- 11 نوفمبر 2005
- 19,977
- 75
- 48
- الجنس
- أنثى
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
قد تكون لنا مشاركات مستقبلية عن تفسير بعض الايات او السور من مختلف الكتب و مختلف المفسرين وقد لا تكون منظمة ولكن متنوعة بعون الله.
اليوم من سورة البروج
{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} له وحده ملك السماوات والأرض، لا يملكها إلا هو عز وجل، فهو يملك السماوات ومن فيها، والأراضين ومن فيها، وما بينهما، وما فيها كل شيء ملك لله ولا يشاركه أحد في ملكه، وما يضاف إلينا من الملك فيقال: مثلًا هذا البيت ملك لفلان، هذه السيارة ملك لفلان فهو ملك قاصر وليس ملكًا حقيقيًا؛ لأنه لو أن إنسان أراد أن يهدم بيته بدون سبب فلا يملك ذلك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلّم - نهى عن إضاعة المال، لو أراد إنسان أن يحرق سيارته بدون سبب فلا يملك هذا. ولو أنه فعل لحجر القاضي عليه بمنعه من التصرف في ماله، مع أن الله منعه قبل، إذن ملكنا قاصر، والملك التام لله، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} أي: مطلع عز وجل على كل شيء، ومن جملته ما يفعله هؤلاء الكفار بالمؤمنين من الإحراق بالنار، وسوف يجازيهم، ولكن مع ذلك ومع فعلهم هذه الفعلة الشنيعة قال: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} قال بعض السلف: انظر إلى حلم الله عز وجل يحرقون أولياءه، ثم يعرض عليهم التوبة يقول: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا}. قال العلماء: {فَتَنُوا} بمعنى أحرقوا كما قال تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [الذاريات: 13، 14]. فهؤلاء أحرقوا المؤمنين وأحرقوا المؤمنات في النار. وقيل: فتنوهم أي صدوهم عن دينهم. والصحيح: أن الآية شاملة للمعنيين جميعًا، لأنه ينبغي أن نعلم أن القرآن الكريم معانيه أوسع من أفهامنا، وأنه مهما بلغنا من الذكاء والفطنة فلن نحيط به علمًا، والقاعدة في علم التفسير أنه إذا كانت الآية تحتمل معنيين لا يتضادان فإنها تحمل عليهما جميعًا، فنقول: هم فتوا المؤمنين بصدهم عن سبيل الله، وفتنوهم بالإحراق أيضًا. {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} أي يرجعوا إلى الله {فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} لأنهم أحرقوا أولياء الله فكان جزاؤهم مثل عملهم جزاء وفاقًا. في هذه الآيات من العبر: أن الله سبحانه وتعالى قد يسلط أعداءه على أوليائه، فلا تستغرب إذا سلط الله عز وجل الكفار على المؤمنين وقتلوهم وحرقوهم، وانتهكوا أعراضهم، لا تستغرب فلله تعالى في هذا حكمة، المصابون من المؤمنين أجرهم عند الله عظيم، وهؤلاء الكفار المعتدون أملى لهم الله سبحانه وتعالى ويستدرجهم من حيث لا يعلمون، والمسلمون الباقون لهم عبرة وعظة فيما حصل لإخوانهم، فمثلًا نحن نسمع ما يحصل من الانتهاكات العظيمة، انتهاك الأعراض، وإتلاف الأموال، وتجويع الصغار والعجائز، نسمع أشياء تبكي، فنقول: سبحان الله ما هذا التسليط الذي سلطه الله على هؤلاء المؤمنين؟ نقول يا أخي لا تستغرب فالله سبحانه وتعالى ضرب لنا أمثالًا فيمن سبق يحرقون المؤمنين بالنار، فهؤلاء الذين سلطوا على إخواننا في بلاد المسلمين هذا رفعة درجات للمصابين، وتكفير السيئات، وهو عبرة للباقين، وهو أيضًا إغراء لهؤلاء الكافرين حتى يتسلطوا فيأخذهم الله عز وجل أخذ عزيز مقتدر. وفي هذه الآيات من العبر: أن هؤلاء الكفار لم يأخذوا على المسلمين بذنب إلا شيئًا واحدًا وهو: أنهم يؤمنون بالله العزيز الحميد، وهذا ليس بذنب، بل هذا هو الحق، ومن أنكره فهو الذي ينكر عليه، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصر المسلمين في كل مكان، وأن يقينا شر أعدائنا، وأن يجعل كيدهم في نحورهم إنه على كل شيء قدير.
تفسير جزء عم للشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله
قد تكون لنا مشاركات مستقبلية عن تفسير بعض الايات او السور من مختلف الكتب و مختلف المفسرين وقد لا تكون منظمة ولكن متنوعة بعون الله.
اليوم من سورة البروج
{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} له وحده ملك السماوات والأرض، لا يملكها إلا هو عز وجل، فهو يملك السماوات ومن فيها، والأراضين ومن فيها، وما بينهما، وما فيها كل شيء ملك لله ولا يشاركه أحد في ملكه، وما يضاف إلينا من الملك فيقال: مثلًا هذا البيت ملك لفلان، هذه السيارة ملك لفلان فهو ملك قاصر وليس ملكًا حقيقيًا؛ لأنه لو أن إنسان أراد أن يهدم بيته بدون سبب فلا يملك ذلك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلّم - نهى عن إضاعة المال، لو أراد إنسان أن يحرق سيارته بدون سبب فلا يملك هذا. ولو أنه فعل لحجر القاضي عليه بمنعه من التصرف في ماله، مع أن الله منعه قبل، إذن ملكنا قاصر، والملك التام لله، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} أي: مطلع عز وجل على كل شيء، ومن جملته ما يفعله هؤلاء الكفار بالمؤمنين من الإحراق بالنار، وسوف يجازيهم، ولكن مع ذلك ومع فعلهم هذه الفعلة الشنيعة قال: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} قال بعض السلف: انظر إلى حلم الله عز وجل يحرقون أولياءه، ثم يعرض عليهم التوبة يقول: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا}. قال العلماء: {فَتَنُوا} بمعنى أحرقوا كما قال تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [الذاريات: 13، 14]. فهؤلاء أحرقوا المؤمنين وأحرقوا المؤمنات في النار. وقيل: فتنوهم أي صدوهم عن دينهم. والصحيح: أن الآية شاملة للمعنيين جميعًا، لأنه ينبغي أن نعلم أن القرآن الكريم معانيه أوسع من أفهامنا، وأنه مهما بلغنا من الذكاء والفطنة فلن نحيط به علمًا، والقاعدة في علم التفسير أنه إذا كانت الآية تحتمل معنيين لا يتضادان فإنها تحمل عليهما جميعًا، فنقول: هم فتوا المؤمنين بصدهم عن سبيل الله، وفتنوهم بالإحراق أيضًا. {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} أي يرجعوا إلى الله {فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} لأنهم أحرقوا أولياء الله فكان جزاؤهم مثل عملهم جزاء وفاقًا. في هذه الآيات من العبر: أن الله سبحانه وتعالى قد يسلط أعداءه على أوليائه، فلا تستغرب إذا سلط الله عز وجل الكفار على المؤمنين وقتلوهم وحرقوهم، وانتهكوا أعراضهم، لا تستغرب فلله تعالى في هذا حكمة، المصابون من المؤمنين أجرهم عند الله عظيم، وهؤلاء الكفار المعتدون أملى لهم الله سبحانه وتعالى ويستدرجهم من حيث لا يعلمون، والمسلمون الباقون لهم عبرة وعظة فيما حصل لإخوانهم، فمثلًا نحن نسمع ما يحصل من الانتهاكات العظيمة، انتهاك الأعراض، وإتلاف الأموال، وتجويع الصغار والعجائز، نسمع أشياء تبكي، فنقول: سبحان الله ما هذا التسليط الذي سلطه الله على هؤلاء المؤمنين؟ نقول يا أخي لا تستغرب فالله سبحانه وتعالى ضرب لنا أمثالًا فيمن سبق يحرقون المؤمنين بالنار، فهؤلاء الذين سلطوا على إخواننا في بلاد المسلمين هذا رفعة درجات للمصابين، وتكفير السيئات، وهو عبرة للباقين، وهو أيضًا إغراء لهؤلاء الكافرين حتى يتسلطوا فيأخذهم الله عز وجل أخذ عزيز مقتدر. وفي هذه الآيات من العبر: أن هؤلاء الكفار لم يأخذوا على المسلمين بذنب إلا شيئًا واحدًا وهو: أنهم يؤمنون بالله العزيز الحميد، وهذا ليس بذنب، بل هذا هو الحق، ومن أنكره فهو الذي ينكر عليه، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصر المسلمين في كل مكان، وأن يقينا شر أعدائنا، وأن يجعل كيدهم في نحورهم إنه على كل شيء قدير.
تفسير جزء عم للشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله