إعلانات المنتدى

مسابقة مزامير القرآنية 1445هـ

لدي بعض الأسئلة، وأرجو مساعدتكم!

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

المسافرة

مزمار فضي
9 مارس 2007
609
1
18
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
إخوتي في الله أسعدكم الله جميعاً وجعل أيّامك ولياليكم عامرة بذكر رب الأرض والسماء
وأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام
مع طول الإجازة ونسيان مراجعة العلم المخزون وضياع مذكرتي الخاصة بهذا الباب في التجويد التي تم البحث عنها في جميع أركان البيت ولم أجدها أسأل الله أن يردها لي
إفتقدت كثيرا من المعلومات في التجويد فها أنا أطرح لكم لتساعدوني في الجواب عليها بأسرع وقت ولكم مني الشكر والدعاء ..



السؤال الأول :حكم الرا من حيث التفخيم والترقيق أعرفها لكن أريد معرفة حكم الرا الدائرة بين التفخيم والترقيق بالتفصيل؟

السؤال الثاني :توجد بعض الكلمات في القرآن مرسوم عليها س أو ص متى أنطق بالسين ومتى أنطق بالصاد؟

السؤال الثالث :تعريف القلقلة ومذاهب العلماء في القلقلة؟
السؤال الرابع : أنواع الوقف مع تعريف كل نوع ؟
السؤال الخامس : كيفية معرفة المتشابه من الآيات في القران لمن إراد تثبيت حفظه وماهي أفضل الكتب التي تهتم بذالك؟

أسأ الله أن لايحرمكم الأجر وأن يوقفكم لقيام رمضان وقيام ليلة القدر إنه ولي ذالك والقادر عليه ..
 

القارئ المدني

عضو شرف
عضو شرف
5 يونيو 2008
2,489
27
48
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد أيوب
رد: لدي بعض الأسئلة أرجو مساعدتكم

لنا عودة وسأجيبك

بإذن الله
 

القارئ المدني

عضو شرف
عضو شرف
5 يونيو 2008
2,489
27
48
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد أيوب
رد: لدي بعض الأسئلة أرجو مساعدتكم



السؤال الأول :حكم الرا من حيث التفخيم والترقيق أعرفها لكن أريد معرفة حكم الرا الدائرة بين التفخيم والترقيق بالتفصيل؟
..

جوابه هو:
من كتاب هداية القارىء للشيخ المرصفي رحمه الله
الكلام على الراء وأحكامها
أما الراء فإما أن تكون متحركة في الوصل والوقف، وإما أن تكون ساكنة في الوصل والوقف أيضاً. وإما أن تكون متحركة في الوصل ساكنة في الوقف ولكل حكم خاص نوضحه فيما يلي:
حكم الراء المتحركة في الوصل والوقف
وهذه الراء تقع أولاً ووسطاً وتكون مفتوحة ومضمومة ومكسورة فإن كانت مفتوحة أو مضمومة فلا خلاف في تفخيمها مخففة كانت أو مشددة. فمثال الراء المضمومة نحو {كُلَّمَا رُزِقُواْ} {وَ?لرُّكَّعِ ?لسُّجُودِ} و{عِشْرُونَ صَابِرُونَ} {لاَ يُفْلِحُ ?لْكَافِرُونَ}.
ومثال الراء المفتوحة نحو {رَأَوْاْ} {مِرَآءً} {ظَاهِراً} {وَمُبَشِّراً} {وَنَذِيراً} و{?لْخَيْرَاتِ} و{?لرَّاشِدُونَ}.
وإن كانت مكسورة فلا خلاف في ترقيقها لجميع القراء سواء كانت مخففة أو مشددة وذلك نحو {رِجَالٌ}. و{رِئَآءَ ?لنَّاسِ} {وَ?لصَّابِرِينَ}، {وَفِي ?لرِّقَابِ وَ?لْغَارِمِينَ} وما إلى ذلك.
حكم الراء الساكنة في الوصل والوقف
وهذه الراء تقع متوسطة ومتطرفة.
فالمتوسطة نحو {شِرْعَةً} و{فِرْقَةٍ}. والمتطرفة كقوله تعالى: {قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَ?لرُّجْزَ فَ?هْجُرْ (5)}.
ولكل من الراء الساكنة المتوسطة والمتطرفة شروط للتفخيم والترقيق نذكرها فيما يلي:
شروط الترقيق للراء الساكنة المتوسطة
تُرقَّق الراء الساكنة في الحالين المتوسطة لجميع القراء بأربعة شروط ولا بد من اجتماعها كلها في آن واحد، فإن تخلف شرط منها وجب تفخيمها:
فالشرط الأول: أن يكون قبل الراء كسرة.
والشرط الثاني: أن تكون هذه الكسرة أصلية.
والشرط الثالث: أن تكون الكسرة والراء في كلمة واحدة.
والشرط الرابع: أن تكون بعد الراء حرف من حروف الاستفال المتقدم ذكرها وذلك نحو {مِرْيَةٍ} و{لَشِرْذِمَةٌ} {فِرْعَوْنَ} و{?لْفِرْدَوْسَ} وهنا اجتمعت شروط الترقيق الأربعة في كل كلمة من هذه الكلمات وتدرك بأدنى تأمل.
شروط التفخيم للراء الساكنة المتوسطة
تقدم في شروط الترقيق الأربعة للراء الساكنة في الحالين المتوسطة أنه إذا تخلف شرط منها وجب التفخيم وبذلك تكون شروط التفخيم هنا للراء المتوسطة الساكنة في الحالين أربعة أيضاً وهي كما يلي:
الشرط الأول: أن يكون قبل الراء فتحة أو ضمة نحو {لاَ تَرْفَعُو?اْ} {يَرْضَوْنَهُ} {يُرْزَقُونَ} {نُرْسِلُ ?لْمُرْسَلِينَ} {?رْكُضْ} ابتداء وهذا الشرط مقابل للشرط الأول من شروط الترقيق.
الشرط الثاني: أن يكون قبل الراء كسرة عارضة سواء كانت هذه الكسرة مع الراء في كلمتها نحو {?رْجِعُو?اْ} {?رْكَعُواْ} أم كانت منفصلة عنها نحو {ِإنِ ?رْتَبْتُمْ} {أَمِ ?رْتَابُو?اْ} وهذا الشرط مقابل للشرط الثاني من شروط الترقيق:
الشرط الثالث: أن يكون قبل الراء كسرة أصلية منفصلة عنها نحو {?لَّذِي ?رْتَضَى?} وهذا الشرط مقابل للشرط الثالث من شروط الترقيق.
الشرط الرابع: أن يكون بعد الراء حرف من حروف الاستعلاء السبعة المتقدمة نحو {فِرْقَةٍ}. وهذا الشرط مقابل للشرط الرابع من شروط الترقيق.
هذا: ويشترط لوجود حرف الاستعلاء بعد الراء لأجل تفخيمها شرطان:
الأول: أن يكون مع الراء في كلمتها.
الثاني: أن يكون غير مكسور ووجد من ذلك أي من حروف الاستعلاء غير المكسورة ومع الراء في كلمتها ثلاثة أحرف وهي "الطاء" {فِي قِرْطَاسٍ} بالأنعام، الآية:7. والصاد في {إِرْصَاداً} بالتوبة الآية:107. {مِرْصَاداً} بالنبأ، الآية:21. و{لَبِ?لْمِرْصَادِ} بالفجر، الآية:14، (والقاف) في {فِرْقَةٍ} بالتوبة، الآية:122.
فإن انفصل حرف الاستعلاء عن الراء بأن كانت الراء في آخر الكلمة وحرف الاستعلاء في أول الكلمة الثانية فلا خلاف في ترقيقها لجميع القراء والوارد من ذلك في القرآن الكريم ثلاثة مواضع وهي قوله تعالى: {أَنذِرْ قَوْمَكَ} {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ} {فَ?صْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً}. أما إذا كان حرف الاستعلاء الذي بعد الراء مكسوراً ففي الراء خلاف بين أهل الأداء، فقال الجمهور بالترقيق. وقال بعض بالتفخيم وهذا في كلمة فرق في قوله تعالى: {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَ?لطَّوْدِ ?لْعَظِيمِ (63)} فمن فخم نظر إلى وجود حرف الاستعلاء بعد الراء على القاعدة السابقة ومن رقق نظر إلى كسر حرف الاستعلاء لأنه لما انكسر ضعفت قوته وصارت الراء متوسطة بين كسرين. وإلى هذا الخلاف أشار الحافظ أبن الجزري بقوله في المقدمة الجزرية:
*والخلْفُ في فرقٍ لِكَسْر يُوجَدُ * ... ... ... ...*
وقوله لكسر يوجد أي في القاف: "الوجهان صحيحان مقروء بهما" لكل القراء غير أن الترقيق هو المشهور والمقدم في الأداء وحكى غير واحد لإجماع عليه كما في النشر وغيث النفع وتنبيه الغافلين وغيرها. قال صاحب انشراح الصدور: قال الداني: والوجهان جيدان والمأخوذ به الترقيق نقله النويري في شرح الطيبة فهو أولى بالعمل إفراداً وبالتقديم جمعاً أهـ بحروفه.
تنبيه: تقدم أن شروط الترقيق الأربعة للراء الساكنة المتوسطة لا بد من أن تكون كلها موجودة في آن واحد: أما شروط التفخيم الأربعة للراء ذاتها فليست كذلك بل يكفي وجود واحد منها ويكون مسوغاً للتفخيم حينئذ فتأمل، والله الموفق.
الكلام على الراء المتطرفة الساكنة في الوصل والوقف
وهي نحو قوله تعالى: {وَ?سْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} {وَأْمُرْ أَهْلَكَ}.
وهذه الراء ترقق بشرط واحد وهو وقوعها بعد كسرة كقوله تعالى: {قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} ولا يضر وجود حرف الاستعلاء بعد الراء في النوع لأنه أصبح مفصولاً عنها كما تقدم في نحو {فَ?صْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً} وتفخم هذه الراء بشرطين:
أولهما: أن يقع قبلها فتحة نحو {فَلاَ تَقْهَرْ} {فَلاَ تَنْهَرْ}.
ثانيهما: أن يقع قبلها ضمة نحو {فَ?نْظُرْ كَيْفَ} {وَ?لرُّجْزَ فَ?هْجُرْ} وهذان الشرطان مقابلان لشرط ترقيقها المتقدم آنفاً.
هذا: ولم نشترط هنا في الكسرة التي قبل الراء والتي هي شرط في ترقيقها أن تكون مع الراء في كلمتها إلى آخر ما تقدم في الراء الساكنة والمتوسطة: لأنه لا يتأتى هنا انفصال الكسرة عن الراء بحال. ولأنه لا توجد كلمة على حرف واحد هو الراء حتى تنفصل الكسرة عنها. فلهذا خلت الكسرة عن القيود السابقة ولزمت الراء في كلمتها. انتهى بتصرف من كتابنا الطريق المأمون إلى أصول رواية قالون ص (163). حكم الراء الساكنة في الوقف المتحركة في الوصل
وهذه الراء لا تكون إلا متطرفة كما هو معلوم نحو {قُدِرَ} و{كُفِرَ} و{وَدُسُرٍ} و{لِلْبَشَرِ} و{?لنُّذُرُ} و{وَ?لْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَ?لشَّفْعِ وَ?لْوَتْرِ * وَ?للَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ} و{قَدِيرٌ} و{خَبِيرٌ} و{ضَيْرَ} و{?لْخَيْرَ} و{?لنَّارِ} و{?لْقَرَارُ} و{لَغَفُورٌ} و{شَكُورٌ}. وما إلى ذلك. ولكل من الترقيق والتفخيم في هذه الراء له شروط نوضحها فيما يلي:
شروط الترقيق
شروط الترقيق لهذه الراء ثلاثة وهي كالآتي:
الأول: أن تسبق الراء كسرة نحو {قُدِرَ} و{كُفِرَ} و{?لأَشِرُ}. وإذا تخلل بين الكسرة والراء ساكن بشرط ألا يكون حرف استعلاء فلا يضر وجوده في هذه الحالة ولا يزال الترقيق سارياً وذلك نحو {لِلذِّكْرِ} و{?لسِّحْرَ} و{حِجْرٍ}.
أما إذا كان الساكن حرف استعلاء وهو المعبر عنه بالساكن الحصين نحو {مِصْرَ} {?لْقِطْرِ} فسيأتي الكلام عليه قريباً.
الثاني: أن تسبق الراء ياء ساكنة سواء كانت حرف مد نحو {بَصِيرٌ} و{خَبِيرٌ} و{?لنَّذِيرُ} و{قِطْمِيرٍ} أو حرف لين فقط نحو {?لسَّيْرَ} و{?لْخَيْرَ} و{لاَ ضَيْرَ} و{غَيْرَ} وهذان الشرطان باتفاق جميع القراء.
الثالث: أن يسبق الراء حرف ممال عند من يقول بالإمالة نحو {ذَاتِ قَرَارٍ} و{?لأَشْرَارِ} و{كِتَابَ ?لأَبْرَارِ} {عُقْبَى? ?لدَّارِ} بشرط كسر الراء المتطرفة كما هو مقرر في محله.
أما إذا كانت الراء منصوبة كقوله تعالى: {جَاهِدِ ?لْكُفَّارَ} أو مرفوعة نحو {هَـ?ذِهِ ?لنَّارُ} {وَبِئْسَ ?لْقَرَارُ} فلا خلاف في تفخيمها للكل كما سيأتي.
تنبيه: عرفت فيما سبق أن الإمالة سبب من أسباب الترقيق وقد قرأ بها حفص عن عاصم مع من قرأ في كلمة {مَجْري?هَا} بهود خاصة دون غيرها من الكلمات ذوات الراء ولهذا رقق الراء فاحفظه.
شروط التفخيم
تفخم الراء المتطرفة الساكنة في الوقف المتحركة في الوصل بثلاثة شروط متفق عليها بين عموم القراء وهذه الشروط كالآتي:
الأول: أن يسبق الراء فتحة أو ضمة سواء تخلل بين الفتحة والضمة ساكن أم لا وذلك {?لْقَمَرُ و?لنُّذُرُ و?لْقَدْرِ و?لْيُسْرَ و?لْعُسْرَ}.
الثاني: أن يسبق الراء ألف المد بشرط نصب الراء المتطرفة نحو {إِنَّ ?لأَبْرَارَ} {جَاهِدِ ?لْكُفَّارَ} أو رفعها نحو قوله تعالى: {سُبْحَانَهُ هُوَ ?للَّهُ ?لْوَاحِدُ ?لْقَهَّارُ}.
الثالث: أن يسبق الراء واو المد نحو قوله تعالى: {إِنَّ ?للَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} {وَإِلَيْهِ ?لنُّشُورُ} {وَأَنَّ ?للَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ?لْقُبُورِ} وما إلى ذلك.
هذا: وما تقدم ذكره من شروط للتفخيم والترقيق في الراء المتحركة مطلقاً والساكنة في الحالين سواء توسطت أو تطرفت والساكنة في الوقف دون الوصل ينطوي تحت قول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية:
*ورقِّق الراءَ إذا ما كُسِرَتْ * كذلك بعد الكسر حيثُ سَكَنَتْ*
*إن لم تَكُنْ منْ قبْلِ حرْفِ استعْلا * أو كانَتِ الكسرَةُ ليسَتْ أصْلا اهـ*
تنبيهات هامة بخصوص الوقف على الراء المتطرفة
التنبيه الأول: لا يخفى أنه إذا وقفت على الراء الساكنة في الوقف المتحركة في الوصل المتقدم ذكرها أخيراً يجوز لك الوقف بالسكون المجرد أو به مع الإشمام أو الوقف بالروم فيما يجوز فيه ذلك فإذا وقفت بالروم في نحو {وَ?لْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ} {ُقْبَى? ?لدَّارِ} {إِلَى ?لنُّورِ} من كل راء مجرورة أو مكسورة فلا بد من ترقيق الراء ولو لم يكن قبلها أحد شروط الترقيق السابقة. وذلك لأن الروم كالوصل فكأنك واصل والراء مجرورة والجر أو الكسر من مسوغات الترقيق كما مر آنفاً في صدر الباب.
أما إذا وقفت بالروم في حالة الرفع مثل: {وَ?نشَقَّ ?لْقَمَرُ} {?لْوَاحِدُ ?لْقَهَّارُ}. {وَإِلَيْهِ ?لنُّشُورُ} فلا ترقيق للراء للجميع وإن سبقها أحد شروط الترقيق كما لو وقفت على نحو {سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} وذلك لأن الراء مرفوعة والرفع من مسوغات التفخيم كما مر أيضا: وإذا وقفت بالسكون المجرد سواء كانت الراء مرفوعة كما لو وقفت على نحو {فَمَا تُغْنِ ?لنُّذُرُ}. و{لَيْسَ ?لْبِرُّ} {سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} أو مجرورة نحو {وَ?لْوَتْرِ} أو منصوبة {إِنَّ ?لأَبْرَارَ} أو وقفت بالسكون مع الإشمام ولا يكون إلا في المرفوع فينظر إلى ما قبل الراء حينئذ.
فإن كان ما قبلها أحد شروط الترقيق الثلاثة المتقدمة فترقق.
وإن كان ما قبلها أحد شروط التفخيم الثلاثة المتقدمة أيضاً فتفخم. وقد مر توضيح ذلك بما فيه الكفاية.
التنبيه الثاني: إذا تخلل بين الراء الموقوف عليها وبين الكسر الذي قبلها ساكن حصين ونعني به الصاد والطاء من حروف الاستعلاء وذلك من لفظ {مِّصْرَ} غير المنون حيث وقع في التنزيل ولفظ {?لْقِطْرِ} ففي الراء خلاف بين أهل الأداء. فمنهم من فخم لكون الحاجز حرف استعلاء معتدًّا به ومنهم من رقق ولم يعتد بالحاجز الحصين وجعله كغير الحصين مثل {?لشِّعْرَ} واختار الحافظ ابن الجزري التفخيم في مصر والترقيق في القطر نظراً لحال الوصل وعملاً بالأصل أي أن الراء في مصر مفتوحة في الوصل مفخمة. وفي القطر مكسورة في الوصل مرققة. وهذا هو المعمول عليه والمأخوذ به.
وقد بين العلامة المتولي رحمه الله مذهب الحافظ الجزري في هاتين الكملتين بقوله:
*ومِصْرَ فيه اختارَ أن يفخِّما * وعكسُهُ في القِطْر عنْه فاعْلما أهـ*
التنبيه الثالث: من الراءات الساكنة للوقف المتحركة في الوصل ما يجوز فيها الوجهان الترقيق والتفخيم والأول هو الأرجح. وهي الراءات المكسورة التي بعدها ياء محذوفة للتخفيف المنحصرة في كلمة {وَنُذُرِ} المسبوقة بالواو في ستة مواضع بالقمر وكلمة {يَسْرِ} في قوله تعالى: {وَ?للَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} بالفجر الآية:4. فمن رقق نظر إلى الأصل وهو الياء المحذوفة للتخفيف وأجرى الوقف مجرى الوصل.
ومن فخم لم ينظر إلى الأصل ولا إلى الوصل واعتد بالعارض وهو الوقف بسكون الراء وحذف الياء ولفتح ما قبل الراء في "يسر" ولضمه في "ونُذُرِ" إذ كل هذا موجب للتفخيم.
ويلحق بهذه الراءات السبع في إجراء الوجيهن وقفاً مع ترجيح الترقيق في الراء من كلمتي {أَنْ أَسْرِ} و{فَأَسْرِ} إذ أن بعد الراء فيهما ياء محذوفة للبناء.
التنبيه الرابع: علم مما تقدم في التنبيه الثالث أن الراءات الساكنة في الوقف المتحركة في الوصل والتي يجوز فيها الترقيق والتفخيم وفقاً مع أرجحية الترقيق تسع راءات يضاف إليها راء "القطر" بسبأ التي تقدم الكلام عليها في التنبيه الثاني فتصير عشر راءات الأرجح فيهن الترقيق وفقاً كما تقدم أيضاً من هذا النوع راء واحدة فيها الوجهان وفقاً التفخيم والترقيق والأول هو الأرجح عكس ما تقدم في الراءات العشر المذكورة آنفاً وهذه في لفظ {مِصْرَ} غير المنون فتكون الجلمة إحدى عشرة راء فليعلم.
التنبيه الخامس: الراء المكسورة المتطرفة الموقوف عليها إن ضم ما قبلها نحو {بِ?لنُّذُرِ} {وَدُسُرٍ} أو فتح نحو {?لْبَشَرِ} أو سكن نحو {?لْفَجْرِ} {?لْقَدْرِ} حكمها التفخم كما ذكرنا في شروط التفخيم للراء الساكنة للوقف. وهذا ما ذهب إليه الجمهور وهو الصحيح كما في إتحاف البشر وغيره. وقيل بترقيقها لعروض الوقف وذهب إليه جماعة والمعول عليه والمقروء به هو ما ذهب إليه الجمهور وبه قرأت على جميع شيوخي وبه أقرىء هذا إذا كان الوقف بالسكون المجرد. أما إذا كان الوقف بالروم فلا خلاف في ترقيق هذه الراء لجميع القراء كما مر. وفيما يلي ضابط نفيس لشيخ مشايخي العلامة المتولي بين فيه ما ذكرناه في هذا التنبيه مع ذكر اختيار الحافظ ابن الجزري فيما تقدم في الراءات ذوات الوجهين وفقاً قال عليه رحمة الله:
*والراجحُ التفخيم في للبَشَر * والفجْر أيضاً وكذا بالنُّذُر*
*وفي إذا يَسر اختيار الجزري * ترقيقهُ وهكذا ونُذر*
*ومِصر فيه اخْتار أن يفخِّمَا * وعكسه في القِطْر عنه فاعلما*
*وذلك كلُّه بحالِ وقْفِنا * والروم كالوصل على ما بُيِّنَا اهـ*
التنبيه السادس: كل ما تقدم ذكره من أحكام للراء الساكنة وقفاً المتحركة وصلاً إنما هو في زمن الوقف فقط كما بيناه.
أما إذا وصلت الراء فلا يخفى الحكم فيها حينئذ لأنها صارت متحركة وتقدم الكلام في صدر الباء على الراء المتحركة سواء كانت الحركة فتحة أو ضمة أو كسرة كما تقدم حكمها تفخيماً وترقيقاً فتأمل.
وإلى هنا انتهى كلامنا على أحكام الراء الساكنة ومتحركة. وإنما أطلنا الكلام عليها لكثرة مسائلها وقصداً لإتقان أحكامها فاحرص عليها وتأمل مسائلها فقد أوضحناها لك توضيحاً كاملاً والله يرشدنا وإياك إلى الطريق السوري إنه سبحانه صاحب التوفيق ووليه.

وإن أرت الزيادة فادخل إى هذ الرابط :
http://www.mazameer.com/vb/showthread.php?t=4326




السؤال الثاني :توجد بعض الكلمات في القرآن مرسوم عليها س أو ص متى أنطق بالسين ومتى أنطق بالصاد؟
..


لها ضابطان :
الضابط الأول موجود في المصحف : وهو أن الموضوع منهما أعلى من الآخر فهو المقدم
(إذا كان المصحف الذي تقصده مصحف مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة)
لأنه موافق لوجه الشاطبية والوجه الآخر هو الأسفل وهو غير موجود في الشاطبية
والضابط الثاني :
أنه على حسب الطريق الذي تقر أمنه يقدم أحدهما عن الآخر ولكل طريق ضوابط
فإن كان الطريق طريق الشاطبية فهذه ضوابطه على هذا الرابط :

http://www.mazameer.com/vb/showthread.php?t=50821

وإن كان من غير الشاطبية فاذكر لي الطريق وأنا آتيك بضوابطه إن شاء الله .


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :


السؤال الثالث :تعريف القلقلة ومذاهب العلماء في القلقلة؟
..



من كتاب هداية القارىء للشيخ المرصفي رحمه الله

القلقلة ومن معانيها في اللغة: التحريك والاضطراب وفي الاصطلاح اضطراب اللسان بالحرف عند النطق به ساكناً حتى يسمع له نبرة قوية وحروفها خسمة جمعها الحافظ ابن الجرزي في مقدمته وطيبته بقوله: (قطب جد) وهي القاف والطاء والباء الموحدة والجيم والدال المهملة وسميت بذلك لأنها حال سكونها تتقلقل عند خروجها حتى يسمع لها نبرة قوية - أي صوت عال - وذلك لأن من صفاتها الشدة والجهر فالشدة تمنع الصوت أن يجري معها والجهر يمنع النفس أن يجري معها كذلك. فلما امتنع جريان الصوت والنفس مع حروفها احتيج إلى التكلف في بيانها بإخراجها شبيهة بالمتحرك.
والقلقلة صفة لازمة لحروفها الخمسة المذكورة آنفاً ولا فرق بين أن يكون الساكن منها موصولاً نحو {يَقْبَلُ} {يَطْبَعُ} {يَبْدَأُ} {يَجْمَعُ} {وَيَدْرَؤُاْ} أو موقوفاً عليه سواء أكان مخففاً أم مشدداً بالمخفف نحو {فَوَاقٍ} {?لصِّرَاطِ} {?لأَحْزَابُ} {أَزْوَاجٌ} {?لْمِهَادُ (56)} والمشدد نحو {?لْحَقُّ} {وَتَبَّ} {وَ?لْحَجِّ} {أَشَدَّ}. و القلقلة في الساكن الموقوف عليه بنوعيه أبين من الساكن الموصول. وفي هذا يقول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية:
*وبيَّن مقلقلاً إنْ سكَنَا * وإن يكنْ في الوقفِ كان أبْينا*
ثم اعلم أن القلقلة لم تكن قاصرة على ما تقدم من كونها في الساكن بأنواعه المتقدمة بل في المتحرك من حروفها قلقلة كذلك لأنها لا تنفك عنها ساكنة كانت أو متحركة ولكونها من الصفات اللازمة لها ولتعريفها باجتماع صفتي الشدة والجهر كما تقدم فأصلها ثابت في المتحرك أيضاً وإن لم تكن ظاهرة إلا أنها أقل من الساكن غير الموقوف عليه كما أن أصل الغنة ثابت في النون والميم الساكنتين المظهرتين والمتحركتين الخفيفتين، وبهذا يتبين أن مراتب القلقلة أربع وهي على النحو التالي:
الأولى: الساكن الموقوف عليه المشدد نحو {بِ?لْحَقِّ}.
الثانية: الساكن الموقوف عليه المخفف نحو {مُّحِيطٌ}.
الثالثة: الساكن الموصول وهو المعروف بالأصلي نحو {يَجْمَعُ}.
الرابعة: المتحرك مطلقاً كالطاء والباء من نحو {طَبَعَ}.
فالقلقلة في الساكن المشدد الموقوف عليه أقوى منها في الساكن المخفف الموقوف عليه. وفي الساكن المخفف الموقوف عليه أقوى منها في الساكن الموصول. وفي الساكن الموصول أقوى منها في المتحرك الذي فيه أصل القلقلة فقد وإن لم تكن ظاهرة فتأمل.
أقسام القلقلة وكيفية أدائها
تنقسم القلقلة في غير المتحرك من حروفها الذي فيه أصل القلقلة فقط ثلاثة أقسام صغيرة وكبيرة وأكبر:
فالصغيرة: ما كان وجودها في الساكن الموصول كقاف {وَيَقْدِرُ}.
والكبيرة: ما كانت في الساكن الموقوف عليه المخفف كدال {?لسُّجُودِ}.
والأكبر ما كانت حاصلة في الساكن الموقوف عليه المشدد كقاف {أَشَقُّ}.
أما كيفية أدائها فقد اختلف العلماء في ذلك على أكثر من قول والمشهور منها قولان:
الأول: أن الحرف المقلقل يتبع حركة ما قبله ويستوي في ذلك ما كان سكونه موصولاً أو موقوفاً عليه مخففاً كان أو مشدداً.
فإن كان ما قبله مفتوحاً نحو {لِيَقْطَعَ} {وَ?لْحَجِّ} فقلقلته للفتح أقرب.
وإن كان ما قبله مكسوراً نحو {قِبْلَةً} فقلقلته للكسر أقرب.
وإن كان مضموماً نحو {مُّقْتَدِرٍ} فقلقلته للضم أقرب. هذا هو القول المشهور وعليه الجمهور وانظر جهد المقل وشرحه للمرعشي.
الثاني: أن الحرف المقلقل يكون للفتح أقرب مطلقاً سواء أكان قبله مفتوحاً أم مكسوراً أم مضموماً.
وقد أشار بعضهم إلى هذا القول بقوله:
*وقلقلةً قرِّبْ إلى الفتح مُطلقاً * ولا تتبعنها بالذي قبلُ تجْمُلا*
كما أشار العلامة السمنودي في لآلىء البيان إلى القولين معاً مرجحاً الإتباع لما قبله ومبيناً تعريف كل من القلقلة الكبيرة والأكبر بقوله حفظه الله:
*قلقلةٌ قطبُ جدٍ وقُرِّبتْ * للفتحِ والأرجحُ ما قبلُ اقْتَفَتْ*
*كبيرةٌ حيث لدى الوقفِ أتتْ * أكبرُ حيثُ عند وقف شُدِّدتْ أهـ*
هذا وذكر صاحب العميد قولاً ثالثاً في كيفية أداء القلقلة حاصلة أن حروف القلقلة تتبع حركة ما بعدها من الحروف لتتناسب الحركات. وهو قول من الأقوال الواردة في غير القولين المشهورين.
قلت: وإن صح هذا القول فيمكن تطبيقه على الساكن الموصول فقط نحو {يُبْدِىءُ} لأن الساكن الموقوف عليه كحرف الدال في نحو قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} لا يتأتى فيه إتباعه لما بعده لذهاب حركة ما بعده بسبب الوقف عليه فتنبه.
ومما يجب معرفته والتنبيه عليه في كيفية أداء القلقلة أن حروفها الخسمة اجتمع فيها ماهو متصف بصفة الاستعلاء وهو القاف. وما هو متصف بصفة الإطباق وهو الطاء. وما هو متصف بصفة الاستفال وهو باقي الحروف الخمسة. ولكل مراعاة في الأداء ففي حروف الاستفال تؤدى القلقلة بمراتبها السابقة مرققة لأن حروف الاستفال حكمها الترقيق كما سيأتي بيانه في موضعه. وفي حرفي الاستعلاء والإطباق تؤدى القلقلة فيهما بمراتبها السابقة مفخمة لأن حروف الاستعلاء حكمها التفخيم كما سنوضحه بعد، ويلاحظ هنا أن تفخيم الطاء يكون أقوى من تفخيم القاف لأن حروف الإطباق في التفخيم أقوى من حروف الاستعلاء كما هو مقرر. فاحفظ ذلك جيداً واعمل به في الأداء فقد أوضحنا لك هذا المقام توضيحاً كاملاً فاحرص عليه فقد لا تجده مجموعاً في غيره والله ولي التوفيق.
وللزيادة والتفصيل تفضل على هذا الرابط :

http://www.mazameer.com/vb/showthread.php?t=4158


السؤال الرابع : أنواع الوقف مع تعريف كل نوع ؟


من كتاب هداية القارىء للشيخ المرصفي رحمه الله
في معرفة الوقف والابتداء والقطع والسكت )

( التمهيد للدخول إلى الباب )

من مهمات المسائل في علم التجويد معرفة كل من الوقف والابتداء فإنهما من مباحثه بمكان مكين بعد معرفة مسائل المخارج والصفات. وينبغي لكل مَعْنيٍّ بتلاوة القرآن الكريم مجتهد في إيفائها حقها ومستحقها أن يقبل عليها ويصرف همته إليها إذ لا يتحقق فهم كلام الله تعالى ولا يتم إدراك معناه إلا بذلك. فربما يقف القارىء قبل تمام المعنى ولا يصل ما وقف عليه بما بعده حتى ينتهي إلى ما يصح أن يقف عنده. وعندئذ لا يفهم هو ما يقول ولا يفهمه السامع بل ربما يفهم من هذا الوقف معنى آخر غير المعنى المراد. وهذا فساد عظيم وخطر جسيم لا تصح به القراءة ولا توصف به التلاوة. وقد أوجب المتقدمون من الرعيل الأول على القارىء معرفة الوقف والابتداء لما جاء في ذلك من الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين. فقد ثبت أن الإمام عليًّا رضي الله عنه لما سئل عن قوله تعالى: {وَرَتِّلِ ?لْقُرْآنَ} فقال: الترتيل معناه تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.
وذكر الإمام أبو جعفر النحاس في كتابة "القطع والائتناف" بإسناده إلى ابن عمر رضي الله عنهما قال - أي ابن عمر: "لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم، فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن ولقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه وينثره نثر الدقل" أهـ منه بلفظه.
وروى الحافظ ابن الجزري في النشر هذا الحديث باختلاف يسير.
قال الإمام أبو جعفر النحاس: فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون التمام كما يتعلمون القرآن. وقول ابن عمر: "لقد عشنا برهة من درهنا" يدل على أن ذلك إجماع من الصحابة أهـ بلفظه.
وقال الحافظ ابن الجزري في النشر: ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته. وفي كلام ابن عمر رضي الله عنهما برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم. وصح بل وتواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع إمام أهل المدينة الذي هو من أعيان التابعين وصاحبه الإمام نافع بن أبي نعيم وأبي عمرو بن العلاء ويعقوب الحضرمي وعاصم بن أبي النجود وغيرهم من الائمة. وكلامهم في ذلك معروف ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب أهـ بلفظه.
وقد نقل الإمام القسطلاني شارح البخاري في كتابه لطائف الإشارات وصف الإمام الهذلي الوقف في كتابه الكامل فقال: "وقد قال الهذلي - مما رأيته في كامله - الوقف حلية التلاوة وزينة القارىء وبلاغ التالي وفهم للمستمع وفخر للعالم. وبه يعرف الفرق بين المعنيين والمختلفين. والنقيضين المتباينين. والحكمين المتغايرين" أهـ.
ومن ثم اعتنى بعلم الوقف والابتداء وتعلمه والعمل به المتقدمون والمتأخرون من أئمتنا فأفردوه بالتصنيف الخاص به منهم الإمام أبو بكر بن الأنباري والإمام أبو جعفر النحاس والحافظ أبو عمرو الداني والحافظ ابن الجزري وابنه العلامة الشيخ أحمد المعروف بابن الناظم وشيخ الإسلام أبو يحيى زكريا الأنصاري والعلامة المحقق الشيخ أحمد بن عبدالكريم الأشموني وخلق غير هؤلاء رحمهم الله أجمعين. ونفعنا بعلومهم آمين.
هذا: وكلامنا في هذا الباب يتم - إن شاء الله تعالى - في ثلاثة فصول وخاتمة نسأل الله تعالى حسنها، أما الفصول الثلاثة:
فأولها: في تعريف الوقف وأقسامه.
وثانيها: في تعريف الابتداء وما يلزم فيه.
وثالثها: في تعريف كل من القطع والسكت.
وأما الخاتمة ففي التنبيه على انتهاء الكلام على صفات الحروف العرضية التي أشرنا إليها في باب الصفات.
ولكل كلام خاص نوضحه فيما يلي:
( الفصل الأول / في تعريف الوقف وأقسامه )

أما تعريف الوقف فهو في اللغة الكفُّ والحبس. وفي الاصطلاح هو عبارة عن قطع الصوت عن أخر الكلمة زمناً يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة لا بنية الإعراض عنها وينبغي معه البسملة في فواتح السور ويكون على رؤوس الآي وأواسطها، ولا يكون في وسط الكلمة ولا فيما اتصل رسماً كالوقف على "أن" من{أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3)}.
وأما أقسام الوقف فثلاثة: اختباري "بالباء الموحدة" واضطراري واختياري "بالياء المثناة تحت ولكل منها حد يخصه وحقيقة يتميز بها عما سواه".
أما الوقف الاختياري "بالباء الموحدة" فهو الذي يطلب من القارىء بقصد الامتحان ومتعلق هذا الوقف الرسم العثماني لبيان المقطوع والموصول والثابت والمحذوف من حروف المد والمجرور والمربوط من التاءات ويلحق بهذا الوقف وقف القارىء لإعلام غيره بكيفية الوقف على الكلمة بكونه عالماً بها من حيث القطع أو الوصل إلخ ولهذا سمي اختباريًّا.
وحكمه: الجواز بشرط أن يبتدىء الواقف بما وقف عليه ويصله بما بعده إن صلح الابتداء به وإلا فيبتدىء بما قبله مما يصلح ابتداءً.
وأما الوقف الاضطراري: فهو الذي يعرض للقارىء بسبب ضرورة ألجأته إلى الوقف كضيق النفس أو العطاس أو العيّ أو النيسان وما إلى ذلك وحينئذ يجوز له الوقف على أي كلمة كانت وإن لم يتم المعنى وبعد ذهاب هذه الضرورة التي ألجأته إلى الوقف على هذه الكلمة يبتدىء منها ويصلها بما بعدها إن صلح البدء بها وإلا فيبتدىء بما قبلها بما يصلح البدء به كما في الوقف الاختباري "بالموحدة".
وسمي اضطراريًّا للأسباب المذكورة آنفاً.
وأما الوقف الاختياري: "بالياء المثناة تحت" فهو الذي يقصده القارىء باختياره من غير عروض سبب من الأسباب المتقدمة في الوقفين الاختباري "بالموحدة" والاضطراري. وقد يبتدأ بما بعد الكلمة الموقوف عليها وقد لا يبتدأ بأن توصل بما بعدها كما سنوضحه بعد في الوقف الحسن.
وهذا الوقف هو المقصود بالذكر هنا وينقسم إلى أربعة أقسام: تام، وكاف، وحسن، وقبيح.
فإن أفادت الكلمة الموقوف عليها معنى تامًّا يحسن السكوت عليه كان الوقف تامًّا أو كافياً أو حسناً. وإن لم تفد معنى يحسن السكوت عليه كان الوقف قبيحاً ويجب على الواقف حينئذ البدء على الفور بما قبل الكلمة الموقوف عليها ووصلها بما بعدها إلى أن يصل إلى كلام تام يحسن السكوت عليه كما سنذكره بعد ويشترط للمعنى التام الذي يحسن السكوت عليه أن يكون الكلام مشتملاً على ركني الجملة من المسند والمسند إليه. وبهذا يكون الكلام تامًّا. ولتمامه حينئذ أحوال ثلاثة. وذلك لأنه إما أن يكون غير متعلق بما بعده لا لفظاً ولا معنى. وإما أن يكون متعلقاً بما بعده معنى لا لفظاً. وإما أن يكون متعلقاً بما بعده لفظاً ومعنى مع الفائدة التي بها يحسن السكوت عليه.
فالأول: هو الوقف التام.
والثاني: هو الوقف الكافي. وحكمهما جواز الوقف عليهما والابتداء بما بعدهما.
والثالث: هو الوقف الحسن. وحكمه جواز الوقف عليه دون الابتداء بما بعده لتعلقه به لفظاً ومعنى. إلا إذا كان الابتداء برأس آية فإنه يجوز حينئذ لأن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً كما سيأتي بيانه عند تفصيل الكلام على الوقف الحسن.
وقد أشار الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية إلى أقسام الوقف الاختياري وحكمها مع التأكيد على معرفة الوقف والابتداء بقوله رحمه الله تعالى:
*وبعدَ تجويدِكَ للحروفِ * لابدَّ من معرفةِ الوقوفِ*
*والابتدا وهي تقسَمُ إذَنْ * ثلاثة تامٌ وكافٍ وحسنْ*
*وهي لما تَمَّ فإن لمْ يُوجَدِ * تَعلُّقٌ أو كان معنى فابْتَدِي*
*فالتامُ فالكافِي ولفظاً فامْنَعَنْ * إلا رؤوسَ الآي جوِّزْ فالحسَنْ*
*وغير ما تَمَّ قبيحٌ ولهُ* يوقَفُ مُضْطَرًّا ويُبْدأُ قبلَهُ اهـ*
وفيما يلي تفصيل الكلام على كل من الوقف التام والكافي والحسن والقبيح مع الأمثلة للجميع والأصل فيها من السنة فنقول وبالله التوفيق.
الكلام على الوقف التام
وهو الوقف على كلام تم معناه وليس متعلقاً بما بعده لا لفظاً ولا معنى. وأكثر ما يكون هذا الوقف في رؤوس الآي وانتهاء القصص كالوقف على قوله تعالى: {مَـ?لِكِ يَوْمِ ?لدِّينِ} والابتداء بقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وكالوقف على نحو {وَأُوْلَـ?ئِكَ هُمُ ?لْمُفْلِحُونَ} والابتداء بقوله: {إِنَّ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ}. ونحو الوقف على قوله تعالى: {إِنَّ ?لْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} والابتداء بقوله سبحانه: {وَإِلَى? عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً} وذلك لأن لفظ "المفلحون" تمام الآيات المتعلقة بالمؤمنين وما بعده منفصل عنه متعلق بأحوال الكافرين وكذلك لفظ "للمتقين" تمام الآيات المتعلقة بقصة سيدنا نوح وما بعده منفصل عنه ابتداء قصة سيدنا هود على نبينا سيدنا محمد وعليهما الصلاة والسلام.
وقد يكون في وسط الآي كالوقف على لفظ "جاءني" في قوله تعالى: {لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ?لذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي} فهذا تمام حكاية قول الظالم وتمام الفاصلة ففي قول الله تعالى: {وَكَانَ ?لشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً}.
وقد يكون بعد تمام الآية بكلمة كالوقف على لفظ "كذلك" "وبالليل" "وزخرفاً" من قوله تعالى: {حَتَّى? إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ?لشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى? قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً (90) كَذَلِكَ} {وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ (137) وَبِ?لْلَّيْلِ} {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفاً}. فإن تمام الآية في كل "ستراً" و"مصبحين" و"يتكئون" وتمام الكلام لفظ "كذلك" "وبالليل" "وزخرفاً".
ويكون في أواخر السور وهو ظاهر.
قال الحافظ ابن الجزري في النشر: "وقد يتفاضل التام في التمام نحو {مَـ?لِكِ يَوْمِ ?لدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} كلاهما تام إلا أن الأول أتم من الثاني لاشتراك الثاني فيما بعده في معنى الخطاب بخلاف الأول" أ هـ.
وسمي تامًّا لتمام لفظه وانقطاع ما بعده عنه في اللفظ والمعنى.
وحكمه أنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده لما تقدم في وجه تسميته بالتام.
هذا والمراد بالتعلق المعنوي أن يتعلق المتقدم بالمتأخر من جهة المعنى لا من جهة الإعراب. والمراد اللفظي أن يتعلق المتقدم بالمتأخر من حيث الإعراب كأن يكون موصوفاً للمتأخر أويكون المتأخر معطوفاً على المتقدم أو مضافاً إليه أو خبراً له وما إلى ذلك. ويلزم من التعلق اللفظي التعلق المعنوي.
الأصل في الوقف التام من السنة المطهرة
الأصل في الوقف التام ما ذكره الحافظ ابن الجزري في كتابه التمهيد في علم التجويد بسنده المتصل إلى عبدالرحمن بن أبي بكرة قال: "اي ابن أبي بكرة": إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اقرأ القرآن على حرف فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده حتى بلغ سبة أحرف كل شاف كاف ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة او آية رحمة بآية عذاب. وفي رواية أخرى ما لم تختم آية رحمة بعذاب أو آية عذاب بمغفرة أهـ. قال ابو عمرو هذا تعليم الوقف التام من رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام إذ ظاهر ذلك أن يقطع على الآية التي فيها ذكر الجنة أو الثواب وتفصل مما بعدها إذا كان ذكر العقاب. وكذلك ينبغي أن يقطع على الآية التي فيها ذكر النار أو العقاب وتفصل مما بعدها إذا كان ذكر الجنة أو الثواب أهـ منه بلفظه.
الكلام على الوقف الكافي
وهو الوقف على كلام تم معناه وتعلق بما بعده معنى لا لفظاً. ويوجد في رؤوس الآي وفي أثنائها كالوقف على نحو قوله تعالى: {وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} {وَبِ?لآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}. {أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}. {إِنِّي جَاعِلٌ فِي ?لأَرْضِ خَلِيفَةً} فكل هذا كلام تام مفهوم وما بعده مستغن عما قبله في اللفظ وإن اتصل في المعنى.
قال الحافظ ابن الجزري في النشر: "وقد يتفاضل - أي الوقف الكافي -" في الكفاية كتفاضل التام نحو {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} كاف {فَزَادَهُمُ ?للَّهُ مَرَضاً} أكفى منه {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)} أكفى منهما أهـ منه بلفظه.
وحكمه أنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده كالوقف التام.
وسمي كافياً للاكتفاء به عما بعده لعدم تعلقه به من جهة اللفظ. وإن كان متعلقاً به من جهة المعنى.
الأصل في الوقف الكافي من السنة المطهرة
الأصل في الوقف الكافي ما ذكره الحافظ ابن الجزري في كتابه التمهيد في علم التجويد بسنده المتصل إلى أبي عمرو الداني وبسند الداني إلى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال "أي ابن مسعود رضي الله عنه": "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم" اقرأ علي فقلت له أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري. قال: فافتتحت سورة النساء فلما بلغت {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى? هَـ?ؤُلا?ءِ شَهِيداً} قال: فرأيته وعيناه تذرفان دموعاً فقال لي: حسبك" أهـ قال الداني: فهذا دليل جواز القطع على الوقف الكافي لأن شهيداً ليس من التام وهو متعلق بما بعده معنى لأن المعنى فكيف يكون حالهم إذا كان هذا يومئذ يود الذين كفروا فما بعده متعلق بما قبله والتمام "حديثاً" لأنه انقضاء القصة وهو آخر الآية الثانية. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع عليه دونه مع تقارب ما بينهما فدل ذلك دلالة واضحة على جواز القطع على الكافي أهـ منه بلفظه.
الكلام على الوقف الحسن
وهو الوقف على كلام تم معناه وتعلق بما بعده لفظاً ومعنى مع الفائدة كأن يكون اللفظ الموقوف عليه موصوفاً وما بعده صفة له أو معطوفاً وما بعده معطوفاً عليه أو مستثنى منه وما بعده مستثنى أو بدلا وما بعده مبدل منه وما إلى ذلك ويوجد في رؤوس الآي وفي أثنائها كالوقف الكافي.
وسمي حسناً لحسن الوقف عليه لأنه أفهم معنى يحسن السكوت عليه وحكمه أنه يحسن الوقف عليه. وأما الابتداء بما بعده ففيه تفصيل لأنه قد يكون في رؤوس الآي وقد يكون في غيرها.
فإن كان في غير رؤوس الآي فحكمه أنه يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده لتعلقه به لفظاً ومعنى كالوقف على لفظ "الله" من قوله تعالى: {?لْحَمْدُ للَّهِ} فإنه كلام تام يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده. لأن ما بعده وهو قوله تعالى: {رَبِّ ?لْعَالَمِينَ} أو قوله تعالى {فَاطِرِ ?لسَّمَاوَاتِ وَ?لأَرْضِ} صفة للفظ الجلالة في الموضعين والصفة والموصوف كالشيء الواحد لا يفرق بينهما والابتداء حينئذ يكون غير حسن وفوق هذا أصبح اللفظ المبدوء به عارياً عن العوام اللفطية. والعاري عن العوامل اللفظية هو المبتدأ وحكمه الرفع بينما صار مخفوضاً. إذن فلا بد من وصل الكلمة الموقوف عليها بما بعدها في هذه الحالة وما ماثلها ليكون العامل والمعمول معاً كما هو مقرر.
وإن كان في رؤوس الآي كالوقف على لفظ "العالمين" و"الرحيم" و"العلي" في قوله تعالى: {?لْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ?لْعَالَمِينَ} {?لرَّحْمـ?نِ ?لرَّحِيمِ}. {لَهُمُ ?لدَّرَجَاتُ ?لْعُلَى?} فإنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده لأن الوقف على رؤوس الآي سنة سواء وجد تعلق لفظي أم لم يوجد وهذا هو المشهور عند جمهور العلماء وأهل الأداء والنصوص عليه متوافرة لوروده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا قرأ قطَّع قراءته آية آية يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقف ثم يقول: الحمد لله رب العالمين، ثم يقف ثم يقول: الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين". قال الحافظ ابن الجزري في النشر عقب ذكره لهذا الحديث: رواه أبو داود ساكتاً عليه والترميذي وأحمد وأبو عبيدة وغيرهم. وهذا حديث حسن صحيح وكذلك عد بعضهم الوقف على رؤوس الآي سنة. وقال ابو عمرو وهو أحب إلي واختاره البيهقي في شعب الإيمان وغيره من العلماء. وقالوا الأفضل الوقوف على رؤوس الآيات وإن تعلقت بما بعدها. قالوا: واتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته أولى أهـ منه بلفظه.
هذا ونصوص العلماء في هذا الوقف كثيرة وشهيرة لا يتحملها هذا المختصر وكلها تؤيد سنية الوقف على رؤوس الآي وقد اكتفينا منها بما جاء في النشر.
وقد منع جماعة من العلماء الوقف على رؤوس الآي في مثل ما ذكرنا لتعلقها بما بعدها وحملوا ما في حديث أم سلمة رضي الله عنها على أن ما فعله صلى الله عليه وسلم إنما قصد به بيان الفواصل لا التعبد. وعلى ذلك فلا يكون الوقف على رؤوس الآي سنة عندهم إذ لا يسن إلا ما فعله صلى الله عليه وسلم تعبداً. وردَّهُ غير واحد من العلماء منهم العلامة المتولي بقوله في الروض النضير: "إنَّ من المنصوص المقرر أنَّ "كان إذا" تفيد التكرر وظاهر أن الإعلام يحصل بمرة ويبلغ الشاهد منهم الغائب فليكن الباقي تعبداً وليس كله للإعلام حتى يعترض على هؤلاء الأعلام أهـ منه بلفظه".
وهناك ردود أخرى تركنا ذكرها هنا رغبة في الاختصار.
قال الحافظ ابن الجزري في النشر وقد يكون الوقف حسناً على تقدير وكافياً على آخر وتامًّا على غيرهما نحو قوله تعالى: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)} يجوز أن يكون حسنا إذا جعل {?لَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِ?لْغَيْبِ} نعتاً للمتقين وأن يكون كافياً إذا جعل {?لَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِ?لْغَيْبِ} رفعاً بمعنى هم الذي يؤمنون بالغيب أو نصباً بتقدير أعني الذين. وأن يكون تامًّا إذا جعل {?لَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِ?لْغَيْبِ} مبتدأ خبره {أُوْلَـ?ئِكَ عَلَى? هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ} أهـ منه بلفظه.
الأصل في الوقف الحسن من السنة المطهرة
والأصل في الوقف الحسن الحديث المتقدم المروي عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها فقد ذكره الحافظ ابن الجزري في كتابه التمهيد بسنده المتصل إليها ثم قال بعد أن أورده: قالوا وهذا دليل على جواز القطع على الحسن في الفواصل لأن هذا متعلق بما قبله وما بعده لفظاً ومعنى وهذا القسم يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده إلا في رؤوس الآي فإن لك سنة أهـ منه بلفظه.
"فصل": في بيان وقف السنة الواقع جله في غير رؤوس الآي أو في بيان وقف جبريل كما سماه بعضهم.
سبق أن بينا في فصل الوقف الحسن أن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً سواء تعلق رأس الآية بما بعده أم لم يتعلق وقد فصلنا الكلام على ذلك أيما تفصيل وسقنا الأدلة على ذلك من الخبر المتبع والأثر الصحيح وأقوال أئمة هذا الشأن فيه وأنه مذهب الجمهور وذكرنا الاعتراض على ذلك ورددناه بما يسر الله تعالى ذكره من أقوال علماء هذا الفن مما تجده في موضعه السابق مستوفى إن شاء الله تعالى.
والآن نشرع بحول الله في بيان الوقف المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن العظيم مما أكثره ليس برأس آية ونص عليه غير واحد ممن يعتد بنقلهم من محققي علماء القراءات مع عَزْوِ ذلك إليهم ونسبته لهم فقد قيل: إن من بركة العلم نسبة القول إلى قائله.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
أولاً: نقل صاحب "منار الهدى: في بيان الوقف والابتدا" عن العلامة السخاوي أن هذه الوقوف عشرة وسمى بعضها بوقف جبريل عليه السلام وإليك نص عبارته: "قال السخاوي: ينبغي للقارى أن يتعلم وقف جبريل فإنه كان يقف في سورة آل عمران عند قوله: {قُلْ صَدَقَ ?للَّهُ} ثم يبتدىء {فَ?تَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} والنبي صلى الله عليه وسلم يتبعه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقف في سورة البقرة والمائدة عند قوله تعالى: {فَ?سْتَبِقُواْ ?لْخَيْرَاتِ} وكان يقف على قوله: {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي? أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} وكان يقف {قُلْ هَـ?ذِهِ سَبِيلِي? أَدْعُو إِلَى? ?للَّهِ} ثم يبتدىء {عَلَى? بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ ?تَّبَعَنِي} وكان يقف {كَذ?لِكَ يَضْرِبُ ?للَّهُ ?لأَمْثَالَ} ثم يبتدىء {لِلَّذِينَ ?سْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ?لْحُسْنَى?} وكان يقف {وَ?لأَنْعَامَ خَلَقَهَا} ثم يبتدىء {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} وكان يقف {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً} ثم يبتدىء {لاَّ يَسْتَوُونَ} وكان يقف {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى? (22) فَحَشَرَ} ثم يتبدىء {فَنَادَى?}وكان يقف {لَيْلَةُ ?لْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ثم يبتدىء {تَنَزَّلُ ?لْمَلاَئِكَةُ} فكان صلى الله عليه وسلم يتعمد الوقف على تلك الوقوف وغالبها ليس رأس آية وما ذلك إلا لعلم لدنِّي علمه من علمه وجهله من جهله. فاتباعه سنة في أقواله وأفعاله انتهى منه بحرفه.
ثانياً: نقل صاحب انشراح الصدور أن مواضع هذه الوقوف سبعة عشر موضعاً وفيما يلي نص عبارته.
"أعلم أن الوقوف المندوبة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الوقوف عليها سبعة عشر موضعاً":
الأول والثاني: {فَ?سْتَبِقُواْ ?لْخَيْرَاتِ} بالبقرة والمائدة.
والثالث: {قُلْ صَدَقَ ?للَّهُ} بآل عمران.
والرابع: {مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} بالمائدة.
والخامس: {أَنْ أَنذِرِ ?لنَّاسَ} بيونس.
والسادس: {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} بها أيضاً.
والسابع: {قُلْ هَـ?ذِهِ سَبِيلِي? أَدْعُو إِلَى? ?للَّهِ} بيوسف.
والثامن: {كَذ?لِكَ يَضْرِبُ ?للَّهُ ?لأَمْثَالَ} بالرعد.
والتاسع: {وَ?لأَنْعَامَ خَلَقَهَا} ب النحل.
والعاشر: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} بها أيضاً.
والحادي عشر: {ي?بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِ?للَّهِ} بلقمان.
والثاني عشر: {كَمَن كَانَ فَاسِقاً} بالسجدة.
والثالث عشر: {أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ?لنَّارِ} بغافر.
والرابع عشر: {فَحَشَرَ} بالنازعات.
والخامس عشر: {خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} بالقدر.
والسادس عشر: {مِّن كُلِّ أَمْرٍ} بها أيضاً.
والسابع عشر: {بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ?سْتَغْفِرْهُ} بالنصر أهـ منه بلفظه.
ثالثاً: نقل صاحب "الرحلة العياشية" أن هذه الوقوف سبعة عشر وقفاً وساقها في نظم مبارك بديع وهذا أنذا أنثر مواضع هذا النظم أولاً ثم أذْكُرُه بعد ذلك ثانياًً.
وإليك بيان مواضع هذه الوقوف حسب ترتيب هذا النظم المبارك:
الأول: قوله تعالى: {فَ?سْتَبِقُواْ ?لْخَيْرَاتِ} بالبقرة.
الثاني: قوله سبحانه: {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ ?للَّهُ} بالبقرة أيضاً.
الثالث: قوله عز شأنه: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ?للَّهُ} بآل عمران.
الرابع: قوله عز من قائل: {فَ?سْتَبِقُواْ ?لْخَيْرَاتِ} بالمائدة.
الخامس: قوله جل وعلا: {مِنْ أَجْلِ ذ?لِكَ} بالمائدة أيضاً.
السادس: قوله سبحانه: {مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} بالمائدة كذلك.
السابع والثامن: قوله تعالى: {أَنْ أَنذِرِ ?لنَّاسَ} وقوله عز شأنه: {قُلْ إِي وَرَبِّي? إِنَّهُ لَحَقٌّ} الموضعان بيونس عليه الصلة والسلام.
التاسع: قوله سبحانه: {قُلْ هَـ?ذِهِ سَبِيلِي? أَدْعُو إِلَى? ?للَّهِ} بيوسف عليه الصلاة والسلام.
العاشر: قوله تعالى: {كَذ?لِكَ يَضْرِبُ ?للَّهُ ?لأَمْثَالَ} بالرعد.
الحادي عشر: قوله تعالى: {وَ?لأَنْعَامَ خَلَقَهَا} بالنحل.
الثاني عشر: قوله سبحانه: {ي?بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِ?للَّهِ} بلقمان.
الثالث عشر: قوله عز وجل: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى ?لَّذِينَ كَفَرُو?اْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ?لنَّارِ} بغافر.
الرابع عشر: قوله تعالى: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى? (22) فَحَشَرَ} بالنازعات.
الخامس عشر والسادس عشر: قوله جل وعلا: {لَيْلَةُ ?لْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} وقوله عز وجل: {تَنَزَّلُ ?لْمَلاَئِكَةُ وَ?لرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4)} الموضعان بالقدر.
السابع عشر: قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ?سْتَغْفِرْهُ} بالنصر.
وإليك عبارة صاحب الرحلة العياشية مع ذكر النظم الذي تكلمنا عنه آنفاً.
قال رحمه الله تعالى فيما أنشده شيخه أبو الحسن علي بن محمد بن عبدالرحمن الربيع اليمني الزبيدي: "وأنشدني أيضاً في المواضع التي ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عليها وأملاها عليَّ من حفظه ولم ينسبها":
*أيا سائِلي عن ما أتانا به الآلى * عن المصطفى من وقْفِه مسلسلا*
*ففي البكر جا الخيراتِ والثاني قُلْ بها * أتى بعدُ يعلمْهُ على الله مُسْجَلا*
*وعمرانُ إلا الله أوَّلها أتى * عقودٌ بها الخيرات قد جاء مُرسلا*
*وأيضاً بها من أجل ذلك جاءنا * وآخرها قد جا بحقِّ مرتِّلا*
*وأن أنذر الناس الذي حلَّ يونساً * وقلْ بعده فيها لحقٌّ تنزِّلا*
*إلى الله جا في يوسف وبتلوها * أتانا على الأمثال كي يتمثَّلا*
*خلقها بنحلٍ بعدَ الأنعام لفظةً * وبعد لا تشرك بلقمان أنزلا*
*وغافر فيها لفظةُ النار بعدها * حكاية حمل العرشِ في قصَّة الملا*
*وقل فحشر في النازعات وبعده * على ألف شهر جاء في القدر أوَّلا*
*ومن كلِّ أمرٍ جا بها وبنصرهم * على لفظ واستغفره تمَّت فحمدِلا أهـ*
ومن هذه النقول يتبين لك - أيها القارىء الكريم أن هذه المواضع كلها منها ما هو رأس آية - وهو القليل. ومنها ما ليس برأس آية وهو الكثير فالذي هو رأس آية قوله تعالى: {كَذ?لِكَ يَضْرِبُ ?للَّهُ ?لأَمْثَالَ} بالرعد. وقوله سبحانه: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى ?لَّذِينَ كَفَرُو?اْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ?لنَّارِ} بغافر. وقوله عز شأنه: {لَيْلَةُ ?لْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}. وقوله جل وعلا: {تَنَزَّلُ ?لْمَلاَئِكَةُ وَ?لرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} وهذا الموضعان بسورة القدر.
وقد قدمنا لك أن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً فيكون ذكره هنا في هذه الأوقاف من باب التأكيد عليه عند من وصل رؤوس الآي المتعلقة بما بعدها في غير هذه المواضع فليعلم ذلك. ولعل أحداً أن يقول: لقد تفاوتت مواضع هذه الأوقاف المذكورة في هذه النقول الثلاثة التي قدمنا. فهل يعتبر تفاوتها مدعاة إلى عدم التسليم ببعضها؟ والجواب عن ذلك ظاهر فإن هذه النقول وإن كان فيها تفاوت لكنه ليس تفاوت التناقض والاضطراب وإنما هو تفاوت الرواية والحفظ. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ فكل هذه النقول صحيحة، وسائر نقلتها عدول، وقد ذكر كل منهم انتهى إليه علمه بحسب التلقي والمشافهة عن شيوخه، وعليه فلا اختلاف. وهناك نقول أخرى غير هذه تركنا ذكرها هنا طلباً للاختصار والله تعالى أعلم.
الكلام على الوقف القبيح
وهو الوقف علىكلام لم يتم معناه لتعلقه بما بعده لفظاً ومعنى مع عدم الفائدة أو أفاد معنى غير مقصود أو أوهم فساد المعنى فهذه أنواع ثلاثة وإليكها مفصلة:
أما النوع الأول: فضابطه الوقف على العامل دون معمول ويشمل هذا الضابط صور شتى:
منها الوقف على المضاف دون المضاف إليه كالوقف على لفظ "بسم ومالك من نحو {بسم ?لله} و{مَـ?لِكِ يَوْمِ ?لدِّينِ} فالوقف على مثل هذا قيبح لأنه لم يعلم لأي شيء أضيف.
ومنها الوقف على المبتدأ دون خبره كالوقف على "الحمدُ" من "الحمدُ لله".
ومنها الوقف على الموصوف دون صفته كالوقف على لفظ "الصراط" من قوله تعالى: {?هْدِنَا ?لصِّرَاطَ ?لْمُسْتَقِيمَ}.
ومنها الوقف على الفعل دون فاعله كالوقف على لفظ "يتقبل" من قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ?للَّهُ مِنَ ?لْمُتَّقِينَ} إلى آخر باقي المتعلقات. فكل هذا وما ماثله لا يجوز الوقف عليه ولا الابتداء بما بعده لأنه لا يتم معه كلام ولا يفهم منه معنى فالوقف عليه قبيح كما أسلفنا.
وسمي قبيحاً لقبح الوقف عليه لعدم تمام الكلام وعدم فهم المعنى لما فيه من التعلق اللفظي والمعنوي معاً مع عدم الفائدة. ولا يجوز للقارىء تعمد الوقف على شيء من هذه الوقوف وما شاكلها إلا لضرورة كضيق نفس أو عطاس أو عجز أو نيسان ويسمى حنيئذ وقف الضرورة وهو مباح للقارى كما تقدم ثم بعد ذهاب هذه الضرورة التي ألجأته إلى الوقف على هذه الكلمة يبتدىء منها ويصلها بما بعدها إن صلح الابتداء بها وإلا فيبتدىء بما قبلها ممن يصلح البدء به إلى أن يصل إلى ما يجوز أن يقف عنده.
وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله المذكور آنفاً:
*وغيرْ ما تمَّ قبيحٌ ولهُ * يوقفُ مضطرًّا ويُبدأُ قبلَهُ اهـ*
وأما النوع الثاني: وهو الذي أفاد معنى غير مقصود لتوقف ما بعده عليه ليتم منه المعنى المراد فنحو الوقف على {لاَ تَقْرَبُواْ ?لصَّلاَةَ} وذلك لانه يوهم النهي عن أداء الصلاة مطلقاً وليس كذلك. وإنما المقصود من الآية الكريمة لا تقربوا الصلاة حال كونكم سكارى حتى تعلموا ما تقولون. وهذا المعنى المقصود لا يتم إلا إذا انظم إليه ما بعده. وعليه: فالوقف على {لاَ تَقْرَبُواْ ?لصَّلاَةَ} قبيح فيوصل بما بعده إلى أن يقف على قوله تعالى: {حَتَّى? تَغْتَسِلُواْ} وهو كاف.
ومنه الوقف على لفظ "بجناحيه" في قوله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ?لأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} لأن ذلك يوهم نفي ما هو مشاهد من مخلوقات الله وهذا لا يجوز وإنما يكون الوقف على "أمثالكم" وهو كاف.
ومنه الوقف على لفظ "والظالمين" من قوله تعالى: {يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَ?لظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} لأنه يوهم أن الظالمين داخلون في رحمة الله وليس كذلك بل أعد لهم العذاب الأليم فالوقف يكون على لفظ "رحمته" وهو تام.
ومنه الوقف على "والذين آمنوا" من قوله تعالى: {?لَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَ?لَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ?لصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} لأنه يوهم دخول المؤمنين مع الكافرين في العذاب الشديد وليس كذلك بل أعد المغفرة والأجر الكبير للمؤمنين. أما العذاب الشديد فهو خاص بالكافرين. فالوقف يكون على قوله تعالى: "لهم عذاب شديد" وهو كاف وذلك ليفصل بين ما أعد للفريقين من جزاء. أو توصل الجملة الأولى بالثانية ويوقف على الفاصلة إن كانت هناك طاقة لدى القارىء بحيث يعطي الحروف حقها ومستحقها في التلاوة كما هو مقرر وإلا فلا.
فكل هذا وما ماثله مما هو خارج عن حكم الأول في المعنى لا يجوز الوقف عليه لما تقدم باستثناء الضرورة.
وأما النوع الثالث: وهو ما أوهم فساد المعنى وفيه سوء الأدب مع الله تبارك وتعالى وهو أقبح من القبيح فنحو الوقف على لفظ الجلالة "والله" في قوله تعالى: {فَبُهِتَ ?لَّذِي كَفَرَ وَ?للَّهُ لاَ يَهْدِي ?لْقَوْمَ ?لظَّالِمِينَ} فهذا لا يجوز بحال وإنما يجوز الوقف على لفظ "كفر" أو على لفظ "الظالمين" وهو آخر الفاصلة ومثله الوقف على لفظ "لا يستحي" في قوله تعالى: {* إِنَّ ?للَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} وهذا لا يجوز بحال وإنما يكون الوقف على "فما فوقها" ولا يخفى ما في ذلك من فساد المعنى وسوء الأدب مما هو ظاهر لا يصح التفوه به. وأقبح من هذا وأشنع الوقف على المنفي الذي بعده الإيجاب وفي هذا الإيجاب وصف الله تعالى أو لرسله عليهم الصلاة والسلام وذلك نحو قوله تعالى: {فَ?عْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـ?هَ إِلاَّ ?للَّهُ} وقوله سبحانه: {وَمَا مِنْ إِلَـ?هٍ إِلاَّ ?للَّهُ}. بأن وقف على لفظ "إله" في الآيتين والقبح في هذا الوقف ظاهر لا يصح التفوه به أيضاً وإنما يكون الوقف على لفظ "وللمؤمنات" في الآية الأولى وهو تام. وعلى لفظ الجلالة في الثانية وهو كاف. ومثل ذلك الوقف على لتفظ "أرسناك" في قوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} فإنه يؤدي إلى نفي رسالته صلى الله عليه وسلم وإنما يكون الوقف على "للعالمين" آخر الفاصلة ومثله الوقف على لفظ "من رسول" في قوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ?للَّهِ}. وفي قوله سبحانه: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} فإنه يؤدي إلى نفي إرسال جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام. وإنما يكون الوقف على لفظ الجلالة في الآية الأولى وعلى لفظ "لهم" في الآية الثانية. فكل هذه الوقوف وما ماثلها يجب ألا يوقف على شىء منها لما تقدم إلا من ضرورة كما ذكرنا آنفاً. فإن وقف القاىء على شيء منها أو مما شاكلها لضرورة وجب عليه أن يبتدىء بما قبل الكلمة الموقوف عليها ويصلها بما بعدها إلى أن ينتهي إلى ما يجوز أن يقف عنده فإن لم يفعل ذلك وتعمد الوقف فقد أثم إثماً كبيراً وأخطأ خطاً فاحشاً وخرق الإجماع وحاد عن إتقان القراءة وإتمام التجويد. نسأل الله تعالى التوفيق والهداية إلى أقوم طريق.
الأصل في الوقف القبيح من السنة المطهرة
والأصل فيه ما ذكره الحافظ ابن الجزري في التمهيد بسنده المتصل إلى عدي بن حاتم قال: "أي عدي" جاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتشهد أحدهما فقال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما ووقف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم أو اذهب بئس الخطيب أنت أهـ قالوا: وهذا دليل على أنه لا يجوز القطع على القبيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقامه لما وقف على المستبشع لأنه جمع بين حال من أطاع الله ورسوله ومن عصى والأولى أنه كان يقف على رشد ثم يقول: ومن يعصهما فقد غوى" انتهى. وقال أبو عمرو: ففي الخبر دليل علىكراهة القطع على المستبشع من اللفظ المتعلق بما يبين حقيقته ويدل على المراد منه لأنه صلى الله عليه وسلم إنما أقام الخطيب لما قطع على ما يقبح إذ جمع بقطعه بين حال من أطاع ومن عصى ولم يفصل بين ذلك وإنما كان ينبغي له أن يقف على قوله فقد رشد ثم يستأنف ومن يعصهما فقد غوى أو يصل كلامه إلى آخره. وإذا كان مثل هذا مكروهاً مستقبحاً في الكلام الجاري بين الناس فهو في كلام الله تعالى أشد كراهة وقبحاً وتجنبه أولى وأحق أهـ منه بلفظه.
تنبيهات:
الأول: ما قاله أئمتنا من أنه لا يجوز الوقف على كلمة كذا وكذا إنما يريدون بذلك الوقف الاختياري "بالياء المثناة تحت" الذي يحسن في القراءة ويروق في التلاوة ولا يريدون به أنه حرام أو مكروه إذ ليس في القرآن الكريم وقف واجب يأثم القارىء بتركه أو حرام يأثم القارىء بفعله لأن الوصل والوقف لا يدلان على معنى حتى يختل بذهابهما وإنما يتصف الوقف بالحرمة إذا كان هناك سبب يؤدي إليها فيحرم حينئذ كأن قصد القارىء الوقف من غير ضرورة على لفظ "إله" أو على لفظ "لا يستحي" أو على لفظ "لا يهدي" في قوله تعالى: {وَمَا مِنْ إِلَـ?هٍ إِلاَّ إِلَـ?هٌ وَاحِدٌ}، {وَ?للَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ?لْحَقِّ}، {وَ?للَّهُ لاَ يَهْدِي ?لْقَوْمَ ?لْفَاسِقِينَ} وما شابه ذلك مما تقدم ذكره في الوقف القبيح إذ لا يفعل ذلك مسلم قبله مطمئن بالإيمان.
وفي هذا المقام يقول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية:
*وليسَ في القرآن مِنْ وقْفٍ وجَب * ولا حرام غير ما له سَبَبْ اهـ*
التنبيه الثاني: اشتهر عند كثير من الناس أن الوقف على لفظ "للمصلين" في قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) ?لَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ} قبيح وحرام ولا يجوز مطلقاً وزعموا أن القارىء لو وقف على هذا اللفظ لأوهم تناول الويل كل مصلٍّ وليس كذلك وإنما الويل "وهو واد في جهنم أو وعيد شديد كما قاله المفسرون" للمصلين الموصوفين بالصفات المذكورة بعد في قوله تعالى: {?لَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ} إلى آخر السورة وهذه حجتهم في منع الوقف على هذا اللفظ وحتموا الوصل بالموصولين بعد ليظهر المراد ويتم الكلام. والصواب الذي عليه الجمهور هو جواز الوقف على هذا اللفظ لأنه من رؤوس الآي والوقف على رؤوس الآي سنة لحديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وقد تقدم ذكره غير مرة وهذا كما قلت المشهور عند جمهور العلماء وأهل الأداء وإن تعلق رأس الآية بما بعدها لفظاً ومعنى كهذا الموضع كما تقدم. غير أن هذا الوقف الجائز مشروط بأن يكون القارىء مستمرًّا في قراءته إلى تمام الكلام وهو آخر السورة وبهذا حصل الغرض المطلوب وهو إيضاح المعنى المراد من الآية الكريمة لكل من القارىء والسامع وفي الوقت نفسه أتى القارىء بالوصفين المذكورين بعد "للمصلين" الذين يستحقون بهما هذا الوعيد. ويفهم من قولنا: "غير أن هذا الوقف الجائز مشروط بأن يكون القارىء مستمرًّا"...الخ بأنه لو قطع قراءته وأنهاها عند قوله: "فويل للمصلين" من غير عذر كان الوقف قبيحاً ويقال له فيه بل ويمنع منه لإيهام خلاف المعنى المراد ولعدم إتمام الكلام حنيئذ لأن إتمامه لا يتأتَّى إلا بذكر الصفتين المذكورتين بعد. ومن محاسن الوقف على رأس الآية "فويل للمصلين" هنا أنه لو وصل القارىء قوله: "فويل للمصلين" بما بعده كما قال مانعو الوقف عليه فلربما ضاف نفسه قبل الوصول إلى الوقف التام وهو آخر السورة لا سيما من كان ضيق النفس لا يستطيع أن يتكلم بكلام كثير في نفس احد وخاصة في هذا الزمن الذي عمت فيه البلوى لكثير من الناس وحنيئذ يضطر إلى أن يتنفس في القراءة وهو حرام فيها ومفسد لها أو إلى إدماج الحروف وبتر المد مما لا يتفق وقواعد التجويد المجمع عليها ويكون بذلك أتعب نفسه فوق إفساده القراءة مع أن السنة المطهرة أباحت له الوقف على رؤوس الآي مطلقاً سواء تم الكلام أم يتم كما مر، ولنا في سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.
هذا: وقد فات مانعو تجويز الوقف على قوله: "فويل للمصلين" وتأكيدهم على وصله بما بعده أن الصفتين المذكورتين بعد من باب التوابع كما هو مقرر. وهذا المعتبر إذا لم نقل بالقطع. فإن قلنا به كما جوزه علماء العربية من كل موصول وقع صفة يحتمل أن يكون تابعاً أو مقطوعاً عن التبعية لعدم ظهور الإعراب عليه لبنائه. بل جوزوا قطع الصفة عن الموصوف في العموم سواء كان موصولاً أو غير موصول. وبناء على جواز قطع الصفة عن الموصوف نقول: إن جعلنا الموصول هنا مع صلته خبراً لمبتدأ محذوف تقديره هم الذين إلخ كان الوقف على "للمصلين" كافياً فضلاً عن كونه رأس آية. وهذا أمر لا يخفى ومثله حنيئذ مثل الوقوف على رؤوس التي بعدها موصول كهذا وما أكثرها في القرآن باستثناء سبعة مواضع منها يتعين فيها أن يكون الموصول مبتدأ كما يتعين الوقف على ماقبلها والابتداء بها وسنذكرها بعد في "فصل الابتداء" إن شاء الله تعالى.
وصفوة القول في هذه المسألة التي كثر فيها الكلام أن الوقف على قوله تعالى: "فويل للمصلين" جائز لانه رأس آية ولا قبيح فيه ولا حرمة ما دام القارىء مستمرًّا في قراءته إلى آخر السورة بخلاف ما لو قطع قراءته وأنهاها عنده فيمنع من ذلك ويكون الوقف قبيحاً إلا من عذر قهري صده عن إتمام السورة.
وأما إذا كان القارىء عنده طاقة في نفسه ولم يقف إلا في آخر السورة بشرط أن تكون القراءة سليمة موافقة لقواعد التجويد المجمع عليها فلا بأس بذلك غير أنه على خلاف ما قال به جهمور العلماء وكثير من أهل الأداء من أن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً كما ذكر آنفاً والله تعالى أعلى وأعلم.
وبعد أن فرغنا من كتابة هذا التنبيه ومضى عليه سنوات وجدناه منصوصاً عليه بمعناه من كلام العلامة الشيخ عبدالواحد المارغني في آخر رسالة تحرير الكلام في وقف حمزة وهاشم للعلامة المحقق الشيخ محمد بن يالوشة الشريف التونسي ولعظم فائدته آثرنا أن ننقله هنا ليفيد منه ويعتبر به قارؤنا الكريم قال عفا الله عنه.
"تنبيه": مما اشتهر عند كثير من الناس عدم الوقف علىقوله تعالى: {فويل للمصلين} حتى جرى عندهم مجرى الأمثال فيقولون في كل شيء يتوقف على ما بعده لا تقف على "فويل للمصلين" ومرادهم بذلك التحرز من استحقاق المصلين مطلقاً لهذا الوعيد فالبوقف عليه يتناول الوعيد كل المصلين وهو غير مراد وغير صواب. وإن وصل بالموصول أو الموصولين بعده ظهر المعنى ولاح المراد من الآية الكريمة إذ المراد والله أعلم أن المصلين الموصوفين بالصفتين المذكورتين يستحقون العقاب بالويل وهو واد في جهنم وقيل كلمة عذاب هذا مراد من يمنع الوقف على ذلك. والتحقيق أنه لا مانع من الوقف على مثل ذلك حيث إنه من الفواصل التي يحسن الوقف عليها حسبما مر تفصيله. والصفتان بعد المصلين مثل الصفتين بعد اسم الجلالة في الفاتحة أعني "الرحمن" و"مالك يوم الدين" وقفت السنة على ما قبلهما فكما حسن الوقف على مافي آم القرآن يحسن الوقف على مثل ذلك في غيرها ومنه هذا الذي في سورة الماعون ولا قبح في مثل هذا الوقف حيث إن الوقف على "المصلين" لا يمنع إرادة وملاحظة الصفتين بعده إذ الواقف عازم على إكمال السورة أو الآيات المتعلقة بالموضوع والسامع منتظر لباقي السورة أو الآيات فقد حصل غرض كل من التالي والسامع بإكمال الآيات المطلوبة ولو مع الأوقاف الفاصلة التي لا يقع الفصل إلا بزمن يتنفس فيه عادة نعم لو قطع القارىء قراءته عند قوله: "فويل للمصلين" لمنع إلا لعذر طارىء صده عن إتمام قراءته وهذا كله إن جعل النعتان في سورة الماعون تابعين كما هو الأصل. فإن جعلا مقطوعين كان الوقف عليه كافياً حينئذ كما لا يخفى على كل من مارس علم القراءة والعربية إذ كل موصول وقع صفة يحتمل كونه تابعاً ومقطوعاً لعدم ظهور أثر الإعراب عليه لبنائه كما نص على ذلك بعض علماء العربية: وعليه فالسنة لما وقفت على رؤوس الآي التي صفاتها المبدوء بها تابعة لموصوفاتها في الإعراب لظهور الجر عليها المختص بالإتباع دل على أولوية الوقف على ما احتمل نعته الإتباع والقطع كالموصولات إذا وقع فاصلة من الفواصل المعتبرة سنة وعرفاً ومن ذلك ما كان في سورة الماعون التي فواصلها بالياء والنون وبعضها بالواو والنون وفيها فاصلة بالياء والميم ولا جرم أن الميم كالنون في مثل ذلك لاشتراكهما في جميع الصفات المتضادة وفي صفة الغنة. ومن ثم اعتبر ذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فاصلة من فواصل أم القرآن فوقف على {?لرَّحِيمِ} بعد {رَبِّ ?لْعَالَمِينَ} وقبل {مَـ?لِكِ يَوْمِ ?لدِّينِ} كما ثبت في بعض الآثار أنه وقف على {?لْمُسْتَقِيمَ} بعد {نَسْتَعِينُ} وقبل {وَلاَ ?لضَّآلِّينَ} اهـ منه بلفظه.
هذا: وقد قرأت بالوقف على رؤوس الآي في العموم كما هو السنة على جميع شيوخي في جميع إجازاتي إفراداً وجمعاً في أكثر من عشر ختمات في مختلف القراءات سبعية كانت أم عشرية. وبالوقف على رؤوس الآي مطلقاً آخذ قراءة وإقراء. فإن اتباع السنة من صدق الحب لمن سنها صلى الله عليه وسلم.


السؤال الخامس : كيفية معرفة المتشابه من الآيات في القران لمن إراد تثبيت حفظه وماهي أفضل الكتب التي تهتم بذالك؟

..



أفضل طريقة هي كثرة التكرار مع المقارنة بين المتشابهين أثناء التكرار
ومن الكتب كتاب "أسرار التكرار في القرآن"للكرماني
وغيره


والله الموفق
 

كمال المروش

مشرف سابق
2 يوليو 2006
8,187
128
63
الجنس
ذكر
رد: لدي بعض الأسئلة أرجو مساعدتكم

جوابه هو: من كتاب هداية القارىء للشيخ المرصفي رحمه الله الكلام على الراء وأحكامها أما الراء فإما أن تكون متحركة في الوصل والوقف، وإما أن تكون ساكنة في الوصل والوقف أيضاً. وإما أن تكون متحركة في الوصل ساكنة في الوقف ولكل حكم خاص نوضحه فيما يلي: حكم الراء المتحركة في الوصل والوقف وهذه الراء تقع أولاً ووسطاً وتكون مفتوحة ومضمومة ومكسورة فإن كانت مفتوحة أو مضمومة فلا خلاف في تفخيمها مخففة كانت أو مشددة. فمثال الراء المضمومة نحو {كُلَّمَا رُزِقُواْ} {وَ?لرُّكَّعِ ?لسُّجُودِ} و{عِشْرُونَ صَابِرُونَ} {لاَ يُفْلِحُ ?لْكَافِرُونَ}. ومثال الراء المفتوحة نحو {رَأَوْاْ} {مِرَآءً} {ظَاهِراً} {وَمُبَشِّراً} {وَنَذِيراً} و{?لْخَيْرَاتِ} و{?لرَّاشِدُونَ}. وإن كانت مكسورة فلا خلاف في ترقيقها لجميع القراء سواء كانت مخففة أو مشددة وذلك نحو {رِجَالٌ}. و{رِئَآءَ ?لنَّاسِ} {وَ?لصَّابِرِينَ}، {وَفِي ?لرِّقَابِ وَ?لْغَارِمِينَ} وما إلى ذلك. حكم الراء الساكنة في الوصل والوقف وهذه الراء تقع متوسطة ومتطرفة. فالمتوسطة نحو {شِرْعَةً} و{فِرْقَةٍ}. والمتطرفة كقوله تعالى: {قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَ?لرُّجْزَ فَ?هْجُرْ (5)}. ولكل من الراء الساكنة المتوسطة والمتطرفة شروط للتفخيم والترقيق نذكرها فيما يلي: شروط الترقيق للراء الساكنة المتوسطة تُرقَّق الراء الساكنة في الحالين المتوسطة لجميع القراء بأربعة شروط ولا بد من اجتماعها كلها في آن واحد، فإن تخلف شرط منها وجب تفخيمها: فالشرط الأول: أن يكون قبل الراء كسرة. والشرط الثاني: أن تكون هذه الكسرة أصلية. والشرط الثالث: أن تكون الكسرة والراء في كلمة واحدة. والشرط الرابع: أن تكون بعد الراء حرف من حروف الاستفال المتقدم ذكرها وذلك نحو {مِرْيَةٍ} و{لَشِرْذِمَةٌ} {فِرْعَوْنَ} و{?لْفِرْدَوْسَ} وهنا اجتمعت شروط الترقيق الأربعة في كل كلمة من هذه الكلمات وتدرك بأدنى تأمل. شروط التفخيم للراء الساكنة المتوسطة تقدم في شروط الترقيق الأربعة للراء الساكنة في الحالين المتوسطة أنه إذا تخلف شرط منها وجب التفخيم وبذلك تكون شروط التفخيم هنا للراء المتوسطة الساكنة في الحالين أربعة أيضاً وهي كما يلي: الشرط الأول: أن يكون قبل الراء فتحة أو ضمة نحو {لاَ تَرْفَعُو?اْ} {يَرْضَوْنَهُ} {يُرْزَقُونَ} {نُرْسِلُ ?لْمُرْسَلِينَ} {?رْكُضْ} ابتداء وهذا الشرط مقابل للشرط الأول من شروط الترقيق. الشرط الثاني: أن يكون قبل الراء كسرة عارضة سواء كانت هذه الكسرة مع الراء في كلمتها نحو {?رْجِعُو?اْ} {?رْكَعُواْ} أم كانت منفصلة عنها نحو {ِإنِ ?رْتَبْتُمْ} {أَمِ ?رْتَابُو?اْ} وهذا الشرط مقابل للشرط الثاني من شروط الترقيق: الشرط الثالث: أن يكون قبل الراء كسرة أصلية منفصلة عنها نحو {?لَّذِي ?رْتَضَى?} وهذا الشرط مقابل للشرط الثالث من شروط الترقيق. الشرط الرابع: أن يكون بعد الراء حرف من حروف الاستعلاء السبعة المتقدمة نحو {فِرْقَةٍ}. وهذا الشرط مقابل للشرط الرابع من شروط الترقيق. هذا: ويشترط لوجود حرف الاستعلاء بعد الراء لأجل تفخيمها شرطان: الأول: أن يكون مع الراء في كلمتها. الثاني: أن يكون غير مكسور ووجد من ذلك أي من حروف الاستعلاء غير المكسورة ومع الراء في كلمتها ثلاثة أحرف وهي "الطاء" {فِي قِرْطَاسٍ} بالأنعام، الآية:7. والصاد في {إِرْصَاداً} بالتوبة الآية:107. {مِرْصَاداً} بالنبأ، الآية:21. و{لَبِ?لْمِرْصَادِ} بالفجر، الآية:14، (والقاف) في {فِرْقَةٍ} بالتوبة، الآية:122. فإن انفصل حرف الاستعلاء عن الراء بأن كانت الراء في آخر الكلمة وحرف الاستعلاء في أول الكلمة الثانية فلا خلاف في ترقيقها لجميع القراء والوارد من ذلك في القرآن الكريم ثلاثة مواضع وهي قوله تعالى: {أَنذِرْ قَوْمَكَ} {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ} {فَ?صْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً}. أما إذا كان حرف الاستعلاء الذي بعد الراء مكسوراً ففي الراء خلاف بين أهل الأداء، فقال الجمهور بالترقيق. وقال بعض بالتفخيم وهذا في كلمة فرق في قوله تعالى: {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَ?لطَّوْدِ ?لْعَظِيمِ (63)} فمن فخم نظر إلى وجود حرف الاستعلاء بعد الراء على القاعدة السابقة ومن رقق نظر إلى كسر حرف الاستعلاء لأنه لما انكسر ضعفت قوته وصارت الراء متوسطة بين كسرين. وإلى هذا الخلاف أشار الحافظ أبن الجزري بقوله في المقدمة الجزرية: *والخلْفُ في فرقٍ لِكَسْر يُوجَدُ * ... ... ... ...* وقوله لكسر يوجد أي في القاف: "الوجهان صحيحان مقروء بهما" لكل القراء غير أن الترقيق هو المشهور والمقدم في الأداء وحكى غير واحد لإجماع عليه كما في النشر وغيث النفع وتنبيه الغافلين وغيرها. قال صاحب انشراح الصدور: قال الداني: والوجهان جيدان والمأخوذ به الترقيق نقله النويري في شرح الطيبة فهو أولى بالعمل إفراداً وبالتقديم جمعاً أهـ بحروفه. تنبيه: تقدم أن شروط الترقيق الأربعة للراء الساكنة المتوسطة لا بد من أن تكون كلها موجودة في آن واحد: أما شروط التفخيم الأربعة للراء ذاتها فليست كذلك بل يكفي وجود واحد منها ويكون مسوغاً للتفخيم حينئذ فتأمل، والله الموفق. الكلام على الراء المتطرفة الساكنة في الوصل والوقف وهي نحو قوله تعالى: {وَ?سْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} {وَأْمُرْ أَهْلَكَ}. وهذه الراء ترقق بشرط واحد وهو وقوعها بعد كسرة كقوله تعالى: {قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} ولا يضر وجود حرف الاستعلاء بعد الراء في النوع لأنه أصبح مفصولاً عنها كما تقدم في نحو {فَ?صْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً} وتفخم هذه الراء بشرطين: أولهما: أن يقع قبلها فتحة نحو {فَلاَ تَقْهَرْ} {فَلاَ تَنْهَرْ}. ثانيهما: أن يقع قبلها ضمة نحو {فَ?نْظُرْ كَيْفَ} {وَ?لرُّجْزَ فَ?هْجُرْ} وهذان الشرطان مقابلان لشرط ترقيقها المتقدم آنفاً. هذا: ولم نشترط هنا في الكسرة التي قبل الراء والتي هي شرط في ترقيقها أن تكون مع الراء في كلمتها إلى آخر ما تقدم في الراء الساكنة والمتوسطة: لأنه لا يتأتى هنا انفصال الكسرة عن الراء بحال. ولأنه لا توجد كلمة على حرف واحد هو الراء حتى تنفصل الكسرة عنها. فلهذا خلت الكسرة عن القيود السابقة ولزمت الراء في كلمتها. انتهى بتصرف من كتابنا الطريق المأمون إلى أصول رواية قالون ص (163). حكم الراء الساكنة في الوقف المتحركة في الوصل وهذه الراء لا تكون إلا متطرفة كما هو معلوم نحو {قُدِرَ} و{كُفِرَ} و{وَدُسُرٍ} و{لِلْبَشَرِ} و{?لنُّذُرُ} و{وَ?لْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَ?لشَّفْعِ وَ?لْوَتْرِ * وَ?للَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ} و{قَدِيرٌ} و{خَبِيرٌ} و{ضَيْرَ} و{?لْخَيْرَ} و{?لنَّارِ} و{?لْقَرَارُ} و{لَغَفُورٌ} و{شَكُورٌ}. وما إلى ذلك. ولكل من الترقيق والتفخيم في هذه الراء له شروط نوضحها فيما يلي: شروط الترقيق شروط الترقيق لهذه الراء ثلاثة وهي كالآتي: الأول: أن تسبق الراء كسرة نحو {قُدِرَ} و{كُفِرَ} و{?لأَشِرُ}. وإذا تخلل بين الكسرة والراء ساكن بشرط ألا يكون حرف استعلاء فلا يضر وجوده في هذه الحالة ولا يزال الترقيق سارياً وذلك نحو {لِلذِّكْرِ} و{?لسِّحْرَ} و{حِجْرٍ}. أما إذا كان الساكن حرف استعلاء وهو المعبر عنه بالساكن الحصين نحو {مِصْرَ} {?لْقِطْرِ} فسيأتي الكلام عليه قريباً. الثاني: أن تسبق الراء ياء ساكنة سواء كانت حرف مد نحو {بَصِيرٌ} و{خَبِيرٌ} و{?لنَّذِيرُ} و{قِطْمِيرٍ} أو حرف لين فقط نحو {?لسَّيْرَ} و{?لْخَيْرَ} و{لاَ ضَيْرَ} و{غَيْرَ} وهذان الشرطان باتفاق جميع القراء. الثالث: أن يسبق الراء حرف ممال عند من يقول بالإمالة نحو {ذَاتِ قَرَارٍ} و{?لأَشْرَارِ} و{كِتَابَ ?لأَبْرَارِ} {عُقْبَى? ?لدَّارِ} بشرط كسر الراء المتطرفة كما هو مقرر في محله. أما إذا كانت الراء منصوبة كقوله تعالى: {جَاهِدِ ?لْكُفَّارَ} أو مرفوعة نحو {هَـ?ذِهِ ?لنَّارُ} {وَبِئْسَ ?لْقَرَارُ} فلا خلاف في تفخيمها للكل كما سيأتي. تنبيه: عرفت فيما سبق أن الإمالة سبب من أسباب الترقيق وقد قرأ بها حفص عن عاصم مع من قرأ في كلمة {مَجْري?هَا} بهود خاصة دون غيرها من الكلمات ذوات الراء ولهذا رقق الراء فاحفظه. شروط التفخيم تفخم الراء المتطرفة الساكنة في الوقف المتحركة في الوصل بثلاثة شروط متفق عليها بين عموم القراء وهذه الشروط كالآتي: الأول: أن يسبق الراء فتحة أو ضمة سواء تخلل بين الفتحة والضمة ساكن أم لا وذلك {?لْقَمَرُ و?لنُّذُرُ و?لْقَدْرِ و?لْيُسْرَ و?لْعُسْرَ}. الثاني: أن يسبق الراء ألف المد بشرط نصب الراء المتطرفة نحو {إِنَّ ?لأَبْرَارَ} {جَاهِدِ ?لْكُفَّارَ} أو رفعها نحو قوله تعالى: {سُبْحَانَهُ هُوَ ?للَّهُ ?لْوَاحِدُ ?لْقَهَّارُ}. الثالث: أن يسبق الراء واو المد نحو قوله تعالى: {إِنَّ ?للَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} {وَإِلَيْهِ ?لنُّشُورُ} {وَأَنَّ ?للَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ?لْقُبُورِ} وما إلى ذلك. هذا: وما تقدم ذكره من شروط للتفخيم والترقيق في الراء المتحركة مطلقاً والساكنة في الحالين سواء توسطت أو تطرفت والساكنة في الوقف دون الوصل ينطوي تحت قول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية: *ورقِّق الراءَ إذا ما كُسِرَتْ * كذلك بعد الكسر حيثُ سَكَنَتْ* *إن لم تَكُنْ منْ قبْلِ حرْفِ استعْلا * أو كانَتِ الكسرَةُ ليسَتْ أصْلا اهـ* تنبيهات هامة بخصوص الوقف على الراء المتطرفة التنبيه الأول: لا يخفى أنه إذا وقفت على الراء الساكنة في الوقف المتحركة في الوصل المتقدم ذكرها أخيراً يجوز لك الوقف بالسكون المجرد أو به مع الإشمام أو الوقف بالروم فيما يجوز فيه ذلك فإذا وقفت بالروم في نحو {وَ?لْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ} {ُقْبَى? ?لدَّارِ} {إِلَى ?لنُّورِ} من كل راء مجرورة أو مكسورة فلا بد من ترقيق الراء ولو لم يكن قبلها أحد شروط الترقيق السابقة. وذلك لأن الروم كالوصل فكأنك واصل والراء مجرورة والجر أو الكسر من مسوغات الترقيق كما مر آنفاً في صدر الباب. أما إذا وقفت بالروم في حالة الرفع مثل: {وَ?نشَقَّ ?لْقَمَرُ} {?لْوَاحِدُ ?لْقَهَّارُ}. {وَإِلَيْهِ ?لنُّشُورُ} فلا ترقيق للراء للجميع وإن سبقها أحد شروط الترقيق كما لو وقفت على نحو {سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} وذلك لأن الراء مرفوعة والرفع من مسوغات التفخيم كما مر أيضا: وإذا وقفت بالسكون المجرد سواء كانت الراء مرفوعة كما لو وقفت على نحو {فَمَا تُغْنِ ?لنُّذُرُ}. و{لَيْسَ ?لْبِرُّ} {سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} أو مجرورة نحو {وَ?لْوَتْرِ} أو منصوبة {إِنَّ ?لأَبْرَارَ} أو وقفت بالسكون مع الإشمام ولا يكون إلا في المرفوع فينظر إلى ما قبل الراء حينئذ. فإن كان ما قبلها أحد شروط الترقيق الثلاثة المتقدمة فترقق. وإن كان ما قبلها أحد شروط التفخيم الثلاثة المتقدمة أيضاً فتفخم. وقد مر توضيح ذلك بما فيه الكفاية. التنبيه الثاني: إذا تخلل بين الراء الموقوف عليها وبين الكسر الذي قبلها ساكن حصين ونعني به الصاد والطاء من حروف الاستعلاء وذلك من لفظ {مِّصْرَ} غير المنون حيث وقع في التنزيل ولفظ {?لْقِطْرِ} ففي الراء خلاف بين أهل الأداء. فمنهم من فخم لكون الحاجز حرف استعلاء معتدًّا به ومنهم من رقق ولم يعتد بالحاجز الحصين وجعله كغير الحصين مثل {?لشِّعْرَ} واختار الحافظ ابن الجزري التفخيم في مصر والترقيق في القطر نظراً لحال الوصل وعملاً بالأصل أي أن الراء في مصر مفتوحة في الوصل مفخمة. وفي القطر مكسورة في الوصل مرققة. وهذا هو المعمول عليه والمأخوذ به. وقد بين العلامة المتولي رحمه الله مذهب الحافظ الجزري في هاتين الكملتين بقوله: *ومِصْرَ فيه اختارَ أن يفخِّما * وعكسُهُ في القِطْر عنْه فاعْلما أهـ* التنبيه الثالث: من الراءات الساكنة للوقف المتحركة في الوصل ما يجوز فيها الوجهان الترقيق والتفخيم والأول هو الأرجح. وهي الراءات المكسورة التي بعدها ياء محذوفة للتخفيف المنحصرة في كلمة {وَنُذُرِ} المسبوقة بالواو في ستة مواضع بالقمر وكلمة {يَسْرِ} في قوله تعالى: {وَ?للَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} بالفجر الآية:4. فمن رقق نظر إلى الأصل وهو الياء المحذوفة للتخفيف وأجرى الوقف مجرى الوصل. ومن فخم لم ينظر إلى الأصل ولا إلى الوصل واعتد بالعارض وهو الوقف بسكون الراء وحذف الياء ولفتح ما قبل الراء في "يسر" ولضمه في "ونُذُرِ" إذ كل هذا موجب للتفخيم. ويلحق بهذه الراءات السبع في إجراء الوجيهن وقفاً مع ترجيح الترقيق في الراء من كلمتي {أَنْ أَسْرِ} و{فَأَسْرِ} إذ أن بعد الراء فيهما ياء محذوفة للبناء. التنبيه الرابع: علم مما تقدم في التنبيه الثالث أن الراءات الساكنة في الوقف المتحركة في الوصل والتي يجوز فيها الترقيق والتفخيم وفقاً مع أرجحية الترقيق تسع راءات يضاف إليها راء "القطر" بسبأ التي تقدم الكلام عليها في التنبيه الثاني فتصير عشر راءات الأرجح فيهن الترقيق وفقاً كما تقدم أيضاً من هذا النوع راء واحدة فيها الوجهان وفقاً التفخيم والترقيق والأول هو الأرجح عكس ما تقدم في الراءات العشر المذكورة آنفاً وهذه في لفظ {مِصْرَ} غير المنون فتكون الجلمة إحدى عشرة راء فليعلم. التنبيه الخامس: الراء المكسورة المتطرفة الموقوف عليها إن ضم ما قبلها نحو {بِ?لنُّذُرِ} {وَدُسُرٍ} أو فتح نحو {?لْبَشَرِ} أو سكن نحو {?لْفَجْرِ} {?لْقَدْرِ} حكمها التفخم كما ذكرنا في شروط التفخيم للراء الساكنة للوقف. وهذا ما ذهب إليه الجمهور وهو الصحيح كما في إتحاف البشر وغيره. وقيل بترقيقها لعروض الوقف وذهب إليه جماعة والمعول عليه والمقروء به هو ما ذهب إليه الجمهور وبه قرأت على جميع شيوخي وبه أقرىء هذا إذا كان الوقف بالسكون المجرد. أما إذا كان الوقف بالروم فلا خلاف في ترقيق هذه الراء لجميع القراء كما مر. وفيما يلي ضابط نفيس لشيخ مشايخي العلامة المتولي بين فيه ما ذكرناه في هذا التنبيه مع ذكر اختيار الحافظ ابن الجزري فيما تقدم في الراءات ذوات الوجهين وفقاً قال عليه رحمة الله: *والراجحُ التفخيم في للبَشَر * والفجْر أيضاً وكذا بالنُّذُر* *وفي إذا يَسر اختيار الجزري * ترقيقهُ وهكذا ونُذر* *ومِصر فيه اخْتار أن يفخِّمَا * وعكسه في القِطْر عنه فاعلما* *وذلك كلُّه بحالِ وقْفِنا * والروم كالوصل على ما بُيِّنَا اهـ* التنبيه السادس: كل ما تقدم ذكره من أحكام للراء الساكنة وقفاً المتحركة وصلاً إنما هو في زمن الوقف فقط كما بيناه. أما إذا وصلت الراء فلا يخفى الحكم فيها حينئذ لأنها صارت متحركة وتقدم الكلام في صدر الباء على الراء المتحركة سواء كانت الحركة فتحة أو ضمة أو كسرة كما تقدم حكمها تفخيماً وترقيقاً فتأمل. وإلى هنا انتهى كلامنا على أحكام الراء الساكنة ومتحركة. وإنما أطلنا الكلام عليها لكثرة مسائلها وقصداً لإتقان أحكامها فاحرص عليها وتأمل مسائلها فقد أوضحناها لك توضيحاً كاملاً والله يرشدنا وإياك إلى الطريق السوري إنه سبحانه صاحب التوفيق ووليه. وإن أرت الزيادة فادخل إى هذ الرابط : http://www.mazameer.com/vb/showthread.php?t=4326 لها ضابطان : الضابط الأول موجود في المصحف : وهو أن الموضوع منهما أعلى من الآخر فهو المقدم (إذا كان المصحف الذي تقصده مصحف مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة) لأنه موافق لوجه الشاطبية والوجه الآخر هو الأسفل وهو غير موجود في الشاطبية والضابط الثاني : أنه على حسب الطريق الذي تقر أمنه يقدم أحدهما عن الآخر ولكل طريق ضوابط فإن كان الطريق طريق الشاطبية فهذه ضوابطه على هذا الرابط : http://www.mazameer.com/vb/showthread.php?t=50821 وإن كان من غير الشاطبية فاذكر لي الطريق وأنا آتيك بضوابطه إن شاء الله . من كتاب هداية القارىء للشيخ المرصفي رحمه الله القلقلة ومن معانيها في اللغة: التحريك والاضطراب وفي الاصطلاح اضطراب اللسان بالحرف عند النطق به ساكناً حتى يسمع له نبرة قوية وحروفها خسمة جمعها الحافظ ابن الجرزي في مقدمته وطيبته بقوله: (قطب جد) وهي القاف والطاء والباء الموحدة والجيم والدال المهملة وسميت بذلك لأنها حال سكونها تتقلقل عند خروجها حتى يسمع لها نبرة قوية - أي صوت عال - وذلك لأن من صفاتها الشدة والجهر فالشدة تمنع الصوت أن يجري معها والجهر يمنع النفس أن يجري معها كذلك. فلما امتنع جريان الصوت والنفس مع حروفها احتيج إلى التكلف في بيانها بإخراجها شبيهة بالمتحرك. والقلقلة صفة لازمة لحروفها الخمسة المذكورة آنفاً ولا فرق بين أن يكون الساكن منها موصولاً نحو {يَقْبَلُ} {يَطْبَعُ} {يَبْدَأُ} {يَجْمَعُ} {وَيَدْرَؤُاْ} أو موقوفاً عليه سواء أكان مخففاً أم مشدداً بالمخفف نحو {فَوَاقٍ} {?لصِّرَاطِ} {?لأَحْزَابُ} {أَزْوَاجٌ} {?لْمِهَادُ (56)} والمشدد نحو {?لْحَقُّ} {وَتَبَّ} {وَ?لْحَجِّ} {أَشَدَّ}. و القلقلة في الساكن الموقوف عليه بنوعيه أبين من الساكن الموصول. وفي هذا يقول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية: *وبيَّن مقلقلاً إنْ سكَنَا * وإن يكنْ في الوقفِ كان أبْينا* ثم اعلم أن القلقلة لم تكن قاصرة على ما تقدم من كونها في الساكن بأنواعه المتقدمة بل في المتحرك من حروفها قلقلة كذلك لأنها لا تنفك عنها ساكنة كانت أو متحركة ولكونها من الصفات اللازمة لها ولتعريفها باجتماع صفتي الشدة والجهر كما تقدم فأصلها ثابت في المتحرك أيضاً وإن لم تكن ظاهرة إلا أنها أقل من الساكن غير الموقوف عليه كما أن أصل الغنة ثابت في النون والميم الساكنتين المظهرتين والمتحركتين الخفيفتين، وبهذا يتبين أن مراتب القلقلة أربع وهي على النحو التالي: الأولى: الساكن الموقوف عليه المشدد نحو {بِ?لْحَقِّ}. الثانية: الساكن الموقوف عليه المخفف نحو {مُّحِيطٌ}. الثالثة: الساكن الموصول وهو المعروف بالأصلي نحو {يَجْمَعُ}. الرابعة: المتحرك مطلقاً كالطاء والباء من نحو {طَبَعَ}. فالقلقلة في الساكن المشدد الموقوف عليه أقوى منها في الساكن المخفف الموقوف عليه. وفي الساكن المخفف الموقوف عليه أقوى منها في الساكن الموصول. وفي الساكن الموصول أقوى منها في المتحرك الذي فيه أصل القلقلة فقد وإن لم تكن ظاهرة فتأمل. أقسام القلقلة وكيفية أدائها تنقسم القلقلة في غير المتحرك من حروفها الذي فيه أصل القلقلة فقط ثلاثة أقسام صغيرة وكبيرة وأكبر: فالصغيرة: ما كان وجودها في الساكن الموصول كقاف {وَيَقْدِرُ}. والكبيرة: ما كانت في الساكن الموقوف عليه المخفف كدال {?لسُّجُودِ}. والأكبر ما كانت حاصلة في الساكن الموقوف عليه المشدد كقاف {أَشَقُّ}. أما كيفية أدائها فقد اختلف العلماء في ذلك على أكثر من قول والمشهور منها قولان: الأول: أن الحرف المقلقل يتبع حركة ما قبله ويستوي في ذلك ما كان سكونه موصولاً أو موقوفاً عليه مخففاً كان أو مشدداً. فإن كان ما قبله مفتوحاً نحو {لِيَقْطَعَ} {وَ?لْحَجِّ} فقلقلته للفتح أقرب. وإن كان ما قبله مكسوراً نحو {قِبْلَةً} فقلقلته للكسر أقرب. وإن كان مضموماً نحو {مُّقْتَدِرٍ} فقلقلته للضم أقرب. هذا هو القول المشهور وعليه الجمهور وانظر جهد المقل وشرحه للمرعشي. الثاني: أن الحرف المقلقل يكون للفتح أقرب مطلقاً سواء أكان قبله مفتوحاً أم مكسوراً أم مضموماً. وقد أشار بعضهم إلى هذا القول بقوله: *وقلقلةً قرِّبْ إلى الفتح مُطلقاً * ولا تتبعنها بالذي قبلُ تجْمُلا* كما أشار العلامة السمنودي في لآلىء البيان إلى القولين معاً مرجحاً الإتباع لما قبله ومبيناً تعريف كل من القلقلة الكبيرة والأكبر بقوله حفظه الله: *قلقلةٌ قطبُ جدٍ وقُرِّبتْ * للفتحِ والأرجحُ ما قبلُ اقْتَفَتْ* *كبيرةٌ حيث لدى الوقفِ أتتْ * أكبرُ حيثُ عند وقف شُدِّدتْ أهـ* هذا وذكر صاحب العميد قولاً ثالثاً في كيفية أداء القلقلة حاصلة أن حروف القلقلة تتبع حركة ما بعدها من الحروف لتتناسب الحركات. وهو قول من الأقوال الواردة في غير القولين المشهورين. قلت: وإن صح هذا القول فيمكن تطبيقه على الساكن الموصول فقط نحو {يُبْدِىءُ} لأن الساكن الموقوف عليه كحرف الدال في نحو قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} لا يتأتى فيه إتباعه لما بعده لذهاب حركة ما بعده بسبب الوقف عليه فتنبه. ومما يجب معرفته والتنبيه عليه في كيفية أداء القلقلة أن حروفها الخسمة اجتمع فيها ماهو متصف بصفة الاستعلاء وهو القاف. وما هو متصف بصفة الإطباق وهو الطاء. وما هو متصف بصفة الاستفال وهو باقي الحروف الخمسة. ولكل مراعاة في الأداء ففي حروف الاستفال تؤدى القلقلة بمراتبها السابقة مرققة لأن حروف الاستفال حكمها الترقيق كما سيأتي بيانه في موضعه. وفي حرفي الاستعلاء والإطباق تؤدى القلقلة فيهما بمراتبها السابقة مفخمة لأن حروف الاستعلاء حكمها التفخيم كما سنوضحه بعد، ويلاحظ هنا أن تفخيم الطاء يكون أقوى من تفخيم القاف لأن حروف الإطباق في التفخيم أقوى من حروف الاستعلاء كما هو مقرر. فاحفظ ذلك جيداً واعمل به في الأداء فقد أوضحنا لك هذا المقام توضيحاً كاملاً فاحرص عليه فقد لا تجده مجموعاً في غيره والله ولي التوفيق. وللزيادة والتفصيل تفضل على هذا الرابط : http://www.mazameer.com/vb/showthread.php?t=4158 السؤال الرابع : أنواع الوقف مع تعريف كل نوع ؟ من كتاب هداية القارىء للشيخ المرصفي رحمه الله في معرفة الوقف والابتداء والقطع والسكت ) ( التمهيد للدخول إلى الباب ) من مهمات المسائل في علم التجويد معرفة كل من الوقف والابتداء فإنهما من مباحثه بمكان مكين بعد معرفة مسائل المخارج والصفات. وينبغي لكل مَعْنيٍّ بتلاوة القرآن الكريم مجتهد في إيفائها حقها ومستحقها أن يقبل عليها ويصرف همته إليها إذ لا يتحقق فهم كلام الله تعالى ولا يتم إدراك معناه إلا بذلك. فربما يقف القارىء قبل تمام المعنى ولا يصل ما وقف عليه بما بعده حتى ينتهي إلى ما يصح أن يقف عنده. وعندئذ لا يفهم هو ما يقول ولا يفهمه السامع بل ربما يفهم من هذا الوقف معنى آخر غير المعنى المراد. وهذا فساد عظيم وخطر جسيم لا تصح به القراءة ولا توصف به التلاوة. وقد أوجب المتقدمون من الرعيل الأول على القارىء معرفة الوقف والابتداء لما جاء في ذلك من الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين. فقد ثبت أن الإمام عليًّا رضي الله عنه لما سئل عن قوله تعالى: {وَرَتِّلِ ?لْقُرْآنَ} فقال: الترتيل معناه تجويد الحروف ومعرفة الوقوف. وذكر الإمام أبو جعفر النحاس في كتابة "القطع والائتناف" بإسناده إلى ابن عمر رضي الله عنهما قال - أي ابن عمر: "لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم، فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن ولقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه وينثره نثر الدقل" أهـ منه بلفظه. وروى الحافظ ابن الجزري في النشر هذا الحديث باختلاف يسير. قال الإمام أبو جعفر النحاس: فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون التمام كما يتعلمون القرآن. وقول ابن عمر: "لقد عشنا برهة من درهنا" يدل على أن ذلك إجماع من الصحابة أهـ بلفظه. وقال الحافظ ابن الجزري في النشر: ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته. وفي كلام ابن عمر رضي الله عنهما برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم. وصح بل وتواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع إمام أهل المدينة الذي هو من أعيان التابعين وصاحبه الإمام نافع بن أبي نعيم وأبي عمرو بن العلاء ويعقوب الحضرمي وعاصم بن أبي النجود وغيرهم من الائمة. وكلامهم في ذلك معروف ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب أهـ بلفظه. وقد نقل الإمام القسطلاني شارح البخاري في كتابه لطائف الإشارات وصف الإمام الهذلي الوقف في كتابه الكامل فقال: "وقد قال الهذلي - مما رأيته في كامله - الوقف حلية التلاوة وزينة القارىء وبلاغ التالي وفهم للمستمع وفخر للعالم. وبه يعرف الفرق بين المعنيين والمختلفين. والنقيضين المتباينين. والحكمين المتغايرين" أهـ. ومن ثم اعتنى بعلم الوقف والابتداء وتعلمه والعمل به المتقدمون والمتأخرون من أئمتنا فأفردوه بالتصنيف الخاص به منهم الإمام أبو بكر بن الأنباري والإمام أبو جعفر النحاس والحافظ أبو عمرو الداني والحافظ ابن الجزري وابنه العلامة الشيخ أحمد المعروف بابن الناظم وشيخ الإسلام أبو يحيى زكريا الأنصاري والعلامة المحقق الشيخ أحمد بن عبدالكريم الأشموني وخلق غير هؤلاء رحمهم الله أجمعين. ونفعنا بعلومهم آمين. هذا: وكلامنا في هذا الباب يتم - إن شاء الله تعالى - في ثلاثة فصول وخاتمة نسأل الله تعالى حسنها، أما الفصول الثلاثة: فأولها: في تعريف الوقف وأقسامه. وثانيها: في تعريف الابتداء وما يلزم فيه. وثالثها: في تعريف كل من القطع والسكت. وأما الخاتمة ففي التنبيه على انتهاء الكلام على صفات الحروف العرضية التي أشرنا إليها في باب الصفات. ولكل كلام خاص نوضحه فيما يلي: ( الفصل الأول / في تعريف الوقف وأقسامه ) أما تعريف الوقف فهو في اللغة الكفُّ والحبس. وفي الاصطلاح هو عبارة عن قطع الصوت عن أخر الكلمة زمناً يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة لا بنية الإعراض عنها وينبغي معه البسملة في فواتح السور ويكون على رؤوس الآي وأواسطها، ولا يكون في وسط الكلمة ولا فيما اتصل رسماً كالوقف على "أن" من{أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3)}. وأما أقسام الوقف فثلاثة: اختباري "بالباء الموحدة" واضطراري واختياري "بالياء المثناة تحت ولكل منها حد يخصه وحقيقة يتميز بها عما سواه". أما الوقف الاختياري "بالباء الموحدة" فهو الذي يطلب من القارىء بقصد الامتحان ومتعلق هذا الوقف الرسم العثماني لبيان المقطوع والموصول والثابت والمحذوف من حروف المد والمجرور والمربوط من التاءات ويلحق بهذا الوقف وقف القارىء لإعلام غيره بكيفية الوقف على الكلمة بكونه عالماً بها من حيث القطع أو الوصل إلخ ولهذا سمي اختباريًّا. وحكمه: الجواز بشرط أن يبتدىء الواقف بما وقف عليه ويصله بما بعده إن صلح الابتداء به وإلا فيبتدىء بما قبله مما يصلح ابتداءً. وأما الوقف الاضطراري: فهو الذي يعرض للقارىء بسبب ضرورة ألجأته إلى الوقف كضيق النفس أو العطاس أو العيّ أو النيسان وما إلى ذلك وحينئذ يجوز له الوقف على أي كلمة كانت وإن لم يتم المعنى وبعد ذهاب هذه الضرورة التي ألجأته إلى الوقف على هذه الكلمة يبتدىء منها ويصلها بما بعدها إن صلح البدء بها وإلا فيبتدىء بما قبلها بما يصلح البدء به كما في الوقف الاختباري "بالموحدة". وسمي اضطراريًّا للأسباب المذكورة آنفاً. وأما الوقف الاختياري: "بالياء المثناة تحت" فهو الذي يقصده القارىء باختياره من غير عروض سبب من الأسباب المتقدمة في الوقفين الاختباري "بالموحدة" والاضطراري. وقد يبتدأ بما بعد الكلمة الموقوف عليها وقد لا يبتدأ بأن توصل بما بعدها كما سنوضحه بعد في الوقف الحسن. وهذا الوقف هو المقصود بالذكر هنا وينقسم إلى أربعة أقسام: تام، وكاف، وحسن، وقبيح. فإن أفادت الكلمة الموقوف عليها معنى تامًّا يحسن السكوت عليه كان الوقف تامًّا أو كافياً أو حسناً. وإن لم تفد معنى يحسن السكوت عليه كان الوقف قبيحاً ويجب على الواقف حينئذ البدء على الفور بما قبل الكلمة الموقوف عليها ووصلها بما بعدها إلى أن يصل إلى كلام تام يحسن السكوت عليه كما سنذكره بعد ويشترط للمعنى التام الذي يحسن السكوت عليه أن يكون الكلام مشتملاً على ركني الجملة من المسند والمسند إليه. وبهذا يكون الكلام تامًّا. ولتمامه حينئذ أحوال ثلاثة. وذلك لأنه إما أن يكون غير متعلق بما بعده لا لفظاً ولا معنى. وإما أن يكون متعلقاً بما بعده معنى لا لفظاً. وإما أن يكون متعلقاً بما بعده لفظاً ومعنى مع الفائدة التي بها يحسن السكوت عليه. فالأول: هو الوقف التام. والثاني: هو الوقف الكافي. وحكمهما جواز الوقف عليهما والابتداء بما بعدهما. والثالث: هو الوقف الحسن. وحكمه جواز الوقف عليه دون الابتداء بما بعده لتعلقه به لفظاً ومعنى. إلا إذا كان الابتداء برأس آية فإنه يجوز حينئذ لأن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً كما سيأتي بيانه عند تفصيل الكلام على الوقف الحسن. وقد أشار الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية إلى أقسام الوقف الاختياري وحكمها مع التأكيد على معرفة الوقف والابتداء بقوله رحمه الله تعالى: *وبعدَ تجويدِكَ للحروفِ * لابدَّ من معرفةِ الوقوفِ* *والابتدا وهي تقسَمُ إذَنْ * ثلاثة تامٌ وكافٍ وحسنْ* *وهي لما تَمَّ فإن لمْ يُوجَدِ * تَعلُّقٌ أو كان معنى فابْتَدِي* *فالتامُ فالكافِي ولفظاً فامْنَعَنْ * إلا رؤوسَ الآي جوِّزْ فالحسَنْ* *وغير ما تَمَّ قبيحٌ ولهُ* يوقَفُ مُضْطَرًّا ويُبْدأُ قبلَهُ اهـ* وفيما يلي تفصيل الكلام على كل من الوقف التام والكافي والحسن والقبيح مع الأمثلة للجميع والأصل فيها من السنة فنقول وبالله التوفيق. الكلام على الوقف التام وهو الوقف على كلام تم معناه وليس متعلقاً بما بعده لا لفظاً ولا معنى. وأكثر ما يكون هذا الوقف في رؤوس الآي وانتهاء القصص كالوقف على قوله تعالى: {مَـ?لِكِ يَوْمِ ?لدِّينِ} والابتداء بقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وكالوقف على نحو {وَأُوْلَـ?ئِكَ هُمُ ?لْمُفْلِحُونَ} والابتداء بقوله: {إِنَّ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ}. ونحو الوقف على قوله تعالى: {إِنَّ ?لْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} والابتداء بقوله سبحانه: {وَإِلَى? عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً} وذلك لأن لفظ "المفلحون" تمام الآيات المتعلقة بالمؤمنين وما بعده منفصل عنه متعلق بأحوال الكافرين وكذلك لفظ "للمتقين" تمام الآيات المتعلقة بقصة سيدنا نوح وما بعده منفصل عنه ابتداء قصة سيدنا هود على نبينا سيدنا محمد وعليهما الصلاة والسلام. وقد يكون في وسط الآي كالوقف على لفظ "جاءني" في قوله تعالى: {لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ?لذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي} فهذا تمام حكاية قول الظالم وتمام الفاصلة ففي قول الله تعالى: {وَكَانَ ?لشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً}. وقد يكون بعد تمام الآية بكلمة كالوقف على لفظ "كذلك" "وبالليل" "وزخرفاً" من قوله تعالى: {حَتَّى? إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ?لشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى? قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً (90) كَذَلِكَ} {وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ (137) وَبِ?لْلَّيْلِ} {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفاً}. فإن تمام الآية في كل "ستراً" و"مصبحين" و"يتكئون" وتمام الكلام لفظ "كذلك" "وبالليل" "وزخرفاً". ويكون في أواخر السور وهو ظاهر. قال الحافظ ابن الجزري في النشر: "وقد يتفاضل التام في التمام نحو {مَـ?لِكِ يَوْمِ ?لدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} كلاهما تام إلا أن الأول أتم من الثاني لاشتراك الثاني فيما بعده في معنى الخطاب بخلاف الأول" أ هـ. وسمي تامًّا لتمام لفظه وانقطاع ما بعده عنه في اللفظ والمعنى. وحكمه أنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده لما تقدم في وجه تسميته بالتام. هذا والمراد بالتعلق المعنوي أن يتعلق المتقدم بالمتأخر من جهة المعنى لا من جهة الإعراب. والمراد اللفظي أن يتعلق المتقدم بالمتأخر من حيث الإعراب كأن يكون موصوفاً للمتأخر أويكون المتأخر معطوفاً على المتقدم أو مضافاً إليه أو خبراً له وما إلى ذلك. ويلزم من التعلق اللفظي التعلق المعنوي. الأصل في الوقف التام من السنة المطهرة الأصل في الوقف التام ما ذكره الحافظ ابن الجزري في كتابه التمهيد في علم التجويد بسنده المتصل إلى عبدالرحمن بن أبي بكرة قال: "اي ابن أبي بكرة": إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اقرأ القرآن على حرف فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده حتى بلغ سبة أحرف كل شاف كاف ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة او آية رحمة بآية عذاب. وفي رواية أخرى ما لم تختم آية رحمة بعذاب أو آية عذاب بمغفرة أهـ. قال ابو عمرو هذا تعليم الوقف التام من رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام إذ ظاهر ذلك أن يقطع على الآية التي فيها ذكر الجنة أو الثواب وتفصل مما بعدها إذا كان ذكر العقاب. وكذلك ينبغي أن يقطع على الآية التي فيها ذكر النار أو العقاب وتفصل مما بعدها إذا كان ذكر الجنة أو الثواب أهـ منه بلفظه. الكلام على الوقف الكافي وهو الوقف على كلام تم معناه وتعلق بما بعده معنى لا لفظاً. ويوجد في رؤوس الآي وفي أثنائها كالوقف على نحو قوله تعالى: {وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} {وَبِ?لآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}. {أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}. {إِنِّي جَاعِلٌ فِي ?لأَرْضِ خَلِيفَةً} فكل هذا كلام تام مفهوم وما بعده مستغن عما قبله في اللفظ وإن اتصل في المعنى. قال الحافظ ابن الجزري في النشر: "وقد يتفاضل - أي الوقف الكافي -" في الكفاية كتفاضل التام نحو {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} كاف {فَزَادَهُمُ ?للَّهُ مَرَضاً} أكفى منه {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)} أكفى منهما أهـ منه بلفظه. وحكمه أنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده كالوقف التام. وسمي كافياً للاكتفاء به عما بعده لعدم تعلقه به من جهة اللفظ. وإن كان متعلقاً به من جهة المعنى. الأصل في الوقف الكافي من السنة المطهرة الأصل في الوقف الكافي ما ذكره الحافظ ابن الجزري في كتابه التمهيد في علم التجويد بسنده المتصل إلى أبي عمرو الداني وبسند الداني إلى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال "أي ابن مسعود رضي الله عنه": "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم" اقرأ علي فقلت له أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري. قال: فافتتحت سورة النساء فلما بلغت {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى? هَـ?ؤُلا?ءِ شَهِيداً} قال: فرأيته وعيناه تذرفان دموعاً فقال لي: حسبك" أهـ قال الداني: فهذا دليل جواز القطع على الوقف الكافي لأن شهيداً ليس من التام وهو متعلق بما بعده معنى لأن المعنى فكيف يكون حالهم إذا كان هذا يومئذ يود الذين كفروا فما بعده متعلق بما قبله والتمام "حديثاً" لأنه انقضاء القصة وهو آخر الآية الثانية. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع عليه دونه مع تقارب ما بينهما فدل ذلك دلالة واضحة على جواز القطع على الكافي أهـ منه بلفظه. الكلام على الوقف الحسن وهو الوقف على كلام تم معناه وتعلق بما بعده لفظاً ومعنى مع الفائدة كأن يكون اللفظ الموقوف عليه موصوفاً وما بعده صفة له أو معطوفاً وما بعده معطوفاً عليه أو مستثنى منه وما بعده مستثنى أو بدلا وما بعده مبدل منه وما إلى ذلك ويوجد في رؤوس الآي وفي أثنائها كالوقف الكافي. وسمي حسناً لحسن الوقف عليه لأنه أفهم معنى يحسن السكوت عليه وحكمه أنه يحسن الوقف عليه. وأما الابتداء بما بعده ففيه تفصيل لأنه قد يكون في رؤوس الآي وقد يكون في غيرها. فإن كان في غير رؤوس الآي فحكمه أنه يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده لتعلقه به لفظاً ومعنى كالوقف على لفظ "الله" من قوله تعالى: {?لْحَمْدُ للَّهِ} فإنه كلام تام يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده. لأن ما بعده وهو قوله تعالى: {رَبِّ ?لْعَالَمِينَ} أو قوله تعالى {فَاطِرِ ?لسَّمَاوَاتِ وَ?لأَرْضِ} صفة للفظ الجلالة في الموضعين والصفة والموصوف كالشيء الواحد لا يفرق بينهما والابتداء حينئذ يكون غير حسن وفوق هذا أصبح اللفظ المبدوء به عارياً عن العوام اللفطية. والعاري عن العوامل اللفظية هو المبتدأ وحكمه الرفع بينما صار مخفوضاً. إذن فلا بد من وصل الكلمة الموقوف عليها بما بعدها في هذه الحالة وما ماثلها ليكون العامل والمعمول معاً كما هو مقرر. وإن كان في رؤوس الآي كالوقف على لفظ "العالمين" و"الرحيم" و"العلي" في قوله تعالى: {?لْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ?لْعَالَمِينَ} {?لرَّحْمـ?نِ ?لرَّحِيمِ}. {لَهُمُ ?لدَّرَجَاتُ ?لْعُلَى?} فإنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده لأن الوقف على رؤوس الآي سنة سواء وجد تعلق لفظي أم لم يوجد وهذا هو المشهور عند جمهور العلماء وأهل الأداء والنصوص عليه متوافرة لوروده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا قرأ قطَّع قراءته آية آية يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقف ثم يقول: الحمد لله رب العالمين، ثم يقف ثم يقول: الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين". قال الحافظ ابن الجزري في النشر عقب ذكره لهذا الحديث: رواه أبو داود ساكتاً عليه والترميذي وأحمد وأبو عبيدة وغيرهم. وهذا حديث حسن صحيح وكذلك عد بعضهم الوقف على رؤوس الآي سنة. وقال ابو عمرو وهو أحب إلي واختاره البيهقي في شعب الإيمان وغيره من العلماء. وقالوا الأفضل الوقوف على رؤوس الآيات وإن تعلقت بما بعدها. قالوا: واتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته أولى أهـ منه بلفظه. هذا ونصوص العلماء في هذا الوقف كثيرة وشهيرة لا يتحملها هذا المختصر وكلها تؤيد سنية الوقف على رؤوس الآي وقد اكتفينا منها بما جاء في النشر. وقد منع جماعة من العلماء الوقف على رؤوس الآي في مثل ما ذكرنا لتعلقها بما بعدها وحملوا ما في حديث أم سلمة رضي الله عنها على أن ما فعله صلى الله عليه وسلم إنما قصد به بيان الفواصل لا التعبد. وعلى ذلك فلا يكون الوقف على رؤوس الآي سنة عندهم إذ لا يسن إلا ما فعله صلى الله عليه وسلم تعبداً. وردَّهُ غير واحد من العلماء منهم العلامة المتولي بقوله في الروض النضير: "إنَّ من المنصوص المقرر أنَّ "كان إذا" تفيد التكرر وظاهر أن الإعلام يحصل بمرة ويبلغ الشاهد منهم الغائب فليكن الباقي تعبداً وليس كله للإعلام حتى يعترض على هؤلاء الأعلام أهـ منه بلفظه". وهناك ردود أخرى تركنا ذكرها هنا رغبة في الاختصار. قال الحافظ ابن الجزري في النشر وقد يكون الوقف حسناً على تقدير وكافياً على آخر وتامًّا على غيرهما نحو قوله تعالى: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)} يجوز أن يكون حسنا إذا جعل {?لَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِ?لْغَيْبِ} نعتاً للمتقين وأن يكون كافياً إذا جعل {?لَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِ?لْغَيْبِ} رفعاً بمعنى هم الذي يؤمنون بالغيب أو نصباً بتقدير أعني الذين. وأن يكون تامًّا إذا جعل {?لَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِ?لْغَيْبِ} مبتدأ خبره {أُوْلَـ?ئِكَ عَلَى? هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ} أهـ منه بلفظه. الأصل في الوقف الحسن من السنة المطهرة والأصل في الوقف الحسن الحديث المتقدم المروي عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها فقد ذكره الحافظ ابن الجزري في كتابه التمهيد بسنده المتصل إليها ثم قال بعد أن أورده: قالوا وهذا دليل على جواز القطع على الحسن في الفواصل لأن هذا متعلق بما قبله وما بعده لفظاً ومعنى وهذا القسم يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده إلا في رؤوس الآي فإن لك سنة أهـ منه بلفظه. "فصل": في بيان وقف السنة الواقع جله في غير رؤوس الآي أو في بيان وقف جبريل كما سماه بعضهم. سبق أن بينا في فصل الوقف الحسن أن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً سواء تعلق رأس الآية بما بعده أم لم يتعلق وقد فصلنا الكلام على ذلك أيما تفصيل وسقنا الأدلة على ذلك من الخبر المتبع والأثر الصحيح وأقوال أئمة هذا الشأن فيه وأنه مذهب الجمهور وذكرنا الاعتراض على ذلك ورددناه بما يسر الله تعالى ذكره من أقوال علماء هذا الفن مما تجده في موضعه السابق مستوفى إن شاء الله تعالى. والآن نشرع بحول الله في بيان الوقف المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن العظيم مما أكثره ليس برأس آية ونص عليه غير واحد ممن يعتد بنقلهم من محققي علماء القراءات مع عَزْوِ ذلك إليهم ونسبته لهم فقد قيل: إن من بركة العلم نسبة القول إلى قائله. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. أولاً: نقل صاحب "منار الهدى: في بيان الوقف والابتدا" عن العلامة السخاوي أن هذه الوقوف عشرة وسمى بعضها بوقف جبريل عليه السلام وإليك نص عبارته: "قال السخاوي: ينبغي للقارى أن يتعلم وقف جبريل فإنه كان يقف في سورة آل عمران عند قوله: {قُلْ صَدَقَ ?للَّهُ} ثم يبتدىء {فَ?تَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} والنبي صلى الله عليه وسلم يتبعه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقف في سورة البقرة والمائدة عند قوله تعالى: {فَ?سْتَبِقُواْ ?لْخَيْرَاتِ} وكان يقف على قوله: {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي? أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} وكان يقف {قُلْ هَـ?ذِهِ سَبِيلِي? أَدْعُو إِلَى? ?للَّهِ} ثم يبتدىء {عَلَى? بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ ?تَّبَعَنِي} وكان يقف {كَذ?لِكَ يَضْرِبُ ?للَّهُ ?لأَمْثَالَ} ثم يبتدىء {لِلَّذِينَ ?سْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ?لْحُسْنَى?} وكان يقف {وَ?لأَنْعَامَ خَلَقَهَا} ثم يبتدىء {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} وكان يقف {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً} ثم يبتدىء {لاَّ يَسْتَوُونَ} وكان يقف {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى? (22) فَحَشَرَ} ثم يتبدىء {فَنَادَى?}وكان يقف {لَيْلَةُ ?لْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ثم يبتدىء {تَنَزَّلُ ?لْمَلاَئِكَةُ} فكان صلى الله عليه وسلم يتعمد الوقف على تلك الوقوف وغالبها ليس رأس آية وما ذلك إلا لعلم لدنِّي علمه من علمه وجهله من جهله. فاتباعه سنة في أقواله وأفعاله انتهى منه بحرفه. ثانياً: نقل صاحب انشراح الصدور أن مواضع هذه الوقوف سبعة عشر موضعاً وفيما يلي نص عبارته. "أعلم أن الوقوف المندوبة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الوقوف عليها سبعة عشر موضعاً": الأول والثاني: {فَ?سْتَبِقُواْ ?لْخَيْرَاتِ} بالبقرة والمائدة. والثالث: {قُلْ صَدَقَ ?للَّهُ} بآل عمران. والرابع: {مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} بالمائدة. والخامس: {أَنْ أَنذِرِ ?لنَّاسَ} بيونس. والسادس: {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} بها أيضاً. والسابع: {قُلْ هَـ?ذِهِ سَبِيلِي? أَدْعُو إِلَى? ?للَّهِ} بيوسف. والثامن: {كَذ?لِكَ يَضْرِبُ ?للَّهُ ?لأَمْثَالَ} بالرعد. والتاسع: {وَ?لأَنْعَامَ خَلَقَهَا} ب النحل. والعاشر: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} بها أيضاً. والحادي عشر: {ي?بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِ?للَّهِ} بلقمان. والثاني عشر: {كَمَن كَانَ فَاسِقاً} بالسجدة. والثالث عشر: {أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ?لنَّارِ} بغافر. والرابع عشر: {فَحَشَرَ} بالنازعات. والخامس عشر: {خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} بالقدر. والسادس عشر: {مِّن كُلِّ أَمْرٍ} بها أيضاً. والسابع عشر: {بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ?سْتَغْفِرْهُ} بالنصر أهـ منه بلفظه. ثالثاً: نقل صاحب "الرحلة العياشية" أن هذه الوقوف سبعة عشر وقفاً وساقها في نظم مبارك بديع وهذا أنذا أنثر مواضع هذا النظم أولاً ثم أذْكُرُه بعد ذلك ثانياًً. وإليك بيان مواضع هذه الوقوف حسب ترتيب هذا النظم المبارك: الأول: قوله تعالى: {فَ?سْتَبِقُواْ ?لْخَيْرَاتِ} بالبقرة. الثاني: قوله سبحانه: {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ ?للَّهُ} بالبقرة أيضاً. الثالث: قوله عز شأنه: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ?للَّهُ} بآل عمران. الرابع: قوله عز من قائل: {فَ?سْتَبِقُواْ ?لْخَيْرَاتِ} بالمائدة. الخامس: قوله جل وعلا: {مِنْ أَجْلِ ذ?لِكَ} بالمائدة أيضاً. السادس: قوله سبحانه: {مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} بالمائدة كذلك. السابع والثامن: قوله تعالى: {أَنْ أَنذِرِ ?لنَّاسَ} وقوله عز شأنه: {قُلْ إِي وَرَبِّي? إِنَّهُ لَحَقٌّ} الموضعان بيونس عليه الصلة والسلام. التاسع: قوله سبحانه: {قُلْ هَـ?ذِهِ سَبِيلِي? أَدْعُو إِلَى? ?للَّهِ} بيوسف عليه الصلاة والسلام. العاشر: قوله تعالى: {كَذ?لِكَ يَضْرِبُ ?للَّهُ ?لأَمْثَالَ} بالرعد. الحادي عشر: قوله تعالى: {وَ?لأَنْعَامَ خَلَقَهَا} بالنحل. الثاني عشر: قوله سبحانه: {ي?بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِ?للَّهِ} بلقمان. الثالث عشر: قوله عز وجل: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى ?لَّذِينَ كَفَرُو?اْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ?لنَّارِ} بغافر. الرابع عشر: قوله تعالى: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى? (22) فَحَشَرَ} بالنازعات. الخامس عشر والسادس عشر: قوله جل وعلا: {لَيْلَةُ ?لْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} وقوله عز وجل: {تَنَزَّلُ ?لْمَلاَئِكَةُ وَ?لرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4)} الموضعان بالقدر. السابع عشر: قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ?سْتَغْفِرْهُ} بالنصر. وإليك عبارة صاحب الرحلة العياشية مع ذكر النظم الذي تكلمنا عنه آنفاً. قال رحمه الله تعالى فيما أنشده شيخه أبو الحسن علي بن محمد بن عبدالرحمن الربيع اليمني الزبيدي: "وأنشدني أيضاً في المواضع التي ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عليها وأملاها عليَّ من حفظه ولم ينسبها": *أيا سائِلي عن ما أتانا به الآلى * عن المصطفى من وقْفِه مسلسلا* *ففي البكر جا الخيراتِ والثاني قُلْ بها * أتى بعدُ يعلمْهُ على الله مُسْجَلا* *وعمرانُ إلا الله أوَّلها أتى * عقودٌ بها الخيرات قد جاء مُرسلا* *وأيضاً بها من أجل ذلك جاءنا * وآخرها قد جا بحقِّ مرتِّلا* *وأن أنذر الناس الذي حلَّ يونساً * وقلْ بعده فيها لحقٌّ تنزِّلا* *إلى الله جا في يوسف وبتلوها * أتانا على الأمثال كي يتمثَّلا* *خلقها بنحلٍ بعدَ الأنعام لفظةً * وبعد لا تشرك بلقمان أنزلا* *وغافر فيها لفظةُ النار بعدها * حكاية حمل العرشِ في قصَّة الملا* *وقل فحشر في النازعات وبعده * على ألف شهر جاء في القدر أوَّلا* *ومن كلِّ أمرٍ جا بها وبنصرهم * على لفظ واستغفره تمَّت فحمدِلا أهـ* ومن هذه النقول يتبين لك - أيها القارىء الكريم أن هذه المواضع كلها منها ما هو رأس آية - وهو القليل. ومنها ما ليس برأس آية وهو الكثير فالذي هو رأس آية قوله تعالى: {كَذ?لِكَ يَضْرِبُ ?للَّهُ ?لأَمْثَالَ} بالرعد. وقوله سبحانه: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى ?لَّذِينَ كَفَرُو?اْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ?لنَّارِ} بغافر. وقوله عز شأنه: {لَيْلَةُ ?لْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}. وقوله جل وعلا: {تَنَزَّلُ ?لْمَلاَئِكَةُ وَ?لرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} وهذا الموضعان بسورة القدر. وقد قدمنا لك أن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً فيكون ذكره هنا في هذه الأوقاف من باب التأكيد عليه عند من وصل رؤوس الآي المتعلقة بما بعدها في غير هذه المواضع فليعلم ذلك. ولعل أحداً أن يقول: لقد تفاوتت مواضع هذه الأوقاف المذكورة في هذه النقول الثلاثة التي قدمنا. فهل يعتبر تفاوتها مدعاة إلى عدم التسليم ببعضها؟ والجواب عن ذلك ظاهر فإن هذه النقول وإن كان فيها تفاوت لكنه ليس تفاوت التناقض والاضطراب وإنما هو تفاوت الرواية والحفظ. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ فكل هذه النقول صحيحة، وسائر نقلتها عدول، وقد ذكر كل منهم انتهى إليه علمه بحسب التلقي والمشافهة عن شيوخه، وعليه فلا اختلاف. وهناك نقول أخرى غير هذه تركنا ذكرها هنا طلباً للاختصار والله تعالى أعلم. الكلام على الوقف القبيح وهو الوقف علىكلام لم يتم معناه لتعلقه بما بعده لفظاً ومعنى مع عدم الفائدة أو أفاد معنى غير مقصود أو أوهم فساد المعنى فهذه أنواع ثلاثة وإليكها مفصلة: أما النوع الأول: فضابطه الوقف على العامل دون معمول ويشمل هذا الضابط صور شتى: منها الوقف على المضاف دون المضاف إليه كالوقف على لفظ "بسم ومالك من نحو {بسم ?لله} و{مَـ?لِكِ يَوْمِ ?لدِّينِ} فالوقف على مثل هذا قيبح لأنه لم يعلم لأي شيء أضيف. ومنها الوقف على المبتدأ دون خبره كالوقف على "الحمدُ" من "الحمدُ لله". ومنها الوقف على الموصوف دون صفته كالوقف على لفظ "الصراط" من قوله تعالى: {?هْدِنَا ?لصِّرَاطَ ?لْمُسْتَقِيمَ}. ومنها الوقف على الفعل دون فاعله كالوقف على لفظ "يتقبل" من قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ?للَّهُ مِنَ ?لْمُتَّقِينَ} إلى آخر باقي المتعلقات. فكل هذا وما ماثله لا يجوز الوقف عليه ولا الابتداء بما بعده لأنه لا يتم معه كلام ولا يفهم منه معنى فالوقف عليه قبيح كما أسلفنا. وسمي قبيحاً لقبح الوقف عليه لعدم تمام الكلام وعدم فهم المعنى لما فيه من التعلق اللفظي والمعنوي معاً مع عدم الفائدة. ولا يجوز للقارىء تعمد الوقف على شيء من هذه الوقوف وما شاكلها إلا لضرورة كضيق نفس أو عطاس أو عجز أو نيسان ويسمى حنيئذ وقف الضرورة وهو مباح للقارى كما تقدم ثم بعد ذهاب هذه الضرورة التي ألجأته إلى الوقف على هذه الكلمة يبتدىء منها ويصلها بما بعدها إن صلح الابتداء بها وإلا فيبتدىء بما قبلها ممن يصلح البدء به إلى أن يصل إلى ما يجوز أن يقف عنده. وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله المذكور آنفاً: *وغيرْ ما تمَّ قبيحٌ ولهُ * يوقفُ مضطرًّا ويُبدأُ قبلَهُ اهـ* وأما النوع الثاني: وهو الذي أفاد معنى غير مقصود لتوقف ما بعده عليه ليتم منه المعنى المراد فنحو الوقف على {لاَ تَقْرَبُواْ ?لصَّلاَةَ} وذلك لانه يوهم النهي عن أداء الصلاة مطلقاً وليس كذلك. وإنما المقصود من الآية الكريمة لا تقربوا الصلاة حال كونكم سكارى حتى تعلموا ما تقولون. وهذا المعنى المقصود لا يتم إلا إذا انظم إليه ما بعده. وعليه: فالوقف على {لاَ تَقْرَبُواْ ?لصَّلاَةَ} قبيح فيوصل بما بعده إلى أن يقف على قوله تعالى: {حَتَّى? تَغْتَسِلُواْ} وهو كاف. ومنه الوقف على لفظ "بجناحيه" في قوله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ?لأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} لأن ذلك يوهم نفي ما هو مشاهد من مخلوقات الله وهذا لا يجوز وإنما يكون الوقف على "أمثالكم" وهو كاف. ومنه الوقف على لفظ "والظالمين" من قوله تعالى: {يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَ?لظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} لأنه يوهم أن الظالمين داخلون في رحمة الله وليس كذلك بل أعد لهم العذاب الأليم فالوقف يكون على لفظ "رحمته" وهو تام. ومنه الوقف على "والذين آمنوا" من قوله تعالى: {?لَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَ?لَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ?لصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} لأنه يوهم دخول المؤمنين مع الكافرين في العذاب الشديد وليس كذلك بل أعد المغفرة والأجر الكبير للمؤمنين. أما العذاب الشديد فهو خاص بالكافرين. فالوقف يكون على قوله تعالى: "لهم عذاب شديد" وهو كاف وذلك ليفصل بين ما أعد للفريقين من جزاء. أو توصل الجملة الأولى بالثانية ويوقف على الفاصلة إن كانت هناك طاقة لدى القارىء بحيث يعطي الحروف حقها ومستحقها في التلاوة كما هو مقرر وإلا فلا. فكل هذا وما ماثله مما هو خارج عن حكم الأول في المعنى لا يجوز الوقف عليه لما تقدم باستثناء الضرورة. وأما النوع الثالث: وهو ما أوهم فساد المعنى وفيه سوء الأدب مع الله تبارك وتعالى وهو أقبح من القبيح فنحو الوقف على لفظ الجلالة "والله" في قوله تعالى: {فَبُهِتَ ?لَّذِي كَفَرَ وَ?للَّهُ لاَ يَهْدِي ?لْقَوْمَ ?لظَّالِمِينَ} فهذا لا يجوز بحال وإنما يجوز الوقف على لفظ "كفر" أو على لفظ "الظالمين" وهو آخر الفاصلة ومثله الوقف على لفظ "لا يستحي" في قوله تعالى: {* إِنَّ ?للَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} وهذا لا يجوز بحال وإنما يكون الوقف على "فما فوقها" ولا يخفى ما في ذلك من فساد المعنى وسوء الأدب مما هو ظاهر لا يصح التفوه به. وأقبح من هذا وأشنع الوقف على المنفي الذي بعده الإيجاب وفي هذا الإيجاب وصف الله تعالى أو لرسله عليهم الصلاة والسلام وذلك نحو قوله تعالى: {فَ?عْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـ?هَ إِلاَّ ?للَّهُ} وقوله سبحانه: {وَمَا مِنْ إِلَـ?هٍ إِلاَّ ?للَّهُ}. بأن وقف على لفظ "إله" في الآيتين والقبح في هذا الوقف ظاهر لا يصح التفوه به أيضاً وإنما يكون الوقف على لفظ "وللمؤمنات" في الآية الأولى وهو تام. وعلى لفظ الجلالة في الثانية وهو كاف. ومثل ذلك الوقف على لتفظ "أرسناك" في قوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} فإنه يؤدي إلى نفي رسالته صلى الله عليه وسلم وإنما يكون الوقف على "للعالمين" آخر الفاصلة ومثله الوقف على لفظ "من رسول" في قوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ?للَّهِ}. وفي قوله سبحانه: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} فإنه يؤدي إلى نفي إرسال جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام. وإنما يكون الوقف على لفظ الجلالة في الآية الأولى وعلى لفظ "لهم" في الآية الثانية. فكل هذه الوقوف وما ماثلها يجب ألا يوقف على شىء منها لما تقدم إلا من ضرورة كما ذكرنا آنفاً. فإن وقف القاىء على شيء منها أو مما شاكلها لضرورة وجب عليه أن يبتدىء بما قبل الكلمة الموقوف عليها ويصلها بما بعدها إلى أن ينتهي إلى ما يجوز أن يقف عنده فإن لم يفعل ذلك وتعمد الوقف فقد أثم إثماً كبيراً وأخطأ خطاً فاحشاً وخرق الإجماع وحاد عن إتقان القراءة وإتمام التجويد. نسأل الله تعالى التوفيق والهداية إلى أقوم طريق. الأصل في الوقف القبيح من السنة المطهرة والأصل فيه ما ذكره الحافظ ابن الجزري في التمهيد بسنده المتصل إلى عدي بن حاتم قال: "أي عدي" جاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتشهد أحدهما فقال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما ووقف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم أو اذهب بئس الخطيب أنت أهـ قالوا: وهذا دليل على أنه لا يجوز القطع على القبيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقامه لما وقف على المستبشع لأنه جمع بين حال من أطاع الله ورسوله ومن عصى والأولى أنه كان يقف على رشد ثم يقول: ومن يعصهما فقد غوى" انتهى. وقال أبو عمرو: ففي الخبر دليل علىكراهة القطع على المستبشع من اللفظ المتعلق بما يبين حقيقته ويدل على المراد منه لأنه صلى الله عليه وسلم إنما أقام الخطيب لما قطع على ما يقبح إذ جمع بقطعه بين حال من أطاع ومن عصى ولم يفصل بين ذلك وإنما كان ينبغي له أن يقف على قوله فقد رشد ثم يستأنف ومن يعصهما فقد غوى أو يصل كلامه إلى آخره. وإذا كان مثل هذا مكروهاً مستقبحاً في الكلام الجاري بين الناس فهو في كلام الله تعالى أشد كراهة وقبحاً وتجنبه أولى وأحق أهـ منه بلفظه. تنبيهات: الأول: ما قاله أئمتنا من أنه لا يجوز الوقف على كلمة كذا وكذا إنما يريدون بذلك الوقف الاختياري "بالياء المثناة تحت" الذي يحسن في القراءة ويروق في التلاوة ولا يريدون به أنه حرام أو مكروه إذ ليس في القرآن الكريم وقف واجب يأثم القارىء بتركه أو حرام يأثم القارىء بفعله لأن الوصل والوقف لا يدلان على معنى حتى يختل بذهابهما وإنما يتصف الوقف بالحرمة إذا كان هناك سبب يؤدي إليها فيحرم حينئذ كأن قصد القارىء الوقف من غير ضرورة على لفظ "إله" أو على لفظ "لا يستحي" أو على لفظ "لا يهدي" في قوله تعالى: {وَمَا مِنْ إِلَـ?هٍ إِلاَّ إِلَـ?هٌ وَاحِدٌ}، {وَ?للَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ?لْحَقِّ}، {وَ?للَّهُ لاَ يَهْدِي ?لْقَوْمَ ?لْفَاسِقِينَ} وما شابه ذلك مما تقدم ذكره في الوقف القبيح إذ لا يفعل ذلك مسلم قبله مطمئن بالإيمان. وفي هذا المقام يقول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية: *وليسَ في القرآن مِنْ وقْفٍ وجَب * ولا حرام غير ما له سَبَبْ اهـ* التنبيه الثاني: اشتهر عند كثير من الناس أن الوقف على لفظ "للمصلين" في قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) ?لَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ} قبيح وحرام ولا يجوز مطلقاً وزعموا أن القارىء لو وقف على هذا اللفظ لأوهم تناول الويل كل مصلٍّ وليس كذلك وإنما الويل "وهو واد في جهنم أو وعيد شديد كما قاله المفسرون" للمصلين الموصوفين بالصفات المذكورة بعد في قوله تعالى: {?لَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ} إلى آخر السورة وهذه حجتهم في منع الوقف على هذا اللفظ وحتموا الوصل بالموصولين بعد ليظهر المراد ويتم الكلام. والصواب الذي عليه الجمهور هو جواز الوقف على هذا اللفظ لأنه من رؤوس الآي والوقف على رؤوس الآي سنة لحديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وقد تقدم ذكره غير مرة وهذا كما قلت المشهور عند جمهور العلماء وأهل الأداء وإن تعلق رأس الآية بما بعدها لفظاً ومعنى كهذا الموضع كما تقدم. غير أن هذا الوقف الجائز مشروط بأن يكون القارىء مستمرًّا في قراءته إلى تمام الكلام وهو آخر السورة وبهذا حصل الغرض المطلوب وهو إيضاح المعنى المراد من الآية الكريمة لكل من القارىء والسامع وفي الوقت نفسه أتى القارىء بالوصفين المذكورين بعد "للمصلين" الذين يستحقون بهما هذا الوعيد. ويفهم من قولنا: "غير أن هذا الوقف الجائز مشروط بأن يكون القارىء مستمرًّا"...الخ بأنه لو قطع قراءته وأنهاها عند قوله: "فويل للمصلين" من غير عذر كان الوقف قبيحاً ويقال له فيه بل ويمنع منه لإيهام خلاف المعنى المراد ولعدم إتمام الكلام حنيئذ لأن إتمامه لا يتأتَّى إلا بذكر الصفتين المذكورتين بعد. ومن محاسن الوقف على رأس الآية "فويل للمصلين" هنا أنه لو وصل القارىء قوله: "فويل للمصلين" بما بعده كما قال مانعو الوقف عليه فلربما ضاف نفسه قبل الوصول إلى الوقف التام وهو آخر السورة لا سيما من كان ضيق النفس لا يستطيع أن يتكلم بكلام كثير في نفس احد وخاصة في هذا الزمن الذي عمت فيه البلوى لكثير من الناس وحنيئذ يضطر إلى أن يتنفس في القراءة وهو حرام فيها ومفسد لها أو إلى إدماج الحروف وبتر المد مما لا يتفق وقواعد التجويد المجمع عليها ويكون بذلك أتعب نفسه فوق إفساده القراءة مع أن السنة المطهرة أباحت له الوقف على رؤوس الآي مطلقاً سواء تم الكلام أم يتم كما مر، ولنا في سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة. هذا: وقد فات مانعو تجويز الوقف على قوله: "فويل للمصلين" وتأكيدهم على وصله بما بعده أن الصفتين المذكورتين بعد من باب التوابع كما هو مقرر. وهذا المعتبر إذا لم نقل بالقطع. فإن قلنا به كما جوزه علماء العربية من كل موصول وقع صفة يحتمل أن يكون تابعاً أو مقطوعاً عن التبعية لعدم ظهور الإعراب عليه لبنائه. بل جوزوا قطع الصفة عن الموصوف في العموم سواء كان موصولاً أو غير موصول. وبناء على جواز قطع الصفة عن الموصوف نقول: إن جعلنا الموصول هنا مع صلته خبراً لمبتدأ محذوف تقديره هم الذين إلخ كان الوقف على "للمصلين" كافياً فضلاً عن كونه رأس آية. وهذا أمر لا يخفى ومثله حنيئذ مثل الوقوف على رؤوس التي بعدها موصول كهذا وما أكثرها في القرآن باستثناء سبعة مواضع منها يتعين فيها أن يكون الموصول مبتدأ كما يتعين الوقف على ماقبلها والابتداء بها وسنذكرها بعد في "فصل الابتداء" إن شاء الله تعالى. وصفوة القول في هذه المسألة التي كثر فيها الكلام أن الوقف على قوله تعالى: "فويل للمصلين" جائز لانه رأس آية ولا قبيح فيه ولا حرمة ما دام القارىء مستمرًّا في قراءته إلى آخر السورة بخلاف ما لو قطع قراءته وأنهاها عنده فيمنع من ذلك ويكون الوقف قبيحاً إلا من عذر قهري صده عن إتمام السورة. وأما إذا كان القارىء عنده طاقة في نفسه ولم يقف إلا في آخر السورة بشرط أن تكون القراءة سليمة موافقة لقواعد التجويد المجمع عليها فلا بأس بذلك غير أنه على خلاف ما قال به جهمور العلماء وكثير من أهل الأداء من أن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً كما ذكر آنفاً والله تعالى أعلى وأعلم. وبعد أن فرغنا من كتابة هذا التنبيه ومضى عليه سنوات وجدناه منصوصاً عليه بمعناه من كلام العلامة الشيخ عبدالواحد المارغني في آخر رسالة تحرير الكلام في وقف حمزة وهاشم للعلامة المحقق الشيخ محمد بن يالوشة الشريف التونسي ولعظم فائدته آثرنا أن ننقله هنا ليفيد منه ويعتبر به قارؤنا الكريم قال عفا الله عنه. "تنبيه": مما اشتهر عند كثير من الناس عدم الوقف علىقوله تعالى: {فويل للمصلين} حتى جرى عندهم مجرى الأمثال فيقولون في كل شيء يتوقف على ما بعده لا تقف على "فويل للمصلين" ومرادهم بذلك التحرز من استحقاق المصلين مطلقاً لهذا الوعيد فالبوقف عليه يتناول الوعيد كل المصلين وهو غير مراد وغير صواب. وإن وصل بالموصول أو الموصولين بعده ظهر المعنى ولاح المراد من الآية الكريمة إذ المراد والله أعلم أن المصلين الموصوفين بالصفتين المذكورتين يستحقون العقاب بالويل وهو واد في جهنم وقيل كلمة عذاب هذا مراد من يمنع الوقف على ذلك. والتحقيق أنه لا مانع من الوقف على مثل ذلك حيث إنه من الفواصل التي يحسن الوقف عليها حسبما مر تفصيله. والصفتان بعد المصلين مثل الصفتين بعد اسم الجلالة في الفاتحة أعني "الرحمن" و"مالك يوم الدين" وقفت السنة على ما قبلهما فكما حسن الوقف على مافي آم القرآن يحسن الوقف على مثل ذلك في غيرها ومنه هذا الذي في سورة الماعون ولا قبح في مثل هذا الوقف حيث إن الوقف على "المصلين" لا يمنع إرادة وملاحظة الصفتين بعده إذ الواقف عازم على إكمال السورة أو الآيات المتعلقة بالموضوع والسامع منتظر لباقي السورة أو الآيات فقد حصل غرض كل من التالي والسامع بإكمال الآيات المطلوبة ولو مع الأوقاف الفاصلة التي لا يقع الفصل إلا بزمن يتنفس فيه عادة نعم لو قطع القارىء قراءته عند قوله: "فويل للمصلين" لمنع إلا لعذر طارىء صده عن إتمام قراءته وهذا كله إن جعل النعتان في سورة الماعون تابعين كما هو الأصل. فإن جعلا مقطوعين كان الوقف عليه كافياً حينئذ كما لا يخفى على كل من مارس علم القراءة والعربية إذ كل موصول وقع صفة يحتمل كونه تابعاً ومقطوعاً لعدم ظهور أثر الإعراب عليه لبنائه كما نص على ذلك بعض علماء العربية: وعليه فالسنة لما وقفت على رؤوس الآي التي صفاتها المبدوء بها تابعة لموصوفاتها في الإعراب لظهور الجر عليها المختص بالإتباع دل على أولوية الوقف على ما احتمل نعته الإتباع والقطع كالموصولات إذا وقع فاصلة من الفواصل المعتبرة سنة وعرفاً ومن ذلك ما كان في سورة الماعون التي فواصلها بالياء والنون وبعضها بالواو والنون وفيها فاصلة بالياء والميم ولا جرم أن الميم كالنون في مثل ذلك لاشتراكهما في جميع الصفات المتضادة وفي صفة الغنة. ومن ثم اعتبر ذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فاصلة من فواصل أم القرآن فوقف على {?لرَّحِيمِ} بعد {رَبِّ ?لْعَالَمِينَ} وقبل {مَـ?لِكِ يَوْمِ ?لدِّينِ} كما ثبت في بعض الآثار أنه وقف على {?لْمُسْتَقِيمَ} بعد {نَسْتَعِينُ} وقبل {وَلاَ ?لضَّآلِّينَ} اهـ منه بلفظه. هذا: وقد قرأت بالوقف على رؤوس الآي في العموم كما هو السنة على جميع شيوخي في جميع إجازاتي إفراداً وجمعاً في أكثر من عشر ختمات في مختلف القراءات سبعية كانت أم عشرية. وبالوقف على رؤوس الآي مطلقاً آخذ قراءة وإقراء. فإن اتباع السنة من صدق الحب لمن سنها صلى الله عليه وسلم. أفضل طريقة هي كثرة التكرار مع المقارنة بين المتشابهين أثناء التكرار ومن الكتب كتاب "أسرار التكرار في القرآن"للكرماني وغيره والله الموفق

بارك الله فيك اخي الكريم
كفيت ووفيت
جزاك الله خير
 

القارئ المدني

عضو شرف
عضو شرف
5 يونيو 2008
2,489
27
48
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد أيوب
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

*رضا*

إداري قدير سابق وعضو شرف
عضو شرف
4 يونيو 2006
41,911
118
63
الجنس
ذكر
رد: لدي بعض الأسئلة أرجو مساعدتكم

بارك الله فيك اخي الكريم
كفيت ووفيت
جزاك الله خير
وهو كذلك،
تقبل الله منك هذا العمل الصالح أخي الكريم وجعله في ميزان حسناتك
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد

محمد مصطفى محاميد

عضو شرف
المشرفون
عضو شرف
9 مايو 2009
3,019
59
0
الجنس
ذكر
رد: لدي بعض الأسئلة أرجو مساعدتكم

بارك الله فيك أخي القارئ المدني محمد شريف الشنقيطي.
كفيت ووفيت ربنا يجعله بميزان حسناتك إن شاء الله
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع