- 3 أكتوبر 2008
- 626
- 1
- 0
- الجنس
- ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم
فهذا بين أيديكم موضوع على الوقف والابتداء لفضيلة الشيخ المقرئ العلامة وليد المصباحي حفظه الله
نريد آرائكم ونقدكم وتساؤلاتكم وإشكالاتكم ..
يقول حفظه الله :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلقه نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد
فهذه مسالة من المسائل المتعلقة بالوقف والابتداء أشكلت علي ,وربما هي عند غيري لاإشكال فيها إن لم تكن أوضح من عين الشمس ,فقمت بتحرير مواضع الإشكال ,ولايهمني قول من قال :من سبقك إلى ذلك ؟!!,فإن السبق لايهم إذا كانت القضية الجزئية مؤصلة ومقعدة على القواعد العلمية التي سبقنا إليها وإن من صفات العلم التوليد لا التراكم فحسب .
والمسألة هي :
أنه لايوجد وقف حسن (حسب اصطلاح أهل التجويد) على رؤوس الآي.
وإنما يكون الوقف على رؤوس الآي إما كاف وإما تام ,وسألخص الأدلة فيما ما ذهبت إليه -باختصار-:
أولا:كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقطع قراءته آية آية فالوقف على رؤوس الآي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
ووجه الاستدلال:أن سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لايمكن أن تكون على خلاف ما يقتضيه القياس والتعليل ,وبيان ذلك أنهم قالوا:الوقف الحسن هو ان يقف القارئ على معنى يحسن الوقو ف عليه لكن ما بعده متعلق بما قبله تعلقا من حيث المعنى ومن حيث اللفظ أي الإعراب,فهنا يصح الوقف عليه لكن لايبتدئ بما بعده بل يصل ما قبله بما بعده ويكون الابتداء من موضع يحسن الابتداء به*
مثال ذلك :وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات -هنا وقف حسن-لكن لايجوز أن تبتدئ تجري من تحتها الأنهار*
وإنما تعيد القراءة من :أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار .
وذلك :أن (تجري)في موضع نعت لجنات ,والقاعدة أنه لايفصل بين النعت والمنعوت,والجار والمجرور في لهم متعلق باسم إن أو خبرها .
وهذا لا إشكال فيه .
ولكنهم يقولون :الوقف على العالمين في (الحمد لله رب العالمين)حسن ,ولكن يجوز الابتداء بما بعده ,وعللوا للوقف الحسن بأن ما بعدها متعلق لفظا ومعنى بما قبلها لكن كونها رأس آية يسوغ الوقف عليها والابتداء بما بعدها ,وهذا تناقض واضطراب ,لأنه كيف يصح ذلك ويعزى ذلك إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود خلل في المعنى إن ابتدأنا ب( الرحمن الرحيم )!!!.وهذا لايستقيم إلا على قول من يقول :إن الله قد يأمر بالقبيح عقلا ولابد أن يكون حسنا شرعا ,أو قد يأمر بالحسن عقلا وهو قبيح شرعا مثل أن يدخل الكافر الجنة والموحد النار .وكلاهما قبيح في العقل إلا أنه حسن في الشرع كما هو مذهب الأشاعرة
كما جاء في المنظومة :
له عقاب من أطاعه كما يثيب من عصا ويولي نعما
كذا له أن يؤلم الأطفالا ووصفه بالظالم استحالا .
ثانيا:
أن عد الآي توقيفي وأمر خاضع للقراءات فالتخليط فيه تخليط في القراءات ,فهنا يحتاج الأمر الى تحرير .
وبيان ذلك :
لو قرأت لحفص (قالوا معذرة الى ربكم)فإن حفصا يقرأ معذرة بتنوين النصب ,والآخرون يقرؤونها بالرفع ,وقراءة حفص محمولة على وجه إعرابي وهو ان معذرة منصوبة على المصدرية ومعذرة بالرفع المنون على الخبرية يعني هذه معذرة بالرفع .
فهل يصح ان أقرأ لحفص بالرفع ؟
الجواب لا ,لأن الكلمة القرآنية محمولة على كونها منصوية على المصدرية عند حفص ,فيصبح هنا تلفيق بين ما اختاره حفص وبين توجيه صحيح ولكنه توجيه لم يحمل حفص عليه هذه الكلمة .
وكذلك :لو قرأت لم يلد -آية عند الشامي والكوفي-ولم يولد -آية-.
فهنا عدها الشامي آية وكذا المكي لأن الواو استنافية في الآية التي تليها فيصبح الوقف هنا كافيا ,لكن عند حفص وغيره الواو عاطفة فلا يبتدئ بها ولا يقف عند (لم يلد) على أنها رأس آية لأن الواو عاطفة إلا على أساس ان الوقف حسن فيرجع اليها ويصلها بما بعدها .فلو كان الوقف على (لم يلد) عند ابن كثير والشامي حسنا لما ساغ أن تكون رأس آية أصلا ,ولكان ذلك تلفيقا ,لأنه لايمكن أن يكون إعراب حفص للآية كإعراب ابن كثير والشامي .
مثال آخر :
من شر الوسواس -آية عند المكي والشامي- الخناس -آية عندالجميع .
فيكون إعراب حفص على ان الخناس نعت للوسواس ,ويكون إعراب الشامي والمكي على تقدير محذوف (وأعوذ من شر الخناس )فالواو استئنافية ويكون الوقف على (الوسواس) ,كاف .
و(الحمد لله رب العالمين )الوقف كافي (الرحمن الرحيم )على تقدير أثني على الرحمن الرحيم ,ويؤيده حديث (فإذا قرأ الرحمن الرحيم قال الله تعالى أثنى علي عبدي).
ولذا فإن لراس الآية أسرارا لا يكتشفه إلا من تضلع في علم الإعراب .
والقول بأنه وقف حسن تقليدا لكثير من المعربين تسطيح ,فالقرآن معجز حتى في فواصله فليتنبه لهذا ولا يتغافل عنه.
وما من رأس آية يتوهم أن الوقف عنده حسن إلا ولنا جواب إعرابي على ما بعدها وهو نفي التعلق اللفظي دون التعلق المعنوي .
مثال ذلك (كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون -آية عند الكوفيين والشامي والمدني الثاني- في الدنيا والآخرة*
فيكون إعرابها هكذا ,لعلكم تتفكرون فيما سبق من آيات من قوله ويسئلونك ماذا ينفقون ,وتفكروا أيضا افي الدنيا والآخرة ,كمن يقول لك :من معك؟
فتقول :معي زيد -ثم تقف وتقول وعمرو .يعني ومعي أيضا عمرو .لكنك لو قلت :معي زيد وعمرو فالواو عاطفة بخلاف الأولى فهي على الاستئناف والجملة بيانية .
هذا والله تعالى أعلم ,ومن كان لديه إشكال أو رد فليتفضل مشكورا .والله الموفق للصواب.