إعلانات المنتدى


حكم غين نبغ وقفا بسورة الكهف في رواية حفص وغيره

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

أحمد نواف المجلاد

عضو شرف
عضو شرف
5 ديسمبر 2009
369
40
28
الجنس
ذكر
بِسْمِ الللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ.
حُكْمُ غَيْنِ: {نَبْغِ}. بِسُوْرَةِ الْكَهْفِ عِنْدَ الْوَقْفِ عَلَيْهَا فِيْ رِوَايَةِ حَفْصٍ عَنْ عَاصِمٍ وَفِيْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْقُرَّاءِ:
اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ الْمُعَاصِرُوْنَ فِيْ غَيْنِ: {نَبْغِ}. بِسُوْرَةِ الْكَهْفِ حَالَ الْوَقْفِ عَلَيْهَا بِالسُّكُوْنِ فِيْ رِوَايَةِ حَفْصٍ عَنْ عَاصِمٍ وَفِيْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ. قُلْتُ: وَيُلْحَقُ بِهَا غَيْنِ: {وَابْتَغِ فِيْمَا آتَاكَ اللَّهُ}، {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِيْ الْأَرْضِ}. كِلَاهُمَا بِسُوْرَةِ الْقَصَصِ إِذَا وُقِفَ عَلَيْهِمَا بِالسُّكُوْنِ لِجَمِيْعِ الْقُرَّاءِ، فَذَهَبَ الْإِمَامُ الشَّيْخُ عَامِرُ السَّيِّدِ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى أَنَّهَا: بِالتَّرْقِيْقِ. هَكَذَا عِبَارَتُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيْ التَّسْجِيْلِ الْمَرْئِيِّ الَّذِيْ نَشَرَهُ تِلْمِيْذُهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ طُلْبَةَ صَاحِبُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاسِطِ هَاشِمٍ وَنَاشِرُ كَثِيْرٍ مِنْ تَسْجِيْلَاتِهِ،
أَوْ قُلْ: بِالتَّفْخِيْمِ النِّسْبِيِّ. وَالْخِلَافُ عِبَارَةٌ؛ فَهِيَ بِالنَّظَرِ إِلَى حُرُوْفِ الِاسْتِفَالِ تُفَخَّمِ؛ لِوُجُوْدِ أَثَرِ صِفَةِ الِاسْتِعْلَاءِ، وَبِالنَّظَرِ إِلَى النُّطْقِ أَوِ اللَّفْظِ تُرَقَّقُ، فَأَشْبَهَتِ الْمُسْتَفِلَ سَمَاعًا. قَالَ الْإِمَامُ الشَّيْخُ عَامِرٌ: بِالتَّرْقِيْقِ؛ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْيَاءِ الْمَحْذُوْفَةِ.
قُلْتُ: أَصْلُهَا: نَبْغِيْ. ثُمَّ حُذِفَتْ يَاؤُهَا تَخْفِيْفًا، وَحُذِفَتِ الْيَاءُ فِيْ: {وَابْتَغِ}، {وَلَا تَبْغِ}. لِلْجَزْمِ إِجْمَاعًا.
وَالتَّرْقِيْقُ أَوِ التَّفْخِيْمُ النِّسْبِيُّ أَيْضًا اخْتِيَارُ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ إِبْرَاهِيْمَ السَّمَنُّوْدِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيْ مَا بَلَغَنِيْ. وَالْعِبَارَةُ الدَّقِيْقَةُ: التَّفْخِيْمُ النِّسْبِيُّ؛ لِأَنَّ حُرُوْفَ الِاسْتِعْلَاءِ لَا تُرَقَّقُ، بَلْ تُفَخَّمُ عَلَى تَفَاوُتٍ عَلَى مَا حَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ الْمُتَوَلِّيْ،
فِيْ حَقِيْقَةِ الْأَمْرِ: لَا يُعْلَمُ النَّصُّ الَّذِيْ اسْتَنَدَ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ مُتَقَدِّمِيْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَاتِ مَنْ قَالَ بِالتَّرْقِيْقِ أَوْ بِالتَّفْخِيْمِ النِّسْبِيِّ وَقْفًا؛ فَإِنَّ مُوْجِبَهُ الَّذِيْ هُوَ الْكَسْرُ وَصْلًا زَالَ بِسُكُوْنِهِ لِلْوَقْفِ، فَوَجَبَ التَّفْخِيْمُ؛ لِلْوُقُوْعِ قَبْلَ فَتْحٍ حَجَزَ بَيْنَهُمَا سَاكِنٌ غَيْرُ حَصِيْنٍ، فَجَرَى عَلَيْهَا عُمُوْمُ الْقَاعِدَةِ، وَهِيَ: تَفْخِيْمُ حُرُوْفِ الِاسْتِعْلَاءِ، وَالتَّرْقِيْقُ وَقْفًا دَلَالَةً عَلَى الْيَاءِ الْمَحْذُوْفَةِ خَاصٌّ بِبَابِ الرَّاءَاتِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ اخْتِيَارَ الْإِمَامِ ابْنِ الْجَزَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيْهِ وَفِيْ مِثْلِهِ التَّفْخِيْمُ. قَالَ فِيْ النَّشْرِ: إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّكَ مَتَى وَقَفْتَ عَلَى الرَّاءِ أَوْ بِالْإِشْمَامِ نَظَرْتَ إِلَى مَا قَبْلَهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا كَسْرَةٌ أَوْ سَاكِنٌ بَعْدَ كَسْرَةٍ أَوْ يَاءٌ سَاكِنَةٌ أَوْ فَتْحَةٌ مُمَالَةٌ أَوْ مُرَقَّقَةٌ. نَحْوُ: {بُعْثِرَ}، وَ:{الشِّعْرَ}، {وَالْخَنَازِيرَ}، وَ:{لَا ضَيْرَ}، وَ:{نَذِيرٍ}، وَ:{نَكِيرٍ}، وَ:{بِالْبِرِّ}، {وَالْقَنَاطِيرِ}، وَ:{إِلَى الطَّيْرِ}، وَ:{فِي الدَّارِ}، وَ:{كِتَابَ الْأَبْرَارِ}. عِنْدَ مَنْ أَمَالَ الْأَلِفَ، وَ:{بِشَرَرٍ}. عِنْدَ مَنْ رَقَّقَ الرَّاءَ رَقَّقْتَ الرَّاءَ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا غَيْرَ ذَلِكَ فَخَّمْتَهَا؛ هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُوْرُ الْمَنْصُوْرُ. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْوَقْفِ عَلَيْهَا بِالتَّرْقِيْقِ إِنْ كَانَتْ مَكْسُوْرَةً؛ لِعُرُوْضِ الْوَقْفِ كَمَا سَيَأْتِيْ فِيْ التَّنْبِيْهَاتِ آخِرَ الْبَابِ. وَلَكِنْ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْكَسْرَةِ الْعَارِضَةِ فِيْ حَالٍ وَاللَّازِمَةِ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا سَيَأْتِيْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ فِيْ الطَّيِّبَةِ: وَرَقِّقِ الرَّا إِنْ تُمَلْ أَوْ تُكْسَرِ، وَفِيْ سُكُوْنِ الْوَقْفِ فَخِّمْ وَانْصُرِ. مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ بَعْدِ يَا سَاكِنَةِ، أَوْ كَسْرٍ او تَرْقِيْقٍ او إِمَالَةِ.
وَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ الشَّاطِبِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ تَفْخِيْمَ الرَّاءِ الْمَكْسُوْرَةِ وَصْلًا إِذَا سَكَنَتْ لِأَجْلِ الْوَقْفِ، قَالَ: وَتَرْقِيْقُهَا مَكْسُوْرَةً عِنْدَ وَصْلِهِمْ، وَتَفْخِيْمُهَا فِيْ الْوَقْفِ أَجْمَعُ أَشْمُلَا. وَمَا حُذِفَتْ يَاؤُهُ دَاخِلٌ فِيْهِ، وَغَيْنُ: {نَبْغِ}. أَحَقُّ بِالتَّفْخِيْمِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، بَلِ الَّذِيْ لَا يَجُوْزُ سِوَاهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَبُوْ شَامَةَ فِيْ إِبْرَازِ الْمَعَانِيْ، ص: 259: وَإِنْ وَقَعَتِ الرَّاءُ الْمَكْسُوْرَةُ آخِرَ كَلِمَةٍ رُقِّقَتْ لِلْجَمِيْعِ فِيْ الْوَصْلِ، سَوَاءٌ كَانَ الْكَسْرُ أَصْلًا أَوْ عَارِضًا. نَحْوُ: {مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}، وَ:{أَنْذِرِ النَّاسَ}. فَإِنْ وَقَفْتَ زَالَتْ كَسْرَةُ الرَّاءِ الْمُوْجِبَةُ تَرْقِيْقَهَا، فَتُفَخَّمُ حِيْنَئِذٍِ، وَفِيْهِ إِشْكَالٌ؛ فَإِنَّ السُّكُوْنَ عَارِضٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيْ بَابِ الْإِمَالَةِ أَنَّ السُّكُوْنَ الْعَارِضَ فِيْ الْوَقْفِ لَا يَمْنَعُ الْإِمَالَةَ، فَيَتَّجِهُ مِثْلُ ذَلِكَ هُنَا، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ مَكِّيٌّ فَقَالَ: أَكْثَرُ الْبَابِ إِنَّمَا هُوَ قِيَاسٌ عَلَى الْأُصُوْلِ، وَبَعْضُهُ أُخِذَ سَمَاعًا، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّنِيْ أَقِفُ فِيْ جَمِيْعِ الْبَابِ كَمَا أَصِلُ، سَوَاءٌ سَكَّنْتُ أَوْ رُمْتُ لَكَانَ لِقَوْلِهِ وَجْهٌ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ عَارِضٌ، وَالْحَرَكَةُ حَذْفُهَا عَارِضٌ، وَفِيْ كَثِيْرٍ مِنْ أُصُوْلِ الْقِرَاءَاتِ لَا يَعْتَدُّوْنَ بِالْعَارِضِ. قَالَ: فَهَذَا وَجْهٌ مِنَ الْقِيَاسِ مُسْتَتِبٌّ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ.
قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْحُصْرِيُّ التَّرْقِيْقَ فِيْ قَصِيْدَتِهِ فَقَالَ: وَمَا أَنْتَ بِالتَّرْقِيْقِ وَاصِلُهُ فَقِفْ، عَلَيْهِ بِهِ إِذْ لَسْتَ فِيْهِ بِمُضطَّرِّ. وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ إِمَالَةِ الْأَلِفِ وَتَرْقِيْقِ الرَّاءِ بِأَنَّ إِمَالَةَ الْأَلِفِ أَقْوَى وَأَقْيَسُ وَأَفْشَى فِيْ اللُّغَةِ مِنْ تَرْقِيْقِ الرَّاءِ، بِدَلِيْلِ أَنَّ الْأَلِفَ تُمَالُ وَلَا كَسْرَ يُجَاوِرُهَا: كَذَوَاتِ الْيَاءِ، وَيُمَالُ أَيْضًا نَحْوُ: {خَافَ}.؛ لِأَنَّ الْخَاءَ قَدْ تُكْسَرُ إِذَا قِيْلَ: (خِفْتُ). فَاتُّسِعَ فِيْ إِمَالَةِ الْأَلِفِ كَثِيْرًا، فَجَازَ أَنْ يَمْنَعَ الْأَضْعَفَ مَا يَمْنَعُ الْأَقْوَى، لَكِنْ يُضْعِفُ هَذَا الْفَرْقَ نَصُّهُمْ عَلَى تَرْقِيْقِ الرَّاءِ الْأُوْلَى مِنْ: {شَرَرٍ}. فِيْ الْوَقْفِ، فَهَذَا دَلِيْلٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْكَسْرِ فِيْهَا بَعْدَ ذَهَابِهِ بِسُكُوْنِ الْوَقْفِ. قَالُوْا: وَتَرْقِيْقُ الثَّانِيَةِ لِأَجْلِ إِمَالَةِ الْأُوْلَى، وَهَذَا دَلِيْلٌ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْكَسْرِ فِيْهَا، وَإِلَّا لَآَثَرَ التَّرْقِيْقُ فِيْ نَفْسِهَا، وَلَمْ يُعْتَبَرْ بِإِمَالَةِ مَا قَبْلَهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَرْقِيْقَ الْأُوْلَى أَشْبَهَ إِمَالَةَ الْأَلِفِ فِيْ نَحْوِ: {النَّارِ}. وَكِلَاهُمَا رُقِّقَ لِكَسْرَةٍ بَعْدَهُ، فَبَقِيَ التَّرْقِيْقُ بَعْدَ زَوَالِ الْكَسْرَةِ فِيْ الْوَقْفِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيْ الْأَلِفِ.
قَوْلُهُ: وَتَرْقِيْقُهَا. مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: عِنْدَ وَصْلِهِمْ.
وَ:أَجْمَعُ أَشْمُلَا. خَبَرُ قَوْلِهِ: وَتَفْخِيْمُهَا.
وَ:أَشْمُلَا. تَمْيِيْزٌ، وَهُوَ ججَمْعُ شَمْلٍ، وَالْمَعْنَى: هُوَ أَجْمَعُ أَشْمُلًا مِنْ تَرْقِيْقِهَا، إِشَارَةً إِلَى كَثْرَةِ الْقَائِلِيْنَ بِهِ وَقِلَّةِ مَنْ نَبَّهَ عَلَى جَوَازِ التَّرْقِيْقِ فِيْهِ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ مَكِّيٌّ وَالْحُصْرِيُّ. انْتَهَى.
 

رشيد التلمساني

مشرف ركن مزامير المغرب الإسلامي
المشرفون
5 أبريل 2020
10,374
2,182
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
بارك الله فيك و نفع بك
و جزاك الله خيرا على جهودك الطيبة
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع