إعلانات المنتدى


مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

مرشد الحيالي

عضو شرف ومشرف سابق
عضو شرف
11 أبريل 2008
3,980
151
63
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي جعل القران شفاء لما الصدور وهدى ورحمة للمومنين وجعله كالبحر الذي لاساحل له كلما غاص المرء فيه اكتشف من العجائب التي لاتخطر ببال ولاياتي عليه حال وكلما استنار بنوره وجد فيه ارضا خصبة للعقول للبحث والتنقيب والمعقول واشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له المتفرد على الدوام بالجلال وهو صاحب الملك والاجلال وان محمد عبده ورسوله امام اهل البلاغة والفصاحة علمه الله مالم يعلم وكان فضل الله عليه عظيما وبعد:

فاني رايت كتاب الله العظيم فيه من الايات الباهرة والعجائب الظاهرة ما يجعله محط الاعجاب لياخذ بعقول اولي الالباب فيحرك الهمم وينشط العزائم لما حوى من جمال التعبير ومتانة الاسلوب في حالتي الاضافة والتغيير ولما فيه من قوة النظم وبراعة الاستهلال ولما حواه من الاخبار عن الغيبات التي لايعلمها الا الله ذو الجلال الامن شاء من خلقه واصطفاه لنفسة وقد رايت ان اعيش في ظلاله واتنسم من عبيره الفواح واقطف من ثماره بالغدو والرواح لان ذلك من اعظم النعم وافضل المنن ولهذا قررت ان ابحث في مكنونه واغوص في اسراره وكنوزه وخاصة ما يتعلق بجانب الاعجاز البلاغي من سوره كسورة القيامة وقد رايت على صفحات احدى المواقع القرانية والتي تهتم بهذا بجانب مهم من الدراسات البلاغية من كتاب الله كلمات يسيرة عن اعجاز هذه السورة لاتتجاوز الاسطر فرايت ان ذلك لايفي بالغرض ولايروي الغليل ولايشفي العليل فقررت ان ازيد في الشرح واوسع في البسط والطرح خاصة لموضوع له تعلق في نفسي منذ زمن وقد صادف الان قلبا خاليا فتمكنا ولله الحمد.

والسبب لاختياري موضع الفاصلة في القران ومن هذه السورة المباركة يعود الى سببين:
الاول:ان الامر يتعلق بدراسة الاساليب البلاغية لما لها من عظيم الاثر في اظهار جمال التعبير القراني واظهار براعته ومواطن الجمال فيه.


والثاني :لما للفاصلة من تاثير على النص القراني بشكل عام والسورة المكية ذات الايقاع السريع بشكل خاص.
اما السبب في اختياري لهذه لسورة -القيامة -فانه لما حوته من دلالات ومعاني تعجز العقول عن ادراك مكنونها والاحاطة باسرارها فالسورة على قصر اياتها وسرعة ايقعاتها وقلة عدد اياتها قد حوت على معظم المطالب وجل المواهب واشتملت على جميع المقاصد وسدت على الجاحدين وكل راصد فشملت السورة مسائل البعث والنشور والحياة بعد النفخ في الصور ومن المسائل اعظم ما تنافس عليه المتنافسون وجاهد من اجله المجاهدون فقدموا من اجله ارواحهم وبذلوا اغلى ما يملكون من مهجهم ونفوسهم الا وهو النظر الى ربهم حيث ينسون ما هم فيه من النعيم المقيم وهم بالنظر اليه من الفائزين ورض الله عنهم بعد ذلك من اعظم النعم وهم بعدها من الخالدين المقيمين . وقد رايت ان الموضوع على اهميته وعظيم خطره لم يتاوله احد-حسب علمي -من الباحثين بالتفصيل وانما هي اشارات ولمحات لاتفي بالمطلوب ولاتسد نهم من طلب المرغوب.



وقد قسمت على هذا الاساس البحث الى ثلاثة فصول وخاتمة

الفصل الاول :جعلته دراسة نظرية شملت مبحثين الاول :مفهوم الاعجاز القراني وخصصت الكلام عن الاعجاز البياني البلاغي لما له من تعلق شديد بالموضوع فعرضت مفهومه وبينت مقاصده واهدافه ووضحت مظاهره واستعرض تاريخه ونشائته وابرزت دور علماء البلاغة وعلى راسهم الجرجاني في انضاج ابحاثه وبيان ادلته وبراهينه.
الثاني :خصصت المبحث لبيان مكامن الاعجاز واقسامه واعطيت مثالا لكل واحد لاجل الايضاح والبيان وجعلت من سورة لقيامة مثالا يحتذى به في ابراز هذا الجانب من الاعجاز كي تكتمل الصورة وتتجلى الحقيقة وقبل ذلك شرعت في بيان عظمة القران العظيم ومن افواه من يعادونه ويحاولون تحريفه ونقظه ولكن ابى الله الا ان يظهر حرمته وعظمته وفضلة ومن افواهمم ومنطقهم لتتم الحجة على العباد اجمعين كيف لا والقران ابهر الفصحاء والبلغاء وبين عجزهم وانهم امام هذاا لطود الشامخ من الحائرين وامام فصاحته وبلاغته من المبهورين المعجبين


الفصل الثاني :بينت تعريف الفاصلة التي هي غاية المراد من الموضوع ولب المقصود فبينت عظمة البلاغة في القران والذي هو اعلى طبقات الفصاحة ثم بعدها تاثير الفاصلة على النص القراني وهو من مواضيع المبحث الثالث اما المبحث الثاني فقد شملت احصائية مبسطة للفواصل القرائنية وبهذا اكون قد ختمت الجانب النظري من الموضوع لانتقل الى الجانب التطبيقي والتحليلي وهو الفصل الثالث والاخير من الرسالة.

الفصل الثالث :وتناولت المنهج التحليلي للسورة ومن خلال تطبيق ما ذكر من الكلام السابق من قواعد واصول تضمنها البحث من بيان الاعجاز القراني في السورة اذ هذا هو المقصود من البحث وهو غاية المراد ومنتهى المئمول فخصصت المبحث الاول من الفصل الثالث في تفسير السورة وبيان مافيها من روعة البلاغة ودقة الفصاحة في اختيار الالفاظ التي لو اجتمع العالم على ان يختاروا لفظة مرادفة مناسبة تحل محلها لما استطاعوا الى ذلك سبيلا فشرعت في بيان مناسبة الايات لسياق السورة وما يحوم حولها من مقاصد ويدور حولها من فرائد لان البلاغة لاتقوم على دراسة المفردة قيل معرفة ما يحوم حولها من مقاصد ومناسبات وملابسات ودلالات وبذلك تتجلى للمرء عظمة الكلام وما يتظمنه من لطيف المعنى من لدن العلام .

ولقد تنوعت في هذا البحث المصادر وتعددت الكتب من تراجم وتفاسير ومعاجم اما المبحث الثاني وهو الاخير قبل الخاتمة فقد تناولت اثر الفاصلة على السورة وبيان ما ااحاط بها من جمال وروعة لايملك العقل الاان يسجد سجودا لايرفع راسه الى يوم الدين ليشهد على عظمة الخالق وعظمة كلامه المبين رباه ما اعظمك وما اشد حلمك نقراء كتابك ونتلفظ بكلامك ولكن لانتلمس فيه مواطن الاعجاز ولاتخشع هذه القلوب لعظمتة ولروعة الايجاز ربنا لاتواخذنا بذنوبنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ولاادعي اني اتيت بعد هذه المقدمة بجديد او جمعت فيه كل المفيد فانما انا متطفل على مائدة القران ولكن ارجو ممن قال فيهم المولى في الحديث القدسي هم الجلساء لايشقى بهم جليسهم والى الشروع في المقصود والدخول فيما هو معقود سائلا المولى ان اسلم من كل الردود وهو حسبي ونعم الودود. .

وكتبه الراجي عفو ربه المكبل بالقيود
مرشد محمد الحيالي
 
التعديل الأخير:

هاني مكاوي

مراقب قدير سابق
28 مايو 2007
5,869
35
0
الجنس
ذكر
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

كعادتك يا أستاذنا الفاضل مرشد، رائع ومبدع.

وباسم أخوتي هنا كلهم، أشكرك لتخصيص هذا المنتدى بأبحاثك القيمة ودراساتك. أكرمك الله وزادك تألقا.
 

مرشد الحيالي

عضو شرف ومشرف سابق
عضو شرف
11 أبريل 2008
3,980
151
63
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

والله اخي هاني اكرمه الباري ان كلماتك تعطيني وتمنحمي دفعا معنويا من اجل المضي الى كتابة كل ماهو نافع ومفيد اسال الله ان يبارك في عملك وعمرك امين اللهم
 

حياة الدلع

مزمار جديد
12 أبريل 2008
8
0
0
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

ألف شكر للموضوع الرائع والمفيد

نفعك الله بعلمك ونفع بعلمك العالمين
 

إحسان صديق

مزمار فعّال
23 أغسطس 2008
60
0
0
الجنس
ذكر
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

فاولا نشكرك علي الموضوع الرااائع
وبعد نضيف مسئلة لطفة حول اعجاز القرآن

سنبين حكمة الاعجاز في بلاغة القرآن بخمس نقاط:
النقطة الاولى:
ان في نظم القرآن جزالة خارقة، وقد بيّن كتاب (اشارات الاعجاز في مظان الايجاز) من أوله الى آخره هذه الجزالة والمتانة في النظم، اذ كما أن عقارب الساعة العادَّة للثواني والدقائق والساعات يكمل كل منها نظام الآخر، كذلك النظم في هيئات كل جملة من جمل القرآن، والنظام الذي في كلماته، والانتظام الذي في مناسبة الجمل كل تجاه الآخر، وقد بُيّن كل ذلك بوضوح تام في التفسير المذكور. فمن شاء فليراجعه ليتمكن من أن يشاهد هذه الجزالة الخارقة في أجمل صورها، إلاّ اننا نورد هنا مثالين فقط لبيان نظم الكلمات المتعانقة لكل جملة (والتي لا يصلح مكانها غيرها بتناسق وتكامل).
المثال الاول:
قوله تعالى: (ولـئـن مسّـْتهـم نـفحـةٌ مـن عـذابِ ربـّك) (سورة الانبياء:46)
هذه الجملة مسوقة لإظهار هول العذاب، ولكن باظهار التأثير الشديد لأقله،

ولهذا فان جميع هيئات الجملة التي تفيد التقليل تنظر الى هذا التقليل وتمده بالقوة كي يظهر الهول:
فلفظ (لئن) هو للتشكيك، والشك يوحي القلة.
ولفظ (مسَّ) هو اصابة قليلة، يفيد القلة أيضاً.
ولفظ (نفحة) مادته رائحة قليلة، فيفيد القلة، كما أن صيغته تدل على واحدة، أي واحدة صغيرة، كما في التعبير الصرفي - مصدر المرة - فيفيد القلة..
وتنوين التنكير في (نفحةٌ) هي لتقليلها، بمعنى أنها شئ صغير الى حد لا يُعلم، فيُنكر.
ولفظ (من) هو للتبعيض، بمعنى جزء، فيفيد القلة.
ولفظ (عذاب) هو نوع خفيف من الجزاء بالنسبة الى النكال والعقاب، فيشير الى القلة.
ولفظ (ربك) بدلاً من: القهار، الجبار، المنتقم، فيفيد القلة أيضاً وذلك باحساسه الشفقة والرحمة.
وهكذا تفيد الجملة أنه:
اذا كان العذاب شديداً ومؤثراً مع هذه القلة، فكيف يكون هول العقاب الإلهي؟ فتأمل في الجملة لترى كيف تتجاوب الهيئات الصغيرة، فيُعين كلٌ الآخر، فكلٌ يمد المقصد بجهته الخاصة.
هذا المثال الذي سقناه يلحظ اللفظ والمقصد.
المثال الثاني:
قوله تعالى: (ومما رزقناهم يُنفقون) (البقرة: 3)
فهيئات هذه الجملة تشير الى خمسة شروط لقبول الصدقة:
الشرط الاول: المستفاد من " من " التبعيضية في لفظ (مما) أي: أن لا يبسط المتصدق يده كل البسط فيحتاج الى الصدقة.
الشرط الثاني: المستفاد من لفظ (رزقناهم) أي: أن لا يأخذ من زيد ويتصدق على عمرو، بل يجب أن يكون من ماله، بمعنى: تصدقوا مما هو رزق لكم.

الشرط الثالث: المستفاد من لفظ (نا) في (رزقنا) أي: أن لا يمنَّ فيستكثر، أي: لا منّة لكم في التصدق، فأنا أرزقكم، وتنفقون من مالي على عبدي.
الشرط الرابع: المستفاد من (ينفقون) أي: أن ينفق على مَن يضعه في حاجاته الضرورية ونفقته، وإلاّ فلا تكون الصدقة مقبولة على مَن يصرفها في السفاهة.
الشرط الخامس: المستفاد من (رزقناهم) أيضاً. أي: يكون التصدق باسم الله، أي: المال مالي، فعليكم أن تنفقوه باسمي.
ومع هذه الشروط هناك تعميم في التصدق، اذ كما أن الصدقة تكون بالمال، تكون بالعلم ايضاً، وبالقول والفعل والنصيحة كذلك، وتشير الى هذه الاقسام كلمة (ما) التي في (مما) بعموميتها. وتشير اليها في هذه الجملة بالذات، لانها مطلقة تفيد العموم.
وهكذا تجُود هذه الجملة الوجيزة - التي تفيد الصدقة - الى عقل الانسان خمسة شروط للصدقة مع بيان ميدانها الواسع، وتشعرها بهيئاتها.
وهكذا، فلهيئات الجمل القرآنية نظمٌ كثيرة أمثال هذه.
وكذا للكلمات القرآنية أيضاً ميدان نظم واسع مثل ذلك، كل تجاه الآخر. وكذا للكلام القرآني ولجمله دوائر نظم كتلك.
فمثلاً: قوله تعالى:
(قل هو الله أحد_ الله الصمد_ لم يلد ولم يولد_ ولم يكن له كفواً أحد).
هذه الآيات الجليلة فيها ست جمل: ثلاث منها مثبتة وثلاث منها منفية، تثبت ست مراتب من التوحيد كما تردّ ستة أنواع من الشرك. فكل جملة منها تكون دليلاً للجمل الاخرى كما تكون نتيجة لها. لان: لكل جملة معنيين، تكون باعتبار أحدهما نتيجة، وباعتبار الآخر دليلاً.
أي أن سورة الاخلاص تشتمل على ثلاثين سورة من سور الاخلاص. سور منتظمة مركبة من دلائل يثبت بعضها بعضاً، على النحو الآتي:
(قل هو الله): لانه أحد، لانه صمد، لانه لم يلد، لانه لم يولد،لانه لم يكن له كفواً أحد.

وكذا: (ولم يكن له كفواً أحد): لانه لم يولد، لانه لم يلد، لانه صمد، لانه أحد، لانه هو الله.
وكذا: (هو الله) فهو أحد، فهو صمد، فاذاً لم يلد، فاذاً لم يولد، فاذاً لم يكن له كفواً أحد.
وهكذا فقس على هذا المنوال.
منقول من كتاب الكلمات(معجزات القرأنية) / استاذ سعيد النورسي
 

مرشد الحيالي

عضو شرف ومشرف سابق
عضو شرف
11 أبريل 2008
3,980
151
63
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

جزيت خيرا اخي احسان على تسطير هذا البحث الماتع وهذا يؤيد ما ذهبنا اليه وما نرمي اليه من تصنيف هذا البحث الذي هو عبارة عن سلسلة حلقات وهذه مقدمتها بان الاعجاز هو في نظم الكلام كما ذهب الى ذلك الجرجاني في كتابه العظيم المشهور ولنا ان شاء الله في بيان وتوضيح هذه الجملة صولات وجولات اسال الله ان يوفقنا الى اتمامه واكماله على الوجه المرضي وبالله التوفيق
 

أم نيره

مزمار كرواني
9 يوليو 2007
2,786
2
0
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

ربنا يتقبل منك انه السميع العليم

ويكثر من أمثالك وينور دربك ويسدد خطاك
wel112.gif


ويصلح قلبك ويجملك بالصحة والعافية ويبارك لك فى علمك
wel112.gif


جزاك الله خير الجزاء والاحسان موضوع أكثر من رائع
 

مجدالبعداني

مزمار جديد
10 أكتوبر 2008
3
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

من اين احصل على الموضوع كاملا فهو مفيد جدا
 

مرشد الحيالي

عضو شرف ومشرف سابق
عضو شرف
11 أبريل 2008
3,980
151
63
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

لازلت في طور اعداد الحلقة الثانية وسترفع الى المنتدى المبارك عن قريب باذن الله
 

سعوديه

مزمار ذهبي
21 أكتوبر 2008
1,164
1
0
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله موضوع ررررائع جزاك الله خير وأثابك أخي مرشد

وجعله الله في موازين حسناتك وجعلك مباركا حيثما كنت.
t7
 

مرشد الحيالي

عضو شرف ومشرف سابق
عضو شرف
11 أبريل 2008
3,980
151
63
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

الحلقة الثانيه :
لقد ايد الله انبيائه بجملة معجزات هي دلائل وعلامات تدل على صدق واحقية مايدعون اليه من عقائد واحكام ،وكانت تلك المعجزات تلائم وتناسب حال الاقوام الذين بعثوا فيهم الرسل ، فقوم موسى اشتهر فيهم السحر وعمله حتى برعوا فيه فخاطبهم الله بما يفهموه ،وعيسى اشتهر قومه بالطب والعلم فبعث اليهم عيسى عليه السلام بابراء الاكمه والابرص، اما معجزة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فهي من نوع اخر فقد كانت معجزته القران في كونها اولا انها تناسب مايفهمه العرب من كونهم اهل فصاحة وبلاغة وبيان فكانت معجزة القران الكريم -وهو عين الفصاحة والبلاغة- وبلغتهم التي يتخاطبون بها وثانيا: كون معجزته والتي -هي القران- تناسب رسالته ونبوته وكونها الى كافة البشر الى قيام الساعة فحوى هذا الكتاب المعجز علوم الاولين والاخرين .

إن عظمةالقرآن الكريم تتمثل بأنه لم يأتي بمنهج لعصر دون العصور،او زمن دون الازمان بل هو معجزة الله الباقية الخالدة مادامت الأيام، وما زال العلماء على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم يكتشفون من هذا القران من الاكتشافات العلمية مما يدخل في اختصاص اهل الصنعة والشان الشئ الكثير ،واما اهل البلاغة واللغة فلهم مع كتاب الله خبر عجيب وامر غريب نظرا لما حواه من لمسات بيانية واشراقات ايمانية ،وتناسب بين سوره بله اياته ،وارتباط بين خواتمه وفواصله، مما حملهم على بذل الغالي بل نفائس ما يملكونه للغوص في اعماق بحوره من اجل التقاط درره وجواهره، ويجدون في البحث والتنقيب وكتابة البحوث والترتيب عظيم اللذة والسرور، وراحة النفس والحبور، وبحثنا هذا قد عقد من اجل بيان عظمة كتابه ،وروعة سوره واياته وبالله التوفيق .

هذا من الناحية البحثة والعلمية، ومن الناحية النفسية الروحية فكون القران سبيل لسعادة الانسان بل سعادة الامة مما لايحتاج فيه الى بيان بل هو واضح كوضوع الشمس في العيان ،فمن يتامل حال الامة قبل هدايتها وما كانت فيه من ضلال وجاهلية جهلاء حتى ادركتها عناية الباري بالقران يجد الفرق ابعد مما بين المشرق والمغرب .إن من فضائل القرآن[1] ...-وهي لا تحصى- حصول السعادة العظمى والعزة لمن يقبل عليه ويتلوه حق تلاوتهوهذه السعادة وتلك العزة تحصل للفرد وللأمة.
قال تعالى(طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى((
وقال تعالى( ولله العزةولرسوله وللمؤمنين((
فالقرآن الكريم حبل الله المتين وصراطه المستقيم سناهالله نورا وتبيانا وموعظة ورحمة وشفاء لما في الصدور لا تنقضي عجائبه ولا يخلق عنكثرة الرد لايعوج فيقوم ولا يزيغ فيستعتبفيه القصص العجيبة وجلائل التوحيد والنبوة فيه المواعظ الحسنة النافعة وفيه البراهين الجليلة القاطعة التي تسبق إلى الإفهام ببادئ الرأي وأول النظر ويشترك كافة الخلق في إدراكها فهو مثل الغذاء ينتفعبه كل إنسان بل كالماء الذي ينتفع به الصبي والرضيع والرجل القوي والضعيفة الحث على كل خلق جميل وفيه التنفير من كل خلق ساقط .
هذا القرآن هو الذي أحرزت به الأمة سعادة الدارين وهو الذي اجتث منها عروقالذلة والاستكانة فهو الذي رباها وأدبها فزكى منها النفوس وصفى القرائح واذكي الفطنوجلا المواهب واعلي الهمم وأرهف العزائم واستثار القوى وغرس الإيمان في الأفئدةوملا القلوب بالرحمة وحفز الأيدي للعمل النافع والجوارح للسعي المثمر ثم ساق هذهالقوى على ما في الأرض من شر وباطل وفساد فطهرها منه تطهيرًا وعمرها بالحق والخيروالإصلاح تعميرًا.
هذا القرآن هو الذي أنار العقول على النور الإلهي فأصبحتكشافة عن الحقائق العليا وطهر النفوس من ادران السقوط والإسفاف فأصبحت نزاعة إلى المعالي مقدمة على العظائم وبهذه الروح القرآنية اندفعت تلك النفوس بأصحابها تفتح الآذان قبل البلدان وتمتلك بالعدل والإحسان الأرواح قبل الأشباح.
هذاالقرآن هو الذي اخرج الله به من رعاة النعم رعاة الأمم ومن خمول الجهل أعلام الحكمةوالعدل والعلم ولكن السر كل السر ليس في تلاوته فحسب وإنما هو في تدبره وعقلهوالتخلق بأخلاقه والائتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه
هذا وان من علاماتالتوفيق وإمارات الفلاح إن يوفق الإنسان لحب القرآن والإقبال عليه تعلمًا وتعليمًا وتلاوة وبذلاً وعملاً لأجل نشره والدعوة إليه.
فيا لسعادة اولئك ويا لعزهم فيالدنيا والآخرة ويا لحرمان من حرم ذلك الخير وصد عن ذلك النورجعلنا اللهمن أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته وجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر مباركين أينما كنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد،وللحديث بيقة باذن الله .
______________

[1] انظر فضائل القران في كتاب التبيان في آداب حملة القران للنووي وآداب القران للاجري
 
التعديل الأخير:

الوهراني

مزمار داوُدي
26 أبريل 2008
3,836
27
48
الجنس
ذكر
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

ما شاء الله
أعجبتني المقدمة ...... موضوع البحث قيم بارك الله فيك
بانتظار إكماله ..... و الله الموفق
جزاكم الله عنا خيرا

و الشكر موصول للأخ إحسان صديق على زيادة الفائدة
 
التعديل الأخير:

منيرة بنت فهد

مزمار جديد
26 فبراير 2013
2
0
0
الجنس
أنثى
القارئ المفضل
أحمد علي العجمي
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

جزاكم الله خير الجزاء و سدد خطاكم

....
 

منيرة بنت فهد

مزمار جديد
26 فبراير 2013
2
0
0
الجنس
أنثى
القارئ المفضل
أحمد علي العجمي
رد: مكامن الاعجاز في فواصل سورة القيامة المقدمة

كيف يمكنني الاطلاع على باقي صفحات البحث

لا يظهر لي سوى الصفحة الأولى فقط
 

aicha dja

مزمار جديد
16 فبراير 2018
1
0
1
الجنس
أنثى
القارئ المفضل
أحمد علي العجمي
علم البلد
السلام عليكم ممكن البحث كامل انا احتاج الى الاطلاع على هذا البحث لو سمحتم لانه لا يظهر لي سوى الصفحة الأولى فقط
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع