إعلانات المنتدى


في حكم تحسين الصوت بالقراءة

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

ال سيد الشيخ أحمد

مزمار فعّال
6 نوفمبر 2008
81
1
0
الجنس
ذكر
السـؤال:
نحن نعلم -شيخنا- أنّ قراءة القرءان قراءة صحيحة, قسمان: قسم له علاقة بالنطق العربي الفصيح, كالمد الطبيعي وتشديد الحرف, وصفات الحروف التي يفرق بها بين الحروف المتجانسة والمتقاربة كالسين مع الصاد والذال مع الظاء, وهذا القسم واجب على المستطيع والخطأ فيه يعتبر جليًّا. فما حكم ما له علاقة بزينة الأداء -وهو القسم الثاني- أو ما يعبر عنه بأحكام التجويد كغنة الإدغام والإخفاء, والمدود الفرعية, بجميع أنواعها, والذي يسمى الخطأ فيه خفيًّا؟ وبارك الله فيكم.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فلا يختلفُ العلماءُ في استحباب ترتيلِ القرآنِ بالترسُّل والتمهُّل وتَبْيِـين الحروفِ والحركاتِ من غير بَغْيٍ، كما أجمعوا على استحباب تحسين الصوتِ بقراءةِ القرآنِ، وقد نقل الإجماعَ ابنُ قدامةَ حيث قال: «واتفقَ العلماءُ على أنه تستحبُّ قراءةُ القرآنِ بالتحزينِ والترتيلِ والتحسينِ»(١- «المغني» لابن قدامة: (12/48))، وقال النووي: «وقد اتفق العلماء على استحباب الترتيل»(٢- «التبيان في آداب حملة القرآن» للنووي: (70))، وقال في موضع آخر: «أجمع العلماء من السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومَنْ بعدَهم من علماء الأمصار وأئمَّة المسلمين على استحباب تحسين الصوت بالقرآن، وأقوالُهم وأفعالُهم مشهورةٌ نهاية الشهرة»(٣- المصدر السابق: (78)). وقال في «المجموع»: «يستحب ترتيل القراءة وتدبرها وهذا مجمع عليه»(٤- «المجموع» للنووي: (3/369))، وقد أمر اللهُ رسولَه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بالترسُّل والتأنِّي بقراءةِ القرآن فقال تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ [المزّمِّل: 4]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنـزِيلاً﴾ [الإسراء: 106]، وثبت في حديث أنس رضي الله عنه «أنّ قراءةَ النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم كانت مدًّا ثمّ قرأ: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ يمدّ ببسم الله، ويمدّ بالرحمن، ويمدّ بالرحيم»(٥- أخرجه البخاري في «فضائل العصر»، باب في مد القراءة (4759)، وابن حبان في «صحيحه»: ( 6317)، من حديث أنس رضي الله عنه)، وفي حديث عمرو بن العاص أنّ النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال: «يُقَالُ لِصَاحِبِ القُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا»(٦- أخرجه أبو داود في «الصلاة»، باب استحباب الترتيل في القراءة: (1464)، والترمذي في «فضائل القرآن»: (2914)، وابن حبان في «صحيحه»: (766)، والحاكم في «المستدرك»: (2030)، وأحمد: (6760)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (11/55)، وحسنه الألباني في «المشكاة»: (2076)، وانظر «السلسلة الصحيحة»: (2240))، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يقول: «مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَن الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ»(٧- أخرجه البخاري في «التوحيد»، باب قول النبي الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام: (7105)، ومسلم في «صلاة المسافرين»، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن: (1845)، وأبو داود في «الصلاة»، باب استحباب الترتيل في القراءة: (1473)، والنسائي في «الافتتاح»، باب تزيين القرآن بالصوت: (1017)، وأحمد: (7773)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).والأحاديث في ذلك كثيرة في ترتيل القرآن وتحسين الصوت به.
أمّا قراءةُ القرآن بالتحسين على وجهٍ مُفْرِطٍ بحيث يخرج القرآن عن صيغته بإدخال حركات فيه أو إخراجها كمدّ المقصور أو قصر الممدود أو تحويل الحركات إلى حروف بإشباع وما إلى ذلك فإنّ العلماء فيها بين محرِّمٍ لها ومكره، والأقرب إلى الصواب القول بالتحريم لما فيه من إخراج القرآن عن مقصوده والانتقال من التدبر والاتعاظ إلى التطريب والتسلية، وهذا لا شكّ عدولٌ عن المنهج القويم إلى الاعوجاج فيمنع لقوله تعالى: ﴿قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الزمر: 28].
أمّا إذا كان تلحين القرآن على وجه غير مفرط لا يخرج القرآن عن صيغته بتبديل أو زيادة أو نقص فإن كان الغرض من التلحين الطرب والتسلية فيكره، خاصّة إذا كان التلحين غير متناسب مع المعنى، أمّا إن ناسب المعنى وتحقّق به الاعتبار وفهم المقصود فيشرع ذلك، بل استحسنه كثير من العلماء؛ لأنّ النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أثنى على أبي موسى الأشعري على حسن قراءته القرآن الكريم حيث قال له: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْمَعُ لِقِرَاءَتِكَ البَارِحَةَ لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ»(٨- أخرجه البخاري في «فضائل القرآن»، باب حسن الصوت بالقراءة للقرآن: (4761)، ومسلم في «صلاة المسافرين»، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن: (1852)، والترمذي في «المناقب»، باب في مناقب أبي موسى الأشعري (3855)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه)، قال ابن العربي المالكي: «واستحسن كثيرٌ من فقهاءِ الأمصارِ القراءة بالألحان والترجيع، وكرهه مالك، وهو جائز لقول أبي موسى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَوْ عَلِمْت أَنَّك تَسْمَعُ لَحَبَّرْته لَك تَحْبِيرًا»(٩- أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (7083)، والحاكم في «المستدرك»: (6019)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (4749)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (7/1483)) يُرِيدُ لَجَعَلْته لَك أَنْوَاعًا حِسَانًا، وَهُوَ التَّلْحِينُ»(١٠- «أحكام القرآن» لابن العربي: (4/1596)).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
لفضيلة الشيخ أبى عبد المعز محمد علي فركوس
الجزائر في: 12 صفر 1428ﻫ
الموافق ﻟ: 2 مارس 2007م​
١- «المغني» لابن قدامة: (12/48).

٢- «التبيان في آداب حملة القرآن» للنووي: (70).

٣- المصدر السابق: (78).

٤- «المجموع» للنووي: (3/369).

٥- أخرجه البخاري في «فضائل العصر»، باب في مد القراءة (4759)، وابن حبان في «صحيحه»: ( 6317)، من حديث أنس رضي الله عنه.

٦- أخرجه أبو داود في «الصلاة»، باب استحباب الترتيل في القراءة: (1464)، والترمذي في «فضائل القرآن»: (2914)، وابن حبان في «صحيحه»: (766)، والحاكم في «المستدرك»: (2030)، وأحمد: (6760)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (11/55)، وحسنه الألباني في «المشكاة»: (2076)، وانظر «السلسلة الصحيحة»: (2240).

٧- أخرجه البخاري في «التوحيد»، باب قول النبي الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام: (7105)، ومسلم في «صلاة المسافرين»، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن: (1845)، وأبو داود في «الصلاة»، باب استحباب الترتيل في القراءة: (1473)، والنسائي في «الافتتاح»، باب تزيين القرآن بالصوت: (1017)، وأحمد: (7773)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

٨- أخرجه البخاري في «فضائل القرآن»، باب حسن الصوت بالقراءة للقرآن: (4761)، ومسلم في «صلاة المسافرين»، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن: (1852)، والترمذي في «المناقب»، باب في مناقب أبي موسى الأشعري (3855)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

٩- أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (7083)، والحاكم في «المستدرك»: (6019)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (4749)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (7/1483).

١٠- «أحكام القرآن» لابن العربي: (4/1596).




 

*رضا*

إداري قدير سابق وعضو شرف
عضو شرف
4 يونيو 2006
41,911
118
63
الجنس
ذكر
رد: في حكم تحسين الصوت بالقراءة

أحسن الله اليك أخي الكريم وجزاك خيرا والشكر موصول لفضيلة الشيخ أبى عبد المعز محمد علي فركوس
 

أحمد النبوي

مراقب الأركان العلمية
مراقب عام
19 يناير 2009
2,950
662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: في حكم تحسين الصوت بالقراءة

جزاكم الله خيرا، كلام لطيف دقيق.
 

أحمد النبوي

مراقب الأركان العلمية
مراقب عام
19 يناير 2009
2,950
662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: في حكم تحسين الصوت بالقراءة

جزاكم الله خيرا، كلام لطيف دقيق.
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع