إعلانات المنتدى


" القرآن " في سورة الإسراء

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
319
145
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد

لقد تكررت كلمة القرآن إحدى عشرة (11) مرة في سورة الاسراء ؛ فجاء أول ذكر للقرآن في قوله - تعالى -: {إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩] تأكيداً على أنه يحمل مطلق الهداية لمطلق الخلق في مطلق الظروف الزمانية والمكانية؛

ومن ملامح حديث السورة عن القرآن

لقد جاءت السورة بكل المواعظ والحجج للزجر عن الشرك، وقررت التوحيد بكافة السبل، ونصبت الأدلة على انسجامه مع منطق الفطرة، بل أكدت أنه هو الفطرة نفسُها، وبيَّنت أن المشركين لم يوفَّقوا للاهتداء إلى نور هذا التوحيد لتخفِّيهم وراء الإعـراض عن الحـق، وتشبُّثهم ببـاطل عقائدهم الشركية قال تعالى : {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إلاَّ نُفُورًا} [الإسراء: 41]، فكانوا يجاهدون فِطَرَهم حتى لا تركن إلى الانتفاع بالقرآن حين يلامسها، ويصـرفون عنـه قلوبَهم حتى لا يمازج بشاشتها، فصار يعلوها الرين ويغشاها ظلام الشرك وترفض الانقياد للحق: {وَإذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا 45 وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء: 45 - 6].

لم تكن معجزة هذه الأمة إلا القرآن من غير اتكاء على الخوارق التي صاحبت الرسالات ذات التوجيه المحدود زماناً ومكاناً، في حين اتسمت هذه الرسالة بالخلود والأبدية لكمالها وشموليتها وتمامها؛ ذلك أنها موجَّهة إلى كل الأعراق والأجناس في كافة الأعصر والبيئات؛ وعليه فإن حادث الإسراء والمعراج التي أشارت إليها السورة وما تضمنتاه من خوارق لم يكن إلا امتحاناً وابتلاءً ليزداد الذين آمنوا ثباتاً وإيماناً ويرتاب المهزوزون والمنافقون: {وَإذْ قُلْنَا لَكَ إنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْـمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا} [الإسراء: 60].

إن استمداد العون من الله - تعالى - والتوكُّل عليه واللَّجأ إليه والمحافظةَ على عبادته وإقامة شعائر دينه في أوقاتها المحددة، كلها وسائل لاستحقاق نصر الله - تعالى - وإعلاء الحق وزهوق الباطل، فالمستعين بالله - تعالى - لا يخيب أَمَلُه، واللاجئ إليه لا تُرَد دعوته، والمتوكل عليه لا يخاف هواناً، والمحافظ على طاعته لا يناله خسران، ولذلك فإن التالي لكتابه يتفيأ ظلال الرحمة: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا 78 وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مُّحْمُودًا 79 وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا 80 وَقُلْ جَاءَ الْـحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا 81 وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِـمِينَ إلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 78 - 82]؛ إنها الربانية في التوجيه والسداد في الأوامر والاتساق في التشريع.

إن هذا القرآن من الله - تعالى - فلا يملك الخلق أن يضاهوه، ولو تظاهر إنسهم وجنهم ما استطاعوا محاكاته؛ فالتحدي به قائم إلى قيام الساعة؛ فتقف البشرية مشدوهة أمام آفاق إعجازه، فتسد الطريق على المتعنتين فلا يجدون سوى الجنوح إلى طلب الخوارق المادية سبيلاً، ضاربين بأمثاله الرائعة وحقائقه القائمة وأساليبه المعجزة عرض الحائط في تبجح وغطرسة واستكبار: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنسُ وَالْـجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ٨٨ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إلاَّ كُفُورًا 89 وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا 90 أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا 91 أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْـمَلائِكَةِ قَبِيلاً 92 أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً} [الإسراء: ٨٨ - 93].

و في الوقت الذي جعل فيه معجزات الرسل المستقدِمين خوارق آنية جعلها مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم آية القرآن الدائمة، التي نزلت بالحق لتربية أمم وصناعة أجيال تعيش بها ضمائرهم، وتحيا بها مشاعرهم، ويستقيم بها سلوكهم، وتتزكى بها نفوسهم، وتُساس بها أنشطتهم؛ ذلك هو القرآن منهج حياة لا يعتريه نقص ولا تنتابه زلة ولا يتقادم بطول الزمن {وَبِالْـحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْـحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا 105 وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً}. [الإسراء: 105 - 106]

منقول بتصرف
 
  • أعجبني
التفاعلات: سعــــــود

سعــــــود

مشرف ركن مزامير جزيرة العرب والحرمين الشريفين
المشرفون
2 يونيو 2008
6,505
1,400
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
دمت مباركًا أخي الكريم
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع