ليس للمقامات علاقة بالحالة النفسية , إلا إذا كانت مصحوبة بالآيات القرآنية , هذا أولا .
ثانيا لابد أن توظف المقامات توظيفا جيدا مع المعاني التي تشتمل عليها هذه الآيات
فالسيكا مثلا لآيات الوعد , و الصبا مثلا لآيات الوعيد , و قس على ذلك .
وهذا التناسق بين معاني الآيات و المقامات , لا يعرف صياغته و الربط بينه إلا أصحاب الخبرة والإختصاص , و أعني بذلك القراء الفطاحل الأكارم أصحاب الفضيلة , فالشيخ مصطفى إسماعيل مثلا و غيره من القراء القدامى رحمهم الله تعالى كانوا بارعين في مثل هذه الأمور الدقيقة الحساسة , التي هي ناتجة عن الموهبة أولا , و عن الإكتساب بالدربة و المتابرة ثانيا .
و لهذا وفي اعتقادي أن للمقامات علاقة كبيرة و تأثير عميق على الحالات النفسية ولكن ذلك كله ناتج عن هذه الحيثياث التي ذكرت و إلا فإن المقامات بلا كلام يشتمل على معان جليلة و عظيمة , لا تأثر إطلاقا على الحالة النفسية الهابطة بل إنها لا تساوي شيئا في اعتقادي و نظري ,لأن المسلم المؤمن العاقل الذي رضي بالله ربا , و بالإسلام دينا , لابد له من الإعتقاد الجازم , أن التأثير كل التأثير , يشتمل على المعاني العظيمة و الجليلة , التي جاءتنا عن رب العالمين مسطرة في كتابه المبين , القرآن الحكيم , الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم عليم , قال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فماله من هاد }
و قال أيضا «و ننزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لا يزيد الظالمين إلا خسارا».