إعلانات المنتدى

مسابقة مزامير القرآنية 1445هـ

حكم بيع المصحف لمسلم

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,644
1
5,529
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
حكم بيع المصحف لمسلم

المستحب في المصحف أن يتم تبادله مجانًا، تعظيمًا لكلام الله ونشرًا للعلم، لكن إن رغب مالكه في بيعه لمسلم فهل يجوز ذلك أو يجب بذله مجانًا؟ محل خلاف بين العلماء.

اختيار ابن تيمية:
اختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - جواز بيعه مع الكراهة، خلافًا للمشهور من مذهب الحنابلة [1].

تحرير محل النزاع:
أ- استحباب بذل المصحف مجانًا محل اتفاق من العلماء المختلفين في أصل المسألة، كما يفهم من استقراء كلامهم، وليس هذا محل البحث.

ب- ومحل البحث في لزوم بذله مجانًا وهل يجوز بيعه أو لا؟

أقوال العلماء في المسألة:
القول الأول:
لا يجوز بيعه، وهذا مشهور مذهب الحنابلة[2] ونسب لابن القيم[3] وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين كما سيأتي في الاستدلال.

القول الثاني:
يجوز مطلقًا للمسلم بلا كراهة.

وهذا مذهب الحنفية [4]، والمالكية [5]، والظاهرية [6]، وهو قول ثانٍ عند الشافعية خلاف المشهور [7]. وهو قول بعض التابعين [8].

القول الثالث:
يجوز مع الكراهة.

وهذا مذهب الشافعية [9]، ورواية عند الحنابلة [10]، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية.

أدلة القول الأول:
وهم القائلون بالمنع من بيعه:
1- استدلوا من الأثر بما ورد عن ابن عمر أنه قال: "لوددت أن الأيدي قطعت في بيع المصاحف" أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي [11]، والشاهد أن القطع لا يكون إلا على فعل محرم، وهذا قول صحابي ولم يعرف له مخالف.

ونوقِش: أنه قول صحابي، فلا يعارض به ظاهر القرآن.

وأُجيب: أنه قد وافقه عليه غير واحد من الصحابة،ويشهد لهم نص آخر[12].

2- أن تعظيم المصحف واجب، وفي بيعه إهانة وابتذال فيحرم [13].

ونوقش:
لا يسلّم أنه ابتذال له، وإنما يصح ذلك إذا قصد بيع العلم، أو تمحض قصد التجارة فيه.

أدلة القول الثاني:
وهم القائلون بالجواز بلا كراهة:
1- عموم أدلة إباحة البيع كقوله تعالى: ﴿
وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [14].

وهذا لفظ عام ولا يخرج عن عمومه إلا بدليل مخصص [15].

2- قوله تعالى: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾ [16].

ولو كان محرمًا لبينه الله عز وجل نظرًا لعموم البلوى بذلك، فالناس لا يستغنون عن تملك المصحف [17].

3- واستدلوا من الأثر أن ابن مصبح كان يكتب المصاحف في زمان عثمان ويبيعها ولم ينكر عليه ذلك [18].

ونوقش:
أ- أنه أثر موضوع كما قال ابن حزم [19].

ب- أنه ليس في الأثر أن عثمان علم بذلك ولا أحد من الصحابة [20].

4- ما روي أن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ومروان بن الحكم سئلا عن بيع المصاحف للتجارة فيها فقالا: لا نرى أن نجعله متجرًا، ولكن ما عملت بيديك فلا بأس به.أخرجه البيهقي [21].

ونوقش:
أ- أن في سنده رجلين ضعيفين فلا يحتج به، وبهذا ضعفه ابن حزم [22].

ب- ولو صح فهو معارض بما ورد عن الصحابة من المنع من بيع المصاحف.

5- أن الذي يباع إنما هو الجلد والمداد والقرطاس والحلي - إن كانت محلاة - وهذا جائز، كما لو بيعت مفردة، أما العلم فلا يباع [23].

6- أن المصحف طاهر منتفع به، فجاز بيعه كسائر الأموال [24].

أدلة القول الثالث:
وهم القائلون بالجواز مع الكراهة:
1- ما ورد عن ابن عمر أنه كان يمر بأصحاب المصاحف فيقول: بئس التجارة" أخرجه عبدالرزاق البيهقي [25].

2- ما ورد عن عبدالله بن شقيق الأنصاري قال: "كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكرهون بيع المصاحف" أخرجه البيهقي [26] وصححه النووي [27].

3- ما ورد عن ابن مسعود "أنه كره شراء المصاحف وبيعها" أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي [28]، وصححه النووي [29].

والكراهة في هذه الآثار تنزيهية؛ لأن مقصودهم تعظيم المصحف عن الابتذال.

ونوقش:
أ- أنها أقول صحابة عورض بها ظاهر القرآن، فلا يحتج بها.

ب- يمكن حمل الكراهة على معنى صحيح، وهو ما إذا جعل ذلك مهنته لا يبيع غيرها، أو قصد بيع العلم.

الترجيح:
والراجح - والله أعلم - هو القول الثالث:
1- لقوة أدلته وظهورها.

2- موافقته لظاهر القرآن.

3- جمعه بين الأدلة وتوليفه بينها.

4- تحقيقه لمقصد تعظيم القرآن واحترامه.

5- زيادة الحاجة لطباعة القرآن في هذا العصر لكثرة الناس وانتشارهم مع كثرة تكاليف الطباعة وارتفاعها [30]. والله أعلم.


 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع