إعلانات المنتدى


عفة النفس وطغيان المال

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
319
145
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
ما أجمل أن يكون المؤمن عفيف النفس ، يتحرى الأمانة في التعامل مع المال ، فذلك أساس كل بركة ، روى البخاري عن عروة البارقي أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أعطاه دينارا ليشتري له به شاة ، فاشترى به شاتين ، فباع إحداها بدينار فرجع إلى النبي بدينار وشاة ، فدعا له بالبركة في بيعه "

إن شأن المؤمن مع نعمة الله ، هو الشكر ، ها هو سليمان حين آتاه الله ملكا لم يؤته أحدا من قبله ، سجد وشكر وقال :" رب أوزعني ان أشكر نعمتك التي انعمت علىّ وعلى والدي ّ وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين "
إنه يسأل ربّه أن لا يطغيه الملك ، فلا يلهيه أو يشغله عن العمل الصالح ، وأن لا يفسده فيخرجه من دائرة عباد الله الصالحين .

فهناك من يؤتيه الله الملك فيطغى ويتجبر ، كما فعل النمرود والذي ذكر الله خبره في قوله تعالى :" ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربّه ان آتاه الله الملك " فذكر سبحانه وتعالى أن سبب كفره ومحاججته إبراهيم عليه السلام هو ان آتاه الله الملك .

وكذلك فعل أبو الوليد الذي تحدّثت عنه الآيات في سورة المدثر :" ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا * ومهدت له تمهيدا * ثم يطمع أن أزيد * كلاّ إنه كان لآياتنا عنيدا "
وقوله أيضا :" أن كان ذا مال وبنين * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين "

وبيّـن القرآن طبيعة الإنسان وأنه يطغى بالغنى :" كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى "
ووصفه بالإعراض حين تأتيه النعمة :" وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه "
إنه شغف النفس بحب المال وجمعه :" الذي جمع مالا وعدّده * يحسب أن ماله اخلده "
إن للمال سحرا عجيبا ، إذا خرج صاحبه هشّ وبشّ له الناس ، ووسّعوا له في الطريق والمجلس ، وجالسه الكبراء وعلية القوم ، فإذا رأى ذلك تكبر وتجبّر على خلق الله .

وقد ذكر القرآن أصنافا ممن أطغاهم المال ، فكانت نهايتهم عبرة لمن يعتبر ، كقارون الذي لم ينسب الفضل لله وقال عن ماله :" إنما أوتيته على علم عندي "
واغترّ الناس بما عنده فقالوا :" يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم "
ولقد حاور أهل العلم والإيمان هؤلاء وقالوا لهم :" ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا "
والنتيجة كانت أن خسف الله بقارون وبداره الأرض ، ولم ينجح في هذا الاختبار إلا أصحاب البصيرة والإيمان الذين لم يغرّهم بريق المال ، ولم تصرفهم زينة الحياة الدنيا عن التبصر فلم يستغرقوا بالملذات ولم يتوغلوا في الشهوات لأنهم يعلمون أن الدنيا فانية ، ومن بعدها النيران أو الجنات .

لقد ترك أصحاب النبي وهم من خيرة الناس النبي – صلى الله عليه وسلم – قائما يخطب في المسجد وانفضوا عنه حينما سمعوا المنادي في الأسواق ينادي على قافلة جاءت محملة بأصناف الطعام ، فعاتبهم الله على ذلك بقوله تعالى :" وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما " ثم عقّب بقوله :" قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين "

والصادقون في إيمانهم هم الذين لا تشغلهم التجارة ولا اللهو عن ذكر الله قال تعالى :" رجال لا تلهيهم تجارة ولا لهو عن ذكر الله وإقام الصلاة وايتاء الزكاة " ثم ذكر سبب ذلك بأنه الايمان الذي استقر بقلوبهم فتوجهت إلى ما عند الله في الآخرة الباقية وآثرتها على الدنيا الفانية :" يخافون يوما تتقلّب فيه القلوب والأبصار "

لقد ضربت امرأة فرعون مثلا رائعا حين علا صوت الإيمان في قلبها على صوت المال والملك ، ولم تكترث بما عند فرعون من المال والثروة والجاه والسلطان ، وتحدّت طغيانه وجبروته ، وآثرت جوار ربها فدعت وقالت :" رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجّـني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين "
إن بيتا عند الله في الجنة لا يعدله كل ثروات وكنوز الدنيا ، وهذا شأن المؤمن العاقل .

ويعلم المسلم أن حاله مع ربه في شأن المال إما العطاء أو المنع ، والقصد في كلا الحالتين هو الاختبار :" فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربّه فأكرمه ونعّمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن "
فليس العطاء دليل مدح ولا المنع دليل ذم ، وإنما هو ابتلاء من الله فيكون المؤمن عند العطاء من الشاكرين وعند المنع من الصابرين .

منقول بتصرّف
 

ابو العزام

مراقب الأركان العامة والتقنية
مراقب عام
27 أغسطس 2009
62,357
4,552
113
الجنس
ذكر
بارك الله فيك
 

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,661
1
5,536
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
بارك الله فيك
 

سعــــــود

مشرف ركن مزامير جزيرة العرب والحرمين الشريفين
المشرفون
2 يونيو 2008
6,503
1,399
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
اللهم ارزقنا صحة لا تلهينا وغنًا لا يطغينا
ونسألك الثبات على دينك
جزاك الله خيرًا وبارك فيك
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع