إعلانات المنتدى


أثر القراءات على علم التفسير

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الواحدة والعشرون


{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ ٱلْفَٰسِقِينَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

وقُرئَ: { يُضِلُّ به كثيرٌ ويُهْدىٰ به كثيرٌ، وما يُضَلُّ به إلا الفاسقُون } بالبناء للمفعول، وقُرئَ أيضاً: { يَضِلُّ به كثيرٌ ويَهْدي به كثيرٌ، وما يَضِلُّ بِه إلا الفاسقون } بالبناء للفاعل، قال بعضهم: " وهي قراءة القَدَرِيَّة " قلت: نقل ابنُ عطية عن أبي عمرو الداني أنها قراءةُ المعتزلة، ثم قال: " وابنُ أبي عَبْلة مِنْ ثِقات الشاميّين " يعني قارئها، وفي الجملة فهي مخالفةٌ لسواد المصحف
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الثانية والعشرون


{ حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ }


قال السمين الحلبى فى الدر المصون

قوله: { كُذِبُواْ } قرأ الكوفيون " كُذِبوا " بالتخفيف والباقون بالتثقيل. فأمَّا قراءةُ التخفيف فاضطربت أقوالُ الناسِ فيها، ورُوي إنكارها عن عائشة رضي الله عنها قالت: " معاذَ اللَّه لم يكنِ الرسلُ لِتَظُنُّ ذلك بربها " وهذا ينبغي أن لا يَصِحَّ عنها لتواتُرِ هذه القراءة.

وقد وَجَّهها الناسُ بأربعة أوجه،

أجودُها: أن الضميرَ في " وظنُّوا " عائدٌ على المُرْسَل إليهم لتقدُّمهم في قوله:
{ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ }
[يوسف: 109]، ولأن الرسلَ تَسْتدعي مُرْسَلاً إليه. والضمير في " أنهم " و " كُذِبوا " عائد على الرسل، أي: وظنَّ المُرْسَل إليهم أنَّ الرسَلَ قد كُذِبوا، أي: كذَّبهم مَنْ أُرْسِلوا إليه بالوحي وبنصرهم عليهم.

الثاني: أنَّ الضمائرَ الثلاثةَ عائدة على الرسل. قال الزمخشري في تقرير هذا الوجه " حتى إذا اسْتَيْئَسوا من النصر وظنُّوا أنهم قد كُذِبوا، أي: كَذَّبَهم أنفسُهم حين حَدَّثَتْهم أنهم يُنْصَرون أو رجاؤُهم لقولهم رجاءٌ صادق ورجاءٌ كاذب، والمعنىٰ: أن مدَّة التكذيب والعداوةِ من الكفار، وانتظارَ النصر من اللَّه وتأميلَه قد تطاولت عليهم وتمادَتْ، حتىٰ استشعروا القُنوط، وتَوَهَّموا ألاَّ نَصْرَ لهم في الدنيا فجاءهم نَصْرُنا " انتهىٰ/ فقد جعل الفاعلَ المقدر: إمَّا أنفسُهم، وإمَّا رجاؤُهم، وجعل الظنَّ بمعنى التوهم فأخرجه عن معناه الأصلي وهو تَرَجُّحُ أحدِ الطرفين، وعن مجازه وهو استعمالُه في المُتَيَقَّن.

الثالث: أنَّ الضمائرَ كلَّها أيضاً عائدة على الرسل، والظنُّ على بابه من الترجيح، وإلى هذا نحا ابن عباس وابن مسعود وابن جبير، قالوا: والرسل بَشَرٌ فَضَعُفوا وساءَ ظَنُّهم، وهذا ينبغي ألاَّ يَصِحَّ عن هؤلاء فإنها عبارة غليظة على الأنبياء عليهم السلام، وحاشىٰ الأنبياء من ذلك، ولذلك رَدَّتْ عائشة وجماعةُ كثيرة هذا التأويلَ، وأعظموا أن تُنْسَبَ الأنبياء إلى شيء مِن ذلك

قال الزمخشري: " إن صَحَّ هذا عن ابن عباس فقد أراد بالظنِّ ما يَخْطِر بالبال ويَهْجِس في القلب مِنْ شبه الوسوسة وحديث النفس على ما عليه البشرية، وأمَّا الظنُّ الذي هو ترجيحُ أحدِ الجائزين على الآخر فغير جائز على رجلٍ من المسلمين، فما بالُ رسلِ اللَّه الذين هم أعرفُ بربهم؟ " قلت: ولا يجوز أيضاً أن يقال: خَطَر ببالهم شبهُ الوسوسة؛ فإنَّ الوسوسة من الشيطان وهم مَعْصومون منه.

وقال الفارسي أيضا: " إنْ ذهب ذاهب إلى أن المعنىٰ: ظنَّ الرسلُ الذين وعد اللَّه أمَمَهم على لسانهم قد كُذِبوا فيه فقد أتى عظيماً [لا يجوزُ أَنْ يُنْسَبُ مثلُه] إلى الأنبياء ولا إلى صالحي عبادِ اللَّه، وكذلك مَنْ زعم أنَّ ابنَ عباس ذهب إلى أن الرسل قد ضَعُفوا فظنوا أنهم قد أُخْلفوا؛ لأن اللَّه تعالى لا يُخْلف الميعاد ولا مُبَدِّل لكلماته ". وقد روي عن ابن عباس أيضاً أنه قال: " معناه وظنُّوا حين ضَعُفوا وغُلبوا أنهم قد أُخْلفوا ما وعدهم اللَّه به من النصر وقال: كانوا بشراً وتلا قوله تعالى:
{ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ }
[البقرة: 214].

الرابع: أن الضمائر كلَّها تَرْجِعُ إلى المرسَل إليهم، أي: وظَنَّ المُرْسَلُ إليهم أنَّ الرسلَ قد كَذبوهم فيما ادَّعوه من النبوَّة وفيما يُوْعِدون به مَنْ لم يؤمنْ بهم من العقاب قبلُ، وهذا هو المشهور من تأويل ابن عباس وابن مسعود وابن جبير ومجاهد قالوا: ولا يجوز عَوْدُ الضمائر على الرسل لأنهم مَعْصومون. ويُحكى أن ابن جبير حين سُئِل عنها قال: نعم إذا استيئسَ الرسل من قومهم أن يُصَدِّقوهم، وظنَّ المُرْسَلُ إليهم أنَّ الرسلَ قد كَذَبوهم " فقال الضحاك بن مزاحم وكان حاضِراً: " لو رَحَلْتُ في هذه إلى اليمن كان قليلاً ".

وأمَّا قراءةُ التشديدِ فواضحة وهو أن تعودَ الضمائرُ كلها على الرسل، أي: وظنَّ الرسلُ أنهم قد كَذَّبهم أممُهم فيما جاؤوا به لطول البلاءِ عليهم، وفي صحيح البخاري عن عائشة: " أنها قالت: هم أتباعُ الأنبياءِ الذي آمنوا بهم وصَدَّقوا طال عليهم البلاءُ واستأخر عنهم النصرُ حتى إذا استيئس الرسلُ ممَّن كذَّبهم مِنْ قومهم، وظنَّتْ الرسلُ أن قومَهم قد كَذَّبوهم جاءهم نَصْرُ اللَّهِ عند ذلك ". قلت: وبهذا يَتَّحد معنىٰ القراءتين، والظنُّ هنا يجوز أن يكون على بابه، وأن يكونَ بمعنى اليقين وأن يكونَ بمعنى التوهُّم حسبما تقدَّم.

وقرأ ابن عباس والضحاك ومجاهد " كَذَبوا " بالتخفيف مبنياً للفاعل، والضمير علىٰ هذه القراءة في " ظنُّوا " عائد على الأمم وفي { أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ } عائدٌ على الرسل، أي: ظنَّ المُرْسَلُ إليهم أنَّ الرسلَ قد كَذَبوهم فيما وعدوهم به من النصر أو من العقاب، ويجوز أن يعودَ الضميرُ في " ظنُّوا " على الرسل وفي { أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ } على المُرْسَل [إليهم]، أي: وظنَّ الرسلُ أن الأممَ كَذَبَتْهم فيما وعدوهم به مِنْ أنَّهم يؤمنون به، والظنُّ هنا بمعنى اليقين واضح.

ونقل أبو البقاء أنه قُرِىء مشدَّداً مبنياً للفاعل، وأوَّلَه بأنَّ الرسل ظنُّوا أن الأمم قد كذَّبوهم. وقال الزمخشري: ـ بعد ما حكىٰ قراءة المبني للفاعل ـ " ولو قرىء بهذا مشدَّداً لكان معناه: وظنَّ الرسلُ أنَّ قومَهم كذَّبوهم في موعدهم " فلم يحفظها قراءةً وهي غريبة، وكان قد جَوَّز في القراءة المتقدمة أنَّ الضمائر كلَّها تعود على الرسل، وأن يعودَ الأولُ على المُرْسَل إليهم وما بعده على الرسل فقال: " وقرأ مجاهد " كَذَبوا " بالتخفيف على البناء للفاعل على: وظنَّ الرسلُ أنهم قد كَذَبوا فيما حَدَّثوا به قومهم من النُّصْرة: إمَّا على تأويل ابن عباس، وإمَّا على أنَّ قومهم إذا لم يَرَوا لموعدهم أثراً قالوا لهم: قد كَذَبْتُمونا فيكونون كاذبين عند قومهم أو: وظنَّ المُرْسَلُ إليهم أن الرسلَ قد كَذَبوا ".
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الثالثة والعشرون


{ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }

قال الامام القرطبى فى التفسير

وقرأ الجمهور «يُسْرِف» بالياء، يريد الولي، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي «تسرف» بالتاء من فوق، وهي قراءة حُذيفة. وروى العلاء بن عبد الكريم عن مجاهد قال: هو للقاتل الأوّل، والمعنى عندنا فلا تسرف أيها القاتل. وقال الطبريّ: هو على معنى الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم والأئمة من بعده. أي لا تقتلوا غير القاتل
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الرابعة والعشرون



{ وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }

قال الامام القرطبى فى تفسيره

وقراءة الجماعة «يَعْدُون»
. وقرأ أبو نَهِيك «يُعِدّون» بضم الياء وكسر العين وشد الدال. الأُولى من الاعتداء والثانية من الإعداد؛ أي يهيئون الآلة لأخذها.انتهى

 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الخامسة والعشرون

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

قال الامام ابوحيان فى البحر المحيط

وقرأ قتادة فيما نقل المهدوي وابن عطية والتبريزي وغيرهم: فأقيلوا أنفسكم وقال الثعلبي: قرأ قتادة: فاقتالوا أنفسكم. فأما فأقيلوا، فهو أمر من الإقالة، وكأنّ المعنى: أن أنفسكم قد تورطت في عذاب الله بهذا الفعل العظيم الذي تعاطيتموه من عبادة العجل، وقد هلكت فأقيلوها بالتوبة والتزام الطاعة، وأزيلوا آثار تلك المعاصي بإظهار الطاعات
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة السادسة والعشرون


{ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَٰكُمْ فَأَثَـٰبَكُمْ غَمّاًً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَـٰبَكُمْ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

قال سيدى الامام القرطبى فى تفسيره

وقراءة العامة «تُصْعِدُونَ» بضم التاء وكسر العين. وقرأ أبو رجاء العطارِدِيّ وأبو عبد الرّحمن السلمي والحسن وقتادة بفتح التاء والعين، يعني تصعدون الجبل. وقرأ ابن مُحَيْصِن وشِبْل «إذ يصعدون ولا يلوون» بالياء فيهما. وقرأ الحسن «تَلُون» بواو واحدة. وروي أبو بكر بن عيّاش عن عصام «وَلاَ تلوون» بضم التاء؛ وهي لغة شاذة ذكرها النحاس. وقال أبو حاتم: أصعدت إذا مضيت حيال وجهك، وصعِدت إذا ٱرتقيت في جبل أو غيره. فالإصعاد: السير في مستوٍ من الأرض وبطون الأودية والشِّعاب. والصعود: الارتفاع على الجبال والسطوح والسَّلالِيم والدَّرَج. فيحتمل أن يكون صعودهم في الجبل بعد إصعادهم في الوادي؛ فيصح المعنى على قراءة «تُصْعِدون» و «تَصْعَدون». قال قتادة والربيع: أصعدوا يوم أحُد في الوادي. وقراءة أُبَيّ «إذ تُصعِدون في الوادي». قال ابن عباس: صعِدوا في أحُد فراراً. فكلتا القراءتين صواب: كان يومئذ من المنهزمين مُصْعد وصاعد، والله أعلم
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة السابعة والعشرون


{ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ
أحَدٍ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَٰكُمْ فَأَثَـٰبَكُمْ غَمّاًً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَـٰبَكُمْ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط

وقرأ حميد بن قيسعلى أُحُدبضم الهمزة والحاء، وهو الجبل

قال ابن عطية: والقراءة الشهيرة أقوى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على الجبل إلا بعد ما فرّ الناس عنه، وهذه الحال من إصعادهم إنما كانت وهو يدعوهم انتهى.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الثامنة والعشرون


{ فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ }

قال الامام ابو حيان فى البحر المحيط


وقرأ يعقوب: ننجيك مخففاً مضارع أنجى. وقرأ أبيّ، وابن السميقع، ويزيد البربري:
ننحيك بالحاء المهملة من التنحية. ورويت عن ابن مسعود أي: نلقيك بناحية مما يلي البحر..

لمن خلفك لمن وراءك علامة وهم بنو إسرائيل، وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأناً من أن يغرق، وكان مطرحه على ممر بني إسرائيل حتى قيل لمن خلفك آية. وقيل: لمن يأتي بعدك من القرون، وقيل: لمن بقي من قبط مصر وغيرهم. وقرىء: لمن خلفك بفتح اللام أي: من الجبابرة والفراعنة ليتعظوا بذلك، ويحذروا أن يصيبهم ما أصابك إذا فعلوا فعلك. ومعنى كونه آية: أن يظهر للناس عبوديته ومهانته، أو ليكون عبرة يعتبر بها الأمم. وقرأت فرقة: لمن خلقك من الخلق وهو الله تعالى أي: ليجعلك الله آية له في عباده. وقيل: المعنى ليكون طرحك على الساحل وحدك، وتمييزك من بين المغرقين لئلا يشتبه على الناس أمرك، ولئلا يقولوا لادعائك العظمة: إنَّ مثله لا يغرق ولا يموت، آية من آيات الله التي لا يقدر عليها غيره، وإنَّ كثيراً من الناس ظاهره الناس كافة، قاله الحسن. وقال مقاتل: من أهل مكة عن آياتنا أي: العلامات الدالة على الوحدانية وغيرها من صفنات العلى، لغافلون لا يتدبرون، وهذا خبر في ضمنه توعد.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة التاسعة والعشرون


{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ }


قال سيدى القرطبى فى تفسيره

قوله تعالى: { وَقَالُواْ } يعني اليهود «قُلُوبُنَا غُلْفٌ» بسكون اللام جمع أغلف؛ أي عليها أغطية. وهو مثل قوله:​

{ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ }
[فصلت: 55] أي في أوْعية. قال مجاهد: { غُلْفٌ } عليها غشاوة. وقال عكرمة: عليها طابع. وحكى أهل اللغة غَلّفت السيف جعلت له غلافاً؛ فَقَلْبٌ أغلف، أي مستور عن الفهم والتمييز. وقرأ ٱبن عباس والأعرج وٱبن مُحَيْصِن «غُلُف» بضم اللام. قال ٱبن عباس: أي قلوبنا ممتلئة علماً لا تحتاج إلى علم محمد صلى الله عليه وسلم ولا غيره. وقيل: هو جمع غِلاف؛ مثل خِمار وخُمُر؛ أي قلوبنا أوعية للعلم فما بالها لا تفهم عنك وقد وَعَينا علما كثيرا! وقيل: المعنى فكيف يعزب عنها علم محمد صلى الله عليه وسلم. فردّ الله تعالى عليهم بقوله: { بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ }
 

saeed

مزمار فعّال
21 يونيو 2007
288
2
18
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الله يفتح عليك اخي الكريم وزادك
[h=5]بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ[/h][h=5][/h]
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الله يفتح عليك اخي الكريم وزادك

بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ

بارك الله فيك أشكرك على المرور العطر

الجوهرة الثلاثون

{ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

وقرأ ابن عامر - ويُعْزَى لابن عباس - مُوَلاَّها على اسمِ المفعول، وفيه ضميرٌ مرفوعٌ قائمٌ مقامَ الفاعلِ، والثاني هو الضميرُ المتصلُ به وهو " ها " العائدُ على الوجهة، وقيل: على التوليةِ ذكره أبو البقاء، وعلى هذه القراءةِ بتعيَّن عَوْدُ " هو " إلى الفريق، إذ يَسْتَحِيلُ في المعنى عَوْدُه على الله تعالى،
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الواحدة والثلاثون

{ بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون

قوله: { فَيَكُونُ } الجمهورُ على رفعه، وفيه ثلاثةُ أوجه،

أحدُها: أن يكونَ مستأنفاً أي خَبَراً لمبتدأ محذوفٍ أي: فهو يكونُ، ويُعزْى لسيبويه، وبه قال الزجاج في أحدِ قولَيْه.


والثاني: أَنْ يكونَ معطوفاً على " يقولُ " وهو قول الزجاج والطبري. وردَّ ابن عطية هذا القولَ وجعله خطأً من جهةِ المعنى؛ لأنَّه يَقْتضي أنَّ القولَ مع التكوينِ والوجودِ " انتهى. يعني أنَّ الأمرَ قديمٌ والتكوينَ حادثُ فكيف يُعْطَفُ عليه بما يقتضي تعقيبَه له؟ وهذا الردُّ إنما يلزم إذا قيل بأنَّ الأمرَ حقيقةٌ، أمَّا إذا قيل بأنَّه على سبيلِ التمثيل - وهو الأصحُّ - فلا، ومثلُه قولُ أبي النجم:
696 ـ إذا قالَتِ الأَنْسَاعُ للبَطْنِ الحَقي

الثالث:
أن يكونَ معطوفاً على " كُنْ " من حيثُ المعنى، وهو قولُ الفارسي، وضَعَّفَ أن يكونَ عطفاً على " يقولُ " ، لأنَّ من المواضعِ ما ليس فيه " يقولُ " كالموضع الثاني في آل عمران، وهو:

{ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }
[آل عمران: 59]، ولم يَرَ عطفَه على " قال " من حيث إنه مضارعٌ فلا يُعْطَف على ماضٍ فَأَوْرد على نفسه:697 ـ ولقد أَمُرُّ على اللئيمِ يَسُبُّني فَمَضَيْتُ ثُمَّتَ قُلْتُ لا يَعْنِينيفقال: " أَمُرُّ بمعنى مَرَرْت. قال بعضُهم: " ويكون في هذه الآيةِ - يعني في آيةِ آل عمران - بمعنى كان فَلْيَجُزْ عَطْفُه على " قال ".

وقَرأَ ابن عامر/ " فيكونَ " نصبأ هنا وفي الأول من آل عمران، وهي:
{ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وَيُعَلِّمُهُ }
[آل عمران: 47]، تحرُّزاً من قوله:
{ كُن فَيَكُونُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ }
[آل عمران: 59] وفي مريم:
{ كُن فَيَكُونُ وَإِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي }
[مريم: 35]، وفي غافر:
{ كُن فيَكُونُ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ }
[غافر: 68]، ووافقه الكسائي على ما في النحل ويس وهي:
{ أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }
[يس: 82]. أمَّا آيتا النحلِ ويس فظاهِرتان لأنَّ قبلَ الفعل منصوباً يَصِحُّ عطفُه عليه وسيأتي.

وأمَّا ما انفرَدَ به ابنُ عامر في هذه المواضع الأربعة فقد اضطرب كلامُ الناس فيها وهي لعمري تحتاج إلى فضل نظر وتأمل، ولذلك تجرَّأ بعض الناس على هذا الإِمام الكبيرِ،

فقال ابن مجاهد: " قرأ ابن عامر " فيكونَ " نصباً وهذا غيرُ جائز في العربية؛ لأنه لا يكونُ الجواب هنا للأمر بالفاء إلا في يس والنحل، فإنه نَسَقٌ لا جوابٌ " ، وقال في آل عمران: " قرأ ابن عامر وحدَه: " كن فيكونَ " بالنصب وهو وهمٌ " قال: " وقال هشام: كان أيوبُ بن تميم يقرأُ: فيكونُ نصباً ثم رَجَع فقرأ: فيكونُ رفعاً " ، وقال الزجاج: " كن فيكونُ: رفعٌ لا غيرُ ".


وأكثرُ ما أَجابوا بأنَّ هذا مِمَّا رُوعي فيه ظاهرُ اللفظ من غير نظر للمعنى، يريدون أنه قد وُجِد في اللفظ صورةُ أمر فنَصَبْنا في جوابه بالفاء، وأمّا إذا نظرنا إلى جانب المعنى فإن ذلك لا يَصِحُّ لوجهين،

أحدهما: أنَّ هذا وإن كان بلفظ الأمر فمعناه الخبرُ نحو:

{ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ }
[مريم: 75] أي: فَيَمُدُّ، وإذا كان معناه الخبرَ لم ينتصِبْ في جوابِه بالفاء إلا ضرورةً كقوله:698 ـ سَأَتْرُك منزلي لبني تميمٍ وأَلحَقُ بالحجازِ فأستريحاوقول الآخر:699 ـ لنا هَضْبةٌ لا يَنْزِلُ الذلُّ وَسْطَها ويَأْوي إليها المُسْتجيرُ فَيُعْصَماوالثاني: أنَّ مِنْ شرطِ النصبِ بالفاءِ في جوابِ الأمرِ أَنْ يَنْعَقِدَ منهما شرطٌ وجزاءٌ نحو: " ائتني فأكرمك " تقديرُه: إنْ أتيتني أكرمتُك، وههنا لا يَصِحُّ ذلك إذ يَصيرُ التقديرُ: إنْ تَكُنْ تَكُنْ، فيتَّحِدُ فعلا الشرطِ والجزاءِ معنىً وفاعلاً، وقد عَلِمْت أنه لا بُدَّ من تغايرِهما وإلاَّ يلزمْ أن يكونَ الشيءُ شرطاً لنفسه وهو مُحال. قالوا: والمعاملةُ اللفظية واردةُ في كلامهم نحو:
{ قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ }
[إبراهيم: 31]
{ قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ }
[الجاثية: 14] وقال عمر ابن أبي ربيعة:700 ـ فَقُلْتُ لجَنَّادٍ خُذِ السيفَ واشتَمِلْ عليه برفقٍ وارْقُبِ الشمسِ تَغْرُبِوأَسْرِجْ لي الدَّهْماءَ واذهَبْ بمِمْطَري ولا يَعْلَمَنْ خلقٌ من الناسِ مَذْهَبيفجعل " تَغْرُبِ " جواباً " ارقب " وهو غير مترتِّب عليه، وكذلك لا يلزمُ من قوله [تعالى] أَنْ يفعلوا، وإنما ذلك مراعاةً لجانبِ اللفظِ.

أمَّا ما ذكروه في بيتِ عمر فصحيحُ، وأمَّا الآياتُ فلا نُسَلِّم أنه غيرُ مترتِّبٍ [عليه]، لأنه أرادَ بالعبادِ الخُلَّصَ، ولذلك أضافهم إليه، أو تقولُ إن الجزمَ على حَذْفِ لأمِ الأمر وسيأتي تحقيقهُ في موضعه. وقال الشيخ جمال الدين بنُ مالك: " إنَّ " أَنْ " الناصبةَ قد تُضْمر بعد الحَصْر بإنما اختياراً وحكاه عن بعض الكوفيين، قال: " وحَكَوْا عن العرب: " إنما هي ضربةٌ من الأسدِ فَتَحْطِمَ ظهرَه " بنصبِ " تَحْطِمَ " فعلى هذا يكون النصبُ في قراءة ابن عامر محمولاً على ذلك، إلا أنَّ هذا الذي نَصَبوه دليلاً لا دليلَ فيه لاحتمالِ أَنْ يكونَ من بابِ العطفِ على الاسمِ، تقديرُه: إنما هي ضربةٌ فَحَطْم، كقوله:701 ـ لَلُبْسُ عباءةٍ وتَقَرَّ عيني أَحَبُّ إليَّ من لُبْسِ الشُّفُوفِوهذا نهايةُ القول في هذه الآية.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الثانية والثلاثون

{ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون


وقرأ ابنُ عباس ومحمد بن علي وجعفر بن محمد والحسن و......، { مِّن كُلِّ } منونةً. وفي " ما " على هذه القراءة وجهان،

أحدُهما: أنها نافية، وبه بدأ الزمخشري فقال: " وما سأَلْتُموه نفيٌ، ومحلُّه النصبُ على الحال، أي: آتاكم من جميعِ ذلك غيرَ سائِلية ". قلت: ويكون المفعولُ الثاني هو الجارِّ مِنْ قوله " مِنْ كُلٍ " ، كقوله:

{ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ }
[النمل: 23].

والثاني: أنها موصولةٌ بمعنى الذي، هي المفعول الثاني لآتاكم. وهذا التخريجُ الثاني أَوْلَى، لأنَّ في الأول منافاةً في الظاهر لقراءةِ العامَّة
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الثالثة والثلاثون

{ لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

قال الامام القرطبى فى تفسيره


وكان أصحاب عبد الله بن مسعود يقرؤونها: ريبة في قلوبهم ولو تقطعت قلوبهم.
وقرأ الحسن ويعقوب وأبو حاتم​
«إلى أن تقطع» على الغاية أي لا يزالون في شك منه إلى أن يموتوا فيستيقنوا ويتبينوا. واختلف القراء في قوله «تَقَطّع»
فالجمهور «تُقَطَّعَ» بضم التاء وفتح القاف وشد الطاء على الفعل المجهول​
.
وقرأ ٱبن عامر وحمزة وحفص ويعقوب كذلك إلا أنهم فتحوا التاء​
. وروي عن يعقوب وأبي عبد الرحمن «تُقْطَع» على الفعل المجهول مخفف القاف. وروي عن شبْل وٱبن كثير «تَقْطع» خفيفة القاف «قُلُوبهم» نصباً، أي أنت تفعل ذلك بهم.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الرابعة والثلاثون
{ فَتَلَقَّىٰ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

قال ابن عطية فى المحرر الوجيز

وقرأ ابن كثير: " آدمَ " بالنصب. " من ربه كلماتٌ " بالرفع، فالتلقي من الكلمات هو نيل آدم بسببها رحمة الله وتوبته

وقال القرطبى فى تفسيره

والقراءتان ترجعان إلى معنىً؛ لأن آدم إذا تلقّى الكلمات فقد تلقته. وقيل: لما كانت الكلمات هي المنقذة لآدم بتوفيق الله تعالى له لقبوله إياها ودعائه بها كانت الكلمات فاعلة، وكأن الأصل على هذه القراءة «فتلقّت آدمَ مِن ربه كلماتٌ»؛ لكن لمّا بعد ما بين المؤنث وفعله حَسُن حذف علامة التأنيث. وهذا أصل يجري في كل القرآن والكلامِ إذا جاء فعل المؤنث بغير علامة؛ ومنه قولهم: حضر القاضي اليوم ٱمرأة. وقيل: إن الكلمات لمّا لم يكن تأنيثه حقيقياً حُمِل على معنى الكَلِم، فذُكّر.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الخامسة والثلاثون

{ هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

قال الطبري فى تفسيره:

اختلفت القرّاء في قراءة قوله: { هُنالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْس } بالباء، بمعنى: عند ذلك تختبر كلّ نفس بما قدّمت من خير أو شرّ. وكان ممن يقرؤه ويتأوّله كذلك مجاهد.


حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: هُنالكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ قال: تختبر.

حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة وبعض أهل الحجاز: «تَتْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ» بالتاء.

واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله، فقال بعضهم: معناه وتأويله: هنالك تتبع كلّ نفس ما قدمت في الدنيا لذلك اليوم. ورُوي بنحو ذلك خبر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من وجه وسند غير مرتضى أنه قال: " يُمَثَّلُ لِكُلّ قَوْمٍ ما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يَوْمَ القِيامَةِ، فَيَتَّبِعُونَهُمْ حتى يُورِدُوهُمُ النَّارَ " قال: ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: " هُنالكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ ". وقال بعضهم: بل معناه: تتلو كتاب حسناته وسيئاته، يعني تقرأ، كما قال جلّ ثناؤه:
{ ونُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً }


وقال آخرون: تبلو: تعاين. ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { هُنالكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ما أسْلَفَتْ } قال: ما عملت. تبلو: تعاينه.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكلّ واحدة منهما أئمة من القرّاء، وهما متقاربتا المعنى وذلك أن من تبع في الآخرة ما أسلف من العمل في الدنيا، هجم به على مورده، فيخبر هنالك ما أسلف من صالح أو سيىء في الدنيا، وإن من خير من أسلف في الدنيا من أعماله في الآخرة، فإنما يخبر بعد مصيره إلى حيث أحله ما قدم في الدنيا من علمه، فهو في كلتا الحالتين متبع ما أسلف من عمله مختبر له، فبأيتهما قرأ القارىء كما وصفنا فمصيب الصواب في ذلك.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة السادسة والثلاثون



{ وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ }

قال الأمام الرازى فى تفسيره:

قرأ نافع وابن كثير وابن عامر: (عند الرحمٰن) بالنون، وهو اختيار أبي حاتم واحتج عليه بوجوه

الأول
: أنه يوافق قوله

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبّكَ }
[الأعراف: 206] وقوله
{ وَمَنْ عِندَهُ }
[الأنبياء: 19]

والثاني: أن كل الخلق عباده فلا مدح لهم فيه والثالث: أن التقدير أن الملائكة يكونون عند الرحمٰن، لا عند هؤلاء الكفار، فكيف عرفوا كونهم إناثاً؟

وأما الباقون فقرأوا عباد جمع عبد وقيل جمع عابد، كقائم وقيام، وصائم وصيام، ونائم ونيام، وهي قراءة ابن عباس، واختيار أبي عبيد، قال لأنه تعالى رد عليهم قولهم: إنهم بنات الله، وأخبر أنهم عبيد، ويؤيد هذه القراءة قوله

{ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ }
[الأنبياء: 26].
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة السابعة والثلاثون



{ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ }

قال سيدى الرازى فى تفسيره

{ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ } قرأ أبو بكر عن عاصم وابن عامر { وَضَعَت } برفع التاء على تقدير أنها حكاية كلامها، والفائدة في هذا الكلام أنها لما قالت { إِنّى وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ } خافت أن يظن بها أنها تخبر الله تعالى، فأزالت الشبهة بقولها { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ } وثبت أنها إنما قالت ذلك للاعتذار لا للاعلام،

والباقون بالجزم على أنه كلام الله، وعلى هذه القراءة يكون المعنى أنه تعالى قال: والله أعلم بما وضعت تعظيماً لولدها، وتجهيلاً لها بقدر ذلك الولد، ومعناه: والله أعلم بالشيء الذي وضعت وبما علق به من عظائم الأمور، وأن يجعله وولده آية للعالمين، وهي جاهلة بذلك لا تعلم منه شيئاً فلذلك تحسرت
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة الثامنة والثلاثون



{ وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ }

قال القرطبى فى تفسيره


قرأ أبو عمرو والكسائي «ومَن قِبَله» بكسر القاف وفتح الباء؛ أي ومن معه وتبعه من جنوده. وٱختاره أبو عبيد وأبو حاتم اعتباراً بقراءة عبد الله وأبَيّ «ومَن مَعَهُ». وقرأ أبو موسى الأشعرِيّ «ومَن تلقاءه». الباقون «قَبْلَه» بفتح القاف وسكون الباء؛ أي ومن تقدّمه من القرون الخالية والأمم الماضية.
 

اسامة محمد خيري

عضو موقوف
26 يناير 2013
1,935
143
63
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات على علم التفسير

الجوهرة التاسعة والثلاثون

{ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ } * { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ }


قال الألوسي فى تفسيره:

وقال بعضهم: الإشارة إلى انقسامهم إلى قسمين أي ذلك الانقسام إلى غاو وغيره أمر مصيره إليّ وليس ذلك لك، والعرب تقول: طريقك في هذا الأمر على فلان على معنى إليه يصير النظر في أمرك، وعن مجاهد وقتادة إن هذا تهديد للعين كما تقول لغيرك افعل ما شئت فطريقك عليَّ أي لا تفوتني، ومثله على ما قال الطبرسي قوله تعالى:
{ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ }
[الفجر: 14] والمشار على هذا إليه ما أقسم مع التأكيد عليه، وأظهر هذه الأوجه على ما قيل هو الأول، واختار في «البحر» كونها إلى الإخلاص، وقيل: الأظهر أن الإشارة لما وقع في عبارة إبليس عليه اللعنة حيث قال:
{ لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرٰطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ }
[الأعراف:16-17] الخ، ولا أدري ما وجه كونه أظهر.

وقرأ الضحاك وإبراهيم وأبو رجاء وابن سيرين ومجاهد وقتادة وحميد وأبو شرف مولى كندة ويعقوب، وخلق كثير { علي مستقيم } برفع { علي } وتنوينه أي عال لارتفاع شأنه.
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع