- 6 يونيو 2006
- 1,783
- 22
- 38
- الجنس
- ذكر
[align=center](بسم الل) [/align]
[align=center]عميد المؤذنين ملا يتذكّر أيام أذانه الأولى ويشتاق لوداعة الطفولة[/align]
[align=center]جريدة الحياة - 19 / 01 / 2007م[/align]
يعتبر مؤذن الحرم المكي الشيخ علي ملا أشهر مؤذني الحرمين في العصر الحديث، ما استحق عليه لقب «شيخ المؤذنين» في الجيل الحالي بجدارة، بل إن ملا تجاوز رفع الأذان من أقدس البقاع، إلى تمثيل بلاده وافتتاح مساجد ومراكز إسلامية عدة، كان أذانه فاتحتها الأولى.
ويقول عن بدايته الأولى: «شاءت قدرة الله العلي العظيم أن يشرّفني المولى باسم «مؤذن المسجد الحرم»، وهذه كانت أمنية والدي رحمه الله أن أصبح مؤذناً في المسجد الحرام. وقد عُيّنت مؤذناً رسمياً في عام 1395هـ، بأمر من العلامة الفقيه الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله، الذي كان رئيساً للإشراف الديني للمسجد الحرام، بتزكية من علماء المسجد الحرام: الشيخ أمين مراد، والشيخ طه البركاتي، وآخرين، رحمهم الله جميعاً وجزاهم الله عني خير الجزاء. وبين ما كان له الأثر في مسيرتي الأنشطة والإذاعة والحفلات المدرسية، وصحبة أهلي ممن كانت لهم صلة بالأذان في الحرم، ثم الهواية والتطوير الذاتي بالسماع والترديد منذ كان عمري 14 عاماً».
وحول ما يتردد عن الفرق بين أذان الأمس واليوم، روى ملا لمنتدى سعودي أن «الأذان هو الأذان، والفرق أننا كنا نؤديه في المنارات، وكان هناك تنافس في حسن الأداء والتعلم ممن هم أكثر خبرة وأجمل صوتاً، أما ما نجده في بعض مؤذني اليوم فهو التقليد من دون معرفة وحسن أداء، ولا حتى الأسلوب والطريقة».
أما الذكريات التي يتفضل بذكرها بعد أن أمضى معظم عمره مؤذناً في المسجد الحرام، فيروي أن «الأذان في رمضان مهمة كبيرة تقع على عاتق المؤقّتين في المسجد الحرام، وعائلة الريس مهمتها مراقبة الوقت وإعطاء الإشارة بدخول وقت أذان المغرب للمؤذن الموجود في منارة باب العمرة، والمؤذن بدوره يعطي الإشارة لجبل المدافع، ومن ثم يبدأ افتتاح الأذان بالتلبية من الموجود في المقام الشافعي، ويتابع المؤذنون من المنارات التكبير ورفع الأذان بطريقة التتابع، ومع التطور ووجود المراسلات اللاسلكية والإذاعة، أصبح إطلاق المدفع يقوم على المتابعة للمؤذن في الحرم عن طريق الراديو وغيره من الوسائل. وصلاة التراويح في المسجد الحرام لم تكن بالشكل الموجود الآن من فرش وتنظيمات وازدحام ومضايقات واختناقات، بل كانت الصلاة على الحصا وفرش الحنابل، وأثرياء مكة لهم فرش خاصة، وبعضهم في مكة من الرياض والطائف وغيرها لهم فرش تفرشها الزمازمة، وكذلك بعض الأمراء والضيوف، وتجد المؤذنين في السابق يحضرون جميعهم في صلاة التراويح، ويأخذ كل واحد منهم دوره بالتناوب، كذلك لم تكن هناك مكبرات صوت حتى الثمانينات».
واعتبر روحانية رمضان في أيام الطفولة أبرز المحطات التي لا ينساها «لا تُنسى، فإطعام الفقراء والمجاورين في مكة، وماء زمزم بالخلاوي وتبخير الدوارق المنقوشة والمصطكاة المبخرة وطاسات زمزم المعدنية المكتوبة والمنقوشة، كلها روحانية متكاملة العناصر، كما كانت فرحتنا ونحن صغار لا توصف حين كنا نذهب بعد العصر لبائع الفول والكعك، وبائع السوبيا والتمور، وقبيل المغرب تكون المنافسة في تبخير «الطاسات» و «جك» زمزم وانتظار مدفع الإفطار، كما أننا بعد صلاة التراويح نمر على بائع «المنقوش» وصاحب الكماج (بيض الكوكو) والحلاوة (مطو)، وبائع «البليلة»، و «شرشوب عيال»، و «التسالي يا أبو علي»، والألعاب الليلية (مرامي عشا) و «لعبة المدواق»، و «لعبة النيرسو» بالبرجونات، وإطلاق «الطراطيع والقشاش».
أما المواقف فإنها بحسب تعبير الملا كثيرة «كقيام بعض الغرباء من الحجاج والمعتمرين مطالبين بهدايا، فلا أجد وقتها ما أملك إلا قلماً في الجيب أو سبحة في اليد أو قنينة عطر، والمواقف مع الأئمة كثيرة أيضاً، كما يحدث لنا في الصلاة، فمثلاً يكون الإمام في حال جلوس وأنا في حال قيام أو العكس لاختلاف التقدير، وإن نسيت فلا أنسى أيام طفولتي وأنا أتجول بين أروقة الحرم، وبداية دراستي على يد الشيخ عاشور، وأصوات العصافير التي تنشر الطمأنينة في روضات الحرم، والرائحة الزكية التي تنبعث فجر كل يوم. ولا أنسى العيد والثوب الجديد والعقال المقصّب والحذاء الشرقي والمشلح والثوب المطرّز والكوفية المنقوشة والغترة المطرزة واللباس الداخلي الطويل المشغل. ولا أنسى الحرم وأبوابه ومكة وشعابها وجبالها. كل هذه الأشياء وتلك الأسماء لها ذكريات في طفولتي يفتقدها جيل اليوم».
[align=center]عميد المؤذنين ملا يتذكّر أيام أذانه الأولى ويشتاق لوداعة الطفولة[/align]
[align=center]جريدة الحياة - 19 / 01 / 2007م[/align]
يعتبر مؤذن الحرم المكي الشيخ علي ملا أشهر مؤذني الحرمين في العصر الحديث، ما استحق عليه لقب «شيخ المؤذنين» في الجيل الحالي بجدارة، بل إن ملا تجاوز رفع الأذان من أقدس البقاع، إلى تمثيل بلاده وافتتاح مساجد ومراكز إسلامية عدة، كان أذانه فاتحتها الأولى.
ويقول عن بدايته الأولى: «شاءت قدرة الله العلي العظيم أن يشرّفني المولى باسم «مؤذن المسجد الحرم»، وهذه كانت أمنية والدي رحمه الله أن أصبح مؤذناً في المسجد الحرام. وقد عُيّنت مؤذناً رسمياً في عام 1395هـ، بأمر من العلامة الفقيه الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله، الذي كان رئيساً للإشراف الديني للمسجد الحرام، بتزكية من علماء المسجد الحرام: الشيخ أمين مراد، والشيخ طه البركاتي، وآخرين، رحمهم الله جميعاً وجزاهم الله عني خير الجزاء. وبين ما كان له الأثر في مسيرتي الأنشطة والإذاعة والحفلات المدرسية، وصحبة أهلي ممن كانت لهم صلة بالأذان في الحرم، ثم الهواية والتطوير الذاتي بالسماع والترديد منذ كان عمري 14 عاماً».
وحول ما يتردد عن الفرق بين أذان الأمس واليوم، روى ملا لمنتدى سعودي أن «الأذان هو الأذان، والفرق أننا كنا نؤديه في المنارات، وكان هناك تنافس في حسن الأداء والتعلم ممن هم أكثر خبرة وأجمل صوتاً، أما ما نجده في بعض مؤذني اليوم فهو التقليد من دون معرفة وحسن أداء، ولا حتى الأسلوب والطريقة».
أما الذكريات التي يتفضل بذكرها بعد أن أمضى معظم عمره مؤذناً في المسجد الحرام، فيروي أن «الأذان في رمضان مهمة كبيرة تقع على عاتق المؤقّتين في المسجد الحرام، وعائلة الريس مهمتها مراقبة الوقت وإعطاء الإشارة بدخول وقت أذان المغرب للمؤذن الموجود في منارة باب العمرة، والمؤذن بدوره يعطي الإشارة لجبل المدافع، ومن ثم يبدأ افتتاح الأذان بالتلبية من الموجود في المقام الشافعي، ويتابع المؤذنون من المنارات التكبير ورفع الأذان بطريقة التتابع، ومع التطور ووجود المراسلات اللاسلكية والإذاعة، أصبح إطلاق المدفع يقوم على المتابعة للمؤذن في الحرم عن طريق الراديو وغيره من الوسائل. وصلاة التراويح في المسجد الحرام لم تكن بالشكل الموجود الآن من فرش وتنظيمات وازدحام ومضايقات واختناقات، بل كانت الصلاة على الحصا وفرش الحنابل، وأثرياء مكة لهم فرش خاصة، وبعضهم في مكة من الرياض والطائف وغيرها لهم فرش تفرشها الزمازمة، وكذلك بعض الأمراء والضيوف، وتجد المؤذنين في السابق يحضرون جميعهم في صلاة التراويح، ويأخذ كل واحد منهم دوره بالتناوب، كذلك لم تكن هناك مكبرات صوت حتى الثمانينات».
واعتبر روحانية رمضان في أيام الطفولة أبرز المحطات التي لا ينساها «لا تُنسى، فإطعام الفقراء والمجاورين في مكة، وماء زمزم بالخلاوي وتبخير الدوارق المنقوشة والمصطكاة المبخرة وطاسات زمزم المعدنية المكتوبة والمنقوشة، كلها روحانية متكاملة العناصر، كما كانت فرحتنا ونحن صغار لا توصف حين كنا نذهب بعد العصر لبائع الفول والكعك، وبائع السوبيا والتمور، وقبيل المغرب تكون المنافسة في تبخير «الطاسات» و «جك» زمزم وانتظار مدفع الإفطار، كما أننا بعد صلاة التراويح نمر على بائع «المنقوش» وصاحب الكماج (بيض الكوكو) والحلاوة (مطو)، وبائع «البليلة»، و «شرشوب عيال»، و «التسالي يا أبو علي»، والألعاب الليلية (مرامي عشا) و «لعبة المدواق»، و «لعبة النيرسو» بالبرجونات، وإطلاق «الطراطيع والقشاش».
أما المواقف فإنها بحسب تعبير الملا كثيرة «كقيام بعض الغرباء من الحجاج والمعتمرين مطالبين بهدايا، فلا أجد وقتها ما أملك إلا قلماً في الجيب أو سبحة في اليد أو قنينة عطر، والمواقف مع الأئمة كثيرة أيضاً، كما يحدث لنا في الصلاة، فمثلاً يكون الإمام في حال جلوس وأنا في حال قيام أو العكس لاختلاف التقدير، وإن نسيت فلا أنسى أيام طفولتي وأنا أتجول بين أروقة الحرم، وبداية دراستي على يد الشيخ عاشور، وأصوات العصافير التي تنشر الطمأنينة في روضات الحرم، والرائحة الزكية التي تنبعث فجر كل يوم. ولا أنسى العيد والثوب الجديد والعقال المقصّب والحذاء الشرقي والمشلح والثوب المطرّز والكوفية المنقوشة والغترة المطرزة واللباس الداخلي الطويل المشغل. ولا أنسى الحرم وأبوابه ومكة وشعابها وجبالها. كل هذه الأشياء وتلك الأسماء لها ذكريات في طفولتي يفتقدها جيل اليوم».