إعلانات المنتدى


التكبير عند ختم المصحف الشريف

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التكبير عند ختم المصحف الشريف


وهو قول القارئ : الله أكبر – الذي يصاحب قراءة المسلم القرآن بالترتيب، من أول المصحف إلى آخره، سواء أكبر في بداية كل سورة على رواية ابن كثير ، ومن آخر سورة : " الضحى " إلى آخر سورة الناس، وهذا المقصود بعبارة : " عند ختم المصحف الشريف " ، ذلك أن القارئ لو ابتدأ قراءته من سورة : " الضحى " دون أن يقرأ ماقبلها مرتباً، إن حكم التكبير لا ينسحب عليه عند القراء، وأن التكبير مقيد عند إرادة قراءة القرآن الكريم كاملاً مرتباً. وفيما يلي تفصيل الحديث عن التكبير وحكمه:

أولاً : مفهوم التكبير لغة :
أما التكبير في اللغة : فهو مصدر كَبّر، إذا قال : " الله أكبر " ، ومعناه : الله أعظم من كل عظيم، والتكبير : التعظيم (1).

هذا كقولك : " بسمل ، إذا قال : بسم الله الرحمن الرحيم " ، وحوقل ، إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " ، وهكذا.
وفي معناه في الصلاة أو الأذان قولان : الأول: أن معناه الله كبير، والثاني: الله أكبر من كل شيء، أي : أعظم (2).

ثانياً : مفهوم التكبير عند ختم المصحف الشريف عند القراء :

وأما التكبير عند القراء : فهو عبارة عن قول : " الله أكبر " في بداية كل سورة ويسمى التكبير العام ، أو من نهاية سورة : " الضحى " إلى آخر المصحف الشريف، ويسمى التكبير الخاص.
والتكبير عند القراء لا يؤتى به إلا إذا قرأ القارئ القرآن مرتبًا من أوله إلى آخره ، والقراء يبحثون في مفهوم التكبير، وحكمه، وكيفية أدائه ضمن هذه الحالة فقط.

والتكبير عند ختم المصحف الشريف ليس من القرآن باتفاق القراء، وإنما هو ذكر جليل، أثبته الشرع على وجه التمييز بين سور القرآن، كما أثبت الاستعاذة في أول القراءة. ولذلك لم يرسم في جميع المصاحف المكية وغيرها (3)

ثالثاً : مفهوم التكبير عند ختم المصحف عند الفقهاء:
وأما مفهومه عند الفقهاء، فإني لم أجد من الفقهاء المتقدمين مَنْ نصّ على تعريفه، وبيان أحكامه بشكل منفصل ، ومعنى التكبير عند الفقهاء لا يخرج عن المعنى الذي سبق بيانه للقراء في مفهوم التكبير عند ختم المصحف الشريف، على أن الفقهاء يكيفون مفهوم التكبير هذا بناء على تكييف القراء له بما ثبت عندهم رواية.

وعليه : فيقترح الباحث تعريفاً للتكبير عند الفقهاء هو : " ذكر مسنون مخصوص على هيئة مخصوصة، يؤتى به عند ختم المصحف الشريف".
أما القول : بأنه ذكر مخصوص؛ فلأن التكبير يكون على حسب ألفاظ محددة، سيأتي بيانها ، وهي ذكر ، وليست قرآنًا باتفاق العلماء.

أما تقييده بكونه مسنوناً : فلاتفاق العلماء على أنه سنة، ولم يقل أحد منهم بوجوبه.
وأما معنى القول بأنه : على هيئة مخصوصة، فيراد به : أنه يؤتى به على صورة ورد تحديدها من قبل الشرع، وقام بنقلها القراء جيلاً بعد جيل لطائفة مخصوصة من القراءة سيأتي بيانها.

أما القول : بأن التكبير عند ختم المصحف الشريف؛ فإن هذا الذكر إنما يؤتى به عندما يقرأ المسلم ختمة كاملة ، فيكبر في بداية كل سورة ، وهو ما يسمى التكبير العام، أو يكبر من أول أو آخر سورة : " والضحى " إلى أول أو آخر سورة الناس.

رابعاً : حكم التكبير عند ختم المصحف عند القراء والفقهاء:

حكم التكبير عند ختم المصحف عند القراء : مسنون. وقد أشار الحافظ ابن الجزري إلى سنة التكبير عند ختم المصحف الشريف في طيبة النشر بقوله :
وسنّةُ التكبير عند الختم صحَّتْ عن المكِّينَ أهل العلم
في كل حال ولدى الصلاة سُلْسِلَ عن أئمة ثقات
من أول انشراح أو من الضحى من آخرٍ أو أولٍ قد صُحِّحا
للناس هكذا وقبلُ إن تُرِدْ هَلِّلْ وبعضٌ بعدَ لله حَمِدْ
ثم اقرإِ الحمدَ وخمسَ البقره إن شئت حِلاًّ وارتحالاً ذَكَره (4)

وقال ابن الجزري في تقريب النشر : " وهو في الأصل سنة التكبير عند ختم القرآن العظيم عامة في كل حال صلاة أو غيرها، وشاع ذلك عنهم واشتهر واستفاض وتواتر ، وتلقاه الناس عنهم – أي القراء – بالقبول حتى صار العمل عليه في سائر الأمصار ، ولهم في ذلك أحاديث وردت مرفوعة وموقوفة " (5).

وقال محمد مكي نصر : " اعلم أن التكبير سنة عند ختم القرآن " (6).
وقد ورد في التكبير عند ختم المصحف الشريف عن أهل مكة حديث مسلسل (7) ، ورواه بعضهم في جميع سور القرآن، وهو ما رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين بسنده قال : حدثنا أبويحيى محمد بن عبدالله بن محمد بن عبدالله بن يزيد المقري الإمام بمكة في المسجد الحرام ، قال : حدثنا أبوعبدالله محمد بن علي بن زيد الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بزة ، قال : سمعت عكرمة بن سليمان يقول : قرأت على إسماعيل بن عبدالله بن قسطنطين، فلما بلغت، " والضحى " قال لي : " كَبِّر عند خاتمة كل سورة حتى تختم " ، وأخبره عبدالله بن كثير أنه قرأ على مجاهد، فأمره بذلك، وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك، وأخبره ابن عباس أن أبيَّ بن كعب أمره بذلك، وأخبره أبي بن كعب أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمره بذلك ".

قال الحاكم : " هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه " (8).
قال الحافظ ابن الجزري : " لم يرفع أحد حديث التكبير إلا البزي، وسائر الناس روَوْهُ موقوفاً على ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما ".
وروى الإمام الشافعي – رحمه الله – أنه قال : " إن تركت التكبير فقد تركت سنة من سنن نبيك عليه السلام " (9).

وجه الدلالة في الأثر السابق : أن قول الإمام الشافعي : " إن تركت التكبير فقد تركت ..، يدل على أن التكبير مثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا يسعف الأثر القول بالوجوب، فيبقى على الندب.
قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - : " وهذا يقتضي تصحيحه لهذا الحديث " (10).

فتعليق الحافظ ابن كثير على كلام الإمام الشافعي هذا يدل على ميله إلى تصحيح حديث التكبير .
وقال ابن كثير : " فهذه سنة تفرد بها أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدالله البَزِّي من ولد القاسم بن أبي بزة، وكان إمامًا في القراءات.
وحكى الشيخ شهاب الدين أبوشامة في شرح الشاطبية عن الشافعي أنه سمع رجلاً يكبر هذا التكبير في الصلاة ، فقال : أحسنت وأصبت السنة، وهذا يقتضي صحة هذا الحديث " (11).

فقول الإمام الشافعي : " أحسنت وأصبت السنة " يعتبر دليلاً آخر من أدلة تصحيح حديث التكبير ، وأنه مثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم - .
وقد ذكر محمد مكي نصر : أن الحفاظ قد اتفقوا على أن التكبير لم يرفعه أحدٌ إلى النبي صلى الله إلا البَزِّي، فقد روي عنه بأسانيد متعددة، ورواه الحاكم في مستدركه علىالصحيحين عن أبي يحيى محمد بن عبدالله بن زيد الإمام بمكة عن محمد بن علي بن زيد الصائغ عن البزي وقال : هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجه الشيخان، وأما غير البزي فإنما رواه موقوفاً عن ابن عباس – رضي الله عنهما – (12).

من مجموع ما سبق يتبين أن حديث التكبير روي عند المحدثين مرفوعاً عن البزي ، وروي موقوفاً عن ابن عباس، وعن غيره. والبزي : إمام في القراءة ثبت فيها،وذكره ابن حبان في الثقات، فقال مؤذن المسجد الحرام (13) وقال العقيلي : يوصل الأحاديث " (14).
هذا، وإن كان بعص المحدثين قد تكلموا في البَزي (15) ؛ ولكن الأسانيد التي رواها القراء في إثبات التكبير عن البزي، وعن غيره أسانيد معروفة وصحيحة عندهم ، والتكبير مثبت معمول به، وقد نقله القراء جيلاً بعد جيل، ويرويه العلماء، ويتلقاه الطلاب رواية ودراية ومشافهة وأداء.

ولا بد هنا من التفريق بين أسانيد القراء والمحدثين، فقد تكلم بعض المحدثين في بعض أئمة القراءة، غير أن حالهم في الحديث يختلف عن حالهم في القراءة ونقلها، ومن أمثلة ذلك: ما ذكره الذهبي في ترجمة حفص بن سليمان أبوعمر الأسدي، حيث نقل كلام المحدثين فيه فقال : قال البخاري: تركوه، وقال صالح بن جزرة : لا يكتب حديثه، وقال زكريا الساجي : له أحاديث بواطيل ، وقال ابن عدي : عامة أحاديثه غير محفوظة.

مع كل ما سبق من الكلام في حفص من قبل حديثه، فقد وثقه الإمام الذهبي ، وهو من أئمة الحديث، وفرّق بين حاله في الحديث وحاله في القراءة ونقلها مضبوطة، فقال : " أما في القراءة فثقة ثبت ضابط لها، بخلاف حاله في الحديث " (16).

وقد وثق الإمام الذهبي جملة من الأئمة في القراءة مع كونهم قد تُكلم فيهم من جهة حديثهم، وهذا لا يقدح – بحال – في تلقيهم وأدائهم للقرآن الكريم.
كما أن المحدثين أنفسهم يقرون للإمام البزي بالفضل والإمامة في القراءة ، وقد تقدم كلام الحافظ الذهبي في البزي حين قال : " وهو إمام في القراءة ثبت فيها " .

وذكر الإمام ابن الجزري رواية جماعة كثيرين ثقات عن البزي حديث التكبير حتى رفع إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -، وذكر منهم : أحمد بن فرح، وإسحاق الخزاعي، والحسن بن الحباب، وذكر عدداً كبيراً ممن رَوَوْا الحديث عن البزي مرفوعًا (17).

وقد صحّ التكبير عند ختم المصحف الشريف عند القراء، فقد روي عن ابن كثير المكي القارئ المعروف من روايتي البزي وقنبل وغيرهما، وروي عن السوسي عن أبي عمرو، وأما البزي فلم يختلف عنه فيه.
واختلف عن قنبل، فجمهور المغاربة لم يرووه عنه.
ولكن جمهور العراقيين رووه عنه.

وأما السوسي فقطع له به أبوالعلاء في غايته من جميع طرقه، ولم يذكر له فيه خلاف، وقطع له به التجريد من طريق أبي حبش وذلك، من أول : " ألم نشرح " (18).
وقد قال في ذلك الحافظ ابن الجزري : " فاعلم أن التكبير صحّ عند أهل مكة : قرائهم، وعلمائهم، وأئمتهم، ومن روى عنهم، صحة استفاضت، واشتهرت، وذاعت، وانتشرت حتى بلغت التواتر، وقد صار على هذا العمل عند أهل الأمصار في سائر الأقطار عند ختمهم في المحافل، واجتماعهم في المجالس لدى الأماثل، وكثير منهم يقوم به في صلاة رمضان ولا يتركه عند الختم على أي حال كان " (19).

وقال مكي بن أبي طالب : " وروي أن أهل مكة كانوا يكبرون في آخر كل ختمة من خاتمة "والضحى" لكل القراء لابن كثير وغيره ، سنةً نقلوها عن شيوخهم " (20).
وقال الأهوازي : " والتكبير عند أهل مكة في آخر القرآن سنة مأثورة يستعملونه في قراءتهم في الدروس والصلاة " (21).

وقد ثبت التكبير العام أيضاً عن الدينوري، وهو إمام متقن ضابط، قال عنه أبوعمرو الداني: " متقدم في علم القراءات، مشهور بالإتقان، ثقة مأمون " (22).
وخلص ابن الجزري عن التكبير أنه مثبت بدلائل مستفيضة، جاءت من آثار مروية، ورد التوقيف بها عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، وأخبار مشهور مستفيضة، جاءت عن الصحابة والتابعين والخالفين، وقال أبوالفتح فارس بن أحمد: " لا نقول : إنه لا بد لمن ختم أن يفعله ، لكن من فعله فحسن، ومن لم يفعله فلا حرج عليه، وهو سنة مأثورة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وعن الصحابة والتابعين ".

ثم ذكر سنده – رحمه الله - إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – في إثبات التكبير ثم قال : " هذا حديث جليل ، وقع لنا عالياً جداًّ، بيننا وبين البزي فيه من طريق المخلص سبعة رجال ...

ثم قال الداني : وهذا أتم حديث روي في التكبير، وأصح خبر جاء فيه، وأخرجه الحاكم في صحيحه المستدرك عن أبي يحيى بن محمد بن عبدالله ابن يزيد الإمام بمكة عن محمد بن علي بن زيد الصائغ عن البزي ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجه البخاري ولا مسلم " (23).

قال الحافظ أبوالعلاء الهمداني : " لم يرفع أحد التكبير إلا البزي؛ فإن الروايات قد تضافرت عنه برفعه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم _، ورواه الناس ، فوقفوه على ابن عباس ومجاهد"، ثم ساق الروايات برفعه إياها، ومدارها كلها على البزي (24).
خامساً: حكم التكبير عند ختم المصحف الشريف عند الفقهاء (25):
وأما حكم التكبير عند الفقهاء فلم أجد كلاماً للحنفية ولا للمالكية فيه، وأما عند الشافعية فلم أجد كلاماً لهم إلا ما ذكره الحافظ ابن الجزري من أنه قد ثبت التكبير في الصلاة عن أهل مكة : فقهائهم وقرائهم ، وثبت عن الإمام الشافعي، وقال به سفيان بن عيينة، وابن جريج، وابن كثير.

ثم إنه لم يجد نصاًّ في كتب فقهاء الشافعية المطولة، ولا المختصرة مع ثبوته عن إمامهم الإمام الشافعي، وإنما ذكره – استطراداً – أبوالحسن السخاوي، والإمام أبوإسحاق الجعبري، وكلاهما من أئمة الشافعية، والعلامة أبوشامة، وهو من أكبر أصحاب الشافعي، الذي كان يفتي بقولهم في عصرهم بالشام، وهو ممن وصل إلى رتبة الاجتهاد، وحاز وجمع من أنواع العلوم ما لم يجمعه غيره، خصوصاً في علوم الحديث والقراءات والفقه والأصول (26).

وقد ذكر الإمام ابن الجزري : أنه رأى كتاب " الوسيط " تأليف الإمام الكبير شيخ الإسلام أبي الفضل عبدالرحمن بن أحمد الرازي الشافعي – رحمه الله – وفيه ما هو نص علىالتكبير في الصلاة، وقد تتبع كلام الفقهاء من الشافعية، فلم ير لهم نصًّا في غير ما ذُكر ... (27).
وقد تتبع الباحث كتب الفقهاء فلم يجد للحنفية ولا للمالكية (28)، ولا للشافعية – غير ما ذكر من نص ابن الجزري المتقدم
– يبين حكم التكبير عند ختم المصحف الشريف، ولا كيفيته.

أما عند الحنابلة فقد ذكر حكم التكبير عند ختم المصحف الشريف صراحة الشيخ البهوتي بقوله : " ويكبر إذا ختم ندبًا لآخر كل سورة، من سورة الضحى إلى آخر القرآن، فيقول : الله أكبر فقط " (29).
فقوله " ندبًا " : هو تصريح بحكم التكبير عند ختم المصحف الشريف . وذكر الإمام ابن مفلح في الفروع روايتين (30).

الرواية الأولى : استحباب التكبير؛ مطلقًا حيثما ثبت التكبير عند ختم المصحف الشريف عند إمام من أئمة القراءة.
الرواية الثانية : استحباب التكبير لرواية ابن كثير فقط.
والذي يبدو أن الرواية الأولى هي الرواية الأصح؛ لأننا إذا نظرنا إلى ثبوت التكبير عند القراء فنجده مثبتاً عند ابن كثير، وعند غيره من القراء، ومعلوم أن التكبير إنما يعرف من جهة الرواية، وإثباته يكون عن طريقها، فتفضيل رواية مثبتة على رواية أخرى مثبتة غير مقبول عند القراء.

ومن هذا القبيل تفضيل بعض الفقهاء رواية حفص على قراءة حمزة مثلاً وخاصة في موضوع الإمالة في قراءته، فهذا التفضيل لا مدخل له في القراءة، فإن الأحرف السبعة وما تبقى منها إنما أنزل رخصة وتخفيفاً على الأمة، وبأيها قرأ المسلم، فهو مصيب، وليس للرأي والاجتهاد مدخل في القراءة ، هذا هو المذهب المستقر عند القراء، فلا يجوز إثبات قراءة إلا بالنص والرواية المتواترة عن النبي – صلى الله عليه وسلم -.
وقد قال الإمام الشاطبي :
وما لقياس في القراءة مدخَلٌ فدونك ما فيه الرضا متكفِّلا (31).
ثم فرَّع ابن مفلح على المسألة السابقة – وهي الأصل – مسألة أخرى متعلقة ببداية ونهاية التكبير ، وأورد فيه روايتين (32).
الرواية الأولى : أن القارىء يكبر آخر كل سورة، من آخر سورة الضحى، إلى آخر سورة الناس، فيكون آخر تكبير عند نهاية سورة الناس، وهو الصحيح.

ونص عبارة ابن قدامة في المغني : " واستحسن أبوبكر التكبير عند آخر كل سورة من الضحى إلى آخر القرآن؛ لأنه روي عن أبي بن كعب – رضي الله عنه – أنه قرأ على النبي – صلى الله عليه وسلم – فأمره بذلك رواه القاضي في الجامع " (33).

الرواية الثانية : يكبر من أول ألم نشرح، إلى أول الناس، فينتهي التكبير على هذه الرواية عند الانتهاء من سورة الفلق، واختاره المجد ابن تيمية.
وقد رجّح الإمام ابن مفلح الرواية الأولى؛ بناء على أن الخلاف راجع لاختلاف القراء في ذلك، وأن المحققين اختاروا أن يكبر القارئ من آخر سورة الضحى إلى آخر سورة الناس (34).

هذا، وإن ما ذكره ابن مفلح عن الحنابلة في حكم التكبير لا يشير إلىحكم التكبير عند ختم المصحف الشريف صراحة، ولا تلميحاً، وغاية ما في الأمر أنه أورد الروايات الواردة في المذهب في طريقة التكبير ، وقد رأينا أن في المذهب روايتين:
الأولى : استحباب التكبير مطلقاً، والثانية : استحبابه لرواية ابن كثير فحسب.
ثم فَرّعَ ابن مفلح على المسألة السابقة – وهي الأصل _ مسألة يبدو أنها مسألة أدائية تتعلق بالقراء فقط، ولا علاقة للفقهاء بها، وهي بداية التكبير ومنتهاه، هل هو من أول سورة " والضحى" أو آخر سورة " والضحى " .

وهل ينتهي التكبير بأول سورة الناس أو آخرها، وقد أطال البحث فيه.
هذا، ويبدو – والله تعالى أعلم - : أن عدم ذكر التكبير عند ختم المصحف الشريف عند الحنفية والمالكية راجع إلى أمور منها :

أ‌-عدم ثبوت التكبير عند ختم المصحف الشريف عندهم ، أو عدم اشتهاره سيما أن مذهب عامة أهل المغرب هو المذهب المالكي، والقراءة السائدة عندهم قراءة الإمام نافع المدني، وليس من طريقها التكبير عند ختم المصحف الشريف.
ب‌-أنهم تركوا ذكر التفصيلات المتعلقة بالتكبير للقراء، اعتقاداً منهم أن هذا المبحث يتعلق بالقراء لا بالفقهاء.
وأما بالنسبة لكتب الشافعية والحنابلة، فقد ذكرت بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالتكبير عند ختم المصحف الشريف، ولكن بصورة مجملة غير مفصلة، وعذرهم في ذلك أنهم يعتبرون هذا المبحث من مباحث علم القراءات .

ويبدوا أن وجهة نظر الفقهاء قريبة من الواقع، ولكن هذا كان ينبغي أن لا يمنعهم من التفصيل والتفريع الفقهي على الروايات الواردة في التكبير عند ختم المصحف الشريف ، كما فعلوا ذلك في الأحكام المتعلقة بختم المصحف الشريف.

وقد يقال : بأن مسألة التكبير عند ختم المصحف الشريف مسألة تتعلق بالرواية فقط ، ويبحثها القراء لا الفقهاء، فالجواب : أن مسألة التكبير من المسائل المشتركة بين القراء والفقهاء من جهة أن القراء يلقونها رواية، والفقهاء يفرعون عليها الأحكام التي تمكن القارئ من تطبيقها في داخل الصلاة وخارجها.


د. محمد خالد منصور - مجلة الفرقان
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: التكبير عند ختم المصحف الشريف

بارك الله فيك على النقل المفيد حصلت الفائدة ان شاء الله


جزاك الله خيرا
واعتذر منك اخي استخدمت تعديل بدل اقتباس
وبارك الله فيك
 

أحمد النبوي

مراقب الأركان العلمية
مراقب عام
19 يناير 2009
2,950
662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: التكبير عند ختم المصحف الشريف

[frame="7 80"]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المسلم به أن التكبير قد ورد متواتراً مع القرآن الكريم: في بعض الروايات وبعض الطرق، وتواتره هذا يعني علوه عن رواياته الحديثية، وبالتالي فرواية القراء له من باب التخصيص الذي عممته الرواية الحديثية، وبالتالي فلا يصح من أحد بعد استقرار الرواية للتكبير من بعض طرق القرآن الكريم وورواياته أن يعممه أحدٌ على جميع الطرق والروايات، فذلك مخالفٌ للرواية، والله أعلم.
أحسبُ أن المبحثَ يحتاج إلى زياداتٍ في الباب كصيغ التكبيرِ، وتوجيه الخلف بين أهل العلم في بدايته بالضحى أو الشرح، وبيان التكبير العام والخاص وغير ذلك، وقد وجدتُ النص الأصلي للبحث كاملاً، وقد أتممتُ رفعه الآن، ورابطه:
http://www.4shared.com/file/118831389/9cd7e987/Attakbeer.html
[/frame]
 

ابو رؤيم الاثري

مشرف سابق
25 فبراير 2009
1,200
2
0
الجنس
ذكر
رد: التكبير عند ختم المصحف الشريف

جزاك الله خيرا
واعتذر منك اخي استخدمت تعديل بدل اقتباس
وبارك الله فيك
لا تثريب عليك ان شاء الله
كما لا يفوتني شكر الاخ احمد على الزيادة في الفائدة
 

أحمد النبوي

مراقب الأركان العلمية
مراقب عام
19 يناير 2009
2,950
662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: التكبير عند ختم المصحف الشريف

[frame="7 80"]
لا تثريب عليك ان شاء الله
كما لا يفوتني شكر الاخ احمد على الزيادة في الفائدة

السلام عليكم ورحمة الله
جزيت خيراً أبا رؤيم، وأسأل الله لك الزيادة يوم العرض، والشكر مني بعد شكرك لأختنا نور صاحبة الإبداع والتألق في مواضيعها، نفع الله بالجميع، وتقبل منهم.
[/frame]​
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع