إعلانات المنتدى


ثرثرتي ذات مساء...

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

دليلة بونحوش

مشرفة سابقة
26 يونيو 2015
111
164
43
الجنس
أنثى
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
علم البلد
ثرثرتي ذات مساء....

حينما تملّكني البرد اضطررت آسفة أن أكسر بعض أغصان السّنديان، كسرتها و أنا أستمع لصوت بكائها آن انفصالها عن فرعها ثم وجدتها تقاوم بلحائها بقشرتها بخضارها الأحوى... تقاوم قبضة يدي و إصراري على فطمها عن الحياة لأجل أن أدثّر كوخي ببعضها . و بعد شدّ و إرخاء استسلمت لتسقط صريعة في حزمة من حطب، سقطت مخضّبة ببعض النسغ غارقة في طيب رائحة كانت حنوطها المقدّس الذي به تغادر الدنيا إلى أثفية و أخرى و أخرى و بعض من رماد.
دخلتُ بيتي و ما هو إلّا غرفة واحدة بأحد جدرانها كوّة تحمل النّفيس من أشيائي إلى الأسفل منها على جهة اليمين ذلك الكانون الساحر السّاهر يعلوه رفّ المدخنة يحمل قنديل الغاز و مسلّة و علبة ثقاب... اقتربت من الكانون و قد شدّ النّهارُ رحاله و نثرت السماء رمادها في كل مكان و أبت أن توقد البدر جذوة في ليلته الرابعة عشرة...
أخذت بعض عيدان السّنديان و وضعتها في الكانون و دسست بقلبها خيوط حلفاء و سكبت عليها من القنديل بعض الغاز ثم أشعلت عود كبريت و رميته إليها ليلبسها فساتين فناء من نار... و راح اللّهب يقهقه و العيدان تتطاير أرواحها نجوما تحت تلك المدخنة...
أخذت غلاية القهوة و سكبت فيها بعض الماء من جرّتي و وضعتها على النّار... طبعا ليس بقلبها و لكن على حافّتها و قمت إلى القنديل أوقد فتيله و عرّجت على الباب أقفلته و من الكوّة أخذت بعض الكسرة و عدت إلى مكاني قرب النار و ليل امرئ القيس استمرّ في ارخاء سدوله و لكن لا على أكتاف بيداء بل على راحة مرج بين سفوح و تلال...
غلى الماء فأضفت البن لغلاّيتي و جلست اتنفس عشق قهوتي و بعض الدخان فأستمطر سماء الأمنيات بجلسة مع الخلّان ذات شتاء أو صيف أو ربيع أو خريف... فقط فلتتزحزح يومياتي من صورتي في عيون النهر و ظلّي في طريق الجب و نعاسي إلى جذع شجر و سلامي مع حفيف السنديان....
سلاااااااااااااااااام...........
 
  • أعجبني
التفاعلات: 2 أشخاص

محمد أمسا

مشرف سابق
17 فبراير 2011
1,920
321
83
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
توفيق الصائغ
علم البلد
رد: ثرثرتي ذات مساء...

رائع جزاك الله خيرا
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,646
1
5,529
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رد: ثرثرتي ذات مساء...

رائع وجميل ما تكتبينه أختنا
بارك الله فيك أختنا

 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

أحمد النبوي

مراقب الأركان العلمية
مراقب عام
19 يناير 2009
2,950
662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: ثرثرتي ذات مساء...

حول الأثافي تدور رحىً تغذيها شرارات نار أشعلتِها من أعواد السنديان العتيق.. رحى تطنطن بأشعار الزمن القديم حينما كانت المجالس تجمع الأحبة..
اندثرت تلك المجالس وغدت طي الذاكرة صورة نجهد لاسترجاعها.. وتلح علينا أحيانا أن نعيد رسم المجلس ولو ببعض من حضروه يومًا.. فإذا هم بين زائر تحت أطباق الثرى.. ومسافر في آفاق القرى..
ألا سقيا لأيام ومجالس جمعتنا بالأحبة..
وسقيا لمن يحن إليها وحولها يدندن..
 
  • أعجبني
التفاعلات: 3 أشخاص

دليلة بونحوش

مشرفة سابقة
26 يونيو 2015
111
164
43
الجنس
أنثى
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
علم البلد
رد: ثرثرتي ذات مساء...

حول الأثافي تدور رحىً تغذيها شرارات نار أشعلتِها من أعواد السنديان العتيق.. رحى تطنطن بأشعار الزمن القديم حينما كانت المجالس تجمع الأحبة..
اندثرت تلك المجالس وغدت طي الذاكرة صورة نجهد لاسترجاعها.. وتلح علينا أحيانا أن نعيد رسم المجلس ولو ببعض من حضروه يومًا.. فإذا هم بين زائر تحت أطباق الثرى.. ومسافر في آفاق القرى..
ألا سقيا لأيام ومجالس جمعتنا بالأحبة..
وسقيا لمن يحن إليها وحولها يدندن..

أستاذنا القدير...
نعم قد أفلت خيالات الكثيرين ممّن كانو يهبون عرش الكانون عزّته و سحره، طُويت عليهم دار الفناء و ما بقي منهم سوى كثير من ضجيج الحنين الذي يُلبسنا عباءة أخلاقهم و طيبة قلوبهم... فسلام على حنين يشعرني في عالم مجنون أنّني من طين خُلقت إنسانا... و قد ضيّعوا الإنسان...
الأستاذ القدير "أحمد النبوي" شكرا لحضوركم السخيّ و إضافاتكم الرائعة...
و سلام عليكم
 
  • أعجبني
التفاعلات: 3 أشخاص

ثريا نبوي

عضو شرف
عضو شرف
24 سبتمبر 2014
198
318
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: ثرثرتي ذات مساء...

((كسرتها و أنا أستمع لصوت بكائها آن انفصالها عن فرعها ثم وجدتها تقاوم بلحائها بقشرتها بخضارها الأحوى... تقاوم قبضة يدي و إصراري على فطمها عن الحياة لأجل أن أدثّر كوخي ببعضها . و بعد شدّ و إرخاء استسلمت لتسقط صريعة في حزمة من حطب، سقطت مخضّبة ببعض النسغ غارقة في طيب رائحة كانت حنوطها المقدّس الذي به تغادر الدنيا إلى أثفية و أخرى و أخرى و بعض من رماد.))

(( اقتربت من الكانون و قد شدّ النّهارُ رحاله و نثرت السماء رمادها في كل مكان و أبت أن توقد البدر جذوة في ليلته الرابعة عشرة...
أخذت بعض عيدان السّنديان و وضعتها في الكانون و دسست بقلبها خيوط حلفاء و سكبت عليها من القنديل بعض الغاز ثم أشعلت عود كبريت و رميته إليها ليلبسها فساتين فناء من نار... و راح اللّهب يقهقه و العيدان تتطاير أرواحها نجوما تحت تلك المدخنة...))
***
أديبتَنا المُبدعةَ بلا حدودٍ تقِفُ إبداعاتُها عندها؛ وقد سَكَبَتْ مِن طِيبِ روحِها وإنسانيّتِها بين السطور
ما جعلها تضوعُ شذًا "أُوراسيًّا" شديدَ الخصوصيةِ لا يعبأُ بالمَدى؛ وإنما:
يُحيلُهُ قِنِّينةَ عِطرٍ تُدَثِّرُ الرياحَ أنفاسُها؛ أينما قرَّرَتِ الهبوب.
وآنَ تُمسي النارُ بقلمِكِ الوهَّاجِ النَّسَّاجِ: فساتينَ مِن فناء؛
فتِلكَ لَعَمري شاعريةٌ تتقزَّمُ أمامها قصائدُ الوفاء!
 
التعديل الأخير:
  • أعجبني
التفاعلات: 2 أشخاص

دليلة بونحوش

مشرفة سابقة
26 يونيو 2015
111
164
43
الجنس
أنثى
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
علم البلد
رد: ثرثرتي ذات مساء...

((كسرتها و أنا أستمع لصوت بكائها آن انفصالها عن فرعها ثم وجدتها تقاوم بلحائها بقشرتها بخضارها الأحوى... تقاوم قبضة يدي و إصراري على فطمها عن الحياة لأجل أن أدثّر كوخي ببعضها . و بعد شدّ و إرخاء استسلمت لتسقط صريعة في حزمة من حطب، سقطت مخضّبة ببعض النسغ غارقة في طيب رائحة كانت حنوطها المقدّس الذي به تغادر الدنيا إلى أثفية و أخرى و أخرى و بعض من رماد.))

(( اقتربت من الكانون و قد شدّ النّهارُ رحاله و نثرت السماء رمادها في كل مكان و أبت أن توقد البدر جذوة في ليلته الرابعة عشرة...
أخذت بعض عيدان السّنديان و وضعتها في الكانون و دسست بقلبها خيوط حلفاء و سكبت عليها من القنديل بعض الغاز ثم أشعلت عود كبريت و رميته إليها ليلبسها فساتين فناء من نار... و راح اللّهب يقهقه و العيدان تتطاير أرواحها نجوما تحت تلك المدخنة...))
***
أديبتَنا المُبدعةَ بلا حدودٍ تقِفُ إبداعاتُها عندها؛ وقد سَكَبَتْ مِن طِيبِ روحِها وإنسانيّتِها بين السطور
ما جعلها تضوعُ شذًا "أُوراسيًّا" شديدَ الخصوصيةِ لا يعبأُ بالمَدى؛ وإنما:
يُحيلُهُ قِنِّينةَ عِطرٍ تُدَثِّرُ الرياحَ أنفاسُها؛ أينما قرَّرَتِ الهبوب.
وآنَ تُمسي النارُ بقلمِكِ الوهَّاجِ النَّسَّاجِ: فساتينَ مِن فناء؛
فتِلكَ لَعَمري شاعريةٌ تتقزَّمُ أمامها قصائدُ الوفاء!
الشاعرة القديرة... الأستاذة الغالية /ثريا نبوي...
سلِم قلب أبصر ما أبصر فأفصح اليراع و قرّر... بما كان في الكلمات من قيمة و أكثر...
شكرا لك ملكة القوافي في بلاد النيل و غيرها، شكرا على حضور أرقّ من النّسيم و أحلى من الورد...
عظيم التحايا و فائق التقدير...
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع