إعلانات المنتدى

مسابقة مزامير القرآنية 1445هـ

تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

وميض البرق

مزمار فعّال
16 يناير 2008
72
9
8
الجنس
ذكر
علم البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
بين يدي الموضوع
الحمد لله الذي نشر بقدرته البشر، وصرَّف بحكمته وقدر، وابتعث محمدًا إلى كافة أهل البدو والحضر، فأحلَّ وحرَّم، وأباح وحظر. لا يغيب عن بصره وسمعه دبيب النمل في الليل إذا سرى، يعلم السرَّ وأَخفى، ويسمع أنين المضطَّر ويرى، لا يَعزُب عن علمه مثقال ذرةٍ في الأَرض ولا في السَّماء، اصطفى آدم ثم تاب عليه وهدى، وابتعث نوحًا فبنى الفلك وسرى، ونَجَّى الخليل من النار فصار حرُّها ثرى، ثمَّ ابتلاه بذبحِ ولده فأدهش بصبره الورى، أَحْمده ما قُطِع نهار بسير وليل بسُرى. أحمده حمدًا يدوم ما هبَّت جنوب وصَبَا. وأصلِّي وأُسلِّم على رسول الله محمد، أشرف الخلق عَجمًا وعَربًا، المبعوث في أم القُرى، صلوات الله عليه وسلامه ما تحركت الأَلْسن والشِّفا، وعلى [أبي بكرٍ] tالذي أنفق المال وبذل النفس وصاحبه في الدار والغار بلا مِرَا (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا) وعلى [عمر]t الذي من هيبته ولَّى الشَّيطان وهرب، من أغَصَّ [كسرى] [وقيصر] بالرِّيق وما وَنَى، وعلى [عثمان]t مجهز جيش العُسْرة زوجُ ابنتيه ما كان حديثًا يفتري، حيَّته الشهادة فقال: مرحبا، وعلى [عليٍّ] t أَسد الشرى، ما فُلَّ سيف شجاعته قط ولا نبا، وعلى جميع الأَهل والآل والأصحاب والأتباع ما تعاقب صبح ومساء.
صلَّى الإلهُ ومنْ يَحُف بِعْرشه *** والطَّيبُون على المُبَارك أحمَدا .
أيها الأخوة :
إن الموضوع الذي أطرقه في هذه الوريقات استجابة لطلب شخص عزيز ،وأخ كريم، وصديق وفي،يعز علي أن أرفض طلبه في صرح غير هذا، وشرعت في البحث والتنقيب في بطون الكتب ولسان حالي يقول:
سألني من لا بد لي ****** من إمتثال سؤله الممتثل
فقلت مع عجزي واشفاقي ****معتمدا على القدير الباقي.
ذلك -يعلم الله مني- جهد المقل، وقوة الضعيف الذي لا يكاد يمضي حتى يَكِل، وما أنا وهذا الأمر وأينما أقع منه -إي والله- وما أنا إلا رجل يقرأ ليجمع، ويكتب ليقرأ، فإن أصاب فلكم ولا همّ، وإن أخطأ فعليه وخلاكم ذمٌّ. أعوذ بالله من فتنة القول وزوره، وخَطَل الرَّأي وغروره. اللهم تجاوز عن زلاتي وجرأتي، ولا تجعل حظِّي من ديني لفظي، وارْزقني الصِّدق في نيَّتِي وقولي وعملي. اللهم إنِّي أعوذ بك من الفقر إلا إليك، ومن الذُّل إلا لك، ومن الخوف إلا منك. اللهم إني أعوذ بك أن أقول زورًا، أو أغشى فجورًا، أو أن أكون بك مغرورًا. اللهم إني أبرأ إليك من حولي وقوتي، وألجأ إلى حولك وقوتك، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. "اللهمَّ لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحَزْن إذا شئت سهلا".
إن من سمات هذا الدين العظيم، وصفاته المستديمة التوسط والاعتدال في جميع الأمور، في العقائد، والعبادات، والمعاملات، والمباحات، إذ لا تفريط فيه ولا إفراط، ولا تشدد وتزمت، ولا تسيب وتفلت، تتمثل هذه السمة أصدق تمثيل عند أهل السنة والجماعة، الفرقة الناجية، نقاوة المسلمين.
لقد نهى الإسلام أتباعه أشد النهي عن التشدد والغلو، وحذرهم من ذلك في آيات تتلى وأحاديث تترى، وآثار تقرأ، وما فتئ أهل العلم في كل وقت وحين وفي كل مصر وعصر ينصحون إخوانهم المسلمين ويذكرونهم بخطورة ذلك على الدين.
الغلو والتنطع والتشدد مردُّه في كثير من الأحيان إلى كيد الشيطان ومكره وخبثه، ولهذا حذرنا ربنا منه، وبين عداوته الدائمة لبني آدم، وأخذه على نفسه المواثيق المغلظة للقيام بذلك، قائلاً: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ"، وبيَّن رسوله الكريم أن للشيطان مداخل على بني آدم لا تحصى ولا تعد، فهو يجري منه مجرى الدم، لا فرق في ذلك بين صالحهم وطالحهم إلا من رحم الله، فقد صح عن صفية بنت حيي رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله e معتكفاً فأتيته أزوره ليلاً فحدثته ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني – وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد رضي الله عنهما – فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي e أسرعا، فقال النبي e: على رسلكما، إنها صفية بنت حيي؛ فقالا: سبحان الله يا رسول الله! فقال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيتُ أن يقذف في قلوبكما سوءاً – أوقال – شيئاً".
وما من إنسان إلا وله قرين من الشياطين، حتى رسولنا e إلا أن الله أعانه عليه فأسلم كما أخبر.
مع ذلك بين ربنا سبحانه وتعالى أن كيد الشيطان كان ضعيفاً، وأنه ليس له سلطان إلا على الذين يتولونه، والذين هم به مشركون ومغرمون، ولهذا ما سلك عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غيره كما أخبر الصادق المصدوق.
وقد حد الله حدوداً، وفرض فروضاً، وشرع عبادات، أمر بالتزامها، ونهى عن تعديها، وترك رسول الله e الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، وعلى الحنيفية السمحة، لا يتجاوزها إلا خاطئ ضال.
قال عمر بن الخطاب ـ tـ كما روى عنه مالك: "سُنَّت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة، إلا أن تميلوا بالناس يميناً وشمالاً".
وقال ابن مسعود ـ tـ: "من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد كانوا أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على أثرهم وسيرتهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "سنَّ رسول الله e وولاة الأمور بعده ـ أي الخلفاء ـ سنناً، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها، ولا النظر فيما خالفها، من اقتدى بها فهو مهتدٍ، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً".
الشيطان له مداخل عدة، وطرق شتى على بني آدم، تختلف باختلافهم، من أخطر هذه المداخل، وأعظمها ضرراً، وأقواها تأثيراً، وأعمها فساداً هي الوسوسة، التي هي طريقه لفريق من المسلمين الذين عجز عن إغوائهم بالطرق الأخرى، ولم تصدهم حبائله المختلفة، عمد إليهم بهذه الوسيلة، وخدعهم بخدعة ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب، لهذا أمر أن نستعيذ منه ومن وسوسته على وجه الخصوص، وأنزل سورة خاصة بذلك وهي سورة الناس، التي جاء فيها: "من شر الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس".
الوسوسة من الأمراض القديمة والأدواء الخطيرة، ذات المجالات العديدة، والإضرار البليغة، والآثار السلبية الكثيرة.
على الرغم من تحذير الشارع الكريم منها، وتشنيع السلف الصالح على الموسوسين، وتأليف الدواوين، وتخويف أئمة الدين من خطرها، وعظيم ضررها، إلا أنه لا تزال طائفة من المسلمين مبتلاة بذلك، وتسأل وتستفسر عن كيفية الخلاص منها، والفكاك من أسرها، والعتاق من كيد مدبرها ومتولي كبرها، مما يستوجب على العلماء وطلاب العلم الكشف عن أسبابها، وبيان خطرها ومضارها، والإرشاد إلى طرق علاجها.
ذلك تمهيد لما سأتناوله بالإيضاح وهو عن الوسوسة وأقسامها، وأسبابها، والتنبيه على خطرها، والتوجيه والإرشاد لأسباب دفعها عن المبتلين بها ، وسأدفع بها إلى الموقع مقسمة على حلقات، ثم أفهرسها في موضوع مستقل ليستفاد منها .
والله أسأل أن يعافينا من كيد الشيطان، ويعيذنا من همزه ولمزه، وأن يقوينا على مجاهدته ورد كيده في نحره،
ومعاذ الله- أن أأتي فيها بجديد، ولا أدعي أن أأتي بخفي أو دقيق، فمباحثها أشهر من أن تذكر، وما أظن أحدًا منكم إلا وقد علمها أوبعضها. جمعتها من كتب الفقه والحديث معتمدا على الكتاب وما صح الرسول e مجتهدا –فقط- باختيار اللفظ المناسب ؛ فجاءت مشكلة المباني، مختلفة المعاني، راجيًا أن تنبع من بين الجوانح لتصل إلى الجوانح وتظهر على الجوارح، فإذا مر بك -يا أخي- ما لا يعجبك فلا تصعِّر خدك، ولا تعرض بوجهك، ولا تسُلّ لسَانَكَ، ولا تجلب بخيلك وَرَجِلَك، وخذ ما يعجبك واتهم فهمك؛
فكَمْ مِنْ عائبٍ قوْلا صَحِيحًا *** وآفَتُهُ منَ الفَهْمِ السَّقِيمِ
ولا يصدنك عن الحكمة قائلها؛ فقد يقول الحكمة غير الحكيم، وتكون الرمية من غير الرامي، وربَّ حامل فقه إلى من هو أفْقَهُ
اعْمَلْ بعلمِي وغُضِّ الطَّرْفَ عَنْ زلَلَي *** يَنفَعْكَ قَوْلِي ولا يَضْرُرْكَ تَقْصِيرِي
ثم أسأل الله أن يسر باقي الحلقات وسأحاول الإختصار لكن تمهيد أطولها
وe على البشير النذير، الهادي إلى كل خير

الحلقة الأولى
تعريف الوسوسة:
هي حديث النفس أو الشيطان بما لا نفع فيه ولا خير لذاته أو ما يؤدي إليه.
فقولنا " أو" : المراد بها التقسيم ، فيخرج بذلك أن يكون مراداً بها الشك .
فقولنا " بما لا نفع فيه ولا خير" : فيه تصريح بعاقية الوسوسة فجاء نفي النفع والخير معا عن الوسوسة.
فقولنا "لذاته أو ما يؤدي إليه" : الحال في الوسوسة لا يخلو:
أ ــ إما أن تكون الوسوسة لا نفع فيها ولا خير لذاتها ، أي مباشرة كالسوسة بارتكاب المعاصي .
ب ــ وإما أن تكون الوسوسة لا نفع فيها ولا خير ليس لذاتها ، ولكن لما تؤول إليه نحو : الوسوسة بالخير المؤدي إلي الشر ، أو الوسوسة بالعمل المفضول لترك العمل الفاضل.


الفروق بين الوساوس وغيرها:

أولا:الفروق بين وسوسة النفس ووسوسة الشيطان :
وهذه الفروق تعتبر بمثابة الضوابط للتفريق بين وسوسة النفس ووسوسة الشيطان:
1ـ من الفروق : أن ما كرهته نفسك لنفسك فهو من الشيطان، فاستعذ بالله منه ، و ما أحبته نفسك لنفسك فهو من نفسك فا ننهها عنه.
2ـ من الفروق : أن الشيطان لا يهمه معصية بذاتها، بل يهمه وقوع الإنسان في المعصية فإذا فشل في جانب انتقل إلى جانب آخر، وهكذا حتى يوقع الإنسان في المعصية ـ والعياذ بالله ـ ، أما النفس فتصر على معصيتة معينة، لا يقلع عنها الإنسان إلا بصعوبة.
3ـ إذا كان الخاطر لا يضعف ، ولا يقل بذكر الله تعالى ، ولا يزول ، فهو من الهوى ، وإن ضعف وقل بذكر الله تعالى فهو من الشيطان.
سأتكلم في الحلقة الثانية عن الفروق الأخرى.


الحلقة الثانية
ثانيا: الفروق بين الخواطر المحمودة، ووسوسة الشيطان:
إن الفروق بين الخواطر المحمودة، وسوسة الشيطان لها أهمية بالغة؛ لأن الإنسان إذا لم يعرف الفرق بينها قد يلتبس عليه الأمر، فيقع في مصائد الشيطان ـ والعياذ بالله ـ من حيث لا يعلم.
أجمل العلماء ـ رحمهم الله ـ أسباب اشتباه الخواطر في أربعة أمور:
1. ضعف اليقين.
2. قلة العلم بمعرفة صفات النفس وأخلاقها.
3. متابعة الهوى بخرم قواعد التقوى.
4. محبة الدنيا وجاهها، ومالها، وطلب الرفعة والمنزلة عند الناس.
وأهم الفروق بين الخواطر المحمودة ووسوسة الشيطان، مايلي:
أن الخواطر المحمودة ويكون فيها التوفيق لمرضاة الله، وموافقة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما كان فيه مرضاة لغير الله أو رسوله، فهو من وسوسة الشيطان.
2ـ أن الخواطر المحمودة في فعلها اقتداء بالسلف الصالح، وأما ما كان فيها مخالفة للسلف الصالح فهو من وسوسة الشيطان.
3ـ أن الخواطر المحمودة تثمر إقبالا على الله عز وجل، وإنابة إليه، وما أثمر ضد ذلك فهو من وسوسة الشيطان.
4ـ أن الخواطر المحمودة تورث أنسا ونورا في القلب، وانشراحا في الصدر، وما أورث ضد ذلك فهو من وسوسة الشيطان.


ثالثا: الفروق بين الظن والوسوسة:


تعريف الظن: هو اعتقاد الاحتمال الراجح الذي ظهر رجحانه على نقيضه بدليل معتبر .
وأهم ما يميز الظن عن الوسوسة شيئان:
أ ـ أن الظن أعلى و أقوى درجة من الوسوسة ، فالظن يلغي الوسوسة ، والوسوسة لا تقوى على إلغاء الظن ولا تساويه ، والأقوى لا يرفع بالأضعف ، وذلك راجع إلى كون الشخص الظان لا يستوي الطرفان عنده ، بل يترجح أحدهما على الآخر مع إمكان الطرف الآخر ، وإذا طرح الطرف الآخر من الاعتبار حصل ما يسمى غلبة الظن . وأما الموسوس فهو متردد بين الفعل والترك بلا مرجح لأحدهما .
ب ـ أن الظن يعمل به في موضع الاشتباه بخلاف الوسوسة فلا يعمل بها.
ج ـ أن الظان عنده أصل يبني عليه الحكم ، وأما الموسوس فلا أصل عنده يبني عليه ، فالموسوس يحكم بنجاسة الثوب من غير علامة.
د ـ أن الظان عنده المقدرة على الترجيح فهو يرجح أحد الطرفين أما الموسوس فهو يتردد بين الفعل والترك بلا مرجح

الحلقة الثالثة
رابعا: الفرق بين الوسوسة والشك:


إن كلا من الوسوسة والشك تؤدي بالإنسان إلى حالة عجيبة من الحيرة والاضطراب بحيث تصبح الرؤية غير واضحة فينتاب المرء التردد وعدم الجزم في اتخاذ القرار الحازم في الأمر الذي يقع تحت ظلال الوسوسة. والسوسة والشك يتفقان في أنهما لا يقويان على إزالة الأصل المعلوم ـ أي الأمر الذي ثبت قبل حصول شك ويطلق عليه اسم اليقين ــ .
ويفترق الشك عن الوسوسة:
1 ـ إن الشك ينشأ عن سبب معتبر ، أي أن الشاك عنده أصل يبني عليه شكه ، وهذا بخلاف الموسوس ، فهو يبني وسوسته من غير وجود أصل معتبر ، فالوسوسة تنشأ عن أوهام لا اعتبار لها وليست تبني على سبب معتبر.
فمثلا : الموسوس إذا أصبابته الوسوسة في نجاسة الثياب فهو يقدر في نفسه أن الثوب قد أصابته النجاسة وهما منه بلا سبب حقيقي يدعو إلى ذلك الأمر أو ويدل على وقوعه، بخلاف الشاك في نجاسة الثياب لكون الثياب يلبسها ومن عادته مباشرة النجاسة ، فهذا سبب معتبر يدعو إلى الشك فله الأخذ بالاحتياط ، وليس وهما مجردا بلا علامة تدل على وقوعة.
ومن الفروق بين الوسوسة والشك :
2 ـ أن الشك يزول بزوال سببه أما الوسوسة فلا تزول إلا بجهد بالغ، ومشقة متناهية وعزيمة قوية .
وقد يصبح الشك وسوسة في حالات هي:
أ ـ إذا كثر الشك وتكرر يكون وسوسا.
ب ـ إذ لم يستند الشك إلى سبب معتبر ، فهو وسوسة.
ج ـ إذا كان الشك بعد انتهاء العبادة يكون وسواسا.

خامسا: الفروق بين الوسوسة والوهم:

الوهم أقل درجة من الظن والشك.
تجتمع الوسوسة مع الوهم في أن كلا منهما لا يعتد به فالوهم لا يبني عليه شيء وكلا من الوهم والوسوسة لا يكونان سببا لتكوين الاشتباه المؤدي إلى الأخذ بالاحتياط لأن كلا منهما لا ينشأ عن سبب معتبر . والمعارضة بين الوهم والعقل إنما تنشأ من انجذاب النفس إلى استعمال الوهم دون العقل أو العكس.
وتفترق الوسوسة عن الوهم أن الوسوسة يكون فيها تردد بين الفعل والترك ، ولا يستطيع الموسوس حسم الأمر باتخاذ القرار الحاسم فيعيش في حيرة واضطراب، أما الوهم فلا تردُد فيه بل يحكم المرء بالشيء مع احتمال نقيضه احتمالا راجحا .
سادسا : الفرق بين الوسوسة و الاحتياط:
الاحتياط : احتراز المكلف من الوقوع في المشتبه فيه من حرام أو مكروه ، بطريق يزيل الاشتباه بيقين .
الفرق بين الاحتياط والوسوسة ، أن الاحتياط : الاستقصاء والمبالغة في إتباع السنة وما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من غير غلو ومجاوزة ولا تقصير و لا تفريط فهذا هو الاحتياط الذي يرضاه الله ورسوله .
وأما الوسوسة فهي إتباع ما لم تأت به السنة ، ولم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد من الصحابة رضوان الله عليهم؛ زعما أنه يصل بذلك إلى تحصيل المشروع وضبطه.

الحلقة الرابعة
أسباب الوسوسة
الوسوسة هي من كيد الشيطان، وهي ناتجة من الغلو والتشدد في أمور نهى الشارع عن الغلو والتشدد فيها، ولهذا فإن مردها إجمالاً إلى لآتي:
1. خبل في العقل.
2. أو جهل بالشرع.
3. ضعف الإرادة:
من العوامل المساعدة على ابتداء واستمرار الوسوسة ؛ ضعف الإرادة فالموسوس يدرك في العادة أنه مخطئ ، وأن ما يفعله مخالف للصواب ولكن تنقصه قوة الإرادة المانعة من تكرار الفعل ، فإذا قويت إرادة الإنسان ساعد ذلك على التخلص من الوسواس.
4. طبيعة المرحلة التي يمر بها الإنسان :
للمرحلة التي يمر بها الإنسان تأثير مهم في الإصابة بالوسواس ، فمثلا : الشاب الذي بدأ أول خطواته على طريق الاستقامة والصلاح، والشيخ الهرم الذي ينتظر الموت في كل لحظة، وكذلك عند ما تزداد الصلة بين العبد وربه قربا فهؤلاء يكونون عرضة للوسواس نتيجة حرصهم الشديد والمبالغ فيه على إتقان العبادة والإتيان بها على وجهها الصحيح وكانت شخصيته قابلة للسواس.
5. التساهل في القضاء على بوادر الوسوسة:
ذلك لأن القضاء على الشيء في بدايته الأولى سهل للغاية؛ ومن ذلك الوسوسة، فإن القضاء عليها في المهد، يؤدي إلى عدم استمرارها والمبالغة في الاهتمام بها يؤدي إلى نماءها.
6. عدم ربط العلم بالعمل:
لأن العلم بلا عمل جنون وعمل بغير علم لا يكون.


أقسام الوسوسة:
الوسوسة تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : الوسوسة الضرورية ، والمراد بها ما يجري في الصدر من الخواطر ابتداءا ، والتي يعجز عن دفعها وهذا معفو عنه ، قال تعالى " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"
القسم الثاني: الوسوسة الاختيارية ، والمراد بها ما يجري بالقلب من الخواطر ، والتي تستمر فيسترسل معها الإنسان، مع أنه بإمكانه قطعها.

الحلقة الخامسة
حكم الوسوسة وضابطها شرعا
حكم الوسوسة :
لابد قبل الشروع في بيان حكمها بيان مراتب قصد الفعل والقصد له مراتب خمسة:
المرتبة الأولى: الهاجس وجمعه هواجس وتعريف الهاجس: ما يلقى في القلب.
المرتبة الثانية : الخاطر وجمعه خواطر وتعريف الخاطر : ما يرد على العقل من الأفكار عفوا من غير تعمد لإحضارها ، ولا يكون له استقرار بالنفس .
المرتبة الثالثة : حديث النفس : وهو ما يقع في النفس مع التردد هل يفعل أو لا.
المرتبة الرابعة : الهم : ترجيح قصد الفعل .
المرتبة الخامسة : العزم : قوة القصد ، والجزم به وعقد الضمير على الفعل.
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ {والمراد بالوسوسة : تردد الشيء في النفس من غير أن يطمئن إليه ، ويستقر عنده.
وبهذه المراتب تعلم أن الوسوسة لا تكون من قبل الهم والعزم.}


المطلب الأول: حكم مؤاخذة الإنسان على مايقع في صدره من وسوسة :


إن حديث النفس معفو عنه ، استقر بالقلب أم لا ،وذلك إذا دافعه الإنسان وعارضه ولم يؤمن بشيء منه ثم إن على المؤمن قطع الاسترسال مع هذه الوساوس ، والانتهاء عنها، امتثالا لحديث : "فإذا بلغ ذلك فليستعد بالله ولينته " .
لقول تعالى : " لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ...."
ولقوله تعالى :"...... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ......."
ولحديث :" إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم" .


المطلب الثاني:حكم التجاوب مع الوسواس:


المقصود بهذا المطلب : بيان حكم الاسترسال مع الوسواس ، وعدم قطعه فورا ابتداءها ، ومثال ذلك : لو غسل الإنسان يده ثلاث مرات في وضوء للصلاة ثم جاءه الوسواس بأنك لم تغسلها مع تمام قناعته بغلسها ، فما حكم التجاوب مع الوسواس؟
إن الوسواس من قبيل إلقاء الشيطان أو حديث النفس الأمارة بالسوء ،وفي هذه الحالة يحرم على المسلم متابعة الوسواس لأدلة كثيرة وردت في هذا الباب.


الأدلــــــــــــــة:


الأدلة الدالة على تحريم متابعة الوسواس كثيرة جدا منها ما هو نقلي ومنها ما هو عقلي:


أولا: الأدلة النقلية:


1) قوله تعالى: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ(6) " .
وجه الدلالة : أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أمر في الآية الكريمة بالاستعاذة من وسوسة الشيطان، ولو كان إتباع وسوسته أمر خير لما أمر بالاستعاذة منها.
2) قوله تعالى:" إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ".
3) قوله تعالى :"......وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ".
4) قوله تعالى:" فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22)".
وجه الدلالة : أن متابعة الوسوسة أدت إلى هذه العاقبة الوخيمة ، فدل ذلك على ذم التأثير بالوسواس والنهي عنه وأن الشيطان لإنسان عدو مبين.
5) حديث "فإذا بلغ ذلك فليستعد بالله ولينته "
وجه الدلالة :أن الحديث صريح في الأمر بالانتهاء عن متابعة الوسواس.
6) حديث : " الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة "
وجه الدلالة : أن رسول الله e وصف الوسوسة بأنها من كيد الشيطان وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز متابعتها والاسترسال معها.


ثانيا: الأدلة العقلية :


ألأدلة العقلية كثيرة منها الآتي:
1) إذا أراد الموسوس أن يعرف هل متابعة الوسواس من الأمور الحسنة أم لا ؟ فليسأل نفسه : ألست تعلمين أن طريق رسول الله e هي طريق المستقسم؟
فتقول: نعم.
فسألها: فهل كان رسول الله e يفعل شيئا من أفعال الموسوسين؟
فتقول: نعم .
فقل لها: هل عندك شك في هذين الأمرين؟
فتقول : لا.
إذا فالوسوسة هي متابعة للشيطان ، فهل بعد الحق إلا الضلال!
2) إن متابعة الوسواس لو كان فيها أمر خير وفضيلة ، لما ادخرها الله جل ثناؤه عن رسوله الكريم e ، وصحابته الكرام وهم خير الخلق .
3) ليسأل الموسوس نفسه : كيف تقول في الصلاة رسول الله e ، وسائر صلاة المسلمين الذين لا يفعلون ما يفعله أهل الوسوسة ؟
فإن قال : هي باطلة ، فقد مرق من الإسلام.
و إن قال : هي صحيحة ، فما هو السبب الذي يجعله يخالف رسول الله e وسائر المسلمين ، أم أنه يرغب في عدم اللحوق بركب الصالحين.
4) ليسأل الموسوس نفسه : ماذا يقصد من أفعال الوسوسة ؟
فإن قال : التقرب إلى الله جل وعلا ، فهل تكون القربات بمعصية الله، وبما نهى عنه ورسول الله e
وإن قصد طاعة الشيطان، فماذا بعد الحق إلا ضلال !
5) ليعلم الموسوس أن هذا الدين لو كانت تعاليمه كما يفعله أهل الوسواس ، لم تكن هذه الشريعة سمحة ميسرة نعوذ بالله من ذلك.
وبهذا يعلم أن متابعة الوسوسة تبعا لإرادته محرمة، والأولى بالمسلم البعد عن الإسترسال مع الوساوس ، فإن التمادي معها يورث المهالك والمشقة والعنت ومخالفة أمر الرحمن وطاعة الشيطان.

ضابط الوسوسة

الضابط الذي يحدد معالم الوسوسة هو : كونها تسبب مشقة ظاهرة في أداء العبادة ، فمن اعتراه لشك وكثر عليه حتى شق معه أداء العبادة ، فهو موسوس ،وذلك كله من الشيطان ليثقل العبادة على الإنسان ، مما يؤدي به إلى تركها بعد حين.


الحلقة السادسة
الجزء الأول من

حكم الوسوسة بالمبالغة في الاستجمار ولاستنجاء:

أولا: الإستجمار:


تعريف الاستنجار :
هو إزالةالنجو ـ القذر ونحوه ـ عن أحد السبيلين بالأحجار .

العدد المطلوب في الاستجمار:
الحال في الاستجمار لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى:
أن يكون الخارج ـ أي البراز ـ لم يتجاوز موضع العادة ـ أي حلقة الدبرـ كأن ينتشر على الصفحتين.

حكم هذه الحالة:
أن يتوفر الإنقاء لسبيل وهو حلقة الدبر بعد الخارج وإكمال ثلاثة أحجار في الاستجمار.

الأدلــــــــة:

1ـ لقوله e : "لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار" .
2ـ وقال e :إذا ذهب أحدكم إلى الغائط ، فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن، فإنها تجزئ عنه ".

وجه الدلالة :
أن رسول الله e نهى أن يستنجى المسلم بأقل ثلاثة أحجار وهذا يقتضي من المسلم وجوب الامتثال ، فلا يجزئ أقل من ثلاثة أحجار.


الحالة الثانية:
إذا تجاوز الخارج الموضع المعتاد بما لم تجر به العادة كأن ينتشر على الصفحتين.


حكم هذه الحالة:
يجب الإستنجاء بالماء لأن الأصل في إزالة النجاسة إزالتها بالماء ورُخِصَ في الاستجمار ؛ لتكرر النجاسة على المخرج ـ أي حلقة الدبر ـ دفعا لمشقة تكرار الغسل فإذا جاوز المخرج خرجت من حد الرخصة .

الحلقة السابعة
الجزء الثاني من

حكم الوسوسة بالمبالغة في الاستجمار ولاستنجاء:

ثانيا: الإستنجاء:

تعريف الاستنجاء :
هو إزالةالنجو ـ القذر ونحوه ـ عن أحد السبيلين بالماء أو غيره من المائعات .

تعريف الإنقاء المقصودة في هذا الباب :
ذهاب لزوجة النجاسة وآثارها و أن تعود خشونة المحل كما كانت.
العدد المطلوب في الاستنجاء :
لا يشترط في الاستنجاء بالماء عددا معينا، بل يكتفي بما يراه المستنجي أنه قد أنقا المحل.


الأدلـــــــــــــة:


لم يعلم عن رسول الله e في ذلك عددا معينا، ولا أمر بعدد معين، ولأن الأحاديث الواردة في الاستنجاء بالماء لم تحدد عددا معينا في ذلك ومن هذه الأحاديث :
1ـ حديث أنس بن t قال : "كان رسول الله e يتبرز لحاجته فآتيه بالماء فيغتسل به ".
2ـ ما جاء عنه أيضا قال إن رسول الله e: دخل حائطا وتبعه غلام معه ميضأة، هو أصغرنا فوضعها عند السدرة ، فقضى رسول الله e، فخرج علينا وقد استنجى.
وجه الدلالة:
أنه لم يرد في الحدثين عددا معينا في الماء.

ثالثا: حكم الاستنجاء من خروج الريح:

ينتشر في أوساط بعض الموسوسين وجوب الاستنجاء من خروج الريح؛ فلذلك تراه خائف يترقب خروج الريح؛ ليبادر إلى الوضوء، فصار في حالة من الترقب الشديد يخيل إليه خروج الريح في كل حركة، حتى أصبحت أدنى حركة لديه هي علامة على خروج الريح.
إنعقد إجماع العلماء على أن من خرج منه ريح ليس عليه استنجاء ولاستنجاء من الريح وحده مكروه لما فيه من الغلو.

رابعا:حكم الموسوس:

على الموسوس في حال الاستجمار إذا لم يتجاوز الخارج موضع العادة فيكفيه ثلاثة حجارة إذا أنقت، وعليه الحزم وعدم الاسترسال مع الوساوس، وإلا فلن يكفيه العدد الكثير من الحجارة؛ بحجة عدم الإنقاء.
وأما إذا تجاوز الخارج الموضع المعتاد بما لم تجر به العادة أو في حال الاستنجاء بالماء يكفيه ثلاث غسلات أو أقل منها إذا حصل الإنقاء لأنها تساعد على وضع حد للوسوسة وإلا فإن الموسوس إذا سترسل مع الوسوسة لن تكفيه جرار الماء الكثيرة.
وليعلم الموسوس أن المبالغة في الإستنجاء والاستجمار محرمة إذا أدت إلى تعذيب النفس وإرهاق الجسد لأن لأنسان مأمور شرعا بالمحافظة على نفسه وجسده.
 

وميض البرق

مزمار فعّال
16 يناير 2008
72
9
8
الجنس
ذكر
علم البلد
الحلقة الخامسة عشر
حكم الوسوسة في ترك بعض الأعضاء الوضوء:
إن الوسوسة بترك أحد أعضاء الوضوء سواء أثناء الوضوء أو بعده لا يلتفت لها بل على الإنسان الاستمرار في الوضوء إلى نهايته ، ولا يلقى بالا لمثل هذه الوساوس .
ولقد قال الإمام مالك رحمه الله : {من شك في بعض وضوئه وهو يعرض له هذا كثيرا يمضي ولا شيء عليه}.
الأدلـــــــــة:


ويمكن الاستدلال على أن الوسوسة بترك عضو من أعضاء الوضوء ، لا يلتفت إليها بأدلة منها:
1. ما جاء في الحديث :" شكي إلى النبي e الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة ، فقال :"لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا".
وجه الدلالة :أن النبي e أمر من خيل إليه خروج شيء منه ، أن لا يلتفت إلى مثل هذه الوساوس والتخيلات، وإنما لا بد له من الاستناد إلى سبب معتبر كسماع صوت أو خروج الريح، وهكذا الشأن فيمن وسوس في ترك عضو من أعضاء الوضوء ، لا يلتفت إلى ذلك؛ لأن الأصل أنه أتى بالعبادة على وجهها الصحيح.
2. أن الأحكام الشريعة إنما تبنى على أسباب معتبرة والوسوسة ليست بسبب معتبر ، فهي مجرد أوهام وتخيلات.
وبهذا يعلم أن الوسوسة في ترك عضو من أعضاء الوضوء ، لا يلتفت إليها مطلقا ، وإذا استرسل الإنسان مع الوسوسة في هذا المجال، فإنها ستوصله إلى ما لا يحمد عقباه .
الحلقة الثانية و العشرون



حكم الوسوسة برفع الصوت لما يسن إخفائه من أذكار الصلاة:
لقد دفع الوسواس بعض الموسوسين إلا مخالفة السنة في كيفية قراءة أذكار الصلاة وسنبين كيفيتها في الآتي لسد باب الوسواس في هذا المجال.
أولا: كيفية قراءة أذكار الصلاة للإمام:
أ ـ يسن للإمام الجهر بجميع التكبيرات في الصلاة بقدر ما يسمع المأمومين لفعل رسول e وليمكن المأموم من الإقتداء به.
ب ـ يسن للإمام الإسرار بالاستفتاح .
ج ـ يسن للإمام الجهر بقراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن في الصلاة الجهرية .
د ـ يسن للإمام الإسرار بقراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن في الصلاة السرية.
هـ يسن للإمام الجهر بقول: "سمع الله لمن حمدا" في الصلاة بقدر ما يسمع المأمومين لفعل رسول eوليمكن المأموم من الإقتداء به.
و ـ يسن للإمام أن يسر بكل الأذكار التي تقال في الركوع والرفع منه ـ غير التسميع فقد سبق بيانه ـ والسجود والتشهد الأول والأخير لفعل رسول e.
ز ـ يسن للإمام أن يجهر بالسلام في الجهرية والسرية لفعل رسول e وليمكن المأموم من الإقتداء به.


الأدلـــــــة :
1. فعل النبي e الذي ثبت نقله خلفا عن سلف ولقوله e:"صلوا كما رأيتموني أصلي " .
2. وقال عبد الله بن مسعود : t"من السنة إخفاء التشهد" وغيره من الأذكار التى يسن إسرارها يقاس عليه.
3. أجمع العلماء على أنه يسن للإمام أن يسر بكل الأذكار التي تقال في الاستفتاح والركوع والرفع بعده والسجود والتشهد الأول والأخير وكما أجمعوا على أنه يسن للإمام الجهر بجميع التكبيرات والتسميع والسلام في الصلاة وكما أجمعوا على أنه يسن للإمام الجهر في الصلاة الجهرية والإسرار في الصلاة السرية.
تنبيه:
" معنى يسن: أنه لو خالف ترك السنة صحت صلاته لكن إذا تعذر على المأمومين متابعة إمامهم بسبب إسراره لما يسن جهره أثم الإمام لما رواه أبو هريرة t قال : قال رسول الله e: "يصلون بكم , فإن أصابوا فلكم ولهم , وإن أخطئوا فلكم وعليهم " وعلى المأمومين الانفصال عن الإمام إذا تعذرت متبعته في ركنين فأكثر من أركان الصلاة ".
ثانيا: كيفية قراءة أذكار الصلاة للمأموم:
أ ـ يسن للمأموم الإسرار بجميع التكبيرات .
ب ـ يسن للمأموم الإسرار بالاستفتاح .
ج ـ يسن للمأموم الإسرار بقراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن في الصلاة الجهرية والسرية.
د ـ يسن للمأموم أن يسر بكل الأذكار التي تقال في الركوع والرفع منه والسجود والتشهد الأول والأخير وأن يسر بالسلام .
الأدلـــــــــــة :
1. فعل أصحاب محمد e أثناء إمامته لهم في صلاتهم وأقرهم عليه ولم ينههم عنه ولو نهاهم لنقل.
2. قال عبد الله بن مسعود : t"من السنة إخفاء التشهد". ويقاس عليه غيره من الأذكار.
3. أجمع العلماء على أنه يسن للمأموم أن يسر بكل الأذكار التي تقال في الاستفتاح والركوع والرفع منه والسجود والتشهد الأول والأخير والإسرار بجميع التكبيرات في الصلاة و الإسرار بقراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن.


تنبيه:
" ومعنى أنه يسن للمأموم أنه لو خالف ترك السنة وصحت صلاته مع الكراهة، لكن إذا آذى الذي بجوره فيجب عليه الإسرار ويحرم عليه الجهر لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا "
ثالثا: كيفية قراءة أذكار الصلاة للمنفرد:
هو كالإمام في كل ما سبق له ولكنه مخير بين الجهر والإسرار فيما يجهر فيه الإمام فقد سؤل أحمد ـ رحمه الله ـ عن الرجل يصلي وحده المغرب والعشاء فقال:{ إن شاء جهر و إن شاء خافت ثم قال: إنما الجهر للجماعة} .
التنبيه الأهم:
لابد من تحريك اللسان والشفتين بالإذكار التي يسن إسرارها.
فالإمام مالك ـ رحمه الله ـ سئل عن الذي يقرأ في الصلاة ، لا يُسْمِعُ أحداً ولا نفسَه ، ولا يحرك به لساناً . فقال : " ليست هذه قراءة ، وإنما القراءة ما حرك له اللسان " .
وسئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : هل يجب تحريك اللسان بالقرآن في الصلاة ؟ أو يكفي بالقلب؟
فأجاب :
" القراءة لابد أن تكون باللسان ، فإذا قرأ الإنسان بقلبه في الصلاة فإن ذلك لا يجزئه ، وكذلك أيضاً سائر الأذكار ، لا تجزئ بالقلب ، بل لابد أن يحرك الإنسان بها لسانه وشفتيه ؛ لأنها أقوال ، ولا تتحقق إلا بتحريك اللسان والشفتين ".

الحلقة الثالثة و العشرون





الوسوسة في عدد الركعات أوالسجدات ونحوها}:
المدخل:
أبتلى كثير ممن أصابتهم الوسوسة في الصلاة ، بتكرار الركعات أو سجدات ونحوها؛ ظنا منهم أنهم قد أخطئوا فيها أو أنهم لم يأتوا بها على الوجه الصحيح، وهذا من الأمور التي تسبب لهم المشقة البالغة وتثقل عليهم أداء العبادة.
حكم الوسوسة في عدد الركعات أوالسجدات ونحوها:

على الموسوس ألا يلتفت إلى هذه الوسوسة ، ويجب عليه إهمالها، ويبني على رأيه التمام إذا اعترته الوساوس على كل حالة بحسبها فإذا وسوس هل صلى أم لا؟ فيبني على رأيه التمام مطلقا أنه صلى ويبني على رأيه التمام. وإذا وسوس هل صلى أربعا أم ثلاثا ؟ فيبني على أنها أربع. وإذا وسوس هل سجد أم لا ؟ يبني على أنه سجد سواءً كان وسوس في الزيادة أو نقصان ، ويكون جوابه في النقص للشيطان كملت ، وفي الزيادة نفيها ، ولا يشتغل بالتفكير فيما وقع له لأنه إذا اشتغل تزايد عليه ؛ {لأن الشيطان كالكلب إذا اشتغلت برده أُوُلِعَ بك، فقطع ثيابك وكسر عصاك وإذا رجعت لصاحبه رده عنك برفق، فا ستعن بالله عليه}.
يقول ابن مفلح الحنبلي ـ رحمه الله ـ {هذا الوسواس يزول بالاستعاذة وانتهاء العبد، وأن يقول إذا قال: لم تغسل وجهك بل غسلت وجهي ، وإذا خطر له أنه لم ينو بقلبه يقول بل نويت، فيثبت على الحق ويدفع ما يعارضه من الوسواس ، فيرى الشيطان وقوفه وثباته عن الحق فيندفع عنه ، لكن متى شعر الشيطان أن الشخص قابلا لشكوك مستمعا إلى الوسواس والخطرات، أورد عليه من ذلك ما يعجز عن دفعه ، وصار قلبه موردا لما يوحيه شيطان الإنس والجن من زخرف القول، وانتقل من ذلك إلى غيره إلى أن يسوقه إلى المهلكة " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "" إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201)وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ"، ولا يسجد لسهو أبد للوسواس لأنه ليس من أسباب سجود السهو}.

__________________

الحلقة الرابعة والعشرون: {الوسوسة بانتقاض الطهارة في الصلاة بسبب الغازات أوالإنتفاخ أ و "السنطاريا"}.
الوسوسة بانتقاض الطهارة في الصلاة :
سبق الحديث عن الوسوسة بانتقاض الطهارة ، وأن على الموسوس إهمال تلك الوساوس، والإلهاء عنها، وأن يمضي في صلاته وجوبا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:{مجرد الإحساس لا ينقض الوضوء؛ ولا يجوز له الخروج من الصلاة الواجبة فإنه قد ثبت عن النبي e أنه سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلاة ؟ فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا". وأما إذا تيقن خروج البول إلى ظاهر الذكر فقد انتقض وضوؤه وعليه الاستنجاء، إلا أن يكون به سلس البول فلا تبطل الصلاة بمجرد ذلك إذا فعل ما أمربه}.
قال سماحة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن باز ـرحمه الله ـ : {سئل النبي e عن الرجل يجد الشيء في الصلاة ؟ فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا"، وفي لفظ آخر: "إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه الشيء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا"، فالذي يخيل إليه أنه خرج منه شيء لا يخرج من صلاته، بل هو على حاله من صحة الوضوء، وصلاته صحيحة، وإذا علم يقينا أنه خرج منه ريح أو بول بطلت الصلاة ، أما إن كان مجرد شك فصلاته ووضوءه صحيحان ؛ لأن هذا من وساوس الشيطان}.
الوسوسة بخروج الريح بسبب الغازات:
يقول ابن عثيمين ـ رحمه الله: {الغازات التي تحدث للمرء أثناء صلاته لا تؤثر شيئاً إذا لم يخرج شيء من مخرجه لأن النبي e سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلاة فقال e: "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" يعني حتى يتيقن ذلك تيقناً محسوساً إما بسماع الصوت أو بشم الرائحة وأما مجرد الوهم الذي يحصل من الغازات في البطن فإن ذلك لا يؤثر وذلك رحمة من الله سبحانه وتعالى بعباده أن لا يرتفع اليقين إلا بيقين فالطهارة المتيقنة لا ترتفع إلا بحدث متيقن}.
حكم الوسوسة بانتقاض الطهارة أثناء إنتفاخ البطن أوطلوع أصوات بسبب السنطاريا:
يحصل للإنسان صوت طبل في بطنه نتيجة لانتفاخٍ في بطنه، وأحيانا يصدر من الانسان صوت من جهة "العصعص" وهو يسمى "بمرض السنطاريا" ولكن لم يخرج شيء من حلقة الدبر .
ويقول ابن جبرين ـ حفظه الله ـ : {هذا الصوت الذي يُحس به الإنسان في بطنه نتيجة انتفاخ، أو الصوت الذي يخرج من جهة العصعص، ويُخيل إليه أنه خرج من دُبره شيء لا يجوز أن يُلتفت إليه، ولا تُقطع الصلاة من أجله؛ ولا يبطل به وضوئه ،فإنه من الوسوسة التي يُسلطها الشيطان على الإنسان حتى يَشُقَّ عليه، ويُوهمه أن صلاته أو وضوءه قد بطلت، وقد قال النبي e في الرجل يُخَيَّل إليه أنه يجد في الصلاة شيئًا أو أنه قد أحدث فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا" أي حتى يتحقق أنه قد أحدث. فعليه إحسان الوضوء، وأداء الصلاة كاملة، وعدم الالتفات إلى تلك الوساوس}.
وبهذا يعلم أن الوساوس لا أثرلها في انتقاض الطهارة حتى و لو كانت بسبب الغازات أو الانتفاخ أو "السنطاريا" إذا لم يشم المرء رائحة أو يسمع صوتا خرج منه من مخرجه.

الحلقة الخامسة والعشرون:{الوسوسة بنجاسة الثياب الصلاة والوسوسة فيها مع يسير الدم والوسوسة في الصلاة بالنعال}.

الوسوسة بنجاسة الثياب في الصلاة:
إن الشيطان قد لبس على بعض عباد الله بالوسوسة في الصلاة، فما أن يعجز عن جهة إلا ويتجه إلى جهة أخرى، فالهدف من وسوسته هو إبطال الصلاة أو إشغال المصلى في أكثر وقتها، ولا يهمه في سبيل تحقيق هدفه الطريق الذي يسلكه، ومن تلك الأبواب التي يدخل بها الشيطان على الموسوس الوسوسة بنجاسة الثوب الصلاة.
المصلي إذا وسوس بنجاسة ثوبه في الصلاة، فإنه لا يجوز له الخروج من صلاته لمجرد الوسوسة، بل عليه أن يمضي في صلاته، ويهمل الوسوسة؛ لأن اليقين لا يزول بالشك.
قال سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ :{إذا شك المصلى في وجود نجاسة في ثوبه، وهو في الصلاة لم يجز له الانصراف منها، سواء كان إمام أم مأموما أم منفردا وعليه أن يتم صلاته، ومتى علم بعد ذلك بوجود النجاسة في ثوبه فليس عليه قضاء في أصح قولي العلماء؛ لأنه لم يجزم بوجودها إلا بعد الصلاة، وقد ثبت عن النبي e أنه خلع نعليه وهو في الصلاة لما أخبره جبرائيل عليه السلام أن بهما قذرا، ولم يعد أول الصلاة بل استمر في الصلاة}.

الوسوسة في الصلاة مع يسير الدم:
يقول الشيخ ابن العثيمين ـ رحمه الله ـ : {قطرات الدم لا تفسد الوضوء وليست نجسة أيضاً بل هي طاهرة ولا تضرك واعلم أن جميع ما يظهر من البدن من الدم والقيح وغيره لا ينقض الوضوء أيضاً إلا إذا كان خارجاً من السبيلين من القبل أو الدبر فلو جرح الإنسان أو رعف أنفه أو حصل دم من ضرسه أو ما أشبه ذلك وخرج دم ولو كثيراً فإن وضوئه باقٍ لم ينتقض وذلك لأنه لا دليل على نقض الوضوء بذلك والأصل بقاء الطهارة وأما ما خرج من السبيلين فهو ناقض ولا إشكال فيه }. وقال الحسن البصري ـ رحمه الله عنه ـ : {ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم}، صح أن عمر ـ t ـ صلى وجرحه يثعب دما ، وكان أبو هريرة t لا يرى بأسا بالقطرة والقطرتين في الصلاة .

الوسوسة في الصلاة بالنعال:
إن الله ـ جل ثناؤه ـ قد يسر لنا هذه الشريعة السمحة بفضله ومنّه، فعن أبي هريرة t عن النبي e أنه قال: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبة"، ولذا فإن ما يفعله بعض الموسوسين ـ عفا الله عنهم ـ من تَجَنُبِ أو منع الصلاة في النعال؛ أمر مذموم، يجب الابتعاد عنه.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: {ومما لا تطيب به قلوب الموسوسين الصلاة في النعال، وهي سنة رسول الله e وأصحابه، فعلاً منه وأمراً، فروى أنس بن مالك t أن رسول الله e: "كان يصلي في نعليهوقيل لأحمد ـ رحمه الله ـ: أيصلي الرجل في نعليه؟ فقال: "إي والله".
وترى أهل الوسواس إذا بلي أحدهم بصلاة الجنازة في نعليه قام على عقبيه كأنه واقف على الجمر، حتى لا يصلي فيهما}.

حكم الصلاة في النعال:
إن الصلاة في النعال إذا علمت طهارتها مستحبة باتفاق العلماء ولا تكره الصلاة فيهما.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ،وقد سئل عن حكم الصلاة في النعال:{ أما الصلاة في النعل ونحوه مثل الجمجم ، والمداس،و الزربول ، وغير ذلك : فلا يكره بل هو مستحب وإذا علمت طهارتها لم تكره الصلاة فيها باتفاق المسلمين ، وأما إذا تيقن نجاستها فلا يصلى فيها حتى تطهر}.
الأدلــــة:
ومن الأدلة على جواز الصلاة في النعال إذا علم طهارتها:
1. سئل أنس بن مالك t : أكان رسول الله e يصلي في النعلين؟ قال: "نعم".
2. عن شداد بن أوس t قال: قال رسول الله e : "خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم".
3. وعن أبي سعيد الخدري t أن رسول الله e: "صلى فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال: لِمَ خلعتم؟ قالوا: يا رسول الله، رأيناك خلعتَ فخلعنا، فقال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خُبْثاً، فإذا جاء أحدُكم المسجد فليقلب نعليه، ثم لينظر فإن رأى خبثاً فليمسحه بالأرض، ثم ليصلي فيهما".
ومما سبق يتضح جواز الصلاة في النعال إذا علم طهارتهما، ولا يلتفت إلى الوسوسة في ذلك، مع الإشارة إلى أن المساجد في زماننا هذا قد أصبحت مفروشة بأحسن الفرش وأبهاها، فإذا كان لبس النعال يؤدي إلى تجميع الأتربة ونحوها فالأولى بالمرء حفظ النعال خارج المسجد والصلاة بدونهما.



الحلقة السادسة والعشرون :
{حكم إمامة الموسوس في الصلاة}.
حكم إمامة الموسوس في الصلاة
حكم إمامة الموسوس في الصلاة تحتاج المسألة إلى تفصيل ليتبين الحكم:

فحال الموسوس لا يخلو :
أ ـ أن تكون الوسوسة ليس لها صلة بذات الصلاة ، وإنما هي في مقدماتها : كالوسوسة في الوضوء .
ب ـ أن تكون الوسوسة لها صلة مباشرة بالصلاة : كالوسوسة في النية الصلاة أو التكبير ، أو تكرير كلمات من الفاتحة ونحو ذلك .
فالحالة الأولى:
تصح فيها إمامة الموسوس؛ لأن وسوسته ليست متعلقة بذات الصلاة ، فهو يأتي بأركان وواجبات الصلاة على أتم وجه، ولكن إذا ترتب على وسوسته في الوضوء مثلا : تأخير الصلاة إلى آخر وقتها أو اقتداء العامة به في الوضوء لكونه إمامهم ، فلا ينبغي أن يعين إماما؛ لما في ذلك من الضرر على جماعة المصلين.
وأما الحالة الثانية :
وهي كون الوسوسة متعلقة بذات الصلاة ، فالحال لا يخلو:
أ ـ أن تكون جماعة المصلين كلهم ممن ابتلوا بالوسواس، فهنا يقدم أخفهم وسوسة؛ لأن الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف.
ب ـ أن تكون جماعة المصلين ليسوا مصابين بالوسوسة ، والحال هنا لا يخلو :
1. أن يكون الموسوس قد وصل إلى حد الجنون ؛ لشدة الوسوسة واستحكامها به ،ـ وهذا نادر جدا ـ فلا يصح تعينه إماما ؛ لعدم صحت صلاته؛ لأن القلم مرفوع عنه لحديث: "والمجنون حتى يفيق" .
2. أن يكون الموسوس لم يصل لحد الجنون.
حكم هذه الحالة أن إمامة الموسوس تصح إذا كانت الوسوسة خفيفة، وليست ظاهرة في تصرفاته ، ولم تسبب ضررا على جماعة المصلين فلا مانع من إمامته، ما دام ملتزما بدفع الوسوسة ابتداء ودواما. وأما إذا كثرت وسوسته و ظهرت آثارها في تصرفاته ، وكانت تسبب الضيق الحرج للمصلين، كأن يطيل بهم أو يكبر ثم يقطعها ثم يكبر، فمثل هذا لا يصلح إماما، وإن كان إمام راتب يرفع فيه أهل المسجد إلى مرجعه لعزله حتى يعود إلى حال السلامة ويشفى من الوساوس.

الحلقة السابعة والعشرون:{ الهواجس في الصلاة حكمها و كيفية التخلص منها}.
الهواجس في الصلاة:
المدخل:
الخشوع في الصلاة سمة بارزة لأهل الإيمان ، فالصلاة لهم قرة عين ، ومواطن راحة من مشاغل الدنيا، هواجس القلب، ونزغات الشيطان ،ولهذا امتداح الله سبحانه وتعالى المؤمنين بقوله : "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) "، فالأجدر بالمؤمن أن يكون مستشعرا لعظم الموقف الذي يقفه في الصلاة؛ لأنه يقف أمام رب العالمين، الخالق الكريم، فيكون حريصا على أن يفرغ قلبه من كل ما يشغله عن هذا الموقف المبارك، وأن يكون مستحضرا لهيبة مولاه، متأملا لما يقرأه في صلاته.
قال ابن العربي ـ رحمه الله ـ :{اعلموا ـ أفادكم الله تعالى المعارف ـ أن الصلاة مشتملة على أفعال منها : ظاهرة تنتشر على الجوارح ، ومنها : باطنه تستقر في القلب، وكما أن التكبير يضبط الأفعال المطلوبة بالجوارح، ويحرم سائر الأفعال المسترسلة عليها ، فكذلك عقد القلب بالنية للوقوف بين يدي عالم الخفية ، والاستقبال للمناجاة مع الله ، تحرم على القلب سائر الخواطر المسترسلة، ويلزمه الإقبال على ما هو بصدده بالكلية ، فلا يكون له خاطر إلا في صلاته، ولا يمر قلبه سواه}.
حكم الهواجس في الصلاة :
تحتاج المسألة إلى تفصيل ليتبين الحكم:
فالوسواس نوعان:
النوع الأول :لا يمنع ما يؤمر به من تدبر الكلم الطيب والعمل الصالح الذي في الصلاة، بل يكون بمنزلة الخواطر. قال شيخ ابن الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في هذا النوع : {الوسواس لا يبطل الصلاة ، إذا كان قليلا باتفاق أهل العلم، بل ينقض الأجر}.
ولا ريب أن الوسواس كلما قل في الصلاة كانت أكمل.
النوع الثاني :الوساوس التي تكون غالبة على الصلاة بحيث يمتنع معها الفهم ، ويصير الرجل غافلا .
فحكم هذا النوع أن الوساوس لا تبطل الصلاة و إن كثرت ، ولكنها تنقص الأجر والثواب.
وجاء في حديث عما ر بن ياسر tوفيه: ((ن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها))
علاج الهواجس في الصلاة:
كلما قرب المسلم من ربه، وازداد شوقا إلى عبادته والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة ، كان عدوه الشيطان له بالمرصاد، لا يدعه يهنأ بهذه السعادة التي يجدها العبد عند ما يتقرب مولاه .
فالحال كما قال الشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :{والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، لا بد له من ذلك، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان "إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا" وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه، جاء من الوسواس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق كلما أراد العبد يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه}.
من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، جوابا على سؤال كيف يتجنب الإنسان الوساوس التي تنتابه أثناء الصلاة وتفسدها عليه؟
يشغل المصلي نفسه بتدبر معاني آيات القرآن الكريم التي يتلوها، ويتذكر عظمة الله في ركوعه وسجوده وفي سائر أحواله في الصلاة، وأنه واقف بين يدي ربه يناجيه، مخلصا له الدين، فيلتزم الأدب مع من يناجيه ويتقرب إليه، رجاء أن يتقبل منه ويستجيب له فيقربه إلى نفسه، وخوفا منه أن يعرض عنه فيرد عليه عبادته، بهذا ونحوه من أحكام الخشوع والضراعة لله يكبت الشيطان ولا يجد له سبيلا إلى مداخلتك والوسوسة لك وتنسد مسالكه إليك.
وخلاصة القول أن الذي يعين العبد على الخشوع في الصلاة أمران:
الأمر الأول : قوة المقتضي.
بأن يجتهد العبد في أن يعقل ما يقوله و يفعله ، ويتدبر القراءة ، والذكر ، والدعاء، وأن يستحضر أنه مناج لله تعالى كأنه براه ، ثم كلما ذاق العبد حلاوة الصلاة كان انجذابه إليها أوكد، وهذا يكون بحسب قوة الإيمان.
الأمر الثاني : ضعف الشاغل.
والمقصود دفع ما يشغل القلب من تفكر الإنسان فيما لا يعينه ، وتدبر الجواذب التي تجذب القلب عن مقصود الصلاة ، وهذا في كل عبد بحسبه، فإن كثرة الوساوس بحسب كثرة الشبهات والشهوات ، وتعلق القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها، والمكروهات التي ينصرف القلب إلى دفعها.


الحلقة الثامنة والعشرون:{الوساوس في عبادة الصيام}.
الوساوس في عبادة الصيام

أولا:الوسوسة في وقت الصوم:
المدخل:
الصيام الواجب عبادة شرعية لها وقت محدد هو شهر رمضان المبارك، وكذا أيام هذا الشهر لها وقت محدد، فاليوم يبدأ من طلوع الفجر الثاني، وينتهي بغروب الشمس. فالإنسان له الأكل حتى يستيقن أو يغلب على ظنه طلوع الفجر الثاني ، فيتوقف عن الأكل ، ولا يفطر حتى يستيقن غروب الشمس .
حكم الوسوسة في الوقت:
الوسوسة في الوقت لا يلتفت إليها ، فمن وسوس أنه أكل بعد طلوع الفجر أو أفطر قبل غروب الشمس، فلا يلقى بالا لهذه الوساوس ؛ لأمور هي:
1. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي e فقال: "يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه ـ يُعَرِّضُ بالشيء ـ لأن يكون حُمَمَةً أحب إليه من أن يتكلم به"، فقال: " الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة".

وجه الدلالة : قوله e:" الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة" فقد بين أن الوسوسة من كيد الشيطان، وما كان كذلك فالأجدر محاربته ودفعه وعدم الانقياد له.
قال النووي ـ رحمه الله ـ : {إن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه، فينكد عليه بالوسوسة؛ لعجزه عن إغوائه ، وأم الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء ، ولا يقتصر في حقه على الوسوسة بل يتلاعب به كيف أراد}.
2. أن الله سبحانه و تعالى قد بين بدية الصيام ونهايته، قال تعالى :"وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ" . وقد فسرها رسول الله e بقوله : "إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار". وفي الحديث عن عمر بن الخطاب tقال: قال رسول الله e: "إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا ، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم " . فالله سبحانه وتعالى قد شرع لنا الصيام محددا بوقت معروف ، فلا يلتفت إلى الوسوسة فيه؛ لكونها مجرد أوهام لا حقيقة لها لا حقيقة لها.
3. أن الأصل في حال المسلم أنه صام في الوقت المحدد، واليقينلا يزول بالشك.
ومما سبق يتضح أن الوسوسة في وقت الصيام لا أثر لها في صحة الصوم ، بل الأصل في صوم المسلم أنه أتى به في وقته الصحيح، فالوهم والتخيلات التي لا مستند لها لا عبرة بها، ولكن ينبغي التنبيه على مسألتين مهمتين:
المسألة الأولى : حكم من أكل شاكا في طلوع الفجر :
من أكل شاكا في طلوع الفجر فصومه صحيح ؛ وذلك لأدلة منها :
1. قوله تعالى :"وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ" .
وجه الدلالة :أن الله سبحانه أمر بالتبين ، وضد التبين الشك والظن ، فما دمنا لم يتبن لنا، فلنا أن نأكل ونشرب .
2. أن الأصل بقاء الليل ، واليقين لا يزول بالشك .

المسألة الثانية : حكم من أكل شاكا في غروب الشمس:
من أكل شاكا في غروب الشمس، أنمن فعل ذلك عليه القضاء؛ لأن الأصل هو بقاء النهار ، واليقين لا يزول بالشك .
ثانيا:الوسوسة بانتقاض الصوم بأحد المفطرات:
يحرص المسلم أن يكون صومه صحيحا خاليا من كل ما يقدح فيه، ولكن هذا الأمر إذا بالغ فيه الإنسان يؤدي به إلى المشقة والعنت ، فالموسوس يعتقد أن أدنى ما يد خل في فمه يقدح في صحة صومه ، كالدخول الغبار أو الذباب ـ بغير قصد ـ إلى فمه .
والوسوسة لا يلتفت إليها في انتقاض الصوم بأحد المفطرات؛ لأن الأصل بقاء الصوم، واليقين لا يزول بالشك. ثم إن الوسوسة وهم لا حقيقة له، ومثل هذا لا تثبت به الأحكام الشرعية ،فلا يجوز للمرء الخروج من الصوم بمجرد الشك .

وما يظنه بعض الموسوسين ـ أو غيرهم ـ من أن دخول الغبار أو الذباب الطائر ـ بغير قصد ـ إلى الفم ؛ من المفطرات ليس بصحيح، بل هذا مما يعفى عنه ؛ لمشقة الاحتراز منه . وذلك للآتي:
1. أن مثل هذه الأمور مما يصعب التحرز منها ، وتوجد غالبا بغير اختيار الإنسان ، فلا تدخل في وسعه ، والله سبحانه وتعالى يقول :"لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا".
2. أن مثل هذه الأمور لا تفسد الصوم ، كالنائم يدخل إلى حلقه شيء، فهو لا يسعه دفعه .
3. أن مثل هذه الأمور لا تفسد الصوم، كالاحتلام ، فهو بغير اختيار الإنسان فكذا هنا.



الحلقة الأخيرة: {الوساوس في مناسك الحج}.
الوساوس في مناسك الحـــــــــــــــــج

أولا:حكم الوسوسة في الطواف أو السعي:
الفرع الأول: الوسوسة في عدد أشواط الطواف أو السعي:
الوسوسة مجرد أوهام لا حقيقة لها ، ولهذا ينبغي للمرء أن لا يلتفت إلى الوسوسة وأن يلهو عنها؛ لأن الأصل في الإنسان أنه يأتي بالعبادة على وجهها الصحيح.
ويبني الموسوس عند الشك في عدد أشواط الطواف أو السعي على التمام كما سبق في الصلاة يقول ابن العثيمين ـ رحمه الله ـ {إذا شك الطائف في عدد الطواف، فإن كان كثير الشكوك مثل من به وسواس فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك ويبني على التمام من رأيه كما سبق في الطهارة فأن شك هل طاف أربع أو ثلاث يبني على أن طاف أربع لأنه التمام من رأيه، وإن لم يكن كثير الشكوك فإن كان شكه بعد أن أتم الطواف فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك أيضاً إلا أن يتيقن أنه ناقص فيكمل ما نقص. وإن كان الشك في أثناء الطواف مثل أن يشك هل الشوط الذي هو فيه الثالث أو الرابع مثلاً فإن ترجح عنده أحد الأمرين عمل بالراجح عنده، وإن لم يترجح عنده شيء عمل باليقين وهو الأقل.ففي المثال المذكور إن ترجح عنده الثلاثة جعلها ثلاثة وأتى بأربعة، وإن ترجحت عنده الأربعة جعلها أربعة وأتى بثلاثة، وإن لم يترجح عنده شيء جعلها ثلاثة لأنها اليقين وأتى بأربعة. وحكم الشك في عدد السعي كحكم الشك في عدد الطواف في كل ما تقدم}.
الفرع الثاني : الوسوسة بانتقاض الطهارة في الطواف:
أولا : حكم اشتراط الطهارة لصحة الطواف:
إن الطهارة شرط لصحة الطواف للأدلة الآتية:
أ ـ حديث : " الطواف بالبيت صلاة، فأقلوا من الكلام " .
وجه الدلالة : أنه e سمي الطواف صلاة، و إذا ثبت أنها في الشرع صلاة، لم تجز إلا بطهارة .
ب ـ أن عائشة رضي الله عنها قالت: " قدمت مكة و أنا حائض ، ولم أطف بالبيت ، ولا بين الصفا والمروة " .
قالت: شكوت ذلك إلى رسول الله e فقال: "افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري "
ووجه الدلالة : أنه e منع الحائض من الطواف بالبيت ، فدل أنه رتب الطواف على انتفاء الطهارة.
ثانيا:حكم الوسوسة الوسوسة بانتقاض الطهارة في الطواف:
على الإنسان أن لا يلتفت للوسوسة بانتقاض طهارته أثناء الطواف أو بعده ، كما هو الحال في الصلاة ، فإن الإنسان لا يخرج منها بمجرد الوسواس ، وإذا تابع الإنسان الوسوسة في هذا المجال فإنها سوف تجلب له المشاق والمتاعب، ويكون قد أطاع الشيطان، وعصى ربه الرحمن والله المستعان.


ثانيا:حكم الوسوسة في عدد حصى الجمار:
الفرع الأول: الوسوسة في عدد حصى الجمار:
إن المتأمل في هذه المسألة يجد أنها كالمسألة السابقة وهي : الوسوسة في عدد أشواط الطواف أو السعي .
وقد تبين أن الوسوسة لا يلتفت إليها في شيء من ذلك، فكذا الحال هنا لا يلتفت الإنسان إلى الوسوسة ولا يلقي لها بالا ، وإلا سوف تحرجه وتثقل عليه أداء العبادة وذلك لأمور:
1. لأن الوسوسة ماهي إلا مجرد أوهام وتخيلات، وأمثال هذا لا تثبت به الأحكام الشرعية.
2. أن الأصل المتقين هو كون الإنسان رمى الأحجار السبعة من حصى الجمار، واليقين لا يزول بالشك.
فإذا وسوس الموسوس في عدد حصى الجمار بنى على التمام كما سبق، ولهى نفسه عن الوسواس، فإنه يذهب عنه إن شاء الله .
الفرع الثاني: الوسوسة في وقوع حصى الجمار بالمرمى.
لابد من تحقق وصول الحصاة إلى الجمرة، وهي البناء وما حوله من موضع الحصى، فإن تجاوزتها أو وقعت دونها لم تجزئ، فيشترط إصابة المرمى يقينا، ويشترط علم الحصول لحصىً يرميه بالمرمى، ولا يكفي ظنه في حصول الحصاة في الجمرة، والأمر يسير في العلم بوقوع الحصى بالمرمى، فيكفي دلالة الظاهر على أن الحصاة وقعت به .
إن الوسوسة في عدم وقوع الحصى بالمرمى، لا يلتفت إليها؛ لأنها مجرد أوهام لا تستند لسبب معتبر، ومتابعة الوسواس يؤدي إلى المشقة والعنت.


ثالثا:الوسوسة بارتكاب بعض المحظورات الإحرام:
يوسوس بعض الحجاج في أدنى تصرف يعلمونه بأنهم: ارتكبوا محظورا من محظورات الإحرام، مثال ذلك :


1. أن بعضهم: إذا سقطت منه شعرة، اتهم نفسه أنه ارتكب محظورا، وهو نتف الشعر.
2. وبعضهم :إذا أصابت المظلة رأسه سهواً، قال : إني قد ارتكبت محظورا، وهو تغطية الرأس.


وهكذا الحال حتى ينشغل الحاج عن استشعار معاني الحاج.
وعلى الموسوس ألا يلتفت لهذه الوساوس في مثل هذه الأمور؛ لأن الإنسان قد دخل في هذه العبادة بيقين، والأصل فيه أنه لم يرتكب المحظور، فيبقى على هذا الأصل حتى يتحقق ضده ، كالحال في الصلاة والصيام .
وختاما:
تلك صفحات مضيئة وضعتها بين أيديكم مشعلا ومنارًا ومَعْلَمًا للحائرين مع الوساس مع اشتغال البال، وكثرة أوزار، فلعل سامعًا ينتفع بها. جعل الله الجهد نافعًا، وجعلني للحق طالبًا، ومن الشر محذرًا، وإلى الخير مناديًا.
فلئن أُفِدْ أو قد أَجَدتُّ فإنها *** مطوية من ربنا الباري فَتَـــح
فالله يجزيكم بأجر وافر *** ويثيبكم ويزيدكم مِمَّا صَلَــــح
ويبارك الرحمن في أوقاتكم *** حتى نرى منكم سواها قد نجـح
ثم الصلاة مع السلام لأحمد *** والآل والأصحاب ما نُور وَضَح
 

سيف النصر

مزمار ألماسي
3 أكتوبر 2008
1,331
2
0
الجنس
ذكر
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

بصراحه أنا جربت قراءة سورة الناس حيث أنها تبعد الوسوسه وبها آية تستعيذ من الوسوسه ... وكذلك عند حضور الوسوسه الاكثار من قول آمنت بالله ... بارك الله فيك وجزاك الجنه على الموضوع الهام .......
 

زمان الصبر

مزمار ألماسي
22 فبراير 2009
1,841
10
38
الجنس
ذكر
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

الله يبارك فيك


ويجزيك خير الجزاء ..

ولكن الخط صغير لو يعمل له تكبير يكون أفضل
 

وميض البرق

مزمار فعّال
16 يناير 2008
72
9
8
الجنس
ذكر
علم البلد
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

جزاك الله خير
وإياك وشكر الله مرورك.


شكرك يأختي الملكة الحزينة على مرورك
وفيك بارك والهم أجب دعائها
 

وميض البرق

مزمار فعّال
16 يناير 2008
72
9
8
الجنس
ذكر
علم البلد
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

بصراحه أنا جربت قراءة سورة الناس حيث أنها تبعد الوسوسه وبها آية تستعيذ من الوسوسه ... وكذلك عند حضور الوسوسه الاكثار من قول آمنت بالله ... بارك الله فيك وجزاك الجنه على الموضوع الهام .......

أخي سيف النصر شكرالله لمشاركتك ومرورك العطر وفيك بارك والله يجعلنا وإياك من الجنة.
الله يبارك فيك
ويجزيك خير الجزاء ..

ولكن الخط صغير لو يعمل له تكبير يكون أفضل




أخي حسين بن عمر شكرالله مرورك العطر وفيك بارك والخير تجزاه وبالنسبة للخط غالي وطلب رخيص.​
 

ماجــد

مزمار داوُدي
1 أكتوبر 2008
6,377
21
0
الجنس
ذكر
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

جزاك الله خير..
 

*رضا*

إداري قدير سابق وعضو شرف
عضو شرف
4 يونيو 2006
41,911
118
63
الجنس
ذكر
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

موضوعك أخي الكريم هــــــــــــــام جدا ومرجع لنا جميعا،
أسأل المولى عزّ وجل أن يتقبل منك هذا العمل الطيّب وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم وفي ميزان حسناتك
 

الداعية

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
11 نوفمبر 2005
19,977
75
48
الجنس
أنثى
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

فعلا موضوع قيم وبداية قوية اخي الكريم ما زلنا متابعين
بورك فيك اخي محب على التثبيت
 

محب الحرمين

مشرف سابق
25 مايو 2006
4,468
28
48
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
خالد علي الغامدي
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

استمر و نحن ننتظر
 
التعديل الأخير:

*رضا*

إداري قدير سابق وعضو شرف
عضو شرف
4 يونيو 2006
41,911
118
63
الجنس
ذكر
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

سهو من أختنا أخي محب لا أكثر ولا أقل ولقد عدلت بعد اذنها...بارك الله فيك
 

مشتاقة للحرمين

مزمار كرواني
20 يناير 2009
2,645
1
0
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

أثابك الله وزادك من فضله
 

محمد بن ناصر

مزمار داوُدي
20 ديسمبر 2007
5,392
13
0
الجنس
ذكر
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

جزاك الله خير
 

وميض البرق

مزمار فعّال
16 يناير 2008
72
9
8
الجنس
ذكر
علم البلد
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

موضوعك أخي الكريم هــــــــــــــام جدا ومرجع لنا جميعا،
أسأل المولى عزّ وجل أن يتقبل منك هذا العمل الطيّب وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم وفي ميزان حسناتك
أمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــين
وجزاك الله خير
 

وميض البرق

مزمار فعّال
16 يناير 2008
72
9
8
الجنس
ذكر
علم البلد
رد: تعريف الوسوسةوالفرق بينها وبين غيرهاوأسبابهاوأقسامهاوحكمهاوضابطهاشرعافي العبادات

فعلا موضوع قيم وبداية قوية اخي الكريم ما زلنا متابعين
بورك فيك اخي محب على التثبيت
شكر الله لك المرور الكريم
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع