إعلانات المنتدى


ترجمة الإمام الشاطبي

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

القارئ المدني

عضو شرف
عضو شرف
5 يونيو 2008
2,489
27
48
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد أيوب
(بسم الل)

:x18:

ترجمة الإمام الشاطبي رحمه الله


"الإمام الشاطبي"


1- اسمه
هو أبو القاسم، أو أبو محمد، القاسم بن فِيـرُّة بن خلف بن أحمد الشاطبي الرُّعيني الأندلسي الضرير.

- فِيـرُّة : قال ابن الجزري : ((فِيرُّة : بكسر الفاء، بعدها ياء آخر الحروف ساكنة، ثم راء مشددة مضمومة بعدها هاء، ومعناه بلغة عجم الأندلس: الحديد)).
وقال القسطلاني، (ت923هـ): ((فإن قلت: ما وجه التسمية بالحديد؟.
أجيب: باحتمال أن يكون إشارةً إلى قُوّة المسَمّى في الدين، وشدة بأسه على الأعداء المارقين، وكثرة نفعه للموحدين.

الشاطبي: نسبة إلى شاطبة، مدينة كبيرة، ذات قلعة حصينة، بشرق الأندلس.
قال ياقوت الحموي: ((مدينة في شرقي الأندلس، وشرقي قرطبة، وقد خرج منها خلق من الفضلاء - وذكر منهم -:
عبد العزيز بن عبد الله بن ثعلبة، أبو محمد السعدي الأندلسي الشاطبي،
وأحمد بن محمد بن خلف بن مُحْرِز المالكي الأندلسي الشاطبي)) .
- الرُّعَيْني: بضم الراء وفتح العين المهملة، وسكون الياء المثناة من تحتها، وبعدها نون،
قال القسطلاني: ((الرُّعَيْني: نسبة إلى "ذِي رُعَيْن"، أحَدُ أَقْيَال اليمن)).
- والقَيْل: هو الملِك مِن مُلُوك حِمْير.

مولده:
ولد الشاطبي في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بشاطبية، وقال ابن الجزري: ((وبلغنا أنه ولد أعمى))، وأشار القسطلاني أنه كان مبصراً ثم أصابه العمى، وقال: ((وكان إذا جلس إليه أحد لا يحسب أنه ضرير، بل لا يرتاب أنه يبصر، لأنه ما كان يظهر منه ما يظهر من الأعمى في الحركات، والذي أقول إنه كان أبصر من البصراء)).

2- عصره الذي عاش فيه
- لقد ذكرت كتب التراجم أن الإمام الشاطبي منذ ولادته سنة (538هـ) عاش بداية حياته في بلدة شاطبة بالأندلس، ثم انتقل بعد ما جاوز الثلاثين مِن عمره إلى مصر - أي: سنة (572هـ) - وعاش بها إلى أن توفي – رحمه الله -.
فسأتكلم عن أحوال العالم الإسلامي عموماً في زمنه، ثم أخصّ بلادَيْ الأندلس ومصر - خلال الفترة التي عاش فيها -.

عاش الإمام الشاطبي في العصر الثاني مِن عصور الحكم العباسي - كما يُسَمِّيه المؤرخون بذلك - وهو ما بين سنة (247هـ إلى 656هـ)،

حكام الدولة العباسية في زمن الإمام الشاطبي
1- المقتفى لأمر الله، محمد بن المستظهر (530 هـ إلى 555 هـ).
2- المستنجد بالله، يوسف ابن المقتفي لأمر الله (555 هـ إلى 575 هـ).
3- المستضيئ بأمر الله، الحسن بن المستنجد بالله (566 هـ إلى 575 هـ).
4- الناصر لدين الله، أحمد بن المستضيئ بأمر الله (575هـ إلى622هـ)( ).

الإمام الشاطبي في الأندلس:
في تلك الفترة التي عاش فيها الشاطبي بداية حياته في الأندلس كانت دولة الموحدين قد آل إليها الأمر على أنقاض دولة المرابطين، وقد كانت دولة المرابطين في المغرب والأندلس، يقودها يوسف بن تاشفين، الذي حكم من سنة (462 هـ إلى 500هـ)،

ظهرت دولة الموحدين على أنقاض دولة المرابطين، وبدأت قوية، ودخلت مع دولة المرابطين في معارك، وكان آخرها معركة ((وهران))، حيث كان يقود جيش المرابطين تاشفين بن علي،

الإمام الشاطبي في مصر:
ذكرت كتب التراجم أن الإمام الشاطبي انتقل إلى مصر بعد ما جاوز الثلاثين من عمره، وكان انتقاله عام (572هـ).
وكان وصول الإمام الشاطبي إلى مصر بعد استقلال صلاح الدين الأيوبي بالحكم في مصر وقيام الدولة الأيوبية، بعد أن كانت وزارة صلاح الدين الأيوبي تابعة لنور الدين محمود زنكي في الشام،

ولما فتح صلاح الدين بيت المقدس في هذه المعركة توجه الإمام الشاطبي إلى بيت المقدس، وصلى به وصام فيه رمضان واعتكف.

ولما دخل الشاطبي مصر استقبله القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي اللخمي فأكرمه وبالغ في إكرامه, وأنزله بمدرسته التي بناها بدرب الملوخية داخل القاهرة، وجعله شيخها، وبقي الإمام الشاطبي بها يُقْرِئ القراءات إلى أن توفاه الله.


3- شيوخه:
الإمام الشاطبي بدأ طلبه للعلم منذ نعومة أظفاره، وهو غلام حدث، فأخذ يتتبع علماء شاطبة ومقرئيها، حتى حوى علماً غزيراً، يقول القفطي، (ت624هـ): ((تفنن في قراءة القرآن والقراءات، وهو حدث، وقرأ الناسُ عليه في بلده، واستفادوا منه قبل التكهل)).
ورحل إمامنا من ((شاطبة)) إلى ((بلنسية)) - قرية من قرى شاطبة - وعرض على علمائها، وكان الإمام الشاطبي متولياً الخطابة بشاطبة، وكانت لا تُسند إلا لأهل العلم والفطنة، والبصر بأمور الناس، ولكنه – رحمه الله - توقّف عنها خشيةً لله، حيث كان يُطْلب من الخطباء المبالغة في وصف الملوك والأمراء، وكان الشاطبي يعدّ هذا الأمر نقصاً، وخرماً في المروءة، بل ذُكِر أن سبب انتقاله – رحمه الله - من ((شاطبة)) إلى مصر هو امتناعه عن الخطابة.
ومن العلماء والمشايخ الذين تتلمذ عليهم - رحمه الله - ما يلي:
1- أبو عبد الله، محمد بن علي بن محمد بن أبي العاص النفزي الشاطبي المعروف: ((بابن اللايه))، توفي سنة بضع وخمسين وخمسمائة، كان متصدراً الإقراء، ديّناً بصيراً بالروايات، قرأ الشاطبيُّ عليه القراءات وأتقنها ببلِدِه شاطبة.
2- أبو الحسن، علي بن محمد بن علي بن هذيل البلنسي، (ت564هـ)، عرض الشاطبي عليه كتاب "التيسير"، وسمع منه الحديث.
3- أبو عبد الله، محمد بن يوسف بن مفرج الإشبيلي، (ت600 هـ)، روى الشاطبي عنه: "شرح الهداية" للمهدوي.
4- أبو الحسن، علي بن عبد الله بن خلف بن النعمة الأنصاري البلنسي، (ت567هـ)، روى الشاطبي عنه: "شرح الهداية" للمهدوي.
5- أبو عبد الله، محمد بن جعفر الأموي البلنسي، (ت586هـ)، سمع منه: "كتاب الكافي" لابن شريح، وأخذ عنه كتاب: "سيبويه"، و"الكامل" للمبرد، و"أدب الكاتب" لابن قتيبة، وغيرها.

4- تلاميذه:
من المعلوم أن الشاطبي – رحمه الله - جُعِل شيخاً للمدرسة الفاضلية بمصر تقديراً وتعظيماً لمكانته، فاشتهر اسمه، وقصَدَه الطلبةُ من جميع الأقطار، يقول القفطي، (ت624هـ): ((استوطن مصر، وتصدر في جامع عمرو بن العاص للإقراء، والإفادة).
فممن تتلمذ عليه - رحمه الله - واستفاد من علمه ما يلي:
1- أبو الحسن، علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي، الإمام علم الدين، (ت643هـ)، وهو من أجل أصحاب الشاطبي، لازمه وأخذ عنه القراءات واللغة والنحو( ).
2- أبو عبد الله، محمد بن عمر بن يوسف الأنصاري القرطبي المالكي، (ت631هـ)، قرأ على الشاطبي قصيدتيه: ((اللامية))، ((والرائية))، وجلس للإقراء بعده بالفاضلية، ولم يسمع أحدٌ من الشاطبي الرائية كاملة سواه، وسوى التُّجيبي .
3- أبو القاسم، السديد، عيسى بن أبي الحرم مكّي بن حسين العامري المصري الشافعي، (ت649 هـ)، قرأ على الشاطبي القراءات( ).
4- أبو الحسن، علي بن محمد بن موسى بن أحمد الجمال بن أبي بكر التجيـبي الشاطبي، (ت626هـ)، سمع منه قصيدتيه: ((اللامية))، ((والرائية))، وقرأ عليه بالسبع إفراداً وجمعاً.


مناقب الشاطبي وثناء العلماء عليه:
كان الشاطبي – رحمه الله - أحد الأعلام الكبار المشهورين في الأقطار، قرأ القراءات وأتقنها، وحفظ الحديث، وتبصّر في العربية، وجُعِل شيخاً للمدرسة الفاضلية بمصر تقديراً وتعظيماً لمكانته، فاشتهر اسمه، وقصَدَه الطلبةُ من جميع الأقطار، ومَن نَظَر في قَصِيدتَيه: ((اللامية))، ((والرائية)) عَرف قدْرَه ومكانة علْمِه، فلقد خضع لها فحول الشعراء، وكبار البلغاء، وحفظها خَلْقٌ لا يُحْصون، ومع هذا كان وَرِعاً عازفاً عن مناصب الدنيا وأعطياتها،

ولقد رُزِق الإمام الشاطبي – رحمه الله - القبول مِن الناس مما جعلهم يجمعون على إمامته وزهده وإخلاصه، فقد قال: أبو الحسن علم الدين السخاوي، (ت643هـ): ((سمعت أبا عبد الله، محمد بن عمر بن حسين يقول: سمعت جماعة من المغاربة يقولون: من أراد أن يصلي خلْف رجل لم يعصِ الله قطّ في صغره ولا كبره، فليصلّ خلف أبي القاسم الشاطبي)).
ومما يدل على مكانته – رحمه الله - وسعة علمه ما أثنى به العلماء عليه مِن الأوصاف الكريمة، والمناقب الجميلة، وإليك بعضاً مِن هذه الأقوال:

- قال الإمام إبراهيم بن عمر الجعبري، (ت732هـ): ((كان - رحمه الله - إماماً في علوم القرآن، ناصحاً لكتاب الله تعالى، متقناً لأصول العربية.
ثم قال: ((كان غاية في الذكاء، صادقاً في تعبير الرؤيا، مجيداً في النظم، متواضعاً لله تعالى، قدوة في الصلاح، ذا بصيرة صافية، تلوح منه الكرامات)).

- وقال الإمام الذهبي، (ت748هـ): ((استوطن مصر وتصدر للإقراء بها، اشتهر اسمه، وبعُدَ صيته، وقصده الطلبة من النواحي، وكان إماماً علامة ذكياً، كثير الفنون، منقطع القرين، رأساً في القراءات، حافظاً للحديث، بصيراً بالعربية، واسع العلم.....
ثم قال: ((وكان متجنباً فضول القول، ولا يتكلم في سائر أوقاته إلا بما تدعو إليه الضرورة، ولا يجلس للإقراء إلا على طهارة في هيئة حسنة، وخضوع واستكانة، ويمنع جلساءه مِن الخوض إلا في العلم والقرآن، وكان يعتلّ العِلّة الشديدة فلا يشتكي، ولا يتأوه)).

- وقال ابن الجزري، (ت833هـ): ((كان إماماً كبيراً، أعجوبة في الذكاء، كثير الفنون، آية من آيات الله، غاية في القراءات .... رأساً في الأدب، مع الزهد والولاية والعبادة والانقطاع ....
ثم قال: ((وكان يصلي الصبح بغلس بالفاضلية، ثم يجلس للإقراء، فكان الناس يتسابقون السّرى إليه ليلاً، وكان إذا قعد لا يزيد على قوله من جاء أولاً فليقرأ، ثم يأخذ عليه الأسبق فالأسبق)).

6- مؤلفاته وآثاره:
1- القصيدة اللامية، المسمّاة بـ"حرز الأماني ووجه التهاني" التي ذكر الشاطبي أنه ابتدأ أولها بالأندلس إلى قوله:
(جَعَلْتُ أَبَا جَادٍ عَلَى كُلِّ قَارِئ دَلِيلاً ..................)
وأَكْملها بالمدرسة الفاضلية بالقاهرة، وقد نظم فيها كتاب "التيسير" لأبي عمرو الداني

2- القصيدة الرائية، المسمّاة بـ" عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد"، والتي نظم فيها مسائل "المقنع" لأبي عمرو الداني، (ت444هـ)، وزاد عليه أحرفاً يسيرة( )، وتقع هذه القصيدة في: (298) بيتاً، وقد حظيت هذه المنظومة بشروح كثيرة منها ما يلي:
-شرح الإمام علم الدين، أبي الحسن السخاوي، (ت643هـ)، سمّاه: "الوسيلة إلى كشف العقيلة".
-شرح ابن جبارة، أحمد بن محمد بن عبد الولي المقدسي الحنبلي (ت728هـ).
- شرح برهان الدين، أبي إسحاق، إبراهيم بن عمر الجعبري: (ت732هـ)، سماه: "جميلة أرباب المراصد في شرح عقيلة أتراب القصائد".
- شرح أبي البقاء، علي بن عثمان بن القاصح، (ت801هـ)، سماه: "تلخيص الفوائد وتقريب المتباعد".
-شرح الملا علي قارئ، (ت1014هـ)، سماه: "الهبات السنية العلية على أبيات الشاطبية الرائية".

وهناك عدة مؤلفات أخرى للشاطبي منها:
3- "قصيدة رائية في عدد آي السور"، نظم فيها تأليف: الفضل ابن شاذان الرازي، (ت: في حدود:290هـ)، سماها: "ناظمة الزهر"، وقد حظيت هذه القصيدة بعدة شروح منها ما يلي:
"لوامع البدر في بستان ناظمة الزهر"، لعبد الله صالح بن أحمد الأنصاري الأيوبي، (ت1225هـ).
"القول الوجيز في فواصل الكتاب العزيز على ناظمة الزهر"، لرضوان بن محمد المخللاتي، (ت1311هـ).
"قطف الزهر من ناظمة الزهر"، لعلي الضباع، (ت1376هـ).
"بشير اليسر شرح ناظمة الزهر"، لعبد الفتاح القاضي، (ت1403هـ).
4- "قصيدة دالية"، نظم فيها كتاب "التمهيد" لابن عبد البر، (ت463هـ)، قال القفطي: ((قصيدة دالية في خمسمائة بيت، من حفظها أحاط بالكتاب علماً))، وقال القسطلاني: ((لم أقف عليها مع تطلبي لها)).
5- "قصيدة نظم فيها ظاءات القرآن الكريم"، وتقع في أربعة أبيات.
6- "قصيدة نظم فيها موانع الصرف"، وتقع في أربعة أبيات.

وفاته:
توفي - رحمه الله - في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة، سنة تسعين وخمسمائة هجرية بالقاهرة، ودفن بالقرافة، بين مصر والقاهرة، بمقبرة القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني.
منقول .
 
التعديل الأخير:

ال باشا

مزمار ألماسي
12 يوليو 2006
1,703
1
38
الجنس
ذكر
رد: ترجمة الإمام الشاطبي

جزاك الله خيرا اخي الكريم
 

سهام الليل

مزمار فعّال
17 أغسطس 2007
148
1
0
رد: ترجمة الإمام الشاطبي

جزاك ربي الفردوس الأعلى
على هذه النبذة
وغفر الله لشيخنا الشاطبي
وجعل ما قدمه للأمة في ميزان حسناته
يوم يلقاه
اللهم آآآمين
 

ابواحمدالغالى

مزمار داوُدي
20 مايو 2008
9,458
16
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: ترجمة الإمام الشاطبي

بارك اللهم فيكم اخى الكريم الغالى على ماقدمت لنا
 

أم ضا

مزمار جديد
30 ديسمبر 2009
2
0
0
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: ترجمة الإمام الشاطبي

السلام عليكم و رحمة الله
أريد أن أعقب عما دكرتم في ترجمة الشاطبي إد أنني و جدت - و الله أعلم- تضاربا بين ما كتبتموه و بين ما جاء في كتابه "الموافقات" في الجزء الأول و هو بتحقيق مشهور حسن
إد أن تاريخ ولاته و الدي دكره فضيلة الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد هو 730ه و ليس كما دكرتم كما أنه لم يرد أنه دهب إلى مصر و تاريخ وفاته هو 790ه
و إليكم نسخة من ترجمة موثقة للإمام الشاطبي أسأل الله أن تكون نافعة
و الله أعلم

بسم الله الرحمن الرحيم

عن حياة الإمام أبي إسحاق الشاطبي :

1 - اسمه الإمام أبي إسحاق الشاطبي ونسبه: هو الإمام إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي[8]الغرناطي، أبو إسحاق، الشهير بالشاطبي[9].

2 - مولد الإمام أبي إسحاق الشاطبي ونشأته: لم تُسلط - كتب التراجم المعتمدة - الأضواء على مكان ولادته، ولا عن تاريخها، ولا عن كيفيّة نشأته.

إلا أن الذي يبدو - والله أعلم - أن أصله كان من مدينة شَاطِبَة[10]، وأنه ولد في مدينة غرناطة[11]، قبيل سنة 720هـ[12].

أما عن نشأته: فقد نشأ على حبّ العلم، ومتابعة الدرس منذ نعومة أظفاره، حدثنا هو بذلك في مقدمة كتابه الاعتصام، نقتطف من ذلك قوله: "لم أزل منذ فُتق للفهم عقلي، ووجه شطر العلم طلبي، أنظر في عقلياته، وشرعياته، وأصوله، وفروعه، لم أقتصر منه على علم دون علم، ولا أفردت عن أنواعه نوعًا دون آخر حسبما اقتضاه الزمان والإمكان...[13].

3 - بعض شيوخ الإمام أبي إسحاق الشاطبي: تتلمذ الإمام أبو إسحاق الشاطبي على جماعة من العلماء، ذكر منهم بعض المعاصرين أربعة وعشرين شيخًا[14]، أكتفي بذكر من ذكرهم العلامة أحمد بابا التنبكتي، حيث قال: "أخذ العربية وغيرها عن أئمة منهم الإمام المفتوح عليه في فنها ابن الفخار البيري[15].والإمام الشريف رئيس العلوم اللسانية أبو القاسم السبتي[16] والإمام المحقق أعلم أهل وقته الشريف أبو عبد الله التلمساني[17]... والإمام علاّمة وقته بإجماع أبو عبد الله المقري[18]... وقطب الدائرة... الإمام الشهير أبو سعيد ابن لب[19]، والإمام الجليل... ابن مرزوق الجد[20]، والعلاّمة المحقّق المدرس الأصولي أبو علي منصور بن محمد الزاوي[21]، والعالم المفسر المؤلف أبو عبد الله البلنسي[22]... والعلامة الرحلة الخطيب أبو جعفر الشقوري[23]... والعالم الحافظ الفقيه أبو العباس القباب[24]، والمفتي المحدّث أبو عبد الله الحفّار[25]، وغيرهم"[26].

4 - بعض تلاميذ الإمام أبي إسحاق الشاطبي: قال أحمد بابا التنبكتي: "أخذ عنه جماعة من الأئمة كالإمامين العلامتين أبي يحيى بن عاصم الشهير[27]، وأخيه القاضي المؤلف أبي بكر بن عاصم[28]، والشيخ أبي عبد الله البياني[29]، وغيرهم"[30].

قلت: ومن هؤلاء الغير أبو عبد الله محمد بن محمد المجاري الأندلسي[31]، وأبو جعفر أحمد القصار الأندلسي الغرناطي[32]، وأبو الحسن علي بن سمعت، الذي أجازه الإمام الشاطبي إجازة عامة[33].

5 - مذهب الإمام أبي إسحاق الشاطبي: هو مالكي المذهب، يدل على ذلك أن علماء المالكية أدخلوه في عداد طبقاتهم[34]، ولم ينازعهم في ذلك أحد من أهل المذاهب الفقهية الأخرى، ووصفه المعتنين بالتراجم عمومًا بأنه مالكي المذهب[35].

ومن الأدلة على هذه المسألة أن الإمام الشاطبي - نفسه - قد اعتنى بذكر أقوال الإمام مالك، وغيره من أئمة المذهب، يظهر ذلك جليا من خلال كتبه[36].

وهذا لا يعني أن الإمام الشاطبي مقلد أعمى متعصب، بل هو يعتمد في فتاواه على المأثور من نصوص الوحي، وأقوال أعلام المذهب المالكي، وإذا لم يظفر بشيء من ذلك في المسألة، يجتهد بانيا على مراعاة مقاصد الشريعة الإسلامية[37].

وأما مذهب الإمام أبي إسحاق الشاطبي في العقيدة: فهو مذهب أهل السنة والجماعة، المبني على الكتاب والسنة، وذلك في الجملة؛ إذ أنه لم يسلم من الميل إلى رأي الأشاعرة في بعض الصفات - وفي غير الصفات -، فمن ذلك قوله: "والحب والبغض من الله تعالى، إما أن يراد بهما نفس الإنعام أو الانتقام، فيرجعان إلى صفات الأفعال على رأي من قال بذلك، وإما أن يراد بهما إرادة الإنعام والانتقام فيرجعان إلى صفات الذات؛ لأن نفس الحب والبغض المفهومين في كلام العرب حقيقة محالان على الله تعالى..."[38].

وقال: "... قوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِم}[39]، {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [40]وأشباه ذلك إنما جرى على معتادهم في اتخاذ الآلهة في الأرض، وإن كانوا مقرين بإلهيّة الواحد الحقّ، فجاءت الآيات بتعيين الفوق وتخصيصه تنبيها على نفي ما ادَّعوه في الأرض فلا يكون فيه دليل على إثبات الجهة البتة"[41].

وقال: "(فصل) وهل للقرآن مأخذ في النظر على أن جميع سوره كلام واحد بحسب خطاب العباد، لا بحسبه في نفسه ؟. فإن كلام الله في نفسه كلام واحد لا تعدّد فيه بوجه ولا باعتبار، حسبما يتبين في علم الكلام"[42].

فأنت ترى في المثال الأول أن الإمام الشاطبي أوّل الحب والبغض بإرادة الإنعام والانتقام، أو أنهما نفس الإنعام والانتقام.

وفي المثال الثاني يؤوّل صفة الفوقية الثابتة في النصوص لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته.

وفي المثال الثالث يجعل كلام الله تعالى معنى قائما بالنفس، مجردًا عن الألفاظ والحروف.

ولا شك أن أبا إسحاق - غفر الله له - قد فاته الصواب في هذه الأمثلة الثلاثة.

6 - مقاومة الإمام أبي إسحاق الشاطبي للبدع والمبتدعة: أصيب العالم الإسلامي بعد القرون المفضّلة ببعض الانحراف عمّا كان عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكلما ابتعد آخر هذه الأمة عن أولها ازداد ظهور البدع، حتى كان عصر الإمام الشاطبي - رحمه الله تعالى - فزادت هذه الحال سواء في شرق العالم الإسلامي، أم في غربه.

وكانت غرناطة - في عصر الإمام الشاطبي - مجمع فلول الهزائم، وملتقى آفات اجتماعية نشأ عنها انتشار بعض البدع التي أدت إلى ضعف المسلمين[43].

وكانت هذه الحال لا ترضي الإمام الشاطبي، وهو يعلم أنه مأمور بإنكار المنكر[44].

فقام في هذا الجانب خير قيام، وألف في ذلك كتابًا حافلاً نصر به سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وقمع به بدع المبتدعين[45].

وقد تحدث هو بنفسه عن بعض مما قام به في هذا الشأن فقال: "... لم أزل أتتبع البدع التي نبّه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذر منها، وبيَّن أنها ضلالة، وخروج عن الجادة، وأشار العلماء إلى تمييزها والتعريف بجملة منها؛ لعلي أجتنبها فيما استطعت، وأبحث عن السنن التي كادت تطفئ نورها تلك المحدثات؛ لعلي أجلو بالعمل سناها، وأُعد يوم القيامة فيمن أحياها..."[46].

وأثنى عليه العلماء بذلك، فمن ذلك قول أحمد بابا التنبكتي: "... حريصًا على اتباع السنة، مجانبًا للبدع والشبهة، ساعيًا في ذلك، مع تثبت تام، منحرف عن كلّ ما ينحو للبدع وأهلها، وقع له في ذلك أمور مع جماعة من شيوخه وغيرهم في مسائل"[47].

هذا ولم يسلم الإمام الشاطبي من ألسنة المبتدعة أعداء السنة فنسبوا إليه ما لم يقل، واتهموه بأشياء هو برئ منها براءة ذئب يوسف عليه السلام.

وقد أشار إلى ذلك بعض من ترجم له، كما تقدم قريبا في كلام التنبكتي.

كما أشار هو إلى شيء من الابتلاء الذي أُصيب به في سبيل قول الحق ورد الباطل[48].

7 - ثناء العلماء على الإمام أبي إسحاق الشاطبي: لم تسلط

الأضواء على حياة الإمام أبي إسحاق الشاطبي وفضائله - بما يستحق - وما ذلك - في نظري - إلاّ لأنه خالف مألوف المبتدعة فأحيا السنة وأمات البدعة، وإلاّ فما معنى أن يكتب المقَّري صاحب نفح الطيب صفحات وصفحات كلها إطراء وثناء عن الزنديق الحلولي ابن عربي[49]، فإذا جاء إلى الإمام الشاطبي يكتفي ببعض النقولات من كتبه[50]، ولا يجود علينا بشيء من حياته وإمامته.

ويكتفي آخر - عن الإمام الشاطبي - بقوله: "إبراهيم الشاطبي الغرناطي أبو إسحاق"[51].

ومع ذلك فلا تخلو هذه الأمة ممن يقول الحق فمن ذلك: قول تلميذه أبي عبد الله المجاري: "الشيخ الإمام العلامة الشهير، نسيج وحده، وفريد عصره، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الشاطبي"[52].

وقال عنه أحمد بابا التنبكتي: "الإمام العلامة، المحقق القدوة، الحافظ الجليل المجتهد، كان أصوليا مفسرًا، فقيها محدثا، لغويا بيانيا، نظارًا ثبتا، ورعا صالحا زاهدًا، سنيا[53] إماما مطلقا، بحاثا مدققا جدليا، بارعا في العلوم، من أفراد العلماء المحققين الأثبات، وأكابر الأئمة المتقنين الثقات..."[54].

وحسبك بشهادة هذين الإمامين الفاضلين، وإنما يعرف الفضل لأهله أهلُه.

وقد تابعهما في الثناء على الإمام أبي إسحاق الشاطبي محمد مخلوف[55]وغيره من المتأخرين[56].

8 - آثار الإمام أبي إسحاق الشاطبي العلمية: ألف الإمام أبو إسحاق الشاطبي تآليف نفيسة في موضوعها ومضمونها "اشتملت على تحرير للقواعد، وتحقيقات لمهمات الفوائد"[57]نشير إليها فيما يلي:

1 - الموافقات: وهو كتاب معدود في أصول الفقه، وكان قد سماه "عنوان التعريف بأسرار التكليف"؛ لأجل ما أُودع فيه من الأسرار التكليفية المتعلقة بهذه الشريعة الحنيفيّة[58].

لكن بعض شيوخ الشاطبي أخبره برؤيا جعلت الإمام الشاطبي يسمي هذا الكتاب باسم "الموافقات"[59].

وهو كتاب عظيم القدر جليل النفع، أثنى عليه المتقدمون من العلماء[60]، والمتأخرون[61]، وكُتبت حوله الدراسات العلمية[62]، واختصره بعض العلماء[63]، ونظمه بعض تلاميذ المؤلف[64]، وطبع أكثر من طبعة[65]، ولا تكاد تخلو منه مكتبة طالب علم.

2 - الاعتصام: وهو كتاب في غاية الإجادة[66]، تناول فيه الإمام أبو إسحاق الشاطبي موضوع البدع، وبحثها بحثا علميا، وسبرها بمعيار الأصول الشرعية، بحيث أن من جاء بعد الإمام أبي إسحاق الشاطبي فألف في رد البدع فهو عيال على كتاب الاعتصام[67]، والكتاب لم يتمه مؤلفه، وقد طبع عدّة طبعات[68].

3 - الإفادات والإنشادات: وهو كتاب لطيف الحجم يبدؤه المؤلف بإفادة يتبعها بإنشادة، وقد جمع فيه المؤلف طرفا وتحفا وملحا أدبية، وهو مطبوع بتحقيق أبي الأجفان[69].

4 - المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية [70]: نسبه إليه تلميذه المجاري باسم "شرح رجز ابن مالك"، وكذلك نسب إليه كتاب الموافقات، والاعتصام[71]، وأشار إليه أحمد بابا التنبكتي بقوله: "شرحه الجليل على الخلاصة في النحو في أسفار أربعة كبار لم يؤلف عليها مثله بحثًا وتحقيقًا فيما أعلم"[72].

وذكر الدكتور أبو الأجفان وجود نسخة من الكتاب بالخزانة الملكية بالرباط برقم (276)، وقال: ويقوم مركز البحوث بجامعة أم القرى بتحقيق هذا الشرح ونشره[73].

قلت: وقفت على مجلدين منه مطبوعين، حققهما الدكتور عيَّاد الثبيتي، ونشرتهما مكتبة دار التراث بمكة المكرّمة عام 1417هـ. تضمنا من النائب عن الفاعل إلى نهاية حروف الجر، وهو شرح حافل يدل على إمامة مؤلفه رحمه الله تعالى في فنّ العربية.

وقد بلغني أن الكتاب سيخرج كاملاً في وقت قريب إن شاء الله تعالى، ويقوم بالإشراف على إخراجه معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى[74].

5 - كتاب المجالس: شرح فيه كتاب البيوع من صحيح الإمام البخاري، ذكر ذلك أحمد بابا، وقال: "فيه من الفوائد والتحقيقات ما لا يعلمه إلا الله"[75].

6 - عنوان الاتفاق في علم الاشتقاق: نسبه إليه أحمد بابا، وإسماعيل باشا[76].

7 - أصول النحو: نسبه إليه - أيضا - أحمد بابا[77]، وقال عن الكتابين: "وقد ذكرهما معا في شرح الألفية، ورأيت في موضع آخر أنه أتلف الأول في حياته، وأن الثاني أُتلف أيضا"[78].

8 - وله فتاوى كثيرة:ذكر ذلك أحمد بابا[79]، وأورد طائفة منها الدكتور أبو الأجفان في مقدمة كتاب الإفادات والإنشادات، وكذلك في آخره[80]، وقد أوردها غيره من المتقدمين[81]، وجمعها أبو الأجفان باسم "فتاوى الإمام الشاطبي"[82].

وقد زاد الدكتور أبو الأجفان كتابا آخر بعنوان "شرح جليل على الخلاصة في النحو" عدّه كتابا، وعدّ "شرح رجز ابن مالك في النحو" كتابا آخر[83]، وتابعه على ذلك الشيخ مشهور بن حسن[84].

والذي يظهر لي - والله أعلم - أنه كتاب واحد، ذكره تلميذ أبي إسحاق الشاطبي بعنوان: "شرح رجز ابن مالك"[85]، وذكره أحمد بابا فلم يحدد اسمه بل قال: "شرح جليل علىالخلاصة في النحو"[86]، فظنهما الدكتور أبو الأجفان كتابين، وإنما هما كتاب واحد.

ويدل على هذا أن أحدًا من المتقدمين لم يذكر الكتابين معا[87].

ثم اطلعت بعد كتابة هذه الأسطر على مقدمة الدكتور عياد للمقاصد الشافية فوجدته قد سبقني إلى هذا التنبيه[88].

9 - مكانة الإمام أبي إسحاق الشاطبي في علوم القرآن الكريم وتفسيره: الإمام أبو إسحاق الشاطبي برزت مواهبه في أكثر من جانب من جوانب البحث العلمي، فهو فقيه، وأصولي، وعالم بمقالات الإسلاميين، ونحوي بارع، وما من فنّ من هذه الفنون، إلا وله فيه مؤلف يشهد بإمامته، عليه رحمة الله تعالى.

والإمام أبو إسحاق الشاطبي ليس باحثا تقليديا يعيد ما سبق إليه الأوائل، بل هو باحث مجدد ابتكر وأضاف[89].

إلا أن كتابات هذا الإمام لم يكن شيء منها في علوم القرآن، أو في تفسيره، في حدّ علمي، وأعني أنه لم يخص ذلك بمؤلف خاص.

وإنما تعرض لجانب التفسير وعلوم القرآن من خلال مؤلفاته فجاء في هذا الجانب بفوائد قد لا توجد عند المتخصصين، الذين وهبوا حياتهم لكتاب الله بحثًا في علومه وتفسيره.

ولأجل هذه المباحث القيمة - في علوم القرآن وتفسيره - وصفه علماء التراجم بالإمامة في ذلك، فقال أحمد بابا التنبكتي: "له القدم الراسخ والإمامة العظمى في الفنون فقها وأصولاً وتفسيرًا وحديثا، وعربية وغيرها"[90].

ووصفه محمد مخلوف بالفقيه الأصولي، المفسر المحدث[91].

وكذا قال عنه عمر رضا كحالة[92].

واستفاد من أبي إسحاق طائفةٌ من الباحثين المتأخرين[93] في تفسير القرآن وعلومه، وهذه شهادة لأبي إسحاق بمعرفته بهذا العلم الجليل. ومن هؤلاء الباحثين:

الدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي، في كتابه "بحوث في أصول التفسير ومناهجه"[94].

والدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، في كتابه "تفسير سورة العصر"[95].

والدكتور خالد بن عثمان السبت، في كتابه "قواعد التفسير جمعا ودراسة"[96].

والأستاذ مصطفى إبراهيم المشني، في كتابه "مدرسة التفسير في الأندلس"[97].

والدكتور عبد الوهاب فايد، في كتابه "منهج ابن عطية في تفسير القرآن الكريم"[98].

والدكتور محمد حسين الذهبي، في كتابه "التفسير والمفسرون"[99].

والدكتور محمد أشرف الملباري، في تحقيق "نواسخ القرآن" لابن الجوزي[100].

والدكتور سليمان اللاحم، في تحقيق "الناسخ والمنسوخ" لأبي جعفر النحاس[101].

والدكتور محمد بن صالح المديفر، في تحقيق "الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز" لأبي عبيد القاسم بن سلاَّم[102].

والدكتور شايع بن عبده الأسمري، في تحقيق "نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام" للإمام القصاب[103].

والدكتور رمزي نعناعة، في كتابه "بدع التفاسير في الماضي والحاضر"[104].

والدكتور عبد المجيد عبد السلام المحتسب، في كتابه "اتجاهات التفسير في العصر الراهن"[105].

والدكتور محمد الصادق عرجون، في كتابه "القرآن العظيم هدايته وإعجازه في أقوال المفسرين"[106].

والعلامة ابن عاشور في كتابه "التحرير والتنوير"[107].

وعلاّمة الشام في زمانه القاسمي، في كتابه "محاسن التأويل"[108].

والدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان، في كتابه "اختلاف المفسرين أسبابه وآثاره"[109].

والعلامة الشيخ عبد العظيم الزرقاني، في كتابه "مناهل العرفان"[110].

والعلامة الشيخ مناع القطان، في كتابه "مباحث في علوم القرآن"[111].

والخلاصة مما تقدم أن الإمام أبا إسحاق الشاطبي له مكانته في التفسير وعلوم القرآن؛ لما يلي:

1 - لما دونه في مؤلفاته من دقيق المباحث في هذا الجانب.

2 - لشهادة علماء التراجم له بالإمامة في جانب التفسير.

3 - لاعتماد طائفة من الباحثين في التفسير وعلوم القرآن على مؤلفات الإمام أبي إسحاق الشاطبي.

10 - شعر الإمام أبي إسحاق الشاطبي: بلاد الأندلس من البلاد التي اختصّها الله بالجمال في طبيعتها، فأثر ذلك في أبنائها الذين عاشوا على ترابها، وكذلك فيمن قدم إليها من بلاد أخرى، فقالوا الشعر من أعماق نفوسهم دونما تكلّف.

والإمام أبو إسحاق الشاطبي كان ممن ينظم الشعر، ولكن لم تمدنا المصادر بالكثير من نظمه[112]، الذي قال عنه عبد الوهاب بن منصور: "وله أشعار متوسطة مثل أشعار الفقهاء التي هي أنظام في الحقيقة"[113].

قلت: نقل أحمد بابا طائفة منها في كتابه نيل الابتهاج[114].

ومنها ما أورده أبو إسحاق الشاطبي في كتابه الإفادات والإنشادات في مدح الشفا لَمَّا طلب منه الوزير ابن زمرك ذلك فقال:

يا من سَمَا لمراقي المجد مَقْصَدُه
فَنَفْسُهُ بِنَفِيسِ العِلْمِ قد كَلف

هَذِي ريَاضٌ يروق العقلَ مخبَرُها
هي الشِّفا لنفوسِ الخلق إن دَنفت[115]

وكان ممن نظم في هذا الغرض جماعة من الأدباء، منهم أبو القاسم بن رضوان، وغيره[116].

إلا أن الإمام محمد بن العباس التلمساني[117]قد شهد لأبيات أبي إسحاق بأنها أحسن ما قيل في مدح الشفا[118].

11 - وفاة الإمام أبي إسحاق الشاطبي رحمه الله تعالى: قال تلميذه أبو عبد الله المجاري: وتوفي رحمه الله في شعبان عام تسعين وسبعمائة[119]. وكذلك قال أحمد بابا، إلا أنه زاد يوم الثلاثاء[120]. وتبعهما على ذكر سنة وفاته كل من جاء بعدهما ممن رأيت[121].

رحم الله تعالى أبا إسحاق الشاطبي وجمعنا به في مستقر رحمته ودار كرامته.


[8] لخم قبيلة عربية، أصلها من القحطانية من اليمن، ومنهم كانت ملوك العرب في الجاهلية، ومنهم من دخل بلاد الأندلس، ثم كان لبقاياهم ملك بإشبيلية من الأندلس، وهي دولة ابن عباد. انظر: صفة جزيرة العرب ص(271)، ولسان العرب (12/261/لخم)، ومعجم قبائل العرب (3/1011، 1012) (5/365).

قلت: وعلى هذا فالإمام الشاطبي عربي الأصل.

[9] انظر نيل الابتهاج ص (46)، وشجرة النور الزكية ص (231)، وإيضاح المكنون (2/127)، والأعلام (1/75)، ومعجم المؤلفين (1/118)، ودرة الحجال (1/182)، وفهرس الفهارس (1/191)، وبرنامج المجاري (1/116)، وأعلام المغرب العربي (1/132).

[10] مدينة في شرقي الأندلس، وشرقي قرطبة، خرج منها خلق من الفضلاء. انظر: معجم البلدان (3/351).

[11] غَرْنَاطة: بفتح الأول وسكون الثاني، ومعنى غرناطة رمَّانة بلسان عجم الأندلس، وهي أقدم مدن كورة البيرة من أعمال الأندلس، وأعظمها وأحسنها وأحصنها. انظر معجم البلدان (4/221).

[12] انظر: فتاوى الإمام الشاطبي، ص (32).

[13] الاعتصام (1/31).

[14] انظر دارسة الدكتور أبي الأجفان لكتاب الإفادات والإنشادات، ص (20 - 26).

[15] انظر ترجمته في نفح الطيب (5/355)، وبغية الوعاة (1/174).

[16] انظر ترجمته في نيل الابتهاج، ص (47)، وبغية الوعاة (1/39)، ونفح الطيب (5/189).

[17] انظر: نيل الابتهاج ص (255).

[18] انظر ترجمته في برنامج المجاري، ص (119 - 121)، والإحاطة (2/191)، ونفح الطيب (5/203).

[19] انظر ترجمته في بغية الوعاة (2/243)، ونفح الطيب (5/509).

[20] انظر ترجمته في الإحاطة (3/103).

[21] انظر ترجمته في برنامج المجاري، ص (119).

[22] انظر ترجمته في الإحاطة (3/38)، وبغية الوعاة (1/191).

[23] انظر ترجمته في برنامج المجاري ص (125).

[24] انظر ترجمته في نيل الابتهاج، ص (72).

[25] انظر ترجمته في برنامج المجاري، ص (104)، ونفح الطيب (2/694 - 5/513، 429).

[26] نيل الابتهاج، ص (47، 48).

[27] انظر ترجمته في نفح الطيب (6/148).

[28] انظر ترجمته في نفح الطيب (5/19).

[29] انظر ترجمته في نيل الابتهاج، ص (308).

[30] نيل الابتهاج ص (49).

[31] انظر ترجمته في مقدمة أبي الأجفان لبرنامج المجاري ص (32)، وانظر برنامج المجاري، ص (116).

[32] انظر ترجمته في المرجع السابق، ص (76).

[33] انظر الإفادات والإنشادات، ص (27).

[34] انظر نيل الابتهاج، ص (46)، وشجرة النور، ص (231).

[35] انظر الأعلام (1/75)، ومعجم المؤلفين (1/118).

[36] انظر من الموافقات - مثلاً - (3/16، 50، 59، 77، 126، 158، 195، 201، 204، 260، 265، 269).

[37] انظر مقدمة أبي الأجفان لكتاب الإفادات والإنشادات، ص (46).

[38] الموافقات (2/194).

[39] سورة النحل، الآية: 50.

[40] سورة الملك، الآية: 16.

[41] الموافقات (4/155).

[42] المصدر نفسه (4/274).

[43] انظر مقدمة الدكتور أبي الأجفان لكتاب الإفادات والإنشادات، ص (34).

[44] كما ثبت ذلك في الحديث: "من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه".

[45] سمّاه ((الاعتصام)) وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله تعالى في مؤلفات الإمام الشاطبي.

[46] الاعتصام (1/39).

[47] نيل الابتهاج ص (47).

[48] انظر الاعتصام (1/35 - 39).

[49] انظر نفح الطيب (2/161). ثم انظر سير أعلام النبلاء (23/48، 49).

[50] انظر نفح الطيب (7/279).

[51] درة الحجال (1/182).

[52] برنامج المجاري، ص (116).

[53] سَني-ا: معناه رفيع القدر والمنزلة. انظر لسان العرب (6/405) ((سنا))

[54] نيل الابتهاج، ص (46، 47).

[55] انظر شجرة النور الزكية، ص (231).

[56] انظر الأعلام (1/75)، ومعجم المؤلفين (1/118)، وفهرس الفهارس (1/191).

[57] انظر نيل الابتهاج، ص (48).

[58] انظر الموافقات (1/10).

[59] انظر المصدر نفسه (1/10، 11).

[60] انظر بعض ما قيل فيه - نظم-ا - في مقدمة كتاب الإفادات والإنشادات، ص (31) وانظر ثناء أحمد بابا عليه في نيل الابتهاج، ص (48).

[61] انظر مناظرات في أصول الشريعة، ص (513).

[62] انظر الموافقات (1/36) مقدمة مشهور حسن.

[63] انظر المرجع السابق (1/33) مقدمة مشهور حسن.

[64] انظر مقدمة الإفادات والإنشادات، ص (31).

[65] انظر الموافقات (1/57) مقدمة مشهور حسن.

[66] انظر نيل الابتهاج، ص (48).

[67] وأمامي الآن مجموعة كتب في هذا الشأن أعظمها ((حقيقة البدعة وأحكامها)) لسعيد بن ناصر الغامدي، وأصغرها ((البدعة وأثرها السيء في الأمة)) لسليم الهلالي.

[68] انظر الموافقات (1/29، 30) مقدمة مشهور حسن.

[69] يقع مع مقدمة المحقق في (238 صفحة)، ونشرته مؤسسة الرسالة عام 1403ه-.

[70] انظر مقدمة الدكتور عياد الثبيتي لتحقيق الكتاب (1/ط، ي).

[71] انظر برنامج المُجاري، ص (118).

[72] نيل الابتهاج، ص (48).

[73] انظر مقدمة الدكتور أبي الأجفان لكتاب الإفادات والإنشادات، ص (28).

[74] هاتفت مكتبة إحياء التراث بجامعة أم القرى للحصول على نسخة مخطوطة من الكتاب فأخبرني بعض القائمين عليها بما ذكرت، واعتذر بأن جميع النسخ أخذها المحققون للكتاب.

[75] نيل الابتهاج، ص (48).

[76] انظر المرجع السابق، ص (48)، وإيضاح المكنون (2/127).

[77] انظر نيل الابتهاج، ص (48، 49).

[78] انظر المرجع السابق، ص (49).

[79] انظر المرجع السابق (49).

[80] انظر ص (46 - 52) (176 - 178).

[81] انظر المعيار (1/26، 29، 278، 327) (2/292، 468، 511، 512)
(4/140، 205).

[82] والكتاب يقع في (256) صفحة وطبع بمطبعة الكواكب بتونس.

[83] انظر مقدمة كتاب الإفادات والإنشادات ص (27، 28).

[84] انظر الموافقات (6/26).

[85] انظر برنامج المجاري، ص (118).

[86] انظر نيل الابتهاج، ص (48).

[87] وذكر الزركلي في الأعلام (1/75) أن في خزانة الرباط مخطوطة منسوبة إليه بعنوان ((الجمان في مختصر أخبار الزمان)) ولم أوردها في الأصل؛ لأن الزركلي لم يقطع بنسبتها إليه، ولم يذكرها أحد من المتقدمين.

وذكر عبد الوهاب بن منصور أن له رسالة في الأدب. انظر أعلام المغرب العربي (1/133) ولم يذكر عنوانها ولم ينسب مرجعه في ذلك فأعرضت عن ذكرها في الأصل.

[88] انظر: المقاصد الشافية (1/و، ي).

[89] انظر (المجددون) في الإسلام للصعيدي، ص (307 - 312).

[90] نيل الابتهاج، ص (47).

[91] انظر شجرة النور الزكية، ص (231).

[92] انظر معجم المؤلفين (1/118).

[93] ولا يبعد أن من المتقدمين من استفاد منه، إلا أنني لم أقف حتى الآن على أحد.

وقد ذكر الشيخ عبد الله محمد دراز السبب في عدم تداول العلماء أعظم كتاب للإمام أبي إسحاق الشاطبي، وهو كتاب الموافقات. انظر الموافقات (1/ 11) طبع دار المعرفة.

[94] انظر منه، ص (19، 20) الأصل والحاشية.

[95] انظر منه، ص (6).

[96] انظر منه، ص (1/40، 41) الأصل والحاشية.

[97] انظر منه، ص (144، 145).

[98] انظر منه، ص (186).

[99] انظر منه (1/34، 60، 74) الأصل والحاشية.

[100] انظر منه، ص (92) الأصل والحاشية.

[101] انظر منه (1/103، 104، 109).

[102] انظر منه، ص (54).

[103] انظر منه (268، 269) الحاشية.

[104] انظر منه، ص (79، 80).

[105] انظر منه، ص (297).

[106] انظر منه، ص (260).

[107] في أكثر من موطن منها في (1/40، 44).

[108] انظر منه (1/71، 73، 107).

[109] انظر منه، ص (134).

[110] انظر منه (2/61).

[111] انظر منه، ص (315).

[112] انظر مقدمة الإفادات والإنشادات، ص (33).

[113] انظر أعلام المغرب العربي (1/133).

[114] انظر، ص (49).

[115] انظر: الإفادات والإنشادات، ص (150 - 152).

[116] انظر أزهار الرياض (4/296 - 302).

[117] محمد بن العباس بن محمد بن عيسى العبادي التلمساني، فقيه نحوي، كان شيخ شيوخ وقته في تلمسان. ت: 871ه-. انظر الضوء اللامع (7/278)، وشجرة النور، ص (264)، والأعلام (6/183).

[118] انظر: نيل الابتهاج، ص (49).

[119] برنامج المجاري، ص (122).

[120] انظر نيل الابتهاج، ص (49).

[121] انظر شجرة النور الزكية، ص (231)، والأعلام (1/75)، ومعجم المؤلفين (1/118)، وأعلام المغرب العربي (1/134).
منقول عن المنتدى المغربي للقرآن و التواريخ و الأحداث موافقة لما جاء في مقدمة كتاب الموافقات للشاطبي
 

أم ضا

مزمار جديد
30 ديسمبر 2009
2
0
0
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: ترجمة الإمام الشاطبي

المعدرة فنحن لانتكلم عن نفس الشاطبي و أنتم محقون فيما دكرتم عن أبي القاسم بن فيرة الرعيني
عدرا مرة ولعل الترجمة التي أدرجت للشاطبي صاحب المافقات و مؤسس علم المقاصد الشرعية تشفع لي عندكم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
 

أم المحتسبات

مزمار فعّال
28 ديسمبر 2009
97
1
0
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: ترجمة الإمام الشاطبي

(بسم الل)

بارك الله فيكى أختى الفاضلة لقوتك فى الرجوع عن ما كتبتى

لاختلاف الشيخين وهما :

1- مؤلف الشاطبية فى القراءات السبع وهو : القاسم بن فِيـرُّة بن خلف بن أحمد الشاطبي الرُّعيني

الأندلسي الضرير.


2- مؤلف الموافقات وهو :الإمام إبراهيم بن موسى بن محمد ، أبو إسحاق،

الشهير بالشاطبي

وجزى الله أخونا صاحب الموضوع على ما قدمه وجزاكى الله أختى على الترجمة عاليه

وجعـلنا الله وإياكى ممن يرد الحق لأصحابه
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد

كمال المروش

مشرف سابق
2 يوليو 2006
8,187
128
63
الجنس
ذكر
رد: ترجمة الإمام الشاطبي

بارك الله فيك شيخ محمد
رحم الله هذا الامام الهمام ولنا في اسوة حسنة وجزاه الله عنا خير الجزاء
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع