إعلانات المنتدى


المجلة الرمضانية - العدد الرابع عشر

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

فالح الخزاعي

مدير عام سابق وعضو شرف
عضو شرف
27 أغسطس 2005
11,537
84
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
-بسم الله-


الحرص على النوافل والتفريط في الفروض منشأه قلة الوعي الديني

عبدالهادي القرني – الطائف

قال فضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن محمد العبدالمنعم الامين العام لهيئة كبار العلماء انه لا منافاة بين العمل الدنيوي وبين العبادة في شهر رمضان المبارك وحاجات الناس ومعايشهم لا تتوقف في رمضان وفي غيره. واشار في حوار لـ»المدينة» ان العلماء اختلفوا في عدد الركعات في صلاة التراويح التي هي سنة وليست واجبة مضيفاً ان السلبيات في شهر رمضان يمكن معالجتها عن طريق المدرسة والمسجد ووسائل الاعلام المختلفة فإلى نص الحوار:

استقبال الشهر

* فضيلة الشيخ كيف ترون استقبال الأمة الإسلامية لشهر رمضان المبارك؟

- لما لهذا الشهر الكريم من مكانة سامية في نفوس المسلمين نجدهم يستقبلونه بالتجلة والتكريم ويستبشرون بقدومه ويهني بعضهم بعضاً بذلك مبتهلين الى الله سبحانه ان يوفقهم لصيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيه، وان يهيء لهم فيه من الطاعات والاعمال الصالحة ما يقربهم اليه ويكون سبباً في محو سيئاتهم ورفع درجاتهم وفوزهم بجنات النعيم.

* رمضان شهر الرحمة والبركة والغفران فماذا يجب على كل مسلم فعله عند دخول شهر رمضان المبارك؟

- عند دخول شهر رمضان المبارك ينبغي استشعار فضل هذا الشهر المبارك وان الله فضله على سائر الشهور بأن فرض صيام نهاره وجعله احد اركان الاسلام وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام ليله وحث عليه فجميع أوقاته من ليل ونهار مفضلة على غيرها من سائر الايام لذا ينبغي للمسلم ان يحرص على اغتنام فرصة هذا الموسم العظيم وان يعزم على البعد عن كل عمل وقول يتنافى وقدسية هذا الشهر الكريم وان يحرص على ملء جميع اوقاته بالاعمال الصالحة فرضها ونفلها اقتداء بنبينا عليه الصلاة والسلام حيث ورد في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها «انه كان يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره» وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان اجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فالرسول صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل اجود بالخير من الريح المرسلة» وهكذا المسلم الناصح لنفسه المبتغي رضا ربه ينبغي ان ينتهز فرصة هذا الموسم العظيم فيملأ جميع أوقاته بالأعمال الصالحة من صلاة وصوم وقراءة قرآن وصدقة واحسان الى اخوانه المسلمين، وغير ذلك من الأعمال كصلة الرحم وتعلم العلم والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبر الوالدين والعطف على المحتاجين وان يبتعد عن كل ما ينافي قدسية هذا الشهر من المعاصي والسيئات.

وليعلم ان الاعمال في الأوقات الفاضلة كما يضاعف أجر الحسنات فيها فكذلك السيئات يضاعف وزرها على مرتكبها.

حسب الأفضلية

* شيخنا الفاضل بمجرد دخول شهر رمضان المبارك تكثر وتتعدد الطاعات وانواع العبادات فهناك الصلاة والقرآن والصدقة والقيام وغير ذلك فماذا يقدم الصائم وماذا يؤخر منها حسب الافضلية في العمل والاكثر في الاجر وهل بإمكانه القيام بأكثر من عمل وعبادة وطاعة في نفس الوقت؟

- اذا تعددت الطاعات فيبدأ بالأهم فالأهم فالعناية والاهتمام يجب ان تكون اولاً بما افترضه الله من صيام وصلاة وزكاة ثم يأتي بعد ذلك العناية بالنوافل وفضائل الأعمال يقول الله سبحانه في الحديث القدسي الذي رواه البخاري عن ابي هريرة «وما تقرّب إلي عبدي بأحب إليّ مما افترضه عليه ولا يزال عبدي يتقرب اليّ بالنوافل حتى أحبه..» الحديث. فالبداية تكون بالعناية والاهتمام بالفرائض من صلاة وصيام وزكاة ثم نوافل الصلاة كقراءة القرآن وقيام الليل والنوافل الراتبة وصدقة ا لتطوع وغيرها من نوافل الطاعات .. الى جانب كف الأذى وحفظ اللسان عن الغيبة والنميمة والبعد عن كل ما ينافي عبادة الصوم «إذ الصوم جُنّة» أي حصن وحرز يحفظ صاحبه عن كل ما لا ينبغي من الاقوال والأفعال وبإمكان المسلم القيام بأكثر من عمل وعبادة وطاعة في نفس الوقت فالصائم يؤدي صلاة الفريضة وما تيسر له من النوافل ويقرأ القرآن ويباشر أعمال الخير من صدقة وتعليم واصلاح ذات البين ودعوة الناس الى الخير الى غير ذلك.

العمل الدنيوي

* وكيف يمكن التوفيق بين العمل الدنيوي والعبادة في شهر رمضان لا سيما ان العمل سيستمر أكثر أيام الشهر وهل بالامكان القول ان رمضان شهر إجازة وتفرغ للعبادة؟

- لا منافاة بين العمل الدنيوي وبين العبادة في شهر رمضان وحاجات الناس ومعايشهم لا تتوقف في رمضان كما في غيره ومازال المسلمون منذ عهد النبوة والى يومنا هذا يمارسون أعمالهم الدنيوية من تجارة وزراعة ومهن مختلفة في رمضان كما في غيره الا ان المطلوب في هذا كله ان لا يطغى العمل الدنيوي على قدسية هذا الشهر وما ينبغي فيه من بذل الجهد في الطاعات وكثرة الأعمال الصالحة ويحسن هنا ان نذكر ان أهم غزوتين غزاهما الرسول صلى الله عليه وسلم فأعز الله بهما الإسلام ونصر أهله واذل بهما الشرك والكفر وخذل حزبه وهما غزوة بدر وغزوة الفتح فتح مكة كانا في رمضان. فرمضان شهر العبادة ومع ذلك فهو شهر الجد والعمل والاجتهاد في جميع الأعمال الصالحة دينية ودنيوية والحذر كل الحذر من ان يتحول هذا الشهر الفاضل الى النوم بالنهار وسهر على الملهيات في الليل وملء البطون بأنواع المآكل والمشارب فذلك ولا شك تحويل لوظيفة هذا الشهر من ان يكون موسماً للطاعة والتقرب الى الله والتوبة من جميع الذنوب الى ان يكون موسماً للبطالة والتخمة والبعد عن الله.

* يلاحظ فضيلة الشيخ ان الناس يقبلون على المساجد ويحرصون على أداء الصلاة بها في هذا الشهر وخصوصاً صلاة التراويح فلماذا لا نرى هذا الاقبال الا في رمضان؟ وما هي نصيحتكم لمن يحرص على صلاة التراويح ويفرط في صلاة الفرض؟

- الناس فيهم خير كثير وفي هذا الشهر الكريم يزداد الاحساس لديهم بوجوب المبادرة بأداء الطاعات التي اختص بها هذا الشهر كصلاة التراويح ولكن الوعي الديني لدى الكثير منهم نجدهم يبادرون الى اداء المهم وهو صلاة التراويح ويقصرون فيما هو أهم وهو المحافظة على فريضة الصلاة في أوقاتها في غير رمضان، وهذا منشؤه اتباع العوائد وقلة الوعي الديني، ذلك ان وظائف رمضان لا تأتي الا في وقت محدد من العام فهم يعظمونها ويحرصون على ادائها ولو كانت نافلة، بينما صلاة الفريضة ملازمة للمسلم طوال السنة، فتجد ا لبعض يتهاون في أدائها مع الجماعة أو في وقتها المحدد وفي ذلك ولا شك خلل وتقصير ينبغي للمسلم التنبه له والعمل على اصلاح حاله وتقوى الله في كل اوقاته والمبادرة الى أداء فرائض الله في أوقات السنة.

صلاة التروايح

* من الأعمال التي يحرص عليها الناس في شهر رمضان صلاة التراويح ونلحظ ان عدد الركعات تختلف من مسجد الى آخر فلماذا هذا التفاوت في صلاة التراويح وهل ترون توحيد عدد ركعاتها في جميع المساجد وما هو العدد الذي ورد وفعله الرسول صلى الله عليه و سلم ولماذا لا يتقيد الأئمة بذلك؟ وهل تجب في رمضان فقط؟

- اختلف العلماء في مقدار الركعات في صلاة التراويح وقد ثبت ان أبي إبن كعب رضي الله عنه كان يقوم بالناس عشرين ركعة في قيام رمضان ويوتر بثلاث، فرأى كثير من العلماء ان ذلك هو السنة لأنه اقامه بين المهاجرين والانصار ولم ينكره منكر. واستحب آخرون تسعة وثلاثين ركعة بناء على انه عمل أهل المدينة القريبين. وقالت طائفة: قد ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها « ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يزيد في رمضان ولا غيره عن ثلاث عشرة ركعة» ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:

«الصواب ان ذلك جميعه حسن، كما قد نص على ذلك الامام أحمد رحمه الله وانه لا يتوقف في قيام رمضان عدد فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت فيها عدداً، وحينئذ فيكون تكثير الركعات وتقليصها بحسب طول القيام وقصره فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان يطيل القيام بالليل حتى انه قد ثبت عنه في الصحيح من حديث حذيفة « انه كان يقرأ في الركعة بالبقرة والنساء وآل عمران» فكان طول القيام يغني عن تكثير الركعات وأبي ابن كعب لما قام بهم وهم جماعة واحدة لم يكن ان يطيل بهم القيام فكثر الركعات ليكون ذلك عوضاً عن طول القيام، وجعلوا ذلك ضعف عدد ركعاته فإنه كان يقوم بالليل احدى عشرة ركعة او ثلاثة عشرة ثم بعد ذلك كان الناس بالمدينة خففوا عن طول القيام فكثروا الركعات حتى بلغت تسعاً وثلاثين» أ.هـ.

وصلاة التراويح وقيام الليل في رمضان وفي غيره سنة وليس بواجب.

* فضيلة الشيخ الصوم والقرآن والقيام وغيرها من انواع الطاعات كيف كان هدي النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك وهل كل ما ورد عن السلف الصالح من أعمال صحيح أم ان بعضها ورد من باب الترغيب في الأجر وهل حال السلف في رمضان كان موافقاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم؟

- كان صلى الله عليه وسلم القدوة والأسوة في صيام رمضان وكان يصوم من غيره ما شاء كيوم الاثنين والخميس والايام البيض وعشر ذي الحجة ويوم عاشوراء الى غير ذلك مما ورد في السنة وعليه انزل القرآن فكان يتلوه في الصلاة وخارج الصلاة وكان يستمعه أحياناً من غيره كما قرأ عليه ابن مسعود وفي رمضان كان يلقاه جبريل في كل ليلة فيدارسه القرآن.

واما القيام قيام الليل فهو في حقه صلى الله عليه وسلم واجب وفي حق الأمة سنة مؤكدة وقد قام رمضان وكان يقوم بقيام الرجل والرجلان حتى كثروا .. فخشي صلى الله عليه وسلم ان يفرض عليهم فيشق عليهم القيام، فتأخر ولم يخرج اليهم لما كثروا ولكنه لم يدع قيام الليل، ولما انتقل الى الرفيق الأعلى وتوقف الوحي وأمن فرض القيام أمر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابي ابن كعب ان يصلي بالناس صلاة التراويح وما ورد عن السلف الصالح من محافظة على الطاعات فهو صحيح، وهم حريصون كل الحرص على اتباع سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وما قد يوجد بينهم من اختلاف فهو اختلاف تنوع لأن صفة أداء العبادات بتنوع من وقت لآخر وهذا يأخذ برواية ويأخذ الآخر برواية أخرى والكل مصيب لأنه حريص على الالتزام بالسنة وحال السلف في رمضان وغيره موافق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وكلهم يجتهد ان تكون اعماله موزونة بميزان الكتاب والسنة وكلهم يحذر الابتداع أو الشذوذ أو المخالفة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين.

واقع الناس

* وكيف يرى فضيلتكم واقع الناس اليوم في رمضان من خلال معايشتهم وقربكم منهم؟

- في الأمة خير كثير والمؤمن يسر ويفرح اذا رأى اقبال الناس على اعمال الخير والمبادرة الى اداء الفرائض والواجبات الدينية في رمضان وغيره، ولكن التقصير حاصل والناس يتفاوتون .

فيما يحصل منهم من تقصير والله سبحانه رحيم بعباده ونسأله سبحانه ان يشملنا برحمته وان يحبب الينا الايمان ويزينه في قلوبنا ويكره الينا الكفر والفسوق والعصيان وان يجعلنا من الراشدين.



* الظواهر السلبية تفشت في الكثير من الناس في رمضان كيف يمكن معالجتها، مثل السهر والاسراف في الأكل والشرب والتأخر عن الصلاة والتفريط في قراءة القرآن وغيرها كثير؟

- هذه الظواهر السلبية كالسهر والاسراف في الاكل والشرب يمكن معالجتها بالتوعية الدؤوبة في المدرسة والمسجد وفي وسائل الاعلام المختلفة مسموعة ومقروءة ومرئية مع بيان اثارها الضارة على الفرد وعلى المجتمع صحياً واجتماعياً ودينياً وكلما حصلت القناعة ممن هو واقع فيها قلت شيئاً فشيئاً. أما التهاون في اداء الواجبات الدينية فينبغي تعاون الدعاة مع خطباء المساجد مع رجال الهيئة في التوعية والتوجيه وحمل الناس وتشجيعهم على أدائها وأهم ذلك الصلاة فهي اعرف المعروف واجرها اعظم من ان يحاط به، فاعتناء ولاة الأمر بها يجب ان يكون فوق اعتنائهم بجميع الأعمال ولهذا كان امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب الى عماله: ان اهم امر عندي الصلاة من حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها كان لما سواها أشد اضاعة.
 

فالح الخزاعي

مدير عام سابق وعضو شرف
عضو شرف
27 أغسطس 2005
11,537
84
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: المجلة الرمضانية - العدد الرابع عشر

النبي بين الثبات على الحق و الرحمة



تعريف بدار الأرقم بن أبي الأرقم

دار اجتمع فيها المسلمون لمدة ثلاث سنوات، من السنة الثالثة إلى السنة السادسة من بعثة النبي، بعد أن اشتد إيذاء الكفار و تأثرت روح المسلمين المعنوية من شدة ما لقوه من تعذيب و اضطهاد. المغزى من الاجتماع بدار الأرقم بن أبي الأرقم دورة تدريبية للمسلمين من أجل توسيع مداركهم الفكرية وتزكية إيمانهم بالله عـز وجـل وحـثهم علـى التـشبث بالصبر عند الإيذاء. صعوبة كشف قريش لاجتماعات المسلمين، حيث أن الأرقم بن الأرقم لم يتجاوز ربيعه السابع عشر.

- توسط المنزل لقبيلة الأرقم بن الأرقم مما يصرف قريش عن مهاجمته إن هي اكتشفته.

نتائج هذه الدورة الإسلامية العظيمة:

- ثبات الصحابة الذين شهدوا التدريب مع النبـي فـي غـزوة حنـين ، حـين تفـرق المـسلمون فـي الجولـة الأولـى مـن

المعركة و فر منهم من فر.

- غرس أسس العمل كفريق في أنفس الصحابة و تـشبعهم بـروح الجماعـة . قـال تعـالى : « وَالْعَـصْرِ إِنَّ الإنسان َ لَفِـي خُسْر ٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ِوَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر « سورة العصر.

- نقاء القلب و القرب من الله عز وجل . قال تعالى : «َّقُلْ إِن صَـلاَتِي وَنُـسُكِي وَمَحْيَـايَ وَمَمَـاتِي لِلّـهِ رَبِّ الْعَـالَمِينَ « الأنعام: 162.

حب الوطن والتحلي بالصبر وعدم الانتقام كما هو مبين في قصة هود ويوسف وتعليم الصحابة الرؤية الواسعة للعالم : قال تعـالى : « الـم غُلِبَـتِ الـرُّومُ فِـي أَدْنَـى الأرْض ِ وَهُـم مِّـن بَعْـدِ غَلَـبِهِمْ َ - تعلم سَيَغْلِبُون َفِي بِضْعِ سِنِين لله الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُون بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَـشَاءُ وهو الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ « الروم.5 – 1


الزكاة أفضل طريقة لتحقيق التضامن الإسلامي

محمد عبد العظيم - القاهرة

أكد سماحة الشيخ عطية صقر -رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف- أن فريضة الزكاة تعتبر أبرز أنواع العبادات وأقواها تأثيراً في إقامة التضامن بين المسلمين ودليلاً عليه, حيث تتجلى في أدائها أوضح صور التكافل وأساليب التضامن, بل إن تحقيق هذا التكافل والتضامن هو الحكمة من تشريعها وجعلها ركناً من أركان الإسلام, كما أنها الأسلوب العملي لتنقية النفس من الشح وتطهيرها من البخل, وتزكية المال وتنميته والانتصار على شهوة حبه والعبودية له, وحين يتحقق ما شرعت الزكاة لأجله يتحقق التضامن في أروع صورة بين المسلمين، ويبرز التكامل في أجمل صورة في المجتمع الإسلامي.. كما أن الروح التي تسيطر على الزكاة هي روح العبادة والتقرب إلى الله.


التفسير الميسر

الشيخ عائض القرني

58. (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)

وأمرناكم بدخول فلسطين لطلبكم ذلك، وهيأنا لكم فيها معيشة هنيئة بلا مشقة ولا عناء في تحصيلها، بل رزق وافر من طعام لذيذ مع راحة بال وحسن حال، وأمرناكم بدخول باب القرية خاضعين خاشعين شكراً لله، مستغفرين لذنوبكم، طالبين العفو من ربكم، ووعدناكم بغفران الخطايا إذا تبتم، وتكفير الذنوب إذا استغفرتم، ومن لم يكن منكم مذنباً زدناه باستغفاره وصلاحه حسنات، ورفعناه درجات، فالمسيء نكفر سيئاته، والمحسن نزيد في حسناته، فوعدناكم إذا استقمتم بعيش رغيد، ومقام سعيد، وغفران للخطايا، وزيادة في العطايا.

وفي الآية وجوب الاستغفار من الذنوب مع تقوى القلوب، فكم من مستغفر وهو محروم، وكم من ساكت وهو مرحوم، ذاك قلبه فاجر، وهذا قلبه ذاكر.

59. (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)

فغير الفجرة منكم ما أمرناهم به من الاستغفار، وقلبوا الكلام فسقاً وعناداً، فقالوا: حنطة مكان حطة، وما ذاك الا لكثرة تمردهم على ربهم، وتأصل الخبث في نفوسهم، بعدها أنزلنا عليهم عذاباً من السماء نكل بهم جزاء فعلهم الشنيع وقولهم القبيح فكم من آية مرت بهم وبلاء، وكم من محنة عاشوها ورخاء، لكن المخدر بسكار المعصية لا يشعر، والمفتون بحب الدنيا لا يحس، فالذنوب تميت القلوب وتنسيها علام الغيوب، فما اذهب الفطنة وعطل الفهم ومحق البركة مثل المعصية.

60. (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)

فلما أمنا لكم الطعام مما لذ وطاب، بقي الشراب، فلما دعانا موسى ان نسقيكم الماء البارد جعلناه بطريق المعجزة لعلكم تشاهدون قدرة الله فتخافوا، وتنظرون فضله فتشكروه، وتبصرون كرمه فتحبوه، فلا شكر على النعم، ولا خوف من النقم، ولا حب على كثرة الأيادي.

اما ضرب موسى بعصاه الصخر مثلما ضرب بها البحر، فانفجر الصخر بالماء، وانفلق البحر للنجاة، فاليابس القاسي بقدرتنا لان، وقلوبكم ما لانت، والسائل بأمرنا تجمد، فهل من معتبر؟ وفجرنا من الصخر لكم اثنتي عشرة عيناً بعدد قبائلكم، ليقل الزحام ولا يقع الخصام. فكل قبيلة تعرف مشربها، فها هو الطعام والشراب مهيأ لكم، وكله من فضل الله فهلا شكرتموه وعبدتموه، فلله في كل لقمة نعمة، وفي كل قطرة ماء آلاء، وفي كل نسمة هواء عطاء، وقد حذرناكم مغبة العصيان، وعاقبة الكفران من السعي في الأرض بالظلم، وسفك الدم الحرام، والقطيعة واخذ أموال الناس بالباطل، وشهادة الزور ونحوها، ولكن تركتم المأمور، وارتكبتم المحذور، وخالفتم الرسول، وجانبتم الحق، وأطعتم الهوى.
 

فالح الخزاعي

مدير عام سابق وعضو شرف
عضو شرف
27 أغسطس 2005
11,537
84
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: المجلة الرمضانية - العدد الرابع عشر

خطيبا الحرمين ينتقدان الاعمال التمثيلية التي تحرف القصص وتدعو الى السخرية


ادم فلاتة(الاستماع)
انتقد فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم امام وخطيب المسجد الحرام في خطبة الجمعة الاعمال التمثيلية التي تحرف القصص القرآنية وتتمرد على الحقائق والقيم والمثل والمصداقية في العرض والنقل والنقد وما تتضمنه من مهيجات للغرائز ومثيرات للشهوات ومسوغات للاستعصاء على آداب الشريعة ومثلها العليا. وحذر فضيلته من أن ينحرف فهم الأمة للقصص القرآنية فلا تراها الا نوعا من الفن التصويري القصصي الذي لا يقتضي صحة الوقوع قائلا إن ذلك نوع من التخيل الداعي للتشويق المراد منه التمثيل لتلهية الناس وشغلهم بالشهوات والشبهات من خلال اطروحات وروايات مبتذلة يروج لها على أنها دعامة في تربية الجماهير على التمرد على الحقائق والقيم والمثل والمصداقية في العرض والنقل والنقد مضمنة مهيجات للغرائز ومثيرات للشهوات ومسوغات للاستقصاء على اداب الشريعة ومثلها العليا. وحذر فضيلته الأمة من الانحدار قائلا: تدبروا أحوال الأمم السابقة كيف قامت وكيف فنيت وكيف كانت ذات عز وكيف انحدرت الى الهاوية انحدار جلمود صخر. وطالب فضيلته الأمة الاسلامية الى فهم عميق وادراك القصص القرآنية لتنهل منها للوقوف امام الدعوات المناوئة لها.
وفي المدينة المنورة حذر فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم المصلين في المسجد النبوي من السخرية بالدين في رمضان الذي انزل فيه القرآن قائلا: من سخر بالدين سخر الله منه واذله وتوعده وفرض على كل عبد الانقياد لهذا الدين والتذلل له وتعظيم شعائره وشرعه والابتعاد عن الطعن أو السخرية به والاستهزاء باحكامه وحرام على المسلم النظر الى ما فيه طعن بشعائر الاسلام. ودعا فضيلته الى الاكثار من قراءة القرآن والتصدق وقيام الليل والابتعاد عن الملهيات والشبهات وخاطب المصليات قائلا لهن: ان صلاتكن في داركن خير لكن من صلاتكن في المساجد مطالبا إياهن بالتستر والعفاف وكمال الحجاب.


رمضان والصيام الصوري
سامي بن عبدالعزيز الماجد الحياة - 07/10/06//

لكل عبادة معنى ومبنى، وصورة ومقصد، فصورة الصيام ومبناه هو ما يختص به من الإمساك عن المفطرات المباحة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وإلا فإن الإمساك عن المحرمات فرض مطلق في جميع الأوقات، لا يختص برمضان. ومعنى الصيام المقصود من وراء هذا الظاهر هو تقوى الله كما هو نص آية إيجاب الصيام (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)، وفي صورة الصيام ما يدل على هذا المعنى المقصود، فإن امتناع الصائم عن الأكل والشرب والشهوات المباحة في غيبة الناس كما في حضرتهم، فيه ترويضٌ للنفس وتوطينٌ لإرادتها على ملكة الصبر، وعلى مراقبة الله سبحانه، فتتربّى على النهوض بالفرائض والاصطبار عليها، ويهون عليها ترك المحرمات والصبرُ عنها، وعلى هذا المعنى مدارُ التقوى.
لكن الواقع أن الناس لم يفقهوا من الصيام إلا أحكامه التفصيلية الظاهرة، فانحصرت فيها اهتماماتهم وسؤالاتهم، وانشغلوا بذلك عن تحقيق مقصوده، وشُغلوا بتفريعات أحكامه الظاهرة وتفصيلاتها عن مراعاة حِكمتِه.
وتبعت ذلك توابعُ، ترى فيها التناقض المضحك والامتثالَ الصوري الساذَج المشوِّه لجمال الإسلام في أحكامه وشرائعه، ولو بنية طيبة بريئة.
رأينا التناقض في سلوك بعضِ الصائمين وأخلاقهم، حيث الإمساك مقصور على الطيبات، في حين أن المحرمات من دون توقيت لا يشملها ورع ولا تعفف.ورأينا التناقض في غش بعض الصائمين في تجارتهم ومعاملاتهم، وقد يبُست شفاههم من أثر الصيام، ويبلغ الورع بأحدهم أن يدعَ المضمضة حفاظاً على صيامه. ورأينا التناقض في استطالة بعض الصائمين في أعراض المسلمين، يفريها فرياً، ويأكل لحومَهم أكلاً، ثم يبلغ به الورع الكاذب البارد أن يتحاشى بلع ريقه المستطعِمِ بأثر السواك صيانةً لصيامه - زعم - وأصبح طعم السواك في حلقه أشد عليه جُرماً من استطعام أعراض المسلمين!
ورأينا التناقض في إضاعة بعض الصائمين للصلاة وهم بعدُ متلبسون بالصيام، وكأنهم لا يدركون من حقيقة الصيام إلا انه مجرد إمساك عن الأكل والشرب، فلا يرون بأساً ولا حرجاً أن يقطعوا نهار رمضان كلَّه أو أكثرَه بالنوم، ثم يجمعون صلاتي النهار في آخره، كما يفعل المنافق الذي عناه النبي في قوله: «تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان ـ أي آخر العصر ـ قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً» وهانت عليهم الصلاة بقدر ما ثقلت عليه شعيرة الصيام، وصار النوم حيلة ووسيلة لتزجية وقت العبادة وتجاوزِ مشقتها وعنائها، وصار زاداً يتزود به لسهر الليل على الشهوات. ولو أنهم عقلوا حقيقةَ الصيام وغايته لما كان منهم هذا التناقض.
ورأينا التناقض في برامج القنوات الفضائية، حيث قرنت المواعظ بدعوات الفحشاء والمنكر، وأردفت البرامج الصالحة بالفجور، ففي أول النهار مواعظُ ورقائق خالصة، وفي آخرِه منكرٌ وفجور، وربما خصّت النهارَ بالجاد المفيد مراعاةً لحرمة الصيام، ثم أطلقت لليله برامج المجون والخنا فلم ترعَ له حرمة. وصور التناقض هذه هي من تبعات الفهم الساذَج لشعيرة الصيام والاشتغالِ بالصيام الصوري عن فهم مقاصد الصيام وتحقيق غاياته.
لذا، يجب أن نكثر من الحديث عن المعنى المقصود للصيام، حتى يراعي الناس حرمةَ معناه كما كانوا يراعون حرمةَ ظاهره وصورته. يجب أن نجعل الآيات والأحاديث المذكّرة بمقصود الصيام هي أولَ ما يسمعه الناس في شأن الصيام (كتب عليكم الصيام ...لعلكم تتقون). (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) فإن الله لم يشرع الصيام لحاجته إلى أن ندع الطعام والشراب، وإنما شرع الصيام من أجل أن نتقوى به على ترك قول الزور ـ الذي هو كل منكر ـ والعمل به. يجب أن يتربى صغارنا وينشأوا على هذا الفقه العظيم: فقه مقاصد العبادة، وأن يفقهوا أن مراعاة مقاصدها لا يقتضي تهاوناً في التزام ظاهرها، وأن التزام ظاهرها على وجهه ليس بالضرورة أن يحقق مقصود العبادة، ما لم يراعِ المرءُ حرمته أن تنتهك بأعمال تناقض العبادة، وإن كانت لا تفسد ظاهرها، كالغيبة والغش والخديعة وسوء الخلق.


* محاضر في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.


<
 

الداعية

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
11 نوفمبر 2005
19,977
75
48
الجنس
أنثى
رد: المجلة الرمضانية - العدد الرابع عشر

بارك الله بكم يا استاذ الحزاعي على ما تقدمه جعله الله في ميزان حسناتك امين امين امين
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع