إعلانات المنتدى


" وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ " ..... وقفة مع آية

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
319
145
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قال -تعالى-: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) (مريم:??)،

وقد نَوَّع -تعالى- وعَدَّد من ذكر أنواع العذاب الحسي والمعنوي للكافرين؛ لعلهم يتقون ويتوبون إلى الله -تعالى- في الدنيا فيرحموا ويسعدوا بدلًا مِن أن يحل بهم العذاب والنكال، ولا يجدون لهم نصيرًا؛ لا من أنفسهم ولا من غيرهم، فلا يملكون إلا الحسرة والندامة الدائمين كما أخبر -تعالى- عن حسرتهم وتأسفهم عند مجيء الموت: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)

وفي ذلك اليوم يود المجرم لو يفتدي بأقرب الناس إليه لينجو من العذاب كما قال -تعالى-: (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ . وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ . وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ . كَلَّا إِنَّهَا لَظَى) (المعارج:11-15)؛ ليس له إلا النار الشديدة الحرارة. قال الضحاك: "تَبْرِي اللَّحْمَ وَالْجِلْدَ عَنِ الْعَظْمِ، حَتَّى لَا تَتْرُكَ مِنْهُ شَيْئًا" (انظر: تفسير ابن كثير).

وذكر الله حالهم عند وقوفهم يوم القيامة على النار، وشاهدوا ما فيها من العذاب والحميم، فقال: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (الأنعام:??).

وعذبوا بحرمان وخسران القرب من أهليهم وأحبابهم وأقربائهم يوم القيامة، كما قال -تعالى-: (وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ) (الشورى:45).

وتبرأ منهم القادة والرؤساء الذين كانوا يتبعهم الكافرون في الدنيا، كما قال -تعالى-: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (البقرة:166-167).

وتحسروا على اتخاذهم قرناء السوء الذين أبعدوهم عن القرآن وعن طريق الهدى وألقوا بهم في أوحال الضلال، قال -تعالى-: (يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا . لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا) (الفرقان:28-29).

ويسألون خزنة النار أن يدعوا الله أن يخفف عنهم يومًا من العذاب ليستريحوا بعض الشيء مما هم فيه العذاب، قال -تعالى-: (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ)، فقال لهم الخزنة: (أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ) (غافر:49-50)، فمهما دعوا لا يستجاب لهم

بل ويتمنى أن يكون كأنه لم يُخْلق أو لم يكن، أو أن يصير إلى التراب فيموت، يَقُولُ الْكَافِرُ في ذلك اليوم : (يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا) (النبأ:40)،

فكل هذه القوارع وغيرها تجعل المؤمن دائم الخوف من هذا المصير المظلم، كثير الإلحاح على ربه أن يثبته على الهدى وأن يجنبه هذا السبيل، يكثر التضرع لربه يسأله الجنة ويستعيذ به من النار، يخشى من ذنوبه أن تخذله عن الخاتمة الحسنة، ويكون سريع التوبة والإنابة لربه، يحسن الظن به، ويرجو رحمته، ويخشى عذابه.
فاللهم يا ولي الإسلام وأهله ثبتنا حتى نلقاك عليه، (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران:8).

منقول بتصرف
 

رشيد التلمساني

مشرف ركن مزامير المغرب الإسلامي
المشرفون
5 أبريل 2020
10,391
2,190
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
بارك الله فيك وأحسن إليك
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع