- 26 يونيو 2015
- 111
- 164
- 43
- الجنس
- أنثى
- القارئ المفضل
- محمود خليل الحصري
- علم البلد
فسحة هناك
أسيرُ بين الشّجر الحائم أسرابا في سفوح الجبال و على راحات التّلال، أخدُشُ بنعلي نقوش العشبِ و الأزهار و أُبَعثرُ أفلاك الحجارة و الحصى و سطور الثّرى، أخترق أرديةَ الظّل و شلّالات النُور.
لا أعرف خوفا يُثني قلبي عن الضّياع في شرايين المكان و الإصغاء لنداءات الرّواسي الشّاهقات و السّواقي السّاعيات. كنتُ أشقّ مجاهيل الدّروب في البريّة العذراء و أشرب من ينابيعها المستترة خلف الصّخور و بين الصّخور و أطعم من أكفّ الفروع و الأغصان و أميل مع النسائم أشمّ عبير الوردات و أهزّ أنداءا استلقت ماسا على الورقات و أطوف على الوُكن أنظر هل من وافد جديد فيها ثم أجلس مع النّاي وحيدا و قد ضمنت استقرار القطيع حيث أكون و أنزل طاقيتي على عيوني لأغفو إغفاءة الظهيرة...
... و طفوتُ في سماء الرّؤى سديما من أمنياتٍ كانت رتْقا، ففتقتها شُهب النّور في منام... رأيتني أقف بباهم ينظرون إلى اللّوح الأسود المعلّق إلى جدار يختم على أفواههم جلالُ صاحب المئزر الأبيض يجول بكلّ الثقة بين الصّفوف و بكلّ الحبّ يبتسم لهذا و يتعجب من هذا و يستدرك لتلك أو ذاك. وقفت آملا مشتاقا لجلسة خلف طاولة ماسكا قلم حبر يتعرّق بيادرا و قصورا و حفنات حصى و زهورا و بحورا و قوارب و نخيلا و دوالي و جيوش صباح و كتائب ليل و سرايا أيّام و سنوات.
و بينما الشوق و الدهشة ينحتان ملامحي أشار إليّ أحدهم ضاحكا مستهزئا :انظروا من هناك...! إنّه راعي الأغنام الأبله.
تراه ماذا يريد هذا الأخرق؟
فردّ عليه آخر: يبحث عن عنزته الضائعة... ها ها ها..
فحملقتُ بالرؤوس الضاحكة و العيون المتطلّعة و تقهقرت راجعا بضع خطوات و إذا به يناديني فوقفت في مكاني... فقال لي: اقترب.
فاقتربت. فقال: من أنت؟ فقلت له: أنا راعي الغنم فقال لي تعال... ادخل إلى الفصل...
فدخلتُ و قد ساد الصمت و عمّت الدهشة و اشرأبت أعناق الفضول ترمقني بنظرات السّخرية و الاستهجان، فطرق المعلم على مكتبته بمسطرته ثم قال: ماذا قد يفيدكم أن تضرّوه...؟
لماذا نظرتم لأسماله و ما استمعتم لعقله و لا لقلبه؟
لماذا تجاسرتم على ضعف ظاهر منه و عساه يكون العزيز و أنتم دونه؟
طأطأ الطّلاب رؤوسهم و مدّ المعلم يده إليّ صافحني و اعتذر لي و أعطاني من درجه كتابا نظرت إليه فقال: إنه خطواتك الأولى ليؤمنوا أنّك مثلهم و ربما أفضل منهم...
و حملت الكتاب و طرت و إذا بها عنزتي تلعقني فسقط الكتاب من يدي خلف حدود الحقيقة و لكن أذكر ذلك الكتاب أذكره جيدا و سأبحث عنه في رفوف جدي و قد يكون الكتاب الذي لا يفرح تحت وسادته.
أسيرُ بين الشّجر الحائم أسرابا في سفوح الجبال و على راحات التّلال، أخدُشُ بنعلي نقوش العشبِ و الأزهار و أُبَعثرُ أفلاك الحجارة و الحصى و سطور الثّرى، أخترق أرديةَ الظّل و شلّالات النُور.
لا أعرف خوفا يُثني قلبي عن الضّياع في شرايين المكان و الإصغاء لنداءات الرّواسي الشّاهقات و السّواقي السّاعيات. كنتُ أشقّ مجاهيل الدّروب في البريّة العذراء و أشرب من ينابيعها المستترة خلف الصّخور و بين الصّخور و أطعم من أكفّ الفروع و الأغصان و أميل مع النسائم أشمّ عبير الوردات و أهزّ أنداءا استلقت ماسا على الورقات و أطوف على الوُكن أنظر هل من وافد جديد فيها ثم أجلس مع النّاي وحيدا و قد ضمنت استقرار القطيع حيث أكون و أنزل طاقيتي على عيوني لأغفو إغفاءة الظهيرة...
... و طفوتُ في سماء الرّؤى سديما من أمنياتٍ كانت رتْقا، ففتقتها شُهب النّور في منام... رأيتني أقف بباهم ينظرون إلى اللّوح الأسود المعلّق إلى جدار يختم على أفواههم جلالُ صاحب المئزر الأبيض يجول بكلّ الثقة بين الصّفوف و بكلّ الحبّ يبتسم لهذا و يتعجب من هذا و يستدرك لتلك أو ذاك. وقفت آملا مشتاقا لجلسة خلف طاولة ماسكا قلم حبر يتعرّق بيادرا و قصورا و حفنات حصى و زهورا و بحورا و قوارب و نخيلا و دوالي و جيوش صباح و كتائب ليل و سرايا أيّام و سنوات.
و بينما الشوق و الدهشة ينحتان ملامحي أشار إليّ أحدهم ضاحكا مستهزئا :انظروا من هناك...! إنّه راعي الأغنام الأبله.
تراه ماذا يريد هذا الأخرق؟
فردّ عليه آخر: يبحث عن عنزته الضائعة... ها ها ها..
فحملقتُ بالرؤوس الضاحكة و العيون المتطلّعة و تقهقرت راجعا بضع خطوات و إذا به يناديني فوقفت في مكاني... فقال لي: اقترب.
فاقتربت. فقال: من أنت؟ فقلت له: أنا راعي الغنم فقال لي تعال... ادخل إلى الفصل...
فدخلتُ و قد ساد الصمت و عمّت الدهشة و اشرأبت أعناق الفضول ترمقني بنظرات السّخرية و الاستهجان، فطرق المعلم على مكتبته بمسطرته ثم قال: ماذا قد يفيدكم أن تضرّوه...؟
لماذا نظرتم لأسماله و ما استمعتم لعقله و لا لقلبه؟
لماذا تجاسرتم على ضعف ظاهر منه و عساه يكون العزيز و أنتم دونه؟
طأطأ الطّلاب رؤوسهم و مدّ المعلم يده إليّ صافحني و اعتذر لي و أعطاني من درجه كتابا نظرت إليه فقال: إنه خطواتك الأولى ليؤمنوا أنّك مثلهم و ربما أفضل منهم...
و حملت الكتاب و طرت و إذا بها عنزتي تلعقني فسقط الكتاب من يدي خلف حدود الحقيقة و لكن أذكر ذلك الكتاب أذكره جيدا و سأبحث عنه في رفوف جدي و قد يكون الكتاب الذي لا يفرح تحت وسادته.