إعلانات المنتدى

مسابقة مزامير القرآنية 1445هـ

ترجمة الدكتور عبد الهادي حميتو للإمام أبي الحسن الحصري

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

هاني مكاوي

مراقب قدير سابق
28 مايو 2007
5,869
35
0
الجنس
ذكر
الترجمة والتحقيق والتعليقات للدكتور حميتو حفظه الله

(بسم الل)

هو علي بن عبد الغني أبو الحسن الفهري القيرواني المعروف بالحصري ـ بضم الحاء وسكون الصاد المهملة وبعدها راء مهملة نسبة إلى الحصر أو بيعها (1)، قال ابن القاضي: وضبطه الأستاذ أبو الحسن بن بري بضم الصاد"(2 ).
ولد ـ رحمه الله ـ في حدود 415هـ بمدينة القيروان( 3)، ونشأ بها، وقرأ القرآن بالروايات في مسجدها، وكان ابن خالة الأديب الشهير أبي إسحاق الحصري صاحب "زهر الآداب" وربما التبس به على بعض المشارقة وغيرهم فظنوه اياه(4).

__________

(1) هكذا ضبط نسبته ابن خلكان في الوفيات 2/332، وذكر الدكتور زكي مبارك في كتابه "الموازنة بين الشعراء" ص 110 أن السيد حسني عبد الوهاب حدثه أنه منسوب إلى "الحصر" وهي قرية قديمة بالقرب من القيروان".
(2) نقله ابن القاضي في الفجر الساطع عند ذكر لغز الحصري في "سوءات" من باب المد.
(3) ينظر في ذلك مقال الأستاذ عثمان الكعاك نشره في مجلة المناهل المغربية عدد 6 ص 120.
(4) ممن التبس عليه أمرهما بروكلمان فترجم لصاحب زهر الآداب أبي إسحاق إبراهيم بن علي فأضاف إليه طائفة من آثار الحصري الشاعر أبي الحسن ومنها "المعشرات" وقصيدة "يا ليل الصب" ـ تاريخ الأدب العربي 5/106. كما التبس أمره على الدكتور أحمد أمين في ظهر الإسلام 3/182 حيث عرف بالحصري الشاعر فقال: صاحب زهر الآداب ثم عاب عليه موقفه من استجداء ابن عباد في منفاه". وهذا خلط بين الحصريين ابني الخالة.




وقد اشتهر اسمه عند الأدباء باعتباره شاعرا وشاحا، ولم يشتهر أستاذا مقرئا، وقد سارت في الناس قطعته الشعرية الدالية الجميلة التي مطلعها:
"يا ليل الصب متى غــــده ** أقيــام الســاعة موعـــده؟"
وعارضه فيها كثير من الشعراء في القديم والحديث (1) قال ابن خلكان: "وهي مشهورة فلا حاجة إلى إيرادها"( 2).
أما بين القراء فقد اشتهر مقرئا وأستاذا ماهرا وأديبا حاذقا"(3)، وممثلا للاتجاه القيرواني في أصول الأداء، كما اشتهر بينهم بقصيدته السائرة في قراءة نافع، وبلغزه المشهور في مسألة "ســوءات" ويأتي بيان ذلك في موضعه من هذا البـحث بعـــون الله.
وإذا كان الحصري الشاعر الأديب قد نال حظا كبيرا، من عناية الأدباء والدارسين قديما وحديثا(4)، فإن الحصري المقرئ حامل راية المذهب القيرواني في الأداء لم ينل من تلك العناية إلا يسيرا لا يزيد على بعض الأسطر هنا وهناك ضمن طائفة من الدراسات أو المقالات مما لا يتناسب مع المنزلة الرفيعة التي احتلها في الميدان والريادة العلمية التي نبهنا عليها سابقا بالنسبة للمدرسة المغربية في سبقه إلى حصر أصول روايتي ورش وقالون في إطار من النظم التعليمي الرفيع، وفي تخليده لمذاهب مدرسته في قصيدته السائرة الآتية.

_______________

1 - بعض تلك المعارضات في مقدمة تحقيق زهر الآداب للدكتور زكي مبارك 8 ـ 10.
2 - وفيات الأعيان: 3/332ـ334.
3- سيأتي تفصيل ما يدل على ذلك.
4 - من ذلك الدراسة "علي الحصري ـ دراسة ومختارات" للأستاذين التونسيين محمد المرزوقي والجيلالي يحيى ـ نشر الشركة التونسية للتوزيع ط2: 1974. ومنه البحث المعقود عن "رائية" الحصري ومنظومات معارضة لرائية الخاقاني لمحمد محفوظ (نشر مجلة الفكر التونسية ص1 عدد 10 ـ حوليات الجامعة التونسية: العدد 1 السنة: 1964.





رجال مشيخته في القراءات:
تولى الإمام أبو الحسن الحصري بنفسه التعريف بأسماء أساتذته في القراءات السبع في قصيدته في قراءة نافع فقال:-

أعلم في شعري قراءة نافع ** رواية ورش ثم قالون في الاثر
وأذكر أشياخي الذين قرأتها ** عليهم فأبدا بلامـــام أبي بكر
قرأت عليه السبــع تسعين ختمة ** بدأت ابن عشر ثم أتممــت في عشر
ولم يكفني حتى قرأت على أبي ** علي بن حمــدون جلو لينا الحبر
وعبد العزيز المــــقرئ بن محــمد ** أثير ابن سفيان وتلميذه البكري
أئمة مصـــر كنت أقرأ مدة ** عليهم ولكني اقتصرت على القصري
فأجلسني في جامع القـــيروان عن ** شهــادته لي بالتقـــدم في عصري
وكــم لــي من شيخ جلـــيل وانمـا ** ذكـرت دراريـا تضـــيء لمن يســري

ولمزيد من البيان نسوق أسماء أساتذته المذكورين مع مزيد من التفصيل حسب ترتيبهم في الذكر، فأولهم:

1- أبو بكر عتيق بن أحمد بن إسحاق التميمي القصري(1)
مقرئ امام من أعلام أصحاب أبي عبد الله بن سفيان ـ صاحب الهادي ـ(2)، ترجم له الدباغ في معالم الايمان، وذكر انه كان اماما بجامع القيروان، وانه قرأ على ابن سفيان المذكور، وأنه كان يقرئ القرآن من سدس الليل الآخر إلى وقت الضحى، ومن العصر إلى الليل، توفي بالقيروان سنة 447"(3).

_________________

1 - تحرفت "القصري" إلى "المصري" بالميم في شجرة النور 118 طبقة 10 ترجمة 330 كما سقط فيه لفظ "بكر".
2 - تقدم ذكره في أصحابه.
3_ معالم الايمان للدباغ 3/180.





وقد اشترك الحصري في الأخذ عن القصري المذكور مع أحد أقطاب المدرسة القيروانية وهو أبو علي بن بليمة صاحب "تلخيص العبارات" فقرأ عليه عن قراءته على محمد بن سفيان"(1).
ويستفاد من قوله الآنف الذكر في الرائية أنه قرأ عليه القراءات السبع، وختم عليه بها تسعين ختمة فكلما ختم ختمة قرأ غيرها، حتى أكمل ذلك في مدة عشر سنين"(2).
وبذلك يعتبر القصري أهم أساتذته وأعظمهم أثرا في حياته، لأنه إلى جانب شهادته له بتمام الأهلية في الفن والتقدم فيه على أهل عصره، أقعده مقعد المشيخة ورشحه لتولي كرسي الإقراء بالمسجد الجامع بالقيروان، وتلك مزية للتلميذ وحفاوة من شيخه به من شأنها أن تنبه على جليل قدره، وأن تصله بطلبة هذا الشأن من أهل المنطقة والواردين عليها.

2- أبو علي الجلولي حسن بن حسن بن حمدون الجلولي نسبة إلى جلولاء(3)
هكذا جاء نسبه في المعالم(4).
وقال ابن الجزري: الحسن بن علي أبو علي الجلولي القيرواني، قرأ عليه ابن بليمة عن قراءته على محمد ن سفيان"(5).
__________________________

1 - غاية النهاية 2/185 ت 858.
2 - النشر في القراءات العشر لابن الجزري 2/194.
3 - نسبة إلى مدينة تبعد عن القيروان بأربعة وعشرين ميلا كانت مشهورة بكثرة الورود يضرب بها المثل في ذلك ـ المؤنس في أخبار أفريقية وتونس لأبي عبد الله محمد بن أبي القاسم الرعيني المعروف بابن أبي دينار: 28 تحقيق محمد شمام نشر المكتبة العتيقة بتونس الطبعة 2/1967م.
4 - 3/186.
5 - غاية النهاية 1/226 ترجمة 1027.





3- عبد العزيز بن محمد البكري المقرئ المعروف بابن أخي عبد الحميد

إمام جليل جمع بين الفقه والقراءة وبرزفيهما جميعا، وكان قد قرأ على أبي عبد الله بن سفيان ـ كما تقدم ـ معدودا في كبار أصحابه، أثنى عليه الدباغ وذكر أنه فاق جميع أقرانه في فن القراءات وقرأ الناس عليه، وذكر فيمن قرأ عليه أبا الحسن الحصري(1). كما سماه ابن الجزري في مشيخته وإن كان لم يفرد له ترجمة(2).
4- وأما قوله:
وكم لي من شيخ جليل وانما ذكرت دراريا تضيء لمن يسري.
فإشارة إلى لجوئه إلى الاقتصار على الثلاثة المشهورين من جملة رجال مشيخته، وقد ساق في إجازته لأبي عيسى بن عبد الرحمن بن عقاب أسماء غيرهم ممن لم يسمهم في الرائية فقال:

أجزت لعيسى السبع في ختمة قرا ** علي بها فليرو ذلك وليقر
بما شاء منها أو بها فهو أهله ** بإتقانه مع ضبطه أحرف الذكر
وقوة حفظ ثم صحة نقله ** فما مثله من طالب لا ولا مقري
وأذكر صحبي كلهم في إجازتي ** له بالذي أروي فمنهم أبو بشر
سليل المعلى جاء من قيروانه ** وعبد الإله بن الحميد أخو البر
ومنهم أبو العباس يحيى بن خالد ** وصاحبه الحبر التقي أبو عمرو
سليل ابن يحيى، ثم أذكر بعده ** أبا القاسم البرقي، ثم أبا بكر
محمد ابن الخازن بن محمد ** وزير عماد الدولة السامي القدر
ومنهم أبو الخطاب نجل ابن يوسف ** سليل ابن يمن جل ذلك من وزر
وصاحبنا السبتي علــي بن يخلــف ** وسائر صحبي ناثر العلم كالـدر(3)
_______________

1 - معالم الايمان 3/186ـ3/202.
2 -غاية النهاية 1/550ـ551 ترجمة 2250.
3 - الذيل والتكملة السفر 5 القسم 2/498ـ499 وسيأتي تمام هذه الإجازة في ترجمة عيسى بن عقاب.





وعلى العموم فقد نال الحصري في عاصمة افريقية منزلة الأفذاذ من العلماء، وأمسى مؤهلا لاقتعاد مجالس كبار المشيخة في أكثر من فن، وعلى الخصوص في فن القراءات الذي يظهر أنه كان قد حقق فيه مستوى الإمامة وحصل على مستوى قل من بلغ إليه من أقرانه من طلاب هذا الشأن بالقيروان، ولعله كان يتهيأ ليحل محل المشايخ الكبار في عاصمة البلاد، إلا أن الرياح تجري بقضاء الله بما لا تشتهي السفن، فلم يجد بدا من الهجرة عن المنطقة والضرب في أرجاء المغرب والأندلس انتجاعا للأمن وطلبا للاستقرار.


_
 

هاني مكاوي

مراقب قدير سابق
28 مايو 2007
5,869
35
0
الجنس
ذكر
ظروف هجرته ونزوحه عن افريقية ومجالات تحركه ونشاطه الأدبي والعلمي

ظروف هجرته ونزوحه عن افريقية ومجالات تحركه ونشاطه الأدبي والعلمي

لا يحتفظ التاريخ العلمي والأدبي لأبي الحسن الحصري في هذا الطور من حياته الحافلة بالكثير من التفاصيل، فالمعلومات عنه شحيحة جدا، إذ لا نجد اهتماما في المصادر بذكر تقلبات الأحوال به أثناء النكبة الهلالية العظمى التي كانت بالنسبة لعاصمة أفريقية شبيهة بالفتنة البربرية قبلها في عاصمة الأندلس في نتائجها الخطيرة على الأقل، إذ كانت فاجعة القيروان قاصمة الظهر التي لم تقم لها بعدها قائمة.
وقد أجمعت المصادر التي تعرضت لنزوحه عن القيروان على أنه غادرها واتجه نحو الأندلس بعد سنة 450(1 )، إلا أنها لا تضع بين أيدينا ما يشفي في تتبع حركاته لأول حلوله بها، فلا ندري إلى أي جهة توجه أولا؟ وفي كنف من من ملوك الطوائف يومئذ نزل؟ وإن كان الظاهر أنه توجه إلى أقرب أفق إلى القيروان من الأندلس وهو الجانب الشرقي حيث امارة أبي الحسن علي بن مجاهد العامري، ولكنه ربما كان مروره به مرورا عابرا، وربما تخطى امارات كثيرة في شرق الأندلس في اتجاه الغرب أو في اتجاه المغرب كما سنرى.
وقد درج عامة من تحدثوا عن دخوله الأندلس على ربط الصلة بين هذا الدخول وبين عمله شاعرا متكسبا بشعره.
__________________
1- جذوة المقتبس 314 ترجمة 716 والذخيرة 4/ القسم الأول/ 192 وبغية الوعاة 2/176.




فيقول الحميدي في الجذوة متحدثا عنه: "شاعر أديب رخيم الشعر، حديد الهجو، دخل الأندلس وانتجع ملوكها، وشعره كثير، وأدبه موفور"(1).
ويربطه ابن بسام أيضا في "الذخيرة" بمثل ذلك فيقول: "وكان بحر براعة، ورأس صناعة، وزعيم جماعة، طرأ على جزيرة الأندلس منتصف المائة الخامسة من الهجرة بعد خراب وطنه من القيروان، والأدب يومئذ بأفقنا نافق السوق، معمور الطريق، فتهادته ملوك الطوائف تهادي الرياض بالنسيم، وتنافسوا فيه تنافس الديار بالأنس المقيم"(2).
وتصل بعض الروايات الأدبية بين خروجه من القيروان وبين استدعاء بعث به إليه أمير أشبيلية المعتمد ابن عباد، وإن كانت تصوره زاهدا أو كالزاهد في هذه الوفادة، بل عازفا عنها وساخرا أيضا من الأمير.
ومؤدى هذه الرواية أن المعتمد "بعث إلى أبي العرب االصقلي(3) خمسمائة دينار، وأمره أن يتجهز بها ويتوجه إليه، وكان بجزيرة صقلية وهو من أهلها، وبعث مثلها إلى أبي الحسن الحصري وهو بالقيروان، فكتب أبو العرب :

لا تعجبن لرأسي كيف شاب أسى ** واعجب لأسود عيني كيف لم يشب
البحر للروم لا يجري السفــين بــه ** إلا على غــرر، والــبر للعـــــرب(4)

وكتب له الحصري :

أمرتني بركوب البحر أقطـعه ** غيري لك الخير فأخصصه بذا الراء
ما أنــت نـــوح فتنجـيني سفينـته ** ولا المسيح أنا أمشــــي على المــاء(5)

__________________
1- جذوة المقتبس 314 ترجمة 716.
2 - الذخيرة 4/1/192.
3 - هو أبو العرب مصعب بن محمد بن أبي الفرات بن مصعب بن زرارة القرشي العبدري الصقلي، كان حافظا للغات والآداب شاعرا مفلقا حظي عند ابن عباد حظوة عظيمة مات سنة 506 هـ (التكملة لابن الأبار : 2/189، رقم الترجمة، 494).
4 - يريد استيلاء النورمنديين من الروم على البحر واستيلاء الهلاليين على بر افريقية.
5- القصة في وفيات الأعيان 3/334.





والقارئ العجلان ربما اطمأن إلى الحكاية وأعجبته من خلالها عزة النفس واستشعار خطورة السفر عند كل من أبي العرب وأبي الحسن، وربما تمثل الشاعر الحصري ما يزال إلى زمن المعتمد الذي ولي الإمارة بعد موت أبيه في جمادي الآخرة سنة 464(1) رافضا التعرض لهذا الخطر المذكور في البيتين، وهو أمر غير وارد ولا واقع في نظري لأنه يقتضي تأخر وفادة الحصري على المعتمد إلى عهد ولايته، وهذا أمر نجد ما يرده من رواية الحصري نفسه إذ يقول فيما نقله كل من صاحب الذخيرة والمطرب:
"دخلت على السلطان المعتمد على الله أبي القاسم محمد بن المعتضد بالله حين مات أبوه فأنشدته ارتجالا:

مــــات عبـــاد ولكـــــن ** بقـي الفــــــرع الكـريـــــم
فكــــأن الميــــت حـــــي ** غـــير أن الضــاد ميــــم(2)

فهذا الخبر يفيد أن الحصري كان بحضرة اشبيلة أو قريبا منها على الأقل عند وفاة المعتضد.
ويقوي هذا ويدحض ارتباط وفادة الحصري بالبيتين الآنفي الذكر ورود القصة نفسها عند أبي الطاهر السلفي في "معجم السفر" وغيره مسندة، وفيها أن ابن الأغلب صاحب ميورقة كتب إلى ابن رشيق القيرواني(3) يستدعيه في البحر، فأجابه بهذين البيتين، وذكرهما مع بعض الاختلاف في اللفظ(4).

____________________
1 - البيان المغرب لابن عذاري 3/204 ـ والمعجب 149.
2 - المطرب من أشعار أهل المغرب لابن دحية 13-ـ14.
3 - هو أبو علي الحسن بن رشيق الأزدي القيرواني المتوفى بمازرين من صقلية (390ـ456) وهو صاحب العمدة والأنموذج وقراضة الذهب في نقد أشعار العرب وغير ذلك ـ ترجمته في انباه الرواة 1/333ـ339 ترجمة 191.
4 - كتاب "أخبار وتراجم أندلسية مستخرجة من معجم السفر" 98 تحقيق إحسان عباس الطبعة 1 السنة 1963.





وذكر ابن دحية في "المطرب" نحوا من ذلك(1) وذكرهما أيضا لابن رشيق جامع ديوانه(2).
ونستنتج من هذا أن دخول الحصري الأندلس كان عقب الأحداث الأليمة التي حلت بافريقية والقيروان في حدود منتصف المائة الخامسة كما أسلفنا، ولعله دخل شرق الأندلس، وتنقل هنالك بين دانية وبلنسية ومرسية وغيرها كما تدل على ذلك إشارات كثيرة في شعره وتراجم أصحابه، ثم نزل اشبيلية وتردد على اشبيلية وغيرها ثم عبر البحر فنزل سبتة حيث اطمأن به المقام زمانا في كنف أميرها سقوط البرغواطي.

___________________
1- المطرب 65.
2 - ديوان ابن رشيق 24.
 

هاني مكاوي

مراقب قدير سابق
28 مايو 2007
5,869
35
0
الجنس
ذكر
الحصري في سبتة المغربية وصلته بالأمير البرغواطي

الحصري في سبتة المغربية وصلته بالأمير البرغواطي :

كانت سبتة كما قدمنا مطمحا لملوك الأندلس باعتبارها بوابة العدوة المغربية، ولقد كان المعتضد بن عباد ـ والد المعتمد ـ لا يدخر جهدا في ضمها إلى مملكته، وكان بها بقية الحموديين من آل إدريس الحسنيين ملوك فاس، وكانوا قد استولوا أيضا على الجزيرة الخضراء من الأندلس وملكوها، إلا أن النزاع بين أهل هذا البيت من الحموديين وتزايد نفوذ بعض مواليهم من البرغواطيين قد أدى إلى خروج الأمر من أيديهم جملة.
ففي سنة 453 "هجم سواجات(1) البرغواطي على رزق الله مستخلف الحموديين على سبتة فقتله، وتسمى بـ"المنصور" واستبد بالامر بعده، وهو والد العز بن سقوت، وعلى العز بن سقوت دخلها المرابطون، وكان سواجات مولى ليحيى بن علي بن حمود اشتراه من رجل حداد من سبي برغواطة، وهو دون البلوغ، فحظي عنده فلما سار يحيى إلى الاندلس وخلف سواجات مولاه بسبتة وجعل معه ناصرا عليه مولاه رزق الله، فكان منه معه ما تقدم، قتله واستبد بملك سبتة ثائرا دون مولاه، واورثها ابنه "الحاجب" بعده"(2).

___________________
1 - هكذا في هذا النص بهذا اللفظ، وتكتب أيضا "سكوت" و"سقوت" و"سقوط".
2 - البيان المغرب لابن عذاري 3/250 ـ والذخيرة القسم الثاني المجلد الثاني 656ـ664.





في كنف هذا الأمير "سواجات" أو "سقوت" البرغواطي ثم في كنف ابنه العز بن سقوت الملقب بالحاجب نزل الحصري بموضع عال من الحفاوة والرعاية كما عبر عن ذلك ابن بسام في "الذخيرة" في سياق حديثه عن استيلاء المرابطين على مدينة سبتة بعد أن تحدث عن تملك الحموديين لها فقال:
"ثم غلظ أمر سقوت حتى أخاف القريب والنازح، واقتاد الحرون والجامح، وانبثت سراياه في البحر والبر، لإدرك المطلوب والطالب، وتصيد الطافي والراسب... ثم ذكر ما آل إليه أمره من القتل بعد محن جرت عليه على أيدي المرابطين وقال:
"وأفضت الدولة البرغواطية إلى الحاجب العز ابنه: شهاب أفلاكها، وخيرة أملاكها، أهب للأدب ريحا، ونفخت دولته في اهله روحا، أعرض به الشعراء واطالوا، ووجدوا السبيل إلى المقال فقالوا".
وممن خيم في ذراه، ونال الحظ الجسيم من دنياه، الحصري الضرير، فإن له ما أذهل الناظر عن الرقاد، وأغنى المسافر عن الزاد، والحاجب يكحل عينيه بزينة دنياه، ويفتق لهاته بمواهبه ولهاه، وكان سهل الجانب للقصاد، طلق اليد بالمواهب الأفراد"(1).
ونحن وإن كنا لا ندري مقدار ما أصاب الحصري من هذا الحظ الجسيم الذي ذكره ابن بسام نقدر له في زمن هذه الدولة ظفره بالملاذ الآمن والعطاء الجزيل، وربما كان لنا ان نعتبره أحد المحظوظين من العلماء والأدباء الذين استدعوا رسميا ـ كما يقال ـ للكون في الحاشية، ورتب لهم على ذلك عطاء قار(2).

______________________
1 - الذخيرة القسم 2 المجلد 2/657ـ664.
2 - ينظر عن العلماء الذين استقدمهم سقوت أو عاشوا تحت رعايته كتاب "الحركة العلمية في سبتة" لإسماعيل الخطيب 25ـ27.





ولقد اجتمع في الحصري من المؤهلات ما تفرق في غيره، فكان أديبا شاعرا وكاتبا بليغا(1) ومقرئا متمكنا، وبعض هذه المزايا كاف لأن يبوئه عند رجال هذه الدولة المنزلة العالية استكثارا به وازديانا ومنافسة لباقي الامارات.
ولقد قدمنا من حال كبير هذه الدولة "سقوط" تلك المفارقة العظيمة التي فطن إليها أبو الوليد بن جهور حينما وصلته في يوم واحد ثلاثة كتب من أمراء الطوائف: كتاب من ابن صمادح ـ صاحب المرية ـ يطلب جارية عوادة، وكتاب من ابن عباد يطلب جارية زامرة، وكتاب من "سواجات" ـ صاحب سبتة ـ يطلب قارئا يقرأ القرآن، فوجه إليه من طلبة قرطبة رجلا يعرف بعون الله بن نوح، وعجب أبو الوليد من ذلك وقال:
"جاهل يطلب قارئا، وعلماء يطلبون الأباطيل"(2).
فدولة هذا شأن أمرائها لا بد أن يجد فيها مثل الإمام الحصري أعلى ما يتصور من مظاهر الحفاوة والتقدير، ولهذا نراه وقد اختار المقام هناك، وعرف حياة مستقره مع أهله وولده، لولا انه مني هنالك بموت بعضهم فكانت له فيهم مراث باكية خصها بديوان خاص(3).
إلا أن الحياة فيما يبدو لم تصف له بهذه الجهة فظل من حين لآخر يغشى بعض الجهات بالأندلس مادحا لبعض أمرائها، ومنتجعا لبعض الآفاق التي ربما خلا له الجو فيها من الخصوم والمتربصين، ويظهر أنهم كانوا في نظره كثيرا، وأنهم كانوا لا يفتأون يكيدون له بكل سبيل بغية الإيقاع به كما عبر عن ذلك في قوله:

أصيب قصيد فيه كفر فنيط بي ** وكم شاعر قيلت على فيه أشعار
ومن كل كـف قد رميــــت بصخـرة ** وفي راحتي لو أمكـن الرأي أحجار(4)

_________________
1 - أورد له ابن بسام نماذج كثيرة من القصائد الشعرية والقطع النثرية وهو من أمهر الشعراء والكتاب في اصطياد المحسنات البديعية والبيانية ـ وينظر ذلك في الذخيرة القسم الرابع المجلد الأول.
2 - البيان المغرب 3/250.
3 - سماه اقتراح القريح واجتراح الجريح (مخطوط). ـ الاعلام للزركلي 5/114.
4 - الذخيرة القسم 4 المجلد 1/261.





ولا نعفي الحصري الشاعر من نصيب من الملامة في إثارة الخصوم ضده، فقد كان ذا طبع محرور عبر عنه ابن بسام بقوله: "على أنه فيما بلغني كان ضيق العطن، مشهور اللسن، يتلفت إلى الهجاء، تلفت الظمآن إلى الماء"(1).
ومن هنا كان لا بد أن يغمزه خصومه ومنافسوه، وأن يستخرجوا من ضيق عطنه ما ينفث به تنفيسا عن نفسه وذودا عنها، فكانت له مع ابن الطراوة المالقي أحد أعلام العربية "منافرة ومناقرة"(2) ومع الشاعر أحمد بن الصندير العراقي الوارد على الأندلس "مناقضات"(3). وكان له اعتداد بالنفس جعله يلغز لغزه المشهور ـ الآتي ـ في لفظ "سوءات" فيعرض فيه بقراء الغرب كلهم بأسلوب فيه نوع من الإفحاش.
وقد قدر له أن يعيش حتى يشهد مصرع عامة ممدوحيه من ملوك الطوائف وزوال ممالكهم، بما فيهم من أولياء نعمته السالفين من برغواطة على يد أمير المسلمين يوسف بن تاشفين المرابطي.
ويظهر أن صلته بقيت قائمة ببعض هؤلاء المخلوعين إلى آخر المطاف، فلقد دخل على المعتمد بن عباد ممدوحه القديم وهو في طريقه إلى منفاه بأغمات حينما حل بطنجة، وكان قد جمع له ديوان مدائحه فيه وسماه "المستحسن من الأشعار" فلم يقض بوصوله إليه إلا وهو على تلك الحال(4) .

___________________
1 - الذخيرة القسم 4 المجلد الأول 246.
2 - هي عبارة الحافظ السلفي في معجم السفر "كما في المقتطفات المنشورة منه في كتاب "أخبار وتراجم أندلسية مستخرجة من معجم السفر" 63.
3 - عبر بذلك ابن بشكوال في ترجمة ابن الصندير في الصلة 1/187 ترجمة 191.
4 - نفح الطيب 5/379، وقد أنصف الحصري فساق خبر لقائه للمعتمد مساقا حسنا ليس فيه تجن عليه على خلاف ما فعل المراكشي في المعجب 211 وابن بسام في الذخيرة القسم الرابع المجلد الأول 272 حيث اتهمه الأول بكونه "جرى معه على سوء عادته من قبيح الكدية وإفراط الإلحاف، فرفع إليه أشعارا قديمة كان مدحه بها.." وقال الثاني: "ومن قبيح استجداء الحصري ما فعله بالمعتمد بن عباد، تصدى له في طريقه إلى العدوة على حاله من اعتقاله، ولم يلقه باكيا على خلعه من ملكه، ولا تأدبا معه في وصف ما انتثر من سلكه".






وقد ذكر صاحب المطرب له بعض الأبيات الغزلية رواها عنه أبو القاسم خلف بن محمد بن صواب ـ الآتي ـ قال: أنشدنا إياها "المقرئ اللغوي النحوي الأديب أبو الحسن علي بن عبد الغني الفهري الحصري لنفسه بمدينة مرسية سنة 481 في جارية بيضاء(1) . فدل ذلك على أنه كان ما يزال يتردد على هذه الجهات.
وكان سقوط أشبيلية في أيدي المرابطين في يوم الأحد الثاني والعشرين لرجب من سنة 484(2). وعاش الحصري بعد هذا التاريخ نحو أربع سنوات مقيما بطنجة عاكفا على إقراء القرآن، وقد تراجع طبعه، وانقبض عن الناس، وهو ما عبر عنه ابن بسام حين قال: "ولما خلع ملوك الطوائف بأفقنا، اشتملت عليه مدينة طنجة وقد ضاق ذرعه، وتراجع طبعه"(3) .
وكان قد تقدمت به السن، فاجتمعت عليه الضرارة والكبر، فلا بدع في أن تتطامن إليه نفسه، وان يقنع من العيش بالكفاف أو ما دونه في انتظار حلول الأجل، إلى أن أجاب داعي ربه بطنجة سنة 488"(4).

__________________
1 - الأبيات في المطرب من أشعار أهل المغرب لأبي الخطاب بن دحية 79 واولها قوله:
خضبت يديها لون فاحمــها فما نقص البيــاض ملاحة بل زادا
وهي أيضـا في الذخـــيرة القـــسم الرابـع 1/269.
2 - الأنيس المطرب بروض القرطاس لابن أبي زرع 155.
3 - الذخيرة القسم الرابع المجلد 1/246.
4 - ذلك تاريخ وفاته باتفاق كما ذكره الحميدي وابن بشكوال والضبي وابن خلكان والمقري والسيوطي وغيرهم، وفي غاية النهاية 1/551 سنة ثمان وستين وأربعمائة وهو تحريف واضح من الناسخ لاشتباه لفظ "ستين" بثمانين" وتقاربهما في الصورة في الخط.


_
 

هاني مكاوي

مراقب قدير سابق
28 مايو 2007
5,869
35
0
الجنس
ذكر
منزلته أديبا وقارئا

منزلته أديبا وقارئا:

كان الحصري أديبا كبيرا ناظما وناثرا، شهد له بالبراعة والتبريز في ذلك فرسان الأدب وحملة الأقلام في البلاد الأندلسية، وأثنوا عليه بتمام الاقتدار وقوة العارضة في البيان، وهذا أديب زمانه العالم الـناثر النــاظم، أبو محـمد غـانم بن وليـد المخزومـــي ـ صاحب أبي العباس المهدوي وراوية كتبه ـ يخاطبه معترفا له بالتقدم في ذلك فيقــول: "ما أفصح لسانك ! وأفسح ميدانك، وأوضح بيانك، وأرجح ميزانك، وأنور صباحك، وأزهر مصباحك، أيها السابق المتمهل في ميدان النبل، والسامق المتطول بفضائل الذكاء والفضل..."(1).

__________________
1 - الذخيرة القسم الأول المجلد الثاني856.




ويصفه أبو الحسن بن بسام فيقول: "وأبو الحسن هذا ممن لحقته أيضا بعمري، وأنشدني شعره غير واحد من أهل عصري، وكان بحر براعة، ورأس صناعة، وزعيم جماعة..."(1).
وقال الحميدي: "شاعر أديب رخيم الشعر، حديد الهجو... وشعره كثير، وأدبه موفور"(2).
ذلك مكانه في الأدب، وتلك مكانته عند أهله، أما منزلته في القراءة وعلومها فقد شهد له بها أهل هذا الشان، فقال في الصلة والجذوة: "كان عالما بالقراءات وطرقها، وأقرأ الناس القرآن بسبتة وغيرها"(3).
وقال فيه ابن الجزري: "أستاذ ماهر أديب حاذق، صاحب القصيدة الرائية في قراءة نافع.." (4).
وقال السيوطي في البغية: "كان من أهل العلم بالقراءات والنحو، شاعرا مشهورا ضريرا.." (5).
وقد أفادنا ابن الأبار في التكملة: 3/151 ترجمة 379 أن الحصري كان يحفظ كتاب "الهادي في القراءات" لأبي عبد الله بن سفيان، وأن بعض أصحابه من أهل دانية رواه عنه.
أما هو فقد قدم إلينا نفسه من خلال مقدمته النثرية التي صدر بها قصيدته الرائية في قراءة نافع ـ كما قدمها لنا من خلال قصيدته المذكورة مقرئا جليلا حافظا للسبع بارعا في الأصول الأدائية على مذهب القيروانيين، بل انه يقدم إلى الناس نفسه في مقدمته المذكورة مقرئا متصدرا اختاره أمير سبتة ثم ابنه للقيام بهذا الشأن واختارا له العمل في هذا الوجه بعد أن وفد عليهما شاعرا في جملة من كان يفد على امارتهما من الشعراء، وفي ذلك يقول:

_____________________
1- المصدر نفسه القسم الرابع المجلد الأول 246ـ247.
2 - جذوة المقتبس 314 ترجمة 716.
3 - الصلة 2/432ـ433 ترجمة 926ـ والجذوة 314 ترجمة 716.
4 - غاية النهاية 1/550 ترجمة 2250.
5 - بغية الوعاة 2/176 ترجمة 1731.





"ومن الحق الواجب، أن يدعو للمنصور و"الحاجب"(1)، فهما فجرا هذا النهر من بحري، واستخرجا هذه الدرر من نحري، بصفحهما الجميل، وإحسانهما الجزيل، جزاهما الله حسن ثوابه، كما أجلساني لإقراء كتابه، وأخرجاني من ظلمة الشعراء، إلى نور القراء"(2).
وهكذا نجد هذه الازدواجية العجيبة في شخصية هذا الإمام، وهي ازدواجية أفاد منها الجانب الأدبي كما أفاد منها الجانب القرائي(3)، وأقل ما أفاده منها الجانب القرائي هو هذا النفس الشعري الرفيع الذي يقدم لنا في قالبه الرائق قواعد الفن وأصول الأداء، جامعا في الوقت ذاته بين صحة القاعدة وحسن الديباجة في تناغم رائع بينهما كما سوف نقف عليه في رائيته الفريدة التي مثل بها في هذه القراءة مقام الريادة الفذة.

_________________
1 - لقب سقوت نفسه من ألقاب الخلافة بـ"المنصور المعان" كما في الذخيرة القسم 2 المجلد 2/658.
2 - ستأتي هذه المقدمة عن قريب.
3 - تتمثل إفادة الجانب الأدبي من ثقافته القرآنية في طائفة من محاسن الاقتباس ولطائف من التوريات مستمدة من علوم القراءة، كقوله مثلا في بعض ممدوحيه:
محبتـــــــي تقتضــــي ودادي ** وحالتـــي تقتضـــي الرحيلا
"هذان خصمان" لست أقضي ** بيـــنهمـــا خـــــف أو أميلا
نقله في بغية الوعاة 2/176. فقوله: "هذان خصمان "مأخوذ من قوله تعالى في سورة الحج: "هذان خصمان اختصموا في ربهم". وكقوله في ندب وطنه القيروان :
"ولم يزل قابض الدنيا وباسطها ** "فيما يشاء له محو وإثبات".
فقوله في الشطر الأخير مأخوذ من قوله تعالى في آخر سورة الرعد: "يمحو الله ما يشاء ويثبت".
ومن تأثير حذقه في علوم القراءة في نثره ما جاء في قطعة طويلة خاطب بها أبا الحسين بن الطراوة متندرا به: "يا مهموس، أنا الطاء وأنت الهواء، فلست من طباقي، كم بين همسك وإطباقي..." ـ الذخيرة القسم 4 المجلد 1.
ومن تأثير رسوخ قدمه في القراءات وتاريخها قوله في رثاء ولده:
كأنك في السبع القراءات "طاهر" ** وفي الشعر "غيلان" وفي الفقه "أصبغ"
وقوله فيه:
أعزي وصــوتــي بالنعي أمـــــده ** كما مد بالتحقيق حمزة أو ورش
ينظر ديوان: اقتراح القريح واجتراح الجريح.
 

هاني مكاوي

مراقب قدير سابق
28 مايو 2007
5,869
35
0
الجنس
ذكر
تصدره للإقراء وأهم المذكورين بالرواية عنه من الأدباء والقراء

تصدره للإقراء وأهم المذكورين بالرواية عنه من الأدباء والقراء

لا نجد في كتب التراجم اهتماما كافيا بذكر أصحاب أبي الحسن الحصري الذين أخذوا عنه الرواية أو سمعوا منه قصيدته العصماء في قراءة نافع، وقد حاولت أن أستجمع أسماء جملة ممن وقفت على ذكرهم بالرواية عنه في كتب التراجم، وفيهم عدد معتبر من أكابر القراء ورواة العلم في الأندلس والمغرب سأقوم بترتيبهم على الهجاء وهم:

1- آدم بن الخير السرقسطي:
ذكر ابن الأبار أيضا أنه "سمع بدانية من أبي الحسن الحصري في سنة 469، وله رواية عن أبي داود وغيره"(1 ).

2- أبو إسحاق الأديب:

ذكره ابن الأبار أيضا بكنيته وتحليته وقال: لقي أبا الحسن الحصري وسمع منه"(2).

3- الحسن بن خلف بن بليمة أبو علي الهواري صاحب "تلخيص العبارات بلطيف الإشارات في القراءات السبع":
جاء ذكره بالرواية عنه في مقدمة شرح العبدري الآتي للقصيدة الحصرية وفيها يقول: "إذ كانت روايتي لها عن أبي الحسن بن بليمة الاسكندري(3)، حدثني بها بالاسكندرية عن مؤلفها إجازة"(4) .

_____________________
1 - التكملة 1/212 ترجمة 567.
2 - التكملة 1/194 ترجمة 516.
3 - نسبة إلى مكان تصدره.
4 - منح الفريدة الحمصية لابن الطفيل العبدري وسيأتي في شروح الحصرية.





4- خلف بن محمد بن صواب أبو القاسم بن صواب(1) المقرئ:

من أهم أصحابه، روى عنه ولازمه مدة كما تدل على ذلك روايته لمجموعة أشعاره(2)، وقد أسند عنه جماعة من الأئمة قصيدة الحصري في القراءة، قال ابن بشكوال في ترجمة الحصري:
"أخبرنا عنه أبو القاسم بن صواب بقصيدته التي نظمها في قراءة نافع... قال: لقيته بمرسية سنة 481"(3).
كما أسند القصيدة من طريقه عنه القاسم التجيبي في برنامجه(4) وابـن الجـزري في النـشــر(5) والمنتـوري في فهرســته(6) وابن غـازي في فهرســته(7).

5- سليمان بن يحيى بن سعيد القرطبي المعافري المعروف بأبي داود الصغير(8):

ذكره ابن الجزري فيمن قرأ عليه القراءات(9)، وروى عنه العلامة أبو بكر بن خير الاشبيلي قصيدة الحصري في قراءة نافع(10) وجميع كلام الحصري المنثور والمنظوم وجميع ما رواه عن شيوخه(11).

_______________________
1 - في غاية النهاية "الصواف"، وفي النشر كما أثبته.
2 - ساق منها ابن دحية نماذج كثيرة من روايته في المطرب ص 13ـ14ـ94.
3 - الصلة 2/432ـ433 ترجمة 926.
4 - برنامج التجيبي 42ـ43.
5 - النشر 1/96.
6 - فهرسة المنتوري لوحة 17ـ18.
7- فهرست ابن غازي 97.
8 - تقدم في أصحاب أبي داود بن نجاح.
9 - غاية النهاية 1/551 ترجمة 2250 وكذا في 1/317 ترجمة 1395.
10 - فهرسة ابن خير 74.
11 - فهرسة ابن خير 450.





قال ابن عبد الملك: "أقرأ القرآن ودرس العربية بمسجد ابن السقاء من قرطبة، وهو مسجد العطارين زمانا، وأسن فعلت روايته، وقصده الناس للأخذ عنه، وانفرد في وقته بروايته عن الحصري"(1).

6- عبد الرحمن بن محمد بن الصقر الأنصاري البلسي نزيل مراكش:

تقدم التعريف به في مشيخة الإقراء بمراكش، امام كثير الشيوخ، روى بسبتة عن أبي الحسن الحصري وغيره(2).

7- عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع أبو الحسن الأندلسي من أهل المرية وأقرأ الناس بجامعها (ت 514):
أخذ القراءات عن ابي محمد بن سهل(3) وأحمد بن أبي عمرو الداني(4).
ورأيت الحــافظ السـلفي قد أسند عن أبي عبد الله محمـد بن الحسـين بن غـلام الفرس عنه عن الحصري الأبيات الدالية الثلاثة في لغزه بمسألة "سوءات"(5)، ولا يبعد أن يكون قد روى عنه قصيدته في قراءة نافع أيضا.

8- عبد الله بن يوسف بن عبد الرحمن أبــو محمد يعرف بابن سمــجـون سكن بلنــسية (ت 535):
قال ابن الأبار: "رحل حاجا إلى المشرق فأدى الفريضة، ولقي أبا الحسن الحصري الكفيف بطنجة في سنة 460هـ(6) فأخذ عنه قصيدته في قراءة نافع، وقد أخذها عنه أبو الحسن بن هذيل وسمع منه فتدبجا"(7).

______________________
1- الذيل والتكملة السفر الرابع القسم الأخير 96ـ97.
2 - يمكن الرجوع إلى ذكر روايته عن الحصري في الاعلام للمراكشي الجزء 8/55 ترجمة 1078.
3 - من أكابر أصحاب أبي عمرو الداني، وقد كناه في الغاية 1/421ـ422 بأبي مجاهد ويبدو أن الصواب ما أثبتناه، وقد ترجمنا له في أصحاب الداني.
4 - غاية النهاية 1/394 ترجمة 1678.
5 - ينظر ذلك في كتاب "أخبار وتراجم أندلسية مستخرجة من معجم السفر "للحافظ السلفي 111ـ112.
6 - وقع في طبعة دار المعرفة من التكملة لابن الأبار بتحقيق الدكور عبد السلام الهراس: ج2 ص 256 ترجمة رقم 742 في ترجمة عبد الله بن يوسف المذكور أنه "لقي أبا الحسن الحصري الكفيف بطنجة سنة 490هـ". هكذا أثبت التاريخ بالارقام المعروفة بالهندية ـ يعني سنة تسعين وأربعمائة. والصواب هو ما اتفقت عليه مصادر ترجمته كما أثبتناه، ويشهد له ان الحصري توفي قبل هذا التاريخ بسنتين كما قدمناه أي سنة 488هـ.
7- التكملة 2/823 ترجمة 2011.






وقد أسند القاسم التجيبي هذه القصيدة من طريق ابن هذيل بسماعه من أبي محمد بن سمجون السرقسطي بحق قراءته على ناظمها"(1).

9- عبد المنعم بن عبد الله بن علوش المخزومي أبو محمد الطنجي منها:
له رواية عن أبي عبد الملك مروان بن عبد الملك بن سمجون القاضي وأبي الحسن الحصري المقرئ وغيرهما، وولي القضاء بغير موضع من الأندلس، وتوفي بالمرية سنة 524"(2).

10- عبد المنعم بن عبد العزيز أبو الحسن بن طنيز(3) الأنصاري الميورقي الأندلسي الفقيه اللغوي:
روى عن أبي الحسن الحصري وأبي عمر بن عبد البر وأبي محمد غانم بن وليد المخــزومي، وله رحلة إلى المشرق روى فيها عن الخطيب الـبغدادي وغيره، وكان مـحدثا مكثرا عدلا ثقة حافظا للغة ضابطا لها، توفي ببغداد سنة 477"(4).

11- عمر بن الحسن بن عبد الرزاق البيراني النفزي:
حدث عنه الحافظ السلفي بثغر الاسكندرية فقال: "سمعت أبا حفص عمر بن الحسن بن عبد الرزاق البيراني النفزي(5) ـ قدم الثغر حاجا ـ قال: "رأيت أبا

____________________
1 - برنامج التجيبي 42.
2 - الصلة 2/393 ترجمة 844 ـ والذيل والتكملة السفر 8/ القسم 2/545 ـ وصلة الصلة القسم الأخير 23 ترجمة 31.
3 - كذا في انباه الرواة 2/230 ترجمة 433 وضبطه محققه بصيغة التصغير، وفي الذيل والتكملة 5/164 ابن طير ولعل الصواب الأول.
4 - المصدران الآنفا الذكر.
5 - وذكر السلفي عن النفزي المذكور أنه مضى وحج، وتوفي بعد رجوعه بالصعيد الأعلى سنة 529 ـ أخبار وتراجم أندلسية 64ـ65.





الحسن علي بن عبد الغني الحصري القيرواني بدانية من مدن الأندلس وبطنجة من مدن العدوة جميعها، ومات بطنجة، وسمعته وقد بعث من يشتري له لحما فقال:
الشحم واللحم لا العظامـا ** إيــاك إيـاك أن تضامــا(1)

12- عمر بن أبي الفتح بن سعيد بن أحمد القيسي أبو حفص من أهل دانية:

قال ابن عبد الملك: "تلا بحرف نافع على أبي إسحاق الشلوني، وبالسبع على أبي العباس بن أبي عمرو المقرئ وبها إلا خمسة أحزاب أولها سورة الجمعة على أبي الحسن الحصري".
"تلا عليه أبو الحسن بن أبي غالب الداني، وكان مقرئا مجودا، وصنف في القراءات كتابا حسنا سماه بـ"العنوان"(2). وذكر ابن الأبار نحوا من ذلك وقال: روى عن الحصري كتاب "الهادي لابن سفيان" التكملة 3/151 ترجمة 379.

13- عيسى بن عبد الرحمن بن عقاب الغافقي أبو الأصبغ القرطبي:

ذكره أيضا في الذيل والتكملة وقال: تلا بالسبع على أبي الحسن الحصري، وأجاز له ونظم إجازته له في قصيدة وهي:

أجزت لعيسى السبع في ختمة قرا ** علي بها فليرو ذلك وليقر
بما شاء منــها أو بها فـهو أهلـه ** بإتقانه مع ضـبطه أحــرف الــذكر

ثم ذكرها كما تقدم(3) إلى أن قال:

وصاحبنا السبتي علي بن يخلف ** وسائر صحبي ناثر العلم كالدر
نظمت له شعرا تضمن ما قرا ** لخمس ليال قد خلون من الشهر
لشعبان في ست وسبعين حقبة ** وزد مائتين في اثنتين من الدهر
بذلكم يزهو أبو الأصبغ الذي ** أجزت، ويدعو الله بالحمد والشكر
علي علا عليا علي علا علا ** فجل عن الأشباه والشرك والوزر
فيا من تعالى في علو سمائه ** ويا عالم النجوى ويا كاشف الضر
عيسى بن عقاب من عقـابك أنجه ** وعطفا على أستاذه الحصري الفهري

___________________
1 - نفسه 64ـ65.
2 - الذيل والتكملة السفر 5 القسم 2/443 ـ ترجمة 758.
3 - تقدم ذكرها في الحديث عن شيوخ الحصري ص : 12.




قال ابن عبد الملك: أنشدتها على شيخنا أبي الحسن الرعيني قال: حدثنا بها أبو القاسم بن الطيلسان قال: أنشدنيها أبو الأصبغ عيسى بن محمد بن عيسى بن عبد الرحمن بن عقاب بمسجد أم معاوية من قرطبة، قال: أنشدني أبي محمد بن عيسى قال: أنشدني أبي عيسى قال: كتب لي بهذه الإجازة المنظومة عند إكمالي عليه القرآن بالقراءات السبع في ختمة وأنشدنيها المقرئ الإمام أبو الحسن علي بن عبد الغني الفهري الحصري رحمه الله"(1).

_______________
1- الذيل والتكملة السفر 5 القسم 2/498ـ500 ترجمة 913ـ.
 

هاني مكاوي

مراقب قدير سابق
28 مايو 2007
5,869
35
0
الجنس
ذكر
14- محمد بن إبراهيم بن سعيد بن موسى بن نعم الخلف الرعيني من أهل تطيلة:

مقرئ يروي القراءات عن أبي العباس أحمد بن أبي عمرو الداني وأبي علي بن المبشر وأبي الحسن الحصري وله رحلة إلى الحج لقي فيها بمكة أبا معشر الطبري صاحب الجامع في القراءات، توفي سنة 521(1).

________________________
1- ترجمته في الحلل السندسية 2/170




15- محمد بن أحمد الأموي أبو عبد الله المقرئ:

من شيوخ عياض ترجم له في الغنية وقال: "الشيخ العدل أبو عبد الله، أخبرني بكتاب "الهداية" للمهدوي في القراءات عن الشيخ أبي محمد عبد العزيز القروي المؤدب(1) عنه.. كان قرأ أبو عبد الله المذكور على أبي الحسن الحصري الأديب وأحمد بن الجابرية.. توفي سنة 512"(2).

16- محمد ابن أحمد بن مطرف البكري أبو عبد الله بن بقورنيه من أهل تطيلة سكن المرية:

ذكره ابن بشكوال وقال: "يروي عن أبي العباس أحمد بن أبي عمرو المقرئ وأبي الوليد الباجي وأبي علي ابن مبشر والحصري وغيرهم، كان مقرئا، أخذ عنه بعض أصحابنا، وتوفي بالمرية سنة 521"(3).
وقال ابن عبد الملك بعد ذكر مشيخته ومنهم الحصري: "وكان من جلة المقرئين المجودين، وعلية الأدباء المبرزين"(4).

17- محمد بن طاهر بن علي بن عيسى الأنصاري الخزرجي أبو عبد الله من أهل دانية:

ذكره ابن عبد الملك وقال: "سمع ببلده أبا داود الهشامي وأبا الحسن الحصري، ثم رحل حاجا، وقدم دمشق سنة 504 ودرس بها، وخرج إلى بغداد، فأقام بها إلى أن توفي سنة 519"(5).

______________________
1 - هو أبو محمد البكري ابن أخي عبد الحميد تقدم في شيوخ الحصري ـ ورقة 1101.
2 - الغنية (فهرسة شيوخ القاضي عياض) 91 ترجمة 27.
3 - الصلة 2/578 ترجمة 1272.
4 - الذيل والتكملة السفر 6/68 ترجمة 150.
5 - الذيل والتكملة 6/233ـ234 ترجمة 677 والحلل السندسية لأرسلان 3/317ـ318.





18- محمد بن عبد الرحمن القيسي القيرواني أبو عبد الله بن الشواذكي نزيل سبتة ثم يابسة:

مقرئ "روى عن أبوي الحسن بن عبد الجليل بن محمد والحصري وأبي الحسين سليمان بن محمد بن الطراوة وأبي داود سليمان بن يحيى وجماعة. قال ابن عبد الملك:
"وكان مقرئا مجودا معتنيا بالعلم صالحا خطيبا فاضلا.. توفي بسبتة"(1).
وقد أسند المنتوري قصيدة الحصري في قراءة نافع من طريقي أبي القاسم خلف بن محمد بن صواب، والخطيب أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن القيسي القيرواني عن ناظمها"(2).

19- محمد بن عبد العزيز اليعمري أبو عبد الله الأندلسي:

قال ابن عبد الملك: "روى عن أبي الحسن الحصري وأبي عمر بن عبد البر، روى عنه أبو العباس بن الصقر(3)، وكان مقرئا مجودا ماهرا في النحو، ذاكرا للآداب، شاعرا محسنا"(4).

20- محمد بن أبي سعيد فرج بن عبد الله أبو عبد الله البزاز السرقسطي الأندلسي المعروف بابن أبي سعيد:

قال في التكملة: "لقي بدانية أبا الحسن الحصري وسمع منه بعض منظومه"(5).
وقال الحافظ السلفي في معجمه: "توفي صديقنا أبو عبد الله محمد بن فرج بن عبد الله الأندلسي المعروف بابن أبي سعيد في شهر رمضان سنة 538، وكان من أهل الحديث، سمع ببغداد على نفر من شيوخنا.. ومولده بدانية من مدن

_______________________
1 - الذيل والتكملة السفر 8 القسم 1/313 ترجمة 113.
2 - فهرسة المنتوري لوحة 18.
3 - تقدم في مشيخة الإقراء بمراكش.
4 - الذيل والتكملة 6/392 ترجمة 1051.
5 - التكملة 1/433ـ434 ترجمة 1240.





الأندلس، قال لي: قرأت بها على أبي الحسن الحصري وآخرين، ومن جملة ما أرويه عن الحصري "المعشرات" التي له، وأنشدني من أولها أبياتا من حفظه"(1).


21- محمد بن مروان بن زهر أبو بكر الاشبيلي:

هو والد بني زهر النجباء منهم ابنه عبد الملك وحفيده أبو العلاء بن زهر، ترجم له عياض في ترتيب المدارك وذكر أنه سمع من ابن القوطية والحصري وجماعة(2).

22- أبو محمد عبد الله بن خلف بن بقي القيسي ويقال البياسي:

أحد أعلام رواية ورش من طريق القيروانيين إمام جليل من أصحاب أبي محمد بن العرجاء، قرأ عليه وعلى أبي القاسم بن الفحام وأبي علي بن بليمة، وقرأ بقرطبة على أبي الحسن بن الدوش وبمرسية على أبي الحسين بن البياز، وأخذ عن الحصري قصيدته.
قال أبو حيان: "وكتب إلي الشريف أبو جعفر أحمد بن يوسف الشروطي ـ أي صاحب الأحكام ـ عن أبي محمد ابن بقي عن الحصري"(3) يعني بإجازته له بقصيدته في قراءة نافع.


23- نجدة بن سليم بن نجدة الفهري أبو سهل الضرير من أهل قلعة رباح(4):
سكن طليطلة
ذكره ابن الأبار وقال: "روى عن أبي عمرو المقرئ(5) وأبي محمد الشنتجالي، وتصدر لإقراء القرآن بطليطلة، وجمع شعر أبي الحسن الحصري، حدث عنه أبو الحسن بن دري وغيره، وتوفي بعد سنة 475"(6).

___________________
1 - أخبار وتراجم أندلسية مستخرجة من معجم السفر" 110ـ وله ذكر في نفح الطيب 2/354.
2 - ترتيب المدارك 8/28 وله ترجمة في الصلة 2/487 وجذوة المقتبس 156.
3 - نقله ابن الجزري في النشر 1/96.
4 - مدينة بالاندلس من عمل جيان وهي بين قرطبة وطليطلة عمرت في بني أمية سنة 241، ثم احتلها النصارى، وبقيت في أيديهم حتى استردها يعقوب المنصور الموحدي.
يمكن الرجوع في ذلك إلى القسم المنتخب من "الروض المعطار" باسم "صفة جزيرة الأندلس 163".
5 - هو أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني الحافظ، وقد ترجمنا له في أصحابه في عدد خاص.
6- التكملة 2/757ـ758 ترجمة 1877.





24- أبو عامر التياري:

ذكره المقري في "النفح" ووصفه بالفقيه المقرئ، ثم قال: لقي شيخ القيروان في العربية ابن القزاز، وأديبها الحصري"(1).
هؤلاء هم أصحابه الذين وقفت على ذكرهم بالرواية عنه، وأكثرهم ممن روى عنه القراءة أو سمع منه وأجازه بقصيدته "الحصرية" في قراءة نافع. ولا يخفى أن هذا العدد لا يمثل الحقيقية كاملة، وإنما يعطينا فحسب صورة تقريبية عن هذا الجانب من شخصيته المتعددة الجوانب، كما يبين لنا مقدار حرص طلاب العلم في زمنه على الأخذ عنه، وكيف شغفوا برواية قصيدته الفذة مع اختلاف آفاقهم وتنوع مواضع لقائهم له.
ولعلنا قد أعطينا للقارئ الكريم من خلال هذه التراجم إطلالة على جانب من النشاط القرائي الذي قاده هذا الإمام في هذه الجهة من شمال العدوة المغربية حتى عده من عده من خلالها "مقرئ المغرب"(2) .
ونريد أن نصحبه الآن في بعض آثاره في القراءة لنرى كيف استطاع أن يكون في زمنه زعيم المذهب الأصولي القيرواني في الأداء، وكيف حمل رايته عالية في هذا العصر الذي كانت فيه مدارس الأقطاب في الأندلس في أوج قوتها ونشاطها العلمي، ولاسيما منها مدرسة أبي عمرو الداني في شرق الأندلس ومدرسة أبي عبد الله بن شريح في غربها، فكان ظهور أبي الحسن في هذه الجهات بعثا جديدا للحيوية والنشاط في هذا الاتجاه، و"توظيفا رسميا" له في ميدان الإقراء بإعطائه نفحة شعرية رفيعة المستوى مكنته من منافسة باقي الاتجاهات التي تمثل اختيارات المدارس الأخرى، فكان عمله آخر اللبنات في الهيكل الفني لهذه المدرسة ومسك الختام لمدرسة أبي عبد الله بن سفيان في هذه الجهات.

________________
1 - نفح الطيب 2/312.
2 - "الحركة العلمية في سبتة خلال القرن السابع " لإسماعيل الخطيب 112.


أهـ
 

كمال المروش

مشرف سابق
2 يوليو 2006
8,187
128
63
الجنس
ذكر
رد: ترجمة الدكتور عبد الهادي حميتو للإمام أبي الحسن الحصري

بارك الله فيك اخي هاني واثابك
وجعل الجنة مثواك
 

الانباري

عضو كالشعلة
6 يوليو 2007
426
5
0
الجنس
ذكر
علم البلد
رد: ترجمة الدكتور عبد الهادي حميتو للإمام أبي الحسن الحصري

الله يجزاك الف خير وسدد خطاك وحفظكم من كل مكروهه على هذا الموضوع الجميل والقصائد الجميله
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع