إعلانات المنتدى


صليل المهند ..في كيفية نطق المشدد

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

المقرئ

مزمار فعّال
27 يوليو 2006
209
1
0
الجنس
ذكر
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه و سلم .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما
ثم أما بعد :
إن أصدق الحديث كتاب الله و خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه و سلم
وبعد :

فهذه رسالة قصيرة أردت أن أوضح فيها كيفية النطق بالحرف المشدد ، وذلك بعد ظهور الاختلاف في نطق المشدد ـ المدغم ـ الكامل ، وفَصل المشدد بعضه عن بعض ، وهذا خطأ محض وقع فيه بعض الأفاضل أخذا منهم بظاهر بعض النصوص ، ولذا سوف نحاول توضيح الصواب في المسألة إن شاء الله .والله المستعان .
ولذا أذكر مقدمة يسيرة عن تعريف الإدغام وزمنه وفائدته ثم نشرع في نقاش المسألة ثم نختمها ببعض التنبيهات التي يجب علي القارئ الانتباه لها
تعريف الإدغام :
وأما الإدغام : فهو عبارة عن خلط الحرفين وتصييرها حرفا واحدا مشددا ، وكيفية ذلك أن يصير الحرف الذي يراد إدغامه حرفا على صورة الحرف الذي يدغم فيه ، فإذا تصير مثله حصل حينئذ مثلان ، وإذا حصل مثلان وجب الإدغام حكما إجماعيا)التمهيد ص 8

ويقسم الإدغام إلي كامل : أي عدم بقاء الحرف وصفته مثل :"قدتَّبين"
وناقص : أي ذهاب الحرف وبقاء صفته مثل "أحطت"

قال ابن جني سر صناعة الإعراب ص56 : فأما النون إذا أدغمت بغنة والطاء والصاد والظاء إذا أدغمن بإطباق فقد قلبن إلى لفظ ما أدغمن فيه البتة وما بقي من رائحة الإطباق لا يخرج الحرف من أن يكون قد قلب إلى لفظ ما بعده لأن شرط الإدغام أن يتماثل فيه الحرفان فجرى الإطباق والغنة بعد الإدغام في قلة الاعتداد بهما مجرى الإشمام الذي لا حكم له حتى صار الحرف الذي هو فيه في حكم الساكن البتة وسترى القول فيه والدلالة عليه إن شاء الله ))ا.هـ

زمن الحرف المشدد:
قال المالقي : زمان النطق بالحرف المدغم أطول من زمان النطق بالحرف غير المدغم بقدر ما فيه من التضعيف ، كما أن زمان النطق بالحرفين المفككين أطول من زمان النطق بالحرف المدغم )الدر النثيرص172

فائدة التشديد ـ الإدغام ـ :
قال المالقي : تخفيف الكلمة إذ النطق بالحرف مرة واحدة وإن كان مشددا أخف من النطق به مرتين إذا فك ولذا شبه الخليل تكرار الحرف بمشي المقيد إذا رفع رجله ثم وضعها ـ عادت حيث كانت فكذا تكرار النطق بالحرف الواحد ، لأن العضو الناطق يعتمد في المرة الثانية علي ما اعتمد عليه في المرة الأولي .)ص173

والتشديد يكون في المثلين "ولا يغتب بعضكم" ، أو متقاربين "قد جّعل" عند من أدغم من القراء ، أو متجانسين "قد تَّبين" .
هذه نبذة يسيرة في الحديث عن المشدد ومن أراد المزيد في باب الإدغام عليه بكتب التجويد المطولة ، ولكني ـ في هذه الرسالة ـ أردت الحديث عن الخلاف في طريقة أداء الحرف المشدد ، حيث اختلف المتأخرون في طريقة أداء الحرف المشدد ، فالبعض ينطقها كالحرف الواحد مع زيادة في زمنه ، والبعض يغاير في هذا النطق يأتي بحرفين كما سنري إن شاء الله .

واستفحل الأمر فأصبح البعض يفرق بين لامي لفظ الجلالة ـ أي لام التعريف واللام الأصلية ـ ففي مثل " نعمة الله " يقوم بترقيق لام التعريف ثم تفخيم اللام الأصلية فغاير بين المدغم والمدغم فيه ، وكذا فعلوا في الراء من مثل " مضارٍ وصية " في حالة وصل "مضار" فيفخمون الراء الأولي لأن قلبها ساكن وقبل الساكن فتح ، ويرققون الثانية لأنها مصحوبة بكسر مع أن الراء مشددة .!!

ويبدوا أن السبب في هذا : إنهم قرؤوا نصوصا تصف المشدد بأنه عبارة عن ساكن ومتحرك ، فلم ينتبهوا أن هذا الكلام إنما هو عن أصل المشدد لا عن كيفية نطقه ، لأن المجمع عليه أن المشدد عبارة عن حرفين ساكن ومتحرك ، قال في التمهيد "اعلم أن المشدد في القرآن كثير، وكل حرف مشدد بمنزلة حرفين في الوزن واللفظ، الأول منهما ساكن والثاني متحرك )ا.هـ

ولكن هناك نصوص توهم أن النطق بالمشدد النطق بحرفين .وإليك بعضها من كتاب الدرسات الصوتية عند علماء التجويد" صـ 396/397 د/ غانم قدوري

قال طاش كبري زادة :...وإذا أصغيت إلي لفظ سمعته ساكنا مشددا ينتهي إلي محرك مخفف "
وقال أبو الفتوح الوفائي : الناطق بالحرف المدغم ناطق بحرفين أولهما ساكن والثاني متحرك " ثم قال :"والصحيح أن الحرفين ملفوظ بهما"الجواهر المضية ))ا.هـ
فهذه النصوص جعلت البعض يذهب لمذهب النطق بالمشدد بحرفين .

وهناك نصوص واضحة تؤكد أن المشدد حكمه حكم الحرف الواحد :
قال سيبويه "الكتاب"ص1/358 (والإدغام إنما يدخل فيه الأول في الآخر والآخر على حاله، ويقلب الأول فيدخل في الآخر حتى يصير هو والآخر من موضع واحد، )ا.هـ
قال المبرد في كتابه "المقتضب" : فإن أردت الإدغام أسكنت الأول، وإنما تفعل ذلك استخفاف، لترفع لسانك رفعةً واحدة. )1/46

قال الداني في التحديد : (...وأما المدغم من الحروف فحقه إذا التقي بمثله أو مقاربه وهو ساكن أن يدخل فيه إدخالا شديدا فيرتفع اللسان بالحرفين ارتفاعة واحدة ، فيصير بتداخلهما كحرف واحد لا مهلة بين بعضه وبعضه ، ويشد الحرف ويلزم اللسان موضعا واحدا غير أن احتباسه في موضع الحرف لما زيد فيه من التضعيف أكثر من احتباسه فيه بالحرف الواحد ))ا.هـ صـ99

فنصوص الأئمة واضحة وجلية في عدم الفصل بين المشدد أي بين بعضه وبعضة كما وضَّح الداني ـ رحمه الله ـ .

وممن رجحوا القول بالفصل في الحرف المشدد فضيلة د/ إيهاب فكري في كتابه "أجوبة القراء الفضلاء " في جوابه علي الوقوف علي كلمة "مرَّة" للكسائي فقال: هو أنني سألت ثلاثة من مشايخي عن هذه المسألة فأجاب اثنان منهم : أن الإمالة تكون في الراء الثانية فقط ، أما الراء الأولي فلا يدخلها إمالة ولا ترقيق ، وأجاب الثالث : أن الرائين يدخلهما الإمالة وقفا وبالتالي يدخلهما الترقيق وتصبح الراء الأولي مرققة .

والصواب من الرأيين هو : الرأي الأول ، لأنه المعروف في الوقف علي كل من حروف الاستعلاء للكسائي وحمزة ، فإننا إذا وقفنا علي نحو : "الحاقة" و"الصاخة" حيث القاف والخاء فيهما مشددتان فإننا علي وجه الإمالة نميل القاف والخاء الثانية ، ولا تدخل الإمالة علي القاف والخاء الأولي باتفاق ، فيكون هذا هو الحكم في الراء المشددة .)ا.هـ ص97

الجواب : بداية لست أدري من أين جاء بكلمة "المعروف" في نحو: الصاخة والحاقة عند قراءته للكسائي؟ فالمعروف عند مشاهير القراء غير ما ذهب إليه ، وما قاله مردود نقلا وعقلا.
أما النقل : قد سبق نص الداني في التحديد : (...وأما المدغم ..... فيصير بتداخلهما كحرف واحد لا مهلة بين بعضه وبعضه ، ويشد الحرف ويلزم اللسان موضعا واحدا غير أن احتباسه في موضع الحرف لما زيد فيه من التضعيف أكثر من احتباسه فيه بالحرف الواحد ))ا.هـ صـ99


فقوله : "كحرف واحد لا مهلة بين بعضه وبعضه ، ويشد الحرف" يدل علي عدم الفصل بينهما بحال من الأحوال .

وما قاله ابن الجزري في النشر فيه القول الفصل وهو قول واضح يصعب أن تجد أوضح منه من أقوال القدامي قال: وذهب الجمهور إلى التفصيل فاستثنوا ما كان بعد ساكن صحيح مظهر وهو الكلمات الست (ذكرا وسترا) وأخواته ولم يستثنوا المدغم وهو: سراً ومستقراً. من حيث إن الحرفين في الإدغام كحرف واحد إذ اللسان يرتفع بهما ارتفاعة واحدة من غير مهلة ولا فرجة فكأن الكسرة قد وليت الراء في ذلك وهذا مذهب الحافظ أبي عمرو الداني وشيخيه أبي الفتح والخاقاني وبه قرأ عليهما...))ا.هـ 2/162

وانظر لقوله " .... فكأن الكسرة قد وليت الراء في ذلك " أي أن الساكن المدغم ليس له تأثير بين الحرف المدغم فيه والكسرة السابقة للحرف ، ولو كان ذا تأثير لفصل بين الكسرة والحرف المدغم فيه ، ووضح خلافه في قول ابن الجزري .



ويمتنع عقلا : لأننا إن أبقينا صفة من الصفات في المشدد وقلنا مثلا : تفخم الأولي وترقق الثانية أو العكس ..فلا فرق حينئذ بين الإدغام الكامل والإدغام الناقص !! لأن الإدغام الناقص بقاء صفة وهم قد أبقوا صفة الحرف المدغم ، إذن فلا فرق عندهم بين "أحطت" وبين "قد تبين" ولا قائل بذلك فبطل قولهم ..والله أعلم

وقد قابلت الشيخ إيهاب فكري في الحرم المدني وتحدثتُ معه في هذه النقطة ..فقلتُ له ما ذكره في كتابه ، وأخبرته بأن هذا لا يصح .فقال لي : لا نريد أن نأخذ بالرأي الواحد في المسألة فما دام هناك من قرأ بهذا وذاك فلا نرد ما قرأ به المشايخ ... فقلتُ له : فضيلتكم يا شيخ أخذتم بالرأي الواحد في مسألة الضاد الظائية وأطلقت عليهم "المرعشيين" مع أن هناك من قرأ بهذا وذاك .

فقال : الضاد الظائية ضاد مخترعة ولم تكن موجودة فلا يقارن بمسألتنا .
((في حقيقة الأمر لم أرد أن أدخل في قضية الضاد معه مع عدم قناعتي بصحة ما قاله في الضاد الظائية ..وسكتُّ لأني كنت أريد عين مسألة المشدد)) فقال د/ إيهاب : نريد أن نتفق علي أصل حتي لا نتفرع عن هذه النقطة .

فقلتُ : حسنا..المعلوم أن أي شيخ قد يعتريه عدم التركيز أو النوم أو أي عارض بحيث لا يستطيع أحد أن يجزم أن كل حرف من قراءت قد سمعه الشيخ ، لربما كان الشيخ منشغلا بمشكلة والظاهر أنه يستمع للطالب والأمر ليس كذلك ..والطالب لا يسئل شيخه في كل صغيرة وكبيرة لأي عذر كان ، ولربما تطرأ عليه البحث في مسألة بعد الانتهاء من قراءته .. فاتفقنا علي هذا .

ثم ذكرت له أقوال الداني وابن الجزري وأقوال مشايخنا في هذه النقطة ، ثم ذكرت له : قضية عدم الفرق بين الإدغام الكامل والناقص ..وكل ذلك بعد مداولات ومناقشات ثم توقف عند الكامل والناقص وقال : أنا أسلم لك في هذه النقطة وسأبحث في الموضوع ...ثم افترقنا علي ذلك .



مسألة إدغام الواو والياء في النون الساكنة أو التنوين :

كثير من القراء عند إدغام النون الساكنة أو التنوين في الواو والياء يجعل معظم الغنة من الخيشوم ويخلُّ بمخرج الياء والواو ـ وخاصة الواو ـ .

فلو أراد القارئ النطق بالغنة مع الواو يجب أن يكون وضع الشفتين في هذه الحالة مثل وضع الشفتين عند نطق الواو من (أو) أي يضم الشفتين قليلا إلي الأمام مثل نطقه بالواو الساكنة . ثم يأتي بالغنة بعد ذلك .وكذا بالياء تأتي بالمخرج ثم الغنة ..وكذا في اللام والراء في حالة القراءة بالغنة فيهما ، تأتي بالحرف ثم تغن بعد ذلك .

وذكر د/ إيهاب هذه المسالة فقال في كتابه "أجوبة القراء الفضلاء " في جواب عن طريق أداء الغنة في اللام والراء لمن قرأ بالغنة من طريق الطيبة .هل تسبق الإدغام الحرف أم تكون معه ؟؟

فأجاب قائلا : إنها تكون ملازمة معه للإدغام لأن صفة الحرف معه لا قبله والغنة صفة للنون والتنوين ولا تسبق الصفات الحرف ، فلا تسبق صفة التفخيم نطق الضاد والصاد مثلا .
فسأله صاحب السؤال : لكن بعض القراء يقولون : إنهم تلقوها ـأي الغنة ـ سابقة للإدغام ؟؟
فأجاب بشذوذ قراءتهم لمخالفتها للجمهور )ا.هـ29
فردُّه لقول من قال إن الغنة تسبق الحرف صحيح ، أما القول بأن الغنة ملازمة للحرف غير صواب للآتي :
أولا : تشبيه صفة الغنة بالصفات الأخري التي مثل بها د/ إيهاب حيث قال : " والتنوين ولا تسبق الصفات الحرف ، فلا تسبق صفة التفخيم نطق الضاد والصاد مثلا ..." لا يصح ..لأن صفة الغنة صفة مغايرة لسائر الصفات الأخري لأن صفة الغنة لها مخرج مخصوص مغاير لمخرج الحرف.فيحدث لها نقل من المخرج للخيشوم

والدليل علي مغايرة الغنة لسائر الصفات أن غنة النون الساكنة والتنوين تفخم إذا كان بعدها بعض أحرف التفخيم ، بينما النون مرققة أبدا ، فغايرت الصفة ـ الغنة ـ الحرف ، وتفخيم الغنة من مذهب د/ إيهاب فقد ذكره في أجوبته فقال: ... والحاصل أن تفخيم قبل حرف الاستعلاء يقتضيه الطبع السليم وذلك حتي يهئ القارئ جهاز النطق لتفخيم الحرف التالي . )صـ 34 أليس ذلك دليلا علي مغايرة صفة الغنة لغيرها؟؟ .

ثانيا : النصوص دالة علي أن غنة الإدغام تكون علي الحرف المدغم فيه (أي علي الواو والياء والراء واللام ) أي في حالة القراءة بالإدغام في الراء واللام مع الغنة في بعض طرق حفص .

قال سيبويه : وهي مع الراء واللام والياء والواو إذا أدغمت بغنة فليس مخرجها من الخياشيم، ولكن صوت الفم أشرب غنةً. ولو كان مخرجها من الخياشيم لما جاز أن تدغمها في الواو والياء والراء واللام، حتى تصير مثلهن في كل شيء.))ا.هـ4/454

وقول سيبويه " ... ولكن صوت الفم أشرب غنةً." المقصود بـ (صوت الفم ) أي الحرف المدغم فيه أي " الواو والياء والراء واللام " لأن الصوت عند العرب صوتان : صوت حرف ، وصوت حركة .

وقوله " أشرب غنة" أي أنك تنطق بالحرف المدغم فيه ثم تأتي بالغنة لأن صوت الفم - المدغم فيه - أشرب غنة ، أي أن الغنة دخلت علي الحرف المدغم فيه مثل قولهم :إن صوت الصاد أشرب زايا في نحو "الصراط ، وأصدق وبابه " علي قراءة من قرأ بها ، وكما وهذا لا يكون إلا بعد الإدغام مع ما قلناه بأن صفة الغنة لا تشبه بقية الصفات ،
. ولا يقال : إن صفة الغنة قبل الحرف المدغم فيه ..فكيف تأتي بعد الإدغام ؟؟
الجواب : قد سبق مغايرة صفة الغنة لبقية الصفات فهي يُنتقل إليها بعد الحرف ـ النون الساكنة أو التنوين ـ والحرف قد أدغم ، وهذا واضح في قول سيبويه : " ولكن صوت الفم أشرب غنةً." والله أعلم .

وهناك قول ثالث في أن الغنة تكون بين الحرفين ولم يلق هذا القول اهتماما ، قال ا.د غانم قدوري :" وذكر مكي في كتابه الكشف فقال :" لكن الغنة ظاهرة مع اللفظ بالمشدد لا في نفس الحرف الأول كأنها بين الحرفين المدغمين " ا.هـ1/164

وأشار ابن الباذش في " الإقناع " فقال:" إن الغنة بين الحرفين وليست في نفس الحرف الأول " 1/253

ويمكن أن يكون هذا الكلام السابق قولا ثالثا في المسألة وقد علل د/ غانم قدوري لهذه الفكرة قائلا : " ولم تنل هذه الفكرة عند علماء التجويد إلا قليلا من الاهتمام ، على الرغم من أن بعضهم نص على أن الغنة الظاهرة عند إدغام النون فى الواو والياء هى غنة النون ، لكن ذلك لم يكن في معرض الحديث عن الفكرة التي ذكر سيبويه . قال عبد الوهاب القرطبى " فالغنة تقدر باقية من النون ، وإن كانت قد انقلبت واوا أو ياء . ومثله ( أحطت ) و( فرطت ) فإن الطاء تدغم بإبقاء شائبة منها مع أنها تنقلب تاء ، والإطباق لها لا للتاء .
ويمكن أن نقول أيضا : إن القولين قريبان لأن قول مكي " الغنة ظاهرة مع اللفظ بالمشدد" وهو صحيح من جهة المقارنة هل الغنة في الحرف الأول أم الثاني ؟ أما من جهة ظهور الغنة فقد سبق قول سيبويه في أن حروف الفم أشربت الغنة في مخارجها .

وقال السمرقندى " وهذه الغنة التى بقيت مع الواو والياء غنة النون أو التنوين ، إذ لا غنة للواو والياء أصلا " وكان الدانى قد قال قولا عاما فى الغنة ، وهو " إذ غير ممكن أن تكون منفردة في غير حرف أو مخالطة لحرف لا غنة فيه ، لأنها مما تختص به النون والميم لا غير " الدراسات الصوتية صـ372

فكلام الداني يتحدث فيه عن أصل الغنة ، فغير ممكن أن تخرج الغنة من غير حرف أو أن تكون موجودة في حرف ليست الغنة صفة لها . فالحرف ذهب بالإدغام وبقيت غنتها وهي تظهر بعد الإدغام كما سبق.

أما في حالة الإدغام الكامل فالرواية اقتضت ذهاب الحرف وصفته وهذا لا خلاف فيه فالجمهور علي الإدغام بغنة عند الواو والياء ، وانفرد خلف عن حمزة في (الواو) وشاركه الضرير عن الكسائي في (الياء) وأخذا بالإدغام الكامل .

وهناك بعض التنبيهات في أداء الحرف المشدد :
ـ بعض القراء عند نطقهم ( همت طائفة ) يأتون بتاء خفيفة قبل النطق بالطاء مشددة ، وإنْ نطقها صحيحة ـ أي إدغاما كاملا ـ يظن أن الميم من " همت " قد فخمت ، والحقيقة غير ذلك لأن أداء الغنة في الميم تعطي الاستعداد الجيد لنطقها مرققة ثم النطق بالطاء مفخمة .

ـ (الضالّين) يبالغ البعض في تشديد اللام حتي تخرج مصاحبة للغنة ، فيجب إخراجها سهلة وعدم المبالغة فيها بأن لا يبالغ في إطالة زمن التشديد.

ـ (ضرًّا) يبالغ البعض في تشديد الراء حتي يذهب بالراء كلية فتقترب من اللام وأطلق ابن الجزري علي هذه الفعلة (الحصرمة) فيجب علي القارئ إظهار الراء مع الإتيان بصفة التكرار بدون مبالغة حتي لا تتكرر راءات كثيرة .

هذا ما من الله به علينا وأسأل الله السلامة من الرياء والسمعة ، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل آمين .
والحمد لله رب العالميـــــــن
أبو عمر عبد الحكيم عبد الرازق فولي
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: صليل المهند ..في كيفية نطق المشدد

بارك الله فيك ما شاء الله درس رااائع اخانا الفاضل
والله استفدت منه كثيرا جزاك الله خيرا
 

ام عبد البر

مزمار نشيط
17 فبراير 2008
36
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: صليل المهند ..في كيفية نطق المشدد

(بسم الل)

:x3:جزاك الله خيرا والله كنا نحتاج لمثل هدا التوضيح نفع الله بكم وبعلمكم
 

ال باشا

مزمار ألماسي
12 يوليو 2006
1,703
1
38
الجنس
ذكر
رد: صليل المهند ..في كيفية نطق المشدد

بارك الله فيكم
 

أحمد النبوي

مراقب الأركان العلمية
مراقب عام
19 يناير 2009
2,950
662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: صليل المهند ..في كيفية نطق المشدد

جزاكم الله خيرا على الجمع المؤصل والفهم النرتب، وفي انتظار المزيد من البحوث النافعة، ولا عدمنا قلمكم المميز.
 

أحمد عمار

مشرف الركن العام
المشرفون
10 فبراير 2010
3,061
284
83
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: صليل المهند ..في كيفية نطق المشدد

جعلنا الله واياكم ممن يعلمون فيعملون
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع