يارب عفوك ورضاك
مزمار ألماسي
- 5 أكتوبر 2008
- 1,323
- 0
- 0
رد: مشروع ختمة تدبر كتاب الله عز و جل
{ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلاَّ ٱلْفَاسِقُونَ } * { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَلَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ كِتَابَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }
شرح الكلمات:
{ آيات بينات }: هي آيات القرآن الكريم الواضحة فيما تدل عليه من معان.
{ يكفر بها }: يجحد بكونها كتاب الله ووحيه الى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
{ الفاسقون }: الخارجون عما يجب أن يكونوا عليه من الإِيمان بالله والإِسلام له ظاهراً وباطناً.
{ أو كلما عاهدوا }: الهمزة للإِستفهام الإِنكاري والواو عاطفة على تقديره أكفروا بالقرآن ونبيه وكلما عاهدوا الخ..
{ العهد }: الوعد الملزم.
{ نبذه }: طرحه وألقاه غير آبه به ولا ملتفت إليه.
{ رسول }: التنكير للتعظيم والرسول هو محمد صلى الله عليه وسم، ومن قبله عيسى عليه السلام.
{ لما معهم }: من نعتِ الرسول صلى الله عليه وسلم وتقرير نبوته، وسائر أصول دينه الإِسلام.
{ كتاب الله }: أي أعرضوا عنه ولم يلتفتوا إليه لمنافاته لما هم معروفون عليه من الكفر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم كأنهم لا يعلمون مع أنهم يعلمون حق العلم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعموم رسالته والرد على اليهود وإظهار ما هم عليه من الفسق والكفر والظلم ففي الآية الأولى (99) يرد تعالى على قول ابن صوريا اليهودي للرسول صلى الله عليه وسلم ما جئتنا بشىء بقوله: { ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون } كالأعور بن صوريا اليهودي وفي الآية الثانية (100) ينكر الحق سبحانه وتعالى على اليهود كفرهم ونبذهم للعهود والمواثيق وليسجل عليهم عدم إيمان أكثرهم بقوله: { بل أكثرهم لا يؤمنون }. وفي الآية الثالثة (101) ينعى البارىء عز وجل على العلماء اليهود نبذهم للتوراة لما رأو فيها من تقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وإثباتها فقال: { ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون }.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- الفسق العام ينتج الكفر، إن العبد إذا فسق وواصل الفسق عن أوامر الله ورسوله سيؤدي به ذلك إلى أن ينكرما حرم الله وما أوجب فيكفر لذلك والعياذ بالله.
2- اليهود لا يلتزمون بوعد ولا يفون بعهد، فيجب أن لا يوثف في عهودهم أبداً.
3- التوراة أحد كتب الله عز وجل المنزلة أنزلها على عبده ورسوله موسى بن عمران عليه السلام.
4- قبح جريمة من تنكَّر للحق بعد معرفته، وصبح وكأنه جاهل به.
{ وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ وٱتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }
شرح الكلمات:
{ ما تتلوا الشياطين }: الذي تتبعه وتقول به الشياطين من كلمات السحر.
{ على ملك سليمان }: على عهد ملك سليمان ووقت حكمه.
{ الشياطين }: جمع شيطان وهو من خبث وتمرد ولم يبق فيه قابلية للخير.
{ السحر }: هو كل ما لطف مأخذه وخفي سببه مما له تأثير على أعين الناس أو نفوسهم أو أبدانهم.
{ هاروت وماروت }: ملكان وجدا للفتنة.
{ فلا تكفر }: لا تتعلمْ منا السحر لتضر به فتكفرْ بذلك.
{ بين المرء وزوجه }: بين الرجل وامرأته.
{ اشتراه }: اشترى السحر بتعلمه والعمل به.
{ الخلاق }: النصيب والحظ.
{ ما شروا }: ما باعوا به أنفسهم.
{ لمثوبة }: ثواب وجزاء.
معنى الآيتين:
ما زال السياق الكريم في بيان ما عليه اليهود من الشر والفساد ففي الآية الأولى (102) يخبر تعالى أن اليهود لما نبذوا التوراة لتقريرها بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتأكيدها لصحة دينه اتبعوا الأباطيل والترهات التي جمعها شياطين الإِنس والجن في صورة رُقىً وعزائم وكانوا يحدثون بها، ويدّعون أنها من عهد سليمان بن داود عليهما السلام وأنها هي التى كان سليمان يحكم بها الإِنس والجن، ولازم هذا أن سليمان لم يكن رسولاً ولا نبياً وإنما كان ساحراً كافراً فلذا نفى الله تعالى عنه ذلك بوقوله: { وما كفر سليمان } وأثبته للشياطين فقال: { ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر }. كما يعلمونهم ما أُلهِمَهُ الملكان هاروت وماروت ببابل العراق من ضروب السحر وفنونه وهنا أخبرنا تعالى عن ملكى الفتنة أنهما يقولان لمن جاءهما يريد تعلم السحر: إنما نحن فتنة فلا تكفر بتعلمك السحر وهذا القول منهما يفهم منه بوضوح أن أقوال الساحر وأعماله التي يؤثر بها على الناس منها ما هو كفر في حكم الله وشرعه قطعاً.
كما أخبر تعالى في هذه الآية أن ما يتعلمه الناس من الملكين إنما يتعلمونه ليفرقوا بين الرجل وامرأته، وأن ما يحدث به من ضرر هو حاصل بإذن الله تعالى حسب سنته في الأسباب والمسببات، ولو شاء الله أن يوجد مانعاً يمنع من حصول الأمر بالضرر لفعل وهو على كل شىء قدير. فبهذا متعلموا السحر بسائر أنواعه إنما هم يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم. وفي آخر الآية يقرر تعالى علم اليهود بكفر الساحر ومتعلم السحر ومتعاطيه حيث أخبر تعالى أنهم لا نصيب لهم في الآخرة من النعيم المقيم فيها فلذا هم كفار قطعاً. وأخيراً يقبح تعالى ما باع به اليهود أنفسهم، ويسجل عليهم الجهل بنفي العلم إذ قال تعالى: { ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون }.
وفي الآية الثانية (103) يفتح تعالى على اليهود باب التوبة فيعرض عليهم الإِيمان والتقوى فيقول: { ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون }.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
1- الاعراض عن الكتاب والسنة لتحريمهما الشر والفساد والظلم يفتح أمام المعرضين أبواب الباطل من القوانين الوضعية، والبدع الدينية، والضلالات العقلية قال تعالى:
{ ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل (سبيل السّعادة والكمال) ويحسبون أنهم مهتدون }
2- كفر الساحر وحرمة تعلم السحر، وحرمة استعماله.
3- الله تعالى خالق الخير وَالضَّيْرِ ولا ضرر ولا نفع إلا بإذنه فيجب الرجوع إليه في جلب النفع، ودفع الضر بدعائه والضراعة إليه.
4- العلم المبهم كالظَّن الذي لا يقين معه لا يغير من نفسية صاحبه شيئاً فلا يحمله على فعل خير ولا على ترك شر بخلاف الرسوخ في العلم فإن صاحبه يكون لديه من صادق الرغبة وعظيم الرهبة ما يدفعه إلى الإِيمان والتقوى ويجنبه الشرك المعاصي. وهذا ظاهر في نفي الله تعالى العلم عن اليهود فى هاتين الآيتين.
{ يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ ٱنْظُرْنَا وَٱسْمَعُواْ وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ }
شرح الكلمات:
{ راعنا }: أمهلنا وانظرنا حتى نعى ما نقول.
{ انظرنا }: أملهنا حتى نفهم ما تقول ونحفظ.
{ الكافرين }: الجاحدين المكذبين لله ورسوله المستهزئين بهما أو بأحدهما.
{ أليم }: كثير الألم شديد الإِيجاع.
{ من أهل الكتاب ولا المشركين }: اليهود والنصارى والوثنيين من العرب وغيرهم.
{ من خير من ربكم }: من الوحي الإِلهي المشتمل على التشريع المتضمن لكل أنواع الهداية وطرق الإسعاد والإِكمال في الدارين.
{ الفضل }: ما كان من الخير غير محتاج إليه صاحبه، والله عز وجل هو صاحب الفضل إذ كل ما يمن به ويعطيه عباده من الخير هو في غنى عنه ولا حاجة به إليه أبداً.
معنى الآيتين:
أما الآية ألأولى (104) فقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يُراعوا الأدبْ في مخاطبة نبيّهم صلى الله عليه وسلم تجنباً للكملات المشبوهة ككلمة راعنا، إذ قد تكون من الرعونة، ولم تدل عليه صيغة المفاعلة إذ كأنهم يقولون راعنا نُرَاعِكَ، وهذا لا يليق أن يخاطب به الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأرشدهم تعالى إلى كلمة سليمة من كل شبهة تنافي الأدب وهي انظرنا، وأمرهم أن يسمعوا لنبيّهم إذا خاطبهم حتى لا يضطروا إلى مراجعته؛ إذ الاسْتِهْزَاءُ بالرسول والخسرة منه ومخاطبته بما يفهم الاستخفاف بحقه وعلوّ شأنه وعظيم منزلته كفر بواح.
وفي الآية الثانية (105) أخبر تعالى عباده المؤمنين بأن الكفرين من أهل الكتاب ومن غيرهم من المشركين الوثنيين لا يحبون أن يُنزل عليكم من خير من ربكم وساء كان قرآنُاً يحمل أسمى الآداب وأعظم الشرائع وأهدى سبل السعادة والكمال، أو كان غير ذلك من سائر أنواع الخيرات، وذلك حسداً منهم للمؤمنين كما أخبرهم أنه تعالى يختص برحمته من يشاء من عباده فحسد الكافرين لكم لا يمنع فضل الله عليكم ورحمته بكم متى أرادكم بذلك.
هداية الآيتين:
من هداية الأيتين:
1- وجوب التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مخاطبته بعدم استعمال أي لفظة قد تفهم غير الإِجلال والإِكبار له صلى الله عليه وسلم.
2- وجوب السماع لرسول الله بامتثال أمره واجتناب نهيه، وعند مخاطبته لمن أكرمهم الله تعالى بمعايشته والوجود معه.
3- التحذير من الكافرين كتابيين أو مشركين لأنهم أعداء حسدة للمؤمنين فلا يحل الركون إليهم والإِطمئنان إلى أقوالهم وأفعالهم، إذ الريبة لا تفاقهم.
{ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلاَّ ٱلْفَاسِقُونَ } * { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَلَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ كِتَابَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }
شرح الكلمات:
{ آيات بينات }: هي آيات القرآن الكريم الواضحة فيما تدل عليه من معان.
{ يكفر بها }: يجحد بكونها كتاب الله ووحيه الى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
{ الفاسقون }: الخارجون عما يجب أن يكونوا عليه من الإِيمان بالله والإِسلام له ظاهراً وباطناً.
{ أو كلما عاهدوا }: الهمزة للإِستفهام الإِنكاري والواو عاطفة على تقديره أكفروا بالقرآن ونبيه وكلما عاهدوا الخ..
{ العهد }: الوعد الملزم.
{ نبذه }: طرحه وألقاه غير آبه به ولا ملتفت إليه.
{ رسول }: التنكير للتعظيم والرسول هو محمد صلى الله عليه وسم، ومن قبله عيسى عليه السلام.
{ لما معهم }: من نعتِ الرسول صلى الله عليه وسلم وتقرير نبوته، وسائر أصول دينه الإِسلام.
{ كتاب الله }: أي أعرضوا عنه ولم يلتفتوا إليه لمنافاته لما هم معروفون عليه من الكفر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم كأنهم لا يعلمون مع أنهم يعلمون حق العلم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعموم رسالته والرد على اليهود وإظهار ما هم عليه من الفسق والكفر والظلم ففي الآية الأولى (99) يرد تعالى على قول ابن صوريا اليهودي للرسول صلى الله عليه وسلم ما جئتنا بشىء بقوله: { ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون } كالأعور بن صوريا اليهودي وفي الآية الثانية (100) ينكر الحق سبحانه وتعالى على اليهود كفرهم ونبذهم للعهود والمواثيق وليسجل عليهم عدم إيمان أكثرهم بقوله: { بل أكثرهم لا يؤمنون }. وفي الآية الثالثة (101) ينعى البارىء عز وجل على العلماء اليهود نبذهم للتوراة لما رأو فيها من تقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وإثباتها فقال: { ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون }.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- الفسق العام ينتج الكفر، إن العبد إذا فسق وواصل الفسق عن أوامر الله ورسوله سيؤدي به ذلك إلى أن ينكرما حرم الله وما أوجب فيكفر لذلك والعياذ بالله.
2- اليهود لا يلتزمون بوعد ولا يفون بعهد، فيجب أن لا يوثف في عهودهم أبداً.
3- التوراة أحد كتب الله عز وجل المنزلة أنزلها على عبده ورسوله موسى بن عمران عليه السلام.
4- قبح جريمة من تنكَّر للحق بعد معرفته، وصبح وكأنه جاهل به.
{ وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ وٱتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }
شرح الكلمات:
{ ما تتلوا الشياطين }: الذي تتبعه وتقول به الشياطين من كلمات السحر.
{ على ملك سليمان }: على عهد ملك سليمان ووقت حكمه.
{ الشياطين }: جمع شيطان وهو من خبث وتمرد ولم يبق فيه قابلية للخير.
{ السحر }: هو كل ما لطف مأخذه وخفي سببه مما له تأثير على أعين الناس أو نفوسهم أو أبدانهم.
{ هاروت وماروت }: ملكان وجدا للفتنة.
{ فلا تكفر }: لا تتعلمْ منا السحر لتضر به فتكفرْ بذلك.
{ بين المرء وزوجه }: بين الرجل وامرأته.
{ اشتراه }: اشترى السحر بتعلمه والعمل به.
{ الخلاق }: النصيب والحظ.
{ ما شروا }: ما باعوا به أنفسهم.
{ لمثوبة }: ثواب وجزاء.
معنى الآيتين:
ما زال السياق الكريم في بيان ما عليه اليهود من الشر والفساد ففي الآية الأولى (102) يخبر تعالى أن اليهود لما نبذوا التوراة لتقريرها بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتأكيدها لصحة دينه اتبعوا الأباطيل والترهات التي جمعها شياطين الإِنس والجن في صورة رُقىً وعزائم وكانوا يحدثون بها، ويدّعون أنها من عهد سليمان بن داود عليهما السلام وأنها هي التى كان سليمان يحكم بها الإِنس والجن، ولازم هذا أن سليمان لم يكن رسولاً ولا نبياً وإنما كان ساحراً كافراً فلذا نفى الله تعالى عنه ذلك بوقوله: { وما كفر سليمان } وأثبته للشياطين فقال: { ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر }. كما يعلمونهم ما أُلهِمَهُ الملكان هاروت وماروت ببابل العراق من ضروب السحر وفنونه وهنا أخبرنا تعالى عن ملكى الفتنة أنهما يقولان لمن جاءهما يريد تعلم السحر: إنما نحن فتنة فلا تكفر بتعلمك السحر وهذا القول منهما يفهم منه بوضوح أن أقوال الساحر وأعماله التي يؤثر بها على الناس منها ما هو كفر في حكم الله وشرعه قطعاً.
كما أخبر تعالى في هذه الآية أن ما يتعلمه الناس من الملكين إنما يتعلمونه ليفرقوا بين الرجل وامرأته، وأن ما يحدث به من ضرر هو حاصل بإذن الله تعالى حسب سنته في الأسباب والمسببات، ولو شاء الله أن يوجد مانعاً يمنع من حصول الأمر بالضرر لفعل وهو على كل شىء قدير. فبهذا متعلموا السحر بسائر أنواعه إنما هم يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم. وفي آخر الآية يقرر تعالى علم اليهود بكفر الساحر ومتعلم السحر ومتعاطيه حيث أخبر تعالى أنهم لا نصيب لهم في الآخرة من النعيم المقيم فيها فلذا هم كفار قطعاً. وأخيراً يقبح تعالى ما باع به اليهود أنفسهم، ويسجل عليهم الجهل بنفي العلم إذ قال تعالى: { ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون }.
وفي الآية الثانية (103) يفتح تعالى على اليهود باب التوبة فيعرض عليهم الإِيمان والتقوى فيقول: { ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون }.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
1- الاعراض عن الكتاب والسنة لتحريمهما الشر والفساد والظلم يفتح أمام المعرضين أبواب الباطل من القوانين الوضعية، والبدع الدينية، والضلالات العقلية قال تعالى:
{ ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل (سبيل السّعادة والكمال) ويحسبون أنهم مهتدون }
2- كفر الساحر وحرمة تعلم السحر، وحرمة استعماله.
3- الله تعالى خالق الخير وَالضَّيْرِ ولا ضرر ولا نفع إلا بإذنه فيجب الرجوع إليه في جلب النفع، ودفع الضر بدعائه والضراعة إليه.
4- العلم المبهم كالظَّن الذي لا يقين معه لا يغير من نفسية صاحبه شيئاً فلا يحمله على فعل خير ولا على ترك شر بخلاف الرسوخ في العلم فإن صاحبه يكون لديه من صادق الرغبة وعظيم الرهبة ما يدفعه إلى الإِيمان والتقوى ويجنبه الشرك المعاصي. وهذا ظاهر في نفي الله تعالى العلم عن اليهود فى هاتين الآيتين.
{ يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ ٱنْظُرْنَا وَٱسْمَعُواْ وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ }
شرح الكلمات:
{ راعنا }: أمهلنا وانظرنا حتى نعى ما نقول.
{ انظرنا }: أملهنا حتى نفهم ما تقول ونحفظ.
{ الكافرين }: الجاحدين المكذبين لله ورسوله المستهزئين بهما أو بأحدهما.
{ أليم }: كثير الألم شديد الإِيجاع.
{ من أهل الكتاب ولا المشركين }: اليهود والنصارى والوثنيين من العرب وغيرهم.
{ من خير من ربكم }: من الوحي الإِلهي المشتمل على التشريع المتضمن لكل أنواع الهداية وطرق الإسعاد والإِكمال في الدارين.
{ الفضل }: ما كان من الخير غير محتاج إليه صاحبه، والله عز وجل هو صاحب الفضل إذ كل ما يمن به ويعطيه عباده من الخير هو في غنى عنه ولا حاجة به إليه أبداً.
معنى الآيتين:
أما الآية ألأولى (104) فقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يُراعوا الأدبْ في مخاطبة نبيّهم صلى الله عليه وسلم تجنباً للكملات المشبوهة ككلمة راعنا، إذ قد تكون من الرعونة، ولم تدل عليه صيغة المفاعلة إذ كأنهم يقولون راعنا نُرَاعِكَ، وهذا لا يليق أن يخاطب به الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأرشدهم تعالى إلى كلمة سليمة من كل شبهة تنافي الأدب وهي انظرنا، وأمرهم أن يسمعوا لنبيّهم إذا خاطبهم حتى لا يضطروا إلى مراجعته؛ إذ الاسْتِهْزَاءُ بالرسول والخسرة منه ومخاطبته بما يفهم الاستخفاف بحقه وعلوّ شأنه وعظيم منزلته كفر بواح.
وفي الآية الثانية (105) أخبر تعالى عباده المؤمنين بأن الكفرين من أهل الكتاب ومن غيرهم من المشركين الوثنيين لا يحبون أن يُنزل عليكم من خير من ربكم وساء كان قرآنُاً يحمل أسمى الآداب وأعظم الشرائع وأهدى سبل السعادة والكمال، أو كان غير ذلك من سائر أنواع الخيرات، وذلك حسداً منهم للمؤمنين كما أخبرهم أنه تعالى يختص برحمته من يشاء من عباده فحسد الكافرين لكم لا يمنع فضل الله عليكم ورحمته بكم متى أرادكم بذلك.
هداية الآيتين:
من هداية الأيتين:
1- وجوب التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مخاطبته بعدم استعمال أي لفظة قد تفهم غير الإِجلال والإِكبار له صلى الله عليه وسلم.
2- وجوب السماع لرسول الله بامتثال أمره واجتناب نهيه، وعند مخاطبته لمن أكرمهم الله تعالى بمعايشته والوجود معه.
3- التحذير من الكافرين كتابيين أو مشركين لأنهم أعداء حسدة للمؤمنين فلا يحل الركون إليهم والإِطمئنان إلى أقوالهم وأفعالهم، إذ الريبة لا تفاقهم.