- 28 مايو 2007
- 5,869
- 35
- 0
- الجنس
- ذكر
عناية المملكة العربية السعودية
بطبع القرآن الكريم وتسجيل تلاوته
وترجمة معانيه ونشره
إعداد
أ.د محمد سالم بن شديد العوفي
الأمين العام
لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
بطبع القرآن الكريم وتسجيل تلاوته
وترجمة معانيه ونشره
إعداد
أ.د محمد سالم بن شديد العوفي
الأمين العام
لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
(بسم الل)
تمهيد
يُعَدُّ القرآن الكريم في المملكة العربية السعودية منهج حياة، ونظام حكم، ومصدر استلهام، قامت به، ونهضت وتفوقت بهديه، فمنذ أن تفتحت عينا الملك عبد العزيزعلى الحياة، كان الدرس الأول الذي وعاه في صباه هو القرآن، تلاوة وتدبراً وحفظاً، وظل ملازماً له طوال حياته في عسره ويسره، فرحه وحزنه، سفره وإقامته، حربه وسلمه، يبدأ يومه بالقرآن، ويختمه بالقرآن، لم تـُضْعِف صلته به أبهة ملك، ولا عظمة سلطان، بل كان كلما اتسع ملكه، وقوي سلطانه تَرْقَى وتَقْوى صلته بالقرآن. طالما سكب العبرات وهو يتلوه تلاوة الخاشع المتبتل المتدبر؛ خوفاً من الله، ورجاء في ثوابه.
ربّى أبناءه على حب القرآن والتمسك به، وتعهده بالتلاوة والحفظ، وقد كان يوماً عظيماً ذلك الذي يختم فيه أحد أبنائه قراءة القرآن، فيحتفي به احتفاء عظيماً.
ففي صباح يوم السبت الرابع من رجب عام 1353ه احتفل في الرياض بختم قراءة القرآن لصاحب السمو الملكي الأمير مشعل، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان(1).
وفي يوم الثلاثاء الرابع عشر من رجب عام 1358ه أقيم احتفال في مدرسة الأمراء بختم صاحب السمو الملكي الأمير متعب لقراءة القرآن، وقد قرأ في الحفل آخر جزء بقي عليه، وألقى خطبة بهذه المناسبة، كما خطب أيضاً في الحفل أصحاب السمو الملكي الأمراء: عبدالمحسن، ومشعل، وسلطان(2).
وفي يوم الاثنين التاسع عشر من رمضان عام 1359ه، احتفلت مدرسة الأمراء بختم الأمير محمد بن أحمد بن الإمام عبدالرحمن تلاوة القرآن الكريم(3).
وفي صباح يوم الاثنين الرابع عشر من رجب عام 1361ه، احتفلت مدرسة الأمراء بختم صاحب السمو الملكي الأمير بدر لقراءة القرآن الكريم، ورعى الحفل ولي العهد –في ذلك الوقت- صاحب السمو الملكي الأمير سعود، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير ناصر –أمير الرياض في ذلك الوقت-، وكان حفلاً مهيباً عبرت فيه الأسرة الكريمة عن غبطتها وسرورها، وألقى عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء خطباً بليغة بهذه المناسبة،منهم الأمراء: مساعد، وعبدالمحسن، ومشعل، وسلطان، من طلاب السنة الثقافية، والأمراء: عبدالرحمن، ومتعب، وطلال، ومشاري، من طلاب السنة الثانية الابتدائية، والأمير تركي، من طلاب السنة الأولى الابتدائية، والأمير نواف، ونايف، من طلاب السنة الثانية التحضيرية، والأمير فهد بن محمد بن عبدالعزيز، من طلاب السنة الثانية الابتدائية(4) (5).
وفي صباح الأحد الثاني عشر من شعبان عام 1364ه احتفلت مدرسة الأمراء بختم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان قراءة القرآن الكريم، وحضر الحفل ولي العهد، الأمير سعود، وتلا الأمير سلمان في هذا الحفل آخر حزب بقي عليه من القرآن، ثم تلا صاحب السمو الملكي الأمير تركي شيئاً من دعاء ختم القرآن، ثم تقدم للخطابة أصحاب السمو الملكي الأمراء: عبدالرحمن، ومتعب، وطلال، ومشاري، وبدر، وتركي، ونايف، معبرين عن سعادتهم بختم أخيهم لتلاوة القرآن الكريم(6).
وفي صباح الخميس السابع عشر من شوال عام 1365ه أقامت مدرسة الأبناء حفلاً بمناسبة ختم صاحب السمو الملكي الأمير فواز لتلاوة القرآن الكريم، وحضر الحفل ولي العهد الأمير سعود، وخطب فيه أصحاب السمو الملكي الأمراء: بدر، وتركي، ونواف، ونايف، وسلمان، وسعود بن ناصر بن عبدالعزير(7).
أصبح الاحتفال بختم القرآن الكريم، تلاوة وحفظاً، عادة حسنة سار عليها الناس في هذه البلاد الطيبة، سواء على المستوى الرسمي من خلال الجمعيات والمؤسسات القائمة على تعليم القرآن الكريم، أو على المستوى الفردي، وكثيراً ما يحضر هذه الاحتفالات الأمراء، والوزراء، وكبار الوجهاء، وكبار الموظفين، وعامة الناس.
من مظاهر العناية بالقرآن الكريم في المملكة العربية السعودية
تجلَّتْ عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم في مظاهر عدة منها:
(1) في مجـال التعـليـم للبنيـن والبنـات: قـام التعليم في المملكة على أسس ثابتة وهي : الإيمان بالله رباً، وبالإسـلام دينـاً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسـولاً، وعلى التصور الإسلامي الكامل للكون والحياة، وأن الوجود كله خـاضع لمـا سنَّه الله تعالى؛ ليقوم كل مخلوق بوظيفته دون خلل، أو اضطراب، وتوجيه العلوم والمعارف بمختلف أنواعها وموادها -منهجاً وتأليفاً وتدريساً- وجهة إسلامية في معـالجة قضايـاها، والحكـم على نظرياتها وطرق استثمارها حتى تكون منبثقة من الإسلام، متناسقة مع التفكير الإسلامي السديد(8).
فبالإضافة إلى الاهتمام بالقرآن الكريم (تلاوة وحفظاً وتفسيراً) في مراحل التعليم المختلفة، أقيمت مدارس خاصة بتحفيظ القرآن الكريم: ابتدائية، ومتوسـطة، وثانوية، بل وكليات وأقسام متخصصة في بعض الجامعـات: الجـامعة الإسلامية بالمدينة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
(2) وفي المجال الإعلامي: هناك ندوات، ودروس، ومحاضرات تبث عبر الإذاعة والتلفاز عن القرآن، وتلاوته، وتفسيره، والعلوم المتعلقة به، إضافة إلى إنشاء إذاعة خاصة بالقرآن الكريم في مكة المكرمة عام 1392ه/1972م. وفي العام نفسه أنشئت إذاعة أخرى في الرياض، وأُدمجتا في إذاعة واحدة في غرة المحرم من عام 1413ه الموافق 18/10/1993م، وسميت إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية بالرياض، وفُتحت فروع لها في مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة(9).
وتـقـوم هـذه الإذاعة بإذاعة آيات مجوَّدة ومرتلة، وتقديم أحاديث وبرامج مستمدة من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة(10).
ويسـتمـر بثهـا يـوميـاً إلى عشـرين ساعة: 75% لتلاوات قرآنية، والباقي لعلوم القـرآن والسـنة النبويـة، ويشمل بثها العالم العربي، وشرق آسيا وجنوبها ووسطها، وشمال ووسط إفريقيا(11).
(3) ومن مظاهر العناية بالقرآن الكريم إنشاء ست عشرة جمعية خيرية لتحفيظ القرآن الكريم، منتشرة في أنحاء المملكة، تشرف عليها وزارة الشؤون الإسـلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، تتلخص أهدافها في:
1. تعليـم القـرآن الكريم لأبناء المسلمين تلاوة وتجويداً وتفسيراً.
2. تحفيظ القرآن الكريم للناشئة.
3. إعداد المدرسين الأكفاء لتعليم القرآن الكريم وتحفيظه.
4. تهيئة قراء وحفظة لإمامة المصلين في الصلاة.
5. تهذيب أخلاق الناشئة بما يتعلمونه من كتاب ربهم.
6. إحياء جانب مهم من جوانب رسالة المسجد.
وفي إحصائية لعام 1419ه/1420 هـ، بلغ مجموع الطلبة والطالبات في هذه الجمعيات (272.219) طالباً وطالبة، ومجموع الحِلق والفصول (10.787) حلقة وفصلاً، ومجموع المعلمين والمعلمات (9.290) معلماً ومعلمة(12).
(4) ومن مظاهر العناية بالقرآن الكريم تنظيم المسابقات في تلاوة القرآن الكريم وحفظه وتفسيره ليس على مستوى المملكة وحدها بل علـى مستوى العالم، وتم تكوين أمانة عامة للإشراف على المسابقتين عام 1399ه، وهي تتبع حالياً وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.
وتجرى المسابقة المحلية في الرياض كل عام في خمسة فروع هي: الفرع الأول: حفظ القرآن الكريم كاملاً مع التجويد والترتيل، وتفسير جزء من القرآن يحدد كل عام، والفرع الثاني: حفظ القرآن الكريم كاملاً مع التلاوة والتجويد، والفرع الثالث: حفظ عشرين جزءاً مع التلاوة والتجويد، والفرع الرابع: حفظ عشرة أجزاء مع التلاوة والتجويد، والفرع الخامس: حفظ خمسة أجزاء مع حسن الصوت والتلاوة. وقد بلغ عدد المشاركين في المسابقات المحلية حتى عام 1418ه (1412) متسابقاً(13).
أما المسـابقة الدوليـة فيعـود إنشـاؤها إلى صـدور الأمر الكريم ذي الرقم (25281) المؤرخ في 12/11/1398ه، على أن تقام كل عام في مكة المكرمة في خمسة فروع كالمسابقة المحلية، وتشرف عليها لجنة تحكيم دولية. وبلغ عدد المشاركين في هذه المسابقة حتى عام 1419ه (3135) متسابقاً من مختلف أنحاء العالم(14).
وفي شوال من عام 1418ه أعلن عن جائزة كبرى لحفظ القرآن الكريم، هي جائزة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز تقام في الرياض كل عام، وتشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وبلغ مجموع جوائزها حوالي مليون وخمسمائة ألف ريال سعودي، يدفعها سموه الكريم من حسابه الخاص، رعاية للقرآن، وتشجيعاً على حفظه وحسن تلاوته (ناقص جدول) ومثل ذلك للفائزات من الطالبات، إضافة إلى نفقات نثرية تصل إلى ألفي ريال لكل متسابق أو متسابقة.
(5) ومن مظاهر العناية بالقرآن الكريم طباعته بطريقة برايل، إذ تتراوح نسبة عدد المكفوفين في العالم ما بين 1-3%، منهم خمسة وعشرون مليوناً تقريباً من المسلمين، وفي المملكة العربية السعودية - حسب المسح الذي قامت به وزارة المعارف عام 1401ه - عشرون ألف كفيف.
وأصبحـت هذه الفئة من العالم الإسلامي هدفاً للمنصرين، وأصحـاب الأهواء المنحرفـة، فـوجهت لهم برامجها، ودربتهم على مهارات ومهن متنوعـة، وحرصـت على تخريجهم معاول هدم ضد الإسلام والمسلمين؛ مستغلة ما يتمتع به بعضهم من ذكاء وفطنة.
والاهتمـام والعنـايـة بـهذه الفئـة في البلاد والمنظمات والهيئات غير الإسـلامية، يقابله فتور وغياب في البلاد والهيئات الإسـلامية.
ففي بريطانيا (مثلاً) تصدر أكثر من أربعمائة صحيفة ما بين لمسية وسمعية موجهة للمكفوفين، وفي أمريكـا سـت آلاف صحيفة لمسية، وفي بعض الدول الشـيوعية السـابقة تصدر أكثر من تسعين ألف صحيفة لمسـية، بينما لا يوجد في العالم العربي والإسـلامي سوى خمس مجلات لمسـية، ربما توقف بعضها لأسـباب فنية ومالية.
وقد بذلت جهود في كل من: مصر، والأردن، وتونس؛ لطبع القرآن الكريم بطريقة برايل، إلا أنها لا توفِّي حاجة المكفوفين، ولا سيما أن بعض هذه الدول توقف عملها في ذلك؛ لأسباب خارجة عن إرادتها(15).
وفي المملكـة العربيـة السـعوديـة تتـولى وزارة المعارف، ممثلة
في الأمـانـة العـامـة للتـربيـة الخاصة، العناية بهذا المشروع، بـدعم سـخي من خـادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وهي تبـذل جهـوداً طيبـة حاليـاً؛ لتلبية حاجة المكفوفين من المصاحف المطبوعة بطريقة برايل، وغيرها من المطبوعات النافعة والمفيدة.
(6) ومن مظاهر العناية بالقرآن الكريم ترجمة معانيه إلى اللغات المختلفة، فقد تبرع الملك فيصل رحمه الله بطبع ترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة اليوربا التي يتحدث بها أكثر من سبعة عشر مليوناً في إفريقيا، وقد طُبع خمسة وعشرون ألف نسخة من هذه الترجمة على نفقته الخاصة(16).
وجـاء في مـجلـة المنهـل(17) أن إحـدى الصـحـف العربية نشـرت مـايـلي: ((تم تـوزيـع معـاني القرآن الكريم التي طبـعـت عـلـى نفقـة جـلالـة الملـك خـالد بن عبـدالعـزيـز المفدى، خادم الحرمين الشريفين بمختلف اللغات، وذلك على جميع المراكز والمؤسسات والمكاتب التابعة لرابطة العالم الإسلامي، وكذلك تم تـوزيعهـا على مراكز الدعاة التـابعـيـن للرابطـة )).
التعديل الأخير: