إعلانات المنتدى


الاستخلاف في سورة البقرة

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
319
145
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :
لعل تسمية سورة البقرة بهذا الاسم ، لما ورد فيها من قصة البقرة وكثرة أسئلة بني اسرائيل لنبيهم موسى - عليه السلام - عن تفاصيل أوصافها، مما يدل على عدم سرعة الاستجابة عند هؤلاء في تنفيذ أمر الله ، وكأنها إشارة أيضا إلى أتباع النبي الخاتم محمد – صلى الله عليه وسلم – من الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أن لا تكونوا كبني إسرائيل في تردّدهم عن طاعة أمر الله ، فتُنزع منكم الخلافة في الأرض كما نُزعت منهم .

وفي المقابل فقد أثنى الله على الثلة المؤمنة من أصحاب النبي ووصفهم بالسمع والطاعة والامتثال الكامل لأمر الله ، وذلك في أواخر السورة في قوله تعالى ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)
إنه منهج الاستخلاف والذي لا يكون إلا بالسمع والطاعة لأمر الله ثم إقامته وتطبيقه في الأرض .

وتعرض السورة نموذجين للاستخلاف في الأرض وهما :

النموذج الأول الذي استحق الخلافة وحقق الاستجابة : متمثلا في آدم وإبراهيم عليهم ا السلام

أما آدم فقد قال تعالى في هذه السورة ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً )

وأما سرعة الاستجابة فكانت في قوله تعالى :" فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "

قال ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير والضحاك ومجاهد هي قوله : " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "

وأما إبراهيم عليه السلام فكانت سرعة استجابته في قوله تعالى :" إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ "

وأما النموذج الآخر الذي فرّط في الخلافة ولم يؤد حقها فنُزعت منه فهم بنو إسرائيل وقد استغرق الحديث عنهم معظم السورة في اكثر من موضع لتدلل على تفريطهم في استحقاق الخلافة ، كما في الأيات التاليات :

( وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ )
( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً )
(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ )
( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا )
( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ )

وتلخص السورة فساد عقيدتهم وسوء طويّتهم ، وعدم استجابتهم لأمر الله بقوله تعالى ( خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا )
ألا ما أشد الفرق بين قولهم سمعنا وعصينا وقول أصحاب النبي سمعنا وأطعنا .

والخلاصة أن سورة البقرة تؤكد أن سبيل الاستخلاف في الأرض لا يكون إلا بالامتثال لمنهج الله وتطبيقه في الأرض ، وأن الاستنكاف عن هذه المهمة يجعل الأمة غير مستحقة بالخلافة حتى يأتي من يستحقها ويحمل أمانتها .

هذا والله أعلم
منقول بتصرف
 
  • أعجبني
التفاعلات: سعــــــود

سعــــــود

مشرف ركن مزامير جزيرة العرب والحرمين الشريفين
المشرفون
2 يونيو 2008
6,505
1,400
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
أحسن الله إليك وبارك فيك
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع