إعلانات المنتدى


الإدغام وأقسامه وأحكامه في المتماثلين والمتجانسين والمتقاربين

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد

بسم الله الرحمن الرحيم

الإدغام وأقسامه وأحكامه


( مقدمة

تقدم في باب النون الساكنة والتنوين تعريف الإدغام لغة واصطلاحاً كما تقدم في نفس الباب

تعريف ما يقابله وهو الإظهار في اللغة والاصطلاح أيضاً ونقول هنا: إن الإظهار هو

الأصل لعدم احتياجه إلى سبب والإدغام فرع عنه لاحتياجه إلى السبب كما سنوضحه قريباً.

بقي لنا أن نتكلم على أسباب الإدغام وفائدته وشروطه وكيفيته وأقسامه وموانعه

والمقصود ذكره في هذا المختصر فنقول وبالله التوفيق ومنه العون.

أساب الإدغام

أما أسبابه فثلاثة وهي: التماثل والتقارب والتجانس وقد تقدم الكلام مستوفى على هذه الثلاثة

في الباب السابق مما أغنانا عن إعادته هنا.

فائدة الإدغام

أما فائدته فهي التخفيف والتسهيل في النطق إذ النطق بحرف واحد فيه خفة وسهولة

عن النطق بحرفين.

شروط الإدغام

للإدغام شرطان:

الأول: خاص بالمدغم وهو الحرف الأول.

الثاني: خاص بالمدغم فيه وهو الحرف الثاني.


أما الشرط الخاص بالمدغم فهو التقاؤه بالمدغم فيه خطاً ولفظاً كالنون مع الراء في نحو {مِّن

رَّبِّهِمْ} أو خطاً لا لفظاً فيدخل الهاءان في نحو {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً}. ويمتنع كونه لفظاً لا

خطاً فيخرج النونان في نحو {أَنَاْ نَذِيرٌ}.

وأما الشرط الخاص بالمدغم فيه فهو أن يكون أكثر من حرف إذا كان الإدغام في كلمة،

فيدخل القاف والكاف في نحو {أَلَمْ نَخْلُقكُّم} بالاتفاق ونحو {خَلَقَكُمْ} و{رَزَقَكُمْ}

و{يَخْلُقُكُمْ} و{سَبَقَكُمْ} عند من أدغم ويخرج نحو {خَلَقَكَ} و{نَرْزُقُكَ} فلا إدغام فيه.

كيفية الإدغام

أما كيفيته فهي جعل المدغم وهو الحرف الأول من جنس المدغم فيه وهو الحرف الثاني فمثلاً

إذا أدغمت النون في اللام أو في الراء في نحو {مِن لَّدُنَّا}. {مِن رِّزْقِ اللَّهِ} فتقلب النون لاماً في

المثال الأول وراء في المثال الثاني وتدغم اللام في اللام والراء في الراء وحنيئذ يصير انلطق

بلام مفتوحة مشددة بعد الميم في {مِن لَّدُنَّا} وبراء مكسورة مشددة بعد الميم في {مِن رِّزْقِ اللَّهِ}.

ومن ثم يتضح أن هذه الكيفية تمت بعملين هما: قلب المدغوم وهو الحرف الأول من جنس المدغم

فيه وهو الحرف الثاني. ثم إدغامه في المدغم فيه. وهذان العملان فيما إذا كان الإدغام في غير

المثلين.

أما إذا كان الإدغام في المثلين فيكيفته تتم بعمل واحد وهو إدغام الأول في الثاني كالفاء

في نحو {َلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ}.

وكل من العملين اللذين في إدغام غير المثلين والعمل الواحد الذي في إدغام المثلين فيما إذا

سكن الحرف الأول من المثلين أو المتقاربين أو المتجانسين.

أما إذا تحرك الحرفان في كل من الثلاثة فتتم كيفية الإدغام بعملين اثنين في المثلين وبثلاثة

أعمال في المتقاربين والمتجانسين.

أما عملا إدغام المثلين فهما تسكين المدغم ثم إدغامه في المدغم فيه كالميمين في نحو {الرَّحِيمِ *

مَـالِكِ} وحينئذ يصير النطق بميم واحدة مفتوحة مشددة بعد الياء المدية

وأما الأعمال الثلاثة التي في إدغام المتقاربين والمتجانسين فهي قلب المدغم من جنس

المدغم فيه. ثم تسكينه. ثم إدغامه في المدغم فيه مثال إدغام المتقاربين القاف في الكاف

من نحو {خَلَقَكُمْ}.

ومثال إدغام المتجانسين التاء المثناة فوق في الطاء المهملة في نحو {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ}

وهنا يصير النطق في {خَلَقَكُمْ} بكاف واحدة مضمومة مشددة بعد اللام. وبطاء واحدة مفتوحة

مشددة بعد الفاء المد المعانقة للام في {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ}.

وهنا يتضح جليًّا أن المدغم في الأمثلة الواردة ذكرها في كيفية الإدغام هذه لم يبق له أثر

لاستهلاكه في المدغم فيه كما هو واضح في النطق، والله أعلم.

أقسام الإدغام

أما أقسامه فأثنان: صغير وكبير:

فالصغير هو إدغام ساكن في متحرك كإدغام التاء في الدال في نحو {حَصَدتُّمْ} والميم في

الميم في نحو {كَم مِّن فِئَةٍ} والقاف في الكاف من {أَلَمْ نَخْلُقكُّم}.

وسمي صغيراً لقلة أعمال المدغم حال الإدغام بالنسبة للكبير. وقيل لكونه إدغام ساكن في متحرك.

والكبير هو إدغام متحرك في متحرك كإدغام اللام في اللام في نحو {جَعَلَ لَكُمُ} والتاء المثناة فوق

في السين وفي الطاء المهملتين في نحو {?لصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ} و{الصَّالِحَاتِ طُوبَى}.

وسمي كبيراً لكثرة أعمال المدغم وقد تقدم آنفاً تفصيل ذلك أثناء الكلام على كيفية الإدغام وقيل

لكونه إدغام متحرك في متحرك وقيل لكثرة وقوعه. وقيل لتأثيره في إسكان المتحرك قبل إدغامه.

وقيل لشموله المثلين والمتقاربين والمتجانسين وقيل غير ذلك.

موانع الإدغام

أما موانعه بالنسبة للإدغام الكبير فهي مبسوطة في كتب الخلاف تركنا ذكرها هنا طلباً للاختصار

لأن الإدغام الكبير لم يقع في رواية حفص عن عاصم إلا في كلمتين تقدم ذكرهما عند الكلام على

تعريف المثلين.

وأما موانع الإدغام بالنسبة للصغير فسنذكرها إن شاء الله تعالى عند ذكر الإدغام الممتنع منه.

المقصود ذكره من الإدغام في هذا المختصر

أما المقصود ذكره منه في هذا المختصر فهو الإدغام الصغير لأنه الأهم بالنسبة للمبتدئين في هذا

الفن وبالأخص معرفة الواجب منه ولأنه أشد تعلقاً برواية حفص عن عاصم المشهورة في كثير

من الأمصار.

أما الإدغام الكبير فلم يقع في رواية حفص عن عاصم إلا في كلمات يسيرة كما تقدم منها كلمة

{مَكَّنِّي} بالكهف وتقدم الكلام عليها في المثلين.

وكلمة {لاَ تَأْمَنَّا} بيوسف وسنذكرها في خاتمة باب الإدغام بعون الله سبحانه ولذا تركنا ذكر الكبير

في هذا المختصر وفيما يلي الكلام على ما قصدنا ذكره وهو الإدغام الصغير.

الكلام على الإدغام الصغير

وهوما كان الحرف الأول ساكناً والثاني متحركاً كما تقدم ويقع في كل من المثلين والمتقاربين

والمتجانسين وينقسم هذا الإدغام إلى ثلاثة أقسام: واجب وجائز وممتنع ثم إلى كامل وناقص.

1- فالواجب هو ما وجب إدغامه عند كل القراء.

2- والممتنع هو ما امتنع إدغامه عندهم كذلك.

3- والجائز هو ما جاز أدغامه وأظهاره عند بعضهم
.

1- الإدغام الكامل هو سقوط المدغم ذاتاً وصفة بإدغامه في المدغم فيه وبذلك يصير المدغم

والمدغم فيه حرفاً و احداً مشدداً نحو {مِن لَّدُنِّي} وسمي إدغاماً كاملاً لاستكمال التشديد.

2- والإدغام الناقص هو سقوط المدغم ذاتاً لا صفة بإدغامه في المدغم فيه وبذلك يصير المدغم

والمدغم فيه حرفاً واحداً مشدداً تشديداً ناقصاً نحو {فَرَّطَتُ} وسمي بذلك لأنه غير مستكمل

التشديد وفيما يلي الكلام على كل مفصلاً.

الكلام على الإدغام الواجب

وسمي بذلك لإجماع القراء على وجوب إدغامه ويكون في المثلين والمتقاربين والمتجانسين

وإليك بسط الكلام على كل.

الإدغام الواجب في المثلين وضابطه

وهو مشروط بشرطين:

الأول: متفق عليه.

والثاني: مختلف فيه.


أما الشرط المتفق عليه فهو ألا يكون أول المثلين حرف مد كالواوين في نحو قوله تعالى:

{اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَ?تَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وكالياءين في نحو {الَّذِى يُوَسْوِسُ} فإن

كان كذلك فحكمه الإظهار بالإجماع لئلا يذهب المد بسبب الإدغام. فلذا بقي الإظهار محافظة

على المد.

أما إذا سكنت الواو الأولى وانفتح ما قبلها وجب إدغامها في المتحركة بعدها نحو قوله تعالى:

{ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ} {آوَواْ وَّنَصَرُواْ} وذلك لأن حرف اللين بمنزلة الصحيح. ولم

يقع في القرآن الكريم ياء لينية بعدها ياء متحركة ولو وقعت لوجب الإدغام.

وأما الشرط المختلف فيه فهو ألا يكون أول المثلين هاء سكت. ولم يقع من ذلك في التنزيل إلا

موضع واحد وهو لفظ {مَالِيَهْ} من {مَالِيَهْ * هَّلَكَ} بالحاقة، الآيتان: 28 ، 29. وقد اختلف فيه.

فقال البعض بالإدغام على القاعدة العامة، "أي أن أول المثلين ساكن وليس حرف مد، والثاني

متحرك كما سيأتي بعد". وقال البعض الآخر بالإظهار وهو الأرجح والمقدم في الاداء وعليه

الجمهور.
ووجهه أن هاء السكت لا حظ لها في الإدغام. وكيفية الإظهار الوقف على هاء "ماليه" وقفة

لطيفة من غير تنفس. وهذان الوجهان أي الإظهار والإدغام جائزان في حال وصل ماليه

بهلك لمن أثبت الهاء من القراء حنيئذ ومنهم حفص عن عاصم.

أما في حالة الوقف فلا خلاف في إثبات الهاء للكل.

وفيما سوى هذين الشرطين يدغم أول المثلين في الثاني وجوباً لكل القراء سواء كان في كلمة

نحو {يُدْرِككُّمُ} {يُوَجِّههُّ} {الم} {المر} أو في كلمتين نحو {رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ} {اضْرِب بِّعَصَاكَ}.

{فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ} {وَقَدْ دَّخَلُواْ} {كَانَت تَّأْتِيهِمْ} {قُل لَّكُم} {عَصَوْاْ وَّكَانُواْ} {إِن نَّشَأْ}.

{إِذ ذَّهَبَ} وما إلى ذلك.

ويسمى إدغام مثلين صغيراً. فإن كان مصحوباً بالغنة نحو {كَم مِّن فِئَةٍ} و{الم} و{لَن نُّؤْمِنَ}

فيمسى إدغام مثلين صغيراً مع الغنة.

وقد أشار العلامة الجمزوري في كنز المعاني إلى وجوب إدغام المثلين الصغير للجميع

بالشروط التي ذكرنا بقوله فيه رحمه الله تعالى:

*وما أوَّلُ المثْلَيْن فيه مُسَكَّن * فلا بُدَّ من إدغامِه مُتَمَثِّلا*

*لدى الكلِّ إلاَّ حرف مَد فأظْهِرنْ * كقالوا وَهُمْ في يَوْمِ وامدُدُهُ مُسْجَلاَ*

*لِكُلِّ وإلاَّ هاءُ سَكْت بمَالِيَهْ * ففيهِ لهُمْ خُلْفٌ والإظهارُ فُضِّلاَ*

*بسَكْت ... ... ... ... * ... ... ... ... ... اهـ*

كما أشار أيضاً العلامة السمنودي في لآلىء البيان بقوله عفا الله عنه:

*أوَّلَ مِثْلَى الصَّغير دُون مَدّ * أدْغِمْ ولكنْ سَكْت مَالِيَهُ أسَدَ أهـ*


الإدغام الواجب في المتقاربين وحروفه الخاصة به

وهو ليس مطلقاً كإدغام المثلين بل في أحرف مخصوصة. منها ما هو مطرد في التنزيل.

ومنها ما هو خاص بموضعه. وهذه الأحرف هي:

1- اللام الساكنة في الراء سواء كانت من حرف "بل" أو من فعل "قل" نحو {بَل رَّبُّكُمْ}

{بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}. {وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً}.

وما ذكره إمامنا الحافظ السيوطي في الإتقان من التثميل بقوله: "هل رَّأيتم" فهو سهو منه رحمه

الله إذ الراء لا تقع بعد هل في القرآن الكريم ألْبَتَّه ويستثنى من هذا النوع إدغام لام بل في الراء

من {بَلْ رَانَ} بالمطففين الآية:14، لحفص عن عاصم من الشاطبية بسبب سكته عليها والسكت

يمنع الإدغام.

2- النون الساكنة ولو تنويناً في خمسة أحرف وهي: "اللام والراء والميم والواو والياء".

مثال النون مع هذه الأحرف {مِّن رَّبِّهِمْ} {مِّن لَّدُنْهُ} {مِّن مَّالِ اللَّهِ} {مِن وَلِيٍّ} {إِن يَقُولُونَ}.

ومثال التنوين معها نحو {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ} {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)} {مَثَلاً مَّا} {وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً}

{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ}.

بقي حرف واحد من الأحرف التي تدغم فيه النون الساكنة ولو تنويناً وهو "النون" نحو

{إِن نَّقُولُ} {يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} وهو حنيئذ من باب المثلين الذين ذكرناه آنفاً وقد مثلنا له هناك

بنحو هذا فتأمله.

أما الكلام على الغنة وعدمها في هذا الإدغام فسيأتي عند الكلام على نقصان الإدغام وكماله

إن شاء الله تعالى.

هذا: ويستثنى من هذا النوع إدغام النون الساكنة في الراء من قوله تعالى: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ}

بالقيامة عند حفص عاصم من الشاطبية بسبب سكته على النون والسكت يمنع الإدغام.

3- الإدغام الشمسي وهو إدغام لام التعريف في حروفها الأربعة عشر الخاصة بها المتقدمة

في قوله: "طب ثم صل ... البيت" باستثناء حرف واحد منها وهو اللام في نحو {وَالْلَّيْلِ إِذَا

يَغْشَى} فإنه من قبيل إدغام المثلين والأمثلة غير خفية لتقدمها في محلها كما تقدم هناك أيضاً

وجه إدغام لام التعريف في القرب والمثل اتفاقاً واختلافاً فارجع إليه إن شئت.

4- القاف الساكنة في الكاف في قوله تعالى بالمراسلات: {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ}،.

ويسمى كل ما ذكرنا في هذا الإدغام إدغام متقاربين صغيراً وتزداد كلمة بغنة إن كان

مصحوباً بها كإدغام النون الساكنة والتنوين في الميم والواو والياء وكذلك لام التعريف في

النون نحو {مِّنَ النُّورِ} فتأمل.

الإدغام الواجب في المتجانسين وحروفه الخاصة به

وهو كإدغام المتقاربين في أن له حروفاً مخصوصة وقد تكون مطردة وغير مطردة

وأحرفه كما يلي:

1- الذال المعجمة الساكنة من ذال "إذ" في الظاء في موضعين وهما {إِذ ظَّلَمْتُمْ}، {إِذ ظَّلَمُوااْ}

ولا ثالث لهما في التنزيل.

2- الدال المهملة الساكنة في التاء المثناة فوق سواء أكانت الدال هذه حرف "قد" أو من غيره.

ففي قد نحو {قَد تَّبَيَّنَ}، و{قَد تَّعْلَمُونَ} وما شابه ذلك.

وأما في غير "قد" فهو كثير في التنزيل نحو {حَصَدتُّمْ} {وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ}، {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم}

{وَإِنْ أَرَدْتُّمُ}، {لَقَدْ كِدتَّ}، {رُّدِدتُّ} وما إلى ذلك.

وليس منه كلمة {عَنِتُّمْ} بآل عمران والتوبة و{لَعَنِتُّمْ} بالحجرات لأنها من العنت ولذا لم

ترسم في المصحف الشريف بدال بين النون والتاء وقد نظم بعضهم هذه المواضع فقال:

*عَنِتُّم قدْ أتَتْ في ثلاثَةٍ * بتَاءٍ فلاَ تُرْسَمُ بدالٍ أخَا العُلاَ*

*ففي آل عِمْران أتَتْ وبتوبَةٍ * وبالحُجُرات اخْتِمْ كذا نَقَل المَلاَ اهـ*


3- تاء التأنيث الساكنة في الدال وفي الطاء المهملتين. ففي الدال في موضعين لا ثالث لهما:

أولهما في قوله تعالى في الأعراف: {فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا}.

وثانيهما في قوله بيونس: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا}. وفي الطاء في نحو قوله تعالى

بالصف: {فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ}.

4- الطاء المهملة الساكنة في التاء المثناة فوق نحو {أَحَطتُ} {بَسَطتَ}، {فَرَّطتُمْ} ولهذا الحرف

مزيد بيان نأتي عليه عند الكلام على كمال الإدغام ونقصانه.

5- الميم الساكنة إذا وقع بعدها الباء الموحدة فتخفى حينئذ مع الغنة في أحد القولين نحو

{يَوْمَ هُم بَارِزُونَ} {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ} {أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ الْقَوْلِ}.

والقول الآخر هو الإظهار من غير غنة وإليه ذهب بعضهم وهو اختيار مكي بن أبي طالب

القيسي وتقدم الكلام مستوفى على هذه المسألة في باب الميم الساكنة فارجع إليه إن شئت

والله الموفق.

6- اللام الساكنة في الراء نحو {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً (114)} وكذلك النون الساكنة في اللام

والراء نحو {مِن لَّدُنَّا} {أَن رَّآهُ} وهذا على مذهب الفراء وموافقيه.

أما على مذهب الجمهور وهو المعمول عليه فمن قبيل إدغام المتقاربين كما تقدم ويسمى

الكل إدغام متجانسين صغيراً والله تعالى أعلم.

الكلام على الإدغام الممتنع: أو موانع الإدغام الصغير

تقدم أن الإدغام الممتنع هو ما امتنع إدغامه عند عامة القراء. وهو ما كان الحرف الأول فيه

متحركاً والثاني ساكناً سواء كانا في كلمة كالقافين في نحو {شَقَقْنَا} وكالذال المعجمة والتاء المثنة

فوق في نحو {فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم} أو كلمتين كاللامين في نحو {قَالَ الْمَلأُ} واللام والراء في

نحو {قَالَ ارْجِعْ} فكل هذا وما شاكله لا يجوز إدغامه بحال لأن من شرط الإدغام أن يكون

المدغم وهو الحرف الأول ساكناً والمدغم فيه وهو الحرف الثاني متحركاً وهو هنا بالعكس

ولهذا امتنع الإدغام هنا بالإجماع وهذه هي موانع الإدغام الصغير.

وقد أشار إلى ما تقدم ذكره من الإدغام الواجب الممتنع في هذا الباب الحافظ ابن الجزري

في المقدمة الجزرية بقوله:

*واوَّلَىْ مِثْلٍ وجنْس إنْ سَكَنْ * أدْغِمْ كقُل ربِّي وبل لا وأبنْ*

*في يومِ مع قالوا وَهُمْ وقُلْ نعَمْ * سبَّحْهُ لا تُزغْ قُلوبَ فالْتَقُمْ*


الكلام على الإدغام الجائز

وبيان مذهب حفص عن عاصم في فصوله

سبق أن قلنا إن المراد بالإدغام الجائز أي ما جاز إدغامه وإظهاره عند بعض القراء

وينحصر الكلام عليه في خمسة فصول:

الأول: في ذال إذ.

والثاني: في دال قد.

والثالث: في تاء التأنيث الساكنة.

والرابع: في لامي هل وبل.

والخامس: في حروف قربت مخارجها.

 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: الإدغام وأقسامه وأحكامه في المتماثلين والمتجانسين والمتقاربين

في الإدغام الجائز في ذال "إذ" )


الذال المعجمة من ذال "إذ" يجوز إدغامها في ستة أحرف وهي: التاء المثناة فوق

والجيم والدال المهملة والزاي والسين والصاد.

ففي التاء نحو {إِذْ تَأْتِيهِمْ} وفي الجيم {وَإِذْ جَعَلْنَا} وفي الدال نحو {إِذْ دَخَلُواْ} وفي الزاي

نحو {إِذْ زَيَّنَ} وفي السين نحو {إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} وفي الصاد نحو {وَإِذْ صَرَفْنَآ} وقد اختلف

القراء في هذه الأحرف الستة في إظهارها وإدغامها في ذال "إذ" فمنهم من أدغمها كلها

إما للتجانس وإما للتقارب كما هو معروف ومنه من أدغم بعضها كذلك ومنهم من أظهرها

كلها على الأصل. ومن أراد ذلك فهو مبسوط في كتب الخلاف. وبالنسبة لحفص عن

عاصم فإنه قرأ في كلها بالإظهار وجهاً واحداً على الأصل وبالله التوفيق.


( في الإدغام الجائز في دال "قد" )

يجوز إدغام دال قد في ثمانية أحرف وهي "الجيم والذال المعجمة والزاي والسين

والشين والصاد والضاد والظاء المشالة".

ففي الجيم نحو {وَلَقَدْ جَعَلْنَا} وفي الذال نحو {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا} وفي الزاي نحو {وَلَقَدْ زَيَّنَّا} وفي

السين نحو {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ} وفي الشين في نحو {قَدْ شَغَفَهَا} وفي الصاد نحو {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا}

وفي الضاد نحو {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا} وفي الظاء نحو {لَقَدْ ظَلَمَكَ} وقد اختلف القراء في إدغام

هذه الأحرف الثمانية في دال قد فمنهم من أظهرها كلها على الأصل ومنهم حفص عن

عاصم ومنهم أدغمها كلها للتقارب.

ومنهم من أدغم بعضها كلها ومن أراد تفصيل ذلك فهو مذكور بإسهاب في كتب الخلاف


( الإدغام الجائز تاء التأنيث الساكنة )

تدغم تاء التأنيث الساكنة جوازاً في ستة أحرف وهي: "الثاء المثلثة والجيم

والزاي والسين والصاد والظاء".

ففي الثاء نحو {بَعِدَتْ ثَمُودُ}. وفي الجيم نحو {نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} وفي الزاي نحو

{خَبَتْ زِدْنَاهُمْ} وفي السين {فَكَانَتْ سَرَاباً} وفي الصاد نحو {لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ} وفي الظاء

نحو {كَانَتْ ظَالِمَةً} وكما مر: اختلف الأئمة القراء في إدغام هذه الأحرف الستة وإظهارها

في تاء التأنيث الساكنة. فمنهم من أدغمها كلها للتقارب ومنهم من أدغم بعضها كذلك. ومنهم

من أظهرها كلها على الأصل ومن بينهم حفص عن عاصم وتفصيل الإدغام والإظهار

في هذا الموطن مبسوط في كتب القراءات والله الموفق.


الإدغام الجائز في لام "هل وبل"

تدغم اللام من بل وهل جوازاً في أحرف ثمانية قد مر ذكرها مفصلاً تفصيلاً كاملاً في

باب اللامات الساكنة في الفصل الخامس في لام الحرف

في الإدغام الجائز في حروف قربت مخارجها وبيان مذهب حفص فيه اتفاقاً واختلافاً


وجملة هذه الأحرف سعبة عشر حرفاً وهي كالآتي:

الحرف الأول: الباء المجزومة من الفاء نحو {أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ} {وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ}

وما شاكل هذا وسبب الإدغام هنا للتقارب.

الحرف الثاني: اللام المجزومة في الذال المعجمة في {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ} حيث وقع هذا

اللفظ بعينه في القرآن الكريم. وسبب الإدغام هنا التقارب.

أما إذا كانت اللام غير مجزومة فلا تدغم بالإجماع كما في قوله تعالى:

{فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذالِكَ مِنكُمْ} فتنبه.

الحرف الثالث: الفاء المجزومة في الباء الموحدة في موضع واحد في التنزيل في قوله

تعالى بسبأ: {إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ} وسبب الإدغام هنا التقارب أيضاً. وتضعيف

الزمخشري وغيره لهذا الإدغام رده غير واحد من الثقات كالإمام أبي حيان وهي قراءة

سبعية متواترة كما هو مقرر.

الحرف الرابع: الذال المعجمة في التاء المثناة فوق في لفظ {عُذْتُ} نحو قوله تعالى:

{وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ}.

الذال المعجمة في التاء المثناة فوق أيضاً في لفظ {فَنَبَذْتُهَا} بسورة طه ليس غير،

وسبب الإدغام هنا وفيما سبق التقارب.

ا الثاء المثلثة في التاء المثناة فوق في لفظ {أُورِثْتُمُوهَا} في الأعراف والزخرف.

الراء المجزومة في اللام نحو {وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} وسبب الإدغام هنا التجانس

حسبما ذهب أليه الفراء وموافقوه أما على مذهب الجمهور فسببه التقارب.

الحرف الثامن والتاسع: النون في الواو من هجاء {يس (1) وَلْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)} {ن وَالْقَلَمِ

وَمَا يَسْطُرُونَ (1)} ولا ثالث لهما في التنزيل. وسبب الإدغام التقارب.

الحرف العاشر: الدال المهملة من هجاء {كهيعص (1)} والذال المعجمة من {ذِكْرُ

رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ (2)} بفاتحة مريم والسبب هنا التقارب.

الدال المهملة المجزومة في الثاء المثلثة في {يُرِدْ ثَوَابَ} في الموضعين بآل عمران.

الثاء المثلثة في التاء المثناة فوق في كلمتي {لَبِثْتُ} و{لَبِثْتُمْ} كيف

وقعتا في النزيل مفردة أو مجموعة كما في المثال وسبب الإدغام هنا

وفيما سبق التقارب أيضاً.

النون في الميم من هجاء {طسم} فاتحة الشعراء والقصص.

الحرف الرابع عشر: الذال المعجمة في التاء المثناة فوق في لفظ "أخذت" كيف جاء في

القرآن أو كما عبر الإمام المتولي في هذا الحرف "بباب الاتخاذ" أي كيف وقع سواء كان

مفرداً أو مجموعاً نحو {أَخَذْتُ} و{أَخَذْتُمْ} و{لَتَّخَذْتَ} و{فَتَّخَذْتُمُوهُمْ} وما إلى ذلك وسبب

الإدغام هنا وفيما سبق التقارب.

الحرف الخامس عشر: الباء الموحدة من لفظ "يعذب" في ميم "من" بسورة البقرة خاصة في

قوله عز من قائل: {فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ} والإدغام في هذا الحرف خاص بمن

قرأ بالجزم في باء يعذب: أما من قرأ بالرفع ومنهم حفص عن عاصم فلا إدغام عنده

بحال فتنبه.هذا: ووجه من أدغم هنا التجانس.

الحرف السادس عشر: الثاء المثلثة في الذال المعجمة من لفظ {يَلْهَث ذَّلِكَ} بالأعراف

خاصة وسبب الإدغام هنا التجانس كذلك.

الحرف السابع عشر: الباء الموحدة الساكنة في الميم من {ارْكَبَ مَّعَنَا} بهود وسبب الإدغام

هنا التجانس أيضاً.

والآن قد تم الكلام على الأحرف السبعة عشر المدغمة جوازاً وقد تقدم معنى الجواز غير

مرة: ونقول أن كل حرف منها قد اختلف الأئمة القراء فيه. فمنهم من أظهر على الأصل.

ومنهم من أدغم على الجواز سواء أكان الإدغام متفقاً عليه أم مختلفاً فيه وهذا كله مبسوط

في كتب القراءات تركنا ذكره هنا طلباً للاختصار ومراعاة للمبتدئين وبالنسبة لحفص عن

عاصم فإنه قرأ بالإظهار وجهاً واحداً في كلها باستثناء أحرف ثلاثة. فأدغم في واحد منها

بالإجماع. واختلف عنه في الحرفين الباقيين.

أما الحرف المتفق على إدغامه عنه فهو النون في الميم من هجاء "طسَمَ" فاتحة الشعراء

والقصص.

وأما الحرفان المختلف عنه فيهما.

فأولهما: الثاء المثلثة في الذال المعجمة في {يَلْهَث ذَّلِكَ} بالأعراف.

وثانيهما: الباء في الميم في {ارْكَبَ مَّعَنَا} بهود.

وهنا شيء هام يجب معرفته بالنسبة لهذين الحرفين وهو: أن الإدغام فيهما جاء عن حفص

عن عاصم من طريق الشاطبية بالاتفاق. وجاء عنه من طريق الطيبة بالخلاف وهذا يفيد

أن لفحص الوجهين الإظهار والإدغام في هذين الحرفين من طريق الطيبة وعليه:

فيكون الإظهار لحفص زائداً له على ما في الشاطبية. ولا يجوز للقارىء أن يقرأ بوجه

الإظهار لحفص في هذين الحرفين إلا إذا علم بطريق التلقي ما يترتب عليه من أحكام يجب

مراعاتها ولا يجوز مخالفتها بحال لأن هذه الأحكام إذا تركت ولم تراع في التلاوة

فيعد كذباً في الرواية.

وقد وقع في بعض كتب المحدثين الكثير من هذا وشبهه ولم ينبه الطالب في هذه الكتب إلى

ما أشرنا إليه وترك الكلام فيها مطلقاً ولابد من تقييده بما ذكرنا. فلا تغتر أخي بما جاء في

هذه الكتب مما يفيد ترك الأحكام الواجب اتباعها على أحكام ذكرت لحفص من الطيبة

كوجه الإظهار في هذين الحرفين.

تتمة: ذكر أئمتنا تفصلاً سادساً في الإدغام الجائز وهو فصل أحكام النون الساكنة

والتنوين وهذا الفصل أكثر مسائله إجماعية.

والحق أن ذكره في المدغم وجوباً أولى لأن الإدغام الذي جاء فيه متفق عليه بين عامة

القراء وإنما الخلاف الذي جاء فيه بينهم من جهة بقاء صفة الغنة في المدغم وعدم بقائها

مما سيأتي بيانه في كتابنا هذا عند الكلام على كمال الإدغام ونقصانه.

وقد تقدم الكلام مستوفى على هذا الفصل فارجع إليه والله الموفق.

أقسام الإدغام الصغير من حيث الكمال والنقصان

ينقسم الإدغام الصغير في غير الأقسام المتقدمة التي هي الإدغام الواجب والجائز والممتنع

إلى قسمين آخرين: كامل، وناقص، ولكل منهما حد يخصه وحقيقة يتميز بها عن الآخر.

الإدغام الكامل

أما حقيقة الإدغام الكامل فهو سقوط المدغم ذاتاً وصفة بإدغامه في المدغم فيه وبذلك يصير

المدغم والمدغم فيه حرفاً واحداً مشدداً تشديداً كاملاً وذلك نحو {فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ} {وَإِنْ أَرَدْتُّمُ}

{وَقُل رَّبِّ} {مِّن رَّبِّهِمْ} {مِّن لَّدُنْهُ} {مِّن مَّالِ اللَّهِ} {كَم مِّن فِئَةٍ} ونحو {لرَّاكِعُونَ}.

ومن ثم نرى أن التاء من {فَآمَنَت} في المثال الأول أبدلت طاء ثم أدغمت في الطاء

من "طائفة" فانعدمت ذاتاً وصفة وصار النطق بنون مفتوحة بعدها طاء مفتوحة مشددة

وكذلك القول في باقي الأمثلة المذكورة هنا وما شابهها من غيرها.

وسمي كاملاً لاستكمال التشديد.

الإدغام الناقص

وأما حد الإدغام الناقص فهو سقوط المدغم ذاتاً لا صفة بإدغامه في المدغم فيه وبذلك

يصير المدغم والمدغم فيه حرفاً واحداً مشدداً تشديداً ناقصاً وذلك من أجل بقاء صفة

المدغم نحو إدغام الطاء الساكنة في التاء المثناة فوق نحو {أَحَطتُ} {بَسَطتَ}.

وسمي ناقصاً لأنه غير مستكمل التشديد من أجل بقاء صفة المدغم وهي هنا صفة الإطباق

وكيفية أداء الإدغام هنا المحافظة على سكون الطاء من غير قلقلة وهذا هو المراد من بيان

إطباق الطاء وذلك لئلا تشتبه بالتاء المدغمة المجانسة لها في المخرج ولا يضبط هذا

الإدغام إلا بالمشابهة والسماع من شيوخ الأداء
.
ومنه أيضاً إدغام القاف الساكنة في الكاف من {أَلَمْ نَخْلُقكُّم} بالمرسلات في أحد الوجهين

ويسمى إدغاماً ناقصاً لأنه غير مستكمل التشديد أيضاً من أجل بقاء صفة المدغم وهي هنا

صفة الاستعلاء التي في القاف.كيفية أداء الإدغام الناقص في ألم نخلقكم

وكيفية أداء هذا الإدغام المحافظة على سكون القاف من غير قلقلة أيضاً.

أما الوجه الآخر في هذا الكلمة فهو إدغام القاف في الكاف إدغاماً كاملاً بإسقاطها ذاتاً

وصفة وبذلك يصير النقطق بلام مضمومة بعدها كاف مضمومة مشددة تشديداً كاملاً.

والوجهان صحيحان مقروء بهما لجميع القراء إلا أن الإدغام الكامل هو الأولى والمختار

عند الجمهور المقدم في الأداء وقد حكى غير واحد الإجماع عليه.

وقد أشار بعضهم إلى كيفية أداء الوجهين في لفظ {نَخْلُقكُّم} بقوله:

*فبعضهم أتى بالقاف غير مقلقل * وبعضٌ أَتى بالكاف خالصةً تلا أهـ*

كما أشار إلى ما ذكرناه من كيفية الإدغام الناقص في نحو {بَسَطتَ} وإلى الخلاف في

{أَلَمْ نَخْلُقكُّم} الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله:

*وبيّن الإطباقَ منْ أحطتُ مَعْ * بسطتَ والخُلْفُ بنخْلُقكم وَقَعْ اهـ*

ومن الإدغام الناقص أيضاً إدغام النون الساكنة ولو تنويناً في الواو والياء بالغنة نحو {مِن

وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (74)} {إِن يَعْلَمِ ?للَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ}.

وسمي الإدغام هنا ناقصاً لأنه غير مستكمل التشديد من أجل بقاء صفة الغنة في المدغم فهي

بمنزلة حرف الإطباق الموجود مع الإدغام في نحو {فَرَّطَتُ} وبمنزلة حرف الاستعلاء

الموجود مع الإدغام في {أَلَمْ نَخْلُقكُّم} على القول بنقصانه.

وأما إدغام النون الساكنة والتنوين في اللام والراء من غير غنة في نحو {مِن لَّدُنِّي}

{هُدًى لِّلنَّاسِ} {مِن رِّزْقِ اللَّهِ} {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (182)} فمن قبيل الإدغام الكامل

لانعدام المدغم. ذاتاً وصفة بإدغامه في المدغم فيه ولاستكمال التشديد.

أما إذا قرىء ببقاء صفة الغنة وهي قراءة الأئمة "نافع وأبي جعفر وابن كثير وأبي عمرو

ويعقوب وابن عامر وعاصم من رواية حفص في أحد الوجهين عنهم من طريق طيبة

النشر". فالإدغام من قبيل الإدغام الناقص لعدم استكمال التشديد فيه من أجل بقاء صفة الغنة

نص على ذلك الحافظ أبو عمرو الداني في المحكم كما سيأتي والعلامة المارغني في

شرح ضبط الخراز وكذلك العلامة الضباع في تذكرة الإخوان وغيرهم.

كيفية إدغام النون الساكنة والتنوين في اللام والراء بالغنة

وأما الغنة في هذا الإدغام فتجعل على اللام والراء نبه على ذلك العلامة الخليجي

الإسكندري في كتابه تيسير الأمر وبذلك قرأ وبه أقرىء.

هذا: ويستثنى من قراءة الإمام نافع رواية ورش من طريق الأزرق حيث قرأ بعدم بقاء

صفة الغنة في هذا الإدغام.

وأما إدغام النون الساكنة ولو تنويناً في النون والميم في نحو {إِن نَّقُولُ} {يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ}

{مِن مَّآءٍ} {مَثَلاً مَّا} فمن قبيل الإدغام الكامل على الصحيح لاستكمال التشديد فيه وذلك

لسقوط المدغم ذاتاً وصفة بانقلابه من جنس المدغم فيه كما هو واضح من النطق وهذا

هو المعتمد والمأخوذ به وعليه الجمهور.

وذهب بعضهم إلى أنه من قبيل الإدغام الناقص بحجة أن الغنة منعت كمال التشديد فيه

وألحقوه بإدغام الساكنة والتنوين في الواو والياء مع الغنة في نقصانه. وجاء هذا في

بعض شراح المقدمة الجزرية وغيرها ككتاب العقد الفريد الكبير والرعاية.

ونقول: إن هذا القول مخالف لما عليه الجمهور ومردود عليه بأكثر من رد وكلها تؤيد أن

إدغام النون الساكنة والتنوين في النون والميم من قبيل الإدغام الكامل. ومن تلك الردود

ما قاله الإمام أبو شامة نَقَلَهُ عن صاحب "نهاية القول المفيد" ونصه وأما إدغامهما في

النون والميم فهو إدغام محض لأن في كل من المدغم والمدغم فيه. غنة فإذا ذهبت

إحداهما يعني غنة المدغم بالإدغام بقيت الأخرى وهذا مذهب الجمهور فالتشديد مستكمل

على مذهبهم" أهـ بلفظه. قال الفقير وممَّا يعضد قول الحافظ أبي شامة وغيره من الأئمة

الذين لم يرتضوا نقصان الإدغام في هذه الحالة قول علماء فن الضبط في هذه المسألة حيث

قالوا بكمال الإدغام حال إدغام النون الساكنة والتنوين في النون والميم وأورد هنا بعضاً

من كلام المتقدمين منهم والمتأخرين

جاء في "كتاب المحكم في نقط المصاحف" للحافظ أبي عمرو الداني رحمه الله في باب ذكر

حكم النون الساكنة وما بعدها - أي من الحروف - في حال البيان والإدغام والإخفاء عند

ذكره لنقط الإدغام ما حاصله أي إن النون الساكن تدغم إدغاماً صحيحاً وتدخل إدخالاً

شديداً إذ أتى بعدها اللام والراء والنون والميم وكذلك إذا أتى بعدها الواو والياء على

مذهب من أذهب الغنة عندهما ولم يبق لها أثر مع الإدغام. وعلى مذهب من بين غنة

النون عند اللام والراء والواو والياء لم تدغم النون إدغاماً تامًّا لأنها لم تنقلب إلى لفظ

هذه الحروف قلباً صحيحاً ولم تدغم فيها إدغاماً تامًّا لبقاء صوتها الذي لها من الخيشوم

وهو لغنة. وقال رضي الله عنه بنحو ذلك في باب التنوين قبل باب النون

في الكتاب نفسه أهـ بمعناه.

وجاء في شرح ضبط الخراز للعلامة المارغني ما حاصله أيضاً "أن من الإدغام الكامل

إدغام النون الساكنة والتنوين في أربعة أحرف وهي: اللام والميم والنون والراء وجمعها

لفظ النظم في جملة "لم نر" وكذلك الواو والياء عند من قرأ بإدغامهما فيهما بغير غنة وأن

من الإدغام الناقص إدغامهما في الواو والياء بالغنة وكذلك اللام والراء عند من أدغم

وأبقى الغنة" أهـ بمعناه أيضاً.

بعد هذا أصبح من الواضح تماماً أن إدغام النون الساكنة والتنوين في النون والميم من

الإدغام الكامل وهو الصحيح المأخوذ به عند الجمهور وهو الذي تلقيناه عن مشايخنا في

الجامع الأزهر

وصفوة القول أن الفرق بين الإدغام الكامل والناقص هو أن الإدغام الناقص يبقى في

المدغم وصفة سواء أكان إطباقاً أم استعلاء أم غنة وأن الإدغام الكامل هو الذي لا

يبقى للمدغم أثر وذلك بسقوطه ذاتاً وصفة وإدغامه في المدغم فيه.

وهذا ما أشار إليه العلامة السمنودي في لآلىء البيان في تقسيم الإدغام بقوله:

*ذا ناقِصٌ إنْ يبقَ وصْفُ المدغَم * وكاملٌ إنْ يُمْحَ ذا فَلْتَعْلَمِ اهـ*

ومعنى سقوط المدغم في كل ما مر ذكره إنما هو في اللفظ لا في الخط فتأمل.

تتمة: قد يعبر عن الإدغام الناقص بالإدغام غير المحض ناقص التشديد وعن الإدغام

الكامل بالإدغام المحض كامل التشديد وبالإدغام التام وبالخالص وكلها ألفاظ مترادفة



الكلام على كلمة تأمنا

كلمة "تأمنا" جاءت في سورة سيدنا يوسف على نبينا سيدنا محمد وعليه أفضل الصلاة

والسلام في قوله تعالى: {مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ} والأصل فيها "تأّمَنُنَا" على وزن

تضمننا بنونين مظهرتين الأولى مرفوعة وهي لام الفعل والثانية مفتوحة وهي نون المتكلم

وقد اجتمعت المصاحف على كتباتها بنون واحدة على خلاف الأصل. والحكم فيها متعلق

بالإدغام الكبير الذي تركنا ذكره هنا طلباً للاختصار ولعدم تعلقه برواية حفص ولما كان

الحكم فيها متفق عليه بين جمهور القراء والذين منهم حفص عاصم كان من الواجب ذكر

ما فيها من أحكام التلاوة ووفاء بما وعدنا به من الكلام عليها في باب المثلين يجوز

في هذه الكلمة لحفص عن عاصم كغيره من الأئمة العشرة باستثناء الإمام أبي جعفر

وجهان صحيحان مقروء بهما.

الأول: وجهان صحيحان مقروء بهما.

الثاني: الاختلاس أي اختلاس ضمة النون الأولى وحينئذ يمتنع إدغام النون الأولى في

الثانية مطلقاً لتعذر الإتيان به لأن من شرط الإدغام تسكين المدغم وهو هنا النون الأولى

وهي لا تزال متحركة وإن كانت حركتها غير كاملة بسبب اختلاسها

فلا تكون مدغمة والحالة هذه.

هذا: ووجه الاختلاص وكذلك وجه الإشمام لا يحكمان إلا بالمشافهة والسماع من

أفواه الشيوخ المحققين الآخذين ذلك عن شيوخهم.

ووجه الاختلاس هو المقدم في الأداء والله تعالى أعلى وأعلم وأعز وأكرم.

المصدر: كتاب هداية القارئ
 
التعديل الأخير:

كمال المروش

مشرف سابق
2 يوليو 2006
8,187
128
63
الجنس
ذكر
رد: الإدغام وأقسامه وأحكامه في المتماثلين والمتجانسين والمتقاربين

بارك الله فيك
 

سهام سليمان

زائر
ممكن توضيح استثناء الهمزة من الإدغام المتماثل
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع