إعلانات المنتدى


القول في تأويل (الله) للطبري

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

رضا الجنايني

مزمار كرواني
6 يونيو 2008
2,850
27
0
الجنس
ذكر
القول في تأويل قوله تعالى: {الله}قال أبو جعفر: وأما تأويل قول الله: "الله"، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس: هو الذي يا لهه كل شيء، ويعبده كل خلق. وذلك أن أبا كريب حدثنا قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس قال: الله ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين.
فإن قال لنا قائل: فهل لذلك في "فعل ويفعل" أصل كان منه بناء هذا الاسم؟ قيل: أما سماعا من العرب فلا، ولكن استدلالا.
فإن قال: وما دل على أن الألوهية هي العبادة، وأن الإله هو المعبود، وأن له أصلا في فعل ويفعل؟ قيل: لا تمانع بين العرب في الحكم - لقول القائل يصف رجلا بعبادة ويطلب مما عند الله جل ذكره: تأله فلان بالصحة - ولا خلاف. ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج:
لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهي
يعني من تعبدي وطلبي الله بعمل.
ولا شك أن التأله "التفعل" من: أله يأله، وأن معنى "له" إذا نطق به: عبد الله. وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل" يغير زيادة. وذلك ما:
118 - حدثنا به سفيان بن وكيع، قال حدثنا أبي، عن نافع بن عمر، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، أنه قرأ: {ويذرك وإلا هتك} [الأعراف: 127] قال: عبادتك، ويقال : إنه كان يعبد ولا يعبد. وحدثنا سفيان، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن عمرو بن الحسن، عن ابن عباس: "ويذرك وإلاهتك" قال: إنما كان فرعون يعبد ولا يعبد. وكذلك كان عبد الله يقرؤها ومجاهد.
119 - وحدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: أخبرني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله : "ويذرك وإلاهتك" قال: وعبادتك. ولا شك أن الإلاهة على ما فسره ابن عباس ومجاهد، مصدر من قول القائل اله الله فلان إلاهة، كما يقال: عبد الله فلان عبادة، وعبر الرؤيا عبارة. فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا أن أله: عبد، وأن الإلاهة مصدره.
فإن قال: فإن كان جائزا أن يقال لمن عبد الله: ألهه، على تأويل قول ابن عباس ومجاهد، فكيف الواجب في ذلك أن يقال، إذا أراد المخبر الخبر عن استيجاب الله ذلك على عبده ؟ قيل: أما الرواية فلا رواية عندنا، ولكن الواجب على قياس ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي:
120 - حدثنا به إسماعيل بن الفضل، قال: حدثنا إبراهيم بن العلاء، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي مليكة، عمن حدثه، عن ابن مسعود، ومسعر بن كدام، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه، فقال له المعلم: اكتب الله، فقال له عيسى: أتدري ما الله؟ الله إله الآلهة".
أن يقال: الله جل جلاله أله العبد، والعبد ألهه. وأن يكون قول القائل "الله" من كلام العرب أصله "الإله".
فإن قال: وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك مع اختلاف لفظيهما؟ قال: كما جاز أن يكون قوله: {لكنا هو الله ربي} [الكهف: 38] أصله: ولكن أنا هو الله ربي كما قال الشاعر:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب وتقلينني لكن إياك لا أقلي
يريد: "لكن أنا إياك لا أقلي" فحذف الهمزة من "أنا"، فالتقت نون "أنا" "ونون "لكن" وهي ساكنة، فادغمت في نون أنا، فصارتا نونا مشددة، فكذلك الله، أصله الإله، أسقطت الهمزة، التي هي فاء الاسم، فالتقت اللام التي هي عين الاسم، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة، وهي ساكنة، فأدغمت في الأخرى التي هي عين الاسم، فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة، كما وصفنا من قول الله: {لكنا هو الله ربي}
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع