إعلانات المنتدى


الوقف الحسن: تقسيمات مهمةٌ لدرء الأوهام فيه

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

أحمد النبوي

مراقب الأركان العلمية
مراقب عام
19 يناير 2009
2,950
662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
الوقف الحسن: تقسيمات مهمةٌ لدرء الأوهام فيه​


تعريفه: هو ما تعلق ما بعده بما قبله، أو ما قبله بما بعده، أو تعلق كلاهما ببعضهما؛ لفظًا ومعنىً.

وهو نوعان:
1. حسنٌ بالنظر إلى هيئته وكيفيته فقط.
2. حسنٌ اصطلاحيٌّ.

o فأما الهيئة والكيفية فهي: الوقفُ على كلمةٍ ما، ثم الابتداءُ قبلها بكلمةٍ ما.
هذه هيئته، لكن لذلك تفصيلٌ باحتمالاتٍ أربعة:

1. فقد يقف القارئ على قبيح ويبدأ بقبيح.
2. وقد يقف على قبيح ويبدأ بحسن.
3. وقد يقف على حسن ويبدأ بقبيح.
4. وقد يقف عى حسن ويبدأ بحسن.

وتفصيلُ ذلك وتمثيله أن يقال:

1. إذا وقف على قبيحٍ وابتدأ بقبيحٍ: فالوقف قبيح كذلكَ، ومثاله إذا وقف على "الْكَافِرِينَ" ثم ابتدأ "عُقْبَى" الأولى من قوله تعالى "تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ" (الرعد 35).

2. وإذا كان الوقفُ على معنىً قبيح ثم ابتدأ بمعنىً صحيحٍ: فالوقف قبيح، كمن وقف على "إِن تُبْدَ لَكُمْ" من قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ" (المائدة 101)، ولا يصحُّ إلا اضطراراً، فإن اضطر القارئُ إليه بدأ من قوله "لا تسألوا"، أو من أول الآية - وهو الأولى - فكأنه لم يقف! وكالوقف على "رَجُلَيْنِ" من قوله تعالى "وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ"، فالوقف على "رَجُلَيْنِ" ولو على هيئة الوقف الحسن قد يوهم أنه وجد المدينة خالية إلا من رجلين!

3. وإذا وقفَ على معنىً حسنٍ وابتدأ بقبيحٍ: فهو قبيح كذلك، ومثاله أن يقفَ على لفظ الجلالة الثاني ثم يبدأ بقوله "بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ" من قوله تعالى "قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ (الأنعام 71).

ولا عبرة - فيما سبق من الحالات – بالاضطرار أو الاختبار، بل العبرة باختيار القارئ للوقف تعمدًا وقصدًا إليه، فهذا ما يمكن الحكم عليه، فإن قصد إلى شيئٍ مما سبق فهو قبيح، وإن اضطر إليه أو أُوقف عليه امتحانًا واختبارًا فلا يُحكم عليه لأنه مما لم يُقصد إليه، إذ كل ذلك من الضرورات التي لا حكم لها إلا أن تقدر بقدرها، والله أعلم.

4. أما إن وقف على معنىً حسنٍ، وابتدأ بمعنىً حسنٍ: فهو وقفٌ حسن، وهو الحسن الاصطلاحي، ولابد له من القيدين التاليين:

· ألا يقف على قبيح.
· ألا يبتدئ بقبيح.



وهكذا تكون قاعدته الذهبية:


يتولد في كل وقفٍ على هيئةِ الحسنِ أمران: وقفٌ ثم ابتداء، فإن كان أحدهما قبيحًا انقلبَ ما كانَ على هيئةِ الوقف الحسنِ إلى وقف قبيح.




فتبين أن الوقف والابتداء في الوقف الحسن لا ينفكان، فإن قَبُح الوقف أو الابتداء قَبَّحَ الوقف كلَّهُ ولابد، إلا المرخص للضرورة فهو بحسبه وإن كان قبيحًا، وإن قَبُحَ الوقف وقَبُحَ الابتداء فهو آكد في القبح، وإن صحا معا فحسنٌ إن شاء الله.


وهذا الحسن فيه تفصيلٌ بالنظرِ إلى جهةِ التعلق، وتحته نوعان:

الأولُ: ما لم يتمَّ الكلامُ عندهُ لا لفظاً ولا معنىً، فهو مُفتقرٌ إلى ما بعدَهُ مُحتَاجٌ إليهِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، كَمِثْلِ قوله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" (النــور 23)، بالوقف على "الْمُؤْمِنَاتِ" لأن خبر (إنَّ) لم يأت بعدُ، فلا يزال السامع ينتظرُ خبرَهَا بعد اسمِهَا.

الثاني: ما تم المعنى عنده لفظاً، حتى وإن كان المعنى ناقصاً، فهو يصلح للاستقلال عما بعده، لكنَّ ما بعده هو المحتاجُ إليه المتعلِّقُ به ولا يستقلُّ عنه، ولا يُفهَمُ السياقُ حتى يوصل الآخِرُ بالأولِ، ومثال ذلك الوقف على "يَفْتِنُوكَ" من قوله تعالى "وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ/ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ (المائدة 49)، فالكلام عند قوله "يَفْتِنُوكَ" مستقلٌ مفهوم، لكنَّ ما بعده لا يقوم إلا به، فوجبَ أن يوصلَ بالأول.

ملحوظة: المقالة مستلة من كتاب لم يطبع بعنوان "المنسأة في وقوف القرآن المنشأة".

والله أعلى وأعلم وأحكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 

أأبو عز

مزمار جديد
24 أبريل 2011
11
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
علي عبد الرحمن الحذيفي
رد: الوقف الحسن: تقسيمات مهمةٌ لدرء الأوهام فيه

 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: الوقف الحسن: تقسيمات مهمةٌ لدرء الأوهام فيه

ما شاء الله جزاكم الله خيرًا على هذا الشرح الميسر والمميز والواضح
وبارك الله في جهودك العظيمه ونفعنا الله بعلمكم أستاذنا الفاضل أحمد النبوي حفظكم الله
 

۩ العضو النادر ۩

مشرف سابق
7 ديسمبر 2009
9,545
155
0
الجنس
ذكر
رد: الوقف الحسن: تقسيمات مهمةٌ لدرء الأوهام فيه

جزاكم الله خير شيخنا الفاضل وبارك بعلمك.
 

أأبو عز

مزمار جديد
24 أبريل 2011
11
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
علي عبد الرحمن الحذيفي
رد: الوقف الحسن: تقسيمات مهمةٌ لدرء الأوهام فيه

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
كيف حال الجميع
ممكن اذا تكرمتم يا جماعه
كتاب (الوقف والابتداء للسخاوى) ضرورى جدا جزاكم الله خيرا
واذا ممكن بعض الكتب التى تهتم بالوقف والابتداء
وشكرا لكم جميعا
 

أحمد النبوي

مراقب الأركان العلمية
مراقب عام
19 يناير 2009
2,950
662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع