- 27 يوليو 2006
- 209
- 1
- 0
- الجنس
- ذكر
رسالة فاصلة في الضاد الظائية
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله_ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا . أما بعد...
هذا بحث في الضاد قمت بكتابته فاستحسنها بعض الإخوان وطلب نشرها ليفيد الجميع فأجبت طلبه راجيا من الله القبول . آمين
قد كثر الحديث في أيامنا في مسألة الضاد الظائية وأردت أن أضع بحثا تستطيع أخي القارئ أن تناقش الظائيين بكل سهولة ويسر دون الحاجة لنفي الضاد الظائية من الأساس . فالعبرة دائما في قراءة القرآن انتشار القراءة وقبول الناس لها وهذه الضاد الظائية لم تلق قبولا عند السواد الأعظم من الناس ، فليس كل نص يصلح الاستدلال به فما تواتر عند الناس ـ القراء ـ هو المقبول ولو خالفت النصوص كما سنري في مشكلة الضاد .
سأضع لك أخي مخرج الضاد عند علماء الأصوات وعلماء التجويد : وذكر عبد الوهاب القرطبي في كتابه الموضح في التجويد تعريف مخرج الضاد بقوله ( ومن أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس مخرج الضاد وإن شئت أخرجتها من الجانب اليمن وإن شئت من اليسر ....) اهـ ص 78
قال الشيخ أيمن سويد :الضاد (ض ) : من إحدى حافتي اللسان أو كلاهما معا وهذا الحرف انفردت به اللغة العربية وهو يخرج من منطقة حافة اللسان اليمني أو اليسرى أو هما معا ولكن هذا لا يمنع أن تشارك حافة اللسان إلي منتهاها كلها ولكن الضغط والاعتماد علي إحدى حافتي اللسان أو هما معا وهذه المنطقة تقرع الجدار الداخلي للأضراس العليا ففي هذه المنطقة يقع الضغط وكانت بعض القبائل تضغط علي الحافة اليمني والبعض الآخر يضغط علي الحافة اليسرى والبعض يضغط علي الحافتين معا بتوزيع متعادل وعند النطق بالضاد يلتصق المخرج تماما فينحبس الهواء وراء اللسان وهذا الانحباس يسبب الضغط فيندفع اللسان إلى الأمام مليمترات بسيطة فيصل رأس اللسان إلي منطقة التقاء اللحم باللسان مع مراعاة عدم إخراج طرف اللسان لأنه يمكن أن يصل إلي مخرج الظاء وهو أطراف الأسنان العليا لذلك نجد خلطا بين الضاد والظاء
(( ومخرج الظاء هو منتهى رأس اللسان مع أطراف الثنايا العليا ))ا.هـ
قال د/ عبد الصبور شاهين في مخرج الضاد:" والضاد أيضا تبدأ من مخرج الدال ، ويأخذ اللسان شكله المقعر مطبقا علي الحنك الأعلى لتكون الضاد ." علم الأصوات صـ116
قال د/ حسن جبل :"الضاد : تخرج من بين حافتي اللسان ـ أو أحدهما ـ وبين ما يحاذيهما من الأضراس العليا مع تقعر وسط اللسان والتقاء طرفه بأصول الثنايا العليا وما حولها بين موقع طرف اللسان مع اللام وموقعه من الطاء وأختيها .... ثم قال وما يظن جديدا في هذا التحديد ليس جديدا فقد ذكره سيبويه حيث حدد موقع طرف اللسان معها بيين موقع طرف اللسان مع اللام وموقعه من الطاء فقال : إن الضاد استطالت حتي اتصلت بمخرج اللام ...."المختصر في أصوات اللغة العربية صـ 130
والخلاف في الضاد الظائية بين أهلها في وضع طرف اللسان فالشيخ الجوهري كان ينكر وضع طرف اللسان بأصول الثناياـ كما أخذها من الشيخ عامر عثمان ـ محتجا بأن ابن الجزري قال الحافة ولم يقل بطرف اللسان ، وعلماء الأصوات يضعون طرف اللسان بأصول الثنايا العليا ..انظر قول د/ جبل . والله أعلم بالصواب .
ونحن نناقش أهل الضاد الظائية مقرين لهم بأن وصف سيبويه ينطبق علي الضاد الظائية ، وهذا لا يمنع وجود الضاد المصرية قديما كما سنري ـ إن شاء الله ـ ولكن الخلاف دائر بين نقطتين:
الأولي : عدم وجود الضاد الظائية حاليا ـ كما وصفها سيبويه ـ .
الثانية : إثبات وجود الضاد المصرية منذ القدم .
وبداية أقول : إن الضاد الظائية كانت موجودة وهذا ما يؤكده أقوال القدامي ــ بخلاف من أنكروها تماما ـ ولكننا نقول: إن الضاد الظائية لا وجود لها الآن ـ كما وصفها القدامي ـ .. وهذا ليس قولي بل قول علماء الأصوات أنفسهم رغم أنهم يقولون : بالضاد الظائية ولكنهم ينطقونها ويختلفون في طريقة نطقها لأنهم ينطقونها حسب وصف سيبويه وغيره دون سماع ـ أي بالتقريب ـ .
وإليك هذه الأقوال : قال ا. د غانم قدوري ـ متخصص في علم الأصوات ـ: " والضاد بهذه الصفات لم يعد لها وجود في النطق العربي الفصيح في زماننا ، لا في قراءة القرآن ، ولا في غيرها ، كما يقول علماء الأصوات " ا. هـ
إخواني في الله .. انظروا إلي هذه الفقرة من كلام ا.د غانم قدوري :" ، كما يقول علماء الأصوات" أي هو لم ينفرد بذلك وهذا يصدق قول صاحب كتاب " إعلام السادة النجباء .." بأنهم الآن اعتمدوا علي وصف سيبويه في نطق الضاد التي يتحدثون عنها " ا.هـ كلامه بتصرف
وقال أ.د محمد حسن جبل بعد شرحه لوصف كلام سيبويه :" وأنا أنطقها وأعلمها طلابي حسب الوصف القديم تماما ." صـ 130
انظر أخي الكريم اعتماده علي وصف سيبويه دون إثبات أن نطقه سماعي لمعرفته بعدم وجود هذه الضاد بين القراء والناس ونطقه اجتهادي .. وقد ذهبت إلي كلية علوم القرآن وسألته : أين نجد القبيلة التي تنطق الضاد الظائية ؟ قال: أنا أنطق الضاد كما وصفها سيبويه ، قلت له بعدم وجود الضاد الظائية قاله غانم قدوري، قال: غانم نقل قول مستشرق .. قلت له : وأين ما يخالف قوله أو قول المستشرق ؟ قال : (يا ولد أنا زعلان منك ).. والله والله ما استطاع أن يأتي بقرية صغيرة .ولم يقل في الجزائر والحجاز مع اعترافه بأن أهل الحجاز يأتون به ظاء . رغم شدة تعصبه للضاد الظائية .فكل ما في الأمر النطق اجتهادي فقط .
ولم يستطع أن يذكر لي ولو قرية صغيرة تنطقها كما وصفها سيبويه .. وللرد ببطلان هذا الاجتهاد ـ أي النطق بالوصف ـ نقرأ ما قاله ابن الجزري في التمهيد:" واعلم أن هذا الحرف خاصة إذا لم يقدر الشخص علي إخراجه من مخرجه بطبعه لا يقدر عليه بكلفة ولا بتعليم " صـ 82
قال ابن الجزري ذلك والألسن لا تزال فيها بعض الاستقامة فما بالنا في أيامنا التي سيطرت اللغات الأجنبية مع سيطرة العامية علي ألسنة الناس ؟؟
قال د/ عبد الصبور شاهين في كتابه (علم الأصوات) :"... إن ما نسمعه من نطق أبناء الجزيرة العربية والعراق للضاد هو أقرب الوجوه النطقية إلي القديم ولكنها تلبس في نطقهم كثيرا بالظاء ..." صـ 117
أقول : وقلب الضاد ظاء من الخطورة بمكان حيث يؤدي إلي تغير المعني قال ابن الجزري :"... فلولا الاستطالة واختلاف المخرجين لكانت ظاء وهم أكثر الشاميين وبعض أهل المشرق ، وهذا لا يجوز في كلام الله تعالي ، إذ لو قلنا ( الضالين ) بالظاء كان معناه : الدائمين ، وهذا خلاف مراد الله تعالي ، وهو مبطل للصلاة لأن الضلال بالضاد وهو ضد الهدي كقوله تعالي ( ضل من تدعون إلا إياه) و( والضالين) الفاتحة 7 ونحوه وبالظاء هو الدوام كقوله تعالي ( ظل وجهه مسودا ) فمثل الذي يجعل الضاد ظاء في هذا وشبهه كالذي يبدل السين صادا في نحو قوله تعالي ( وأسروا النجوى) و(أصروا واستكبروا ) فالأول من السر والثاني من الإصرار .."صـ 82،83
وقد أجاز ابن كثير بإقامة أحدهما مكان الآخر وكذا في بعض الفتاوى وهذا عند الضرورة أي عند عجز القارئ لنطق الضاد السليمة والقاعدة معروفة لدا الأصوليين : الضرورات تبيح المحذورات .
وقال ابن الجزري : وقد أطلق ابن جني في كتاب التنبيه وغيره أن من العرب من يجعل الضاد ظاء مطلقا في جميع كلامهم ، وهذا غريب وفيه توسع للعامة." التمهيد82 ،هذا عند الضرورة وحيث لا ضرورة الآن في ظل وجود الضاد الحالية بطل هذا القول، فلم يرض ابن الجزري إقامة أحدهما مكان الآخر وعلق بقوله:" وهذا غريب وفيه توسع للعامة."
هذه هي أقوال علماء الأصوات المعاصرين وهم مجمعون علي عدم وجود هذه الضاد ومن يعترض ويخالف أهل التخصص لا يعتد بقوله إلا أن يأتي بدليل واضح وهذا الدليل معدوم كما قال أهل التخصص فبطل قولهم .. وهذا لا يخالف فيه أحد .
فما السبب في عدم وجود هذه الضاد الآن ؟؟
الجواب واضح : وهو صعوبة هذا الحرف فتخفف الناس من صعوبتها حتى أصبحت لا وجود لها وأقوال العلماء في صعوبتها كثيرة .. قال غانم قدوري : الضاد صوت صعب الأداء ومن ثم أخذت ألسنة الناس تنحرف في نطقه إلي أصوات أخري ويبدوا أن ذلك ظهر في القرون المتقدمة حتي وجدنا عبد الوهاب القرطبي يصرح في القرن الخامس أن أكثر القراء ينطقونها ظاء ثم يأتي ابن وثيق بعد قرن من ذلك ليقول :" قل من يحكمها في الناس " ثم يقول ابن الجزري في أواخر القرن الثامن :" ألسنة الناس فيه مختلفة وقل من يحسنه ." الدراسات الصوتية عند علماء التجويد صـ 231 .
وللأسف جاء في زماننا من يقول بعدم صعوبة هذا الحرف.. فالعجب أن نجد من يقول بسهولة الضاد الظائية .. كما يقول ذلك الشيخ فرغلي العرباوي في بحث الضاد وكان يقول بالضاد الظائية والشيخ فرغلي نقل فتوى علماء الأزهر في الضاد ولم يصرح إلي الآن هل رجع هو عن ضاده أم لا ؟؟ وما زال بحث الضاد الظائية موجودا في موقعه لمن أراد التحميل !!
قال في صدر هذا العنوان :" هل الضاد أصعب المخارج كما اشتهر أم لا " ثم قال :" قال أحمد بن عيسى السيلي الحنبلي في (السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة( 1/203 )
(( والضادُ مخــرجه عسير جـــدا***من أول إحدى الحافتين يبدا ((
(( مع ما يلي الأضراس مستطيلُ***رخو ومن يقرأ كذا قـــليـــل ))ُ
(( قـارئه بالصـفــــة المـقــررة***سبحان من يسره وعسـره ))
ثم قال :".. بل تطورت الضاد الفصيحة وصارت مفخم الدال في تلفظهم اليومي لأصوات الكلام ... فالله المستعان كيف نقرأ القرآن ونبدل الضاد العربية الفصيحة بمفخم الدال ولكن هذا هو واقع بعض الدول العربية الآن في نطقها للضاد ومنهم من يبدلها ظاءا خالصة فما بالكم بالعجم وغير العربي كيف له أن يحسن النطق بالضاد الفصيحة فهؤلاء ومن على شاكلتهم الضاد أصعب المخارج عليهم أما من تدرب عليها برياضة الفك واللسان معا فهي سهلة ويسرة كباقي الحروف قال ابن الجزري رحمه الله في المقدمة الجزرية :
(( وليس بينه وبين تركه ****** إلا رياضة امرئ بفكه ))
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله_ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا . أما بعد...
هذا بحث في الضاد قمت بكتابته فاستحسنها بعض الإخوان وطلب نشرها ليفيد الجميع فأجبت طلبه راجيا من الله القبول . آمين
قد كثر الحديث في أيامنا في مسألة الضاد الظائية وأردت أن أضع بحثا تستطيع أخي القارئ أن تناقش الظائيين بكل سهولة ويسر دون الحاجة لنفي الضاد الظائية من الأساس . فالعبرة دائما في قراءة القرآن انتشار القراءة وقبول الناس لها وهذه الضاد الظائية لم تلق قبولا عند السواد الأعظم من الناس ، فليس كل نص يصلح الاستدلال به فما تواتر عند الناس ـ القراء ـ هو المقبول ولو خالفت النصوص كما سنري في مشكلة الضاد .
سأضع لك أخي مخرج الضاد عند علماء الأصوات وعلماء التجويد : وذكر عبد الوهاب القرطبي في كتابه الموضح في التجويد تعريف مخرج الضاد بقوله ( ومن أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس مخرج الضاد وإن شئت أخرجتها من الجانب اليمن وإن شئت من اليسر ....) اهـ ص 78
قال الشيخ أيمن سويد :الضاد (ض ) : من إحدى حافتي اللسان أو كلاهما معا وهذا الحرف انفردت به اللغة العربية وهو يخرج من منطقة حافة اللسان اليمني أو اليسرى أو هما معا ولكن هذا لا يمنع أن تشارك حافة اللسان إلي منتهاها كلها ولكن الضغط والاعتماد علي إحدى حافتي اللسان أو هما معا وهذه المنطقة تقرع الجدار الداخلي للأضراس العليا ففي هذه المنطقة يقع الضغط وكانت بعض القبائل تضغط علي الحافة اليمني والبعض الآخر يضغط علي الحافة اليسرى والبعض يضغط علي الحافتين معا بتوزيع متعادل وعند النطق بالضاد يلتصق المخرج تماما فينحبس الهواء وراء اللسان وهذا الانحباس يسبب الضغط فيندفع اللسان إلى الأمام مليمترات بسيطة فيصل رأس اللسان إلي منطقة التقاء اللحم باللسان مع مراعاة عدم إخراج طرف اللسان لأنه يمكن أن يصل إلي مخرج الظاء وهو أطراف الأسنان العليا لذلك نجد خلطا بين الضاد والظاء
(( ومخرج الظاء هو منتهى رأس اللسان مع أطراف الثنايا العليا ))ا.هـ
قال د/ عبد الصبور شاهين في مخرج الضاد:" والضاد أيضا تبدأ من مخرج الدال ، ويأخذ اللسان شكله المقعر مطبقا علي الحنك الأعلى لتكون الضاد ." علم الأصوات صـ116
قال د/ حسن جبل :"الضاد : تخرج من بين حافتي اللسان ـ أو أحدهما ـ وبين ما يحاذيهما من الأضراس العليا مع تقعر وسط اللسان والتقاء طرفه بأصول الثنايا العليا وما حولها بين موقع طرف اللسان مع اللام وموقعه من الطاء وأختيها .... ثم قال وما يظن جديدا في هذا التحديد ليس جديدا فقد ذكره سيبويه حيث حدد موقع طرف اللسان معها بيين موقع طرف اللسان مع اللام وموقعه من الطاء فقال : إن الضاد استطالت حتي اتصلت بمخرج اللام ...."المختصر في أصوات اللغة العربية صـ 130
والخلاف في الضاد الظائية بين أهلها في وضع طرف اللسان فالشيخ الجوهري كان ينكر وضع طرف اللسان بأصول الثناياـ كما أخذها من الشيخ عامر عثمان ـ محتجا بأن ابن الجزري قال الحافة ولم يقل بطرف اللسان ، وعلماء الأصوات يضعون طرف اللسان بأصول الثنايا العليا ..انظر قول د/ جبل . والله أعلم بالصواب .
ونحن نناقش أهل الضاد الظائية مقرين لهم بأن وصف سيبويه ينطبق علي الضاد الظائية ، وهذا لا يمنع وجود الضاد المصرية قديما كما سنري ـ إن شاء الله ـ ولكن الخلاف دائر بين نقطتين:
الأولي : عدم وجود الضاد الظائية حاليا ـ كما وصفها سيبويه ـ .
الثانية : إثبات وجود الضاد المصرية منذ القدم .
وبداية أقول : إن الضاد الظائية كانت موجودة وهذا ما يؤكده أقوال القدامي ــ بخلاف من أنكروها تماما ـ ولكننا نقول: إن الضاد الظائية لا وجود لها الآن ـ كما وصفها القدامي ـ .. وهذا ليس قولي بل قول علماء الأصوات أنفسهم رغم أنهم يقولون : بالضاد الظائية ولكنهم ينطقونها ويختلفون في طريقة نطقها لأنهم ينطقونها حسب وصف سيبويه وغيره دون سماع ـ أي بالتقريب ـ .
وإليك هذه الأقوال : قال ا. د غانم قدوري ـ متخصص في علم الأصوات ـ: " والضاد بهذه الصفات لم يعد لها وجود في النطق العربي الفصيح في زماننا ، لا في قراءة القرآن ، ولا في غيرها ، كما يقول علماء الأصوات " ا. هـ
إخواني في الله .. انظروا إلي هذه الفقرة من كلام ا.د غانم قدوري :" ، كما يقول علماء الأصوات" أي هو لم ينفرد بذلك وهذا يصدق قول صاحب كتاب " إعلام السادة النجباء .." بأنهم الآن اعتمدوا علي وصف سيبويه في نطق الضاد التي يتحدثون عنها " ا.هـ كلامه بتصرف
وقال أ.د محمد حسن جبل بعد شرحه لوصف كلام سيبويه :" وأنا أنطقها وأعلمها طلابي حسب الوصف القديم تماما ." صـ 130
انظر أخي الكريم اعتماده علي وصف سيبويه دون إثبات أن نطقه سماعي لمعرفته بعدم وجود هذه الضاد بين القراء والناس ونطقه اجتهادي .. وقد ذهبت إلي كلية علوم القرآن وسألته : أين نجد القبيلة التي تنطق الضاد الظائية ؟ قال: أنا أنطق الضاد كما وصفها سيبويه ، قلت له بعدم وجود الضاد الظائية قاله غانم قدوري، قال: غانم نقل قول مستشرق .. قلت له : وأين ما يخالف قوله أو قول المستشرق ؟ قال : (يا ولد أنا زعلان منك ).. والله والله ما استطاع أن يأتي بقرية صغيرة .ولم يقل في الجزائر والحجاز مع اعترافه بأن أهل الحجاز يأتون به ظاء . رغم شدة تعصبه للضاد الظائية .فكل ما في الأمر النطق اجتهادي فقط .
ولم يستطع أن يذكر لي ولو قرية صغيرة تنطقها كما وصفها سيبويه .. وللرد ببطلان هذا الاجتهاد ـ أي النطق بالوصف ـ نقرأ ما قاله ابن الجزري في التمهيد:" واعلم أن هذا الحرف خاصة إذا لم يقدر الشخص علي إخراجه من مخرجه بطبعه لا يقدر عليه بكلفة ولا بتعليم " صـ 82
قال ابن الجزري ذلك والألسن لا تزال فيها بعض الاستقامة فما بالنا في أيامنا التي سيطرت اللغات الأجنبية مع سيطرة العامية علي ألسنة الناس ؟؟
قال د/ عبد الصبور شاهين في كتابه (علم الأصوات) :"... إن ما نسمعه من نطق أبناء الجزيرة العربية والعراق للضاد هو أقرب الوجوه النطقية إلي القديم ولكنها تلبس في نطقهم كثيرا بالظاء ..." صـ 117
أقول : وقلب الضاد ظاء من الخطورة بمكان حيث يؤدي إلي تغير المعني قال ابن الجزري :"... فلولا الاستطالة واختلاف المخرجين لكانت ظاء وهم أكثر الشاميين وبعض أهل المشرق ، وهذا لا يجوز في كلام الله تعالي ، إذ لو قلنا ( الضالين ) بالظاء كان معناه : الدائمين ، وهذا خلاف مراد الله تعالي ، وهو مبطل للصلاة لأن الضلال بالضاد وهو ضد الهدي كقوله تعالي ( ضل من تدعون إلا إياه) و( والضالين) الفاتحة 7 ونحوه وبالظاء هو الدوام كقوله تعالي ( ظل وجهه مسودا ) فمثل الذي يجعل الضاد ظاء في هذا وشبهه كالذي يبدل السين صادا في نحو قوله تعالي ( وأسروا النجوى) و(أصروا واستكبروا ) فالأول من السر والثاني من الإصرار .."صـ 82،83
وقد أجاز ابن كثير بإقامة أحدهما مكان الآخر وكذا في بعض الفتاوى وهذا عند الضرورة أي عند عجز القارئ لنطق الضاد السليمة والقاعدة معروفة لدا الأصوليين : الضرورات تبيح المحذورات .
وقال ابن الجزري : وقد أطلق ابن جني في كتاب التنبيه وغيره أن من العرب من يجعل الضاد ظاء مطلقا في جميع كلامهم ، وهذا غريب وفيه توسع للعامة." التمهيد82 ،هذا عند الضرورة وحيث لا ضرورة الآن في ظل وجود الضاد الحالية بطل هذا القول، فلم يرض ابن الجزري إقامة أحدهما مكان الآخر وعلق بقوله:" وهذا غريب وفيه توسع للعامة."
هذه هي أقوال علماء الأصوات المعاصرين وهم مجمعون علي عدم وجود هذه الضاد ومن يعترض ويخالف أهل التخصص لا يعتد بقوله إلا أن يأتي بدليل واضح وهذا الدليل معدوم كما قال أهل التخصص فبطل قولهم .. وهذا لا يخالف فيه أحد .
فما السبب في عدم وجود هذه الضاد الآن ؟؟
الجواب واضح : وهو صعوبة هذا الحرف فتخفف الناس من صعوبتها حتى أصبحت لا وجود لها وأقوال العلماء في صعوبتها كثيرة .. قال غانم قدوري : الضاد صوت صعب الأداء ومن ثم أخذت ألسنة الناس تنحرف في نطقه إلي أصوات أخري ويبدوا أن ذلك ظهر في القرون المتقدمة حتي وجدنا عبد الوهاب القرطبي يصرح في القرن الخامس أن أكثر القراء ينطقونها ظاء ثم يأتي ابن وثيق بعد قرن من ذلك ليقول :" قل من يحكمها في الناس " ثم يقول ابن الجزري في أواخر القرن الثامن :" ألسنة الناس فيه مختلفة وقل من يحسنه ." الدراسات الصوتية عند علماء التجويد صـ 231 .
وللأسف جاء في زماننا من يقول بعدم صعوبة هذا الحرف.. فالعجب أن نجد من يقول بسهولة الضاد الظائية .. كما يقول ذلك الشيخ فرغلي العرباوي في بحث الضاد وكان يقول بالضاد الظائية والشيخ فرغلي نقل فتوى علماء الأزهر في الضاد ولم يصرح إلي الآن هل رجع هو عن ضاده أم لا ؟؟ وما زال بحث الضاد الظائية موجودا في موقعه لمن أراد التحميل !!
قال في صدر هذا العنوان :" هل الضاد أصعب المخارج كما اشتهر أم لا " ثم قال :" قال أحمد بن عيسى السيلي الحنبلي في (السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة( 1/203 )
(( والضادُ مخــرجه عسير جـــدا***من أول إحدى الحافتين يبدا ((
(( مع ما يلي الأضراس مستطيلُ***رخو ومن يقرأ كذا قـــليـــل ))ُ
(( قـارئه بالصـفــــة المـقــررة***سبحان من يسره وعسـره ))
ثم قال :".. بل تطورت الضاد الفصيحة وصارت مفخم الدال في تلفظهم اليومي لأصوات الكلام ... فالله المستعان كيف نقرأ القرآن ونبدل الضاد العربية الفصيحة بمفخم الدال ولكن هذا هو واقع بعض الدول العربية الآن في نطقها للضاد ومنهم من يبدلها ظاءا خالصة فما بالكم بالعجم وغير العربي كيف له أن يحسن النطق بالضاد الفصيحة فهؤلاء ومن على شاكلتهم الضاد أصعب المخارج عليهم أما من تدرب عليها برياضة الفك واللسان معا فهي سهلة ويسرة كباقي الحروف قال ابن الجزري رحمه الله في المقدمة الجزرية :
(( وليس بينه وبين تركه ****** إلا رياضة امرئ بفكه ))