إعلانات المنتدى

مسابقة مزامير القرآنية 1445هـ

قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

يوسف الجزائري

عضو كالشعلة
25 أغسطس 2007
451
1
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
ماهر حمد المعيقلي
قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر (1)

بقلم :فضيلة الشيخ أبو جابر عبد الحليم توميات-حفظه الله-

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:
أخي المسلم .. أختي المسلمة ..
أخي المسلم .. أختي المسلمة ..
فإنّنا نعيش أجواء فصل جديد.. فصل يقال فيه الكثير، ويُفعل فيه الكثير.. يُسَرُّ له أقوامٌ كثيرون، ويجزع له قوم آخرون..! فها نحن نأخذ بأيدينا وأيديكم، لنضع منظار الشّرع بأعيننا وأعيُنكم، في معرفة أحكام الله تبارك وتعالى في هذا الموسم المبارك، فإنّ ذلك من التفكّر الذي أمر به ربّنا سبحانه أمام آياته العظيمة الباهرة، لا يُوفّق إليه إلاّ أولو الألباب، كما قال العزيز الوهّاب: (( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) )) [آل عمران].
والأمر المقصود، والهدف المنشود من وراء ذلك أنْ لا نفصل حياتنا الكونيّة عن حياتنا الشّرعيّة، فالله هو القائل: (( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) [الأعراف: من الآية54].

أوّلا: حقيقة فصل الشّتاء.

حديث النّاس عن البرد والقرّ قد ملأ جلّ الأوقات، وكيفيّة التخلّص منه صار من أعظم الانشغالات، كلّ
النّاس يشكو قساوة البرد، وكلٌّ يتّخذ التّدابير لئلاّ يعاني من آلامه، وليسلم من أسقامه.. وهذا ليس معيـبا، ولا أمرا عجيبا، ولكنّ العجيب والمعيب أن لا يُربط هذا الأمر بشرع الله ! المعيب أنّهم كما جهلوا حقيقة الحرّ في فصل الصّيف، جهلوا أو نسُوا حقيقة القرّ في فصل الشّتاء !.. وخاصّة مع الحملة العظيمة التي تقام على النّظرة الشّرعيّة للظّواهر الطّبيعيّة ..
فاستمع إلى الأخبار الصّحيحة ممّن لا يعتمد على الأحوال الجوّية .. ولكنّه اعتمد على وحي ربّ البريّة..خبر موقّع عليه (( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ))..
روى البخاري ومسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا ! فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ )).

وروي عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال: ( يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردة يصدع العظام بردها فيسألون الحر ويستغيثوا بحرّ جهنّم ).
فتذكّر شدّة زمهرير جهنّم بشدّة البرد القارس في الدّنيا، فربط المشاهد الدنيويّة بالآخرة يزيد المرء إيمانا على إيمانه، يقول أحد الزّهاد: ( ما رأيت الثّلج يتساقط إلاّ تذكّرت تطاير الصّحف يوم الحشر والنّشر ).

ثانيا: فضل هذا الموسم.
إنّما يُعظّم المؤسم بما فيه، ولا شكّ أنّ هذا الفصل قد حوى نعمة من نعم الله الظّاهرة، وهي نعمة المطر، وقد عظّم الله المطر في كتابه الكريم، من وجوه عديدة:

أ) جعله سببا من أسباب الرّزق الذي تبكي لأجله الأمم، فقال: (( وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) [الأنعام:99].
وقال: (( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) [الأعراف:57].
وقال تعالى: (( وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ )). [الحج: من الآية5]..
(( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ )) [النحل:10] وغيرها من الآيات.
ب) أنّ الله عظّم المطر حتّى جعله من مفاتيح الغيب: (( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ )) [الأنعام: من الآية59]، وهي الأمور الخمسة المذكورة في أواخر سورة لقمان، قال صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )) [لقمان:34]، روى البخاري عن عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: " مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ، ثُمَّ قَرَأَ: (( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ )) الآية ".
ت) أنّ الله سمّى المطر رحمة في كثير من الآيات، فقال: (( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ )) [الأعراف 57] (( أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )) [النمل:63] (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ )).
ث)أنّ الله شبّه الوحي به قال تعالى: (( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ )) [الرعد:17]، وكذلك فعل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فقد روى البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ ))..
ج) أنّ الله تعالى وصفه في كتابه العزيز بصفات تدلّ على عظمته..
فوصفه بالبركة، فقال: (( وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ )) [ق:9].
ووصفه بأنّه فراتٌ، أي: عذب، فقال: (( وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً )) [المرسلات: من الآية27].
ووصفه بأنّه مطهِّر فقال: (( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً )) [الفرقان: من الآية48] ولذلك كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يسأل ربّه أن يُطهّره به فكان يقول بعد تكبيرة الإحرام عند استفتاحه الصّلاة: (( وَنَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَد )).
ثالثا: تعظيم السّلف الصّالح لهذا الفصل.
أيّها الأخ الكريم..أيّتها الأخت الكريمة..!!
لقد أدرك سلف هذه الأمّة فضلَ هذا الموسم العظيم، وأنّه رحمة من العليّ الكريم، فراحوا يسارعون في الخيرات، واغتنام الأجر والثواب في الأعمال الصّالحات، وممّا جاء من الآثار في فضل الشّتاء:
ما رواه أحمد والترمذي بسند حسن - كما قال الشّيخ الألباني رحمه الله- عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ الْجُمَحِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ )) .
قال ابن رجب: غنيمة باردة لأنها حصلت بغير قتال ولا تعب ولا مشقة، فصاحبها يحوز هذه الغنيمة عفوا صفوا بغير كلفة.
وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: " ألا أدلّكم على الغنيمة الباردة " قالوا: بلى؛ فيقول: "الصّيام في الشّتاء وقيام ليل الشّتاء".
نسأل الله أن يوفقنا لأدائهما.
فحريٌّ بنا أيّها المؤمنون اقتناص هذه الغنيمة لا سيّما في الأيّام الفاضلة مثل الإثنين والخميس أو الأيّام البيض ونحو ذلك.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: ( مرحبًا بالشتاء، تنزل فيه البركة، ويطول فيه اللّيل للقيام، ويقصر فيه النّهار للصّيام ).
وقال الحسن البصري رحمه الله: ( نعم زمان المؤمن الشتاء: ليله طويل فيقومه، ونهاره قصير فيصومه ).
ومن درر كلامه رحمه الله قوله: ( الشّتاء ربيع المؤمن )..
وهذا كلام في غاية الجمال حتّى ظنّه بعضهم حديثا مرفوعا، قال ابن رجب رحمه الله في شرحه:
" وإنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، ويتنـزّه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه، ويصلح بين المؤمن في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة من الطاعات، فإن المؤمن يقدر في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة، ولا كلفة تحل له من جوع ولا عطش، فلا يحس بمشقة الصيام ".
وعن عبيد بن عمير رحمه الله أنّه كان إذا جاء الشّتاء قال: ( يا أهل القرآن ! طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصُر النّهار لصيامكم فصوموا).
وقال يحيى بن معاذ: ( اللّيل طويل فلا تقصّره بمنامك، والإسلام نقيّ فلا تدنّسه بآثامك ).
فلا شكر لهذه النّعمة إلاّ إذا قمنا وامتثلنا بالآداب الإسلاميّة، والأحكام الشّرعيّة المتعلّقة بهذا الفصل.

رابعا: ولكن قد يكون المطر من النّقم..
تذكّروا قول الله تعالى: (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) [إبراهيم:7].
لذلك قال كثير من السّلف: " قيّدوا نِعم الله بالشّكر ".. وإلاّ تحوّلت مظاهر النّعم إلى مصائب ونِقم، فقد عذّب الله أقواماً بالريح الباردة في الشّتاء كقوم عاد، وعذّب قوم نوح بماء نابع من الأرض ونازل من السّماء، قال تعالى: (( فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ(12) )) [القمر]..
وروى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا رَأَى مَخِيلَةً - وهو السّحاب الذي يخال فيه الماء- فِي السَّمَاءِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، وَدَخَلَ وَخَرَجَ، وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَإِذَا أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ فَقَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( يَا عَائِشَةُ ! وَمَا يُؤَمِّنُنِي، قَدْ رَأَى قَوْمُ عَادٍ العَذَابَ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا، قَالَ الله تَعَالىَ: (( بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ: رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ )) [الأحقاف:24].

خامسا: كيف نشكر هذه النّعمة..
أخي المسلم .. أختي المسلمة ..
إنّنا في هذه الأيّام نتقلّب في نعمة من نعم الله وافرة، فسماؤنا تمطر، وأشجارنا تثمر، وما هذا إلا نعمة ورحمة من المنعم الرّحمن المنّان.
فوالله، ثم والله، لولا الله ما سُقينا، ولا تنعّمنا بما أوتينا (( أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ )) [الواقعة:68-70] .
تأمّلوا نعمة الله في قوله تعالى: (( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ )) [الرعد:12].
نعم.. ينشئ السّحاب الثّقال.. هذه السّحب الّتي نراها كلّ يوم بأشكال متنوّعة، وأحجام كبيرة مختلفة، كم طنًّا تزن ؟.. إن المِتر المكعّب الواحد يزن طنًّا كاملا، فكم فيها من الأطنان ؟! ومن يحملها بهذه الأوزان ؟! إننا لا نستطيع أن نتصوّر وزنها، غير أنّها ثقال كما قال ربّنا المتعال.
اللّهمّ لك الشّكر على آلائك الّتي لا تعدّ ولا تحصى.. اللهمّ لو شئت لجعلت ماءنا أجاجاً، ولكن رحمتك أدركتنا فجعلته عذباً زلالاً، فلك الشّكر، فما بنا من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك.
عباد الله، وكيف لا نشكر الله وقد كنّا بالأمس القريب فقط نشكو الجدب والقحط وقلة المياه، وكانت مشكلة نقص المياه تُعد من أكبر أزمات البلاد، مما دفع أهلَ التدبير والتسيير للتخطيط والتفكير للخروج من هذه الأزمة، فجنّدوا الرجال وخصصوا الأموال وجهزوا الآلات.
فنزلت رحمة الله الواسعة، فرويت الأرض، وجرت الوديان، وامتلأت الآبار، وسالت العيون برحمة من الله وفضله.


قَضَاءُ الوَطَرِ بِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الشِّتَاءِ وَالمـَطَرِ (2)

كَـْيـفَ نَـشْـكُـرُ نِـعْـمَـةَ الـمَطَرِ ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فأوّل مظاهر شكر هذه النّعمة:

1) نسبة النّعمة إلى الله تعالى.
فقد روى البخاري ومسلم واللّفظ له عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي إِثْرِ السَّمَاءِ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: ((هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟)) قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: (( قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ )).

هذا فيما يخصّ المطر فحسب، فكيف بمن يتتبّع أخبار الكواكب في جميع شؤون حياته، وتراها على صفحات الجرائد والمجلاّت في بلاد الإسلام، وكان ينبغي للهيئات المختصّة أن تردعها.

قال الإمام الشّافعي في ( الأمّ ): " من قال ( مُطرنا بنوء كذا وكذا ) على ماكان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى مطر نوء كذا، فذلك كفر كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لأنّ النّوء وقت، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً، ومن قال ( مطرنا بنوء كذا ) بمعنى مُطرنا في وقت كذا، فلا يكون كفراً وغيره من الكلام أحبُّ إليّ منه ". اهـ.

2) التّقوى والاستقامة والاستغفار:
ومن سبل شكر المنعم تعالى تقوى الله والاستقامة على شرعه، وأن يستغفر المؤمن لذنبه، قال الله تعالى: (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) [الأعراف:96]، وقال: (( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً )) [الجـن:16]، وقال تعالى عن نوح عليه السّلام: (( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) )) [نوح].

3) مواساة الفقراء والمحتاجين:

أيها العالَم ماذا هذا السّكـوت..... أولا تبصـر هذا الجـبروت ؟!
ألا تبصر على الإخوان ظلـمًا ..... أولا تبصـر أطفالاً تـموت ؟!​

إخواننا عضّتهم الحروب.. ثمّ عضّتهم فتن وخطوب.. وثالثة الأثافـيّ عليهم الشّتاء وهم في عراء، لا تسترهم إلاّ السّماء، حتّى تبتلعهم أرض الصّحراء ..
وإن كانوا يتألّمون من الجوع طوال العام، فلا ريب أنّكم أحسستم أنّ البرد يضاعف الجوع..
أيها الإخوة في الله، يُفرِحُنا أن نسمع بفلان قد اعتمر.. وآخر قد حجّ.. ولكن يؤسفنا أنّنا إذا سألناهم، هل أخذتم معكم بعض المال لجمعيّات الإغاثة هناك الّتي تقوم على المسلمين الأفغان، والشّيشان، وأهل العراق، وغيرهم ..؟ فيكون الجواب هو تلك الدّهشة التي تبدو على محيّاهم، وكأنّهم يقولون لنا: لم يخطُر ببالنا قط حال هؤلاء ..
فإن خفِي عليك حال أولئك فكيف يخفى عليك حال جيرانك، وأهل حيّك وبلدتك ؟!
فاستمع إلى المحتاج وهو يخاطبك:

أتـدري كيـف قابلنـي الشتاء..... وكيف تكـون فيـه القرفصاء
وكيـف البـرد يفعـل بالثنايـا ..... إذا اصطكت وجاوبها الفضـاء
وكيف نبيت فيـه علـى فـراش..... يجور عليه في الليل الغـطــاء
فـإن حـلّ الشّـتاء فأدفئونـي..... فـإن الشـيخ آفتـه الشـتـاء
أتـدري كيف جارك يا ابن أمّي..... يهــدّده مـن الفقـر العنـاء
وكيـف يـداه ترتـجفان بؤساً..... وتصدمـه المذلّـة والشّـقـاء
يصبّ الزّمهريـر عليـه ثلـجاً .....فتجمد فـي الشّـرايين الدمـاء
خِراف الأرض يكسـوهنّ عِهنٌ..... وتـرفـل تحتـه نـعـمٌ وشـاء
وللنّمل المساكـن حيـن يأتـي ..... عليـه البـرد أو جـنّ الـمسـاء
وهـذا الآدمـيّ بـغـيـر دار..... فهل يرضيك أن يزعجـه الشّـتـاء
يجـوب الأرض من حـيّ لحيّ..... ولا أرض تـقـيـه ولا سـمـاء
معـاذ الله أن تـرضـى بهـذا.... وطـفـل الجيـل يصـرعه الشّتاء
أتلقـاني وبـي عـوز وضـيق..... ولا تحـنو ؟ فمـا هـذا الجفـاء
أخـي بالله لا تجـرح شعوري..... ألا يكفيـك مـا جـرح الشـتاء​

اعلموا أنّ هذا الموسم لكم فيه ما تزرعون، ومنه ما تؤمّلون، وتذكّروا فضل مواساة المحتاجين، لقد دخل رجل الجنّةَ في كلب كاد يهلك من العطش فسقاه ماءً، فكيف بمن سعى في حاجة المسلمين:
روى أبو داود عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي سَفَرٍ قَالَ: (( مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ )) حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي الْفَضْلِ.

صورة رائعة مشرقة عندما يكون في المجتمع الإسلامي فاقة وحاجة، يُلزِم الإسلام أصحابَ فضول الأموال أن يُخرِجوا من فضول أموالهم ولو من غير مال الزَكاة ما يسدّ حاجة إخوانهم، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ)).

فيا إخوة الإيمان ! لبّوا نداء الرّحمن: (( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )) [البقرة:245]..

فجدير بكل من امتلأ قلبه بالإيمان، وأحاط بمشاعره، واستغرق وجدانه أن يسهل عليه الخروج من كل ما يملك ابتغاء مرضاة الله وحياءً منه، فكيف وقد وعد الله جل جلاله برده مضاعفًا أضعافًا كثيرة ووعده جلّ جلاله الحق.

أخي المسلم .. أختي المسلمة.. إنّ هذا الفصل نعيشه ويعيشه معنا أناسٌ يستقبلون قبلتنا، ويصلّون صلاتنا، ويحجّون حجّنا، فلهم حقّ علينا أن نواسيهم.. لا بدّ أن نتذكّر أولئك الّذين يفترشون الأرضَ ويلتحفون السّماء.. لا بدّ أن لا ننسى أولئك الّذين اخترق الزّمهرير عظامهم ..
أخي المسلم .. أختي المسلمة.. قل لي بربّك: كم يملك أحدُنا من ثوب ؟ وكم يفصّل أحدنا من ثوب ؟ وكم..وكم.. خير كثير كثير.. ونعم لا تحصى.. ولكن أين العمل ؟..إلى الله المشتكى..
لا تحقرنّ صغيرة إنّ الجبال من الحصى .. فهيّا أخي ! امض وتصدّق ولو بشيء يسير، فربّما كان في نظرك حقيرا وعند ذلك الفقير المحتاج كبيرا وعظيما.


قضاء الوطر بمعرفة أحكام الشتاء والمطر (3)
كَيْفَ نَشْكُرُ هَذِهِ النِّعْمَةَ ؟..( آداب وأحكام )

سبق أن رأينا بعض الأحكام المتعلّقة بتوحيد الله تعالى، وشكره على نعمه، ونسبة النّعم والفضل إليه وحده، وهذا حقّ الله على العبيد.. كما تكلّمنا عن بعض حقوق العباد وهم المعوزون والمحتاجون، الّذين هم إلى أيدي العون منتظرون مترقّبون..

أمّا الأحكام العمليّة فهي كثيرة، نذكر في هذا الفصل بعضها:
1- أن يكشف شيئاً من بدنه تبرّكاً به، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه و سلم مَطَرٌ، فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ المَطَرِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ! لِمَ صَنَعْتَ هَذَا ؟ قَالَ:« لأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ » [رواه مسلم].

2- أن يقول: اللّهم صيّباً نافعاً، عن عائشة رضي الله عنها أَنَّ النَبِيَّ صلى الله عليه و سلم كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ قَالَ: « اللَّهُمَّ صَيِّباً نَافِعاً» [رواه البخاري].
وإذا سكن المطر قال: « مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ » [سبق أن رأيناه في حديث النّوء].

3- اغتنام الفرصة بالدّعاء، فقد روى الحاكم والطّبراني - وحسّنه الألباني - عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه و سلم قَالَ: « ثِنْتَانِ لاَ تُرَدَّانِ-أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ-: الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَتَحْتَ المَطَرِ ».

4- الذّكر عند الرّعد: فإذا سمعت الرّعد، فتذكّر قدرة الله تعالى، كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنه إذا سمع الرّعد ترك الحديث وقال: « سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ » ثمّ يقول: « إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ لأَهْلِ الأَرْضِ شَدِيدٌ »[رواه البخاري في الأدب المفرد وسنده صحيح موقوفًا كما قال النووي].

( يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ) الرّعد وما أدراكم ما الرّعد ؟! إنّه ليسبّح بحمد الله عزّ وجل، ذلك الصّوت المخيف الّذي يخافه كبيرنا وصغيرنا، والذي يفزعنا في يقظتنا ومنامنا، ليُسبِّح بحمد الله عز وجل، فهل تدرون ما يكون ؟
إنّه ملك من ملائكة الرّحمن.. روى التّرمذي وأحمد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ ! أَخْبِرْنَا عَنْ الرَّعْدِ مَا هُوَ ؟ قَالَ: « مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ مَعَهُ مَخَارِيقُ مِنْ نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ » فَقَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي نَسْمَعُ ؟ قَالَ:« زَجْرُهُ بِالسَّحَابِ إِذَا زَجَرَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى حَيْثُ أُمِرَ » قَالُوا: صَدَقْتَ !".

5- احْذَرْ سَبَّ الرِّيح !..وبما أنّ هذا الفصل يكثر فيه هبوب الرّيح، فليحذر المؤمن من سبّ الرّيح، فقد نهى النبيّ صلى الله عليه و سلم عن ذلك، روى التّرمذي وأبو داود عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : « لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ ! فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ ».
6- الدّعاء لرفع البلاء.. وإذا اشتدّ المطر فعلى المسلم أن يدعو الله أن يصرف الضّرر عن المسلمين، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّه لمّا قيل لرسول الله صلى الله عليه و سلم: « يَا رَسُولَ اللهِ ! هَلَكَت الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ يُمْسِكُهَا عَنَّا » فَرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم ثمّ قال: « اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ » فَانْقَلَعَتْ، وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ . [متفق عليه].
[الآكام: التّلول المرتفعة من الأرض، والضِّراب: الرّوابي والجبال الصّغار].

هذا فيما يخصّ بعض الأذكار المشروعة، التي تدخل في قوله تعالى: (( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ )) [البقرة:152]. وهناك أحكام أخرى كثيرة تتعلّق بالطّهارة والصّلاة سيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
فعليك أن تحرص على هذه الأذكار والأعمال، فهي طاعة للنّبي صلى الله عليه و سلم الّذي قال تعالى في شأنه ( وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )) [النور: من الآية54].


قَضَاءُ الوَطَرِ بِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الشِّتَاءِ وَالمَطَرِ 4
كَيْفَ نَشْكُرُ هَذِهِ النِّعْمَةَ ؟..
( أحكام الطّهارة )


فإنّ هناك أحكاما كثيرة تتعلّق بالطّهارة في هذا الفصل، ولكن قبل البدء في ذكر هذه الأحكام، أرى لزاما عليّ أن أذكّر القارئ بأصل من أصول هذا الدّين، وعلمٍ من أعلام رحمة الله بالعالمين، ألا وهو يُسر الشّريعة ورفعُها للحرج.

فإنّ من تيسير الله علينا في هذا الدّين العظيم أن أجاز لعباده عددا من الرّخص إظهارا للحنيفيّة السّمحة، وإغاظة لليهود والنّصارى، فيُسرُ الشّريعة وسماحتها من خصائص هذه الأمّة، وقد جاء وصف النبيّ صلى الله عليه و سلم في التوراة والإنجيل ما ذكره العليّ الجليل فقال: (( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) [الأعراف:157]..

وإذا قرأ القارئ قوله تعالى: (( رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا )) ،قال تعالى: (نَعَمْ..قَدْ فَعَلْتُ) وإذا قرأ: (( رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ )) قال: ( نَعَمْ..قَدْ فَعَلْتُ )..

ولكن.. أبى أكثر المسلمين إلاّ أن يتّبعوا سَنَن من قبلهم، فراحوا يشدّدون على أنفسهم، فشدّد الله عليهم، إذ رغبوا عن سنّة نبيّهم صلى الله عليه و سلم حتّى كثر فيهم الشرّ، وقلّ فيهم الخير.

- الحكم الأوّل: المسح على الخفّين. ممّا يحتاجه المؤمن كثيرا في فصل الشّتاء وغيره، المسحُ على الخفّين والجوربين والنّعلين، فقد شرع الله لنا المسح على هذه الأمور الثّلاثة بدلا من غسل الرّجلين:
أمّا المسح على الخفّين فقد اتّفق عليه العلماء جميعهم، حتّى صاروا يذكرونه في مسائل عقيدة أهل السنّة والجماعة، لمفارقة أهل الأهواء والبدع الذين ردّوا هذه السنّة.
وأمّا المسح على الجوربين والنّعلين فالصّحيح أنّه مثبت من فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم، روى أصحاب السّنن الأربعة والإمام أحمد في "مسنده" عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: « تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ ».

وقد فشت ظاهرة التشدّد في دين الله بتقليد الفقهاء بعضهم لبعض، وبسبب جهل جمهور المسلمين بالسنّة المرسلة رحمة لأهل الأرض، حتّى إنّك لتجدهم شدّدوا في المسح على الخفّين، فترى هذا يذكر أربعة شروط، وآخر يذكر خمسة، وثالث يذكر سبعة شروط ما أنزل الله بها من سلطان، حتّى جعلوا الرّخصة أعظم من الفرض الذي هو غسل الرّجلين.

والصّحيح أنّه لا يشترط للمسح على الخفّين والجوربين والنّعلين إلاّ شرطان اثنان دلّت عليهما النّصوص الصّحيحة:

شروط المسح على الخفّين والجوربين
الأوّل: أنّه لا بدّ من أن يكون المسلم لبسهما على طهارة، أي بعد وضوء أو غسل، فمن ثمّ له أن يمسح عليهما عند الوضوء، والدّليل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فِي سَفَرٍ فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ: « دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ » فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.

الثّاني: مراعاة مدّة المسح، فإن كان مقيما مسح يوما وليلة، وإن كان مسافرا مسح ثلاثة أيّام بلياليهنّ، والدّليل على ذلك ما رواه مسلم عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم، فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: « جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ ».

بل إنّه يُشرع للمجاهدين في سبيل الله، وأهل المصالح العامّة المستعجلة أن يمسحوا أسبوعا كاملا: (( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )) [يونس:58]، فقد روى الطّحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/72)، والحاكم (1/18)، والبيهقيّ (1/280) عن عقبة ابن عامر رضي الله عنه قال: "خرجت من الشّام إلى المدينة فبلغتها يوم الجمعة، فدخلت على عمر رضي الله عنه فقال: ( متى أولجت خُفّيك في رجليك ؟) قلت: يوم الجمعة. فقال: (فهل نزعتهما ؟) قلت: لا. قال: (أصبت السنّة)".
وقد صحّحه البيهقي والنّووي وابن تيمية والألباني، وقال ابن تيمية في "الاختيارات" (ص15): "لا تتوقّف مدّة المسح للمسافر الذي يشقّ عليه اشتغاله بالخلع واللّبس كالبريد المجهّز في مصلحة المسلمين "، وللعلم، فإنّ هذا مذهب المالكيّة رحمهم الله.
هذان شرطان، أن تُدخل رجليك في الجوربين أو النّعلين على وضوء، ثمّ إذا انتقض الوضوء فتوضّأ وامسح على الجوربين.

متى تبدأ مدّة المسح ؟ وللذّكرى، فإنّ مدّة المسح تبدأ من أوّل مسحة عليهما، لا من وقت لبسهما، فإن لبِس الإنسانُ خفّيه عند صلاة الفجر، ومسح عليهما في صلاة الظّهر، فإنّ ابتداء المدّة من الوقت الذي مسح فيه عند صلاة الظهر.
وكيفية المسح أن يبلّ يديه بالماء ثمّ يمرّهما على ظهر الخفّين فقط.
المسح على العمائم كذلك..فإنّ من الرّخص المسح على العمائم المحنّكة، أي: التي تلفّ على الحنك، وذلك للمشقّة في نزعها ومثله الخمار للمرأة، أمّا عن العمائم فقد روى البخاري ومسلم عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ رضي الله عنه قَالَ: « رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ».
وأمّا عن الخمار فقد روى مسلم عَنْ بِلَالٍ رضي الله عنه « أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ».
ويدخل في العمائم ما يلبس في أيّام الشّتاء من القبعات الشّاملة للرّأس والأذنين، وفي أسفله لفّه على الرّقبة فإنّه مثل العمامة لمشقّة نزعه. هذا فيما يخصّ الحكم الأوّل من أحكام الطّهارة.

- والحكم الثّاني: احذر التّكاسل في الوضوء !! فعليك إسباغ الوضوء وإتمامه، فإنّ كثيرا من النّاس يتساهلون في الوضوء أيّام البرد الشّديد، فتراهم لا يشمّرون عن سواعدهم، ولا يمسّ الماء المرفقين والكعبين، فتذكّروا أنّ وضوءه باطل لا يُلتفت إليه، وأنّ عبادته مردودة عليه، وليتذكّر ما رواه البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: بينما نحن نَتَوَضَّأُ فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا فَنَادَى رسول الله صلى الله عليه و سلم بِأَعْلَى صَوْتِهِ: « وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ » مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.
وفي المقابل، عليه أن يتذكّر فضل إسباغ الوضوء على المكاره، فإنّه الرّباط، روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قَالَ: « أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ » قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ: « إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ ».
وروى التّرمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: « أَتَانِي اللَّيْلَةَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ ! هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى ؟ قَالَ: قُلْتُ: (( لَا )) قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا فِي نَحْرِي، فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ ! هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فِي الْكَفَّارَاتِ، وَالْكَفَّارَاتُ: الْمُكْثُ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَالْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكَارِهِ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاشَ بِخَيْرٍ، وَمَاتَ بِخَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ».
قال ابن رجب: " فإنّ شدّة البرد لدينا يذكّر بزمهرير جهنّم، فملاحظة هذا الألم الموعود يهوّن الإحساس بألم برد الماء.

الحكم الثّالث: جواز التوضّأ من الماء السّاخن.
فإنّ أناسا يمتنعون من ذلك ظنّا منهم أنّه منافٍ للعبادة، وكأنّ الله يريد أن يُعذّبهم، فاعلموا أنّه لا حرج في ذلك، فقد ثبت عن كثير من الصّحابة كابن عبّاس وابن عمر رضي الله عنهما وغيرهما أنّهم كانوا يتوضّؤون من الحميم.

الحكم الرّابع: الحذر من كشف المرأة لساقها. ومن أحكام الطهارة أيضا، الحرج الذي قد تجده كثير من المتجلببات والمتحجّبات، وذلك حين يمسّ ذيول لباسهنّ وَحَلُ الطّين غيره، فبعضهنّ- سامحهنّ الله- خشية أن يصبن بذلك يرفعن شيئا من أثوابهنّ، فكنّ بذلك مخالفات للسنّة، وجالباتٍ للفتنة، فإنّه قد جاء في سنن التّرمذي وأبي داود وابن ماجه ومسند الإمام أحمد عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي، وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: « يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ ».

فلا يحلّ رفع الثّوب حتّى يظهر شيء من ساق المرأة، كما لا يجب غسل ما أصاب الثّوب من هذا الطّين ، لأنّ الأصل فيه الطّهارة، وقد كان جماعة من التابعين يخوضون الماء و الطين في المطر ثم يدخلون المسجد فيصلّون.

لكن ينبغي مراعاة المحافظة على نظافة فرش المسجد في زماننا هذا، فننصح أخواتنا المؤمنات أن يتفهّمن ذلك، فيعصرن ما ابتلّ من ثيابهنّ، وشكر الله سعيهنّ في مرضاته، وثبّتهنّ على طاعته.

هذا فيما يخصّ أحكام الطّهارة.


قَضَاءُ الوَطَرِ بِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الشِّتَاءِ وَالمَطَرِ 5

كَيْفَ نَشْكُرُ هَذِهِ النِّعْمَةَ ؟..( أحكام الصّلاة ) و( مخالفات )​

أحكام الصلاة

أمّا أحكام الصّلاة في الشّتاء فنتعرّض أيضا إلى بعض الرّخص، ثمّ إلى بعض المناهي الشّرعيّة.

فإنّ من أحكام الصّلاة في هذا الموسم المبارك:
الحكم الأوّل: الجمع بين الصّلاتين. الظهر والعصر في وقت واحد، وبين المغرب والعشاء في وقت واحد، فقد ظنّ كثير من النّاس أنّ الجمع بين الصّلاتين إنّما هو خاصّ بالسّفر، وهذا جهل عظيم بالسنّة، فقد روى مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: « جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ». قَالَ سعيد بنُ جبير لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ ؟ قَالَ: « كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ ».

فهذا الحديث يدلّ على أنّ الجمع بين الصّلاتين حالة المطر كان معروفا، فهو سنّة قد ماتت في مساجدنا هذه الأيّام، مع أنّه في بعض الأحيان قد يشتدّ نزول المطر والرّياح ! فانظروا أيّها المؤمنون كيف ندع ما سهّله الله، ثمّ نأتي إلى الحرام الصّريح فيقال: لم لا تسهّلون ؟!
إنّ الجمع بين الصّلاتين سنّة إذا وُجِدت المشقّة في الشتاء، من مطر أو وحل أو ريح شديدة باردة، وهو رخصة من الله عز وجل، والله يحبّ أن تُؤتَى رخصُه، وتفصيل أحكام الجمع مبسوطة في المطوّلات.

وإن تعجب فاعجب إذا علمت أنّ الذين يستعظمون الأخذ بهذه الرّخصة هم قوم لا تراهم في المسجد إلاّ يوم الجمعة والعيدين..!!!
وهذا الحكم كلّه يدلّ على فضل الجماعة، وأنّه لأجل تحصيل بركة الصّلاة جماعةً شُرِع الجمع بين الصّلاتين.

ولكنّ هذا التّعظيم للجماعة قد خفّف الله فيه، ويسّر الأمر له في اليوم واللّيلة المطيرة، وذلك رفقا بالنّاس، فالله هو الّذي أوجب الجماعة، وهو الذي رخّص أحيانا في تركها، لذلك كان هذا هو:

الحكم الثّاني: الصّلاة في البيوت.وعندئذ فإنّ من السنّة أن يقول المؤذّن في المطر: ( صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ ) أو ( أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ) أو: ( صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ ) أو ( وَمَنْ قَعَدَ فَلاَ حَرَجَ ).

وتقال إحدى هذه الألفاظ في ثلاثة مواضع:
* إمّا بدلاً من ( حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ) لحديث ابن عبّاس رضي الله عنه في "الصّحيحين" أنّه قال لمؤذّنه في يوم مطير: إذا قلت ( أشهد أنّ محمّدا رسول الله ) فلا تقل ( حيّ على الصّلاة ) قل ( صلّوا في بيوتكم ) فكأنّ الناس استنكروا، فقال: « فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ».

* أو بعد ( حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ). لحديث رجل من ثقيف في سنن النَسائي أنَه سمع مناديَ النبيِّ صلى الله عليه و سلم يقول في ليلة مطيرة في السَّفر يقول: (حيّ على الصّلاة) (حيّ على الفلاح) (صلّوا في رحالكم) وإسناده صحيح.

• أو بعد انتهاء الأذان . لحديث ابن عمر رضي الله عنه في الصّحيحين أنّه أذّن في ليلة باردة بضجنان ثمّ قال: ( صلّوا في رحالكم ) فأخبرنا أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر مؤذّناً يؤذّن ثمّ يقول على إثره: ( أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ) في اللّيلة الباردة أو المطيرة، أو في السّفر.

وعن نعيم النّحام قال: نودي بالصّبح في يوم بارد وأنا في مرط امرأتي ، فقلت: " ليت المنادي قال: (( وَمَنْ قَعَدَ فَلاَ حَرَجَ )) فنادى منادي النبيّ صلى الله عليه و سلم في آخر أذانه: (( وَمَنْ قَعَدَ فَلاَ حَرَجَ )).[رواه أحمد، والبيهقيّ، وصحّحه الشّيخ الألباني في "الصّحيحة" (2605)].

الحكم الثّالث: التّبكير بالصّلاة. فكثير من النّاس يظنّ أنّ ذلك إنّما هو خاصّ بالحرّ وهو ما يسمّى بالإبراد، مع أنّ السنّة أتت به في شدّة الحرّ والقرّ، روى البخاري ومسلم أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم : « إِذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلَاةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ ».

قال المناوي عن التّبكير: " أي بصلاة الظّهر يعني صلاّها في أوّل وقتها "، وقال ابن قدامة في "المغني": ولا نعلم في استحباب تعجيل الظّهر خلافا ".
قال التّرمذي: وهو الّذي اختاره أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن بعدهم: لأنّ المقصود من الصّلاة الخشوعُ والحضورُ وشدّة البرد والحرّ ممّا يُشغِل المصلّي.

الحكم الرّابع: كراهة التلثّم في الصّلاة. أي:تغطية الفم، فإنّ كثيرا من النّاس ربّما صلّى وهو واضع خماره على فمه، أو ما يعرف بالفرنسية (cache-nez)، فقد صحّ في سنن أبي داود والتّرمذي ومسند أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: « نَهَى عَنْ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ ». فلم يشرع لنا تغطية الفم في الصّلاة إلاّ لدفع التثاؤب.

الحكم الخامس:كراهة اشتمال الصمّاء. وهو أن يُدخل الرّجل يديه تحت البُرنُس والرّداء اتّقاء البرد، فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: « نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ ». واشتمال الصمّاء عند العرب أن يشتمل الرّجل بثوبه حيث لا يبقى له منفذ يخرج منه يده، فيشبه الصّخرة الصمّاء.

الحكم السّادس: الصّلاة إلى النّار. فأغلب المدافئ يشتعل نارا، فإذا صلّى المسلم فعليه أن يجتنب أن يتّخذها سترة أو تكون في قبلته، فإنّ ذلك فيه تشبّها بالمجوس، وهذا لم يرد فيه حديث مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ولكن نصّ أهل العلم كمحمّد بن سيرين رحمه الله على كراهته، وإن كان المصلّي لا يقصد ذلك، فقد أمرنا بسدّ كلّ طريق يؤدّي للشّرك ومشابهة المشركين، ألا ترى أنّنا نُهينا عن الصّلاة في المقابر وإلى القبور، ونُهينا عن الصّلاة وقت طلوع الشّمس وغروبها ؟.
وإنّ هناك مخالفات تقع في هذا الموسم أردنا أن نختم بها هذه الأحكام الشّرعيّة، مع أنّ هذا الموسم تقلّ فيه المعاصي إلى حدّ بعيد، ولكن هناك أمور تخفى علينا..

المخالفات !!!
1- سبّ الحمّى: ففي هذا الموسم تكثر الإصابات بالحمّى، فقد تسمع من هنا أو هناك من يسبّها، فاستمع إلى ما رواه مسلم عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم دَخَلَ عَلَى أُمِّ السَّائِبِ فَقَالَ: « مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ تُزَفْزِفِينَ-أي ترتعدين- » ؟ قَالَتْ: الْحُمَّى لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا ! فَقَالَ: « لَا تَسُبِّي الْحُمَّى ! فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ ».
2- ترك المدافئ النّاريّة مشتعلة وقت النّوم: وهي التي تكون نارها ظاهرة، لا الّتي تكون محميّة بالزّجاج ونحوه، وذلك لأنّ لديك أمانة ينبغي لك أيّها المسلم أن تحافظ عليها، وهي نفسك ونفس أهلك، فلربّما أُضرِمت النّار أثناء نومك، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ اللَّيْلِ فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ،فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ ».

وروى البخاري ومسلم أيضا عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم قَالَ: « لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ ».

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وحكمة النهي هي خشية الاحتراق، وقيّده بالنّوم لحصول الغفلة به غالبًا، ويستنبط منه أنّه متى وُجِدت الغفلة حصل النّهي.والحوادث لاتخفى في ذلك فتبنه.

3- الاحتفال بأعياد الكافرين. وإنّ من أعظم المنكرات التي تظهر في هذا الموسم المبارك مظاهر الولاء للكافرين، والرّكون إلى تقاليدهم، والاحتفال بأعيادهم، وهذا ممّ لا شكّ أنّنا سنتحدّث عنه في فصل خاصّ إن شاء الله.

فيا إخوتاه:
قبل أن أغادر قلمي هذا أختم حديثي بتنبيهات ثلاثة مهمّات:

1- وكلّ شيء عنده عز و جل بمقدار: اعلموا أنّ الله تعالى يُنزّل المطر كلّ عام بمقدار واحد سواء: (( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)) [الحجر:21]، فيصرف الله تعالى المطر حيث يشاء، حتّى إذا لم يستحقّ العباد السّقيا صرفه إلى البحار..!!

روى ابن جرير الطّبري عن ابن عبّاس رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه و سلم قال: « مَا مِنْ عَامٍ بِأَكْثَرَ مَطَرًا مِنْ عَامٍ، وَلَكِنَّ اللهَ يَصْرِفُهُ بَيْنَ خَلْقِهِ حَيْثُ يَشَاءُ » ثمّ قرأ قوله تعالى: (( وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً )) [الفرقان:50].

2- نزع البركة من المطر: فاعلموا أنّ القحط والجفاف ليس بأن لا تنزل الأمطار، ولكن بأن يرفع الله البركة عن المطر، كما يرفع العلم، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قَالَ:
« لَيْسَتْ السَّنَةُ بِأَنْ لَا تُمْطَرُوا وَلَكِنْ السَّنَةُ أَنْ تُمْطَرُوا وَتُمْطَرُوا وَلَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ شَيْئًا ».

3- دليل المعاد : إنّ في إحياء الله تعالى للأرض بعد موتها لعبرةً ومثالاً لقدرته، فتتعجّب من أرض ميتة زالت عنها الحياة، وأبدلت الصّفرة خضرة، واليبسة ليونة، والسّاكن متحرّكا

تفكر في نبات الأرض وانظر ..... إلى آثار مـا صنـع المليك
عيـون من لـجين ناظرات ..... بأحداق هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات ..... بأن الله ليـس لـه شريك.

وكلّ ذلك يذكّر بالحياة بعد الموت، لذا نجد أنّ الله كثيرا ما يربط بين إحياء الأرض بعد موتها وبين إحياء الموتى من قبورهم، قال تعالى: (( فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[فصلت39]. وقال عزّ وجلّ: (( وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ )) [فاطر:9] ، و قال عز و جل (( وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ )) [الزخرف:11] ، و قال تعالى : (( وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) [الحجّ]، وقال: (( وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ )) [قّ 11].

لذلك روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : « مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ..ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ لَيْسَ مِنْ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا يَبْلَى إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » .

نسأل الله تعالى الهدى والرّشاد، والحقّ والسّداد، وأن يثبّتنا على طاعته في المعاش والمعاد، وبارك الله فيكم.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

يوسف الجزائري

عضو كالشعلة
25 أغسطس 2007
451
1
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
ماهر حمد المعيقلي
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

يتبع إن شاء الله
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

بارك الله فيك أخي الكريم و وفقك لإتمامه
 

الكاسر

مزمار داوُدي
27 فبراير 2006
4,050
12
0
الجنس
ذكر
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

بارك الله فيكـ أخي يوسف
أستأذنك فقد قمتُ بتعديلٍ طفيفٍ حتى تذهب تلك الوجوه التعبيريّة ( :( )

و حفظ الله شيخنا الحبيب أبو جابر عبد الحليم و نفع به
 

يوسف الجزائري

عضو كالشعلة
25 أغسطس 2007
451
1
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
ماهر حمد المعيقلي
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

بارك الله فيكـ أخي يوسف
أستأذنك فقد قمتُ بتعديلٍ طفيفٍ حتى تذهب تلك الوجوه التعبيريّة ( :( )

و حفظ الله شيخنا الحبيب أبو جابر عبد الحليم و نفع به

و فيك بارك الله أخي الحبيب
و جزاك الله خيرا على حرصك، لم لأفهم كيف جائت تلك الوجوه
 

يوسف الجزائري

عضو كالشعلة
25 أغسطس 2007
451
1
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
ماهر حمد المعيقلي
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

بارك الله فيكـ أخي يوسف
أستأذنك فقد قمتُ بتعديلٍ طفيفٍ حتى تذهب تلك الوجوه التعبيريّة ( :( )

و حفظ الله شيخنا الحبيب أبو جابر عبد الحليم و نفع به

و فيك بارك الله أخي الحبيب
و جزاك الله خيرا على حرصك، لم لأفهم كيف جائت تلك الوجوه

يتبع إن شاء الله
 

الكاسر

مزمار داوُدي
27 فبراير 2006
4,050
12
0
الجنس
ذكر
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

عندما تكتب آيةً أو حديثاً فتضع النقطتين ثم القوس, فالواجب ترك فرجةٍ بين النقطتين و القوس حتى لا تخرج الوجوه التعبيريّة

بطريقة أسهل: اكتب كما يحلو لكـ أخي يوسف فأخوك في الله الكاسر هنا و هو في الخدمة :p
 

آل البيت

مزمار داوُدي
19 يونيو 2007
4,562
13
38
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
سعد سعيد الغامدي
علم البلد
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

جميل جدا ، زادك الله من فضله ، موضوع طيب ، أفادنى كثيراً ... .
 

يوسف الجزائري

عضو كالشعلة
25 أغسطس 2007
451
1
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
ماهر حمد المعيقلي
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

عندما تكتب آيةً أو حديثاً فتضع النقطتين ثم القوس, فالواجب ترك فرجةٍ بين النقطتين و القوس حتى لا تخرج الوجوه التعبيريّة

بطريقة أسهل: اكتب كما يحلو لكـ أخي يوسف فأخوك في الله الكاسر هنا و هو في الخدمة :p

بارك الله فيك أخي الكاسر :) :) :)
 

يوسف الجزائري

عضو كالشعلة
25 أغسطس 2007
451
1
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
ماهر حمد المعيقلي
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

جميل جدا ، زادك الله من فضله ، موضوع طيب ، أفادنى كثيراً ... .

بارك الله فيك أخي جوليو

تفضل تابع معنا
 

نوري التاورغي

مزمار ذهبي
28 مارس 2007
850
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

بارك الله فيك أخي الكريم
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

أكمل أخانا يوسف بارك الله فيك

موضوع نافع

بعد إذنك أخي الكريم سوف أقوم بدمج المشاركات التي تحتوي على الموضوع كي تسهل الإستفادة منه

ما رأيك؟
 

يوسف الجزائري

عضو كالشعلة
25 أغسطس 2007
451
1
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
ماهر حمد المعيقلي
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

أكمل أخانا يوسف بارك الله فيك

موضوع نافع

بعد إذنك أخي الكريم سوف أقوم بدمج المشاركات التي تحتوي على الموضوع كي تسهل الإستفادة منه

ما رأيك؟

و فيك بارك الله أخي الكريم

الموضوع اكتمل و لله الحمد

و يمكنك دمج المشاركات و أجرك على الله
جزاك الله خيرا و أحسن إليك
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

يثبت لمناسبة زمان الطرح و أهميته و بارك الله في الجميع
 

يوسف الجزائري

عضو كالشعلة
25 أغسطس 2007
451
1
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
ماهر حمد المعيقلي
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

أحسن الله إليك أخي وسام
 

وسام الإسافني

مشرف سابق
15 أكتوبر 2005
2,341
1
0
الجنس
ذكر
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

و إياك أخي يوسف و زدنا من تلك الواضيع القيمة
 

أبوعديل

مزمار ذهبي
9 مارس 2007
1,193
1
0
الجنس
ذكر
رد: قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر.

جزيت الجنة وحفظ الله شيخنا عبد الحليم.
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع