إعلانات المنتدى

مسابقة مزامير القرآنية 1445هـ

البيت السعيد..نعمة

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

بناجح عبدالهادي

مزمار ألماسي
22 فبراير 2006
1,321
2
0
إخواني كلنا يبحث ويريد البيت المسلم السعيد؛ البيت الذي فيه المأوى الكريم، والراحة النفسية، البيت الذي ينشأ في جنباته جيل صالح فريد: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ))(الروم:21) فيا ترى هذا البيت السعيد ما هي سماته وما هي صفاته.

إخواني: البيت نعمة لا يعرف قيمته وفضله إلا من فقده، وعاش في ظلمات سجن، أو في غربة، أوفي فلاة؛ قال تعالى: (( والله جعل لكم من بيوتكم سكناً)) فالبيت نعمة من نعم الله على عباده؛ يجد المسلم راحته وهدوء باله، وفيه السكن والراحة والمودة في خضم مشاكل الحياة.

إنّ طريق الفوز والنجاة في الدنيا والآخرة لا يبدأ إلا بِصلاح البيوت وتربيتها على الإيمان والقرآن والذكر، أما الخسارة فستكون فادحة وعظيمة يوم يخسر الإنسان أهله ويُضّيع من يعول: ((قل إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ))(الزمر: 15).

إن العلاقة الزوجية ليست علاقة دنيوية مادية؛ ولا شهوانية بهيمية؛ فهي أسمى وأعلى من ذلك، إذ هي علاقة روحية كريمة، إذا ترعرعت ونمت امتدت إلى الحياة الآخرة بعد الممات ((جنات عدنٍ يدخلونها ومن صلح من أباءهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب))(الرعد: 23 ).

البيت السعيد أمانة يحملها الزوجان، وبهما تنطلق مسيرة هذا البيت، فإذا استقاما على منهج الله قولاً وعملاً، وتزيناً بزينة النفوس ظاهراً وباطناً، وتجملا بحسن الخلق والسيرة الطبية؛ أصبح هذا البيت مأوى النور، وإشعاع الفضيلة، وأصبح منطلقاً لبناء جيل صالح، وصناعة مجتمع كريم، وأمه عظيمة، وحضارة راقية؛ يبدأ من صلاح الزوجين، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.

إن البيت السعيد هو البيت الذي جعل منهجه الإسلام قولاً وعملاً، البيت السعيد هو حصانة للفطرة من الانحراف كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كُلُّ مَوْلود يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، وَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانَهُ أَوْ يُنَصِّرَانَهُ أَوْ يُمَجِّسَانَهُ، كَمَا تَنْتُجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ )) متفق عليه، قال ابن القيم: "وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صِغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً".

ما أجمل أن يجمع الأب أبناءه فيقرأ عليهم القرآن، ويسمع ويسرد عليهم من قصص الأنبياء والصحابة، ويغرس فيهم الأخلاق العالية، وإن أهم رسالة للبيت المسلم هي تربية الأولاد التربية الصحيحة لا غبش فيها ولا تشوه، ولا تربية إلا بتحقيق القدوة الحسنة في الوالدين، القدوة في العبادات والأخلاق، القدوة في الأقوال والأعمال، القدوة في المخبر والمظهر، فيأمر الأب أولاده بالصلاة وهو أول المصلين، ويأمرهم بالأخلاق وهو أعلاهم خُلقاً، ويحثهم على الصدق وهو أصدقهم، مشى طائر الطاووس يوماً باختيال فقلّده بمشيته بنوه؛ فقال: علام تختالون!! فقالوا: بدأت به، ونحن مقلدوه.

وينشأ ناشئ الفتيان منا *** على ما كان عوده أبوه

فالأولاد مفطورون على حب التقليد، وأول ما يقلد الطفل أباه وأمه، لكن عندما انشغل الآباء عن تربية أبناءهم، والقيام بالقوامة على نساءهم، والحفاظ على أبناءهم من قرناء السوء، والضياع والدمار؛ عند ذلك تحطّمت الأسر والبيوت، وضاع جيل بعد جيل: فليتق الله كل الآباء.

إن من صفات البيت السعيد أنه يرد الأمور عند الخلاف إلى الله - تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولسان حالهم: ((فإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ))(النساء: 59)، وقال تعالى: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ))( الأحزاب: 36 ).

البيت السعيد سعادته وأنسه ولذته في ذكر الله؛ ففي الحديث الصحيح عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت))، وفي الصحيح أيضاً قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبوراً )، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة )، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ( عليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة )، في هذه الأحاديث وغيرها دليل على مشروعية إحياء البيوت وتنويرها بالتسبيح والتهليل والتكبير، وقراءة القرآن وصلاة النافلة، وإذا خلت البيوت من الصلاة ومن الذكر كانت قبوراً موحشة ولو كانت قصوراً، فبدون الذكر تغدو البيوت مكاناً للشياطين، سكانها موتى القلوب وإن كانوا أحياء ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ))(طه: 124)، وقال - عز وجل -: ((ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قريناً ))( الزخرف: 36).

البيت السعيد هو البيت البعيد عن المشاجرات والمهاترات، وضرب الوجه والإهانة والإذلال؛ سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طَعِمْتَ، وتكسوها إذا اكتسيت - أو اكسبت -، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت ))( رواه أبو داوود برقم 2142، وقال الألباني: حسن صحيح)، قال تعالى: ((وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ))( النساء: 19).

البيت السعيد ليس شرطاً أن يكون قصراً، وليس شرطاً أن يمتلأ بالأموال والمأكولات والمشروبات، ولكن يكفيه الكفاف والرضا بالمقسوم؛ شعاره قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه؛ فكأنما حيزت له الدنيا )( رواه الترمذي برقم 2346، وقال الألباني: حسن)، وجاء العباس عمّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله - عز وجل -!! قال: سل الله العافية، فمكثت أياماً ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله!! فقال لي: يا عباس يا عم رسول الله؛ سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة)( رواه الترمذي برقم 3514، وقال الألباني صحيح)، ويرحم الله هارون الرشيد الذي ملك الدنيا وكان أميراً للمؤمنين؛ جلس ذات يوم فعطش فطلب الماء، فلما أحضر الكأس قال له قاضي القضاه: يا أمير المؤمنين لو أنك مُنعت هذه الشربة ماذا ستفعل!! قال: سأدفع نصف ملكي، فأعطاه فشرب ثم قال له: يا أمير المؤمنين لو مُنعت هذه الشربة من الخروج ماذا ستفعل: قال سأدفع نصف ملكي!! قال قاضي القضاة: "تباً لملك لا يساوي شربة ماء إدخالها وإخراجها"، وكان على - رضي الله عنه - عند الحاجة يقول في نفسه: "يا لها من نعمة منسية، قليل شاكرها"، فيا عبد الله: سل الله العافية في الدنيا والآخرة، لك ولأهلك ولأحبابك.

البيت السعيد يتعاون أفراده على الطاعة والعبادة، فضعف إيمان الزوج تقويه الزوجة، واعوجاج سلوك الزوجة يقوّيه الزوج، تكامل وقوة، ونصيحة وتناصح؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته؛ فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها؛ فإن أبى نضحت في وجهه الماء)(أخرجه أبو داوود برقم 1308، وقال الألباني حسن صحيح)، وعن أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا استيقظ الرجل من الليل؛ وأيقظ امرأته؛ فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات)(رواه أبو داوود والنسائي وابن ماجه واللفظ له وهو عنده برقم: 1335، وقال الألباني صحيح).

البيت السعيد يؤسس على علم وعمل؛ بيت تُقام فيه حِلق الذكر والعلم، فيتعلم الجميع آداب الطهارة، وأحكام الصلاة، وآداب الاستئذان، والحلال والحرام، البيت السعيد أساسه قائم على الحياء فهو يزرع في قلوب أبنائه وبناته الحياء والحشمة، فلا يليق بالبيت المسلم أن يخدش حياءه، ويهتك سترة بالأفلام الخليعة، والمسلسلات الخبيثة، والمجلات الفاسدة قال تعالى: (( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خيراً أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم )).

البيت السعيد أسراره محفوظة، وخلافاته مستورة، لا تُفشى لا من قبل الزوج ولا من قبل الزوجة قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضى إليه ثم ينشر سرها)( رواه مسلم برقم 1437)، وفي ظل هذه المعاني يقوم البيت المسلم السعيد عامراً بالصلاة والقرآن، تُظلله المحبة والوئام، وتنشأ الذرية الصالحة فتكون قُرة عين للوالدين، ومصدر خير لهما في الدنيا والآخرة قال تعالى: (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ))(سورة النحل: 97).

البيت السعيد بسيط في كل جوانبه مادية ومعنوية، بعيد عن الإسراف في المأكل والمشرب قال تعالى: (( وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ))(سورة الأعراف:31).

البيت السعيد هو البيت الطاهر النظيف؛ ظاهراً وباطناً، فيه أناس يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين، البيت السعيد يقوم على قواعد ثابته من السكينة والهدوء، والمودة والرحمة، وهو بعيد عن الضوضاء ورفع الأصوات؛ هذا البيت شعاره: " وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ))( سورة لقمان: 19).
° منقول..منقول °
 

الداعية

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
11 نوفمبر 2005
19,977
75
48
الجنس
أنثى
بسم الله الرحمن الرحيم
احسن الله اليك اخي الكريم بناجح على هذا الموضوع المهم في حياة كل واحد منا فالبيت السعيد لايعرف الا باتباع ما امر الله وانتهاء عما نهى الله عنه وبالمحبة المودة ووحسن الحوار
ولين الجانب بين كل فرد من افراد الاسرة لا حرمكم الله الفردوس الاعلى من الجنة وبارك الله بكم
 

إيهاب سرور

مزمار فعّال
30 أبريل 2006
233
11
18
الجنس
ذكر
الله أكبر ماشاء الله لا قوة إلا بالله موضوع غاية فى الأهمية
نسأل الله سبحانه أن يرزقنا مثل هذا البيت البيت السعيد
 

فالح الخزاعي

مدير عام سابق وعضو شرف
عضو شرف
27 أغسطس 2005
11,537
84
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
جزاك الله خيرا وبارك فيك أخي الكريم ورزقنا الله مثل هذه البيوت السعيدة

أسعدنا الله وإياك في الدنيا والآخرة
 

الطيّبة

مزمار داوُدي
7 مارس 2006
5,489
17
0
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
بارك الله بك أخي الكريم
وجزاك الله خيراً
 

غريب

مزمار جديد
9 مايو 2006
23
0
0
بارك الله فيك أخي عبد الهادي وجعل بيوتنا سعيدة على الدوام.
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع