إعلانات المنتدى


زهرة المدائن في شهر رمضان بين الماضي والحاضر

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

سما

مزمار ألماسي
25 أبريل 2006
1,438
0
0
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
نحن الآن في شهر رمضان المبارك حيث يحتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بقدومه المبارك ويعاهدون الله على أن يتوبوا توبة نصوحة لعل الله يكتب لهم طريقا إلى الجنة, فتزدهر المدن الإسلامية وتعم البهجة والسرور وتحفل المساجد بالمصلين خاشعين عابدين تملأ قلوبهم روعة الإيمان وتنطق ألسنتهم بالدعاء أن يكون هذا الشهر يُمنا وبركة على المسلمين فتعود للإسلام عزته وكرامته وترتفع راية الحق مكبرة مهللة الله أكبر الله أكبر .

ومدينة القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين تستقبل هذا الشهر بالحزن والأسى وقد خيم على جنباتها الطاهرة البؤس والشقاء وهي ترى شذاذ الآفاق يعيثون في رحابها ويمتهنون كرامة قدسيتها ويحاولون طمس معالمها التاريخية الخالدة لتغدو مسرحا لشرورهم وآثامهم .

تتطلع القدس اليوم إلى ماضيها العريق حيث كانت راية التوحيد تخفق فوق جنباتها والمسلمون فرحون مهللون بقدوم هذا الشهر الكريم, يعيشون أيامه في أجواء من الإيمان والخشوع, لقد كان لرمضان حضور كبير إذ فيه تبدو المدينة عروسا ترفل بثياب الطهر والعفاف وقد علت البسمة شفاه الصغار والكبار .

لقد كان لرمضان في القدس قبل سبعين عاما تقريبا بهجته المتميزة وخاصة في الأحياء الشعبية جوار المسجد الأقصى, حيث الشوارع الضيقة والدور المطلة على الشارع والقناطر المتعددة,وحيث الدور المتلاصقة والأبواب الصغيرة التي تعلوها الشبابيك ذات الغطاء الخشبي السميك .

الدكتور/محمد صلاح الدين بن موسى

لقد كانت هذه الازقة ولا سيما حي المغاربة الملاصق لجدار البراق الشريف, مظلمة أو قليلة الإضاءة فكانت تضفي على أيام رمضان روعة وهدوءاً وطمأنينة تزيد في قدسية هذا الشهر الكريم .

وكان الأطفال يسهرون ليلا في هذه الاحياء الضيقة وهم يحملون الفوانيس الزجاجية أو الورقية الملونة وفي كل منها شمعة صغيرة تنير حيزا ضيقا من الظلام, وكان الأطفال بنين وبنات يجوبون الأزقة وهم يرددون ؛رمضان حل علينا, أهلا بك يا شهر الخير .

أما استقبال هذا الشهر لدى سكان هذه المدينة القديمة المقدسة فقد كانت له مظاهر اجتماعية رائعة, إذ كانت جميع أسر القدس تستعد لاستقباله قبل شهر من قدومه إذ تحرص كل عائلة أن يكون لديها الدقيق والسمن والزيت والتمر واللحم, وكان رب البيت يشمر عن ساعد العطاء منذ أول شهر شعبان ويتحف أسرته بما تحتاجه من التموين من غذاء ومشروب وفاكهة وحلوى فكنت لا تراه إلا وهو يجول في الأسواق بحثا عن كل ما يتناسب وهذا الشهر الكريم ولربما ذهب إلى حيفا ويافا أو اللد لإحضار بعض المأكولات التي لا يجدها في مدينة القدس وكان حيــا المغاربة وباب العمود منذ حــلول أواخر شــهر شعبان ســوقا تجارية للخضار والفاكهــة والحبــوب وكنت لا ترى فيها إلا الباعــة وقد افترشوا الأرض ووضعوا أمامهم بضاعتهم وهم يرددون رمضــان كريم رمضان كريم فيهــرع إليهم الاهلون للشراء والفرحة تغمرهم لقدوم شهر رمضان الكريم, حتى إذا ما اطمأن الأهلون إلى أنهم قد جاؤوا بكل ما يحتاجون إليه في رمضان, شرعوا ينتظرون هذا الشهر الكريم بشوق وترحاب .

أما الاولاد الصغار بنين وبنات فإنهم يخرجون إلى مقبرة باب الساهرة أحد ابواب القدس القديمة حيث نصب مدفع تركي قديم ذو صوت ودخان بلا قذيفة ويقفون جماعات جماعات قريبا من الجندي الموكل إليه إثبات شهر مضان, حتى إذ ا جاءت الشارة من المسجد الاقصى وهي عادة ضوء أحمر إيذانا بحلول شهر الصوم المبارك ضغط على زناد مدفعه فخرج منه دخان كثيف يصحبه صوت قوي يستقبله الصبيان والبنات بالتصفيق والتهليل .

ويكرر الجندي حشو مدفعه ثلاث مرات ثم يغطي المدفع برداء كثيف إلى وقت السحور حيث يعود المدفع للعمل من جديد .

عندما يسمع الرجال صوت المدفع يخرجون من بيوتهم يهنئ بعضهم بعضا بقدوم رمضان المبارك, ولا يعود رب الأسرة إلى داره إلا بعد أن يحضر لأولاده قناديل رمضان وبعض الآلات الموسيقية كالطبل والمزمار والدفوف .

وكانت أيام رمضان حافلة بالتقى والورع لدى سكان القدس جميعا إذ أنهم ما يكادون يتناولون طعام الإفطار حتى يسارعوا بالخروج من منازلهم هم وأولادهم الكبار قاصدين المسجد الأقصى حيث ينتظرون قيام صلاتي العشاء والتراويح ولم تكن ساحة الحرم المترامية الأطراف مكانا للصلاة فحسب بل كانت مكانا للقاء أيضا وكانت الساحة الخارجية الملاصقة لسور الحرم الشرقي قرب باب حطة مكانا للاحتفالات الشعبية في رمضان, وفي الايام الاخيرة من رمضان كانت الحياة تدب في الساحة ويبدأ أصحاب المراجيح بنصب مراجيحهم والتهيئة لاستقبال عيد الفطر السعيد .

أما ليالي رمضان في القدس فقد كانت كغيرها في بلاد الإسلام حافلة بالقراءات والابتهالات في الأقصى المبارك وفي سواه من مساجد المدينة وبالسهرات الاجتماعاية في الدور والجلوس في المقاهي( للاستمتاع بالحكواتي وخيال الظل كركوز) .

وقد كانت صلاة التراويح تستمر حتى ساعة متأخرة من الليل وكان بعض الناس يواصلون التعبد حتى صلاة الفجر ويتناولون سحورهم في المسجد وبعد صلاة الصبح يعودون إلى دورهم سعداء نشطاء .

أما المسحراتي فقد كان يجوب أحياء مدينة القدس وقت السحور وكان له شأن عظيم لدى الناس إذ هو الذي يُوكل إليه مهمة إىقاظهم للسحور ودعوتهم إلى عبادة الرحمن .

وكان المسحر رجلا معروفا لدى الصغير والكبير وغالبا ما يكون كهلا أو شيخا كبيرا وقلما يقوم بهذه المهمة الشباب وكان يعين نفسه بنفسه دون إذن من الوالي أو رئيس البلدية, وكثيرا ما كان يرى وهو يجوب شوارع البلدة يقرع طبلته وينشد أناشيد دينية عذبة, ويدعو السكان بأسمائهم إلى السحور وإلى صلاة الصبح .

أما الحكواتي أو الراوى فقد كان شخصية مرموقة لدى جميع سكان الاحياء الشعبية في القدس ويعتبرونه مثالا للعلم والمعرفة والحصانة والإيمان .

كان يرى في ليالي رمضان في بعض المقاهي الشعبية والتي تقع قريبة من المسجد الأقصى وهو جالس على منصة خشبية مرتفعة بعض الشيء يقرأ في كتاب كبير أصفر اللون ويذكر أبطال الجاهلية والإسلام بصوت متهدج قوي كما كان بعض سكان القدس يقضون سهراتهم الرمضانية بمشاهدة خيال الظل (كركوز عواظ) يؤديه بعض ممن تمرنوا على تقليد الأصوات والحركات ويستمر العرض حتى ساعات متأخرة من الليل ولعل أشهر مقاهي خيال الظل كان مقهى علوان في باب حطة .

ومع قرابة شهر رمضان من نهايته يشرع المؤذنون بوداعه بصوت فيه الشوق والحزن كقولهم يا شهرنا عد إلينا يا شهرنا .. كما تمتلئ الشوارع بباعة الحلوى يعرضون الكنافة والبقلاوة على بسطات صغيرة أعدت لهذا الغرض كما يسعى الأهلون للأسواق لشراء ملابس العيد لهم ولأطفالهم .

هكذا كانت القدس الحزينة في رمضان .. أما اليوم فلا سهرات ولا حفلات بل جو مشبع بالكآبة والحسرة لا ترى إلا جموع المصلين يسارعون إلى المسجد الأقصى وهم حيارى حذرون ترمقهم من بعيد عيون الصهاينة بأنفة وكبرياء وخيلاء .. حتى إذا ما انتهت الصلاة عادوا إلى دورهم ليسهروا مع أولادهم يتطلعون إلى اليوم الذي تعود فيه القدس كما كانت حافلة بالغبطة والسرور وقد تطهرت من أعداء العروبة والإسلام ورفرف فوق جنبـــاتها علم التوحيــد مرددا الله أكبر ولله الحمد .

المصادر ؛

1- د/ صبحي غوشه-رمضان في ربوع القدس

2- عبدالرحمن الشرقاوي-ذكريات رمضانية .

3- منير كمال-عادات وتقاليد شعبية في رمضان.

4- د/ علي الحمصي-مظاهر الاحتفالات في الأرض المحتلة .

5- الشيخ رجب الغمري-رمضان في العالم الإسلامي .
 

سيّد مُسلِم

مراقب سابق
31 مارس 2006
2,132
5
0
الجنس
ذكر
رد: زهرة المدائن في شهر رمضان بين الماضي والحاضر

بارك الله فيك اختي الكريمة سما

وجزاك الله خير الجزاء على كل ما تقدميه لمنتدانا الطيب (مزامير)

فعلا موضوع شيق يشد له القارئ




 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

كابو بمبوتشا

عضو كالشعلة
6 ديسمبر 2006
401
1
0
الجنس
ذكر
رد: زهرة المدائن في شهر رمضان بين الماضي والحاضر

مكشووووووووووووووووووور سما و ان كان الرد متاخر شويه معلش سماح المره دى
 

الداعي للخير

عضو موقوف
1 يناير 2007
8,231
10
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد رفعت
مشاركة: زهرة المدائن في شهر رمضان بين الماضي والحاضر

(بسم الل)

:x18:

:clap2:
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع