إعلانات المنتدى

مسابقة مزامير القرآنية 1445هـ

لماذا يقتل المسلمون المرتد عن الدين الاسلامي ؟

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

altouba

مزمار فعّال
22 مايو 2006
85
0
0
[align=center] -بسم الله- [/align]
فمن أهم ما يجب التركيز عليه في خطاب غير المسلم وصاحب الثقافة الغربية على وجه الخصوص، هو بيان وتوضيح أن الإسلام ليس ما يتمثله المسلمون، كما أن المسيحية ليست ما يتمثله المسيحيون، فالإسلام رسالة هداية، وشريعة ربانية ذات منظومة متكاملة في شؤون الدين و الدنيا على جميع الصعد.
ويخلط كثير من غير المسلمين في فهم الإسلام، إلى جانب اختزالهم الإسلام في طقوس، وشعائر ظاهرة، تبدو لغير المسلم أنها هي الإسلام فحسب، مع أن في هذا الاختزال تغييبا لكثير من معالم الدين وجواهره.
إن الإسلام عقيدة وشريعة، والجانب العقدي فيه مقدم على الجانب التشريعي بل لا يمكن أن يقوم الجانب التشريعي إلا على أساس عقدي، ولذلك كان في بدايات الإسلام الأولى وفي العهد المكي على وجه الخصوص لم تكن هناك شعائر، ولكن كانت هناك عقائد، وكان التركيز علها في مقدم الأولويات.
فالعقيدة الإسلامية، هي: جوهر الإسلام، وهي التي بها يُقيّم دخول الإنسان في الإسلام من عدمه، والجانب العقدي في الإسلام يتمثل في الإيمان بوحدانية الله وعدم الإشراك به، كما قال تعالى: "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وألو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم" [آل عمران: 18]، وقال تعالى أيضاً: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " [آل عمران:64]، وغيرها من آيات التوحيد.
ومن أصول الاعتقاد أيضاً الإيمان بأسماء الله وصفاته العليا، كما جاءت في القرآن الكريم، وأيضاً الإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن كل ما جاء به فهو حق، وأن القرآن معجزته الخالدة، وغير ذلك من أصول الاعتقاد القلبية، وهذه الأصول العقدية لا تصح بالإكراه على فرض حصول الإكراه بها، وإلا فالحقيقة أن الأعمال القلبية -كأصول الاعتقاد هذه-، لا يقع الإكراه بها أصلاً، كما لا يكمن أن يكره إنسان على حب شيء أو بغضه؛ لأن الحب والبغض عملان قلبيان، والعمل القلبي لا سلطان للبشر عليه، أضف إلى ذلك أن الإيمان بأصول العقائد يلزم القلب لزوماً لأنها من باب اليقين، واليقين يحصل في القلب اضطراراً، كما يرى الإنسان الشمس تشرق أو تغرب فيتيقن عند ذلك شروقها أو غروبها، وهذا اليقين لا يمكن دفعه عن القلب أصلاً، ومثل ذلك موضوع العقائد التي مبنى الإيمان فيها على اليقين، فهي تلزم القلب لزوماً و لا يكمن أن يتصور فيها الإكراه، فمبدأ الإكراه هنا غير وارد.
أما الجانب التشريعي من الإسلام والمتمثل في شعائر الدين الظاهرة كالصلاة، والصيام، والحج، وغيرها من الشعائر الظاهرة، وغير الظاهرة؛ فهذه جزء من الدين وليست الدين كله، ويعني ذلك أنه لو قصّر فيها المسلم -مع إيمانه بأصول الاعتقاد- لا يخرج من الدين، ولا يمكن أن يخرجه أحد من الدين، كما عليه كثير من المسلمين اليوم من تقصير في بعض شعائر الدين، ومع ذلك لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين من حقوق وواجبات.
أما افتراض السائل بأنه لو أسلم فيحتمل ألا يعجبه الإسلام، فهذا غير وارد إلا على افتراض دخوله الإسلام من غير دراسة مسبقة، ومن غير التعرف عليه من مصادره الأصلية، وأما على افتراض معرفة الإسلام معرفة حقيقية، وخصوصاً الجانب العقدي منه، فهذا مبناه على الإيمانِ، واليقينِ، والتصديقِ، والإيمانُ والتصديقُ من اختصاص القلب، ونتيجته لازمة إما التصديق، أو التكذيب، ولا يجري فيه الإعجاب أو عدمه، كما يجري في الأعمال الحسية، كما سبق توضيحه.
وإذا دخل الإيمان -الذي هو أصل الاعتقاد- القلب فلا بد أن يستحسن أعمال الجوارح التي هي شعائر الإسلام الظاهرة لأنها لازمة له، وإلا لا يمكن أن يكون مؤمناً مصدقاً في الحقيقة. وأما افتراض السائل أنه لو دخل الإسلام فقد لا يعجبه فهذا افتراض غير وارد!
قد يقال: إنه قد يستثقل مع بداية الأمر بعض شعائر الدين، أو قد يكون مقصراً فيها، فهذا أمر طبيعي، لعدم الاعتياد ومع مرور الوقت يتأقلم مع الوضع الجديد، فالاستثقال أو التقصير شيء، وعدم الإعجاب شيء آخر، كما أن الإنسان يحب أشياء وإن كان يتقاصر عن الإتيان بها ويستثقلها كأعمال البر، فيلزم التفريق هنا.
أما في موضوع الردة فقد سبق تقرير أن الإسلام لا يكون بالإكراه أصلاً، ولا يصح الإسلام في هذه الحالة على افتراض وجوده.
أما الحكمة في عقوبة المرتد فإنها تعود إلى كون الردة تغييرا للولاء، وتبديلا للهوية، وتحويلا للانتماء؛ لأن المرتد ينقل ولاءه وانتماءه من أمة إلى أمة أخرى، ومن وطن إلى وطن آخر، أي من دار الإسلام إلى دار أخرى، فهو يخلع نفسه من أمة الإسلام التي كان عضوًا في جسدها، وينضم بعقله وقلبه وإرادته إلى خصومها، ومن أجل هذا اعتبرت الخيانة للوطن وموالاة أعدائه بالإلقاء بالمودة إليهم وإفضاء الأسرار لهم جريمة كبرى، ولم يقل أحد بجواز إعطاء المواطن حق تغيير ولائه الوطني لمن يشاء ومتى يشاء، ولا يوجد مجتمع في الدنيا إلا وعنده أساسيات لا يسمح بالنيل منها مثل: الهوية، والانتماء، والولاء.
وأيضاً لحماية الإسلام من أن يكون ألعوبة كما أراده يهود المدينة في وقت النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله سبحانه وتعالى عنهم: "وَقَالَت طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون " [آل عمران:72]، فعلوا ذلك طمعاً في زعزعة الثقة في نفوس المؤمنين.
أما عقوبة المرتد فليست على إطلاقها فيفرق العلماء بين المرتد المجاهر الذي يحاول خلخلة الإسلام، وبين المرتد المسالم الذي انشغل بخاصة نفسه، والعقوبة على فرض تحققها لا بد أن تسبقها استتابة للمرتد، أي تبيان ما أشكل عليه من الإسلام ورد شبهاته إن كانت عنده شبهات، وهذا بإجماع الصحابة، كما ذكر ذلك الإمام ابن تيمية رحمه الله، مع الاختلاف في مدة الاستتابة بعضهم يجعلها موسعة، وبعضهم على خلاف ذلك.
إلى جانب ذلك فإن الذي يحكم بردة المسلم هم الراسخون في العلم من أهل الاختصاص الذين يميزون بين القطعي والظني، وبين المحكم والمتشابه، وبين ما يقبل التأويل وما لا يقبل التأويل، فلا يكفّرون إلا بما لا يجدون له مخرجًا، مثل: إنكار المعلوم من الدين بالضرورة، أو وضعه موضع السخرية من عقيدة أو شريعة، ومثل سب الله تعالى ورسوله، أو كتابة ذلك السبِّ علانية، ونحو ذلك.
إلى جانب أن الذي يناط به تنفيذ حكم الردة هو ولي الأمر الشرعي، بعد حكم القضاء الإسلامي المختص؛ الذي لا يحتكم إلا إلى شرع الله عز وجل، ولا يرجع إلا إلى المُحْكمات البيّنات من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهما المرجعان اللذان يُرجَعُ إليهما إذا اختلف الناس، وهو الأمر الذي أكد عليه الله تعالى بقوله: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً " [النساء:59].
وهذا مع أن في سلوك المسيحيين ما هو مشابه لموضوع المرتد، وقصة الفتاتين المسيحيتين اللتين أسلمتا، فسلمتهما الحكومة المصرية إلى الكنيسة وحلقت شعورهما ولا يعلم مصيرهما إلى الآن ليست عنا ببعيد.
إضافة إلى أن من كان جادًّا في الإسلام وهو في ديار الغرب فليس من المناسب ورود موضوع الردة في حقه، وذلك لخصوصية ثقافة وأنظمة البلاد التي يعيش فيها. والله أعلم.
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع