إعلانات المنتدى

مسابقة مزامير القرآنية 1445هـ

الوقف والابتداء والقطع والسكت

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم


الوقف والابتداء والقطع والسكت

من مهمات المسائل في علم التجويد معرفة كل من الوقف والابتداء فإنهما من مباحثه


بمكان مكين بعد معرفة مسائل المخارج والصفات. وينبغي لكل مَعْنيٍّ بتلاوة القرآن الكريم

مجتهد في إيفائها حقها ومستحقها أن يقبل عليها ويصرف همته إليها إذ لا يتحقق فهم

كلام الله تعالى ولا يتم إدراك معناه إلا بذلك. فربما يقف القارىء قبل تمام المعنى ولا

يصل ما وقف عليه بما بعده حتى ينتهي إلى ما يصح أن يقف عنده. وعندئذ لا يفهم

هو ما يقول ولا يفهمه السامع بل ربما يفهم من هذا الوقف معنى آخر غير

المعنى المراد. وهذا فساد عظيم وخطر جسيم لا تصح به القراءة

ولا توصف به التلاوة. وقد أوجب المتقدمون من الرعيل الأول على القارىء

معرفة الوقف والابتداء لما جاء في ذلك من الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين

رضوان الله عليهم أجمعين. فقد ثبت أن الإمام عليًّا رضي الله عنه لما سئل

عن قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ} فقال: الترتيل معناه تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.

وذكر الإمام أبو جعفر النحاس في كتابة "القطع والائتناف" بإسناده إلى

ابن عمر رضي الله عنهما قال - أي ابن عمر: "لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى

الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم، فنتعلم حلالها وحرامها

وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن ولقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم

القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره

ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه وينثره نثر الدقل" أهـ منه بلفظه.

وروى الحافظ ابن الجزري في النشر هذا الحديث باختلاف يسير.

قال الإمام أبو جعفر النحاس: فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون التمام

كما يتعلمون القرآن. وقول ابن عمر: "لقد عشنا برهة من درهنا" يدل على

أن ذلك إجماع من الصحابة أهـ بلفظه.

وقال الحافظ ابن الجزري في النشر: ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته.

وفي كلام ابن عمر رضي الله عنهما برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم.

وصح بل وتواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع إمام أهل

المدينة الذي هو من أعيان التابعين وصاحبه الإمام نافع بن أبي نعيم وأبي عمرو بن العلاء ويعقوب

الحضرمي وعاصم بن أبي النجود وغيرهم من الائمة. وكلامهم في ذلك معروف

ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب أهـ بلفظه.

وقد نقل الإمام القسطلاني شارح البخاري في كتابه لطائف الإشارات وصف الإمام الهذلي

الوقف في كتابه الكامل فقال: "وقد قال الهذلي - مما رأيته في كامله -

الوقف حلية التلاوة وزينة القارىء وبلاغ التالي وفهم للمستمع وفخر للعالم.

وبه يعرف الفرق بين المعنيين والمختلفين. والنقيضين المتباينين. والحكمين المتغايرين" أهـ.

ومن ثم اعتنى بعلم الوقف والابتداء وتعلمه والعمل به المتقدمون والمتأخرون من أئمتنا فأفردوه

بالتصنيف الخاص به منهم الإمام أبو بكر بن الأنباري والإمام أبو جعفر النحاس والحافظ أبو عمرو

الداني والحافظ ابن الجزري وابنه العلامة الشيخ أحمد المعروف بابن الناظم وشيخ الإسلام أبو يحيى

زكريا الأنصاري والعلامة المحقق الشيخ أحمد بن عبدالكريم الأشموني وخلق غير

هؤلاء رحمهم الله أجمعين. ونفعنا بعلومهم آمين.

هذا: وكلامنا في هذا الباب يتم - إن شاء الله تعالى - في ثلاثة فصول وخاتمة

نسأل الله تعالى حسنها، أما الفصول الثلاثة:

فأولها: في تعريف الوقف وأقسامه.

وثانيها: في تعريف الابتداء وما يلزم فيه.

وثالثها: في تعريف كل من القطع والسكت.

:
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

تعريف الوقف وأقسامه

أما تعريف الوقف فهو في اللغة الكفُّ والحبس. وفي الاصطلاح هو عبارة عن قطع الصوت عن


أخر الكلمة زمناً يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة لا بنية الإعراض عنها وينبغي معه

البسملة في فواتح السور ويكون على رؤوس الآي وأواسطها، ولا يكون في وسط الكلمة

ولا فيما اتصل رسماً كالوقف على "أن" من{أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3)}.

وأما أقسام الوقف فثلاثة:

اختباري "بالباء الموحدة" واضطراري واختياري "بالياء المثناة تحت

ولكل منها حد يخصه وحقيقة يتميز بها عما سواه".

أما الوقف الاختياري "بالباء الموحدة" فهو الذي يطلب من القارىء بقصد الامتحان


ومتعلق هذا الوقف الرسم العثماني لبيان المقطوع والموصول والثابت والمحذوف

من حروف المد والمجرور والمربوط من التاءات ويلحق بهذا الوقف وقف القارىء

لإعلام غيره بكيفية الوقف على الكلمة بكونه عالماً بها من حيث القطع أو الوصل

إلخ ولهذا سمي اختباريًّا.

وحكمه: الجواز بشرط أن يبتدىء الواقف بما وقف عليه ويصله بما بعده إن صلح

الابتداء به وإلا فيبتدىء بما قبله مما يصلح ابتداءً.

وأما الوقف الاضطراري: فهو الذي يعرض للقارىء بسبب ضرورة ألجأته إلى الوقف كضيق

النفس أو العطاس أو العيّ أو النيسان وما إلى ذلك وحينئذ يجوز له الوقف على أي كلمة كانت

وإن لم يتم المعنى وبعد ذهاب هذه الضرورة التي ألجأته إلى الوقف على هذه الكلمة

يبتدىء منها

ويصلها بما بعدها إن صلح البدء بها وإلا فيبتدىء بما قبلها بما يصلح البدء

به كما في الوقف الاختباري "بالموحدة".

وسمي اضطراريًّا للأسباب المذكورة آنفاً.

وأما الوقف الاختياري: "بالياء المثناة تحت" فهو الذي يقصده القارىء باختياره من غير

عروض سبب من الأسباب المتقدمة في الوقفين الاختباري "بالموحدة" والاضطراري.

وقد يبتدأ بما بعد الكلمة الموقوف عليها وقد لا يبتدأ بأن توصل بما بعدها كما سنوضحه

بعد في الوقف الحسن.

وهذا الوقف هو المقصود بالذكر هنا وينقسم إلى أربعة أقسام: تام، وكاف، وحسن، وقبيح.

فإن أفادت الكلمة الموقوف عليها معنى تامًّا يحسن السكوت عليه كان الوقف تامًّا أو كافياً

أو حسناً. وإن لم تفد معنى يحسن السكوت عليه كان الوقف قبيحاً ويجب على الواقف

حينئذ البدء على الفور بما قبل الكلمة الموقوف عليها ووصلها بما بعدها إلى أن يصل

إلى كلام تام يحسن السكوت عليه كما سنذكره بعد ويشترط للمعنى التام الذي يحسن

السكوت عليه أن يكون الكلام مشتملاً على ركني الجملة من المسند والمسند إليه.

وبهذا يكون الكلام تامًّا. ولتمامه حينئذ أحوال ثلاثة. وذلك لأنه إما أن يكون غير

متعلق بما بعده لا لفظاً ولا معنى. وإما أن يكون متعلقاً بما بعده معنى لا لفظاً.

وإما أن يكون متعلقاً بما بعده لفظاً ومعنى مع الفائدة التي بها يحسن السكوت عليه.

فالأول: هو الوقف التام.

والثاني: هو الوقف الكافي. وحكمهما جواز الوقف عليهما والابتداء بما بعدهما.

والثالث: هو الوقف الحسن. وحكمه جواز الوقف عليه دون الابتداء بما بعده لتعلقه به لفظاً

ومعنى. إلا إذا كان الابتداء برأس آية فإنه يجوز حينئذ لأن الوقف على رؤوس

الآي سنة مطلقاً كما سيأتي بيانه عند تفصيل الكلام على الوقف الحسن.

وقد أشار الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية إلى أقسام الوقف الاختياري

وحكمها مع التأكيد على معرفة الوقف والابتداء بقوله رحمه الله تعالى:

*وبعدَ تجويدِكَ للحروفِ * لابدَّ من معرفةِ الوقوفِ*

*والابتدا وهي تقسَمُ إذَنْ * ثلاثة تامٌ وكافٍ وحسنْ*

*وهي لما تَمَّ فإن لمْ يُوجَدِ * تَعلُّقٌ أو كان معنى فابْتَدِي*

*فالتامُ فالكافِي ولفظاً فامْنَعَنْ * إلا رؤوسَ الآي جوِّزْ فالحسَنْ*

*وغير ما تَمَّ قبيحٌ ولهُ* يوقَفُ مُضْطَرًّا ويُبْدأُ قبلَهُ اهـ*

وفيما يلي تفصيل الكلام على كل من الوقف التام والكافي والحسن والقبيح مع الأمثلة

للجميع والأصل فيها من السنة

الكلام على الوقف التام

يتبع
 

هاد بن سارح

مزمار جديد
8 نوفمبر 2008
1
0
0
الجنس
ذكر
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

اخي الغالي مجهود تشكر عليه . اسأل الله ان يوفقك الى ماتحبه وترضاه
 

ابواحمدالغالى

مزمار داوُدي
20 مايو 2008
9,458
16
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

جزاكم الله خير الجزاء

وبارك فى علمكم
 

*رضا*

إداري قدير سابق وعضو شرف
عضو شرف
4 يونيو 2006
41,911
118
63
الجنس
ذكر
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

بارك الله فيكِ أختي الكريمة على هذا العمل الطيّب وجعله في ميزان حسناتك
(مزامير)
 

كمال المروش

مشرف سابق
2 يوليو 2006
8,187
128
63
الجنس
ذكر
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

بارك الله فيك واثابك
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

الكلام على الوقف التام

وهو الوقف على كلام تم معناه وليس متعلقاً بما بعده لا لفظاً ولا معنى. وأكثر ما يكون هذا الوقف

في رؤوس الآي وانتهاء القصص كالوقف على قوله تعالى: {مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} والابتداء بقوله

تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وكالوقف على نحو {وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} والابتداء بقوله:

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ}. ونحو الوقف على قوله تعالى: {إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} والابتداء بقوله سبحانه:

{وَإِلَى? عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً} وذلك لأن لفظ "المفلحون" تمام الآيات المتعلقة بالمؤمنين وما بعده

منفصل عنه متعلق بأحوال الكافرين وكذلك لفظ "للمتقين" تمام الآيات المتعلقة بقصة سيدنا نوح

وما بعده منفصل عنه ابتداء قصة سيدنا هود على نبينا سيدنا محمد وعليهما الصلاة والسلام.

وقد يكون في وسط الآي كالوقف على لفظ "جاءني" في قوله تعالى: {لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ

إِذْ جَآءَنِي} فهذا تمام حكاية قول الظالم وتمام الفاصلة ففي قول الله تعالى:

{وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً}.

وقد يكون بعد تمام الآية بكلمة كالوقف على لفظ "كذلك" "وبالليل" "وزخرفاً" من قوله تعالى:

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً (90) كَذَلِكَ}

{وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ (137) وَبِالْلَّيْلِ} {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34)

وَزُخْرُفاً}.

فإن تمام الآية في كل "ستراً" و"مصبحين" و"يتكئون" وتمام الكلام لفظ "كذلك" "وبالليل" "وزخرفاً".

ويكون في أواخر السور وهو ظاهر.

قال الحافظ ابن الجزري في النشر:

"وقد يتفاضل التام في التمام نحو {مَـالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} كلاهما تام إلا

أن الأول أتم من الثاني لاشتراك الثاني فيما بعده في معنى الخطاب بخلاف الأول" أ هـ.

وسمي تامًّا لتمام لفظه وانقطاع ما بعده عنه في اللفظ والمعنى.

وحكمه أنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده لما تقدم في وجه تسميته بالتام.

هذا والمراد بالتعلق المعنوي أن يتعلق المتقدم بالمتأخر من جهة المعنى لا من جهة الإعراب.

والمراد اللفظي أن يتعلق المتقدم بالمتأخر من حيث الإعراب كأن يكون موصوفاً للمتأخر أويكون

المتأخر معطوفاً على المتقدم أو مضافاً إليه أو خبراً له وما إلى ذلك. ويلزم من التعلق اللفظي

التعلق المعنوي.

الأصل في الوقف التام من السنة المطهرة

الأصل في الوقف التام ما ذكره الحافظ ابن الجزري في كتابه التمهيد في علم التجويد بسنده المتصل

إلى عبدالرحمن بن أبي بكرة قال: "اي ابن أبي بكرة": إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم،

فقال: اقرأ القرآن على حرف فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده

حتى بلغ سبة أحرف كل شاف كاف ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة او آية رحمة بآية عذاب.

وفي رواية أخرى ما لم تختم آية رحمة بعذاب أو آية عذاب بمغفرة أهـ. قال ابو عمرو هذا تعليم

الوقف التام من رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام إذ ظاهر ذلك أن يقطع

على الآية التي فيها ذكر الجنة أو الثواب وتفصل مما بعدها إذا كان ذكر العقاب. وكذلك ينبغي أن

يقطع على الآية التي فيها ذكر النار أو العقاب وتفصل مما بعدها إذا كان ذكر الجنة

أو الثواب أهـ منه بلفظه.


 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

الكلام على الوقف الكافي

وهو الوقف على كلام تم معناه وتعلق بما بعده معنى لا لفظاً. ويوجد في رؤوس الآي وفي أثنائها

كالوقف على نحو قوله تعالى: {وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} {وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}.

{أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}. {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} فكل هذا كلام تام مفهوم

وما بعده مستغن عما قبله في اللفظ وإن اتصل في المعنى.

قال الحافظ ابن الجزري في النشر:

"وقد يتفاضل - أي الوقف الكافي -" في الكفاية كتفاضل التام نحو {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} كاف

{فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} أكفى منه {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)} أكفى منهما أهـ منه بلفظه.

وحكمه أنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده كالوقف التام.

وسمي كافياً للاكتفاء به عما بعده لعدم تعلقه به من جهة اللفظ. وإن كان متعلقاً به

من جهة المعنى.

الأصل في الوقف الكافي من السنة المطهرة

الأصل في الوقف الكافي ما ذكره الحافظ ابن الجزري في كتابه التمهيد في علم التجويد بسنده

المتصل إلى أبي عمرو الداني وبسند الداني إلى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال "أي ابن

مسعود رضي الله عنه": "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم" اقرأ علي فقلت له أقرأ عليك

وعليك أُنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري. قال: فافتتحت سورة النساء فلما بلغت

{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاءِ شَهِيداً} قال: فرأيته وعيناه تذرفان

دموعاً فقال لي: حسبك" أهـ قال الداني: فهذا دليل جواز القطع على الوقف الكافي لأن شهيداً

ليس من التام وهو متعلق بما بعده معنى لأن المعنى فكيف يكون حالهم إذا كان هذا يومئذ يود

الذين كفروا فما بعده متعلق بما قبله والتمام "حديثاً" لأنه انقضاء القصة وهو آخر الآية الثانية.

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع عليه دونه مع تقارب ما بينهما فدل ذلك دلالة

واضحة على جواز القطع على الكافي أهـ منه بلفظه.


 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

الكلام على الوقف الحسن



وهو الوقف على كلام تم معناه وتعلق بما بعده لفظاً ومعنى مع الفائدة كأن يكون اللفظ الموقوف

عليه موصوفاً وما بعده صفة له أو معطوفاً وما بعده معطوفاً عليه أو مستثنى منه وما بعده

مستثنى أو بدلا وما بعده مبدل منه وما إلى ذلك ويوجد في رؤوس الآي وفي أثنائها كالوقف

الكافي وسمي حسناً لحسن الوقف عليه لأنه أفهم معنى يحسن السكوت عليه

وحكمه أنه يحسن الوقف عليه.

وأما الابتداء بما بعده ففيه تفصيل لأنه قد يكون في رؤوس الآي وقد يكون في غيرها.

فإن كان في غير رؤوس الآي فحكمه أنه يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده لتعلقه

به لفظاً ومعنى كالوقف على لفظ "الله" من قوله تعالى: {الْحَمْدُ للَّهِ} فإنه كلام تام يحسن الوقف

عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده. لأن ما بعده وهو قوله تعالى: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} أو قوله تعالى

{فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} صفة للفظ الجلالة في الموضعين والصفة والموصوف كالشيء

الواحد لا يفرق بينهما والابتداء حينئذ يكون غير حسن وفوق هذا أصبح اللفظ المبدوء به

عارياً عن العوام اللفطية. والعاري عن العوامل اللفظية هو المبتدأ وحكمه الرفع بينما صار

مخفوضاً. إذن فلا بد من وصل الكلمة الموقوف عليها بما بعدها في هذه الحالة وما ماثلها

ليكون العامل والمعمول معاً كما هو مقرر.

وإن كان في رؤوس الآي كالوقف على لفظ "العالمين" و"الرحيم" و"العلي" في قوله تعالى:

{الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} {الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ}. {لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} فإنه يحسن الوقف عليه

والابتداء بما بعده لأن الوقف على رؤوس الآي سنة سواء وجد تعلق لفظي أم لم يوجد وهذا هو

المشهور عند جمهور العلماء وأهل الأداء والنصوص عليه متوافرة لوروده عن رسول الله صلى

الله عليه وسلم في حديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم:

"كان إذا قرأ قطَّع قراءته آية آية يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقف ثم يقول: الحمد لله رب

العالمين، ثم يقف ثم يقول: الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين". قال الحافظ ابن الجزري في النشر

عقب ذكره لهذا الحديث: رواه أبو داود ساكتاً عليه والترميذي وأحمد وأبو عبيدة وغيرهم. وهذا

حديث حسن صحيح وكذلك عد بعضهم الوقف على رؤوس الآي سنة. وقال ابو عمرو وهو أحب

إلي واختاره البيهقي في شعب الإيمان وغيره من العلماء. وقالوا الأفضل الوقوف على رؤوس

الآيات وإن تعلقت بما بعدها. قالوا: واتباع هدي

رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته أولى أهـ منه بلفظه.

هذا ونصوص العلماء في هذا الوقف كثيرة وشهيرة لا يتحملها هذا المختصر

وكلها تؤيد سنية الوقف على رؤوس الآي

وقد منع جماعة من العلماء الوقف على رؤوس الآي في مثل ما ذكرنا لتعلقها بما بعدها وحملوا ما

في حديث أم سلمة رضي الله عنها على أن ما فعله صلى الله عليه وسلم إنما قصد به بيان

الفواصل لا التعبد. وعلى ذلك فلا يكون الوقف على رؤوس الآي سنة عندهم إذ لا يسن إلا ما

فعله صلى الله عليه وسلم تعبداً. وردَّهُ غير واحد من العلماء منهم العلامة المتولي بقوله في

الروض النضير: "إنَّ من المنصوص المقرر أنَّ "كان إذا" تفيد التكرر وظاهر أن

الإعلام يحصل بمرة ويبلغ الشاهد منهم الغائب فليكن الباقي تعبداً وليس كله للإعلام

حتى يعترض على هؤلاء الأعلام أهـ منه بلفظه".

وهناك ردود أخرى تركنا ذكرها هنا رغبة في الاختصار.

قال الحافظ ابن الجزري في النشر وقد يكون الوقف حسناً على تقدير وكافياً على آخر وتامًّا على

غيرهما نحو قوله تعالى: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)} يجوز أن يكون حسنا إذا جعل {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}

نعتاً للمتقين وأن يكون كافياً إذا جعل {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} رفعاً بمعنى هم الذي يؤمنون بالغيب

أو نصباً بتقدير أعني الذين. وأن يكون تامًّا إذا جعل {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} مبتدأ خبره

{أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ} أهـ منه بلفظه.

الأصل في الوقف الحسن من السنة المطهرة

والأصل في الوقف الحسن الحديث المتقدم المروي عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها فقد

ذكره الحافظ ابن الجزري في كتابه التمهيد بسنده المتصل إليها ثم قال بعد أن أورده: قالوا وهذا

دليل على جواز القطع على الحسن في الفواصل لأن هذا متعلق بما قبله وما بعده لفظاً ومعنى وهذا

القسم يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده إلا في رؤوس الآي فإن لك سنة أهـ منه

بلفظه."فصل":

في بيان وقف السنة الواقع جله في غير رؤوس الآي أو في بيان وقف جبريل كما سماه بعضهم.

الوقف الحسن أن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً سواء تعلق رأس الآية بما بعده أم لم يتعلق

يتبع
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

الوقف المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن العظيم
مما أكثره ليس برأس آية ونص عليه غير واحد ممن يعتد بنقلهم من محققي علماء
القراءات مع عَزْوِ ذلك إليهم ونسبته لهم فقد قيل: إن من بركة العلم نسبة القول إلى قائله.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
أولاً: نقل صاحب "منار الهدى: في بيان الوقف والابتدا" عن العلامة السخاوي أن هذه الوقوف عشرة وسمى بعضها بوقف جبريل عليه السلام وإليك نص عبارته: "قال السخاوي: ينبغي للقارى أن يتعلم وقف جبريل فإنه كان يقف في سورة آل عمران عند قوله: {قُلْ صَدَقَ
اللَّهُ} ثم يبتدىء {فَتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} والنبي صلى الله عليه وسلم يتبعه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقف في سورة البقرة والمائدة عند قوله تعالى: {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} وكان يقف على قوله: {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيا أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} وكان يقف {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} ثم يبتدىء {عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} وكان يقف {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} ثم يبتدىء {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى} وكان يقف {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا} ثم يبتدىء {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} وكان يقف {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً} ثم يبتدىء {لاَّ يَسْتَوُونَ} وكان يقف {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ} ثم يتبدىء {فَنَادَى}وكان يقف {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ثم يبتدىء {تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ} فكان صلى الله عليه وسلم يتعمد الوقف على تلك الوقوف وغالبها ليس رأس آية وما ذلك إلا لعلم لدنِّي علمه من علمه وجهله من جهله. فاتباعه سنة في أقواله وأفعاله انتهى منه بحرفه.
ثانياً: نقل صاحب انشراح الصدور أن مواضع هذه الوقوف سبعة عشر موضعاً وفيما يلي نص عبارته.
"أعلم أن الوقوف المندوبة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الوقوف عليها سبعة عشر موضعاً":
الأول والثاني: {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} بالبقرة والمائدة.
والثالث: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ} بآل عمران.
والرابع: {مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} بالمائدة.
والخامس: {أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ} بيونس.
والسادس: {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} بها أيضاً.
والسابع: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} بيوسف.
والثامن: {كَذالِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} بالرعد.
والتاسع: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا} ب النحل.
والعاشر: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} بها أيضاً.
والحادي عشر: {يابُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ} بلقمان.
والثاني عشر: {كَمَن كَانَ فَاسِقاً} بالسجدة.
والثالث عشر: {أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} بغافر.
والرابع عشر: {فَحَشَرَ} بالنازعات.
والخامس عشر: {خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} بالقدر.
والسادس عشر: {مِّن كُلِّ أَمْرٍ} بها أيضاً.
والسابع عشر: {بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} بالنصر أهـ منه بلفظه.
ثالثاً: نقل صاحب "الرحلة العياشية" أن هذه الوقوف سبعة عشر وقفاً وساقها في نظم مبارك بديع وهذا أنذا أنثر مواضع هذا النظم أولاً ثم أذْكُرُه بعد ذلك ثانياًً.
وإليك بيان مواضع هذه الوقوف حسب ترتيب هذا النظم المبارك:
الأول: قوله تعالى: {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} بالبقرة.
الثاني: قوله سبحانه: {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} بالبقرة أيضاً.
الثالث: قوله عز شأنه: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ} بآل عمران.
الرابع: قوله عز من قائل: {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} بالمائدة.
الخامس: قوله جل وعلا: {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ} بالمائدة أيضاً.
السادس: قوله سبحانه: {مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} بالمائدة كذلك.
السابع والثامن: قوله تعالى: {أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ} وقوله عز شأنه: {قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} الموضعان بيونس عليه الصلة والسلام.
التاسع: قوله سبحانه: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ} بيوسف عليه الصلاة والسلام.
العاشر: قوله تعالى: {كَذالِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} بالرعد.
الحادي عشر: قوله تعالى: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا} بالنحل.
الثاني عشر: قوله سبحانه: {يابُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ} بلقمان.
الثالث عشر: قوله عز وجل: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} بغافر.
الرابع عشر: قوله تعالى: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى? (22) فَحَشَرَ} بالنازعات.
الخامس عشر والسادس عشر: قوله جل وعلا: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} وقوله عز وجل: {تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4)} الموضعان بالقدر.
السابع عشر: قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} بالنصر.
وإليك عبارة صاحب الرحلة العياشية مع ذكر النظم الذي تكلمنا عنه آنفاً.
قال رحمه الله تعالى فيما أنشده شيخه أبو الحسن علي بن محمد بن عبدالرحمن الربيع اليمني الزبيدي: "وأنشدني أيضاً في المواضع التي ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عليها وأملاها عليَّ من حفظه ولم ينسبها":
*أيا سائِلي عن ما أتانا به الآلى * عن المصطفى من وقْفِه مسلسلا*
*ففي البكر جا الخيراتِ والثاني قُلْ بها * أتى بعدُ يعلمْهُ على الله مُسْجَلا*
*وعمرانُ إلا الله أوَّلها أتى * عقودٌ بها الخيرات قد جاء مُرسلا*
*وأيضاً بها من أجل ذلك جاءنا * وآخرها قد جا بحقِّ مرتِّلا*
*وأن أنذر الناس الذي حلَّ يونساً * وقلْ بعده فيها لحقٌّ تنزِّلا*
*إلى الله جا في يوسف وبتلوها * أتانا على الأمثال كي يتمثَّلا*
*خلقها بنحلٍ بعدَ الأنعام لفظةً * وبعد لا تشرك بلقمان أنزلا*
*وغافر فيها لفظةُ النار بعدها * حكاية حمل العرشِ في قصَّة الملا*
*وقل فحشر في النازعات وبعده * على ألف شهر جاء في القدر أوَّلا*
*ومن كلِّ أمرٍ جا بها وبنصرهم * على لفظ واستغفره تمَّت فحمدِلا أهـ*
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

ومن هذه النقول يتبين لك - أيها القارىء الكريم أن هذه المواضع كلها منها ما هو

رأس آية - وهو القليل. ومنها ما ليس برأس آية وهو الكثير فالذي هو رأس آية

قوله تعالى: {كَذالِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} بالرعد. وقوله سبحانه: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ

رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} بغافر. وقوله عز شأنه: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ

مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}. وقوله جل وعلا: {تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}

وهذا الموضعانبسورة القدر.

وقد قدمنا لك أن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً فيكون ذكره هنا في هذه الأوقاف


من باب التأكيد عليه عند من وصل رؤوس الآي المتعلقة بما بعدها في غير هذه المواضع

فليعلم ذلك. ولعل أحداً أن يقول: لقد تفاوتت مواضع هذه الأوقاف المذكورة في هذه النقول

الثلاثة التي قدمنا. فهل يعتبر تفاوتها مدعاة إلى عدم التسليم ببعضها؟ والجواب عن ذلك

ظاهر فإن هذه النقول وإن كان فيها تفاوت لكنه ليس تفاوت التناقض والاضطراب

وإنما هو تفاوت الرواية والحفظ. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ فكل هذه النقول

صحيحة، وسائر نقلتها عدول، وقد ذكر كل منهم انتهى إليه علمه بحسب التلقي

والمشافهة عن شيوخه، وعليه فلا اختلاف.
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

الكلام على الوقف القبيح

وهو الوقف على كلام لم يتم معناه لتعلقه بما بعده لفظاً ومعنى مع عدم الفائدة أو أفاد معنى غير مقصود أو أوهم فساد المعنى فهذه أنواع ثلاثة وإليكها مفصلة:

أما النوع الأول:

فضابطه الوقف على العامل دون معمول ويشمل هذا الضابط صور شتى:
منها الوقف على المضاف دون المضاف إليه كالوقف على لفظ "بسم ومالك من نحو {بسم الله} و{مَـالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فالوقف على مثل هذا قيبح لأنه لم يعلم لأي شيء أضيف.

ومنها الوقف على المبتدأ دون خبره كالوقف على "الحمدُ" من "الحمدُ لله".

ومنها الوقف على الموصوف دون صفته كالوقف على لفظ "الصراط" من قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}.

ومنها الوقف على الفعل دون فاعله كالوقف على لفظ "يتقبل" من قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} إلى آخر باقي المتعلقات. فكل هذا وما ماثله لا يجوز الوقف عليه ولا الابتداء بما بعده لأنه لا يتم معه كلام ولا يفهم منه معنى فالوقف عليه قبيح كما أسلفنا.

وسمي قبيحاً لقبح الوقف عليه لعدم تمام الكلام وعدم فهم المعنى لما فيه من التعلق اللفظي والمعنوي معاً مع عدم الفائدة. ولا يجوز للقارىء تعمد الوقف على شيء من هذه الوقوف وما شاكلها إلا لضرورة كضيق نفس أو عطاس أو عجز أو نيسان ويسمى حنيئذ وقف الضرورة وهو مباح للقارى كما تقدم ثم بعد ذهاب هذه الضرورة التي ألجأته إلى الوقف على هذه الكلمة يبتدىء منها ويصلها بما بعدها إن صلح الابتداء بها وإلا فيبتدىء بما قبلها ممن يصلح البدء به إلى أن يصل إلى ما يجوز أن يقف عنده.

وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله المذكور آنفاً:

*وغيرْ ما تمَّ قبيحٌ ولهُ * يوقفُ مضطرًّا ويُبدأُ قبلَهُ اهـ*

وأما النوع الثاني:

وهو الذي أفاد معنى غير مقصود لتوقف ما بعده عليه ليتم منه المعنى المراد فنحو الوقف على {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ} وذلك لانه يوهم النهي عن أداء الصلاة مطلقاً وليس كذلك. وإنما المقصود من الآية الكريمة لا تقربوا الصلاة حال كونكم سكارى حتى تعلموا ما تقولون. وهذا المعنى المقصود لا يتم إلا إذا انظم إليه ما بعده. وعليه: فالوقف على {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ} قبيح فيوصل بما بعده إلى أن يقف على قوله تعالى: {حَتَّى تَغْتَسِلُواْ} وهو كاف.

ومنه الوقف على لفظ "بجناحيه" في قوله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} لأن ذلك يوهم نفي ما هو مشاهد من مخلوقات الله وهذا لا يجوز وإنما يكون الوقف على "أمثالكم" وهو كاف.

ومنه الوقف على لفظ "والظالمين" من قوله تعالى: {يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} لأنه يوهم أن الظالمين داخلون في رحمة الله وليس كذلك بل أعد لهم العذاب الأليم فالوقف يكون على لفظ "رحمته" وهو تام.
ومنه الوقف على "والذين آمنوا" من قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} لأنه يوهم دخول المؤمنين مع الكافرين في العذاب الشديد وليس كذلك بل أعد المغفرة والأجر الكبير للمؤمنين. أما العذاب الشديد فهو خاص بالكافرين. فالوقف يكون على قوله تعالى: "لهم عذاب شديد" وهو كاف وذلك ليفصل بين ما أعد للفريقين من جزاء. أو توصل الجملة الأولى بالثانية ويوقف على الفاصلة إن كانت هناك طاقة لدى القارىء بحيث يعطي الحروف حقها ومستحقها في التلاوة كما هو مقرر وإلا فلا.

فكل هذا وما ماثله مما هو خارج عن حكم الأول في المعنى لا يجوز الوقف عليه لما تقدم باستثناء الضرورة.

وأما النوع الثالث:
وهو ما أوهم فساد المعنى وفيه سوء الأدب مع الله تبارك وتعالى وهو أقبح من القبيح فنحو الوقف على لفظ الجلالة "والله" في قوله تعالى: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} فهذا لا يجوز بحال وإنما يجوز الوقف على لفظ "كفر" أو على لفظ "الظالمين" وهو آخر الفاصلة ومثله الوقف على لفظ "لا يستحي" في قوله تعالى: {* إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} وهذا لا يجوز بحال وإنما يكون الوقف على "فما فوقها" ولا يخفى ما في ذلك من فساد المعنى وسوء الأدب مما هو ظاهر لا يصح التفوه به. وأقبح من هذا وأشنع الوقف على المنفي الذي بعده الإيجاب وفي هذا الإيجاب وصف الله تعالى أو لرسله عليهم الصلاة والسلام وذلك نحو قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ اللَّهُ} وقوله سبحانه: {وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللَّهُ}. بأن وقف على لفظ "إله" في الآيتين والقبح في هذا الوقف ظاهر لا يصح التفوه به أيضاً وإنما يكون الوقف على لفظ "وللمؤمنات" في الآية الأولى وهو تام. وعلى لفظ الجلالة في الثانية وهو كاف. ومثل ذلك الوقف على لتفظ "أرسناك" في قوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} فإنه يؤدي إلى نفي رسالته صلى الله عليه وسلم وإنما يكون الوقف على "للعالمين" آخر الفاصلة ومثله الوقف على لفظ "من رسول" في قوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}. وفي قوله سبحانه: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} فإنه يؤدي إلى نفي إرسال جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام. وإنما يكون الوقف على لفظ الجلالة في الآية الأولى وعلى لفظ "لهم" في الآية الثانية. فكل هذه الوقوف وما ماثلها يجب ألا يوقف على شىء منها لما تقدم إلا من ضرورة كما ذكرنا آنفاً. فإن وقف القاىء على شيء منها أو مما شاكلها لضرورة وجب عليه أن يبتدىء بما قبل الكلمة الموقوف عليها ويصلها بما بعدها إلى أن ينتهي إلى ما يجوز أن يقف عنده فإن لم يفعل ذلك وتعمد الوقف فقد أثم إثماً كبيراً وأخطأ خطاً فاحشاً وخرق الإجماع وحاد عن إتقان القراءة وإتمام التجويد. نسأل الله تعالى التوفيق والهداية إلى أقوم طريق.
الأصل في الوقف القبيح من السنة المطهرة
والأصل فيه ما ذكره الحافظ ابن الجزري في التمهيد بسنده المتصل إلى عدي بن حاتم قال: "أي عدي" جاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتشهد أحدهما فقال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما ووقف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم أو اذهب بئس الخطيب أنت أهـ قالوا: وهذا دليل على أنه لا يجوز القطع على القبيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقامه لما وقف على المستبشع لأنه جمع بين حال من أطاع الله ورسوله ومن عصى والأولى أنه كان يقف على رشد ثم يقول: ومن يعصهما فقد غوى" انتهى. وقال أبو عمرو: ففي الخبر دليل علىكراهة القطع على المستبشع من اللفظ المتعلق بما يبين حقيقته ويدل على المراد منه لأنه صلى الله عليه وسلم إنما أقام الخطيب لما قطع على ما يقبح إذ جمع بقطعه بين حال من أطاع ومن عصى ولم يفصل بين ذلك وإنما كان ينبغي له أن يقف على قوله فقد رشد ثم يستأنف ومن يعصهما فقد غوى أو يصل كلامه إلى آخره. وإذا كان مثل هذا مكروهاً مستقبحاً في الكلام الجاري بين الناس فهو في كلام الله تعالى أشد كراهة وقبحاً وتجنبه أولى وأحق أهـ منه بلفظه.
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

تنبيهات:

الأول: ما قاله أئمتنا من أنه لا يجوز الوقف على كلمة كذا وكذا إنما يريدون بذلك

الوقف الاختياري "بالياء المثناة تحت" الذي يحسن في القراءة ويروق في التلاوة

ولا يريدون به أنه حرام أو مكروه إذ ليس في القرآن الكريم وقف واجب يأثم

القارىء بتركه أو حرام يأثم القارىء بفعله لأن الوصل والوقف لا يدلان على

معنى حتى يختل بذهابهما وإنما يتصف الوقف بالحرمة إذا كان هناك سبب

يؤدي إليها فيحرم حينئذ كأن قصد القارىء الوقف من غير ضرورة على لفظ "إله" أو

على لفظ "لا يستحي" أو على لفظ "لا يهدي" في قوله تعالى: {وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ}،

{وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ}، {وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} وما شابه ذلك مما تقدم

ذكره في الوقف القبيح إذ لا يفعل ذلك مسلم قبله مطمئن بالإيمان.


وفي هذا المقام يقول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية:


*وليسَ في القرآن مِنْ وقْفٍ وجَب * ولا حرام غير ما له سَبَبْ اهـ*


التنبيه الثاني: اشتهر عند كثير من الناس أن الوقف على لفظ "للمصلين" في قوله تعالى:

{فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ} قبيح وحرام ولا يجوز مطلقاً

وزعموا أن القارىء لو وقف على هذا اللفظ لأوهم تناول الويل كل مصلٍّ وليس كذلك

وإنما الويل "وهو واد في جهنم أو وعيد شديد كما قاله المفسرون" للمصلين

الموصوفين بالصفات المذكورة بعد في قوله تعالى: {الَذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ}

إلى آخر السورة وهذه حجتهم في منع الوقف على هذا اللفظ وحتموا الوصل

بالموصولين بعد ليظهر المراد ويتم الكلام. والصواب الذي عليه الجمهور

هو جواز الوقف على هذا اللفظ لأنه من رؤوس الآي والوقف على رؤوس

الآي سنة لحديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وقد تقدم ذكره غير مرة

وهذا كما قلت المشهور عند جمهور العلماء وأهل الأداء وإن تعلق رأس الآية

بما بعدها لفظاً ومعنى كهذا الموضع كما تقدم. غير أن هذا الوقف الجائز مشروط

بأن يكون القارىء مستمرًّا في قراءته إلى تمام الكلام وهو آخر السورة وبهذ

ا حصل الغرض المطلوب وهو إيضاح المعنى المراد من الآية الكريمة لكل

من القارىء والسامع وفي الوقت نفسه أتى القارىء بالوصفين المذكورين بعد

"للمصلين" الذين يستحقون بهما هذا الوعيد. ويفهم من قولنا: "غير أن هذا الوقف

الجائز مشروط بأن يكون القارىء مستمرًّا"...الخ بأنه لو قطع قراءته وأنهاها عند قوله:

"فويل للمصلين" من غير عذر كان الوقف قبيحاً ويقال له فيه بل ويمنع منه لإيهام خلاف

المعنى المراد ولعدم إتمام الكلام حنيئذ لأن إتمامه لا يتأتَّى إلا بذكر الصفتين المذكورتين بعد.

ومن محاسن الوقف على رأس الآية "فويل للمصلين" هنا أنه لو وصل القارىء قوله:

"فويل للمصلين" بما بعده كما قال مانعو الوقف عليه فلربما ضاف نفسه قبل الوصول

إلى الوقف التام وهو آخر السورة لا سيما من كان ضيق النفس لا يستطيع أن يتكلم

بكلام كثير في نفس احد وخاصة في هذا الزمن الذي عمت فيه البلوى لكثير من

الناس وحنيئذ يضطر إلى أن يتنفس في القراءة وهو حرام فيها ومفسد لها أو إلى

إدماج الحروف وبتر المد مما لا يتفق وقواعد التجويد المجمع عليها ويكون بذلك أتعب

نفسه فوق إفساده القراءة مع أن السنة المطهرة أباحت له الوقف على رؤوس الآي

مطلقاً سواء تم الكلام أم يتم كما مر،

ولنا في سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

هذا: وقد فات مانعو تجويز الوقف على قوله: "فويل للمصلين" وتأكيدهم على وصله بما بعده أن

الصفتين المذكورتين بعد من باب التوابع كما هو مقرر. وهذا المعتبر إذا لم نقل بالقطع.

فإن قلنا به كما جوزه علماء العربية من كل موصول وقع صفة يحتمل أن يكون تابعاً

أو مقطوعاً عن التبعية لعدم ظهور الإعراب عليه لبنائه. بل جوزوا قطع الصفة عن

الموصوف في العموم سواء كان موصولاً أو غير موصول. وبناء على جواز قطع الصفة

عن الموصوف نقول: إن جعلنا الموصول هنا مع صلته خبراً لمبتدأ محذوف تقديره

هم الذين إلخ كان الوقف على "للمصلين" كافياً فضلاً عن كونه رأس آية. وهذا أمر لا

يخفى ومثله حنيئذ مثل الوقوف على رؤوس التي بعدها موصول كهذا وما أكثرها في القرآن

باستثناء سبعة مواضع منها يتعين فيها أن يكون الموصول مبتدأ كما يتعين الوقف على ماقبلها

والابتداء بها وسنذكرها بعد في "فصل الابتداء" إن شاء الله تعالى.

وصفوة القول في هذه المسألة التي كثر فيها الكلام أن الوقف على قوله تعالى: "فويل للمصلين"

جائز لانه رأس آية ولا قبيح فيه ولا حرمة ما دام القارىء مستمرًّا في قراءته إلى آخر السورة

بخلاف ما لو قطع قراءته وأنهاها عنده فيمنع من ذلك ويكون الوقف قبيحاً إلا

عذر قهري صده عن إتمام السورة.

وأما إذا كان القارىء عنده طاقة في نفسه ولم يقف إلا في آخر السورة بشرط أن تكون

القراءة سليمة موافقة لقواعد التجويد المجمع عليها فلا بأس بذلك غير أنه على خلاف

ما قال به جهمور العلماء وكثير من أهل الأداء من أن الوقف على رؤوس الآي سنة

مطلقاً كما ذكر آنفاً والله تعالى أعلى وأعلم.

وبعد أن فرغنا من كتابة هذا التنبيه ومضى عليه سنوات وجدناه منصوصاً عليه

بمعناه من كلام العلامة الشيخ عبدالواحد المارغني في آخر رسالة تحرير الكلام في وقف

حمزة وهاشم للعلامة المحقق الشيخ محمد بن يالوشة الشريف التونسي ولعظم فائدته

آثرنا أن ننقله هنا ليفيد منه ويعتبر به قارؤنا الكريم قال عفا الله عنه.

"تنبيه": مما اشتهر عند كثير من الناس عدم الوقف علىقوله تعالى: {فويل للمصلين}

حتى جرى عندهم مجرى الأمثال فيقولون في كل شيء يتوقف على ما بعده لا تقف

على "فويل للمصلين" ومرادهم بذلك التحرز من استحقاق المصلين مطلقاً لهذا

الوعيد فالبوقف عليه يتناول الوعيد كل المصلين وهو غير مراد وغير صواب.

وإن وصل بالموصول أو الموصولين بعده ظهر المعنى ولاح المراد من الآية الكريمة

إذ المراد والله أعلم أن المصلين الموصوفين بالصفتين المذكورتين يستحقون العقاب

بالويل وهو واد في جهنم وقيل كلمة عذاب هذا مراد من يمنع الوقف على ذلك. والتحقيق

أنه لا مانع من الوقف على مثل ذلك حيث إنه من الفواصل التي يحسن الوقف عليها

حسبما مر تفصيله. والصفتان بعد المصلين مثل الصفتين بعد اسم الجلالة في الفاتحة

أعني "الرحمن" و"مالك يوم الدين" وقفت السنة على ما قبلهما فكما حسن الوقف على

مافي آم القرآن يحسن الوقف على مثل ذلك في غيرها ومنه هذا الذي في سورة

الماعون ولا قبح في مثل هذا الوقف حيث إن الوقف على "المصلين" لا يمنع إرادة

وملاحظة الصفتين بعده إذ الواقف عازم على إكمال السورة أو الآيات المتعلقة

بالموضوع والسامع منتظر لباقي السورة أو الآيات فقد حصل غرض كل من التالي

والسامع بإكمال الآيات المطلوبة ولو مع الأوقاف الفاصلة التي لا يقع الفصل إلا بزمن

يتنفس فيه عادة نعم لو قطع القارىء قراءته عند قوله: "فويل للمصلين" لمنع إلا لعذر

طارىء صده عن إتمام قراءته وهذا كله إن جعل النعتان في سورة الماعون تابعين كما هو

الأصل. فإن جعلا مقطوعين كان الوقف عليه كافياً حينئذ كما لا يخفى على كل من مارس علم

القراءة والعربية إذ كل موصول وقع صفة يحتمل كونه تابعاً ومقطوعاً لعدم ظهور أثر الإعراب

عليه لبنائه كما نص على ذلك بعض علماء العربية: وعليه فالسنة لما وقفت على رؤوس الآي

التي صفاتها المبدوء بها تابعة لموصوفاتها في الإعراب لظهور الجر عليها المختص بالإتباع دل

على أولوية الوقف على ما احتمل نعته الإتباع والقطع كالموصولات إذا وقع فاصلة من الفواصل

المعتبرة سنة وعرفاً ومن ذلك ما كان في سورة الماعون التي فواصلها بالياء والنون وبعضها

بالواو والنون وفيها فاصلة بالياء والميم ولا جرم أن الميم كالنون في مثل ذلك لاشتراكهما في

جميع الصفات المتضادة وفي صفة الغنة. ومن ثم اعتبر ذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

فاصلة من فواصل أم القرآن فوقف على {الرَّحِيمِ} بعد {رَبِّ الْعَالَمِينَ} وقبل {مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ}

كما ثبت في بعض الآثار أنه وقف على {الْمُسْتَقِيمَ} بعد {نَسْتَعِينُ} وقبل

{وَلاَ الضَّآلِّينَ} اهـ منه بلفظه.

هذا: وقد قرأت بالوقف على رؤوس الآي في العموم كما هو السنة على جميع شيوخي في

جميع إجازاتي إفراداً وجمعاً في أكثر من عشر ختمات في مختلف القراءات سبعية كانت

أم عشرية. وبالوقف على رؤوس الآي مطلقاً آخذ قراءة وإقراء. فإن اتباع السنة

من صدق الحب لمن سنها صلى الله عليه وسلم.
 

سليمان الذويخ

عضو كالشعلة
27 يونيو 2007
361
3
18
الجنس
ذكر
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ووفقكم
مجهود طيب مبارك

جدير بأن يهتم به الجميع
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

تعريف القطع والسكت


أما القطع:

فمعناه في اللغة الإبانة والإزالة تقول قطعت الشجرة إذا أبنتها

وأزلتها وفي الاصطلاح قطع القراءة رأساً "أيى الانتهاء منها"

والقارىء به - أي بالقطع - كالمعرض عن القراءة والمتنقل منها

إلى حالة أخرى غيرها كالذي يقطع على حرب أو ورد أو في ركعة

ثم يركع وما إلى ذلك مما يؤذن بانتهاء القراءة والانتقال

منها إلى حالة أخرى و لا يكون إلا على رؤوس الآي لأن رؤوس الآي

في نفسها مقاطع بخلاف الوقف فقد يكون على رؤوس الآي وعلى

أثنائها كما تقدم في صدر الباب. وإذا عاد القارىء إلى القراءة

بعد أن قطعها فيستحب له الإتيان بالاستعاذة ثم بالبسملة إن كان

العود من أول السورة وإن كان من أثنائها فله التخيير في الإتيان

بالبسملة بعد التعوذ أو عدم الإتيان بها على ما تقدم

في فصل الابتداء وعلى ما سيأتي في باب البسلمة.

وأما السكت:

فهو في اللغة المنع وفي الاصطلاح قطع الصوت زمناً دون زمن الوقف

من غير تنفس بنية العود إلى القراءة في الحال ويكون في وسط

الكلمة وفي آخرها وعند الوصل بين السورتين لمن له ذلك وليس منهم

حفص عن عاصم وأكثره وقوعاً على الساكن قبل الهمز سواء كان هذا

الساكن صحيحاً أو شبه الصحيح أو كان حرف مد.


ورد عن حفص عن عاصم من الشاطبية أنه كان

يسكت سكتة لطيفة من غير تنفس بقدر حركتين

في حالة الوصل في أربعة مواضع في التنزيل

بالاتفاق وهي كالآتي:

السكتة الأولى:


على الألف المبدلة من التنوين في لفظ

{عِوَجَا} بأول الكهف حالة

الوصل ثم يقول {قَيِّماً} وهذا لا يمنع من

الوقف على "عوجاً" لأنه رأس آية. وإنما

السكت حالة وصل "عوجاً" بـ"قيما

السكتة الثانية:

على الألف من لفظ {مَّرْقَدِنَا} بياسين ثم

يقول: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمـنُ وَصَدَقَ

الْمُرْسَلُونَ}. ويجوز الوقف على

لفظ "مرقدنا" وهو تام كما ذكره سيدي على

النوري في غيث النفع وعليه فلا سكت عندئذ

وعند عدم الوقف يجب السكت من الشاطبية.

السكتة الثالثة:

على النون من لفظ "من" في

قوله تعالى: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} بالقيامة ثم

يقول: "راق" ويلزم من السكت إظهار النون

الساكنة عند الراء لأن السكت يمنع الإدغام.

السكتة الرابعة:

على اللام من لفظ "بل" في

قوله تعالى: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}

بالمطففين ثم يقول: "ران" ويلزم من هذا

السكت أيضاً إظهار اللام عند الراء لأن السكت

يمنع الإدغام هنا كذلك وسَكْتُ حفص في هذه

المواضع الاربعة من النوع الذي يأتي على

آخر الكلمة. قال الإمام الشاطبي رضي الله

عنه ونفعنا بعلومه:

*وسكْتَةُ حفصٍ دون قطعٍ لطيفةٍ * على ألِفِ

التنوين في عِوَجاً بَلا*

*وفي نون مَنْ راق ومرْقَدِنا ولا * م بل ران

والباقُون لا سَكْتَ مُوصَلا اهـ*

وكذلك يسكت حفص في وجه له بين السورتين من

غير تنفس في موضع واحد في التنزيل وهو بين

آخر سورة الآنفال وأول سورة براءة ومحله

على الميم من "عليم" ثم يقول براءة: كما

تقدم له في باب الإدغام السكت وعدمه على

الهاء من لفظ "ماليه" في قوله تعالى: {مَآ

أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ( 2 هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ}

بسورة الحاقة والوجهان صحيحان مقروء بهما

والسكت هو المقدم في الأداء ومجمل القول

أن حفصاً عن عاصم له في القرآن الكريم ست

سكتات أربع منهن لم يشاركه فيهن أحد من

القراء وهن المذكورات أولاً.

والخامسة:

بين آخر الأنفال وأول براءة وقد شاركه

فيها باقي القراء العشرة في وجه لهم.

والسادسة:

في أحد الوجهين عنه على الهاء

من "مالية هلك" بالحاقة وقد شاركه فيها

باقي القراء العشرة في أحد الوجهين

عنهم كذلك إلا حمزة ويعقوب

هداية القارئ
 
التعديل الأخير:

أحمد النبوي

مراقب الأركان العلمية
مراقب عام
19 يناير 2009
2,950
662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: الوقف والابتداء والقطع والسكت

[frame="9 80"]
موضوع قيم مستوعب، جزيتِ خيراً.
[/frame]
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع