رد: الحديث في المواريث
لم أفهم هذا المصطلح، أيمكنك أن تشرحه لي، بارك الله فيك
هل تقصد أن يتنازل أحد الورثة من إرثه لآخر.
وإن كان كذلك فهو نوع من عقود الصلح.
أهلا بك اخي الكريم ( مأمون وسيم )
وشرفت بمرورك العطر
وردا على سؤالك فبعون الله وتوفيقه أقدم التالي :
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين،
وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك
نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
التخارج :
تعريفه : هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث و ترك حصته في التركة مقابل شيء معلوم من التركة أو من غيرها ،
سواء كان هذا التصالح من كل الورثة أو من بعضهم .
حكم التخارج :
الصلح على التخارج جائز شرعا ، لأنه عقد يقوم على التراضي بين المتصالحين لا يخرج في جميع الحالات على أن يكون عقد قسمة أو عقد بيع ، فإن وقع على قدر من المال يدفعه أحد الورثة أو كلهم كان عقد بيع ، و كل منهما ( قسمة أو بيع ) مشروع .
و قد روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ إجازته للتخارج بين أهل الميراث فيما بينهم بطريق التصالح ، كما روي أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته " تماضر بنت الأصبع الكلبية " في مرض موته ، ثم مات و هي في العدة ، فأعطاها عثمان ـ رضي الله عنه ـ مع ثلاث نسوة ، فصالحوها عن ربع الثمن ثلاثة و ثمانين ألف درهم .
صور التخارج :
و للتخارج صور ثلاث :
الصورة الأولى : التخارج نظير مال من التركة يدفعه أحد الورثة لوارث آخر فيحل محلّه و يأخذ نصيبه من التركة لأنه دفع ثمنه أو دفع ما يقابله .
مثال : هلك رجل عن : ( أخت شقيقة ، و أخت لأب ، و أخوين لأم ) و تصالحت الأخت الشقيقة مع الأخت لأب على أن تدفع الأولى مبلغا معينا للثانية نظير خروجها من التركة .
الأخت الشقيقة : 1/2 لانفرادها و انعدام المعصب لها .
الأخــــــــت لأب : 1/6 تكملة للثلثين .
الأخويـــــــن لأم : 1/3 لتعددهما و انعدام من يحجبهما .
أصل المسألة : 6
الأخت الشقيقة : 3 أسهم .
الأخــــــــت لأب : 1 سهم .
الأخويـــــــن لأم : 2 سهمان .
و بعد تصالح الأخت الشقيقة مع الأخت لأب يضاف نصيبها لنصيب الأخت الشقيقة و يصبح نصيبها بعد التخارج 2/3 ( 1/2 + 1/6 = 2/3 ) .
الأخت الشقيقة : 1/2 + 1/6 = 2/3 ــــ 3 + 1 = 4 أسهم .
الأخويـــــــن لأم : 1/3 ـــــــــــــــــ 2 سهمان .
الصورة الثانية : التخارج نظير مال من غير التركة يدفعه الورثة أنفسهم كلهم لوارث آخر فيحلّون محله و يأخذون نصيبه من التركة ، أي يوزع عليهم بنسبهم في تلك التركة .
مثال : هلك رجل عن : ( 3 أبناء ، و بنتين ) و تخارج ( تصالح ) الأبناء و إحدى البنتين مع البنت الأخرى بمال دفعوه من خارج التركة .
قسمت التركة بعد التخارج بينهم (( للذكر مثل حظ الأنثيين )) ، أي بين 3 أبناء و البنت ، فيكون أصل المسألة 7 ، لكل ابن سهمان ، و للبنت سهم واحد .
الصورة الثالثة : التخارج في مقابل شيء من التركة ، و هو الذي يغلب اللجوء إليه و يكثر استعماله بين الناس اليوم ، و خلاصة أحكام هذا الأخير أن الشخص الخارج يأخذ الشيء الذي تصالح عليه من الورثة ، و نقوم بتوزيع التركة كأن لا تخارج و نستخرج أسهم كل وارث ، ثمّ بعد ذلك نستبعد أسهم الوارث المتخارج مقابل ما اختص به ، و بالتالي تقسّم التركة على الورثة المتبقين بنسبة " أسهم " أنصبتهم قبل التخارج .
مثال1 : هلك عن : ( أخت شقيقة ، و أخت لأب ، و أخوين لأم ) و ترك 100000 ريال ، و منزل تصالحت عليه الأخت لأب .
الأخت الشقيقة : 1/2 فرضا لانفرادها و انعدام من يعصبها .
الأخــــــــت لأب : 1/6 تكملة للثلثين .
الأخويـــــــن لأم : 1/3 لتعددهما و انعدام من يحجبهما .
أصل المسألة : 6 .
الأخت الشقيقة : 3 أسهم .
الأخــــــــت لأب : 1 سهم .
الأخويـــــــن لأم : 2 سهمان .
و بخروج الأخت لأب مقابل المنزل يصبح أصل المسألة هو السهام المتبقية ( 3 + 2 = 5 )
قيمة السهم الواحد : 100000 : 5 = 20000 دينار .
نصيب الأخت الشقيقة : 3 * 20000 = 60000 دينار.
نصيب الأخويــــــن لأم : 2 * 20000 = 40000 دينار، للواحد منهما 20000 دينار .
مثال 2 : هلكت عن : ( زوج ، و أخت شقيقة ، و أم ، و أخت لأب ) و تركت 350 هكتارا من الأراضي ، و 50000 دينار ، تصالحت الأخت لأب على النقود .
الـــــــــــــــزوج : 1/2 فرضا لانعدام الفرع الوارث مطلقا .
الأخت الشقيقة : 1/2 فرضا لانفرادها و انعدام المعصب لها .
الأم ـــــــــــــــــ : 1/6 فرضا لوجود العدد من الإخوة .
الأخـــــــــت لأب : 1/6 فرضا لانفرادها و انعدام من يحجبها .
أصل المسألة : 6 و عالت إلى 8 .
الـــــــــــــــــزوج: 3 أسهم .
الأخت الشقيقة : 3 أسهم .
الأم ــــــــــــــــــ: 1 سهم .
الأخـــــــــت لأب : 1 سهم .
ثم نسقط سهم الأخت لأب نظير استقلالها بالنقود ، و كان أصل المسألة من 6 و عالت إلى 8 ، و بإسقاط سهم الأخت لأب يكون مجموع الأسهم الباقية بعد ذلك 7 و هو أصل المسألة .
قيمة السهم الواحد : 350 : 7 = 50 هكتار .
نصيب الـــــــــــــــزوج : 3 * 50 = 150 هكتار .
نصيب الأخت الشقيقة : 3 * 50 = 150 هكتار .
نصيــــــــــــــــــب الأم : 1 * 50 = 50 هكتار .
تعالوا سويا نتفق على أنه يمكن لوارث أن يتنازل عن إرثه لبقية الورثة ، لسبب أن يكون موسراً أو ظنا منه أنه ليس في حاجة اليه من باب الزهد أو ما شابه ذلك .
واذا كان ذلك كذلك فمن باب أولى أن يتنازل أحد الورثة عن جزء من نصيبه ليسهل تقسيم التركة ويحدث الوفاق ولا ينشأ الشقاق والنزاع بين الورثة .
أما أن يجتمع ورثة في مال متعدد الأشكال من نقود وعقارات وأراضي وشركات ، فإنه من الصعوبة بمكان تحديد ( قيمة ) نصيب كل وارث على وجه التحديد ، فيتفق الورثة فيما بينهم على توزيع التركة بشكل يرضي الجميع ولو كان ذلك فيه غبن لأحدهم على حساب الآخرين ، بشرط أن يكونوا جميعا بالغين راشدين .
ويوجد أمثلة عديدة من أشكال التركات المعقدة والمتداخلة ، وبناء عليه يتعين على بعض الورثة التنازل عن جزء من قيمة نصيبه في التركة لصعوبة الفصل التام وصعوبة توزيع الأنصبة في صورة نقود سائلة يمكن معها التقسيم .
ومن هذه الأمثلة المتشابكة أرسل سائل يسأل عن التالي :
توفي والد زوجتي رحمه الله، وترك إرثا عبارة عن أرض، وعقارات تجارية في موقعين، أحدهما يلتزم المستأجرون بدفع الإيجار وهو في نفس المدينة التي نقيم فيها ، وأما الآخر ففي مدينة أخرى وفيه عقارات بعضها مؤجر بإيجار بسيط ، وأما الأخرى فغير مؤجرة . المهم اتفق الورثة وهم زوجة المتوفى وزوجتي وأختها إضافة إلى أختها وأخيها المقيمين في الخارج على توكيل محام لمتابعة شؤؤن الإيجار، وعارض الفكرة أخوها المقيم في البلد، وحجته أن قيمة الإيجارات في المدينة البعيدة عن مدينة إقامتنا سوف تصرف على المحامي.
مازال موضوع التوكيل قيد البحث لأن المحامي طلب توكيلا من الورثة المقيمين في الخارج حتى يتسنى له السير في موضوع تحصيل الإيجار .
الحقيقة أن موضوع الإيجارات ومتابعتها وغير ذلك مما يزعجني، السؤال: هل يجوز أن أقترح على زوجتي أن تأخذ نصيبها من الإرث أرضا، وتتنازل عن الإيجارات لما فيها من مسائل معقدة وشائكة ووجع رأس، فهذا المستأجر دفع وذاك لم يدفع، وهذا المحل أوجر وذاك خلا، إضافة إلى ما قد ينشأ عن هذا من نزاعات مستقبلية محتملة بين الورثة حول من استلم الإيجار وكيف تم توزيعه والمحامي أخذ كذا وبقي كذا ... الخ .
أما الأرض فأمرها ثابت، وسعرها يزيد ولا ينقص، فأرى أن تضحي زوجتي بالنقد العاجل من الإيجارات مقابل النقد الآجل من الأرض. وهل إذا تم ذلك هل يجب إجراء التخارج بين الورثة؟
الإجابــة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن حق زوجتك أن تطلب قسمة التركة، وعلى باقي الورثة إجابتها إلى ذلك. كما يجوز التراضي بين الورثة على دفع نصيبها من الأرض، ولهم أن يدفعوا إليها عوضا عن نصيبها ولو من خارج التركة إذا رضيت بذلك، وتسمى المخارجة.
جاء في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته: التخارج : هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث، في مقابل شيء معلوم من التركة أو من غيرها . وهو عقد معاوضة أحد البدلين وهو نصيب الوارث في التركة، والبدل الآخر هو المال المعلوم الذي يدفع للوارث المخرج . وهذا العقد جائز عند التراضي، فإذا تم تملك الوارث العوض المعلوم الذي أعطيه، وزال ملكه عن نصيبه في التركة إلى بقية الورثة الذي اصطلح معهم ... اهـ
تقبل الله منا ومنكم صالح القول والعمل
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته