- 9 أبريل 2006
- 1,101
- 0
- 36
-بسم الله-
الحمد لله الذي جعل النار مثوى للكافرين ، وعاقبة المجرمين والمتكـبرين والمتجبرين ، فهو الحكم العدل شديد العقاب ، وأحكم الحاكمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الملك الحق المبين ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي حذر وأنذر ، وأخبر أن جهنم مثوى الظالمين ، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه أئمة المتقين ، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد : أيها الناس ، اتقوا ربكم ، واتقوا النار التي أعدت للكافرين ، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ، فإن الله أخبر أنه لا يصلى النار إلا الأشقى ، الذي كذب وتولى ، وجمع فأوعى ، ونسي المبتدأ والمنتهى ، فهي دار من طغى وبغى وتجبر على الخلق وآثر الحياة الدنيا ، دار الشقاء الأبدي والعذاب الشديد السرمدي ، دار جمع الله فيها للطاغين أصناف العذاب ، وأحل على أهلها السخط والسعير والحجاب ، دار اشتد غيظها وزفيرها ، وتفاقمت فظاعتها وحمي سعيرها ، قعرها بعيد ، وعذابها شديد ولباس أهلها القطران والحديد ، وطعامهم الغسلين وشرابهم الصديد ، يتجرعه المجرم ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان ، وما هو بميت فيستريح من التنكيد ، يتردد أهلها بين الزمهرير المفرط برده وبين السعير ، ويلاقون فيها العنا والشقا ، فيا بئس المثوى ويا بئس المصير ، ويلقى عليهم الجوع الشديد المفظع ، والعطش العظيم الموجع ، فيستغيثون للطعام والشراب ، فيغاثون من هذا العذاب بأفظع عذاب ، يغاثون بماء كالمهل وهو الرصاص المذاب ، خبيث الطعم منتن الريح حره قد تناها ، إذا قرب من وجوههم أسقط جلدها ولحمها وشواها ، وإذا وقع في بطونهم صهرها وقطع أمعاءها ، يغلي طعام الزقوم في بطونهم كغلي الحميم ، فشاربون عليه من الحميم ، فشاربون شرب الإبل العطاش الهيم ، هذا نزلهم فبئس النزل غير الكريم ، ينادودن مالكا خازن النار:{ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} فيقول{إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}{ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} وينادون مستغيثين بربهم { رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ}{ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُون}{ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } فحينئذ ييأسون من كل خير ويأخـذون في الزفـير والشهيق ، وكلما رفعهم اللهب وأرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم : ذوقوا عذاب الحريق ، لا يفتر عنهم من عذابها وهم فيه مبلسون ، ويبكون دما بعد الدموع فلا يرحمون ، جزاء بما كانوا يكسبون ، قد فاتهم مرادهم ومطلوبهم ، واعترفوا بذنوبهم وأحاطت بهم ذنوبهم يدعون بالويل والثبور: يا ثبوراه ! يا حسرتنا على ما فرطنا في جنب الله ! واحزننا من فظيعة العذاب والشقا ، واكربنا من دار العقاب وتجدد العنا ، وافجيعتنا من الخلود في الجحيم ويا عظيم البلا ، فمالنا من شافعين ، ولا أولياء وأخلاء دافعين ، قد نسينا الرحمن في العذاب كما نسيناه وكما جحدنا آياته وجزاءه ولقاه ، فوالله إن أفئدتنا لتفتت من قوة العقاب ، وإن قلوبنا لتتقطع من الكروب وعظم المصاب ، سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ، فالعذاب دائم وسواء دعونا أو سكتنا فليس لنا مشفق ولا ولي ولا راحم . بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .
"خطبة في النار وصفتها وأهلها"
رقم الخطبة 16 من ( الفواكه الشهية في الخطب المنبرية )
من كتاب"الفواكه الشهية في الخطب المنبرية والخطب المنبرية على المناسبات
"للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله -.
الناشر : الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد تاريخ النشر : 1412هـ - 1991م
__________________
:36_1_44: اللهم ارزقنا الجنة
الحمد لله الذي جعل النار مثوى للكافرين ، وعاقبة المجرمين والمتكـبرين والمتجبرين ، فهو الحكم العدل شديد العقاب ، وأحكم الحاكمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الملك الحق المبين ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي حذر وأنذر ، وأخبر أن جهنم مثوى الظالمين ، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه أئمة المتقين ، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد : أيها الناس ، اتقوا ربكم ، واتقوا النار التي أعدت للكافرين ، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ، فإن الله أخبر أنه لا يصلى النار إلا الأشقى ، الذي كذب وتولى ، وجمع فأوعى ، ونسي المبتدأ والمنتهى ، فهي دار من طغى وبغى وتجبر على الخلق وآثر الحياة الدنيا ، دار الشقاء الأبدي والعذاب الشديد السرمدي ، دار جمع الله فيها للطاغين أصناف العذاب ، وأحل على أهلها السخط والسعير والحجاب ، دار اشتد غيظها وزفيرها ، وتفاقمت فظاعتها وحمي سعيرها ، قعرها بعيد ، وعذابها شديد ولباس أهلها القطران والحديد ، وطعامهم الغسلين وشرابهم الصديد ، يتجرعه المجرم ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان ، وما هو بميت فيستريح من التنكيد ، يتردد أهلها بين الزمهرير المفرط برده وبين السعير ، ويلاقون فيها العنا والشقا ، فيا بئس المثوى ويا بئس المصير ، ويلقى عليهم الجوع الشديد المفظع ، والعطش العظيم الموجع ، فيستغيثون للطعام والشراب ، فيغاثون من هذا العذاب بأفظع عذاب ، يغاثون بماء كالمهل وهو الرصاص المذاب ، خبيث الطعم منتن الريح حره قد تناها ، إذا قرب من وجوههم أسقط جلدها ولحمها وشواها ، وإذا وقع في بطونهم صهرها وقطع أمعاءها ، يغلي طعام الزقوم في بطونهم كغلي الحميم ، فشاربون عليه من الحميم ، فشاربون شرب الإبل العطاش الهيم ، هذا نزلهم فبئس النزل غير الكريم ، ينادودن مالكا خازن النار:{ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} فيقول{إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}{ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} وينادون مستغيثين بربهم { رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ}{ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُون}{ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } فحينئذ ييأسون من كل خير ويأخـذون في الزفـير والشهيق ، وكلما رفعهم اللهب وأرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم : ذوقوا عذاب الحريق ، لا يفتر عنهم من عذابها وهم فيه مبلسون ، ويبكون دما بعد الدموع فلا يرحمون ، جزاء بما كانوا يكسبون ، قد فاتهم مرادهم ومطلوبهم ، واعترفوا بذنوبهم وأحاطت بهم ذنوبهم يدعون بالويل والثبور: يا ثبوراه ! يا حسرتنا على ما فرطنا في جنب الله ! واحزننا من فظيعة العذاب والشقا ، واكربنا من دار العقاب وتجدد العنا ، وافجيعتنا من الخلود في الجحيم ويا عظيم البلا ، فمالنا من شافعين ، ولا أولياء وأخلاء دافعين ، قد نسينا الرحمن في العذاب كما نسيناه وكما جحدنا آياته وجزاءه ولقاه ، فوالله إن أفئدتنا لتفتت من قوة العقاب ، وإن قلوبنا لتتقطع من الكروب وعظم المصاب ، سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ، فالعذاب دائم وسواء دعونا أو سكتنا فليس لنا مشفق ولا ولي ولا راحم . بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .
"خطبة في النار وصفتها وأهلها"
رقم الخطبة 16 من ( الفواكه الشهية في الخطب المنبرية )
من كتاب"الفواكه الشهية في الخطب المنبرية والخطب المنبرية على المناسبات
"للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله -.
الناشر : الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد تاريخ النشر : 1412هـ - 1991م
__________________
:36_1_44: اللهم ارزقنا الجنة