إعلانات المنتدى


أثر القراءات في التفسير

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قسَّم العلماءُ القراءاتِ من حيث أثرها في التفسير إلى قسمين(1):

1. قسم له علاقة بالتفسير, وهو ما اختلف لفظه ومعناه, وهو على نوعين:

أ. ما اختلف لفظه ومعناه مع جواز اجتماعهما في شيء واحد.
ب. ما اختلف لفظه ومعناه مع عدم جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان

من وجه آخر لا يقتضي التضاد.

2. قسم ليس له علاقة بالتفسير, وهو:

أ. ما اختلف لفظه واتحد معناه.

ب. ما اتحد لفظه ومعناه مما يتنوع صفة النطق به كالمد والقصر وتخفيف الهمز والإظهار والإدغام والرَّوْم والإشمام ونحو ذلك مما يُعَبِّرُ عنه القراء بـ(الأصول).

قال ابن الجزري رحمه الله: "وقد تدبرنا اختلاف القراءات كلها فوجدناه لا يخلو من ثلاثة أحوال:

أحدها: اختلاف اللفظ والمعنى واحد.

الثاني: اختلافهما جميعاً مع جواز اجتماعهما في شيء واحد.
الثالث: اختلافهما جميعاً مع امتناع جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان من وجه واحد لا يقتضي التضاد.

فأمّا الأول؛ فكالاختلاف في {الصِّرَاط} [الفاتحة:6]: [قرأ حمزة: {الصراط} و{صراط} حيث وقعا بإشمام الصاد زاياً، وخلاّد بإشمامها الزاي في قوله تعالى: {الصراط المستقيم} هنا خاصة، وقنبل ورويس بالسين حيث وقعا، والباقون بالصاد(2). والقراءة بالسين على الأصل لأنه مشتق من (السرط) وهو البلع، وهو لغة عامة العرب, والقراءة بالصاد لغة قريش، أما القراءة بإشمام الصاد صوت الزاي فهي لغة قيس(3)] ونحو ذلك مما يطلق عليه أنه لغات فقط.

وأمّا الثاني؛ فنحو: {مالك} و{مَلِك} [الفاتحة:4]؛ لأنّ المراد في القراءتين هو الله تعالى, وكذا {كيف ننشرها} [البقرة:259] بالراء والزاي لأن المراد بهما: العظام، وذلك أنّ الله عز وجل أنشرها؛ أي: أحياها, وأنشزها؛ أي: رفع بعضها إلى بعض حتى التأمت، فضمّن الله تعالى المعنيين في القراءتين.

وأمّا الثالث؛ فنحو: {وَظَنُّوْا أَنَّهم قَدْ كُذِبُوا} [يوسف:110] بالتشديد والتخفيف, فأمّا وجه تشديد {كُذِّبُوا} فالمعنى: وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم فيما أخبروهم به، ووجه التخفيف: وتوهم المرسل إليهم أنّ الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به؛ فالظن في الأولى يقين، والضمائر الثلاثة للرسل، والظن في القراءة الثانية شك، والضمائر الثلاثة للمرسل إليهم, وهذا وإن اختلف لفظاً ومعنىً وامتنع اجتماعه في شيء واحد؛ فإنه يجتمع من وجه آخر يمتنع فيه التضاد والتناقض"(4).

وقال في موضع آخر: "وبقي ما اتحد لفظه ومعناه مما يتنوع صفة النطق به كالمدَّات, وتخفيف الهمزات, والإظهار والإدغام, والرَوم والإشمام، وترقيق الراءات, وتفخيم اللامات, ونحو ذلك مما يعبر عنه القراء بالأصول؛ فهذا عندنا ليس من الاختلاف الذي يتنوع فيه اللفظ أو المعنى؛ لأن هذه الصفات المتنوعة في أدائه لا تخرجه عن أن يكون لفظاً واحداً"(5).

وقال ابن عاشور: "أرى أنّ للقراءات حالتين: إحداهما لا تعلُّق لها بالتفسير بحال، والثانية لها تعلق به من جهات متفاوتة.

أمّا الحالة الأولى: فهي اختلاف القراء في وجوه النطق بالحروف والحركات كمقادير المد والإمالات... وفي تعدد وجوه الإعراب مثل: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة:214] بفتح لام {يقول} وضمّها... ومزية القراءات من هذه الجهة عائدة إلى أنها حفظت على أبناء العربية ما لم يحفظه غيرها وهو تحديد كيفيات نطق العرب بالحروف في مخارجها وصفاتها، وبيان اختلاف العرب في لهجات النطق بتلقي ذلك عن قراء القرآن من الصحابة بالأسانيد الصحيحة، وهذا غرض مهم جدّاً, لكنه لا علاقة له بالتفسير لعدم تأثيره في اختلاف معاني الآي... وفيها أيضاً سعة من بيان وجوه الإعراب في العربية؛ فهي لذلك مادة كبرى لعلوم اللغة العربية...
وأمّا الحالة الثانية: فهي اختلاف القراء في حروف الكلمات، مثل: {مالك يوم الدين}، {مَلِكِ يوم الدين}... وكذلك اختلاف الحركات الذي يختلف معه معنى الفعل، كقوله: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّون} [الزخرف:57], قرأ نافع بضم الصاد، وقرأ حمزة بكسر الصاد، فالأولى بمعنى: يصدون غيرهم عن الإيمان، والثانية بمعنى صدودهم في أنفسهم، وكلا المعنيين حاصل منهم، وهي من هذه الجهة لها مزيد تعلق بالتفسير؛ لأن ثبوت أحد اللفظين في قراءة قد يبين المراد من نظيره في القراءة الأخرى، أو يثير معنىً غيره، ولأن اختلاف القراءات في ألفاظ القرآن يُكْثِر المعاني في الآية الواحدة"(6).

مناقشة هذا التقسيم:

بالنظر إلى التقسيم الذي ذكره العلماء يُلاحَظ أنهم جعلوا قسماً من القراءات ليس له علاقة بالتفسير لاتحاد المعنى, ونسبوه إلى اختلاف اللغات, أو إلى اختلاف أوجه أداء الكلمة، ولكنّ الدراسة التطبيقية للقراءات القرآنية وأثرها في التفسير تثبت خلاف ذلك؛ حيث إن هناك فروقاً دقيقة بين القراءات القرآنية التي عزاها بعض المفسرين لاختلاف اللغات، أو لم يتطرق الكثير منهم لذكر أثرها في المعاني، وسيأتي ذكر الشواهد والأمثلة على ذلك عند دراسة النماذج التفسيرية التي تبين أثر اختلاف القراءات في المعاني والتفسير.

وقد اختلف العلماء في قضية اتحاد المعنى واختلاف الألفاظ أو العكس، وهو ما يعبر عنه بـ(الترادف)؛ ففريق من علماء اللغة والتفسير والفقه يقولون: إنّ في العربية صيغاً وألفاظاً مختلفة لمعانٍ متحدة, وأنه لا معنى لإقامة البرهان على جواز ذلك بعد تحقق وقوعه كالبُرّ والقمح. وهؤلاء يعتبرون (الترادف) ميزة كبرى للعربية، ودليلاً على ثرائها وسعتها، وكثرة ألفاظها، وهذا يتيح للكاتب والمتحدث بها مجالاً رحباً للاختيار بين هذه المترادفات.

وفريق آخر يقول بعدم وقوع (الترادف)؛ لأن وجوده من الفضول والتزيّد الذي لا فائدة فيه، ولا طائل تحته. وهؤلاء يرون أن ميزة العربية تكمن في تلك الفروق الدقيقة بين الألفاظ, وأنه يمكن معرفة هذه الفروق، كما يجوز العجز عن إدراك قسم منها، وأنّ عجزنا أو جهلنا بذلك ليس دليلاً على عدم وجودها(7).

والرأي أن يُجتهد في استنباط معان جديدة، وفهم دلالات تفيدها الألفاظ المختلفة، وكذلك الأوجه المختلفة لأداء اللفظ الواحد، التي لا يظهر لها أثرٌ واضحٌ في اختلاف المعاني, فمن الراجح أن يكون هذا التغاير لمعان وأحكام قبل أن يكون لزيادة الثروة اللفظية والأوضاع اللغوية.
ويستعان في فهم هذه المعاني الجديدة بكل ما يمكن من وسائل الفهم والقدرة على الاستنباط المتاحة، وفي مقدمتها الأسباب اللغوية؛ وذلك ما ثبت في اللغة من معنى للكلمة، ولأصلها الاشتقاقي من دلالة عامة، ولبنيتها من معان استنبطها العلماء، وكون المعنى حقيقة أو مجازاً، ومدى شيوع الكلمة وبنيتها لفظاً ومعنىً في الاستعمال، وموقعها في السياق، وما إلى ذلك من وسائل اللغة وأدواتها؛ فلهذا كله قدره في إدراك المعنى واستخراجه.

فإذا لم يتوصل الباحث من خلال ما سبق إلى معان جديدة قائمة على أساس صحيح ينتقل إلى البحث عن الأصول التي ترجع إليها هذه الألفاظ في كلام العرب، من اختلاف القبائل، أو اختلاف الأحوال والأوضاع التي أدت إلى تعدد اللفظ لمعنىً واحد، ويتعلق بهذا كثير من أبواب البحث اللغوي في الموازنة والمقارنة والتطور، وعلاقة اللفظ بالمعنى، وعلاقة اللغة بالمتكلم والمكان والزمان, والكلمة بالسياق والمقام، وما إلى هذا مما تتفاوت حظوظ الباحثين في إدراكه، وما يفتح الله به عليهم من فيض علمه وتوفيقه(8).

التقسيم الذي يمكن اقتراحه:

يمكن تقسيم القراءات من حيث أثرها في التفسير إلى قسمين:

الأول: قسم له علاقة بالتفسير، وهو على نوعين:

1. ما له علاقة جلية واضحة بالتفسير؛ وهو ما اختلف لفظه ومعناه. وهو على صورتين:

أ. ما اختلف لفظه ومعناه مع جواز اجتماعهما في شيء واحد.

ب. ما اختلف لفظه ومعناه مع عدم جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان من وجه آخر لا يقتضي التضاد.

2.ما له علاقة خفية غير واضحة بالتفسير؛ يمكن التوصل إليها بمزيد دراسة وتأمل. وهو على صورتين:

أ. ما اختلف لفظه واتحد معناه ظاهراً، مع وجود فروق دقيقة بين الكلمات سواء في المعنى أو من حيث الإيحاءات التي تلقيها كل قراءة على المعنى, أو من حيث مناسبة كل قراءة لمعنىً من المعاني في اللفظ المختلف فيه.

ب. ما اتحد لفظه ومعناه مما يتنوع صفة النطق به كالمد والقصر وتخفيف الهمز, والإظهار والإدغام والرَّوم والإشمام ونحو ذلك مما يعبر عنه القراء بـ(الأصول), ويظهر أثر ذلك في التفسير من حيث المعاني التي يحملها تنوع صفة النطق باللفظ، أو من حيث مناسبة كل صفة نطق لمعنىً من المعاني في اللفظ الواحد, أو من حيث تنوع المسموع وما يتركه من أثر في نفس السامع، إلى غير ذلك من الأمور التي تتفاوت في علاقتها بالتفسير والمعاني.

الثاني: قسم لا يظهر له علاقة بالتفسير,

وهو ما لم يظهر فيه فروق في المعاني بين القراءات المختلفة، ولعجزنا عن إدراك هذه الفروق؛ فإننا نُرجع الاختلاف في القراءات إلى اختلاف اللغات واختلاف أوجه النطق في اللفظ الواحد عند العرب، ولا نجزم بعدم وجود الأثر في التفسير، فقد يتوصل الباحثون إلى بيان فروق في المعاني بين هذه القراءات المختلفة.

أمثلة تطبيقية على أثر القراءات في التفسير:

النوع الأول: ما له علاقة واضحة جلية بالتفسير:

1. ما اختلف لفظه ومعناه مع جواز اجتماعهما في شيء واحد، ومثاله: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف:24].

القراءات:

- قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وابن عامر: {الْمُخْلِصِينَ} بكسر اللام.
- قرأ الباقون: {الْمُخْلَصِينَ} بفتح اللام(9).

العلاقة التفسيرية بين القراءات:

القراءة: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} بفتح اللام، بتأويل: إنّ يوسف عليه السلام من عبادنا الذين أخلصناهم لأنفسنا واخترناهم لنبوتنا. ويحتمل أن يكون المراد أنه من ذرية إبراهيم عليه السلام الذين قال الله فيهم: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} [ص:46].

والقراءة: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلِصِينَ} بكسر اللام، بتأويل: إنّ يوسف عليه السلام من عبادنا الذين أخلصوا توحيدنا وعبادتنا فلم يشركوا بنا شيئاً، ولم يعبدوا شيئاً غيرنا(10). والمعنيان وإن اختلفا فإنهما يجتمعان في يوسف عليه السلام فقد كان مُخْلِصاً في طاعة الله عز وجل، مستَخْلَصاً لرسالته(11).

2. ما اختلف لفظه ومعناه مع عدم جواز اجتماعهما في شيء واحد، ومثاله: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل:110].

القراءات:

- قرأ ابن عامر: {فَتَنُوا} بفتح الفاء والتاء.
- قرأ الباقون: {فُتِنُوا} بضم الفاء وكسر التاء(12).
العلاقة التفسيرية بين القراءات:
القراءة: {فَتَنُوا} بفتح الفاء والتاء، تتحدث عن صنف من المؤمنين وهم الذين فَتَنوا غيرَهم؛ أي: عذبوا غيرهم ليرتدوا عن الإسلام، ثم أسلموا هم أنفسهم وهاجروا، فالله عز وجل غفور لهم.
والقراءة: {فُتِنوا} بضم الفاء وكسر التاء، تتحدث عن صنف آخر من المؤمنين كانوا مستضعفين فعُذِّبوا في الله وحُملوا على الارتداد عن دينهم، وقلوبهم مطمئنة بالإيمان، فالله عز وجل غفور لهم لِمَا حُملوا عليه وأكرهوا من الارتداد(13). فكل قراءة تناولت الحديث عن صنف مختلف من المؤمنين, وإن اختلف المعنى بينهما فلا تناقض ولا تضاد, حيث إنّ هذين الصنفين قد وُجدا في المؤمنين، والله أعلم.

النوع الثاني: ما له علاقة خفية بالتفسير:

1. ما اختلف لفظه واتحد معناه ظاهراً، ومثاله:
{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاّ بِالله وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل:127].

القراءات:

- قرأ ابن كثير: {ضِيْقٍ} بكسر الضاد.
- قرأ الباقون: {ضَيْقٍ} بفتح الضاد(14).
العلاقة التفسيرية بين القراءات:
اختُلف في توجيه القراءتين فقيل: هما لغتان بمعنى واحد(15). وقيل: بل هناك فرق بينهما,

"وفي الفرق بينهما قولان:

أحدهما: أنه بالفتح ما قلّ، وبالكسر ما كَثُر.
الثاني: أنه بالفتح ما كان في الصدر، وبالكسر ما كان في الموضع الذي يتسع ويضيق"(16)
.
ومفاد القراءتين نفي الضيق بشتى صوره؛ فتنوع القراءة بين الفتح وما به من خفة، والكسر وما به من ثقل، أفاد النهي عن حصول الضيق قلّ أو كثر. وهذا الاستنتاج يوافق القول الأول في الفرق بين الكلمتين. كما أنّ الله عز وجل نهى حبيبه المصطفى  أن يضيق صدره أو يضيق عيشه من هؤلاء الكفار، والله أعلم.

2. ما اتحد لفظه مع وجود فروق دقيقة في المعاني، ومثاله:
{يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود:105].

القراءات(17):

- قرأ البزي: {لا تّكلم} بتشديد التاء مع المد المشبع في {لا} وصلاً.
- قرأ الباقون: {لا تَكلَّم} بفتح التاء من غير تشديد، مع مد {لا} مدّاً طبيعيّاً بمقدار حركتين(18).

العلاقة التفسيرية بين القراءات:

{لا تَكلَّم} إنما هي (لا تتكلم) فحُذفت إحدى التاءين اجتزاء بدلالة الباقية منهما عليها(19). وقرأ البزي بخلف عنه بتشديد التاء حالة الوصل؛ أي وصل ما قبل التاء بها، وذلك على إدغام إحدى التاءين في الأخرى, ويتعين في الألف من {لا} المد الطويل لمجيء الساكن بعدها(20). وقد ناسب حذف التاء نفي الكلام في ذلك الموقف، أمّا التشديد وما به من ثقل فقد ناسب ثقل الموقف على النفس، وأكد ذلك المدّ الطويل الذي يفيد المبالغة. والله تعالى أعلم.


مقال من مجلة الفرقان
 

هاني مكاوي

مراقب قدير سابق
28 مايو 2007
5,869
35
0
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات في التفسير

هذا المقال ممتاز ويشرح الكثير من الأمور التي يمكن ان تلتبس على الكثيرين وخاصة من طلبة العلم.

بارك الله فيك أختنا الفاضلة وزادك تألقا ونفع بك الأمة
 

الملكة الحزينة

مشرفة سابقة
6 مارس 2009
12,753
154
63
الجنس
أنثى
رد: أثر القراءات في التفسير

بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك ,,,اللهم آمين
 

المحب للمعيقلي

مزمار داوُدي
26 أبريل 2008
3,663
2
0
الجنس
ذكر
رد: أثر القراءات في التفسير

اللهم حرم وجه صاحب الموضوع

على النار

وأسكنه الفردوس الأعلى بغير حساب
 

محمد صفوان متقين

مزمار جديد
24 أكتوبر 2018
2
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الرحمن السديس
علم البلد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قسَّم العلماءُ القراءاتِ من حيث أثرها في التفسير إلى قسمين(1):

1. قسم له علاقة بالتفسير, وهو ما اختلف لفظه ومعناه, وهو على نوعين:

أ. ما اختلف لفظه ومعناه مع جواز اجتماعهما في شيء واحد.
ب. ما اختلف لفظه ومعناه مع عدم جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان


من وجه آخر لا يقتضي التضاد.

2. قسم ليس له علاقة بالتفسير, وهو:

أ. ما اختلف لفظه واتحد معناه.

ب. ما اتحد لفظه ومعناه مما يتنوع صفة النطق به كالمد والقصر وتخفيف الهمز والإظهار والإدغام والرَّوْم والإشمام ونحو ذلك مما يُعَبِّرُ عنه القراء بـ(الأصول).

قال ابن الجزري رحمه الله: "وقد تدبرنا اختلاف القراءات كلها فوجدناه لا يخلو من ثلاثة أحوال:

أحدها: اختلاف اللفظ والمعنى واحد.

الثاني: اختلافهما جميعاً مع جواز اجتماعهما في شيء واحد.
الثالث: اختلافهما جميعاً مع امتناع جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان من وجه واحد لا يقتضي التضاد.


فأمّا الأول؛ فكالاختلاف في {الصِّرَاط} [الفاتحة:6]: [قرأ حمزة: {الصراط} و{صراط} حيث وقعا بإشمام الصاد زاياً، وخلاّد بإشمامها الزاي في قوله تعالى: {الصراط المستقيم} هنا خاصة، وقنبل ورويس بالسين حيث وقعا، والباقون بالصاد(2). والقراءة بالسين على الأصل لأنه مشتق من (السرط) وهو البلع، وهو لغة عامة العرب, والقراءة بالصاد لغة قريش، أما القراءة بإشمام الصاد صوت الزاي فهي لغة قيس(3)] ونحو ذلك مما يطلق عليه أنه لغات فقط.

وأمّا الثاني؛ فنحو: {مالك} و{مَلِك} [الفاتحة:4]؛ لأنّ المراد في القراءتين هو الله تعالى, وكذا {كيف ننشرها} [البقرة:259] بالراء والزاي لأن المراد بهما: العظام، وذلك أنّ الله عز وجل أنشرها؛ أي: أحياها, وأنشزها؛ أي: رفع بعضها إلى بعض حتى التأمت، فضمّن الله تعالى المعنيين في القراءتين.

وأمّا الثالث؛ فنحو: {وَظَنُّوْا أَنَّهم قَدْ كُذِبُوا} [يوسف:110] بالتشديد والتخفيف, فأمّا وجه تشديد {كُذِّبُوا} فالمعنى: وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم فيما أخبروهم به، ووجه التخفيف: وتوهم المرسل إليهم أنّ الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به؛ فالظن في الأولى يقين، والضمائر الثلاثة للرسل، والظن في القراءة الثانية شك، والضمائر الثلاثة للمرسل إليهم, وهذا وإن اختلف لفظاً ومعنىً وامتنع اجتماعه في شيء واحد؛ فإنه يجتمع من وجه آخر يمتنع فيه التضاد والتناقض"(4).

وقال في موضع آخر: "وبقي ما اتحد لفظه ومعناه مما يتنوع صفة النطق به كالمدَّات, وتخفيف الهمزات, والإظهار والإدغام, والرَوم والإشمام، وترقيق الراءات, وتفخيم اللامات, ونحو ذلك مما يعبر عنه القراء بالأصول؛ فهذا عندنا ليس من الاختلاف الذي يتنوع فيه اللفظ أو المعنى؛ لأن هذه الصفات المتنوعة في أدائه لا تخرجه عن أن يكون لفظاً واحداً"(5).

وقال ابن عاشور: "أرى أنّ للقراءات حالتين: إحداهما لا تعلُّق لها بالتفسير بحال، والثانية لها تعلق به من جهات متفاوتة.

أمّا الحالة الأولى: فهي اختلاف القراء في وجوه النطق بالحروف والحركات كمقادير المد والإمالات... وفي تعدد وجوه الإعراب مثل: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة:214] بفتح لام {يقول} وضمّها... ومزية القراءات من هذه الجهة عائدة إلى أنها حفظت على أبناء العربية ما لم يحفظه غيرها وهو تحديد كيفيات نطق العرب بالحروف في مخارجها وصفاتها، وبيان اختلاف العرب في لهجات النطق بتلقي ذلك عن قراء القرآن من الصحابة بالأسانيد الصحيحة، وهذا غرض مهم جدّاً, لكنه لا علاقة له بالتفسير لعدم تأثيره في اختلاف معاني الآي... وفيها أيضاً سعة من بيان وجوه الإعراب في العربية؛ فهي لذلك مادة كبرى لعلوم اللغة العربية...
وأمّا الحالة الثانية: فهي اختلاف القراء في حروف الكلمات، مثل: {مالك يوم الدين}، {مَلِكِ يوم الدين}... وكذلك اختلاف الحركات الذي يختلف معه معنى الفعل، كقوله: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّون} [الزخرف:57], قرأ نافع بضم الصاد، وقرأ حمزة بكسر الصاد، فالأولى بمعنى: يصدون غيرهم عن الإيمان، والثانية بمعنى صدودهم في أنفسهم، وكلا المعنيين حاصل منهم، وهي من هذه الجهة لها مزيد تعلق بالتفسير؛ لأن ثبوت أحد اللفظين في قراءة قد يبين المراد من نظيره في القراءة الأخرى، أو يثير معنىً غيره، ولأن اختلاف القراءات في ألفاظ القرآن يُكْثِر المعاني في الآية الواحدة"(6).


مناقشة هذا التقسيم:

بالنظر إلى التقسيم الذي ذكره العلماء يُلاحَظ أنهم جعلوا قسماً من القراءات ليس له علاقة بالتفسير لاتحاد المعنى, ونسبوه إلى اختلاف اللغات, أو إلى اختلاف أوجه أداء الكلمة، ولكنّ الدراسة التطبيقية للقراءات القرآنية وأثرها في التفسير تثبت خلاف ذلك؛ حيث إن هناك فروقاً دقيقة بين القراءات القرآنية التي عزاها بعض المفسرين لاختلاف اللغات، أو لم يتطرق الكثير منهم لذكر أثرها في المعاني، وسيأتي ذكر الشواهد والأمثلة على ذلك عند دراسة النماذج التفسيرية التي تبين أثر اختلاف القراءات في المعاني والتفسير.

وقد اختلف العلماء في قضية اتحاد المعنى واختلاف الألفاظ أو العكس، وهو ما يعبر عنه بـ(الترادف)؛ ففريق من علماء اللغة والتفسير والفقه يقولون: إنّ في العربية صيغاً وألفاظاً مختلفة لمعانٍ متحدة, وأنه لا معنى لإقامة البرهان على جواز ذلك بعد تحقق وقوعه كالبُرّ والقمح. وهؤلاء يعتبرون (الترادف) ميزة كبرى للعربية، ودليلاً على ثرائها وسعتها، وكثرة ألفاظها، وهذا يتيح للكاتب والمتحدث بها مجالاً رحباً للاختيار بين هذه المترادفات.

وفريق آخر يقول بعدم وقوع (الترادف)؛ لأن وجوده من الفضول والتزيّد الذي لا فائدة فيه، ولا طائل تحته. وهؤلاء يرون أن ميزة العربية تكمن في تلك الفروق الدقيقة بين الألفاظ, وأنه يمكن معرفة هذه الفروق، كما يجوز العجز عن إدراك قسم منها، وأنّ عجزنا أو جهلنا بذلك ليس دليلاً على عدم وجودها(7).

والرأي أن يُجتهد في استنباط معان جديدة، وفهم دلالات تفيدها الألفاظ المختلفة، وكذلك الأوجه المختلفة لأداء اللفظ الواحد، التي لا يظهر لها أثرٌ واضحٌ في اختلاف المعاني, فمن الراجح أن يكون هذا التغاير لمعان وأحكام قبل أن يكون لزيادة الثروة اللفظية والأوضاع اللغوية.
ويستعان في فهم هذه المعاني الجديدة بكل ما يمكن من وسائل الفهم والقدرة على الاستنباط المتاحة، وفي مقدمتها الأسباب اللغوية؛ وذلك ما ثبت في اللغة من معنى للكلمة، ولأصلها الاشتقاقي من دلالة عامة، ولبنيتها من معان استنبطها العلماء، وكون المعنى حقيقة أو مجازاً، ومدى شيوع الكلمة وبنيتها لفظاً ومعنىً في الاستعمال، وموقعها في السياق، وما إلى ذلك من وسائل اللغة وأدواتها؛ فلهذا كله قدره في إدراك المعنى واستخراجه.


فإذا لم يتوصل الباحث من خلال ما سبق إلى معان جديدة قائمة على أساس صحيح ينتقل إلى البحث عن الأصول التي ترجع إليها هذه الألفاظ في كلام العرب، من اختلاف القبائل، أو اختلاف الأحوال والأوضاع التي أدت إلى تعدد اللفظ لمعنىً واحد، ويتعلق بهذا كثير من أبواب البحث اللغوي في الموازنة والمقارنة والتطور، وعلاقة اللفظ بالمعنى، وعلاقة اللغة بالمتكلم والمكان والزمان, والكلمة بالسياق والمقام، وما إلى هذا مما تتفاوت حظوظ الباحثين في إدراكه، وما يفتح الله به عليهم من فيض علمه وتوفيقه(8).

التقسيم الذي يمكن اقتراحه:

يمكن تقسيم القراءات من حيث أثرها في التفسير إلى قسمين:

الأول: قسم له علاقة بالتفسير، وهو على نوعين:

1. ما له علاقة جلية واضحة بالتفسير؛ وهو ما اختلف لفظه ومعناه. وهو على صورتين:

أ. ما اختلف لفظه ومعناه مع جواز اجتماعهما في شيء واحد.

ب. ما اختلف لفظه ومعناه مع عدم جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان من وجه آخر لا يقتضي التضاد.

2.ما له علاقة خفية غير واضحة بالتفسير؛ يمكن التوصل إليها بمزيد دراسة وتأمل. وهو على صورتين:

أ. ما اختلف لفظه واتحد معناه ظاهراً، مع وجود فروق دقيقة بين الكلمات سواء في المعنى أو من حيث الإيحاءات التي تلقيها كل قراءة على المعنى, أو من حيث مناسبة كل قراءة لمعنىً من المعاني في اللفظ المختلف فيه.

ب. ما اتحد لفظه ومعناه مما يتنوع صفة النطق به كالمد والقصر وتخفيف الهمز, والإظهار والإدغام والرَّوم والإشمام ونحو ذلك مما يعبر عنه القراء بـ(الأصول), ويظهر أثر ذلك في التفسير من حيث المعاني التي يحملها تنوع صفة النطق باللفظ، أو من حيث مناسبة كل صفة نطق لمعنىً من المعاني في اللفظ الواحد, أو من حيث تنوع المسموع وما يتركه من أثر في نفس السامع، إلى غير ذلك من الأمور التي تتفاوت في علاقتها بالتفسير والمعاني.

الثاني: قسم لا يظهر له علاقة بالتفسير,

وهو ما لم يظهر فيه فروق في المعاني بين القراءات المختلفة، ولعجزنا عن إدراك هذه الفروق؛ فإننا نُرجع الاختلاف في القراءات إلى اختلاف اللغات واختلاف أوجه النطق في اللفظ الواحد عند العرب، ولا نجزم بعدم وجود الأثر في التفسير، فقد يتوصل الباحثون إلى بيان فروق في المعاني بين هذه القراءات المختلفة.

أمثلة تطبيقية على أثر القراءات في التفسير:

النوع الأول: ما له علاقة واضحة جلية بالتفسير:

1. ما اختلف لفظه ومعناه مع جواز اجتماعهما في شيء واحد، ومثاله: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف:24].

القراءات:

- قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وابن عامر: {الْمُخْلِصِينَ} بكسر اللام.
- قرأ الباقون: {الْمُخْلَصِينَ} بفتح اللام(9).


العلاقة التفسيرية بين القراءات:

القراءة: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} بفتح اللام، بتأويل: إنّ يوسف عليه السلام من عبادنا الذين أخلصناهم لأنفسنا واخترناهم لنبوتنا. ويحتمل أن يكون المراد أنه من ذرية إبراهيم عليه السلام الذين قال الله فيهم: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} [ص:46].

والقراءة: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلِصِينَ} بكسر اللام، بتأويل: إنّ يوسف عليه السلام من عبادنا الذين أخلصوا توحيدنا وعبادتنا فلم يشركوا بنا شيئاً، ولم يعبدوا شيئاً غيرنا(10). والمعنيان وإن اختلفا فإنهما يجتمعان في يوسف عليه السلام فقد كان مُخْلِصاً في طاعة الله عز وجل، مستَخْلَصاً لرسالته(11).

2. ما اختلف لفظه ومعناه مع عدم جواز اجتماعهما في شيء واحد، ومثاله: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل:110].

القراءات:

- قرأ ابن عامر: {فَتَنُوا} بفتح الفاء والتاء.
- قرأ الباقون: {فُتِنُوا} بضم الفاء وكسر التاء(12).
العلاقة التفسيرية بين القراءات:
القراءة: {فَتَنُوا} بفتح الفاء والتاء، تتحدث عن صنف من المؤمنين وهم الذين فَتَنوا غيرَهم؛ أي: عذبوا غيرهم ليرتدوا عن الإسلام، ثم أسلموا هم أنفسهم وهاجروا، فالله عز وجل غفور لهم.
والقراءة: {فُتِنوا} بضم الفاء وكسر التاء، تتحدث عن صنف آخر من المؤمنين كانوا مستضعفين فعُذِّبوا في الله وحُملوا على الارتداد عن دينهم، وقلوبهم مطمئنة بالإيمان، فالله عز وجل غفور لهم لِمَا حُملوا عليه وأكرهوا من الارتداد(13). فكل قراءة تناولت الحديث عن صنف مختلف من المؤمنين, وإن اختلف المعنى بينهما فلا تناقض ولا تضاد, حيث إنّ هذين الصنفين قد وُجدا في المؤمنين، والله أعلم.


النوع الثاني: ما له علاقة خفية بالتفسير:

1. ما اختلف لفظه واتحد معناه ظاهراً، ومثاله:
{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاّ بِالله وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل:127].


القراءات:

- قرأ ابن كثير: {ضِيْقٍ} بكسر الضاد.
- قرأ الباقون: {ضَيْقٍ} بفتح الضاد(14).
العلاقة التفسيرية بين القراءات:
اختُلف في توجيه القراءتين فقيل: هما لغتان بمعنى واحد(15). وقيل: بل هناك فرق بينهما,


"وفي الفرق بينهما قولان:

أحدهما: أنه بالفتح ما قلّ، وبالكسر ما كَثُر.
الثاني: أنه بالفتح ما كان في الصدر، وبالكسر ما كان في الموضع الذي يتسع ويضيق"(16)
.
ومفاد القراءتين نفي الضيق بشتى صوره؛ فتنوع القراءة بين الفتح وما به من خفة، والكسر وما به من ثقل، أفاد النهي عن حصول الضيق قلّ أو كثر. وهذا الاستنتاج يوافق القول الأول في الفرق بين الكلمتين. كما أنّ الله عز وجل نهى حبيبه المصطفى  أن يضيق صدره أو يضيق عيشه من هؤلاء الكفار، والله أعلم.


2. ما اتحد لفظه مع وجود فروق دقيقة في المعاني، ومثاله:
{يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود:105].


القراءات(17):

- قرأ البزي: {لا تّكلم} بتشديد التاء مع المد المشبع في {لا} وصلاً.
- قرأ الباقون: {لا تَكلَّم} بفتح التاء من غير تشديد، مع مد {لا} مدّاً طبيعيّاً بمقدار حركتين(18).


العلاقة التفسيرية بين القراءات:

{لا تَكلَّم} إنما هي (لا تتكلم) فحُذفت إحدى التاءين اجتزاء بدلالة الباقية منهما عليها(19). وقرأ البزي بخلف عنه بتشديد التاء حالة الوصل؛ أي وصل ما قبل التاء بها، وذلك على إدغام إحدى التاءين في الأخرى, ويتعين في الألف من {لا} المد الطويل لمجيء الساكن بعدها(20). وقد ناسب حذف التاء نفي الكلام في ذلك الموقف، أمّا التشديد وما به من ثقل فقد ناسب ثقل الموقف على النفس، وأكد ذلك المدّ الطويل الذي يفيد المبالغة. والله تعالى أعلم.


مقال من مجلة الفرقان
 

محمد صفوان متقين

مزمار جديد
24 أكتوبر 2018
2
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الرحمن السديس
علم البلد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قسَّم العلماءُ القراءاتِ من حيث أثرها في التفسير إلى قسمين(1):

1. قسم له علاقة بالتفسير, وهو ما اختلف لفظه ومعناه, وهو على نوعين:

أ. ما اختلف لفظه ومعناه مع جواز اجتماعهما في شيء واحد.
ب. ما اختلف لفظه ومعناه مع عدم جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان


من وجه آخر لا يقتضي التضاد.

2. قسم ليس له علاقة بالتفسير, وهو:

أ. ما اختلف لفظه واتحد معناه.

ب. ما اتحد لفظه ومعناه مما يتنوع صفة النطق به كالمد والقصر وتخفيف الهمز والإظهار والإدغام والرَّوْم والإشمام ونحو ذلك مما يُعَبِّرُ عنه القراء بـ(الأصول).

قال ابن الجزري رحمه الله: "وقد تدبرنا اختلاف القراءات كلها فوجدناه لا يخلو من ثلاثة أحوال:

أحدها: اختلاف اللفظ والمعنى واحد.

الثاني: اختلافهما جميعاً مع جواز اجتماعهما في شيء واحد.
الثالث: اختلافهما جميعاً مع امتناع جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان من وجه واحد لا يقتضي التضاد.


فأمّا الأول؛ فكالاختلاف في {الصِّرَاط} [الفاتحة:6]: [قرأ حمزة: {الصراط} و{صراط} حيث وقعا بإشمام الصاد زاياً، وخلاّد بإشمامها الزاي في قوله تعالى: {الصراط المستقيم} هنا خاصة، وقنبل ورويس بالسين حيث وقعا، والباقون بالصاد(2). والقراءة بالسين على الأصل لأنه مشتق من (السرط) وهو البلع، وهو لغة عامة العرب, والقراءة بالصاد لغة قريش، أما القراءة بإشمام الصاد صوت الزاي فهي لغة قيس(3)] ونحو ذلك مما يطلق عليه أنه لغات فقط.

وأمّا الثاني؛ فنحو: {مالك} و{مَلِك} [الفاتحة:4]؛ لأنّ المراد في القراءتين هو الله تعالى, وكذا {كيف ننشرها} [البقرة:259] بالراء والزاي لأن المراد بهما: العظام، وذلك أنّ الله عز وجل أنشرها؛ أي: أحياها, وأنشزها؛ أي: رفع بعضها إلى بعض حتى التأمت، فضمّن الله تعالى المعنيين في القراءتين.

وأمّا الثالث؛ فنحو: {وَظَنُّوْا أَنَّهم قَدْ كُذِبُوا} [يوسف:110] بالتشديد والتخفيف, فأمّا وجه تشديد {كُذِّبُوا} فالمعنى: وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم فيما أخبروهم به، ووجه التخفيف: وتوهم المرسل إليهم أنّ الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به؛ فالظن في الأولى يقين، والضمائر الثلاثة للرسل، والظن في القراءة الثانية شك، والضمائر الثلاثة للمرسل إليهم, وهذا وإن اختلف لفظاً ومعنىً وامتنع اجتماعه في شيء واحد؛ فإنه يجتمع من وجه آخر يمتنع فيه التضاد والتناقض"(4).

وقال في موضع آخر: "وبقي ما اتحد لفظه ومعناه مما يتنوع صفة النطق به كالمدَّات, وتخفيف الهمزات, والإظهار والإدغام, والرَوم والإشمام، وترقيق الراءات, وتفخيم اللامات, ونحو ذلك مما يعبر عنه القراء بالأصول؛ فهذا عندنا ليس من الاختلاف الذي يتنوع فيه اللفظ أو المعنى؛ لأن هذه الصفات المتنوعة في أدائه لا تخرجه عن أن يكون لفظاً واحداً"(5).

وقال ابن عاشور: "أرى أنّ للقراءات حالتين: إحداهما لا تعلُّق لها بالتفسير بحال، والثانية لها تعلق به من جهات متفاوتة.

أمّا الحالة الأولى: فهي اختلاف القراء في وجوه النطق بالحروف والحركات كمقادير المد والإمالات... وفي تعدد وجوه الإعراب مثل: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة:214] بفتح لام {يقول} وضمّها... ومزية القراءات من هذه الجهة عائدة إلى أنها حفظت على أبناء العربية ما لم يحفظه غيرها وهو تحديد كيفيات نطق العرب بالحروف في مخارجها وصفاتها، وبيان اختلاف العرب في لهجات النطق بتلقي ذلك عن قراء القرآن من الصحابة بالأسانيد الصحيحة، وهذا غرض مهم جدّاً, لكنه لا علاقة له بالتفسير لعدم تأثيره في اختلاف معاني الآي... وفيها أيضاً سعة من بيان وجوه الإعراب في العربية؛ فهي لذلك مادة كبرى لعلوم اللغة العربية...
وأمّا الحالة الثانية: فهي اختلاف القراء في حروف الكلمات، مثل: {مالك يوم الدين}، {مَلِكِ يوم الدين}... وكذلك اختلاف الحركات الذي يختلف معه معنى الفعل، كقوله: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّون} [الزخرف:57], قرأ نافع بضم الصاد، وقرأ حمزة بكسر الصاد، فالأولى بمعنى: يصدون غيرهم عن الإيمان، والثانية بمعنى صدودهم في أنفسهم، وكلا المعنيين حاصل منهم، وهي من هذه الجهة لها مزيد تعلق بالتفسير؛ لأن ثبوت أحد اللفظين في قراءة قد يبين المراد من نظيره في القراءة الأخرى، أو يثير معنىً غيره، ولأن اختلاف القراءات في ألفاظ القرآن يُكْثِر المعاني في الآية الواحدة"(6).


مناقشة هذا التقسيم:

بالنظر إلى التقسيم الذي ذكره العلماء يُلاحَظ أنهم جعلوا قسماً من القراءات ليس له علاقة بالتفسير لاتحاد المعنى, ونسبوه إلى اختلاف اللغات, أو إلى اختلاف أوجه أداء الكلمة، ولكنّ الدراسة التطبيقية للقراءات القرآنية وأثرها في التفسير تثبت خلاف ذلك؛ حيث إن هناك فروقاً دقيقة بين القراءات القرآنية التي عزاها بعض المفسرين لاختلاف اللغات، أو لم يتطرق الكثير منهم لذكر أثرها في المعاني، وسيأتي ذكر الشواهد والأمثلة على ذلك عند دراسة النماذج التفسيرية التي تبين أثر اختلاف القراءات في المعاني والتفسير.

وقد اختلف العلماء في قضية اتحاد المعنى واختلاف الألفاظ أو العكس، وهو ما يعبر عنه بـ(الترادف)؛ ففريق من علماء اللغة والتفسير والفقه يقولون: إنّ في العربية صيغاً وألفاظاً مختلفة لمعانٍ متحدة, وأنه لا معنى لإقامة البرهان على جواز ذلك بعد تحقق وقوعه كالبُرّ والقمح. وهؤلاء يعتبرون (الترادف) ميزة كبرى للعربية، ودليلاً على ثرائها وسعتها، وكثرة ألفاظها، وهذا يتيح للكاتب والمتحدث بها مجالاً رحباً للاختيار بين هذه المترادفات.

وفريق آخر يقول بعدم وقوع (الترادف)؛ لأن وجوده من الفضول والتزيّد الذي لا فائدة فيه، ولا طائل تحته. وهؤلاء يرون أن ميزة العربية تكمن في تلك الفروق الدقيقة بين الألفاظ, وأنه يمكن معرفة هذه الفروق، كما يجوز العجز عن إدراك قسم منها، وأنّ عجزنا أو جهلنا بذلك ليس دليلاً على عدم وجودها(7).

والرأي أن يُجتهد في استنباط معان جديدة، وفهم دلالات تفيدها الألفاظ المختلفة، وكذلك الأوجه المختلفة لأداء اللفظ الواحد، التي لا يظهر لها أثرٌ واضحٌ في اختلاف المعاني, فمن الراجح أن يكون هذا التغاير لمعان وأحكام قبل أن يكون لزيادة الثروة اللفظية والأوضاع اللغوية.
ويستعان في فهم هذه المعاني الجديدة بكل ما يمكن من وسائل الفهم والقدرة على الاستنباط المتاحة، وفي مقدمتها الأسباب اللغوية؛ وذلك ما ثبت في اللغة من معنى للكلمة، ولأصلها الاشتقاقي من دلالة عامة، ولبنيتها من معان استنبطها العلماء، وكون المعنى حقيقة أو مجازاً، ومدى شيوع الكلمة وبنيتها لفظاً ومعنىً في الاستعمال، وموقعها في السياق، وما إلى ذلك من وسائل اللغة وأدواتها؛ فلهذا كله قدره في إدراك المعنى واستخراجه.


فإذا لم يتوصل الباحث من خلال ما سبق إلى معان جديدة قائمة على أساس صحيح ينتقل إلى البحث عن الأصول التي ترجع إليها هذه الألفاظ في كلام العرب، من اختلاف القبائل، أو اختلاف الأحوال والأوضاع التي أدت إلى تعدد اللفظ لمعنىً واحد، ويتعلق بهذا كثير من أبواب البحث اللغوي في الموازنة والمقارنة والتطور، وعلاقة اللفظ بالمعنى، وعلاقة اللغة بالمتكلم والمكان والزمان, والكلمة بالسياق والمقام، وما إلى هذا مما تتفاوت حظوظ الباحثين في إدراكه، وما يفتح الله به عليهم من فيض علمه وتوفيقه(8).

التقسيم الذي يمكن اقتراحه:

يمكن تقسيم القراءات من حيث أثرها في التفسير إلى قسمين:

الأول: قسم له علاقة بالتفسير، وهو على نوعين:

1. ما له علاقة جلية واضحة بالتفسير؛ وهو ما اختلف لفظه ومعناه. وهو على صورتين:

أ. ما اختلف لفظه ومعناه مع جواز اجتماعهما في شيء واحد.

ب. ما اختلف لفظه ومعناه مع عدم جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان من وجه آخر لا يقتضي التضاد.

2.ما له علاقة خفية غير واضحة بالتفسير؛ يمكن التوصل إليها بمزيد دراسة وتأمل. وهو على صورتين:

أ. ما اختلف لفظه واتحد معناه ظاهراً، مع وجود فروق دقيقة بين الكلمات سواء في المعنى أو من حيث الإيحاءات التي تلقيها كل قراءة على المعنى, أو من حيث مناسبة كل قراءة لمعنىً من المعاني في اللفظ المختلف فيه.

ب. ما اتحد لفظه ومعناه مما يتنوع صفة النطق به كالمد والقصر وتخفيف الهمز, والإظهار والإدغام والرَّوم والإشمام ونحو ذلك مما يعبر عنه القراء بـ(الأصول), ويظهر أثر ذلك في التفسير من حيث المعاني التي يحملها تنوع صفة النطق باللفظ، أو من حيث مناسبة كل صفة نطق لمعنىً من المعاني في اللفظ الواحد, أو من حيث تنوع المسموع وما يتركه من أثر في نفس السامع، إلى غير ذلك من الأمور التي تتفاوت في علاقتها بالتفسير والمعاني.

الثاني: قسم لا يظهر له علاقة بالتفسير,

وهو ما لم يظهر فيه فروق في المعاني بين القراءات المختلفة، ولعجزنا عن إدراك هذه الفروق؛ فإننا نُرجع الاختلاف في القراءات إلى اختلاف اللغات واختلاف أوجه النطق في اللفظ الواحد عند العرب، ولا نجزم بعدم وجود الأثر في التفسير، فقد يتوصل الباحثون إلى بيان فروق في المعاني بين هذه القراءات المختلفة.

أمثلة تطبيقية على أثر القراءات في التفسير:

النوع الأول: ما له علاقة واضحة جلية بالتفسير:

1. ما اختلف لفظه ومعناه مع جواز اجتماعهما في شيء واحد، ومثاله: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف:24].

القراءات:

- قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وابن عامر: {الْمُخْلِصِينَ} بكسر اللام.
- قرأ الباقون: {الْمُخْلَصِينَ} بفتح اللام(9).


العلاقة التفسيرية بين القراءات:

القراءة: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} بفتح اللام، بتأويل: إنّ يوسف عليه السلام من عبادنا الذين أخلصناهم لأنفسنا واخترناهم لنبوتنا. ويحتمل أن يكون المراد أنه من ذرية إبراهيم عليه السلام الذين قال الله فيهم: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} [ص:46].

والقراءة: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلِصِينَ} بكسر اللام، بتأويل: إنّ يوسف عليه السلام من عبادنا الذين أخلصوا توحيدنا وعبادتنا فلم يشركوا بنا شيئاً، ولم يعبدوا شيئاً غيرنا(10). والمعنيان وإن اختلفا فإنهما يجتمعان في يوسف عليه السلام فقد كان مُخْلِصاً في طاعة الله عز وجل، مستَخْلَصاً لرسالته(11).

2. ما اختلف لفظه ومعناه مع عدم جواز اجتماعهما في شيء واحد، ومثاله: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل:110].

القراءات:

- قرأ ابن عامر: {فَتَنُوا} بفتح الفاء والتاء.
- قرأ الباقون: {فُتِنُوا} بضم الفاء وكسر التاء(12).
العلاقة التفسيرية بين القراءات:
القراءة: {فَتَنُوا} بفتح الفاء والتاء، تتحدث عن صنف من المؤمنين وهم الذين فَتَنوا غيرَهم؛ أي: عذبوا غيرهم ليرتدوا عن الإسلام، ثم أسلموا هم أنفسهم وهاجروا، فالله عز وجل غفور لهم.
والقراءة: {فُتِنوا} بضم الفاء وكسر التاء، تتحدث عن صنف آخر من المؤمنين كانوا مستضعفين فعُذِّبوا في الله وحُملوا على الارتداد عن دينهم، وقلوبهم مطمئنة بالإيمان، فالله عز وجل غفور لهم لِمَا حُملوا عليه وأكرهوا من الارتداد(13). فكل قراءة تناولت الحديث عن صنف مختلف من المؤمنين, وإن اختلف المعنى بينهما فلا تناقض ولا تضاد, حيث إنّ هذين الصنفين قد وُجدا في المؤمنين، والله أعلم.


النوع الثاني: ما له علاقة خفية بالتفسير:

1. ما اختلف لفظه واتحد معناه ظاهراً، ومثاله:
{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاّ بِالله وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل:127].


القراءات:

- قرأ ابن كثير: {ضِيْقٍ} بكسر الضاد.
- قرأ الباقون: {ضَيْقٍ} بفتح الضاد(14).
العلاقة التفسيرية بين القراءات:
اختُلف في توجيه القراءتين فقيل: هما لغتان بمعنى واحد(15). وقيل: بل هناك فرق بينهما,


"وفي الفرق بينهما قولان:

أحدهما: أنه بالفتح ما قلّ، وبالكسر ما كَثُر.
الثاني: أنه بالفتح ما كان في الصدر، وبالكسر ما كان في الموضع الذي يتسع ويضيق"(16)
.
ومفاد القراءتين نفي الضيق بشتى صوره؛ فتنوع القراءة بين الفتح وما به من خفة، والكسر وما به من ثقل، أفاد النهي عن حصول الضيق قلّ أو كثر. وهذا الاستنتاج يوافق القول الأول في الفرق بين الكلمتين. كما أنّ الله عز وجل نهى حبيبه المصطفى  أن يضيق صدره أو يضيق عيشه من هؤلاء الكفار، والله أعلم.


2. ما اتحد لفظه مع وجود فروق دقيقة في المعاني، ومثاله:
{يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود:105].


القراءات(17):

- قرأ البزي: {لا تّكلم} بتشديد التاء مع المد المشبع في {لا} وصلاً.
- قرأ الباقون: {لا تَكلَّم} بفتح التاء من غير تشديد، مع مد {لا} مدّاً طبيعيّاً بمقدار حركتين(18).


العلاقة التفسيرية بين القراءات:

{لا تَكلَّم} إنما هي (لا تتكلم) فحُذفت إحدى التاءين اجتزاء بدلالة الباقية منهما عليها(19). وقرأ البزي بخلف عنه بتشديد التاء حالة الوصل؛ أي وصل ما قبل التاء بها، وذلك على إدغام إحدى التاءين في الأخرى, ويتعين في الألف من {لا} المد الطويل لمجيء الساكن بعدها(20). وقد ناسب حذف التاء نفي الكلام في ذلك الموقف، أمّا التشديد وما به من ثقل فقد ناسب ثقل الموقف على النفس، وأكد ذلك المدّ الطويل الذي يفيد المبالغة. والله تعالى أعلم.


مقال من مجلة الفرقان
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع