- 17 مارس 2006
- 1,412
- 0
- 0
تعالوا بنا نؤمن ساعة !!!
-بسم الله-
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
فإنه مهما تنعم الإنسان في هذه الدنيا بالصحة والمال والجاه والسلطان ، فإن ذلك كله إلى زوال ، ويقبل بعدها الإنسان على الله تعالى بما قدم من خير أو شر ، فإن كان خيراً فإلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
وإن كان شراً فإلى نار تلظى وقوده الناس والحجارة لو سيرت بها جبال الدنيا لذابت من شدة حرارتها ، فيجد الإنسان فيها أسوأ وأشد مما كان عليه في الدنيا من آلام ومتابع ، وينسى بذلك كل نعيم وكل شهوة محرمة تمتع بها في الحياة الدنيا .
ولشدة عظم الأمر وهو المنقلب فقد خوف النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه مما أمامهم من أهوال عظيمة ليحثهم على الإكثار من العمل الصالح والتزود للآخرة ، فقال صلى الله عليه وسلم : (والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله بالبكاء ، وفي رواية (ولحثيتم على رؤوسكم التراب) فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهوهمم ولهم خنين .
والخوف من الله عز وجل هو رأس الحكمة وجوهر الإيمان وهو التقوى، ومن عرف الله أكثر خافه أكثر ، قال تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماء) .. ولا يكفي الخوف بلا عمل لأن حقيقة الخوف تبعث على العمل ، فمن خاف الله تعالى وقدره حق قدره قام بفروضه والتزم حدوده ، واجتنب محارمه ، وكان دائماً وأبداً مراقباً له مستشعراً حضوره (وهو معكم أينما كنتم) ، ولقد رغب الله عز وجل بالخوف في كتابه الكريم فقال تعالى : (ولمن خاف مقام ربه جنتان) ، وقال تعالى : (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، فإن الجنة هي المأوى) ، وقال تعالى في الحديث القدسي : (وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين ، إن هو أمنني في الدنيا خوفته يوم أجمع عبادي ، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي) .
والخوف من الله يدخل فيه الخوف من النار ، والبكاء من خشية الجبار ، والخوف المحمود هو ما حال بين صاحبه وبين محارم الله عز وجل وحدوده.
وسئل ابن عباس عن الخائفين فقال : قلوبهم بالخوف فرحة ، وأعينهم باكية يقولون كيف نفرح والموت من ورائنا ، والقبر أمامنا ، والقيامة موعدنا ، وعلى جهنم طريقنا ، وبين يدي الله موقفنا .
وأعظم الخائفين من الله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إا تغير الهواء وهبت ريح عاصفة يتغير ويتردد في الحجرة ويدخل ويخرج كل ذلك خوفاً من عذاب الله .
وعن عبدالله بن الشخير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الصلاة يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل . هذا خوفه صلى الله عليه وسلم أما خوف الملائكة فقد قال عز وجل (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) ، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل : (مالي لم أر ميكائيل ضاحكاً قط ؟ قال : ما ضحك منذ خلقت النار.!) .
خوف الصحابة والسلف الصالح
إن من تأمل أحوال الصحابة رضي الله عنهم وأحوال السلف الصالح من بعدهم وجدهم في غاية الجد والعمل مع غاية الخوف ، ونحن جمعنا بين التقصير بل التفريط والأمن ،
فهذا الصديق رضي الله عنه يقول : والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد ، وقال قتادة : بلغني أن أبا بكر قال : ليتني خضرة تأكلن الدواب ، وروي عنه أنه كان يسمك بلسانه ويقول : هذا الذي أوردني الموارد .
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة سورة الطور إلى أن بلغ قوله تعالى : (إن عذاب ربك لواقع) فبكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه ، وقال عبدالله بن عامر رأيت عمر أخذ تبنة من الأرض فقال : ليتني كنت هذه التبنة ، ليتني لم أخلق ، ليت أمي لم تلدني ليتني لم أكن شيئاً مذكوراً ليتني كنت نسياً منسياً ، وقال : وودت أني أخرج من الدنيا كفافاً وأن أنجو لا أجر ولاوزر، وكان في خده خطان أسودان من البكاء .
وهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه كان إذا وقف على القبر يبكي حتى تبتل لحيته ، وقال : لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير .
وهذه عائشة رضي الله عنها يقول عنها عروة : كنت إذا غدوت أبدأ ببيت عائشة أسلم عليها فغدوت يوماً فإذا هي تقرأ (فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) ، وتدعو وتبكي وترردها ، فقمت حتى مللت القيام فذهبت إلى السوق لحاجتي ثم رجعت فإذا هي قائمة كما هي تصلي وتبكي .
وهذا أبو عبيدة عامر بن الجراح يقول : وددت أني كبش فذبحني أهلي وأكلوا لحمي وحسو مرقي .
وقال عمران بن حصين : يا ليتني كنت رماداً تذروه الريح .
وكان حذيفة رضي الله عنه يبكي بكاء شديداً فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال: لا أدري على ما أقدم على رضا أم على سخط .
وروي عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه قال : أبكوا فإن لم تبكوا فتبكوا فو الذي نفسي بيده لو يعلم العلم أحكم لصرخ حتى ينقطع صوته ولصلى حتى ينكسر صلبه .
وعن سمير الرياحي عن أبيه قال : شرب عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ماء مبرداً فبكى فاشتد بكاؤه فقيل له ما يبكي ؟ قال : ذكرت آية في كتاب الله عز وجل (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئاً شهوتهم الماء ، قال عز وجل عنهم (أفيضوا علينا الماء أو مما رزقكم الله) .
وعن أسد بن وداعة عن شداد بن أوس أنه كان إذا دخل الفراش يتقلب على فراشه لا يأتيه النوم فيقول : اللهم إن النار أذهبت مني النوم ، فيقوم يصلي حتى يصبح .
وقال عبدالرحمن بن مهدي : ما عاشرت في الناس رجلاً أرق من سفيان الثوري ، وكنت أرمقه الليلة بعد الليلة فما كان ينام إلا أول الليل ثم ينتفض فزعاً مرعوباً ينادي : النار ، النار شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات ، ثم يتوضأ ويقول على إثر وضوئه : اللهم إنك عالم بحاجتي غير معلم ، وما أطلب إلا فكاك رقبتي من النار ، وكان البكاء يمنعه من القراءة حتى إن كنت لا أستطيع سماع قراءته من كثرة بكائه .وقال موسى بن مسعود : كنا إذا جلسنا إلى الثوري كأن النار قد أحاطت بنا لما نرى من خوفه وفزعه ، وكان سفيان إذا أخذ في ذكر الآخرة يبول الدم .
يتبع
-بسم الله-
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
فإنه مهما تنعم الإنسان في هذه الدنيا بالصحة والمال والجاه والسلطان ، فإن ذلك كله إلى زوال ، ويقبل بعدها الإنسان على الله تعالى بما قدم من خير أو شر ، فإن كان خيراً فإلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
وإن كان شراً فإلى نار تلظى وقوده الناس والحجارة لو سيرت بها جبال الدنيا لذابت من شدة حرارتها ، فيجد الإنسان فيها أسوأ وأشد مما كان عليه في الدنيا من آلام ومتابع ، وينسى بذلك كل نعيم وكل شهوة محرمة تمتع بها في الحياة الدنيا .
ولشدة عظم الأمر وهو المنقلب فقد خوف النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه مما أمامهم من أهوال عظيمة ليحثهم على الإكثار من العمل الصالح والتزود للآخرة ، فقال صلى الله عليه وسلم : (والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله بالبكاء ، وفي رواية (ولحثيتم على رؤوسكم التراب) فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهوهمم ولهم خنين .
والخوف من الله عز وجل هو رأس الحكمة وجوهر الإيمان وهو التقوى، ومن عرف الله أكثر خافه أكثر ، قال تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماء) .. ولا يكفي الخوف بلا عمل لأن حقيقة الخوف تبعث على العمل ، فمن خاف الله تعالى وقدره حق قدره قام بفروضه والتزم حدوده ، واجتنب محارمه ، وكان دائماً وأبداً مراقباً له مستشعراً حضوره (وهو معكم أينما كنتم) ، ولقد رغب الله عز وجل بالخوف في كتابه الكريم فقال تعالى : (ولمن خاف مقام ربه جنتان) ، وقال تعالى : (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، فإن الجنة هي المأوى) ، وقال تعالى في الحديث القدسي : (وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين ، إن هو أمنني في الدنيا خوفته يوم أجمع عبادي ، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي) .
والخوف من الله يدخل فيه الخوف من النار ، والبكاء من خشية الجبار ، والخوف المحمود هو ما حال بين صاحبه وبين محارم الله عز وجل وحدوده.
وسئل ابن عباس عن الخائفين فقال : قلوبهم بالخوف فرحة ، وأعينهم باكية يقولون كيف نفرح والموت من ورائنا ، والقبر أمامنا ، والقيامة موعدنا ، وعلى جهنم طريقنا ، وبين يدي الله موقفنا .
وأعظم الخائفين من الله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إا تغير الهواء وهبت ريح عاصفة يتغير ويتردد في الحجرة ويدخل ويخرج كل ذلك خوفاً من عذاب الله .
وعن عبدالله بن الشخير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الصلاة يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل . هذا خوفه صلى الله عليه وسلم أما خوف الملائكة فقد قال عز وجل (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) ، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل : (مالي لم أر ميكائيل ضاحكاً قط ؟ قال : ما ضحك منذ خلقت النار.!) .
خوف الصحابة والسلف الصالح
إن من تأمل أحوال الصحابة رضي الله عنهم وأحوال السلف الصالح من بعدهم وجدهم في غاية الجد والعمل مع غاية الخوف ، ونحن جمعنا بين التقصير بل التفريط والأمن ،
فهذا الصديق رضي الله عنه يقول : والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد ، وقال قتادة : بلغني أن أبا بكر قال : ليتني خضرة تأكلن الدواب ، وروي عنه أنه كان يسمك بلسانه ويقول : هذا الذي أوردني الموارد .
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة سورة الطور إلى أن بلغ قوله تعالى : (إن عذاب ربك لواقع) فبكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه ، وقال عبدالله بن عامر رأيت عمر أخذ تبنة من الأرض فقال : ليتني كنت هذه التبنة ، ليتني لم أخلق ، ليت أمي لم تلدني ليتني لم أكن شيئاً مذكوراً ليتني كنت نسياً منسياً ، وقال : وودت أني أخرج من الدنيا كفافاً وأن أنجو لا أجر ولاوزر، وكان في خده خطان أسودان من البكاء .
وهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه كان إذا وقف على القبر يبكي حتى تبتل لحيته ، وقال : لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير .
وهذه عائشة رضي الله عنها يقول عنها عروة : كنت إذا غدوت أبدأ ببيت عائشة أسلم عليها فغدوت يوماً فإذا هي تقرأ (فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) ، وتدعو وتبكي وترردها ، فقمت حتى مللت القيام فذهبت إلى السوق لحاجتي ثم رجعت فإذا هي قائمة كما هي تصلي وتبكي .
وهذا أبو عبيدة عامر بن الجراح يقول : وددت أني كبش فذبحني أهلي وأكلوا لحمي وحسو مرقي .
وقال عمران بن حصين : يا ليتني كنت رماداً تذروه الريح .
وكان حذيفة رضي الله عنه يبكي بكاء شديداً فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال: لا أدري على ما أقدم على رضا أم على سخط .
وروي عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه قال : أبكوا فإن لم تبكوا فتبكوا فو الذي نفسي بيده لو يعلم العلم أحكم لصرخ حتى ينقطع صوته ولصلى حتى ينكسر صلبه .
وعن سمير الرياحي عن أبيه قال : شرب عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ماء مبرداً فبكى فاشتد بكاؤه فقيل له ما يبكي ؟ قال : ذكرت آية في كتاب الله عز وجل (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئاً شهوتهم الماء ، قال عز وجل عنهم (أفيضوا علينا الماء أو مما رزقكم الله) .
وعن أسد بن وداعة عن شداد بن أوس أنه كان إذا دخل الفراش يتقلب على فراشه لا يأتيه النوم فيقول : اللهم إن النار أذهبت مني النوم ، فيقوم يصلي حتى يصبح .
وقال عبدالرحمن بن مهدي : ما عاشرت في الناس رجلاً أرق من سفيان الثوري ، وكنت أرمقه الليلة بعد الليلة فما كان ينام إلا أول الليل ثم ينتفض فزعاً مرعوباً ينادي : النار ، النار شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات ، ثم يتوضأ ويقول على إثر وضوئه : اللهم إنك عالم بحاجتي غير معلم ، وما أطلب إلا فكاك رقبتي من النار ، وكان البكاء يمنعه من القراءة حتى إن كنت لا أستطيع سماع قراءته من كثرة بكائه .وقال موسى بن مسعود : كنا إذا جلسنا إلى الثوري كأن النار قد أحاطت بنا لما نرى من خوفه وفزعه ، وكان سفيان إذا أخذ في ذكر الآخرة يبول الدم .
يتبع