- 27 أغسطس 2005
- 11,537
- 84
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمد صدّيق المنشاوي
مؤذنو اليوم مقلدون لا يحسنون الأذان ولا يجيدون الطريقة
علي أحمد الزهراني - مكة
نلتقي في حوار هذا العدد مع الشيخ علي أحمد ملا صاحب الصوت الندي الذي عرفه الناس بأذانه في الحرم المكي الشريف منذ أكثر من ثلاثين عاما.
(بلال الحرم) لقب تشرف به ملا وأحبه ذلك اللقب الذي أطلقه مسلمو أوربا حينما صدح بالأذان في جامع خادم الحرمين الشريفين بأدنبره وقت قيام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد بافتتاحه.
حاولنا مع ضيفنا في هذا الحوار أن نعيده إلى الوراء ليذكرنا بأيام الطفولة والحرم وأروقته ونشأته وتعلمه ومكة وشعابها.
فإلى الحوار الذي تركنا له مساحاته وأعطيناه أدواته فانبرى يرسم مخططه ويحدد مساراته:
** حدثونا عن مولدكم ونشأتكم وتعليمكم.
ولدت في سوق الليل بجوار الحرم ودرست في الرحمانية الابتدائية بالمسعى وحلقة الشيخ عاشور وفيها كانت بداية تعليمي فمدرسة الحلواني لتعليم الخط ثم الرحمانية المتوسطة فثانوية الملك عبدالعزيز فمعهد التربية الفنية بالرياض ثم حصلت بعد ذلك على درجة البكالوريوس من كلية وجامعة الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة.هذه ستون عاما نشأة وتعلما في جوار المسجد الحرام ومع الأذان.
** بداياتكم مع الأذان كيف كانت؟ومن أثر في مسيرتكم هذه؟ومالفرق الذي وجدتموه في الأذان بين الأمس واليوم؟
شاءت قدرة الله العلي العظيم أن يشرفني المولى باسم''مؤذن المسجدالحرم'' وهذه كانت أمنية والدي رحمه الله أن أصبح مؤذنا بالمسجد الحرام.وقد عينت مؤذنا رسميا في عام 1395هـ بأمر من معالي العلامة الفقيه الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله حيث كان رئيسا للإشراف الديني للمسجد الحرام بتزكية من علماء المسجد الحرام الشيخ أمين مراد والشيخ طه البركاتي وآخرين رحمهم الله جميعا وجزاهم الله عني خير الجزاء.
وممن كان له الأثر في مسيرتي هذه الأنشطة والإذاعة والحفلات المدرسية،وصحبة أهلي ممن كان لهم صلة بالأذان في الحرم،ثم الهواية والتطوير الذاتي بالسماع والترديد منذ كان عمري أربعة عشر عاما.
الأذان هو الأذان والفرق بينهما في الأمس واليوم أننا كنا نؤديه في المنائروكان هناك تنافس في حسن الأداء والتعلم ممن هم أكثر خبرة وأجمل صوتا أما ما نجده في بعض مؤذني اليوم فهو التقليد دون معرفة وحسن أداء ولا حتى الأسلوب والطريقة.
** ماذا عن مشيخة المؤذنين؟ومن هم أبرز المشايخ في نظر الملا؟
مشيخة المؤذنين في السابق (معلماتية) ومهمة للأذان في الأساليب والأصول كما هو المؤذن السابق،أما اليوم فالمؤذن يريد أن يبرز صوتا والشيخ هو عبارة عن مدير للأعمال الإدارية.
** ذكرياتكم مع رمضان في أيام الطفولة والصبا وأبرز المواقف التي حدثت لكم في رمضان.وكيف كانت مظاهر رمضان الكريم في تلك الأيام والوقت الذي تعيشونه الآن؟
ذكريات مرت عليّ في المسجد الحرام لا أظن أنها تعود مرة أخرى لحلاوتها والمكان الأمثل الذي مرت عليّ فيه.
للأذان في رمضان مهمة كبيرة تقع على عاتق الموقّتين بالمسجد الحرام، وعائلة الريس مهمتهم مراقبة الوقت وإعطاء الإشارة لدخول وقت أذان المغرب للمؤذن المتواجد في منارة باب العمرة والمؤذن بدوره يعطي الإشارة لجبل المدافع ومن ثم يبدأ افتتاح الأذان بالتلبية من قبل المتواجد في المقام الشافعي ويتابع المؤذنون من المنائر التكبير ورفع الأذان بطريقة التتابع،ومع التطور ووجود المراسلات اللاسلكية والإذاعة أصبح إطلاق المدفع يقوم على المتابعة للمؤذن بالحرم عن طريق الراديو وغيره من الوسائل.
صلاة التراويح في المسجد الحرام لم تكن بالشكل الموجود الآن من فرش وتنظيمات وازدحام ومضايقات واختناقات بل كانت الصلاة على الحصاوي وفرش الحنابل وأثريا مكة لهم فرش خاصة وبعض من هم المرمطية في مكة من الرياض والطائف وغيرها لهم فرش تفرش من قبل الزمامة وكذلك بعض الأمراء والضيوف،وتجد المؤذنين في السابق يحضرون جميعهم في صلاة التراويح يأخذ كل واحد منهم دوره بالتناوب.
كذلك لم تكن هناك مكبرات صوت حتى أيام الثمانينات وضع مكبر واحد ومجموعة في الهرنات لتوزيع الصوت في الحصوات وكان فضيلة الشيخ عبدالله الخليفي رحمه الله مسؤولا عن ذلك.
روحانية رمضان في أيام الطفولة لا تنسى فإطعام الفقراء والمجاورين لمكة وماء زمزم بالخلاوي وتبخير الدوارق المنقوشة والمصطكاة المبخرة وطاسات زمزم المعدنية المكتوبة والمنقوشة كلها روحانية متكاملة العناصر،كما كانت فرحتنا ونحن صغار لاتوصف حين كنا نذهب بعد العصر لبائع الفول والكعك وبائع السوبيا والتمور،وقبيل المغرب تكون المنافسة في تبخير (الطاسات) و(جك) الزمزم وانتظار مدفع الإفطار،كما أننا بعد صلاة التراويح نمر على بائع (المنقوش) وصاحب الكماج(بيض الكوكو) والحلاوة(مطو) وبائع(البليلة)و(شرشوباعيال)و(التسالي باأبو علي) والألعاب الليلية(مرامي عشا)و(لعبة المدواق)ولعبة(النيرسو) بالبرجونات وإطلاق(الطراطيع والقشاش).
** مظاهر رمضانية كريمة فقدها علي ملا.
فقدنا: الاجتماع عند كبيرالعائلة،واهتمام الكبير من أفراد الأسرة بـ(السفرة) الرمضانية وانقراض بعض الأكلات التي كانت موجودة أنذاك.
** مواقف حدثت لكم وأنتم تؤدون الأذان.وماذا عن وقف المؤذنين؟
المواقف كثيرة جدا كقيام بعض الغرباء من الحجاج والمعتمرين مطالبين بهدايا فلا أجد وقتها ما أملك إلا قلما في الجيب أو سبحة في اليد أو قنينة عطر.
** مواقف خاصة لكم مع أئمة الحرم قديما وحديثا.
المواقف مع الأئمة كثيرة أيضا كما يحدث لنا في الصلاة فمثلا يكون الإمام في حالة جلوس وأنا في حالة قيام أو العكس لاختلاف التقدير،أو مايكون في الصلاة على الميت فيشير لنا على أنه ميت وهي جنازة لميتة مما يستدعي إعادة ماأعلناه في المكبر،أو أننا ننادي بالصلاة والإمام منشغل بما يحدث من كثرة المصلين ونحوه فلا يسمع ماقلناه فيطلب النداء فيخبر بأنه سبق ذكره.
** وأنتم واحد من شهود العيان على الجهود التي تبذلها الدولة أيدها الله في خدمة الحرمين الشريفين.كيف رأيتم الحرم في السابق وفي عهده الحاضر؟
لقد من الله على الحرمين الشريفين بوجود دولة مخلصة ساعية إلى توفير كل سبل التسهيل للقادم إليهما في يسر وسهولة ومن توفير الوسائل الإعلامية المختلفة ووجود زمزم المبرد ووجود التوسعة الهائلة..ومن أتى إلى مكة والمدينة عرف مدى الامكانيات العظيمة التي توفرها حكومتنا أيدها الله وحرسها.
** أشياء لاتنسى في ذاكرة ملا.
لا أنسى إن نسيت أيام طفولتي وأنا أتجول في أروقة الحرم،وبداية دراستي على يد الشيخ عاشور،وأصوات العصافيرالتي تنشر الطمأنينة في روضات الحرم والرائحة الزكية التي تنبعث في فجر كل يوم. ولا أنسى العيد والثوب الجديد والعقال المقصب والحذاء الشرقي والمشلح والثوب المطرز والكوفية المنقوشة والغترة المطرزة واللباس الداخلي الطويل المشغل.
ولا أنسى الحرم وأبوابه ومكة وشعابها وجبالها. كل هذه الأشياء وتلك الأسماء لها ذكريات في طفولتي يفتقدها جيل اليوم.
علي أحمد الزهراني - مكة
نلتقي في حوار هذا العدد مع الشيخ علي أحمد ملا صاحب الصوت الندي الذي عرفه الناس بأذانه في الحرم المكي الشريف منذ أكثر من ثلاثين عاما.
(بلال الحرم) لقب تشرف به ملا وأحبه ذلك اللقب الذي أطلقه مسلمو أوربا حينما صدح بالأذان في جامع خادم الحرمين الشريفين بأدنبره وقت قيام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد بافتتاحه.
حاولنا مع ضيفنا في هذا الحوار أن نعيده إلى الوراء ليذكرنا بأيام الطفولة والحرم وأروقته ونشأته وتعلمه ومكة وشعابها.
فإلى الحوار الذي تركنا له مساحاته وأعطيناه أدواته فانبرى يرسم مخططه ويحدد مساراته:
** حدثونا عن مولدكم ونشأتكم وتعليمكم.
ولدت في سوق الليل بجوار الحرم ودرست في الرحمانية الابتدائية بالمسعى وحلقة الشيخ عاشور وفيها كانت بداية تعليمي فمدرسة الحلواني لتعليم الخط ثم الرحمانية المتوسطة فثانوية الملك عبدالعزيز فمعهد التربية الفنية بالرياض ثم حصلت بعد ذلك على درجة البكالوريوس من كلية وجامعة الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة.هذه ستون عاما نشأة وتعلما في جوار المسجد الحرام ومع الأذان.
** بداياتكم مع الأذان كيف كانت؟ومن أثر في مسيرتكم هذه؟ومالفرق الذي وجدتموه في الأذان بين الأمس واليوم؟
شاءت قدرة الله العلي العظيم أن يشرفني المولى باسم''مؤذن المسجدالحرم'' وهذه كانت أمنية والدي رحمه الله أن أصبح مؤذنا بالمسجد الحرام.وقد عينت مؤذنا رسميا في عام 1395هـ بأمر من معالي العلامة الفقيه الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله حيث كان رئيسا للإشراف الديني للمسجد الحرام بتزكية من علماء المسجد الحرام الشيخ أمين مراد والشيخ طه البركاتي وآخرين رحمهم الله جميعا وجزاهم الله عني خير الجزاء.
وممن كان له الأثر في مسيرتي هذه الأنشطة والإذاعة والحفلات المدرسية،وصحبة أهلي ممن كان لهم صلة بالأذان في الحرم،ثم الهواية والتطوير الذاتي بالسماع والترديد منذ كان عمري أربعة عشر عاما.
الأذان هو الأذان والفرق بينهما في الأمس واليوم أننا كنا نؤديه في المنائروكان هناك تنافس في حسن الأداء والتعلم ممن هم أكثر خبرة وأجمل صوتا أما ما نجده في بعض مؤذني اليوم فهو التقليد دون معرفة وحسن أداء ولا حتى الأسلوب والطريقة.
** ماذا عن مشيخة المؤذنين؟ومن هم أبرز المشايخ في نظر الملا؟
مشيخة المؤذنين في السابق (معلماتية) ومهمة للأذان في الأساليب والأصول كما هو المؤذن السابق،أما اليوم فالمؤذن يريد أن يبرز صوتا والشيخ هو عبارة عن مدير للأعمال الإدارية.
** ذكرياتكم مع رمضان في أيام الطفولة والصبا وأبرز المواقف التي حدثت لكم في رمضان.وكيف كانت مظاهر رمضان الكريم في تلك الأيام والوقت الذي تعيشونه الآن؟
ذكريات مرت عليّ في المسجد الحرام لا أظن أنها تعود مرة أخرى لحلاوتها والمكان الأمثل الذي مرت عليّ فيه.
للأذان في رمضان مهمة كبيرة تقع على عاتق الموقّتين بالمسجد الحرام، وعائلة الريس مهمتهم مراقبة الوقت وإعطاء الإشارة لدخول وقت أذان المغرب للمؤذن المتواجد في منارة باب العمرة والمؤذن بدوره يعطي الإشارة لجبل المدافع ومن ثم يبدأ افتتاح الأذان بالتلبية من قبل المتواجد في المقام الشافعي ويتابع المؤذنون من المنائر التكبير ورفع الأذان بطريقة التتابع،ومع التطور ووجود المراسلات اللاسلكية والإذاعة أصبح إطلاق المدفع يقوم على المتابعة للمؤذن بالحرم عن طريق الراديو وغيره من الوسائل.
صلاة التراويح في المسجد الحرام لم تكن بالشكل الموجود الآن من فرش وتنظيمات وازدحام ومضايقات واختناقات بل كانت الصلاة على الحصاوي وفرش الحنابل وأثريا مكة لهم فرش خاصة وبعض من هم المرمطية في مكة من الرياض والطائف وغيرها لهم فرش تفرش من قبل الزمامة وكذلك بعض الأمراء والضيوف،وتجد المؤذنين في السابق يحضرون جميعهم في صلاة التراويح يأخذ كل واحد منهم دوره بالتناوب.
كذلك لم تكن هناك مكبرات صوت حتى أيام الثمانينات وضع مكبر واحد ومجموعة في الهرنات لتوزيع الصوت في الحصوات وكان فضيلة الشيخ عبدالله الخليفي رحمه الله مسؤولا عن ذلك.
روحانية رمضان في أيام الطفولة لا تنسى فإطعام الفقراء والمجاورين لمكة وماء زمزم بالخلاوي وتبخير الدوارق المنقوشة والمصطكاة المبخرة وطاسات زمزم المعدنية المكتوبة والمنقوشة كلها روحانية متكاملة العناصر،كما كانت فرحتنا ونحن صغار لاتوصف حين كنا نذهب بعد العصر لبائع الفول والكعك وبائع السوبيا والتمور،وقبيل المغرب تكون المنافسة في تبخير (الطاسات) و(جك) الزمزم وانتظار مدفع الإفطار،كما أننا بعد صلاة التراويح نمر على بائع (المنقوش) وصاحب الكماج(بيض الكوكو) والحلاوة(مطو) وبائع(البليلة)و(شرشوباعيال)و(التسالي باأبو علي) والألعاب الليلية(مرامي عشا)و(لعبة المدواق)ولعبة(النيرسو) بالبرجونات وإطلاق(الطراطيع والقشاش).
** مظاهر رمضانية كريمة فقدها علي ملا.
فقدنا: الاجتماع عند كبيرالعائلة،واهتمام الكبير من أفراد الأسرة بـ(السفرة) الرمضانية وانقراض بعض الأكلات التي كانت موجودة أنذاك.
** مواقف حدثت لكم وأنتم تؤدون الأذان.وماذا عن وقف المؤذنين؟
المواقف كثيرة جدا كقيام بعض الغرباء من الحجاج والمعتمرين مطالبين بهدايا فلا أجد وقتها ما أملك إلا قلما في الجيب أو سبحة في اليد أو قنينة عطر.
** مواقف خاصة لكم مع أئمة الحرم قديما وحديثا.
المواقف مع الأئمة كثيرة أيضا كما يحدث لنا في الصلاة فمثلا يكون الإمام في حالة جلوس وأنا في حالة قيام أو العكس لاختلاف التقدير،أو مايكون في الصلاة على الميت فيشير لنا على أنه ميت وهي جنازة لميتة مما يستدعي إعادة ماأعلناه في المكبر،أو أننا ننادي بالصلاة والإمام منشغل بما يحدث من كثرة المصلين ونحوه فلا يسمع ماقلناه فيطلب النداء فيخبر بأنه سبق ذكره.
** وأنتم واحد من شهود العيان على الجهود التي تبذلها الدولة أيدها الله في خدمة الحرمين الشريفين.كيف رأيتم الحرم في السابق وفي عهده الحاضر؟
لقد من الله على الحرمين الشريفين بوجود دولة مخلصة ساعية إلى توفير كل سبل التسهيل للقادم إليهما في يسر وسهولة ومن توفير الوسائل الإعلامية المختلفة ووجود زمزم المبرد ووجود التوسعة الهائلة..ومن أتى إلى مكة والمدينة عرف مدى الامكانيات العظيمة التي توفرها حكومتنا أيدها الله وحرسها.
** أشياء لاتنسى في ذاكرة ملا.
لا أنسى إن نسيت أيام طفولتي وأنا أتجول في أروقة الحرم،وبداية دراستي على يد الشيخ عاشور،وأصوات العصافيرالتي تنشر الطمأنينة في روضات الحرم والرائحة الزكية التي تنبعث في فجر كل يوم. ولا أنسى العيد والثوب الجديد والعقال المقصب والحذاء الشرقي والمشلح والثوب المطرز والكوفية المنقوشة والغترة المطرزة واللباس الداخلي الطويل المشغل.
ولا أنسى الحرم وأبوابه ومكة وشعابها وجبالها. كل هذه الأشياء وتلك الأسماء لها ذكريات في طفولتي يفتقدها جيل اليوم.