقرآن الكريم ومفرداته ، [/font]
[font="] ومما يؤسف له اننا نجد النقيض التام لما اوردنا من شروط ومقومات النجاح والتميّز في اكثر مقدمي المادة المذكورة ، فأعلى مستوى علمي وصل اليه البعض منهم شهادة المتوسطة ان لم تكن الابتدائية .[/font]
[font="] لا شك أن هناك من يتسربون إلى العمل التلفزيوني أو الأذاعي من الأبواب الخلفية ، وإذا نجح[/font][font="] هؤلاء في الوصول من الشارع مباشرة دون موهبة ودراسة أكاديمية أو تدريب أو[/font][font="]خبرة فالنتيجة تكون مأساوية ، فمقومات المذيع أو المقدم[/font][font="] الناجح كما يعبر عنها اهل الصنعة ثلاثة عناصر ( شكل - صوت - مضمون ) ، نعم أن الشكل والصوت هما نعمتان[/font][font="] إلهيتان ، قد يهرم الشكل ، ويتعب الصوت ، ولكن ما يبقى هو الخزين الفكري والثقافي المعرفي الذي ناله المذيع او المقدم من خلال دراسته للتخصص ، والخبرة العملية التي حصل عليها من خلال التجربة المهنية وتعاطيه للأمر بصورة عملية تطبيقية ، وبالنتيجة فأن مقدم البرنامج هو - ثقافة ومخزون- قبل أن يكون شكلاً وصوتاً .[/font]
[font="]ومثل هكذا برنامج يحتاج مقدمه الى [/font][font="]المداومة على القراءة والبحث والاطلاع وذلك ما يثرى[/font][font="] ثقافته ، ويمنحه الثقة في أدارته للبرنامج ، ويمكّنه من أدواته ، وأَلَّا[/font][font="]يتوقف عن الاطلاع والقراءة ، فالتوقف عن الاطلاع والبحث والتعلم معناه [/font][font="]الجمود وعدم التطور .[/font]
[font="]محاور البرنامج المذكور أجمْـَعْ تكاد تغلفها البلادة والعوز المعرفي والتصحر المنهجي لمقدم البرنامج وسذاجة الأعداد والأخراج ، البرنامج بالمحصلة النهائية تنقصه النكهة الحقيقية للتعبير عن نفسه . [/font]
[font="]لم نجد أي لقاءات مع رواد قرّاء الطّريقة البغداديّة وأساتذتها ، على العكس أغلب الذين قدّموا هم ممن لا زالت أقدامهم على ما قبل الخطوة الاولى من بداية نقطة الانطلاق ، وغالبيتهم ممن سلكوا أسلوب التقليد الأعمى لطريقة غير ذات صلة بالموروث العراقي .[/font]
[font="] ناهيك عن مظهر – بعض ضيوف البرنامج – والذي يفترض انه قارئٌ للقرآن الكريم وينبغي أن يحكي مظهره سيماء القرّاء ، فتراه لم يترك مادة كيمياوية كمبيّض للبشرة الا وطلى بها وجهه ووجناته ، ولم يدعْ أفضل انواع مصففات الشعر – الجِل – بتغليظ اللام دون ان يمرره على شعره ، ولم ينسى نصيبه الأوفر من تقليد – ليوناردو دي كابريو - بطل فلم تايتانك في تسريحة شعره ، ونبز حاجبيه .[/font]
[font="] يُسأل من قبل مقدم البرنامج عن تاريخه في الصنعة ومحتواه العلمي ، فيأتي الجواب صفعة على وجه المشاهد أنه لم يحول الحول على تخرجه من حلقة ملائية بسيطة ، ولم تصقل موهبته بعد ، فنرانا قد جَرَفَنا موج التخبط الذي يعانيه البرنامج من كل جوانبه لمتابعة وقائع حلقة تكلفنا هدر مابين الربع والنصف ساعة من وقتنا ضياعاً ، في الوقت الذي نحن في مسيس الحاجة لأظهار تراثنا العراقي الأصيل ، وأبراز النماذج الرائدة في مضمار الأداء القرآني ، وتقديم تلك النماذج كأرصدة علمية دسمة يعوّل عليها لأرشفة التراث العراقي الأصيل ، حيث أن الأمر يختص بالسماع ، والحضور المذاقي لآذان موسيقية تميّز بين ادنى درجات التنقل الطبقي للنغمة ورياضة اللسان للحِفْظ والحِفَاظ وتدوين الهوية العراقية أن صح القول ، لا أن يُرَكَّز على المستورد الحديث من الطرائق النغمية ونشرها كبديل لتاريخ وتراث بلد له عمقه التأريخي والحضاري ، كيف لنا ان نعمم تراثنا لأبنائنا وظاهرة محاربة الطريقة البغدادية قد أخذت منها كل مأخذ ، أليس الأجدر بهم عرض لتأريخ أساطين الطريقة البغدادية متمثلة بالحافظ مهدي والأستاذ عبدالفتاح معروف والحافظ خليل أسماعيل والحافظ صلاح الدين والحافظ ياسين طه العزاوي وغيرهم الكثيرين ممن تطول القائمة بذكر أسمائهم ؟على سبيل المثال لا الحصر ، الكثير من الناس لا يعرف من هو الحافظ خليل أسماعيل ! في حين أن هذا الاسم لم يكن خافياً على مشايخ المقارئ العربية والأسلامية . أن الحافظ خليل أسماعيل نال أشرف وسام من أكابر شخصيات القَرَءَةِ غير العراقيين ، أذ أطلق عليه لقب – بستان الأنغام – و كذلك ذكر المرحوم محمد القبانجي في أحدى الجلسات قائلا : "المقام العراقي أَذلَّ كل القرّاء ، ألاّ الحافظ خليل فقد أذلّ المقام" . هكذا شهادة للحافظ – رحمه الله – لم تأتي من فراغ ولا من باب الصدفة ولا من قبيل المجاملة ، انها شهادة ممن آلت أليه مرجعية المقام العراقي لستة عقود مضت ، وتربعه على عرش زعامته . كيف لا ولقد أحصينا للحافظ خليل أسماعيل أكثر من سبعون نغمة رئيسية وفرعية تعاطاها من غير ان نعدّ تكرارها من خلال الموسوعة العلمية النغمية والتي أصدرناها قبل فترة قليلة وقد حلّلنا فيها ستة وعشرون تلاوة أذاعية ومحفلية من أصل مئة وأربعون .[/font]
[font="] فمن له المقدرة المتكاملة على منازعة بلبل الطريقة البغدادية وعميدها ؟ أيّ كانت جنسيته وجنسه ؟ ومما هو معلوم عندنا وعند غيرنا من اهل الصنعة أن الحافظ خليل أستطاع أن يهذب ويشذب الكثير من المقامات الغنائية العراقية ويجعلها أداة يستفاد منها في مضمار الأداء النغمي القرآني لصياغة لوحة قرآنية نابضة مفعمة بالحس والجمال ، حتى وصل به الأمر أن طوّع لفنّه وأضاف لتراث بلده عدد من المقامات المستخدمة في أفريقيا وشمالها ومن بلاد الترك والهند ، وأغلبها مقامات مركبة من جنسين او اكثر . وأستطاع أن يخترق الأجواء بألمعيته وموهبته الفذة ، حتى صار مرجعاً وعميداً للمدرسة البغدادية من غير ما انتخاب او تعيين رسمي ، كما اسلفنا في مقالات سابقة . نحتاج الى برامج تكون أقرب الى الندوات العلمية يشارك فيها أكثر من طرف لدراسة وعرض واقع المدارس الأقرائية البغدادية القديمة والمعاصـرة ، وأماطة اللثام عن كوامنها ، ولسنا بحاجة الى أستضافة قارئ مستجد لا يفقه كثيراً من بواطن ما تعلمه من الحلقات الملائية ! [/font]
[font="] هناك جهات تدفع للنيل من الهوية العراقية - بقصد أو بغير قصد- وتمييعها من خلال تمييع أرثها الحضاري ، واستبداله بالمستورد المهتوت الضعيف ، قَصُرت همم الغير لبلوغ أبسط جزئيات ذلك الأرث الفني النغمي على أقل تقدير . وممّا هو معلوم للجميع ، ان أرثنا النغمي والكمّ الهائل من النغمات والمقامات الرئيسية والفرعية والقطع والأوصال والتي قد تجاوز تعدادها المئة والعشرون ، عجزت بلدان لها عمقها الحضاري وحضورها الفاعل في مضمار الأداء القرآني أن يصل رصيدها النغمي عدد أصابع اليدين ، ولا زال هناك من يدفع بأتجاه محو وتجاهل الهوية العراقية . تحدثنا المصادر التاريخية من خلال التنقيبات الأثرية في جنوب العراق ، أن أقدم آلة موسيقية في العالم عثر عليها في وادي الرافدين ويعود تاريخها الى العصر السومري القديم في الألف الثالث قبل الميلاد ، وأول نوتة موسيقية ظهرت على الواح الطين كانت هناك . ولما لم تلقى بعض تلك الفضائيات أهتماماً وتفاعلاً من قبل المشاهدين في تسويق منتوجها أليهم عمدت الى تغيير تكنيكي في المادة ، فبدل ان يكتسي مضمون البرنامج ويتخذ مادته من العنوان ، أصبح العنوان مغايرا للشكل والمضمون ، فبدل ان يكون العنوان ضمنا – لقاء مع قارئ – او – حياة قارئ – او وقفة مع قاريء – كمضمون غير معلن عنه في العنوان الحقيقي أصبحت المادة المقدّمة أشبه ببحث تاريخي عن الجوامع والمساجد العراقية والسؤال عن هوية المحسن او المحسنة المتبرع او المتبرعة بالبناء والتشييد ! وهذا هو الافلاس الحقيقي لذلك البرنامج ولتلك الفضائية . [/font]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[font="]
[/font]
[/font]
رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .
[font="]الطريقة البغدادية في الأداء القرآني ودور الفضائيات العراقية في تمييعها
[/font]
[/font]
[font="]لنجاح أي برنامج يبث من على أي قناة تلفزيونية يفترض أن تنتدب تلك القناة لذلك العمل فريق تتوافر فيه مميزات النجاح والخبرة أبتداءاً من معدّ البرنامج ومخرجه وأنتهاءاً بمقدّمه ، ولأن المقدِّم هو في الواجهة وأمام الكاميرا فيفترض ان تتوافر فيه الامور التالية : أن يكون له تاريخ وباع في مجال صناعة البرامج ، و ملمّاً ألماماً تامّاً بكل جوانب المادة المقدّمة ، وان تتوافر فيه مقوّمات النجاح وذا عقلية متفتّحة ، وشخصية قويَّة ، ويمتاز بسرعة البديهية وحسن التصرف في المواقف المختلفة ، وقبل ذلك كلّه ، إجادته للّغة العربية الفصحى بدرجة جيدة من غير عجمة او ان تشوب مفرداتها اللهجة العامّية ، سيّما والأمر متعلق بالقرآن الكريم ومفرداته ، [/font]
[font="] ومما يؤسف له اننا نجد النقيض التام لما اوردنا من شروط ومقومات النجاح والتميّز في اكثر مقدمي المادة المذكورة ، فأعلى مستوى علمي وصل اليه البعض منهم شهادة المتوسطة ان لم تكن الابتدائية .[/font]
[font="] لا شك أن هناك من يتسربون إلى العمل التلفزيوني أو الأذاعي من الأبواب الخلفية ، وإذا نجح[/font][font="] هؤلاء في الوصول من الشارع مباشرة دون موهبة ودراسة أكاديمية أو تدريب أو[/font][font="]خبرة فالنتيجة تكون مأساوية ، فمقومات المذيع أو المقدم[/font][font="] الناجح كما يعبر عنها اهل الصنعة ثلاثة عناصر ( شكل - صوت - مضمون ) ، نعم أن الشكل والصوت هما نعمتان[/font][font="] إلهيتان ، قد يهرم الشكل ، ويتعب الصوت ، ولكن ما يبقى هو الخزين الفكري والثقافي المعرفي الذي ناله المذيع او المقدم من خلال دراسته للتخصص ، والخبرة العملية التي حصل عليها من خلال التجربة المهنية وتعاطيه للأمر بصورة عملية تطبيقية ، وبالنتيجة فأن مقدم البرنامج هو - ثقافة ومخزون- قبل أن يكون شكلاً وصوتاً .[/font]
[font="]ومثل هكذا برنامج يحتاج مقدمه الى [/font][font="]المداومة على القراءة والبحث والاطلاع وذلك ما يثرى[/font][font="] ثقافته ، ويمنحه الثقة في أدارته للبرنامج ، ويمكّنه من أدواته ، وأَلَّا[/font][font="]يتوقف عن الاطلاع والقراءة ، فالتوقف عن الاطلاع والبحث والتعلم معناه [/font][font="]الجمود وعدم التطور .[/font]
[font="]محاور البرنامج المذكور أجمْـَعْ تكاد تغلفها البلادة والعوز المعرفي والتصحر المنهجي لمقدم البرنامج وسذاجة الأعداد والأخراج ، البرنامج بالمحصلة النهائية تنقصه النكهة الحقيقية للتعبير عن نفسه . [/font]
[font="]لم نجد أي لقاءات مع رواد قرّاء الطّريقة البغداديّة وأساتذتها ، على العكس أغلب الذين قدّموا هم ممن لا زالت أقدامهم على ما قبل الخطوة الاولى من بداية نقطة الانطلاق ، وغالبيتهم ممن سلكوا أسلوب التقليد الأعمى لطريقة غير ذات صلة بالموروث العراقي .[/font]
[font="] ناهيك عن مظهر – بعض ضيوف البرنامج – والذي يفترض انه قارئٌ للقرآن الكريم وينبغي أن يحكي مظهره سيماء القرّاء ، فتراه لم يترك مادة كيمياوية كمبيّض للبشرة الا وطلى بها وجهه ووجناته ، ولم يدعْ أفضل انواع مصففات الشعر – الجِل – بتغليظ اللام دون ان يمرره على شعره ، ولم ينسى نصيبه الأوفر من تقليد – ليوناردو دي كابريو - بطل فلم تايتانك في تسريحة شعره ، ونبز حاجبيه .[/font]
[font="] يُسأل من قبل مقدم البرنامج عن تاريخه في الصنعة ومحتواه العلمي ، فيأتي الجواب صفعة على وجه المشاهد أنه لم يحول الحول على تخرجه من حلقة ملائية بسيطة ، ولم تصقل موهبته بعد ، فنرانا قد جَرَفَنا موج التخبط الذي يعانيه البرنامج من كل جوانبه لمتابعة وقائع حلقة تكلفنا هدر مابين الربع والنصف ساعة من وقتنا ضياعاً ، في الوقت الذي نحن في مسيس الحاجة لأظهار تراثنا العراقي الأصيل ، وأبراز النماذج الرائدة في مضمار الأداء القرآني ، وتقديم تلك النماذج كأرصدة علمية دسمة يعوّل عليها لأرشفة التراث العراقي الأصيل ، حيث أن الأمر يختص بالسماع ، والحضور المذاقي لآذان موسيقية تميّز بين ادنى درجات التنقل الطبقي للنغمة ورياضة اللسان للحِفْظ والحِفَاظ وتدوين الهوية العراقية أن صح القول ، لا أن يُرَكَّز على المستورد الحديث من الطرائق النغمية ونشرها كبديل لتاريخ وتراث بلد له عمقه التأريخي والحضاري ، كيف لنا ان نعمم تراثنا لأبنائنا وظاهرة محاربة الطريقة البغدادية قد أخذت منها كل مأخذ ، أليس الأجدر بهم عرض لتأريخ أساطين الطريقة البغدادية متمثلة بالحافظ مهدي والأستاذ عبدالفتاح معروف والحافظ خليل أسماعيل والحافظ صلاح الدين والحافظ ياسين طه العزاوي وغيرهم الكثيرين ممن تطول القائمة بذكر أسمائهم ؟على سبيل المثال لا الحصر ، الكثير من الناس لا يعرف من هو الحافظ خليل أسماعيل ! في حين أن هذا الاسم لم يكن خافياً على مشايخ المقارئ العربية والأسلامية . أن الحافظ خليل أسماعيل نال أشرف وسام من أكابر شخصيات القَرَءَةِ غير العراقيين ، أذ أطلق عليه لقب – بستان الأنغام – و كذلك ذكر المرحوم محمد القبانجي في أحدى الجلسات قائلا : "المقام العراقي أَذلَّ كل القرّاء ، ألاّ الحافظ خليل فقد أذلّ المقام" . هكذا شهادة للحافظ – رحمه الله – لم تأتي من فراغ ولا من باب الصدفة ولا من قبيل المجاملة ، انها شهادة ممن آلت أليه مرجعية المقام العراقي لستة عقود مضت ، وتربعه على عرش زعامته . كيف لا ولقد أحصينا للحافظ خليل أسماعيل أكثر من سبعون نغمة رئيسية وفرعية تعاطاها من غير ان نعدّ تكرارها من خلال الموسوعة العلمية النغمية والتي أصدرناها قبل فترة قليلة وقد حلّلنا فيها ستة وعشرون تلاوة أذاعية ومحفلية من أصل مئة وأربعون .[/font]
[font="] فمن له المقدرة المتكاملة على منازعة بلبل الطريقة البغدادية وعميدها ؟ أيّ كانت جنسيته وجنسه ؟ ومما هو معلوم عندنا وعند غيرنا من اهل الصنعة أن الحافظ خليل أستطاع أن يهذب ويشذب الكثير من المقامات الغنائية العراقية ويجعلها أداة يستفاد منها في مضمار الأداء النغمي القرآني لصياغة لوحة قرآنية نابضة مفعمة بالحس والجمال ، حتى وصل به الأمر أن طوّع لفنّه وأضاف لتراث بلده عدد من المقامات المستخدمة في أفريقيا وشمالها ومن بلاد الترك والهند ، وأغلبها مقامات مركبة من جنسين او اكثر . وأستطاع أن يخترق الأجواء بألمعيته وموهبته الفذة ، حتى صار مرجعاً وعميداً للمدرسة البغدادية من غير ما انتخاب او تعيين رسمي ، كما اسلفنا في مقالات سابقة . نحتاج الى برامج تكون أقرب الى الندوات العلمية يشارك فيها أكثر من طرف لدراسة وعرض واقع المدارس الأقرائية البغدادية القديمة والمعاصـرة ، وأماطة اللثام عن كوامنها ، ولسنا بحاجة الى أستضافة قارئ مستجد لا يفقه كثيراً من بواطن ما تعلمه من الحلقات الملائية ! [/font]
[font="] هناك جهات تدفع للنيل من الهوية العراقية - بقصد أو بغير قصد- وتمييعها من خلال تمييع أرثها الحضاري ، واستبداله بالمستورد المهتوت الضعيف ، قَصُرت همم الغير لبلوغ أبسط جزئيات ذلك الأرث الفني النغمي على أقل تقدير . وممّا هو معلوم للجميع ، ان أرثنا النغمي والكمّ الهائل من النغمات والمقامات الرئيسية والفرعية والقطع والأوصال والتي قد تجاوز تعدادها المئة والعشرون ، عجزت بلدان لها عمقها الحضاري وحضورها الفاعل في مضمار الأداء القرآني أن يصل رصيدها النغمي عدد أصابع اليدين ، ولا زال هناك من يدفع بأتجاه محو وتجاهل الهوية العراقية . تحدثنا المصادر التاريخية من خلال التنقيبات الأثرية في جنوب العراق ، أن أقدم آلة موسيقية في العالم عثر عليها في وادي الرافدين ويعود تاريخها الى العصر السومري القديم في الألف الثالث قبل الميلاد ، وأول نوتة موسيقية ظهرت على الواح الطين كانت هناك . ولما لم تلقى بعض تلك الفضائيات أهتماماً وتفاعلاً من قبل المشاهدين في تسويق منتوجها أليهم عمدت الى تغيير تكنيكي في المادة ، فبدل ان يكتسي مضمون البرنامج ويتخذ مادته من العنوان ، أصبح العنوان مغايرا للشكل والمضمون ، فبدل ان يكون العنوان ضمنا – لقاء مع قارئ – او – حياة قارئ – او وقفة مع قاريء – كمضمون غير معلن عنه في العنوان الحقيقي أصبحت المادة المقدّمة أشبه ببحث تاريخي عن الجوامع والمساجد العراقية والسؤال عن هوية المحسن او المحسنة المتبرع او المتبرعة بالبناء والتشييد ! وهذا هو الافلاس الحقيقي لذلك البرنامج ولتلك الفضائية . [/font]
التعديل الأخير: